• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الجمعة, 20 كانون2/يناير 2017

تالي الليل تسمع حِسّ العِياط

  مديح الصادق
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

لا يُفرِح الراعي ويُثلِج صدره مثلما يسمع ثغاء حمل جديد أطلقته عاريا للتو أمُّهُ التي ضاقت به ذرعا؛ بل هو الذي نفذ الصبر منه فغادر السجن الذي رغما عنه قد قُيد به، ولا يُحزِنه إلا أن يغزو قطيعه الذي بات جزءا عزيزا ممن بهم تكفل من العيال؛ ذئبٌ تعوَّد أن يفوز برأس من الأغنام كل ليلة، على غفلة منه، أو تحديا لشجاعته، وهو قد لا يشغله كثيرا أن يواظب ابنه الصغير أو البنات على الدرس بقدر ما يشغله توفر المراعى لما بحوزته من باقي المخلوقات، وليس بمستعجل أن تتزوج كبرى البنات تحاشيا لسن العنوسة مادامت هي التي أخفت حنَّاءها تحت الوسادة لتقضي رحلة كل يوم من هزيع ليله الأخير حتى آخر أنفاس النهار راعية للأغنام، والأحلام لم يعد لها متسع من الوقت، فالسعادة ما هي إلا شعور نسبي، وهي عند ( شرهان ) حضيرة أغنام يزداد تعدادها عند أول خيط من خيوط الربيع، وامرأة تشاطره الفرشة وهي الولاَّدة التي له أنجبت فصيلا من الرعيان الصغار، ومضيف عامر بما نال من حكمة وتدبير عقل، حتى غدا مقصدا لمن التبست عليهم الشائكات.
للقرية أعرافها، ولها قوانين تخصها وثَّقتها علاقات دم واحد، أو مصاهرة، وأحيانا أحلاف لمن ابتعد قسرا عن قبيلته، ومنهم من حطَّ الرحال بحكم مهنة منها يعتاش وفيها نفع للناس؛ والكل تجمعهم محبة وإخاء وحسن جوار، ناديهم ليلا بعد عناء نهار طويل مضيف شرهان ما بين حديث ديني وموعظة، أو ما يحمله من أخبار المدينة اولئك الذين منها عادوا بعد أن قايضوا هناك ما كانوا معهم يحملون، لا تتعدى زواجا لواحد منهم، أو عزاء لمن غادر إذ لم يسعفه مضمد واحد في المستوصف لا يملك إلا الماء المُقطَّر ولفافة من القطن، وأبو زيد الهلالي والزناتي خليفة كل ليلة يرويها لهم شرهان ولا يقاطعه سوى دوي كلاب القرية التي تنبأت بأن الذئب قد نال نصيبه من قطعان المساكين، والمساكين لا يشغلهم غير الذئاب، والذئاب لا تستتر إلا بالظلام، واقتحام الظلام لقتل ذئب شرس بحاجة إلى شجاع قوي القلب، حسن التدبير، يجيد الحيلة للنيل من محتال سلاحه المخالب والأنياب؛ وليس من مُرشَّح لهذا الدور إلا شرهان الذي تبرع طوعا للقيام به، سلاحه عصا طويلة من نبات برِّي، وخنجر طويل، ومسحاة، وما غير النجوم دليله وقد أدرك البدرَ السِرارُ، والظلام خير ساتر له مختفيا بين القطيع.
البرد قارس أواخر تشرين، منتصف الليل، وسط الصحراء، مُمدَّدٌ شرهان على بطنه وسط الذين يحبهم كل الحب، ومن أجلهم يجازف الليلة كي يقاتل ذئبا عاث فسادا بهم وما جاورهم من قطعان، يرهف السمع بانتظار فريسته، يهيء نفسه للضربة الأولى، أبالخنجر، أم بالعصا، أم بالمسحاة؟ ولعل الأخيرة خير ما يُبتدأ به في القتال، تمنحه مناورة بها يتمكن من خصمه دون تضحيات.
السرحان قادم، أجفلت الأغنام وفي كل اتجاه فزعت لولا أن قيدتها داخل الحضيرة الأسلاك، وفي هروبها احتمال للخسارة إذ يتفرد بواحد منها لقمة سائغة بلا عناء، وينجو من الكمين المُدبَّر له، هاهو وجها لوجه، بدمه ولحمه السرحان المطلوب حيا أو ميتا، والقرية كاملة بانتظار أن تزف لها البشرى عند الصباح، فتعلو زغاريد النسوة، أو يرقص بعض من الرجال، وكم جميل هو الرقص للسلام! وما أجمل عيشا وأهنأ ليلا للعشَّاق بلا ذئاب، سيدخل اسم شرهان التأريخ وقد تتناقل فعلته إذ قتل الذئبَ الأجيالُ، توسَّط القطيع لينتقي منه السمين، الظلام دامس، تطاير الغبار من كل صوب، على طوله استقام شرهان، بكل ما حشَّد من قوة مُسدِّدا الضربة القاتلة في الرأس، وخير ما يُختار لضرب العدوالرأس، والرأس هو المُدبِّر الذي إن ضاع ضاعت معه كل التدابير، سقط الحيوان مُضرَّجا بدمه، بلا حراك سوى النفث.
زغاريدهن جاهزة بانتظار ساعة الصفر، أطلقنها احتفاء بالفارس العائد المُكلَّل بالنصر، شرهان، قاهر الذئب الذي فجع الرعاة أكثر من مرة، وعلى ما به يفرحون يعتاش، مهوال القرية قد هيَّأ ما سوف تدور عليه خلفيات الرجال وهم بأقدام مُشقَّقة حافية يرفسون الأرض فتمتلئ غدرانها بالصعيد، وتُنشر الرايات ذات الأجراس يهزها عملاق يطاول السماء، وكما يعدو الطاعون يسري خبر مثل هذا فيما جاور من قرى وقصبات، والناس ملهوفة لا تطيق الانتظار حتى الصباح، حملوا المشاعل كالزرافات قاصدين ساحة القتال، مُبشِّرين بنصر مبين، وكلٌّ يسابق جاره كي يحظى بالنظرة الأولى لذلك الوحش الذي سرق النوم من جفونهم، وفجعهم بأعز ما يملكون.
وصل الموكب مجتمعا، والرايات خفَّاقة تلوح، زغاريد النساء تسابق الريح، والمهوال يُنشد طول الطريق بما جادت به قريحته لمثل هذا اليوم، والمهاويل حيثما مالت الرياح يميلون، شقُّوا القطيع نصفين، الحيوان مُمدَّدٌ والدم الساخن ينضح من وجنتيه، لكن ...هناك في بطنها جنين يرفس حيَّاً يُصارع الموت، أمُّ الأشعث كانت من أحبِّ النعاج إلى قلبه، شرهان.

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014