• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 17:36

آه يابلادي

أرواحنا ..أجسادنا..تباع بالمزاد

أيا عراق العز.... أين الانتهاء

وأي ألوانٍ...بيوم عرسنا

تبدل بالحداد

ننشد لليوم الذي كالحلم يخطر

ثم نصحوا لنرى....

نخيلنا..وأرضنا..وزرعنا....

تحولت رماد

قد خيّم الخوف على أطفالنا 

قد خيم الحزن على نساءنا

ننتظر الصبح .....

نلاقي يأسنا....

يسابق الصباح

ينبؤنا..بانفجارٍ..بدمٍ

على يد الاوغاد

فننزف الدماء

ويبدأ العزاء

وتُفرش الارصفة الحزينه

بالجثث البريئة المسكينه

فهكذا جلادنا أراد

ونذرف الدموع

ونشعل الشموع

ونوقد المباخر المعطره

نسمع في أعماقنا

دعوى من الاجداد`

بلادُنا تُباح

فلتعطف السماء

يبتهلون ساعةً

ويهتفون ساعةً 

سلامه يابلاد

نشرت في شعر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 13:31

الوطن لو رديت

غفا حب الوطن بجفوني واسترخيت

وفززتني اليوم زخات المطر وردود أنا اشتاكَيت

أهيس بالكَلب رفه تكَول عراق الك حنيت

مرهم يالوطن فيّك يداوي جروحي لو ونّيت

أخذني بعيد فيّك للنخل

للهور... للنهران

شاغت روحي يحبيّب...جمر وجيت

 

خذت روحي شمرتهه بديرة الينسون

ردت أغسل بكَايا الروح من ذكراك

خضّر من جديد النوب حبك..وآنه ابد مانسيت

 

صرت بسماك نجمة شوك..وسوالف عشك وديت

بيمن ملتهي حبيّب يابيب العين كَلي شعجب مارديت

كَالوا دمعتك تجوي الظلوع أنهار

وكَالوا كلهم أبطالك غدوا طشار

وكَالوا تسبح بدمك صغار كبار

حسافه يالوطن جا وينك أنت غفيت؟

 

موجانت زلم تصهل شكَرها تعود؟

مو جانت عيون الزلم جالبارود؟

مو جان الفرات ودجله بيك يزود؟

تالي يالوطن حدر النذل نخّيت؟

درفع راسك بعالي السما وزامط

وابد لاتنحني وزلامك مخايط

كل مخيط يمزك عين دوله ويحرس اهوه البيت

 

يناديك الكَصب والبردي ..عمر ادلال

لاتنجفي دلالك..بيد حفنه انذال

يرد اردود مايك والنخل حمّال

ويركَص هورك وينتعش لو غنيت

 

دسرع ياوطن داوي الجرح ويطيب

أملنا يكبر بزودك...... أبد ميخيب

ونطك بسماك هلهوله.. لون رديت

 

نشرت في شعر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 13:11

وعاد منتصرا , مِحكَان المِهوال

المهاويل وقت الحرب أصناف ثلاث, أولها ذلك الذي يشعل الفتيل قبل أوانها بما يسوغ اضطرامها, ويشحذ النفوس كي تتهيَّأ لحمل ما بأيديها من سلاح, يزين الباطل حقا, ويقلب الحق على العكس؛ فيحشد من ذلك الوقود لنار آكلة بانتظار أن تحرق الجذر والبذر, وحتما ذلك الوقود هم المساكين؛ إما لأنهم ضعفاء, أو لكونهم جهلاء .

 

والصنف الثاني هم الطبالون, نافخو أبواقها, حين يشتد أوارها, ويُحمى الوطيس, فتُنزَف الحمراء, وُتذرَف السواخن, فتُنفخ الكروش, الأرض تفغر فاها تلتهم الضيوف, وفي ليلة عرسها تنام مع الوسادة فاتنة الحي, حوراء, على أنقاضها يغني أغاني النصر, أوالفوز المزعوم هذا الصنف من المهاويل .

 

أما الثالث فهم رافعوا رايات النصر, إن كان هناك ما يسمى النصر, إذ لا أظن أن ما بعد الحرب منتصر قط, وإن لحقت الهزيمة القوم فهؤلاء هم مَن يختلق الأعذار, ويسعى جاهدا لتمرير أن الجولة التي ستأتي سوف يكون حليفها النصر, وسلاح المهاويل بكل أصنافه نفس السلاح, ذلاقة اللسان, سرعة البديهة, مقدرة عالية على التوظيف في العبارات, وهي موهبة فائقة في الضحك على الذقون .

 

أي صنف من هؤلاء أنتَ, يا { مِحكّان } ؟ تلفت حوله كي يطمئن أن لا أحد يصغي إلى حواره الذاتي مع النفس, وهو يعلم الجواب تمام العلم : كلهم - يا محكّان - أنا, فأنا الذي يُضرمها, وأنا أذكيها, والذي يغني على أنقاضها أنا, أنا مَن يواسي أراملها, أخبطها أنا ثم أشرب بعد ذلك صافيها .

 

تفقد صفَّي الرصاص المتقاطعَين على صدره, الشواجير المرصوفة بالتعاقب حول الحزام النسيجي, مسدس مُرَصِّع الغلاف بالنجوم, حربة تتدلى ملامسة عجيزته, علَّق أطراف ثوبه على الجانبين, فأفصح عن سروال من النوع الذي يرتديه علية القوم, لابد أنه بعض مما جاد به الشيخ إكراما لذلك النوع الفريد من { رقص الحروب } الذي لم ينافسه في أدائه ابن أنثى في القبيلة قط حين تحلق الرجال يضربون الأرض بأقدام كأنها طين عام بلا غيث, يقطع الحشد طولا بعرض, يُنشد الأهازيج, يلهب الحماس في النفوس, وعند الترنيمة يقفز عاليا في الجو كأنه البهلوان, يقذف المسدس في الهواء عاليا ثم يلتقطه بإتقان كي يثير إعجاب نساء القبيلة اللائي حضرن هازجات يودِّعنَ المقاتلين, ملهبات الحماس, يستبدل شاجورا فارغا بآخر ملآن, غير مبال بأن الظروف الفارغة قد داستها؛ فأوجعتها الأقدام .

 

راية القبيلة تعني الكرامة فلا يحملها إلا فارس القوم؛ فإن سقطت لحق الفزع المقاتلين, وما من مصير لهم سوى أن يولوا الأدبار هاربين, أو مأسورين, هذا إذا لم يكن نصيبهم من الأعداء الموت, وهل من فارس أهل لحملها, شامخا بها, غير { مِحكّان } المهوال, لقد أثنى عليه, باركه شيخ القبيلة, حمَّله الأمانة بأن لا يبادر مقاتل بإطلاق النار على العدو حتى تأتي الإشارة من مسدسه؛ فيُحكَم الفخ , لا ترحموا أحدا, لا أسر للمستسلمين, واغنموا من أنعامهم ما تشاؤون, ومن نسائهم ما تستطيبون, وعليَّ ببنت شيخهم, تلك التي توهمت أنها في برجها العاجي لن تطالها قبضة { اللقيط } أرأيتم حربا شعواء على مر الزمان إلا وأشعلها اللقطاء ؟

 

المقاتلون تمترسوا في الزوارق بين أكوام القصب المتشابك, والبردي, خافضين رؤوسهم, تكاد تسمع دقات قلوبهم عن بعد, كلٌّ يُمني نفسه بما سوف يغنم من تلك الحرب, وقد يُمسي تاجرا عزيز الجاه,يستبدل على هواه الزوجات بما لا يُخرجه عن حد الشرع, وفي حال مال قلبه لأكثر ففي الدين ملاذات ومخارج لذلك كثر, غنائم الحرب ليست بحرام, هكذا قال { الملا أبو حصان } لا سيما أن بلعومه سوف يُدهن ببعض مما يعود بهم الغانمون, أصابعهم على الأزندة بانتظار طلقة البدء من حامل الراية, الفارس المغوار, شجاع عصره, مِحكّان .

 

الرجال محاصرون من كل جانب, وكيف يبقى ليثا حين يُحاط غيلُهُ الليث, الكثرة تأخذ أشجع الشجعان, على رأس الواحد منهم ثلاثة أو أكثر من الخصوم, مَن لم يُقتل بالرصاص كان نصيبه قطع الوريد, أو التمثيل به وهو حي, فالثأر ثأر, ولا أخلاق في الحرب, القاتل لا يقطع الوقت كي يراجع نفسه أباطلا أم عدلا كانت تلك الحرب ؟ ألا لعنة الله, والكائنات جميعا على كل حرب, باللسان كانت, أم بالسيف .

 

تنادت على عجل قطعان الغربان مبشرة بعضها بصيد غزير, جثث تطفو على مياه طعمها مرٌّ, زوارق غاصت معانقة طمى الهور الغامق اللون, الخضيري توارى هاربا خلف السحاب صوب بلاد الثلج, القصب اغتاض فلم يَجُدْ بالذوائب لتعزف النايات, ومنه تُشيَّد الدواوين .

 

زورق وحيد, مقلوب, تقاذفته الريح لتصبغ قاره الأسود بحمرة الدم المُسال, هو الشاهد الوحيد على مذبحة الإنسان في تلك البقعة من الأرض, يد ترتجف وهي ترفع واحدا من جانبيه, أطل برأسه ليأمن أن لا موت بانتظاره مثل رفاقه الآخرين, امتطى الزورق معتدلا, جمَّع ما خلفه القتلى من عتاد, خضَّب الراية من دماء الرفاق, أعاد ترتيب صفي الرصاص, فأطلق الرصاص, والأهازيج, بالراية لوَّح راقصا, مُبشرا بالنصر, مِحكّان . . .

نشرت في قصة
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 17:07

العنقاء تشتهي العصافير المسيحية

 الى أرواح الشهداء الخالدين, إلى الطلبة الذين توجهوا صوب العلم, ليهزموا الظلام,من سهل نينوى إلى مقاعد النور, فكانت لهم العنقاء بالمرصاد

 العنقاء تشتهي العصافير المسيحية

لم تمنعه لفافة شاش أبيض غطت وجهه حتى عينيه, ولا مخرز للمغذي اخترق الأزرق القاني, ووسادة قليلا ارتفعت لتسند الساق المطوقة بالجبس, أو نوبات الوجع

القاتل بين الفينة والأخرى من جهة الضلع الأيسر؛ بل ذاك الهرج والمرج فيما حوله الذي لم يميز منه شيئا سوى صرخة عانقت عنان السماء من أم عثرت على ابنها بين أكوام اللحم المكدسة في باحة مستشفى الحمدانية, وتلك الصغيرة التي انكفأت على ظهرها وقد تزحلقت ببركة الدم بين أسرة الجرحى, تفتش فيهم عن والدها سائق باص الجامعة إذ دس في جيبه علبة الحلوى التي تحبها, كعادته اليومية, من أسواق الموصل, ولأختها قد علَّق فستان الحفلة الكبرى. لم يمنع ذلك نوئيل من أن يقبض, بكلتا كفَّيه, بما أوتي من عزم على قميصه المخضب بالأحمر, رغم جرعة المخدر المحقون بها, القوية

 

أيها الأوغاد, يامن غادرت فيكم آخر قطرة من حياء البشرية, وتلبست أرواحكم من أسماها المندائيون { الروهة } روح الشر, وأم الظلام, خلعتم جلابيب الإنس وارتديتم بزات هولاكو فيما بعد القرن العشرين, أيتها الأفاعي القاتلة التي تشرب من أعشاش العصافير أفراخها, وصالح وحده لا يكفي كي يدعو ربه أن يهلك العنقاء, ونسل العنقاء, فصالح اليوم لم يعد كما كان, ولم يعد مجديا دعاء الصالحين قط, ولا صلاة الضعفاء اليائسين تكفي لأن تخلص العباد مما ابتلاهم به امتحانا للصبر الرب

ماريا, يا زهرة الأقحوان في الخميلة, وروحا قدسية تطوف على المعذبين, سنديانة ظليلة الفروع, حمامة بيضاء تشيع المحبة, يا أما حنونا تشيع المحبة,فهل ما زلتِ حيَّة ؟ أرجوك من كل قلبي أن تبقي حيَّة, أيها الرب أرجوك أن تبقيها حيَّة, وإن كان عندك الفداء مقبولا فخذ روحي بدلا منها؛ بل اجمعنا عندك إن أردت لنا الجمع جوارك سويِّا

ماريا, أمسِ قبل نومي لثمت جهاز عرسك, فستان أبيض مثلك, مثلك إكليل ورد, أساور, أقراط, خلاخيل موصلية, لم يبق إلا القليل يا حبيبتي, أيام معدودات نصطف, أنا وأنت وغيرنا, على المدرج الجامعي بزي التخرج, وكم هو حلو عرسنا في نشوة الحب, وقطف الثمار البهية, باتت حتى الفجر أمي تغني ترانيم عشق عراقية, شمالية, جنوبية, شرقية, غربية, ووالدي أشعل الشمع في المحراب متمتما دعوات صمت صميمية, جارنا الطيب, إيشو, سخَّن الطبل والمزمار, وارتدى قبل الأوان لباسا بهيِّا, صبايا الحي, يا حبيبتي, أحضرن صواني الحناء, والأمنيات, وما يستعرضنه قدام شباب الحارة, والعانسات صبغن الرؤوس, وزينَّ الوجوه, واخترن الأماكن, أما القس فعلى جمر يعد الدقائق حتى نعود اليوم فيكتب في سفر الأمة أن الجسدين في ذات الروح انجمعا, والماء سيبقى, غصن الياس سيزهو, في ظل النخلة طول العمر سيحيى, نوئيل وماريا

 

لا تموتي, أرجوك, فأول الراقصين بموتك الأوباش, أرجوك, ماريا, لا تموتي, أرجوك, ففيه تأكل الحب الذئاب, والدنيا يغادر الخير أهلها , تجف الجداول, تعمى المنابع, والثمار تذبل أزهارها, الغيث والبحر في خصام, والمحار يلفظ اللآلئ , الوالدات يفطمن الصغار مبكرا, ستخرس النوارس إن مُتِّ يا حبيبتي, والعنقاء تعاود الكرة, تخطف الكتاكيت في قمم الرواسي, فالعنقاء يا حبيبتي لا تستطيب لحما غير لحم الأنقياء, ولا تهدم عشا غير أعشاش الاتقياء, هي نفس الروهة التي شربت بالأمس دماء المندائيين سمير الصادق, وستار خضير, لا تموتي, أرجوك ماريا

 

