طباعة هذه الصفحة
الأربعاء, 18 شباط/فبراير 2015

حُــــلــــــم

  نــعــيم عــربـي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

قــصَّــــة قــصــيـرة جـــــداً
سماءُ الليلِ صافيةٌ ، وعـيناي شاخصتان نحـو النجوم المتلأَلئة .. إِنها
الثانية عشرة ، ولم أَستطعْ النوم بـعـد بالرغم من إِنـني مُـتعبٌ والهواء عليلٌ
فوق سطح الدار في هذه الليلةِ الصيفية .. أَعــتـقدُ اني ــ قـبل برهة ــ لمحتُ .جسماً أَبيضاً يـمـرُقُ في السماءِ بسرعةٍ .. فقلتُ مع نفسي : عجباً ما هذا ..أَهـو طائرٌ في هذا الـوقت ؟! فأَجبتُ مع نفسي : ولِـم لا.. فالطيور
يُـعجبُها أَن تـسهرَ عِـبرَ الفضاء أَحياناً .. بعد لحظاتٍ توارى عـن عيني ذلك الطائر ثم ما لبث أَن عـاد أَمام ناظري من جديد يسبح تحتَ النجوم برشاقةٍ
وهدوء .. حتى انني سمعتُ لـهُ حفيفاً كأَنـهُ الهمس ، ثم ارتَـدَّ مسرعاً
،من حيثُ أَتى واختفى عـن نظري فقلت لنفسي : عـجباً ما أَمرُ هـذا الطائر
يختفي .. ويظهر ، أَين يختفي ؟ ! .. رحتُ أَفرك عـينَيَّ ثُم جلستُ على الفراش وحـدَّقتُ في السماءِ جيداً .. ها ما هـذا ؟! عجباً فالطائر الأَبيض
لم يكن إِلاّ طيارةً ورقيةً للأَطفال ، ضحكتُ من نفسي أَلقيتُ رأَسي على الوسادةِ من جـديد .. لا أَدري لماذا شعرتُ بالفرحِ يداعـبُ روحي ويعود بي
ثلاثين عاماً إِلى الماضي .. آه يالطفولتي الضّائعة ، وأَطلقتُ آهةً واهنةً
أَشبه بالنشيج . ثم أَحسَستُ بخدرٍ خفيفٍ يزحفُ في أَنحاءِ جسدي رويداً .. رويداً ، ثم نعاس ثقيل ، وغـبتُ .. امتلأَ الفضاءُ بكثيرِ من الطيّارات الورقيةِ
كلها بيضٌ تسبحُ باحتفالٍ مـهيب تحت أَضواء النجوم المتلألئةِ .. لا أَدري
..كم مضى عليها من الوقت ظلت في احتفالها الرّاقص عـبر الفضاء الساكن
لكن يا للعجب واحدة من تلك الطيارات .. واحدة فقط أَخذت تنزلُ .. وتنزلُ
مثل نجمٍ لاهـبٍ مشتعل ، صارَ يقترب من الأَرضِ بسرعةٍ ، مخلفاً أَلسنةَ لهبٍ طويلةٍ أَثارت في نفسي مزيجاً من الذهول والخوف ، فصرختُ فَزِعاً
مـرعـوباً ورفعـتُ رأسي عـن الـوسادةِ ، وجلستُ على الفراش ثم نظرتُ إِلـى
السماء .. عجباً إِنها صافيةٌ وليس هناك سوى مئات النجوم المضيئة
،ببريقٍ ساطعٍ .. وكان هناك خيطٌ رفيع على فراشي متشابك مع قدمي
وهناك جسمٌ ورقيٌ يتحـرَّك على سطح الدار محدثاً خشخشةً صاخبة بفعل
الهواء في سكون الليل الهادئ
. ــ

نشرت في مجلة افاق مندائية الغراء ، ومجلة الصَدى الغراء

 

الدخول للتعليق