• Default
  • Title
  • Date
السبت, 25 أيار 2013

اوركسترا الرايخ الثالث

 

بدأ غوبلز بتحويل فرقة برلين الفيلهارمونية الأهلية الشهيرة التي تأسست في 1882 إلى أحد أجهزة الدعاية النازية فور سيطرة هتلر على السلطة في 1933. فجرى تأميمها ودفع قيمة الأسهم لمالكيها، بعد أن تقرر تحويلها إلى فرقة حكومية. الخطوة الاولى التي قام بها غوبلز هي منع تقديم الأعمال الموسيقية التي ألفها موسيقيون لا ينتمون للعرق الآري. وقد مُنعت الفرقة من تقديم أعمال أحد أعظم الموسيقيين الألمان، وهو فيلكس مندلسون-بارتولدي، وأعمال موسيقيين آخرين، مثل كرايسلر الذي وضع كادنسات لأشهر كونشرتات الكمان. الخطوة الثانية كانت "تنظيف" الفرقة من اليهود، فخسرت عدداً من ألمع العازفين، بينهم عازف التشلو يوزف شوستر الذي هاجر الى الولايات المتحدة وأصبح أحد أفضل العازفين وقتها، أو عازف الكمان الأول (كونسرت ماستر) البولوني شيمون غولدبرغ ، بالرغم من محاولات قائد الفرقة فورتفينغلر لعمل المستحيل من أجل حماية العازفين اليهود. بذلك أصبحت فرقة برلين الفيلهارمونية تكنى اوركسترا الرايخ الثالث. واعفي أعضاء الفرقة من الخدمة العسكرية والمدنية، وقدمت الفرقة حفلاتها حتى آخر أيام الحرب في برلين التي مزقتها قنابل الأمريكان والبريطانيين، ودمرت معارك الشوارع مع تقدم الجيش السوفيتي ما تبقى منها.

لكن هل كانت اوركسترا برلين الفيلهارمونية فرقة نازية؟ من الصعب الاجابة بنعم. فقد كان عدد أعضاء الحزب القومي الاشتراكي الألماني فيها يعد على أصابع اليد الواحدة. لم تكن الفرقة تقدم أعمال مندلسون، وأكثرت من تقديم أعمال فاغنر، الموسيقار المفضل لدى هتلر، واستغل غوبلز الفرقة لأغراض دعائية، هذا صحيح. وكانت تقدم سيمفونية بيتهوفن التاسعة في الحفلات الموسيقية في المناسبات النازية مثل يوم ميلاد الفورر، وقدمت كذلك الحفلات الموسيقية في البلدان المحتلة.

بعد انتهاء الحرب قررت الفرقة طرد أعضاء الحزب النازي من صفوفها، لكن فقط اولئك الذين كانوا نازيين بالفعل طردوا، ولم يطرد الذين كان تعاملهم طبيعياً ولم يسببوا مشاكل للآخرين. وقادها موسيقي روماني شاب هو سرجيو تشليبيداتشه وأثبت جدارته بفعل نشاطه وحيويته. أما قائد الاوركسترا فلهلم فورتفينغلر الذي قادها منذ 1923 فقد مر بعملية "انتزاع النازية" في 1946، وعاد لقيادة الفرقة في 1952 حتى وفاته في 1954.

تجاوزت هذه الفرقة التي كانت تسمى يوما فرقة الرايخ تلك المرحلة السوداء سريعاً، وهي تعد اليوم الثالثة بين أفضل عشرة فرق أوروبية، بعد فرقة فيينا الفيلهارمونية وفرقة كونسرتخباو الملكية الهولندية. وقادها بعد فورتفينغلر أشهر قادة الاوركسترا مثل النمساوي هربرت فون كارايان (1954-1989) والايطالي كلاوديو أبادو (1989-2002)، ويقودها الآن الانكليزي سير سايمون راتل.

هذا المايسترو دانيل بارنبويم يقود اوركسترا برلين الفيلهارموية يقدم كونشرتو الكمان في ري الكبير لبرامز، مع عازف الكمان اسحق برلمان.

 

إلى اللقاء السبت المقبل

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد