• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 10 نيسان/أبريل 2016 05:38

آخر ضوه

لم تخلق عيوني ألا لرؤيتك ، لم أوفي نذوري سوى لك ، ولم اعيش لسواك كوني كما تكوني وكما تشائي بعيدة قريبة ، ثورة ، بركان ، صمت حزن ، فرح ، أنت معي دوماً ....
وشل عمري بشماتة وگولة الويلاه
ياخذني الخجل حسرة محب اتناه
أروح الياجرف أنساه
جرف روحي
روحي أللي خذاها وياه
أهو نايم تمايم شوغة أبروحي
لهبة نار تثگب من تمر ذكراه
يا ويلاه
ماعندي بخت يگعد يسولفلي
ماعندي بخت يگعد يرد اللوم
ماعندي بخت ويسكت اليحجون
ما عندي بخت حظي ردي وداه
تاليها أعد أنجوم
چنت أول نذر مطلوب بمتوني
گبل ماتعمة أعيوني
أنت آخر ضوه مرخوص بعيوني
گبل ماتعمة أعيوني
يلوموني بحچي البطران
أطوف أبديرة النسيان
صعب ياروحي نسيانة
كل ليلة أگول انساه
أگشمر روحي و أتعناه
يگلي أنساه
أهو بيدي حلم ماينسي طرواه
حلم ليل وحلم يقظة
أثاري وي النفس يصعد
أحسه وي النفس ينزل
ياخذني للمنازع
وأصيح أفيش أترجاه
شفايف شدة النعناع منهو الباع
شفايف طعمة الريحان
لبلاب بطعم عنبر
ياخذني بعطش ملگاه
أرد لتراب ديرتنا
أرد لذيچ عشرتنا
أناغيها وتناغيني
تصيح أللوم والشمات
باگوا كل سوالفنا
ماخلوا جناجلنا فرح زفة
ولا ملگه
ولا طبت محب بيرغ الهيبتنا
خساره أخرست لمتنا
حسافة ويا حسافة اوجاغ دلتنا
حسافة شاطت الگهوة
حسافة الگمگم الماضاگ طعم الهيل
ولا حتى مواويلي مواويلچ يبصرتنا
ماخلة الكحل بعيوني بس انت
عشگ صنته
مايقبل يصد للغير
من عفته
ويظل عتبة مزامط عايش بونته
طماه الزود والعاگول
الخرنوب من حصته
ولاه البين والحسرات
طشت بالخلگ قصتة
سراب أيحوش والايام
خنسة أدموع وبسكته
أمشكبن سوالف ضيم
ملضومة وي عمري الضاع
چم مرة ولك بعته
چم أصواب چم نيشان
چم جرح الشتلته موت
چم جرح النزف عفته
توالي ألليل تغدر بيّه
ما چنك ولا بگته
ولا چنها النوايب منك أمعرات
ولا چنك أبد خنته
ولا بگته
لعبنا الوكت دولاب
صگلة ولاگ
ياهي الصگلة ياهو ألاگ
لا چلة التحني أچفوف
لا گيض الوكت مشراگ
مر علگم طعم صبير ما ينضاگ
يامحلاك
طار الاگ
والصگلة طمتها الگاع
خذتنا روجة الايام
هدات الليالي أسباع
مارحمة عشگنا الضاع
ولا چلمة محب أوداع
تردس والغدر شگبان
شحيح الماي والتربان
تصرخ والزرع بلان
كلفة دگت البيبان
شحيحة الغیرة ماتت
والحزن ألوان
غريبة اوجوه المحبين
مالومك
غداك العيب
متعلم على أفراگي
متعلم وأگلک كع
تسعر نار حراگي
أگلك كع تراهي الروح
تصد للغيم
ما تتنطر المطرة
ولا گطرة
شبعد عندك
شبعد عندي
عرفتك طلعت الگمرة
عرفتك والشمس بينت سواليفك
عرفتك خاين العشرة

25\3\2016
سيدني ...أستراليا

نشرت في شعر

بحضور بهيج بعدد كبير من الشباب والنساء التأم في العاصمة الدنماركية المؤتمر
الاول للجمعية المندائية الثقافية في الدنمارك
عند الساعة الثانية عشر ظهر يوم الأحـــد ، سر البهجة لون هذا اللقاء الذي تسابق فيه الشباب والصبايا لتقديم كل سبل انجاح الدورة المقبلة ،
وكان الأجمل أن الجميع عمل بهمة ونشاط ورغبة كخلية نحل ، للاعداد لهذا المؤتمر وتهيئة القاعة والمستلزمات الاخرى وخلال فترة
قصيرة جهز كل شئ ، حيث إبتدأت أعمال المؤتمر الساعة الواحدة ، بكلمة للاستاذ
مناضل الحيدر رحب خلالها بالحضور والضيوف ، شاكراً كل الجهود التي بذلت ليكون المؤتمر بالصورة الجميلة التي ظهر عليها ، رغم ضعف الامكانات المالية للجمعية ، ثم تم قراءة التقرير الانجازي للجمعية الذي كان حافلاً بالنشاطات المنوعة ، ومشاركات رائعة مع المؤسسات والمنظمات العراقية في الدنمارك ، وكان ثمرة طيبة لجهود كادر الجمعية الفتية ، دعا بعدها الاستاذ فلاح الحيدر منسق الجمعيات
المندائية في اوربا وعضو سكرتارية اتحاد الجمعيات المندائية لقراءة كلمته
مؤكداً دعم اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر الكامل لنشاطات الجمعية ، ثم اثنى على الجهود الكبيرة المبذولة للارتقاء بالعمل المندائي ، مؤكداً سياسة الاتحاد على تكريم الشخصيات التي تألقت بخدمة العمل المندائي في الدنمارك ، تلا ذلك كلمة المؤسسة المندائية في مالمو قدمها
الاستاذ وئام صفاء ، الذي عبر بها عن شكره للدعوة المقدمة و اثنى على دور
الجمعية في دعم العمل المندائي . بعدها جاءت كلمة الجمعية الثقافية المندائية
في لوند التي قدمتها السيدة جبهة حبيب ، حيث توجهت بالشكر الكبير للجمعية على دعوتها لهم ، وأعربت عن استعداد جمعيتها بتقديم الدعم اللا محدود لكل الاعمال الهادفة التي تقوم بها الجمعية المندائية الثقافية في الدنمارك ، وبعد مناقشة واقرار التقرير الانجازي، قدم الاستاذ صابر عبد الجبار طرفي التقرير المالي وجرى مناقشته واقراره ايضاً ، وكان بعدها استراحة قصيرة لتناول الغداء ، حيث أعد طعام منوع وشهي بجهود أبطال الجمعية من النساء والرجال وكان
لذيذاً رغم بساطته ، طيباً طيبة نفوس من جهزه وأعده.
وبعد الاستراحة التأم المؤتمر ليكلف المؤتمرون السيدة كوثر الشيخ
والسيدة نظيمة جوهر والاستاذ صلاح الحيدر لإدارة جلسات المؤتمر وأقرار ذلك من قبل المؤتمرين كما تم اختيار الأستاذ سلام جبار جمعة لجنة الاعتماد ، قدمت خلال الجلسة مقترحات حول النظام الداخلي بعد مناقشة مستفيضة ، ومقترحات لتطوير عمل الشباب ونوقشت.
ثم جرى الدعوة للترشيح للهيئة الأدارية ورشح كل من:-
ربيعة جوهر ،
د.عدي المجدي
مهند باحور ،
ريم باسل ،
عادل الحيدر ،
د. لقاء عبد الهادي ،
كفاية صبري ،
ميلاد حليم ،
حنان شاكر ،
وفاز بالانتخابات للهيئة الادارية كل من :-
ريم باسل ،
د .عدي المجدي ،
ربيعة جوهر ،
ميلاد حليم
ومهند باحور
وفي الاحتياط عادل الحيدر و د. لقاء عبد الهادي.
وفي الختام عقد اجتماع خاص بين أعضاء الهيئة الادارية الجديدة لتوزيع المهام فيما بينهم ، (د. عدي المجدي رئيساً ، ربيعة جوهر سكرتيرةً ، مهند باحور محاسباً
ريم باسل لجنة الشباب والاطفال ، د لقاء عبد الهادي و ربيعة جوهر لجنة المرأة والشباب وميلاد حليم وعادل الحيدر تجنة النشاطات .)
وقلوبنا يغمرها الفرح لهذا الأنجاز المثالي الممتع، فتحية لكم ياأهلنا بالدنمارك لهذا الحضور النوعي المتميز، وهذا الاستعداد الكبير للتضحية في سبيل تقديم الأفضل والأمثل من أجل سعادة المندائيين في الدنمارك، وبارك الحي الأزلي بهذه الوجوه الكريمة التي حضرت لتشارك وتبارك وتشكر جهود من سبقوهم بهذا الميدان في العام الماضي

الفيلم الجديد، الذي يعرض حاليا على شاشات السينما الايطالية والاوروبية، عن حياة السينمائي الشاعر الراحل بيير باولو بازوليني، الاكثر اثارة للجدل في تاريخ السينما الايطالية، اخرجه آبل فرّارا، هو بمثابة شهادة سينمائية جديدة لمفكر وشاعر وسينمائي ورسام مبدع دفع حياته، للكشف عن فضائح عصره المخبأة تحت السياسة والدين والسلطة.
التقينا بالمخرج الاميركي آبل فرّارا في احدى محطات قطارات روما بصحبة عدد من الاعلاميين بنادي الصحافة الاجنبية في روما، لنحاوره بشأن فيلمه الجديد «بازوليني» وهو العنوان المؤقت للفيلم، الذي يروي فيه مجرى احداث آخر يوم من حياة الشاعر.

اللعين

وصل هذا المخرج الذي يصفه بعض الزملاء من الصحفيين الايطاليين الذين كانوا معي بـ ( اللعين) بالقطار وحال نزوله قال غاضبا « اي قطار هذا! لقد ركبت في حياتي العديد من القطارات ولم ار قطارا بطيئا كهذا» ثم عبر عن اسفه لمساعديه، اذ تأخر عنهم ، وطفق يمسح على خدّ هذا ويمرر يده على رأس ذاك، ثم قال متنهدا في فيلم «سالو»، ابان التصوير لم يكن بازوليني يرفع صوته قط؛ لقد نشأ بكزارسا في مقاطعة فيرولي الشمالية، بينما انا ترعرعت في البرونكس».

وليم دافو

المشهد، بل الجو العام للتصوير، يبدو سورياليا وليس له اي علاقة بالأربع والعشرين ساعة الاخيرة من حياة بيير باولو بازوليني، اي تلك الليلة الفاصلة بين 1 و2 كانون الثاني لسنة 1975 ؛ ليلة مقتله.
نزل من القطار ايضا الممثل الاميركي ويليام دافو، الذي مثّل دور بازوليني في الفيلم، بعنق مقلد بفراشة عوض ربطة العنق وتذكرنا بدلته بالكونت البلجيكي ج دي مارسين، نزل محملا بحقيبة من علب الهدايا؛ كانت عيناه ضاحكتين بالرغم من بلوغه العمر(65) عاما، وهو المفتون ولا يزال بحب با زوليني، فهو «يشعر بشيء من الغرابة لأنه متقمص شخصية باولو".
قعر الجحيم

في هذا الفيلم الجديد عن بازوليني، الذي ينطقه فرّارا بالسين بدل الزاي «باسوليني»، فإن فكرة الفيلم تعود عند المخرج الى اكثر من عشرين عاما، اذ دمج المخرج ثلاثة مشاهد من فيلم آخر لم يكمله، عنوانه «تييُو- بورنو - كولوسّال» ومشهدين من «بتروليو» وهو فيلم لم يتمكن آبل فرّارا من اكماله ويقول «لا استطيع ان ادخل الى ذهن بازوليني، الا عن طريق هذا السيناريو وهذه القصة، اذ لا اعرف شيئا عن خصوصياته، ولا ادري الى اي مدى يحق لي ان اسميه هوسا او تبعية؛ لكن ذلك الموت الذي لقيه في مدينة أوستيا المطلة على البحر في مكان مظلم وغارق في العدم هو نتيجة لاختياره الوجودي. و في آخر لقاء له مع صديقه فوريو كولومبو قال : ان حياتي التي اعيشها ادفع ثمنها. اجدني كمن يهبط الى قعر جهنم الا اني عندما اتمكن من العودة سالما - هذا ان عدت- اكون قد رأيت اشياء أخرى واشياء أكثر. انا لا احاكم ، هذا سفري وليس سفرك».
اذا فآبل فرّارا مثل بازوليني لا يحاكم، الا انه عارف تمام المعرفة، بكل ضروب الهوس والتبعيات او الادمان، اذ يرى انها تفضي بك الى ان « يأخذوك الى السجن او يلقون بك الى الموت مدهوسا بسيارة».
ويعتبر آبل فرّارا مخرجا ركز اهتمامه على الاثم والايمان وعلى الانبعاث؛ الا انه لا يوافق على مثل هذا التوصيف فيقول «لا اجد انبعاثا في افلامي فشخصياتي لا تتغير قطعا ولا تتغير ابدا. اما انا فعلى العكس قد تغيرت اذ كنت مدمنا ولم اعد كذلك. لقد تطهرت من الادمان منذ سنة ونصف»
لقد تمكن من التخلي عن الادمان في ايطاليا في احد المشافي بالقرب من مدينة كازارتا الجنوبية اي على بُعد نصف ساعة بالسيارة من مدينة سارنو وهي المدينة عينها التي انطلق منها جدّه آبل مشيا على الاقدام الى مدينة نابولي ليستقل الباخرة الى الحلم الامريكي. ومنذ سنوات فان المخرج ياتي باستمرار الى ايطاليا بحثا عن اصوله اذ «في نيويورك لم اجد شيئا عن جدي فمن المستحيل ان نبحث عن شيء يخص رجل قد مضى عليه قرن، بل وحتى الحصول على شهادة ميلادي استغرق الحصول عليها حولا كاملا» . اما عن الحرية المبدعة التي كان يقول بانها موجودة بلوس أنجلوس هي اليوم مجرد وهم .
وعلى العموم فإننا امام عالمين لمثقف بورجوازي يعيش نهاره مع امه ويكتب في الصحف وليله ينطلق للبحث عما هو بحاجة اليه. كان بازوليني آخر ‹هيبّي› يمثل الحرية الفردية وقد تجسدت لحما ودما».