السرير اهتز بعنف, على الأرض حمالة المغذي المتهالكة انهارت, الوسادة انزاحت من تحت ساقه المكسورة, تخشبت قبضته على قميصه الذي أخفاه تحت رأسه, أرعبت صرخته قاعة المستشفى حتى خُيِّل للحاضرين أن بعض الجرحى قد فارق الحياة, لا سيما أن بعضهم كان بليغ الإصابة, وجلهم طلاب جامعيون قصدوا العلم ليهزموا الظلام, فاحتج على فعلهم الظلام منتقما, وهل للظلام غير الدمار من سلاح ؟ وهل يخاف شيئا قدر خوفه من النور؟ شباب بعمر الزهور, أحلامهم لا تصدها أسوار, ولا تحدها حدود, في بلد بناه أجدادهم, فعلموا الدنيا أن الحياة بلا حب ليست بحياة, والرافدان ما كان أجاجا ذلك الذي ارتوى منه الزرع والضرع, وفيه تعمَّد أحباب الرب الحي العظيم

عاود الكرة صارخا, ماريا لن تموت, أبدا لا تموت ماريا, يد حنون مسحت على لفافة الشاش حول رأسه, قبضت بلطف على كفه الذي تيبست عليه بقايا بقع الدم, كفَّ عن الصراخ, القس { أبلحد } حاول فتح قبضتها, شال حريري ناعم داعبته أنامله, إنه شال ماريا, شالك هذا ماريا, يا قوم, هو ساخن,لا محالة هي حيَّة ماريا, حاول النهوض رغم آلامه, أراحه قليلا للخلف, من يده انتزع القميص, علبة صغيرة في الجيب, خاتم, سلسلة, صليب, رقعة صغيرة : من نوئيل إلى ماريا, كي تستمر الحياة, والماء, والحب, فتهرب العنقاء

نشرت في قصة
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 12:39

أب مندائي يرتل بين القبور الجماعيه

أنا ابوك ياولدي

جئت أرتل حديث الحياة

بقوة الحي العظيم

جئت أحمل الدعاء والتسبيح

لك يامن انتقلت الى عالم النور

أهذا هو المكان الذي تقيم فيه؟

حيث الظلام المفزع

وانت بين الهياكل؟

أنت يانطفة الطيب

ياصاحب العقل المكتنز

يا ابن المرأة النبيله

ويا اأبن النرجس والآس

يا أبن المركًنه المباركه

وياصاحب الروح المتقده

هاهو ضوءك يشع ويلتقي بسماء الخلد

وها أنا أنحني وأثني عليك

هل هؤلاء الذين يرقدون قريباً منك

هم أنفسهم من كنت تجاهد من أجلهم؟

أم هم جاهدوا معك لأجل ألاخرين؟

ما أسمى الوسام الذي منح لك ياولدي

أنه نور من الايمان يا أيها الصغير الكبير

ما أشد حزني عليك

وقد قذفوا بك في هذه الحفرة الكبيره

كان يسعدهم أن يأتي أجلك على أيدي الفاسقين

لكنهم لم يعلموا بأنك تدرك ..وأنا

أن هذه الدنيا فانيه

وأنك سترتقي ألى مكان النور

ما أعظم حزني عليك

يامن أضطهدت من أجل الفقراء والجائعين

لم يكن من اضطهدك يعلم ياولدي

بأن الكل يفنى ..بأن الارض تفنى

أهدأ ياولدي فالرحمة تستقر عليك

فقد ارتسمت بماء الحياة

وليس لأصحاب السخط والجور

غير مستنقع الظلام

مستنقع الخطيئه

 

لقد سرقوك ياولدي

ومن يسرق الفقير

يقبع في جبل الظلام

 

ستستقر هنا يا ولدي

وأن نارهم لن تحرقك

مادام أسم الحي منطوقاً عليك

لقد تعاظم سخطهم وجورهم عليك

 

و لم تتوقف عن أداء ما عزمت عليه

ولم تنس الحي العظيم

وكانت دعواتي وتراتيلي تلازمك

 

لم تكن تعشق الحياة الدنيا

لأنك كنت تعلم أنها زائله

لم تكن تنسى عقيدة النور

ولم تخضع لزيف هذا العالم الزائل

وها أنت ارتقيت حيث دار الحي العظيم

فطوبى لك ولدي الحبيب

طوبى لك ولدي المناضل

طوبى لك يامن أطعمت الجائعين

وقتلت في سبيل الحق

ونصرة من وقع تحت وطأة الظالمين

 

ستمنحك الحياة العظمى هدوءاً وصفاءاً

وستطفيء هذه النار التي تتقد في أعماقي

نشرت في شعر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 12:36

أشتياق للوطن

مشتهيتك ياوطن اكَعد بعتبة بابك

ساعه أغني..وساعه اون..ساعه أشم ترابك

هيهات ترخص ياوطن..نبقى ونظل أحبابك

 

ريحة المطره الخفيفه النثت وشبكَت الكَاع

وفاحت بريحة أهلنا..معنبره وتملي البقاع

طشت بروحي ودليلي آهات ساعات الوداع

 

ريحة ترابك وطنا..المامش الها ولا مثيل

هيه للضايع خريطه..وهي للتايه دليل

صدّك احنا ضايعين..وما نبي غيرك بديل

 

كَعده وي عصرية الشاي المهيّل ياوطن منوة الروح

وخبزة التنور من أيد الحبيبه تبقى بالمهجه تفوح

ومايطيب الكَلب بفراكَك أبد لاشل ولا خياط الجروح

 

مشتهيتك ياوطن..... أعجن ألحنه بمايك

واشعل شموع الخضر...ويسيسن بشطآنك

واندعيلك ياوطن وانذر قصايد غنن بالحانك

 

يمتى ياحبيّب وطنا الروح تتعنى وتجيك

وتجلي ضيم الغربه عنها وتمسح الدمعه بديك

ياوطن عيب انت تضعف..ياوطن وسفه عليك

 

ياوطن جنك ظفيرة حب تباهت وبشعر أسود حزين

مثل حزن الليل بيك.... ومثل دمعات الجنين

صارت الونّه على شوفك تختنك بالروح حسره ومو مثل كل الونين

 

يمتى يحبيّب وطنا ...الروح توفي نذورها

وتوكَف بعتبتك تنحب ..ينتفض ناطورها

سور وتسّورشواطيك....ظلوعي سورها

 

يمتى ياحبيّب وطنا تطك هلاهلنا بسماك

فرحه وشموع ومضايف هيل تتغنى بهواك

وتنكَضي ايام المحن..ونرد وطنا لحضنك الدافي

ونلامس وجنتك.....ونحب شفاك

نشرت في شعر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 12:30

خربشات غنوصية

يا روح الحياة في مستقرها الابدي

يا نسمة نورانية

يا عجيبة ربانية

كم انت انسانية!!!!

جاءت من زمن

في اللازمان

ومن مكان

في اللامكان

واستقرت في صلب

تمثال الطين

في عالم لعين

لايعرف غير الغدر والتهجين

عذرا ان اقول:

هل من الحكمة

ان تتركي بلد النور

وتسكني في الديجور؟

…………………………………

دموع مبتورة

عيون مكسورة

في حياة مهجورة

روحا مبعثرة

على مذبح الحياة

بئس 

حرمان

ظلم

فنمشي امواتا

بعيون مفتوحة

………………………………… 

صوتا ... دعاءا ... انينا 

كلمات متدفقة

كتدفق الشلال

في اعماق اعماق صيرورتي

هو معي

في صحوتي

منامي

وحتى في موتي وفنائي

…………………………………

جميلة الروح

رائعة الوجه

بعمر زهرة الكاردينيا

اراد لها الاله

الحياة

لكن جهلنا

ابى الا ان يدفنها حية !!!

…………………………………

في اليوم الذي

طبعت قبلة

على شفاه الحياة

حملت الاشجار ثمارا

وتفتحت الازهار واينعت الكروم في مستقراتها

وعم الخير العالم

وانتعش البشر 

واستلم الاطفال هدية العيد !!!

…………………………………

روحي وروحك

عندما يمتزجان

الكون يخلق

ونبض الحياة 

يجري في انهار العالم

فينتعش الاله

فانزل 

من عالمك السرمدي

وامتزج معي

ان بذرة حبك

تزداد نموا

بجنون

لا يعرف الهدوء

…………………………………

في اليوم الذي

تجليت فيه

كان هناك بهاءا ونورا

فانبثقت الروح من موطنها

وحلت في عيونك

فصار للحياة معنى!!

…………………………………

استطيع ان ارى

لمعان روحك

على سطح شلال الحياة

فدعني اعلنها

هنا

ان حبا قد نضج

سيل من دمعات مكبوتة

نابعة من قلب

قد تكون الان

هنالك في عمق الاعماق

فدع روحك تنهض

تشرق

تبتهج

وتلتحق بروحي

يا اثيري المحيا

لاتستحي

اكسر قيودك المتوارثة

ولاتخفي الاهك 

في دقات قلبك المتسارعة

ولاتضطهد روحك المبعثرة

بل دع بهائك

يصل

ويلتقي

ويمتزج

ببهائي المتدفق اليك

كطير لاهثا لموطنه

دع عطرك البهي

ينعش روحي

التواقة اليك

نشرت في شعر

يعتبر التجريد في الفن شكلا ً أرقى من التشخيص الذي يسقط في المباشرة ، وهو يمنحك الفرصة للأكتشاف ويحتكم الى قدراتك الذهنية في التلقي ، دون أن يلغي منك متعة الأحساس بالأشياء ، ويعمل هذا المنحى الفني على أستفزاز رؤيتك التخيلية لما يجب أن يكون عليه العالم المحيط بك ، وبالتالي فهو يعيد تشكيل الحياة برؤية الفنان ويعطيك السماح للتفاعل مع هذا العمل الأبداعي ، بل والتأسيس عليه ، دون أن يغلق أمامك أبواب المقاربة العقلية الحسية مع نوافذ فتحها الفنان على عالم أفتراضي .. قدّر هو دون غيره ، أنها الحقيقة أو صورة الحقيقة التي يجب أن لا يغفلها أحد .

