• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
السبت, 03 أيار 2014

الــقــارب و الــمــضَـــخَّـــة

  نــعــــيـم عــربـي سـاجـت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

عندما وصـل ـ جـبـر ـ إِلـى مؤخَّـرةِ الـقارب الـكبـير المحَمَّـل ببراميل النـفط الأِسود توقَّفَ عن الدفـعِ .. نَـتَــرَ المـردي القوي الـطَّـويل بقوةٍ ساحباً إِيـاه من جـوف الـنهـرِ ، ثـم قـفَلَ راجعاً ومـتجهاً نحو مقدمة القارب بتُـؤَدَةٍ وحَـذّر موازناً جـسدَهُ الـمنـهـوك وهو يضع أَقـدامه على الحافةِ الـضَّـيقـة لـلقارب ، وعندما وصـل إِلـى الـمقـدمة هَـبَـشَ سطح الماء بـالـمـردي دافـعـاً إِيـّاه إلـى قـاع النهر ، وهـو يـمـسكُ بـه بكلـتا يديه الخشنتين

. المصبوغتينِ بالزيت الأَسود ، ومنحنياً عـليـهِ دافـعاً بـه الـقارب إِلـى الأَمام

كان ـ جـبـر ـ قد كررَ هـذهِ الحركة عـشرات المـرّات منذُ أًن انطلقَ بقاربهِ من محطةِ توزيع النفط قرب جسر الناصرية الحديدي قـبلَ أَكـثر من نصفِ ساعةٍ وكانت أَنفاس

الـصَّيف وقت العصر ما تزال حارةً وقرص الشَّـمس ما انـفكَ يـصبُّ أَشـعَـته الحامية فيتسبب في سخونة الماء والأَحجار ورمال الشاطئ .. كان شاطئُ النهر من جهة المدينة مليئاً بالقمامة والحيونات الميتةِ والقناني الزجاجية ، كانت سخونة الهواء تبدو واضحةً على المـسناة المـمتدة على طول النهر من جهة المدينة حيث ظهرت عليها إِرتعـاشاتٌ سرابيَّـة .. قطراتٌ من العرق الـساخنة كانت تنزُّ من جسده العاري،

إِلاّ من ملابسه الداخلية الوسخة ، ثم مـا تلبث أَن تبرد وتسيل مبللةً شعرهُ الأَشعث النابت على صدره كحشائش حلفاء محترقة ، نترَ ـ الـمردي ـ من جديد حتى نهايته التي كانت نابتةً في قاع النهر وتوقفَ متأَملاً بحبٍ وإِشفاق وجـه الـصـبي الذي كان يـمـسكُ بالـدفَّـة ، قال ـ جـبر ـ وهو يطرحُ المردي جانباً قـربَ الحافة ـ ــ إِبـني هــاشـم ــ أَريــد جكاره . ترك الصبي الدفَّـةَ وتقدم نحو سترةٍ عتيقةٍ وأَخرج سيجارة رخيصةً وأَشعلها وناولها لِأَبـيه وعاد فأَمـسَكَ بالدفة من جديد .. سَحَبَ

ـ جـبر ـ نـفساً عميقاً من سيجارته الهشَّه وراح يتأَملُ الأَشياء من حوله .. النـهر الذي يجري مسرعاً وطيور النوارس الصاخبة الباحثة عن فتاة الطعام والأسماك الصغيرة ، وانعكاسات الضوء القوية المؤذيةُ للعينين ، في هـذه اللحظة تراءِت له

صورةُ زوجته ( هـيـلـه ) بقوامها الجميل الممشوق وعينيها السوداوين الواسعتين

وفمها الصغير كحبة الكرز بثوبها الأَحمر اللمّـاع الذي كان يحب أَن يراها بـهِ . أَطلقَ

آهـةً قـويـةً من صدره مع أَنفاس السيجارة تشبه الأَنين وقال مدمدماً : ــ لـيش تركتيني

وحيداً ورحلتِ يا ـ هـيـلـه ـ يا حب عمري وزهرة حياتي .. ليش ياربي تركتَ الموت يخطفها منِّـي وهـي في عـز الـشباب ، ليش ليش ياربي ؟ وأَردف قائلاً : سبحانكَ

يارب وغفرانك ــ وضربَ فخذهُ بقبضة يده بقوةٍ وأَطلقَ آهـةً أَشبه بالنشيج ، سحَبَ نفساً حاراً مـن سيجارته ثم رمى ببصره بعيداً من جهة الغرب فاصطدم بالأُفق المشتعل بالضوء والحرارةِ .. ولكن سرعان ما ارتـدًّ بـصـرهُ فــسقط على البراميل بعد أَن آذت عينيه إنعكاسات الضوء وبريق الحصى والعلب والزجاجات على جرف النـهرِ ، كان القارب يسيرُ هـادئاً متمايلاً ينوء بثقل براميل النفط والـنـهرُ مـن تـحـتـه يمتـد ويـمـتدُ وينـسابُ مـتلوياً كـأفـعـى خـرافيَّـة ووهج الـشمس الغاربة ما زال حاراً والهواءُ يصفعُ وجهـهُ ساخناً .. وعاد ـ جـبـر ـ يتحدثُ مع نفسهِ : ـ شلون رحلتِ عني ياهــيلـه .. ليش تركتيني وحيداً ياحب عمري .. آه ساعدني يارب ــ

وسَـحَـبَ آخـر نفسٍ من الـسجارة ورمى العقبَ في الماء ، ثم نهضَ وتناولِ المردي

وهَبَشَهُ في الماء منزلاً إِياه إِلى القاع ثم أَخذ يـسيرُ إِلى نهاية القارب على حافته الضيِّقةِ ، رمـقَ إِبـنـهُ ــ هــاشــم ــ بنظرةٍ سريعةٍ فرآهُ محدقاً في الـسماء ، إِبتسم له

بإِشفاق عندما رآه يـراقـبُ جمـعـاً من طيور النوارس وتنهَّـدَ قائـلاً مـع نفسه : ( سأجعلكما أَنتَ وأَخـاك ـ حـسن ـ أَحـسن حالاً مـنـّي .. ) إن الـقارب قـد إِقترب الآن من بـستان الحـاج ( عـلـوان ) حتى ان صوت مضخَّـة المـاء الـعملاقة صاريسمعهُ

ـ جـبـر ـ بوضوح وقــد بـدتْ للعيان سقيفتها الحديدية الصدئَـةِ من بين النخلات والشجيرات المحيطاتِ بها وفي داخل السقيفةِ تربضُ المضخـة كتمثالٍ حجريٍ أَسود

وكانت أَجزاؤها ودواليبها تضجُّ بالحركةِ والدوران وصوتهـا المدوّي تترددُ أَصداؤُه في

البساتين البعيدةِ وعندما رسـى القارب قبالة سقيفة المضخة تماماً نزل منه ــ جـبر والـصبي ــ ولما لامست أَقدامهما الـماءَ وطين الشاطئ .. أَحسا ببرودةٍ منعشةٍ تسري

في جـسديهما المتعبين ، ومن السقيفةِ هرعَ إليهما ( حــنـون ) عـامل المضخـةِ وحيّاهما ثـم شـرعَ الـثلاثةُ بنقل البراميل إلى أَرض الـشاطئ المعشوشبة وكان الأُفق

.الغربي قـد تَـضرَّجَ بـحـمرةِ الأَصــيـل الــقـانـيـة

 

 

 

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014