نشرت في فنون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"عينان سوداوان يملأهما ذكاء خارق لواحدة من اكبر فنانات عصرنا الراهن " هكذا وصفت إحدى الصحف الإيطالية، المعمارية المستقبلية العراقية زها حديد ـ غيّبها الموت، يوم أمس، عن 65 عاماً، جرّاء أزمة قلبيّة مفاجئة ـ العام الماضي بمناسبة افتتاح معرضها الكبير في صالة مركز الفنون المعاصرة الذي فازت بتصميمه عام 1998 وكان إحدى الثكنات العسكرية القديمة في أطراف العاصمة الإيطالية روما، والذي بدأ العمل فيه مطلع العام الجاري وانتهى العمل فيه قبل عامين، ليشمل على قاعات للعروض الفنية وبارات ومخازن للاعمال الفنية ، وقاعات داخلية للترميم ،بمساحة 30 الف متر مربع تتقاطع فيه الانسيابية التقليدية المألوفة، وتنمحي فيه أساليب العلاقة التقليدية بين الداخل والسياق الخارجي .
ولدت في مدينة بغداد عام 1950 ودرست علوم الرياضيات في الجامعة الأمريكية ببيروت ثم التحقت بالدراسة الجامعية في بريطانيا تحت إشراف ( الكولهاس) وحصلت على شهادتها في الهندسة المعمارية في جامعة Architecture Association) ) في لندن 1977
ثم عملت بعد تخرجها في مكتب عمارة الميتوبوليتان مع عملها كمعيدة في كلية العمارة وأستاذة زائرة في ابرز جامعات العالم منها هارفرد وشيكاغو وهامبورغ واوهايو وكولومبيا ونيويورك.
خصصت عدة مجلات إيطالية متخصصة بفن العمارة والتصميم ملاحق خاصة عن فن زها حديد الذي يتميز بالحداثة والعنف وعدم التوازن في الاشكال، واستخدامها الخطوط الهابطة والأشكال الجيوميترية بما ينسجم مع أفكارها الهندسية ، لتجمع هذه الصحف على انها ابنة العباقرة البابليون الذين وضعوا أسس أول حضارة في التاريخ الإنساني . هذه العبقرية الفذّة ،طرحت نفسها كواحدة من أشهر المعماريّات في العالم ، وأكثرهنّ حضوراً على ساحة الهندسة المعماريّة العالمية خلال السنوات الأخيرة.
أشكالها وألوانها في المفروشات واللوحات والموبيليا والأدوات المنزلية التي تقدم تصاميمها لكبريات شركات التصنيع في العالم الغربي ، تحمل منهج جديد في فن العمارة يطلق عليه تيار التفكيكية الذي يتجاوز تيار ما بعد الحداثة ، يقوده عدد قليل من أساتذة العمارة العالمية من أمثال ، كوب هيملبلاو ، اينمان ، كيري ، كولهاس ، تشومي ، ليبسكيند . وهذا التيّار يقوم على رفض النظام الخطّي للهندسة المعاصرة . ربّما هي بهذا المعنى ، وإن جاز القول، تشكّل معادلاً معمارياً لما قام به فلاسفة "التفكيكية" في حركة الفكر والفلسفة المعاصرة. إذ ينظر المنهج التفكيكي الذي يحمل تأثيرات الطراز الإنشائي السوفياتي والذي ظهر في الثلاثينات من القرن الماضي ، للفضاء الخارجي كمساحة لامتناهية ينصهر بها الرسم والنحت في بودقة العمارة لتخرج قيم تعبيرية لعملية الإنشاء ، حيث تبان القيم الجمالية لأي بناء في النزعة التعبيرية للعلاقات الشكلية للحجوم والكتل والفراغات التي تبرزها المعطيات الإنشائية.
أبنية زها حديد المثيرة للجدل والتي تعتبر ابرز الصرعات التجديدية ذات الأشكال والسطوح المستطيلة المنحرفة التي تعتمد أحيانا على التشويه والتجزئة ، والمقاطع المتعرجة ، والتي تقطع الرؤيا الانسيابية والانسجام والاستقرار الظاهري المتعارف عليه ، تحمل قطيعة مشوشة لما يربط الشكل الخارجي بالداخل ، وتقترب الى أفكار الأسلوب التكعيبي،كما انها لا تخلو من غرابة الشكل وتوجسه محملة بالأسمنت والزجاج والمعادن.
عمارة زها حديد تحمل إبهار كبير بالنسبة لكل المعماريين في العالم لاتمت بأية صلة للعمارة التراثية التي تشكل خلفيتها العمارة الحديثة التي أنتجها عدد من الأمريكيين أمثال لويس خان وفنتورا ورايت.. الخ ، او العمارة العراقية الحديثة التي برزت مع جيل من المعماريين البارعين أمثال رفعت الجادرجي وهشام المدفعي ومحمد مكية ، بل ان عمارتها تمازج رائع بين الحلم والحقيقة ، بين الخيال والواقع ، والتجريد الزخرفي الذي لا يحده الإطار المحدد للسطوح كما هو متعارف عليه بالعمارة التقليدية. فنها هو عالم المتناقضات الذي تتكسر فيه المجسمات كما هو الحال في الصور الفوتوغرافية والمجسمات البلاستيكية لابرز أعمالها في قاعات معرض روما مثل مبنى بيك كلوب في هونك كونغ، ومركز الفن والإعلام في مدينة دوسلدوف في شمال ألمانيا ، ونادي الذروة في كولون بألمانيا ، ونادي مونسون بار في اليابان ، والمتحف الفني في سينسيناتي في الولايات المتحدة ، وتوسعات مبنى البرلمان الهولندي في لاهاي ، ومرسى السفن في مدينة باليرمو بجزيرة صقلية ، والمسجد الكبير في مدينة وولفسبورغ، ومتحف الفنون في الدوحة وجسر ابو ظبي ، وصالة أوبرا كارديف، ومركز إطفائية فيترا في ألمانيا التي استعملت فيها الأشكال المتعددة الجوانب والركائز المثلثة التي تبدو وكأنها تتطاير في الجو. اضافة الى البناء الضخم المركب في ساحة «الونغ داموم» في ســيول وهي من أكــثر ساحات العاصمة الكوريّة الجــنوبيّة حركة ونشاطاً، كذلك المسبح الأولمبي في لندن، وأوبرا «كانتون» في الصين، وعشرات الاعمال البنائية والتصميمية في جميع انحاء العالم.
اللوحات الفنية والمفروشات والتصاميم والموبيليا وكل ما تلمسه يد هذه العبقرية التي تقول
( المساحات ليست بالضرورة بحاجة الى جدران لتعليق اللوحات عليها ، يمكننا ، لا بل يجب علينا ان نخرج من الغرف التي هي أشبه بالعلب ذات الزوايا التسعين درجة) فالمساحة وكيفية معالجتها ينحصر في القيمة التعبيرية للإنشاء وعدم التخلي عن الجوانب الوظيفية.
نظرية العمارة عند زها حديد تعتمد كما يبدو من أعمالها على تداخل العلوم والتطورات الأخيرة في التكنولوجيا والعلوم الإنسانية الأخرى والتي دفعت العمارة بعيدا عن النطاق التقليدي لتظهر الى الوجود كظاهرة اجتماعية وتاريخية محددة تستجلي القوانين وأنماط السلوك التي تتحكم في هذه البنية ، فهي ترى بنية العمارة ونظامها يملكان مقومات وعلاقات غير محددة تتداخل في عملية التفاعل لتكون نتيجتها النهائية تحويل المادة الخام الى جسم لكيان مادي معاصر قادر على التفاعل مع ناس هذا العصر. فالشكل المعماري يخطو ذاتيا بخطوات حرة غير مستند بالضرورة الى العوامل التي ولدته على ضوء حاجة اجتماعية معينة. ولهذا فان زها حديد ترفض التقاليد الموروثة في العمل المعماري على اعتبار ان عملية توليد شكل جديد تبع من حاجات جديدة مختلفة لان لكل عمارة دور تؤديه وعصر تنتج فيه.
كفي أن نذكر، مثلاً، أنَّها أوّل امرأة حازت جائزة "برايتزكر" (التي تعد بمثابة "جائزة نوبل" في الهندسة المعماريّة) في العام 2004، كما أنّها أوّل امرأة في العالم تحوز "الميدالية الذهبية"(2015)، وتمنحها "المؤسسة الملكيّة للمهندسين البريطانيين"، التي قالت عنها رئيستها جين دونكين، في حيثيات منح الجائزة : "تشكّل زها حديد قوّة رائعة ومؤثّرة في سُلّم الهندسة العالمي"، فعملها ، والكلام لدونكين ، "على كثير من التجريبية، كما على كثير من الصرامة والتطلب"

نشرت في اخبار عامة

 

تمتع الديك بحضور يومي ورمزي في سيرة رماد يحيى الشيخ وظل فيها صاعداً ، معبراً عن طاقته الذكورية ، وقدرته على إيقاظ الجنسانية لحظة صياحه ، في كل الأوقات . وكان مثيراً لاستدعاء المرويات المحفوظة بذاكرة الكائن وهو يستحضر دور الديك المتباهي في خليج الملائكة وسط عدد من الدجاجات ، لأنه الذكر المتوتر دائماً ، لأن الفنان يحيى الشيخ ملتقط لرموزه من اليومي الشائع ، أو المألوف ، ولابد للتشكيل من رموزه الخاصة ، مع العلم بأن ما يصلح برمزيته في النثـر ، ممكن التوظيف في التشكيل وابتكار دلالاته الخاصة ، والجديدة.

كان الطاووس مزدهياً بحضوره في لوحة يحيى الشيخ ، بديلاً عن الديك . انه بديل جليل ، مهيب ، وصاعد أيضا لأن جسده يفضي في ما ينتج من تخيلات في ذهن المتلقي نحو فضاء الجنسانية أيضا . انه متحرك وسط سكونه ، مهيمن بما توفر له من مكان في اللوحة ، حتى تحول كله رمزاً قضيبياً بوقفته المتغطرسة هو شبكة من ألوان ، معلنة عن حضور معروف ومألوف ورمزي كذلك . ولأنه ، عبر الحضور ، ينطوي على نوع من التكرر الجنساني وإعلاء الجسد بما استطاع عليه يحيى الشيخ ، ليجعل من نظام الذكورة مجالاً ثقافياً ، اختزلته الصورة الخاصة بالطاووس . وكان جسده صورة . ودائماً ما يفضي الجسد نحو حضورات كثيفة ، وبوصفها صورة ، أو تنوعات ضرورية . وعلى الرغم من فردانية الطاووس في اللوحة ، إلا انه منتج للتصورات التي شغلت فضاء ثقافياً ودلالياً ، متوتراً ، ومحفزاً لاستمرار العلاقة مع اللوحة ومثلما قال فريد الزاهي : فاعلم انك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس إلا خيال . فالوجود كله خيال من خيال ..... يرتبط الخيال بالكثرة والحقيقة بالواحد . وذلكم دليل لكي يتمرأى الكثير في الواحد والواحد في الكثير من جهة ولتغدو المعرفة ممكنة من جهة أخرى . وبما أن حضرة الخيال تكون في المنام فإن المعرفة تبعاً لذلك لا تتم إلا بالتأويل ، أي برد الكثرة الى مآلها ، أي الى الوحدة .
نجد من هذا كله هيمنة للطاووس الواحد ، مع طغيان لما يحيل إليه من تخيلات كثيرة مفضية دلالة الى ذكورية معلنة عن كشوف الطاقة بانتصاب رقبة الطاووس وسكونها المتوتر وكأنه بتلك الحركة المخفية بالسكون يزاول وظيفته الجسدية عبر الظاهر من رمزيته المتشكلة بشبكة ألوان الريش ، الوسيطة في فضاء اللوحة مع موجودات ، لم تبتعد دلالياً عن ما تثيره الأجساد في اللوحة .
وقفة الطاووس المزهو بصعود جسده وسط الآخر ، ليعلن عن " مكونات العلاقة البصرية . بيد أن الجسد الرائي يكون هو نفسه جسداً مرئياً . والعلاقة الغرابية بين الجسد الشخصي وجسد الآخر تخضع لمجموعة من المحددات المتعالقة التي يتداخل فيها الانطولوجي بالنفسي بالانثربولوجي ، مثلما قال فريد الزاهي .
تشكلت علاقة وثيقة بين الجسد والصورة . وهو كما قلنا ـ الجسد ـ باعتباره صورة حازت المهارة البنائية للوحة على طاقة فيها وفرة حرفية مبدعة ، للإعلان عن الحضور المشترك للاثنين وهما الجسد والصورة .... كلاهما اختصرا تماماً الأصول المعرفية لجينولوجيا الذكورة والأنوثة ، بعناصرهما الثقافية المعروفة .
يحيى الشيخ مبدع ، يتسلل دائماً للذاكرة التاريخية ويلتقط رموز مروياتها ، ويعيد انتاجها ، باعتبارها يوميات قابلة للاستدعاء وراضية بحضور ، يفتح لها منافذ نحو المستقبل ، أي باتجاه غير معروف . وهذا ما نقول عنه بالشعرية في اللوحة . ليس تجاور الأزمنة فقط ، بل ما كشفت عن يوميات كانت ، وما زالت ، مدونة بالصورة ، وشحناتها ترقبها للتحرك نحو المجهول بإيحاءات علاماتية ، ودلالات الرمز ، وحصراً ، ما أنتجته وقفة الطاووس ، ليعلن عن خطاب ذكوري ، مهيمن على فضاء الإناث ، مثلما فعله ديك لطلاطة وسط الإناث . قلنا بأن وجود الطاووس صعود للجنسانية بين البغايا المقدسات أو كاهنات الإلهة أنانا / عشتار التي اهتم بها الفنان يحيى الشيخ في عدد من لوحاته المعنية بعقائد طقوس الزواج المقدس وتحدث هو بشكل مركز عن ذلك ، وتمظهرت هذه اللوحات أكثر وضوحاً في كتابه الفني مبررات الرسم للطاووس ميثولوجيا ذات حضور حيوي ، لأنه رمز ديني ، وكل ما في الأديان له جذور أسطورية ، ففي المرويات أن الطاووس نزل الى الأرض مع حواء بعد طردها من الفردوس . وباختصار شديد ، يمثل الطاووس رمزاً في الميثولوجيا الايزيدية ، انه يمثل الملاك الأكبر ، وهو الروح الطاهرة لأنه يفضي الى الشمس الطاهرة دلالياً ، كذلك تمظهر عبر الكلية والتكامل في الديانة الايزيدية . وأنا اعتقد بأن عناية الفنان يحيى الشيخ به تعبير عن طاقته الجنسية ، ووقفته بين البغايا ، إعلان عن قدرة فائقة القوة وهو بذلك متجاور مع الديك في لطلاطة وخليج الملائكة . هذه اللوحة تمثل امتداداً للوحات التشكيلية المعنية بعقائد الجنس المقدس ، وتكاد تكون هذه التشكيلة كلها ، تجربة منفردة ومتميزة في منجز الفنان يحيى الشيخ الفني .
أساطير الزواج الإلهي المقدس منفذة بشكل مختلف ، فيه ابهار ، وإثارة مدهشة وتعلق قلق ولم تضعف هذه المواصفات على الرغم من تكرر لوحات هذه التجربة التي فجرتها علاقة ثقافية متوترة بعد الانتهاء من قراءة كتاب الأستاذ علي الشوك " اقانيم اللغة والاسطورة " ولم يسترح يحيى الشيخ الا بعد الانتهاء من اثنتي عشرة لوحة ، كرست بوضوح حاضر الاحتفاء بالزواج المقدس بوصفها طقساً سومرياً ، له وظائف دينية عديدة ، والخصب ابرز وظائفه الحياتية . وتبدت حضورات ميثولوجية انتقلت لهذه التجربة من فضاء آخر ، واعني به ملحمة جلجامش وتمظهرات أخرى جديدة عرفتها بلدان أوربا ولم تكشف مدونات الفن الشرقي عن حضور لها ، واعني بها فن الغروتيسك وكان استثماره مهماً ومحركاً لمستوى ونوعية العلاقة مع هذه التجربة الرائدة ، والجديدة كلياً في فضاء الفن التشكيلي المتسع والمتنوع كثيراً . وتبدو لي هذه التجربة استجابة سريعة ـ كما قال يحيى الشيخ ـ لكتاب الأستاذ الشوك ، لكنها انفتحت على مرجعيات أخرى ، كان لها حضور حاضر ، حسب مصطلح هايدجر .
لم يكن الطاووس كاشفاً عن غطرسة وخيلاء ، أو كبرياء ، بل هو فيضان طاقة ، شف عنها جسده الرمزي ، المكون من شبكة ألوان ، لها صفة دلالية . تأخذ المتلقي ، عبر معاينة التفاصيل اللونية الكثيرة نحو سحرية . هذا ما اوحت به رواية حجر الصبر لعتيق رحيمي عن ازدواج السحر والدين ، من خلال كتاب مقدس وحضور ريشة الطاووس الرمزي ، وضعت فاصلاً بين الشفاهي ودور الفتاة في الرواية ، لان وظيفتها شهرزادية واعترافيه ، وبين التدوين الذي ستنجزه ريشة الطاووس لاحقاً باعتبارها رمزاً قضيبياً ملوناً ، هكذا تفجرت غرائبيتها بفعل الكائن الدلالي / الرمزي .
في لوحة " مومسات مقدسة " زيت على خشب 40×60 أربع مومسات في الجزء السفلي من اللوحة ، وهو الأكبر ، ومومس واحدة فقط في الجزء العلوي مع ثلاثة قردة . اثنان منهما يرنوان لواحد يعلن تباهيه بذكورته المنتصبة الملقاة على ظهر المومس الجاثية وسط مكان مقدس ، وحتما هو المعبد ، لأن مثل تلك المزاولات لا تكون في مكان غير ديني ، لأنه ـ الجسد ـ يمنح الآخر طاقة هيجان وقوة توتر متصاعد تدريجياً . واستعاد القسم العلوي من اللحظة تجربة الغروتيسك التي اشرنا لها قبلاً وقد درسها باختين في كتابه الموسوعي " أعمال فرانسوا رابليه والثقافة الشعبية في العصر الوسيط وإبان عصر النهضة . في الجزء السفلي من اللوحة ، أربع مومسات ، يعاودن التأكيد على الدلالة الرمزية للعدد أربعة وارتباطاته مع المكان وجهاته وجدرانه ، والعلاقة الخفية مع الإله انكي ورمزه السحري المعروف . والاهم من كل هذه التفاصيل الحضور الأول للعدد أربعة في تجربة يحيى الشيخ والتي ارتحلت معه الى خليج الملائكة ، حيث الدجاجات الأربع ، وفحولة الديك المحافظ على موازنة واستمرار الطاقة بعلاقته الجنسية مع الدجاجات . وتكرار هذا العدد يومئ لأصل مبكر في ذاكرة العائلة ومرويات الخصوبة الكثيرة والمتكررة عند ضفة النهر ، حيث كانت ولادة الذكر الأول في العائلة وسط أربع بنات . ويلاحظ دور العدد أربعة وما ينطوي عليه من رمزيات كثيرة في الثقافة والفكر العربي والإسلامي والتي صعدت له من حضارات سومر وأكد وهي تعلن عن تجددات حضورها الروحي في تجربة مبدع قاوم عبرها قسوة المنفى وظل مستحضراً ما يجعل من الروح قوية ومقاومة الانهيارات التي تركض وراء المنفى دائماً ، من هنا كان يحيى الشيخ يرمم بما هو ثمين فراغ لوحاته ، ويعيد بناء الروح الخفية . الطاووس في هذه اللوحة الفحل الموازي لديك لطلاطة والملائكة ، قبل أن يذهب ويجده هناك . وستظل وقفة الطاووس مماثلة لرقصة صامته ، بعد فوز بمعاينة الأجساد الأنثوية الأربع .
لقد أعلن هذا الفحل المتباهي بوفرة الجسد ، عن ديمومة حضور طقس الإلهة أنانا / عشتار . وهو طقس متنوع انفتح على عديد من الرموز ، اعتقد بأنها تحتاج منا عودة للحفر عن ذاكرة الاسطورة وعقائد وطقوس الفاعل الديني والميثولوجيا المتسعة ، انها تجربة جديدة ، جاءت لنا مثقلة بالمعرفة والثقافة . وهذا ما تمظهر عن اثنتي عشرة لوحة وهي كافية لكي نستمر لاحقاً بالقول عنها وتعريف الآخر بها.

شعار الصابئة المندائيين ورمزهم الديني هو (درافشا آد يهيا يُهانا) والعبارة تعني - راية يوحنا المعمدان - ، ودرج الصابئة على تسميته في لهجتهم العامية (درفش) ، والدرفش (راية النور او راية السلام) كما يسمى ايضا في كتب الصابئة ، يرمز الى عالم النور (آلما دنهورا) ، كما يرمز الى شجرة الحياة .. وهو اليوم يرمز الى ديانة الصابئة المندائيين والى المؤمنين بهذه الديانة . حيث تذكر الكتب الروحية للصابئة ان الملاك هيبل زيوا اعطى راية السلام (درافشا) الى آدم الخفي (وهو ليس آدم الأنسان الأول) وان ادم هذا سلمه الى المندائيين ليكون رمزا لهم .

الدرافشا تتألف من غصنين متقاطعين على هيئة علامة زائد ، يؤخذان من اغصان شجرة مثمرة ، او من نبات (القِنّا) الشبيه بالقصب ، تُربط القطعتان الى بعضهما من منطقة تقاطعهما بواسطة حبل ابيض ، ويوضع عليهما رداء من الحرير الابيض منسوج يدويا ، يوضع الرداء بطريقة خاصة وثابتة يجيدها رجال الدين ولهذا الرداء أبعاد مُحدده وينتهي من احد جوانبه بمجموعة من الشراشيب ، كما توضع في اعلى الدرافشا على منطقة تقاطع الخشبتين سبعة اعواد (اغصان) من نبات الآس ، وهو من النباتات المباركة لدى الصابئة ، وليس للدرافشا ارتفاع أو مقاس محدد والمهم في الامر هو رمزيته وليس حجمه .

ان الرداء الأبيض الذي يعلو الدرافشا يُنسج يدويا من خيوط الحرير وفق حساب خاص ويراعى في صنعه وضع فتحات كبيرة نسبيا يمكن للضوء النفاذ من خلالها ، ونفاذ الضوء من هذه الفتحات له دلالات رمزية ، فهذا الضوء الذي يأتي من عالم النور (آلما دنهورا) يمر من خلال هذه الراية البيضاء ليسقط على ابناء النور من الصابئة المتعمدين بالماء فيمتلأون استنارة وبركة }هؤلاء هم المختارون الصادقون الذين يذهبون الى اليردنا وبضوئك الخاص يستنيرون انت تحرسهم وتقومهم وترفع صباغتهم الى العلياء{ ، ولهذا السبب يطلق على الدرافشا عبارة - راية النور او العلم المضئ - .

اما الحبل الذي يربط قطعتي الصليب الى بعضهما فتتصل به قطعة صغيرة من الذهب على هيئة حلقة تجمع طرفي الحبل الى بعضهما . وترمز اغصان الآس السبعة التي تعلو الدرافشا الى عدد ايام الاسبوع ، فكل يوم من ايام الأسبوع له ملاك خاص به ، والاغصان الخضراء السبعة المعطرة باريج الآس تمثل الملائكة السبعة هذه . والرقم سبعة مهم في هذه الديانة ويتكرر ذكره كثيرا في ادبهم الروحي ، اذ تُذكر باستمرار عبارات مثل الملائكة السبعة ، الكواكب السبعة ، الارواح السبعة، الايام السبعة ... الخ ، ولهذا الرقم دلالات عددية ودينية .

يتم احضار الدرافشا ونصبها عند القيام باجراء الطقوس الكبرى ، وينبغي لكل رجل دين ان يمتلك درافشا خاصة به . يستخدم هذا الرمز الديني على وجه الخصوص في مراسم التعميد ، اذ يُثبّت عند حافة النهر او قريبا منها وفي مواجهة الشمال . وهنالك نص ديني (بوثة) خاصة بالدرافشا يتم ترديدها باللغة المندائية من قبل الشخص المتعمد اثناء المعمودية بعد ان يمسك قائمة هذا العلم من جزئها الاعلى ثم من الاسفل وبيده اليمنى }وقف المختارون الصادقون على ارجلهم ومسكوك بيمينهم وذهبوا حيث اليردنا الماء الحي{ .
الكتب الدينية للصابئة تذكر ان هنالك ملاك خاص للسلام يُدعى ملاك السلام الكبير (شيشلام ربا) وراية هذا الملاك هي راية السلام البيضاء (الدرافشا) التي حملها يوحنا المعمدان فيما بعد وسميت باسمه .
هنالك سبعة تراتيل ينبغي على رجل الدين ترديدها عند قيامه بنصب الدرفش على ضفة النهر ، هذه نصوصها :
{باسم الحي العظيم ، حالما اشرق الضوء من الأرض البيضاء ، آرسفان الفتى الشاب ابن الضياء ، نصب الدرفش الذي نشر الضوء العظيم ، فأستنار الاثريون والمساكن . لقد استناروا بضوء الدرفش مثلما استناروا بالضوء العظيم في بيت الحي العظيم}
وجاء في الترتيل الآخر {في اليوم الذي فيه نصب (ششلام ربا) الدرفش ، تشكلت على اعمدته ثلاث مئة وستون عينا من الضوء والنور والوقار} ، اما الترتيل التالي فيوضح مكانة الدرفش واهميته بالنسبة لعوالم النور :
{في اليوم الذي نصب فيه درفش ششلام ربا ، شع ضوؤه على ثلاث مئة وستين عالما من عوالم النور } ، وهذا ترتيل آخر :
{في اليوم الذي نصب بهرام ربا درفش ششلام ربا ، شع ضوؤه على الماء ، ضوؤه شع على الماء فنبع الضوء من الماء ، نبع الضوء من الماء واشرق على العوالم ، حالما شاهدت العوالم والملائكة ضوء درفش ششلام كلهم قربه تجمعوا وتباركوا ببركة درفش ششلام ربا وقالوا له: مبارك انت يادرفش ششلام مبارك الرجل الذي نصبك اذ وهبك الكثير من الضوء ، ووهبك التاج النفيس والآسة التي تعززك .. الاثريون واليرادن بضوئك يرفلون وبعطرك يبتهج الاثريون من البداية حتى النهاية}
وبعد قراءة التراتيل السابقة يقبّل المتعمد الدرفش ويقول :
(الحق يطهرك ياتاجي ، الحق يطهرك ياعمامتي .. الحق يطهرك ايها النور .. الحق يطهركم ويقومكم جميعا )
ثم يمسك رجل الدين الدرافشا ويذهب بها الى ضفة النهر وهو يردد النص التالي :
{وقف المختارون الصادقون على ارجلهم ومسكوك بيمينهم وذهبوا حيث اليردنا الماء الحي ، وثبتوك ليشع ضوؤك على اليردنا ، الماء وضوؤك متحدان مع بعضهم البعض ، الماء وضوؤك مع بعضهم البعض متحدان ولشلماي وندباي مسخران ، هؤلاء هم المختارون الصادقون الذين يذهبون الى اليردنا وبضوئك الخاص يستنيرون انت تحرسهم وتقومهم وترفع صباغتهم الى العلياء .. والحي المزكي}

وقبل تثبيت الدرافشا يقرأ رجل الدين النص الاخير :
{ياور أخذ درفش ششلام ربا الذي تفاخرت به العوالم والاجيال وذهب الى ضفة اليردنا برياويس ، برياويس اليردنا عندما شاهد ضوء درفش زاهرون ، فرح فرحا عظيما من البداية الى النهاية}

يتم نصب الدرافشا في معظم المناسبات وخصوصا في طقس التعميد (الصباغة) ، وذلك من اجل اتحاد ضياء الدرافشا مع ضياء المياه الجارية (اليردنا). الا ان هذه الراية لاتنصب في عيد (دهفا آد يمانا) ، ففي مساء يوم (دهفا آد يمانا) وهو عيد التعميد ، تُلف الدرافشا وتوضع داخل صندوق وذلك لأن اليوم التالي يكون (مبطل ثقيل) وهي حالة احترازية ، لأن الماء الجاري قد يتعرض للتدنيس من قبل عالم الظلام الذي ينشط بعد كل مناسبة عظيمة للنور .

الثلاثاء, 22 آذار/مارس 2016 22:39

تكريم الشخصيات المندائية في هولندا


بشميهون آدهيي ربي
اهلنا المندائيون الكرام اجمل واطيب تحية
. بمناسبة عيد الخليقة البرونايا العظيم نتقدم لكم بأحر التهاني واجمل التبريكات
.داعين لكم من الهيي بان يعيدة عليكم وعلينا بالصحة الجيدة والصوم المقبول
يشارك كل من المجلس المندائي والجمعية الثقافية
والنادي الثقافي المندائي في دنهاخ/هولندا
باقامة برخانا ودخرانا لهذه السنة في مقر النادي الثقافي
في مدينة دنهاخ
2015-03-18
فتحت ابواب القاعة اعتبارا من الساعة 18:30السادسة والنصف عصرا
كما تمت دعوتنا انا( جمال عبد الجبار والاخت انتفاضة مريرش ) من مكتب سكرتارية الاتحاد لتوزيع هدايا الاتحاد التي اعلن عنها سابقاً في احدى رسائله
على الشخصيات المندائية التي تميزت في عطائها وخدمتها للمندائية .
كان حضورا متميزا من ابناء الطائفة وقد بدأت الاحتفالية بكلمة ترحيب من قبل رئيس النادي الاستاذ مهند بدر ثم قدم الترميذا رافد ليبدا بمحاضرته الدينية والتي شرح فيها عن فهم الدين وقراءته بشكل عقلاني وعدم الانجرار وراء الخرافات والروايات المنقوله ويجب ان نفرق بين العادات المكتسبة عبر التاريخ وما هو موجود في كتبنا المقدسة كما اكد على اهمية الترجمة الصحيحة لما هو موجود في كتبنا
ثم تلتها فقرة تكريم الشخصيات المندائية وقد قام كل من الاخوة رؤساء النوادي في دنهاخ (مهند بدر-سمير السام) واعضاء مكتب السكرتارية انتفاضة مريوش وجمال عبد الجبار بالقاء كلمات ارتجالية ومكتوبة مهنئين المكرمين مجددين العهد والعزم على بذل المزيد من العطاء لخدمة اهلهم في مختلف المجالات ومن الاسماء التي كرمت:
-----------
الربي رافد عبد الله
الترميذا حامد غريب
ميسون سيف
سالار مهند بدر
سمير السام
مهند بدر
قاسم العثماني
عبد الرحيم خير الله
نجم عبد الله
عبد الرحيم سبتي
جمال عبد الجبار فندي
احسان ناجض
فوزي الماجدي
اياد السبتي
رافد ناصر المهنا
اكرم عسكر
وكان بعض الاخوة غير حاضرين استلمت هديتهم بالنيابة.
كما وتعهد ممثلوا الاتحاد بان هذا التكريم سوف لن يكون الاخير وهو استحقاق للمكرمين المتطوعين
ثم استمر برنامج اللقاء بالصلاة الجماعية ومراسيم الذكرانا والبرخانا وختم اللقاء بتعهد من الربي رافد ان نحافظ على مندائيتنا والممثل الشرعي للمؤسسات المدنية في المهجر والمتمثل باتحاد الجمعيات في بلاد المهجر
وتخلل اللقاء تناول وجبة طعام خفيف قدمها النادي مع خبز وماء احضرهما معه الربي رافد
وفي الختام تم قراءة دعاء حفظ المندائيين وتقديم الشكر للحي على نعمته التي انعم بها علينا

بأحتفال مهيب اقامته الجمعية المندائية في ستوكهولم أحتفاءً بذكرى فقيد العراق المناضل
، الفنان والمؤرخ الوطني الجليل عزيز سباهي وذلك مساء السبت التاسع عشر من
آذار وبحضور نوعي وكمي كبير من منظمات المجتمع المدني العراقية والمندائية حيث
إكتض المكان المخصص للاحتفالية مما تطلب منا تجيهيز مقاعد اضافية على عجل
لتتسع الحضور ، وعند الساعة السابعة مساءً أبتدأ عريف الحفل الاستاذ صلاح جبار عوفي الاحتفالية
مرحباً بالحضور وموضحاً وجود نشاطين الاول الأحتفاء بفقيد الحركة
الوطنية العراقية وفقيد طائفة الصابئة المندائيين والنشاط الاخر
مخصص لتكريم الرعيل الاول من (معلمين ، مدرسين وأساتذة جامعيين ) ممن بلغوا سن الثمانين فأكثر تقديراً من طائفتنا لهذه النخبة اللامعة من ابنائها .
ثم تناوبت عريفة الحفل الثانيه الشاعرة ثناء السام داعية الحضور للوقوف دقيقة حداد على روح
الفقيد وأرواح شهداء الحركة الوطنية العراقية بعدها دُعي الاستاذ فاضل ناهي لألقاء كلمة
الهيئة الادارية للجمعية ، الذي أكد فيها على استمرار نهج الجمعية بأحياء ذكرى الكتاب
الأدباء ، والفنانين والمبدعين العراقيين والمندائيين كما شكر الحضور منظمات وافراد دعم
جمعيتنا ،ثم عرج على فقيد العراق قائلاً انه قامة عراقية قلّ نظيرها بالعطاء والانجاز نذر
سبعين عاماً من حياته للنضال من أجل وطن حرٌ وشعب سعيد ينعم بالعدالة الاجتماعية .
بعدها قُرأت برقية نعي الاستاذ فؤاد معصوم رئيس الجمهورية العراقية ونعي اللجنة
المركزية للحزب الشيوعي العراقي ثم عُرض فلم وثائقي يتحدث عن اهم محطات الراحل عزيز سباهي من أعداد وإخراج الاستاذ
عدي حزام عيّال وانتاج الجمعية المندائية في ستوكهولم ، بعدها دُعيَّ الباحث الاقتصادي
ورئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
الدكتور صالح ياسر متحدثاً عن مسيرة الفقيد النضالية (( كان ابو سعد إنموذجاً للمناضل
الذي كرس كل طاقاته لخدمة قضايا النضال الوطني والديمقراطي والحزبي ، وتحمله كل ما
يتطلب ذلك من تضحيات وسجون وتعذيب وإختفاء وغربة فقد بلغ مجموع سنوات سجنه
وابعاده سبعة عشر عاماً ، قضى بعضاً منها في سجن (نقرة السلمان ) الرهيب ، كذلك اعتقاله
في شباط 1961 واستمر معتقلاً حتى داهمه انقلاب 8 شباط وهو في السجن ليتعرض بعدها
للتعذيب على ايدي جلاوزة هذا النقلاب وحرسهم اللاقومي المسعور واستمر اعتقاله لاحقاً
لعدة سنوات ليطلق سراحه بعد نكسة حزيران 1967 ، ويعاود نشاطه السياسي والثقافي
طيلة السبعينات ). بعده القيت كلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي ( كفاح محمد الذهبي) بعدها قدم
الدكتور صلاح السام قصيدة بعنوان " يادار أهلي" قال فيها مقدماً ( يبو سعود الوطن يرثيك
عزيز الاهل يسباهي
أرشيف الحزب بو سعود...حزبك بيك متباهي) بعدها كانت كلمة لجمعية زيوا المندائية تحدث
فيها الاستاذ المهندس سلام غريب ، ثم جاء دور الباحث والكاتب الدكتور عقيل الناصري
ليتحدث عن محطات في ذكرى الفقيد في الجزائر ، حيث عملا سوياً
بعدها جاء دور الشخصية التقدمية
المعروفة سعدي جبار مكلف (( المقيم في إستراليا )) خص احتفاليتنا بقصيدة شعبية القاها
الاستاذ صلاح جبار عوفي " ما أرثي عزيز ، الموت يخسه الموت ... منهو الجفنه ومنهو الحمل تابوت " . ( اصول الصابئة المندائيين) .. واحد من مؤلفات الباحث عزيز سباهي ..
وهو من اهم المؤلفات التي صدرت عن المندائية .. قدم الاستاذ فوزي صبار قراءات عن الكتاب .
حينما تتحدث عائلة الفقيدعن عَلمٍ من أعلامها ، اويتحدث الشقيق عن شقيقه ، الذي قاسمه
الفقر والمعانات والاضطهاد والملاحقات ، فبالتأكيد للكلمات طعم أخر ، قدم الاستاذ المهندس
والباحث المعروف عبد الإله سباهي أبو صبحي (الضيف العزيز القادم من الدنمارك هو
وزوجته الكريمة السيدة كوثر الشيخ ) متحدثاً عن محطات من حياة الفقيد ، ومسيرته
النضالية الطويلة التي أمتدت لسبعون عام ، كرستها عائلة سباهي والفقيد لخدمة قضية
الشعب العراقي ، ثم نقلنا لذكريات ووقفات مشرفة للفقيد ، تحدث والعبرات لاتفارقه ، انه
تاريخ ثري للفقيد والعائلة ككل . بعد حديث الذكريات ، جاء دور الاستاذ المهندس يحيى
الشيخ فرج أبو أدم ، ليلقي كلمة أسرة الفقيد ، كلمات من ذهب ، سطّرها ولده زياد وفاءً
لوالده الراحل واصفاً كلام الفقيد قبل أيام من يوم الرحيل . ثم قدمنا قصيدة للأستاذ المهندس
فهيم عيسى السليم فديوية خصها لحفلنا هذا . وأقتربت ساعات الختام حيث ختمها الاستاذ
صلاح جبار عوفي بالكلمات ((هنيئاً لك فقيدنا الراحل عزيز سباهي ، بهذا التاريخ المُشرّف
، الذي لايمكن أختصاره بساعتين ، فهو تاريخ طويل ، أزدحم بالكثير من المنجزات
النضالية والفكرية والثقافية والاجتماعية ، وحتى المندائية في البحث والتأليف ، فكلها
جعلت منك علماً عراقياً بأستحقاق ، علم تجانست الوانهُ ، الوطنية والانسانية والمندائية ،
الفكرية والفنية ، بلون واحد جميل ، أسمه عزيز سباهي .. وهنا يكمن سر إعتزاز من تعرّف
عليك ، أو من رافقك مسيرتك الوطنية ، او عمل معك ، او تعرف عليك وصادقك .. أما
الاعتزاز المتميز لابناء طائفتك بك ،فلأنك أعطيت الهويتين ، هويتك الوطنية الانسانية وهويتك المندائية ، لتؤكد بذلك ، أن الشيوعي ، هو أول من يهتم ، ويحافظ على تقاليد وتراث شعبه بكل أطيافه وألوانه .
فنكرر ، هنيئاً لك أيها الرجل الكبير يا ( صاحب المواهب المتعددة ) ، ايتها القامة العراقية
الشامخة ، فأنك لن تمت ، وستبقى خالداً ، والخالدون أحياء مدى الدهر))

 

الأربعاء, 16 آذار/مارس 2016 22:24

أرض النسيان

كل يوم
ازور ارضا
ما وُطئت قبلي
ذكرياتها النسيان
وفي البحور ابني
مدنا
فنارها الاحلام
واهجر الشطآن
والرياح
سألتها ان تعصف
بغابات حزني
لتئن جذور نفسي
فيؤنسني صداها
بكل حين وآن
والسماء
طلبت منها
ان تحتوي دموعي
غيوما
تمطرها حرقة
تكوي دواخلي
فتغسل الاحزان
والقلب
طويت اشرعة امله
وواريته خلف ركام
الايام
فانتفض جامحا
ما آن رحيلي
لملمي اشلائي
كي انبض من جديد
قدري
ان اثبت بأرض
المعاناة
فمنها يولد الانسان

نشرت في شعر
الثلاثاء, 15 آذار/مارس 2016 22:20

الأيام الخمسة البيضاء ( البارونايا )