إن التجريد لا يجرد الأحساس من فيض عاطفته ، بل يؤطره بجمالية العقل ، ليجد شفرة الدخول الى وعي المتلقي ، وهو يرّمز الأحساس على شكل " كودات " ، تصبح كلمة السر بين عقل الأنسان واستطالات الأحساس الفضولية الشغوفة بالتعرف على محيطها ،.. إن التجريد ينقل الأحساس من أخطبوطياته الى حالة من التحديد العقلي ومركزية التبصر ،.. إنه أيضا حالة من الترفع الذكي ( تليق بالعقل البشري ) عن مباشرة التلقي التي تتدنى بقدراتها الى مستوى الأنتباهة الحيوانية ، ولذلك نجد أن التجريد في الفن التشكيلي قد أبدع مقامته الفنية ، وأضاء أسارير النفس المتوثبة للقفز في مجهول الذات ، إنه حالة من التشكيل وإعادة التشكيل في نفس الوقت وفي آن واحد .. فهو يتجاوز الأبعاد الأربعة التي تعطيكها المدارس الفنية عموما الى أبعادٍ لا نهائية ٍ تسبح في فضاء المجهول وتتجسد في مرايا الذاكرة اللاوجودية للأنسان غير المرتبطة بالزمان والمكان ، كما أن التجريد ينأى بنفسه عن السقوط في خدع وأحابيل البصريات ، بل يستخدمها مركبا ً للوعي للوصول الى شواطيء " لا نهائيات المعرفة " ، إنه نوع من التحليق في فضاءات اللاوعي لأدراك كنه الأشياء ، فللأشياء ماورائيات ٌ تتماهى مع ماورائيات الوجود ، ولا سبيل لأختراقها بمدركات الأحساس الجميل ، بل أنها تحتاج الى سرعة عقلية تنفذ من جدار البوح الى صمت اللاشيء المطلق .. الى عوالم يتحادد فيها الضوء والظلام ، وتحلُّ فيها جغرافيا المنطق العقلي بديلا عن منطق الجغرافيا العقلية .. الى عوالم قائمة بذاتها ولا تحتاج الى 

الأثافي ، وتنعدم فيها لغة التعاطي الأنساني لتحل مكانها لغة الأشياء

وتجلياتها في اللاوعي . 

إن التجريد نوع ٌ من المحاكمة العقلية ، يترأسها المنطق ، ويحاكم فيها الوعي لتخلفه عن فهم المطلق ، ولتجلية الحق في معركة اللاشيء مع الأشياء ، تلك المعركة التي تدور رحاها من قبل إنبثاق البوح حتى بداية الصمت ، والفنانون التجريديون هم المحامون الذين يترافعون عن الحق العام .

  

أصمتْ

فالصمت ُ رداءُ اللاشيء

وأقنتْ

فالبوحُ جنونُ العقل ِ وقيء

وحروفكَ سِفر ٌ للشيء

يا معجمَ كلِّ الأشياءْ

وطريدا ً يهوى الأنحاءْ

إصمتْ

فعيونُ الصمتِ لك النظرُ

وطريقُ الصمتِ لك السفرُ

إن تهوي يوما ً كالنجمة

وتلفـّكَ أكفانُ الظلمة

سيكونُ الصمتُ كما بوح ٍ

والبوحُ كسيل ٍ من صمت ٍ 

فأصمتْ

والتجريد فوق كل هذا ، سياحة للعقل في عوالم الذات ، أو قل سياحة الذات في عوالم العقل ،.. فلا فرق بين الحالين ، لأنك عند المباشرة بالحالة الأولى ، فأنك تتقبل أو تتذاكر الحالة الثانية ، واللذة الذاتية أو العقلية التي نتلقاها 

وقتئذ ٍ ، ستنعش فينا قيمة " الهيولي " القابع خلف جدران المكونات الأصيلة 

لكل شيء نراه !! .

نشرت في فنون

تجنح الحداثة الفنية اليوم الى النأي عن الكثير من المفاهيم السابقة بما يمكن أن يعتبر حالة تجريب تصاعدية في البحث عن شجون فنية جوهرها اللذة التفريغية كما هو ديدن البشر، لكنها تأخذ منحى يعتمد مهارة الخيال والعقل أكثر من مهارة الأنامل ومطاوعة الخامات. ويمكن أن يكون ذلك مسعى مستقبلي لتكريس الفكر المجرد الذي سوف يجد له مكانا في ثنايا حياتنا المنظورة. وفي خضم البحث عن العقل وتلاقحه مع الخيال يجرب الفنانون اليوم خامات عدة، يخشى من خلال التمادي بها أن تجنح الى إخراج الفن من الروح الى المادة ، وتحاول أن تجد بينهما صلة وصل متكافأة و كفتين كالميزان.

 

والفنان الدكتور يحيى الشيخ قد حمل هواجس الموهبة الروحية والخيال الجامح والحس المرهف المدرك لجمال الأشياء في مكنونها التي سجى عليها، وكذلك ما أكتسب من علم ومنطق وتقانة خامات وعناصر ومعالجات وخلطات وطرق تصنيعية أكتسبها خلال رحلته الطويلة مع السفر الأكاديمي والتجريب النظري، الذي أكسبه رؤية فلسفية لأسباب الأمور قبل نتائجها ومضمونها قبل شكلها وغاياتها بالإستعانة بوسائلها ومارس روية في تفهم الأمور وتجريبها للوصول الى أكفأ النتائج من ناحية المحتوى والتشكيل والتركيب والرمز واللون والملمس ،كل ذلك يشرأب الى ثراء وعمق روحي مصدره ثراء الجذور التي أنبتت بذرته الأولى.

 

لم يبتعد الفنان الشيخ في معرضه الاخير الذي أقامه في جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان بسبب مذهبه الأكاديمي عما يدور اليوم في فنون الدنيا التي جنحت وبتأثير من خطاب فكري شامل وهواجس للإنسان المعاصر أثرت في كل مناكب الإبداع ومنها الأدب والفن. نحن أمام مشرب يرفض الإنتاج الصناعي ويحن الى نتاج ماتخلقه اليدين،و يكره المواد المصنعة ويميل للمواد الطبيعية غير المعالجة، ويسعى الى تكريس البيئوية حتى في عمله الفني فأنحى نحو المواد البيئية وأنساق الى مبدأ دورة الحياة في الطبيعة التي أفسد الإنسان حلقيتها وكمالها حينما تاق الى الحداثة بعيدا عن إملاءاتها وسطوتها. أنه منحى لرأب الصدع مع المحيط البيئي كي يقبل الإنسان من جديد ويضمه لصدره ويهبه الأمان ويودعه الأسرار الجالبة لصفاء الخاطر والتي دونها وجد الإنسان نفسه أمام مجهول أسرارها يكابد في خضمها الغربة والقلق .

 

ومن جانب أخر يمكن أن نسمي هذا التيار الذي تبناه الشيخ عودة الى الفطرية في الخامات والأشكال والمعالجات. وربما يكون هذا وسيلة غايتها تلمس الآليات التي أنتجت فنونه في رحلة التطور،وهو بحد ذاته غاية فلسفية تسعى الى فهم التراث من خلال البحث عن آليات إنتاجه ونشوئه وتطوره، وليس من خلال نتائجه كأشكال ومسميات تنتقل بين الأنامل مثلما الأصوات ببغاويا. أنه صراع الحداثة والتراث وتقمص لإحدى طروحات النقلة بينهما والواسطة في تواصلهما التي أختلف فيها الفرقاء. وبالرغم من الفهم السطحي للتراث هو الغالب اليوم، لكن ثمة شواذ يشكلون القاعدة التي سوف تأخذ مداها من خلال رجاحتها تصاعديا حينما يتكرس العقل ويدحض النقل.

 

أستخدم الفنان الشيخ في معرضه اللباد أو الصوف المكدس كخامة في أحدث تجربة فنية له هنا، ويمكن أن يكون مبرره هو تلك النزعة الى تلمس المواد البيئية والنأي عن الصناعيات من المواد،ومنها الألوان الصناعية بأنواعها، ناهيك عن كون تلك الخامة لديها تداخل مع الموروث الإنساني عامة والمحلي بالخصوص، فقد كان النسيج الصوفي من أكثر العناصر التي سخرها الإنسان في مقتضيات حياته.

 

ويمكن أن تكون هذه التجربة نتاجا لرحلة الفنان الطويلة مع اللوحة بحواملها وخامات إنتاجها المتعددة التي لم ترسخ في موروثنا الشعبي، فاللوحة والحامل (support) هي نتاج عصر النهضة الأوربية الذي عم الدنيا وأصبح سمة لعصر غطى ثقافات العالم ، ولكن مازالت العقلية الشعبية لدينا متعلقة بموروث البساط والسجادة والمدة التي تزين الحائط أو تفرش على الأرض أو تنتقل بين شوطيهما وضيفيا وحسيا، مما غرس في العقلية المحلية فحواها التكويني وجدواها الجمالي المتداخل مع مداها الوظيفي.

 

وهكذا أراد الفنان الشيخ أن يجد للحداثة الجانحة نحو البيئوية طريقا الى فنوننا مستندا على موروث أنقطعت الصلات به لجيل أو جيلين على الأقل، كان يوما متجانسا ومسترسلا مع السجايا النفسية الموروثة والتي لم تختف بالرغم من حلول عنصر اللوحة شكليا في حياتنا. أما أشكاله وألوانه التي نرصدها على لوحاته فهي مختلفة كل الإختلاف عن الأشكال المتراكبة والمتناظرة المتجانسة أو المزدحمة أحيانا أو حتى البهرج اللوني الأتي من سجايا التراث وذوقه واعرافه، الى خطوط وكتل لونية مجردة لا تحمل إلا حسا وثراء من الخيال الجامح الحداثي النائي عن التجسيد والأشكال التراثية.

