ان الصورة الرمزية الجمالية للمعراج تكمن في الصاق القصص الخيالية والخارقة في مضمون تلك الصورة لكي تعطينا اعجازا وتاويلا صوفيا ، ويستخدم الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي في كتابه ( فصوص الحكم ) الرمزين غسل القلب وتقريب الاقداح معا ، ولكنه يقتصر على الخمر كرمز لكشف السر واللبن كرمز لميراث النبوة ، ويستثني الماء من ميراث التمكين كل ذلك في باب واحد من معراجه ( هو باب العقل والاهبة الى الاسراء ) وباسلوبه المسجع ، فالتشكيل الفني بالكلمة هو من اهم الظواهر الاسلوبية كما ورد في اسراء ومعراج الرسول في ادب المعراج يهدف منه الفولكلوريون الى دهشه الحسي واثاره العجب فالايمان ، اما الصوفيون فيتجاوزونه الى الكشف والحدس والتاويل والرمز ، وهذا سبيلا لمقولات ورموز التراثيات القديمة حول المعراج ، اعطى هذا المحول الفكري والفني كثيرا من الاقانيم القديمة كسوة للدين الجديد
.
وقصص المعراج اشبه ما تكون بملحمة دينية ، وكونها من ادب الرحلات فهي تحت حسب سابقتها كملحمة كلكامش السومرية ، او ملحمة زيوا سدرا البابلية ، فالمشابهات بينهما كثيرة والتفاصيل والمسار العام والجزئيات ، فالمعراج قصة خرجت من دائرة الحديث الذي يضبط الرواية وصارت لونا من الوان الادب الشعبي الديني ، وادخلت في المكتسب من تراث الامم الحضاري
.
ويمثل المعراج في اسلوبه الى الرمز اولا ثم التصوير الفني ثانيا ، والبناء المعماري ثالثا ، فالرمز يعطي خواص ادب الرحلات كالاوديسة واوديب ومثلهما ملحمة كلكامش وملحمة ديموزي وعشتا ر او عشتاروت ، ونرى الاسلوب الرمزي كذلك في قصة الف ليلة وليلة ورحلات السندباد البحري وعلاء الدين والمصباح السحري وقهرمانة والاربعين حرامي وغيرها من قصص الخيال الابداعية ،
ان تراث المعراج كان باكورة الانتاج الادبي في المدن العراقية القديمة كأور وبابل وماري من حضارات الشرق القديم ، التي كشفت عنها الحفريات ، فجاءت طبقات يعود تاريخها الى قرون متعددة تنتمي الى مراحل من المدنية المختلفة ، فمنها ما يرجع الى الطبقة الاولى ومنها ما يرجع الى الطبقة الثانية في المقياس الزمني التاريخي لعلمي الاثار والانسان
.
وهناك نماذج متعددة تخضع لمفهوم النموذج الواحد ، وتعدده من حيث الرواية او الصورة كملحمة كلكامش رغم كونها نموذجا واحدا فقد تعددت رواياتها السومرية والبابلية المدونه على الواح الطين ، كما تعددت نماذج قصص المعراج وقصة عنتره وكذلك قصة الطوفان التي كانت جزأ من ملحمة كلكامش في اقدم صورها ، ثم تتلوها الروايات العبرية في التوراة ، والعربية في الشعر العربي عند شاعر الاحناف في الطائف امية بن ابي الصلت خاصة ، وفي التراث الاسلامي كذلك ، كل هذه الاثار ينظمها مفهوم التعدد والوحدة للاثر الادبي الواحد