تمرُّ علينا كالربيع وفي كل عام مناسبةً مباركةً ألا وهي إشراقة (البارونايا) بأيامها النورانية الخمس وهي ذكرى خلق عوالم النور (آلمي دنهورا) وتجلّي عظمة الخالق (م.أ) وأنواره على خلقهِ (بداية الخليقة العلوية أو السماوية)، وهي نورٌ لا يشاطره ظلام ، ونهارٌ لا يقاسمه ليل، ولذلك تجدُنا نصلي في هذه الايام الخمسة صلاة الصباح (قوم قوم بهيري زدقا...الخ) في كل أوقات اليوم، ونُحييّ بعضنا البعض بـ (صباح طابا) ولو كان ليلاً ،ابتهاجا ً بالنورالذي تجلّى على العوالم في هذه الايام النورانية الخمسة.
تتكون السنة المندائية من 360 يوماً (12 شهراً، في كل شهر 30 يوماً مقسمة بالتساوي)، يضاف لها خمسة أيامٍ كبيسة، وهي أيامُ البارونايا المباركة. ولا تحسبُ هذه الايام ضمن ما قبلها أو ما بعدها من الاشهر. وتجدها في التقويم المندائي منفردة وكأنها الشهر الثالث عشر من التقويم، ولكنها في الحقيقة إنها صباحَ يوم واحد بخمسة ايام غير محسوبة بحساب زمننا وتقويمنا الارضي. وأعتقد- كما سنوضح لاحقاً- بأن البرونايا هي بداية التقويم أو الحساب الزمني لعوالم النور. ولأن العيد الكبير (الكرصة) يمثل بداية تقويمنا المندائي، والذي يبدأ بذكرى خلق عالمنا الارضي وبداية لحساب عمره وزمنهِ، والذي يأتي بعد البارونايا، فأن هذا يفسُر سببَ وجود خمس ايام باطلة (مبطلات ثقيلة) قبل الايام النورانية الخمسة، رغم إن النور من الظلام اقدم، وهي في الحقيقة تكون في نهاية السنة النورانية (لو صح التعبير مجازاً) ولكنها جاءتْ قبلها بسبب دورة التقويم، تماماً كمفارقة كانون الثاني الذي يسبق كانون الاول في التقويم الميلادي ولكنه في الحقيقة يتبعهُ لو بدأنا الحساب من شهر كانون الاول.
ولكوننا أبناء النور، والنور هو منبعُ عقيدتنا المندائية فأنًّ هذه المناسبة تعتبرُ أقدسُ مناسبة دينية. وعملية الخلق موضحة في كنزنا العظيم الأسرار (ﮔــنزاربّا)/ القسم الأيمن/ سِفرُ الخليقة ، وفيه يتحدثهذا السِفرُ المجيد متفرداً سارداً أسرارَ البداية ، بأنَ ما يشبه الإنفجار العظيم جعلَ العالم ينبثقُ ويتوسعٌ من الثمرة الأولى :

 

﴿ بأسم الحي العظيم..الأغنى والأسمى،
هذا هو السّرُّ..
هو الكتابُ الأولُ لتعاليم الحي الأزلي
الذي لا بداية له.
الثمر داخل الثمر. والاثير داخل الاثير﴾

كما تقرأون فأن الحيّ أزلي سرمدي لابداية له ، هو الخالقُ ،والخليقة النورانية التي بدأتْ هنا هي عوالم النور السامية (آلمي دنهورا)، والتي بدأتْ كأنها ثمرة واحدة أو كيان متوهجُ واحد ، وحين بدأتْ تنبضُ بالحياة، بدأ توسعها العظيم وانفجارها في السديم ، لتتولدَ منها الحياة والعوالم:

 

﴿ ثمارٌ لا حدود لها ، وربواتٌ لا عدد لها،
طلعتْ من الثمر العظيم الذي لا حدَّ لهُ،
مسبّحةٌ للوعاء العظيمِ ذي الوقار،
الحالُ بالأثير العظيم﴾

ومِن هذا التوسع المُنقطعُ النظير كان (أثير الضياء العظيم) ومن الضياء (زيوا) كانتْ (الحرارةُ الحيّة)، ومن الحرارة الحية كان النور ( نهورا ):

 

﴿ وبأمر ملك النور العظيم ذي الوقار
حلَّ الثمرُ داخل الثمرِ العظيم..
وبأمرهِ سبحانَهُ
كان أثير الضياءِ العظيم
ومن الحرارة الحيَّة كان النّور﴾

فكان:
اليوم الأول : إنبثاقُ وتجلّى عظمةُ (ربا إيلايا) وهي صفة القدم الأزلية السامية التي يتفرد بها الحي العظيم (م.أ).
اليوم الثاني : تتجلّى عظمتهُ في المكان فيكون (مارا دَربوثة إيليثا) وهي صفة العظمة والسيادة الأبدية التي يتفرد بها الحي العظيم (م.أ) .
لاحظ إنّ في اليومين الاول والثاني كان الأنبثاق والتجلي ، أي صار الانتشار في المكان وبداية الحدث والفعل والزمن. إنّها الكينونة الأولى، والتي تتمثل في الضياء (زيوا) العظيم الذي حلّ بالاثير العظيم، لتتكون الحرارة الحية، والتي منها كان النور.
اليوم الثالث: تجسّدتْ المندائية (والمندائية = المعرفة أو العلم) بأعظم صفة للخالق (المعرفة المطلقة)، وذلك بخلق المانا (والمانا صفةٌ او درجة أعظمُ من الاٌثري والملاك) الكبير المُبارك (مندادهيي) ، فكانت المعرفة رأسَ صفات الخالق وتاجاً لمختاريه، والاسم الذي تسمى به رسالة النور (المندائية) .
اليوم الرابع : تتجلّى عظمة مثيل العهد أو الحق (دموث كُشطا) ، اي تجلّي صفتيّ المثيل (الدموثا) والعهد أوالحق (الكوشطا)، والكوشطا صفة من صفات الحي العظيم(م.أ).
اليوم الخامس: يتجسدُ اليوم الخامس باكتمال العالم السماوي الأول السامي، حيث أنبثقَ (يردنا ربّا) السماوي والذي هو أصل الحياة في عوالم النور ومنه انبثقَتْ (الحياة العظمى) :

﴿ وإذ صارَ يردنا العظيم،
صار الماءُ الحيّ..الماء المتألق ُ البهيج.
ومن الماء صارتْ الحياة ، نحنُ الحياةُ صِرنا،
ثم صار الأثريون﴾

والحياة العظمى تتحدث في نصوص الكنزا ربّة مع مندادهيي (م.أ) وكأنها المتحدث بأسم الحي وقدرته ، رغم إنها مخلوقة منه ولكنها عظيمة وواسعة بلا حدود، لأنها تمثل نظيراً أو مثيلاً (دموثا) لإتساعهِ وصفة لتجلّيه ،كما إنّها نقطة بداية وولادة أوانبثاق العوالم تباعاً، الاولُ فالثاني فالثالث فالرابع والمُتمثلُ في عالمنا السفلي :

﴿ من يردنا العظيم بدأتْ الحياة،
وقوّمت نفسها مثيلاً لمانا العظيم الذي منهُ انبثقَتْ﴾

ومن أهم المراسيم التي تُجرى في هذه المناسبة طقس الصباغة (المصبتّا)، والذي نجدد فيه العهد (الكوشطا)، ونُعاهد أنفسنا أن نبدأ دارة جديدة وحياة متجددة مليئة بالمحبة والتسامح مع بعضنا البعض. وكذلك يُرفعُ فيها طقس الرحمة والاتحاد بعالم الانوار (اللوفاني) أو (الذخرانا) لنفوسِ أحبتنا وذوينا الذين فارقوا عالمنا، داعيين لهم ولنا بغفران الخطايا والذنوب. كذلك يقامُ في تلك الايام المباركة طقسُ (القماشي) و تكريز بيت الطين (الشخنثا) لأقامة طقس المسقثا.
وفي هذا الصباح الواحد الممتد لخمسة أيام نلتزمُ بواجب الصوم الكبير عن كلّ أثمٍ يشين النفس الأنسانية ويخدش قدسيتها. كما ويجب علينا الابتعاد عن كل ممارساتنا المادية وكأننا نحاول أن نعودَ بفطرتنا لولادتنا النورانية الأولى، ونعيشَ بنقاءِ الملائكة والإثريين، لذا تجدنا نغسل (نطمش) الاطعمة ونهيئها ضمن الطقوس المندائية، ونرتدي الرستة في أغلب الاوقات، ونتجنبُ المعاشرة الزوجية خلال هذه الايام النقية.
كما ويجبُ على الفرد المندائي منح الصدقة المباركة الى الفقراء والمحتاجين، وإن نسددَ ما بذمننا من ديون، وأن نصلَ الارحام، ونصعدَ على فراش المريض، ونكثر من القراءة المندائية والمعرفة والبراخة والدعاء.
إنّها أيام الرحمة والرجاء والأبتهال والصوم والصدقة والعمل الصالح والأبتعاد عن كل ما يسيئ للنفس البشرية، فلا تضيعوها.. إنّها الايام الأجمل، فأجعلوا نفوسكم تتحد بأنوار موطنها النوراني، وهيئوا الطريق لكم ولأبنائكم وبناتكم وكل محبيكم لكي تحتفلوا بها كما يجب.
وكل برونايا وأنتم ترفلون بالحق والايمان..