طباعة هذه الصفحة
الجمعة, 30 أيار 2014

مسابقة القصة القصيرة جداً بعنوان مُوسيقــــــى

  فـاروق عبدالجبّار عبدالإمام
تقييم هذا الموضوع
(2 عدد الأصوات)

{{ أجمل الأشياء أن نحلمَ بمستقبلٍ أفضل لنا أولاً ، وبمن يُحيطون بنا ثانيــــــاً }}

إنه ولا شكَّ منطقٌ غريبٌ ؛ لأنه يعني الأنانيّة الإنسانيّة بشكلٍّ غير مقبول ، لكن هذا المنطق الغريب أوحاه لنفسه السيد { وحيد } ؛ لذا مطّ شفتيّه إستهزاءً ؛ غير مبالٍ بما سيحدث لاحقاً لمن يُحيطون به ؛ لأنه قد وصل إلى قناعة مفادها ( إعمل لنفسك أولاً ؛ فالآخرون لن يهتموا بما سيلحقُ بك ؛ لأنهم أنانيون ) ، لكن السيد وحيد كان على خطأ فادح دائماً ؛ فما أن يحدث له أيُّ طاريءحتى يكون الآخرون أسرع إليه من لمح البصر ؛ ليصدوا عنه الأذى ،وليمدّوا إليه يد المساعدة دون أن يطلبها !
كان وحيد ممن يعتبرُ نفسَه مثقفاً ؛ لأنه يقرأ بشكل منتظم كلَّ عصر ، بعد أن يُهيء لنفسه مكاناً مُريحاً في زاوية من زوايا الحديقة ، يستطيع معه أن ينظر إلى كافة الجهات دونما عناء ، وكان يقرأ بشكل نهمٍ ؛ فالكتاب ذو الحجم المتوسط لا يستغرق منه سوى أيامٍ قلائل، حتى يكون قد أنهاه، وكتب عنه الملاحظات النقديّة التي كان يحتفظ ُبها لنفسه ؛ فليس من داعٍ – حسب نظره – أن يُطلعَ الآخرين على أفكاره ! ذلك العصر جلس وحيدُ في ركنهِ الأثيرِ ،ومعه كتابٌ قد أخذ منه وقتاً أطول من المعتاد ؛ لأمر لم يكن يعرفه ، وحاول مراتٍ ومرات ، أن يُنهيه، لكن إستعصى عليه الأمر ؛ فلقد كان هنالك ما يشغله ، ولم يعرف مصدره . وأثناء أنهماكه في القراءة .....
انتبه لموسيقى تنساب بلحنٍ جميلٍ هاديء ، كانسيابِ الماءِ على حصباء بيضاء ؛ فتمتزجُ بأحاسيسه المتضاربة المضطربة ، إلتفت نحو يسراه، فما لمح من يُصدرُ هذا اللحنَ الجميلَ الوقعِ عليه ، ويداعبُ حواسَه بنشوةٍ عالية ، لكن الموسيقى مستمرة ؛ لذا إلتفت إلى يمناه ؛ فكان المكان يشكو من خوائه ؛ فلم يشغل الجهة اليمنى أحدٌ ، بل كان يمتدُ الأفقُ حتى يكلَّ نظرُه دون جدوى !

واستمرت الموسيقى تداعبُ مخيلته ؛ فاغمض عينيه وبدأ يتمايلُ برأسه إنسجاماً مع اللحنِ والإيقاعات الموسيقيّة التي أخذت لبّه ،والتي تنبعثُ من مكانٍ لم يستطع تحديد مصدره ؛ فتطلّع ثانيةً ، نحو كلِّ الجهات لكنه لم يحظ بما يُريحه ، والنتيجة ليست بأحسن من سابقتيها ؛ لذا علل أمر الموسيقى من أنه يسمعُ ألحاناً مصدرُها السماء ؛ أنها أصواتٌ ملائكية تنعبث ؛ لتخففَ من مزاجه المتعكّر ليس إلّا !

وفجأة أحسَّ بقرصة في أذنه اليمنى ؛ فلقد حطّت ذبابةٌ على اُذنه ؛ فأراد أن يبعدها عنها ؛ فنزعت يدهُ السِّلكَ المُوصلَ لهاتفه النقّال ؛ فانقطعت الموسيقـــــــى ~~~~

الدخول للتعليق