• Default
  • Title
  • Date
  • عوني سلمان الخشن
    المزيد
    في لحظات من الخوف والقلق زاد من شدتها احمرار لون
  • بقلم. نعيم عربي ساجت
    المزيد
    اليوم هـو الجمعـة ، عــطـلة ( نـضال ) عـن الـعمل ، الشَّمـسُ تـتأَلـقُ في
  • صلاح جبار عوفي
    المزيد
      رنَّ جرسُ الدار..! تسابقت الصبایا الثلاث ( شھد ، تمارا ، مایا
  • فارس السليم
    المزيد
    في ليلة ممطرة شديدة البرودة والصواعق تنشر الرعب في نفوس
الأحد, 29 أيلول/سبتمبر 2013

لحظة وداع - ذكريات لاجئ عراقي

  جمال حكمت عبيد
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

                                     

 بعد مخاض أربعين عاماً... كانت الحقيبتان المركونتان قربَ بابِ  حجرةِ الضيوف؛ تشكّلُ عائقاً لمرور إخوته وأخواته وبعضَ من أصدقائهِ وأقربائه؛ فالجميع جاءوا يودعون فرات؛ متمنين له السلامة والتوفيق... في رحلة اللاعودة ! رحلة البحث عن وطن اخر!... بعد ان جفت في بلدهِ ينابيعُ المياه العذبة و فقدت الأنهار وشاحها الازرق وأصبحت جدباء عاريه كاشفةً أسرارها؛ وضفافُها باتت مزابلَ تعبثُ بها الكلابُ والقطط السائبةُ ، والنباشين الذين ما وجدوا إلا في هذه الأماكن عيشهم  ؛(ولكل دابة في الارض رزقها على الله)

- طنينٌ ملأ اُذنه صدى وسخونةٌ  تعالت من الذبذبات المختلفة  الصادرة من أصوات المودعين ،المليئة بالنصح والدعاء لسندبادهم، وعيناه  أحاطتهما غشاوة فشلت في إخفاء القاع الذي تزين بمرجانة حمراء،ورأسه يتحرك بانسيابيةٍ كرأس دميةٍ متارجحاً يميناً تارة ً  وتارة شمالا ،  مجاملا هذا  ، ومبتسماً لذاك وطرفـا عينيه منصبتان على الركن البعيد حيثُ أطفاله الثلاثة  ، إبنته وولداه الواقفان بجانب الباب، فكبيرهم عمره 7 سنين، وكانت وجوههم حائرة وعيونهم تتفحّصُ هذا الجمع الذي حضى به والدهم هذا اليوم.

 - كان وفي لحظات  إنشغال المودعين  عنه يذهبُ مسرعاً إلى حجرة نومه  ، وهو لا يعرف ما يقوم به ،  يحوم في داخلها كالطير المذبوح، ويتسمّر واقفاً أمام المرآة ؛  ليرى وجهاً خفُت ضؤه القمري مع أول خيوط الصبح ؛وهو يحاكي نفسه هل: هذا فرات!    هل أنا: إسمٌ على مُسمّى- كما كان يُكنى لي أيام دراستي الجامعية- وحتى قبل اُسبوع. كيف أكون فرات  وملامحي بدأت تفقد عذوبتها- وفي كلِّ مرة كان يسرق نفسه من مودعيه يقف أمام المرآة وفي لحظة إستغراق خاطفة  يرى وجهاً غيرَ وجهه،  وبدأت قامته تقصر وتقصر حتى  تكاد اذا طال النهار قد تصل إلى الحافة السفلى للإطار الخشبي للمرآة.. وكان كلما خرج من غرفتة لإستقبال المودعين ، تلاحقه زوجته والتي كانت مهمومة بمجاملة  النساء المتواجدات وفي كل مرة كانت تفتعل عذرا لهن بانه قد نده عليها وكانت عيناها هذا اليوم ذابلةً وشعرُها من تصففه ، بل إكتفت بلملمته إلى الخلف ، وقرصته بحلقة مطاطية.., أمّا أُمّهُ  ؛ فكانت لآخر لحظة غير مقتنعة بهذه الرحلة  التي يتوجب عليه ترك زوجته وأطفاله، وربما إكتفت بقدر سلامته وسلامة اخوته من الحروب التي إبتلى بها البلد ، أمّا السفر والهجرة  ؛فلم يكن له عنوان عندها ولا عند غالبية الامهات والآباء العراقيين.

-  وقف شاكر عند باب  حجرة الضيوف وهو صديق طفولته وجاره وكان قد فقد احدى طرفيه في الحرب العراقية الايرانية وحاز على سيارة المعوقين. صاح شاكر وبصوت حزين مناديا :فرات ..فرات.. السيارة جاهزه ... نهض فرات بسرعة كالمقاتل الذي أراد الهروب من ساحة المعركة، ونهض جميعُ المودعين بحركة لا إرادية وكأنهم في مسرحية شارفت على نهاية فصلها الاخير،  وأخذ الجميعُ ،  الواحدُ تلو الاخر يعيدون تقبيله ويكررون أُمنياتهم ودعائهم له، وهو هامدٌ جامدٌ كأنه صفحة من كتاب التشريفات فتحت لإستلام تواقيع المهنئين أو المعزين على خده.

- ركض بسرعة حيثُ أطفاله واقفين ،  وحظنهم وأخذ يشمُّهم كأم الجِراء بعد الولادة؛ وكانوا قدهموا بالبكاء بعد ما رأوا المودعين يبكون.

- عيناه المحمرتان ترقرت بدموعها وهي كقرص الشمس في الشفق،  ودموع زوجته وبكائها وبكائه الصامت،  وعينا أُمه الحسيرتان المختبئتان خلف العدسات السميكه لنظاراتها ، كلُّها  كانت عناوينٌ  للوداع ..

- قبّلَ زوجته والتفت إلى أُمه وقّـبل يدها منتفظا قائلا: إدعي لي يا أُمي ؟  وسحب جسده  مسرعاً  إلى الخارج ، غيرَ ملتفتٍ لاحد ،وجلس في سيارة شاكر، حيث كان ينتظره وقال لصديقه شاكر :هل الحقائب في صندوق السيارة ؟ فقال شاكر: نعم انها في الخلف . ثم قال: وبصوت باهت مخنوق:  لنذهب ....

وتحركت السيارة وإذا برشة ماء مطرت خلف السيارة تقليداً لضمان سلامة الوصول.

 

 

الدخول للتعليق

مسابقة القصة القصيرة جداً

فارس السليم - حال الدنيا - 2.4%
إلهام زكي خابط - حبات اللؤلؤ - 4.9%
عزيز عربي ساجت - اليمامة - 0%
جمال حكمت عبيد - لمسة إصبع - 17.1%
فاروق عبد الجبار - موسيقى - 56.1%
هيثم نافل والي - الراقص - 19.5%
د. نصير عطا - حادثة تحصل يومياً - 0%

Total votes: 41
The voting for this poll has ended on: حزيران/يونيو 15, 2014