• Default
  • Title
  • Date
الإثنين, 13 تموز/يوليو 2020

التصفيق

  ثائر صالح

 

التصفيق هو أحد أقدم الأدوات الموسيقية التي استعملها الانسان، ولا يزال. وعادة ما يستعمل الانسان التصفيق لضبط الإيقاع، أو لإبداء الاستحسان. وهناك أشكال مختلفة من التصفيق تعطي أصواتاً مختلفة تستعمل بحسب الحاجة.
من الأمثلة المثيرة الفن الشعبي الخشّابة البصرية، وتعود جذوره الى عمال صناعة السفن الذين طوروا فناً خاصاً بهم تأثر ببعض الإيقاعات والملامح الأفريقية، عماده أدوات خشبية صنعوها من بقايا أخشاب صناعة السفن، والتصفيق وطق الاصابع وضرب الأرض بالأرجل (وهذا تشتهر به مناطق الأهوار إذ يضرب الجالسون الأرض بكعوبهم ويطقون أصابعهم في مرافقة إيقاعية جميلة للغناء).
ومثله مصاحبة التصفيق الرقص الاسباني التقليدي مثل الفلامنكو والسَبِيّانا (الاشبيليّة)، وله دور هام فيه. من أنواعه العديدة التصفيق القوي ويتم بضرب الأصابع (الثلاثة الأولى) المشدودة بقوة على راحة اليد الثانية الموازية للأولى تقريباً، واللين أو الصامت وهو ضرب الراحتين بحيث تسقط الأصابع المتقوسة قليلا في الفراغ بين سبابة وابهام اليد الثانية في الهواء، واليدان متعامدتان الواحدة على الأخرى.
استعمل الانسان التصفيق كذلك للتعبير عن الاستحسان، مثلما فعل اليونانيون والرومان القدماء في استحسان ما يقدمه الممثلون والموسيقيون والرياضيون (والمصارعون عند الرومان) على المسرح أو في الملاعب، وكانوا يعبرون عن استهجانهم للأداء السيء كذلك. واستعمل الرومان أنواعاً مختلفة من التصفيق، مثل طق اصبعين الوسطى والسبابة واعتبروه أدنى أنواع الاستحسان، يليه التصفيق بضرب أصابع اليد اليسرى على راحة اليمنى ويعطي ذلك صوتاً حاداً، النوع الثالث التصفيق بكامل اليد، يعني ذلك اما ضرب الراحتين، أو اليد المضمومة براحة اليد الثانية.
كان التصفيق بين أجزاء العمل الموسيقي شائعاً في السابق، فقد كتب موتسارت الى أبيه (1778): "... جاءت عبارة موسيقية في منتصف الحركة الأولى الليغرو كنت أعرف أنها ستسر الجمهور الذي انفجر بتصفيق كبير، فقد كنت أعرف تأثيرها أثناء تأليفي لها، لذا استعملتها مرة أخرى في نهاية الحركة – فتكرر الأمر. استقبل الجمهور الحركة البطيئة آندانته بشكل جيد كذلك، لكنه أعجب بشكل خاص بالحركة الأخيرة الليغرو...."، وكان موتسارت وبيتهوفن يعيدان تقديم المقاطع المثيرة التي يقاطع الجمهور فيها العازف، بنفس الطريقة التي يعيد فيها الشعراء العراقيون والعرب المقاطع التي يقابلها المستمعون بالتصفيق كنية عن إعجابهم.
يقول دفورجاك عن تقديم سيمفونيته الثامنة في لندن: كان نجاحاً كبيراً، صفقوا بعد الحركة الأولى، وازداد التصفيق بعد الحركة الثانية، الحركة الثالثة تلاها تصفيق شديد بحيث تعين عليّ الاستدارة عدة مرات لتقديم الشكر للجمهور تلا الحركة الرابعة تصفيق عاصف اشترك فيه كل الجمهور وكذلك العازفين، وعدت الى المسرح عدة مرات. تشرفت كثيرا بهذا التصفيق.
لكن ذلك اختلف باختلاف المؤلفين، فاغنر مثلا عارضه ودعا الناس للتعبير عن استحسانهم بعد نهاية العمل، وعمد بعضهم الى تأليف أعمال ترتبط فيها الحركات لمنع الناس من التصفيق أثناء العمل، إلى أن وصلنا اليوم الى اعتبار التصفيق أثناء الحركات أمراً مشينا ينم عن قلة ثقافة وجهل بأصول التذوق الموسيقي. مع ذلك لا يزال بعض رواد الأوبرا يتصرفون مثل جمهورنا الشعري إن أجاد المغني في الأداء الى اليوم.
×××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××
نوعي تصفيق الفلامنكو:
https://www.youtube.com/watch?v=Yo38h7Wdc88


تكسير (خشابة) من المحمرة:

 ممقطع من جلسة طرب في مدينة المحمرة الاهوازية 

للقاء الأحد المقبل

 

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد