طباعة هذه الصفحة
الجمعة, 30 أيار 2014

مسابقة القصة القصيرة جداً بعنوان اليمامة

  عزيز عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

في اواخر ايام شتاء ريف دمشق الجميلة ، كنت جالسا في وقت الظهيرة قرب المدفاة في شقتنا المطلة على الشارع العام وسط مدينة جرمانا الهادئة ، منشغلا بقراءة احد الكتب المندائية ، كان هطول ( البرد ) باللهجة السورية اي الحالوب كانه شلال من دعابل العاب الاطفال ، صدفة كانت هناك حمامة رمادية واقفة بين الباب الخشبي الخارجي للنافذة وبابها الداخلية الزجاجية ، انتابني الفضول في فتح باب النافذة ، اخذتني العاطفة نحوها ، فتحتها بهدوء رغم قساوة الجو وبرودته الشديدة ، اردت ادخالها في غرفة الاستقبال لحين هدوء الاحوال الجوية ثم اطلق سراحها ، اخذت تنظر لي وهي محتارة بين الهروب في هذا الجو الرهيب وبين البقاء تحت رحمتي ، لقد حسمت أمرها واخذت القرار الصائب ففضلت البقاء ، عندها بدات صداقتي لهذه الحمامة الجميلة الوديعة ، قربت يدي منها واخذت اداعب ريشها الجميل باناملي ، اسرعت الى كيس الرز وجلبت كمية قليلة منه ، تناولته بنهم شديد وهي مطمئنة ، الى ان هدأ الجو وتكشفت السماء ثم طارت ، لا اعرف اين وجهتها ، لكني وضعت برجلها اليمنى علامة لعلها تتذكر كرمي وترجعها الاقدار ثانية ، وذات يوم لاحظت حمامة واقفة على نفس المكان كانت هي بعينها وذات العلامة ، رايتها تجمع العيدان لتصنع لها عشا للبيض ، وضعت فيه بيضتين ، في صباح كل يوم اناولها حبات الرز والماء من عبر النافدة ، منتظرا تفقيس البيض ليصبح لدي بدلأ من صديق ثلاثة اصدقاء ، ومرت الايام وفقست البيضة الاولى ، رغم محاولات الام في كسر البيضة الثانية لكنها ذهبت سدا ، حيث تدحرجت من عشها الى الارض ، وبقيت تداري صغيرها رغم قساوة الجو ، مر اسبوعان وكبر الصغير بالرغم من سفرها الذي كان يدوم ليوم او يومين الى ثلاثة ايام ، لكنها ترجع في النهاية وتزقه الغذاء اللازم لبقائه حيا ، انها غريزة الامومة ، في صباح احد الايام نظرت الى مكان تواجد الكتكوت الصغير لكني لم اجده ، تصورت انه قد اشتد ساعده وطار ، كم كانت دهشتي كبيرة عندما جاءا ابواه الى عشه الصغير واخذت امه ترسل صوتا تناديه لكن دون فائدة ، لقد ذهب دون رجعة ، ربما اخذته الرغبة في تقليد غيره من الطيور ، فسقط على الارض وداسته ارجل العابرين ، او ربما اختار الهجرة ، وذهب مع أسراب الطيور المهاجرة ، دفعت به غريزته الى المغادرة والرحيل الى موطن الاباء والاجداد حيث موطنه الجديد .

الدخول للتعليق