• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الأحد, 27 أيلول/سبتمبر 2020

خَـــيـْـــــــــــطـ

  بقلم. نعيم عربي ساجت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في سماءٍ صـافية وتسطعُ بنورٍ دافئٍ كان الناس في مـدينتهِ ينتظرونهُ منذُ أَيام بشوقٍ ولـهفـة ، إِنها شمسُ الضحى لـذيذةٌ ، لـذيذةٌ جـداً بـعد أَيامٍ من البرد والـضَّبابِ والـمطر .. إِنَّ جسدَهُ المرطوب حتى العظام والمتعب بـعـد اسبوع العمل ، بحاجةٍ إِلى مثل حرارةِ هـذهِ الشمس بـالتأكيد ، تـمـددَ فوق الحصير المفروش على أَرضيةِ سطح المنزل المُـبتَلة ، أَسنـدَ ظهرَهُ إِلى سياج السطح المُـتآكل واسترخى تماماً تاركاً أَشعة الشمس تلامس الأَجـزاء المكشوفة من جـسدهِ ، فتتوغلُ حرارتها شيئاً فشيئاً داخـلَ خـلايا جـلده وعـروقـه .. بـعـد دقائق صـار يـشـعـرُ بـانتعاشٍ لـذيــذٍ يـدب في جـسده . ـ

ـــ آه .. أَيـتهـا الشمس الحبيبة مـا أَروعــــكِ ! ! ــ
قـالها جَـذلاً ، وهـو ينظـرُ إٍلى السماء بـامتنان .. ثم راح ينبشُ ذاكـرته باحثاً فيها عـن أَي شيء .. أَيَّ شيء يُـشغل بـه نـفسه ، فـيُـبَدد بـعضاً من ثـقل الوحشَـةِ التي داهمتهُ منـذُ استيقاظهِ صباحَ هــذا الـيـوم ، فهو الآن يحسُّ بشعورٍ لم يَـمر به من قَـبل ، استـمرَّ في نبشِ ذاكرته المشَوَّشة فاستطاع أَن يسترجعَ بعضاً من شريطِ حياته الماضيةِ ، طفولته المعذَّبة ، وبيتهم الطيني آنذاك ، ومدرسته الإِبتدائية والمتوسطة ثم إِعـدادية الـصناعة التي تخرَّج منها وانخرطَ في صفوف العمال ليساعـد والـديهِ .. وتذكر أَيام الصبا والشباب وزملاء الدراسة ، لكن كل تلك الذكريات لم تفلح بـإِزاحة حالة الحزن الذي تسلل كاللص إِلى داخل نفسه وترسبَّ في قاعها .. ثلاثة أَيامٍ فقط مـضت على سفرهما ، وها هـو يشعـرُ بثقل الوحـدةِ يطوقه ويحاصره فـي كـل ناحية من البيت .. ثلاثةُ أَيـامٍ وهو في البيت وحيداً ، فكيف يكون حاله إِذا طال غـيابهما شهر ، شهران إِلى الأَبـد من يـدري ؟ إِنها الدنيا .

منذ أَن غـادرا البيت وسافرا إِلى بغـداد لزيارةِ أَخيهِ ( ماجـد) وعائلته صار يشعر إِنَّ البيت لم يـعـدْ كما كـان أَمامَ عـينيه يحسُّهُ قـد تبدَّل ، صار خاوياً بلا حياة أَشبه بزنزانةٍ إِنفراديةِ .. صحيح أَنهما في خريف العمر ، زهرتان ذابلتان ، غصنانِ يابسان لكنهما أَبواه ، لقد أَعطيا لدنياه طعماً حلواً وحياةً جميلةً ، فحينما يثرثران عن أَيامهما الماضية ، أَو يمزحان ويضحكان أَو حتى عـنـدما يتشاجرانِ أَحياناً كانا يمدانه بنبض الحياة ، وكان هو يملأُ حياتهما بحركته وصوته في البيت ، وأَحاديثه عن العمل ورفاقه العمال ، وعن الحياة والأَيام الجميلة الآتيةِ التي كان يصورها لهما .. تـنهَّـدَ ثم تناول الكتاب الذي بجانبه وهـو يـرمُـقُ دجاجتهُ الوحيدة وهي منهمكةٌ بنقرِ أَزرار بجامته ، ضاحكاً من سذاجتها وراح يقرأُ مستمتعاً بِـإِسلوب وأَفكار الكاتب الذي يكن لـه حباً واحتراماً كبيرين ..

بـعـد أَن قرأَ عـدة صفحات أَعاد الكتاب إِلى جانبه ، سرح بأَفكارهِ من جـديد وصور الأَشياء تهربُ من ذاكرته ، إِنـه يحس بكيانه وكأَنه غير موجود ، شعـرَ بحرارة الشمس تلسعُ وجهه وصدره نهضَ وقـد كـفَّ عـن التفكير ، وراح يتمشى على أَرضية السطح محدِّقـاً في البلاطات الحجرية المتآكلة وكـأَنهُ يراها لِلأَول مـرَّة ، ويرمي بصرهُ في كل ناحية تاركاً أُذنيهِ تنصتان إِلى ما يجري في الزقاق الذي كان يضجُّ بالحياة ، فالأَطفال يملأون المكان بـلِعبهم الصّاخب ، وثرثرةِ النساء الجالسات أَمام الأَبواب كعادتهن كل يوم ، وزقزقةِ العصافير التي كانت تتشاكس على شجرة النبق التي تتدلى أَغـصانها الى سطح الدار ظـلَّ يتمشى مصغياً بكلِّ حواسـهِ إِلى سمفونية الزقاق فشعـرَ ببعض الإِرتياح يسري في داخلهِ ، وفـجأَةً تركَ دجاجته تتجول على السطح ، ونزل مسرعاً إِلى داخل الدار ، غسَلَ وجههُ على عـجلٍ وارتدى ملابسه الشتائية الثقيلة ، وخرج إٍلى الزقاقِ مسرعاً فصفعت وجهه نسماتٌ باردةٌ ، حـيّا النسوَةَ الجالسات قبالة دارهم وحثَّ الخطى صوبَ الشارع المحاذي للنهر المجاور لمحلتهم والذي يفضله على أَي طريق آخر ، بـعـد دقائـق وصل إِلى السوق ولم يلبث حتى وجـدَ جسدهُ يتحرَّك وسط الـزحام الـصاخب المتحرك ..
في لحظات شعـرَ وكأَن شيئاً ثقيلاً أَزيح مـن صدرهِ ، وأَحـسَّ أَنَّـه مـوجــود.

..................................

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014