 

لقد جسد تراكباته اللونية وخطوطه فوق صفحة اللباد المعلق على بعدين وحاول أن يجد له حلولا لتشكيلات ثلاثية الأبعاد من خلال لصق عناصر حجمية وجيوب نائة يمكن أن تجسد تلك المحاولة. كل ذلك لايخلو من حس عميق ينم عن تجربة طويلة مع اللون والخطوط التي مارسها الفنان الشيخ خلال رحلته الطويلة مع الإنتاج الفني.

 

واللباد المستخدم في هذه التجربة التي تحاكي صناعة الطرابيش التراثية، هو خامة الصوف المنفوش و المصنع عن طريق دعكه وتسخيره من خلال معالجته بالماء والصابون ثم ضغطه في حصيرة من القصب أو الخوص،بما يجعله يأخذ هيئة مسطحة ومتماسكة قابلة للفرش . ويمكن اعتبار ذلك الفراش أو النسيج "حاملا" يكتنف تباعا تدخلات الفنان التشكيلية من خلال اللصق أو الفرش بالضغط أو الخياطة أو التعليق.

 

وفي زاوية أخرى من معرض الفنان الشيخ نجد تجربتين سابقتين له أولهما وأقدمهما تعامله مع الزنك بأشكاله التفصيلية وشخوصه المجردة المنمنمة، بينما نلمس في مرحلة لاحقة وفي تجربة" لصقية" أو ماندعوه (الكولاج) تبدوا أحدث عهدا بما أتسمت به من تجريد بعيد عن التفاصيل التي لمسناها في (الكرافك) السابق. حيث وهب نوع من الورق الرقيق الفنان الحرية في تقطيعه ولصقه وتركيب أجزائه وتشكيل شخوصه المجردة بما يوحي بهواجس من التجريد الروحي الذي اراد أن يختزل حالة تيه لشخوص مقطعة الأوصال،منخورة ، ومنهكة القوى،و تائهة الإتجاهات ،وفي حالة من حركة لاتريد الثبات .

 

وهكذا نلمس في هذا المعرض ثلاث مراحل تطورية في العمق الفني العاكس للسجايا، تشرح للرائي التطور الفكري والحسي والذوقي والتجريبي للفنان، بما يوحي بقراءة لهواجس إنسان يبحث عن سكون ويمتعض من غربة الروح التي هدها الترحال الطويل والقلق. 

نشرت في فنون

المشاهد لبينالي الفنون التشكيلية الدولي الـ 52 الذي يقام فى مدينة فينسيا(البندقية) والذي افتتح رسميا يوم 10 جون/ حزيران وحتى21 نوفمبر/ تشرين ثاني من هذا العام، وشارك به اكثر من 500 فنانا من القارات الخمس في 76 جناحا دوليا، وكلف الدولة الايطالية نحو ثلاثين مليون دولار، سيدرك على الفور بأن الفنان الأوربي يحمل مشاعر عظيمة ازاء ما يجري في العالم، فهو منشغل بالوقائع التي تطحن العالم، لتهبه الافكار ومادة الخيال الفني. يحتضنها العمل الفني او يجسدها لينطلق بحرية اكبر في توضيح العديد من المفاهيم المتعلقة بالشيء، والاداة، والمادة والشكل. الفنان الغربي على وجه الخصوص وهو يتناول هذه المفاهيم، فهو يرمي الى تقديم رؤيته الى كيفية حضور الاشياء في عمله الفني،

 

وثانيا الى تحديد مفهومه لشيئية الاشياء، وهو يختار الاداة، ليس لتتطابق مع الواقع ويكون لها حضور حقيقي، بل ان الفنان يصنع من خلالها حقائقه هو بكون الفن يبتكر حقيقة الشيء.

التكنولوجيا مقابل التقليدية

ومع ان بعض الفنانين المعاصرين التقليديين مصابين بحركة جزر وانكفاء ازاء الكشف عن جوهر الاشياء نتيجة ما اصابهم من عجز لتجاوز ازماتهم الوجودية المعاصرة والمتمثلة بهيمنة التكنولوجيا وقيم العولمة الجديدة وطغيانها على القيم الجمالية التي اعتادوا ممارستها، كما ان بعض من هؤلاء يعايش تجربات مستقرة نسبيا جعلت قسما منهم عديمي الاهتمام بما يدور حولهم في العالم الخارجي، وكأن هذا العالم معطى شبه مطلق، عديم القدرة على الاستثارة، ممتنع من التفاعل والمشاركة، فقد اصبحت المناخات المفتوحة ومعها المدارك الحسية والبصرية والفكرية، جنبا الى جنب تطور الفكر البشري وتطور آليات تفكيره، حيث تغيرت اشكال تعبيره، ومن ثم تغيرت ادراكاته للاشياء ورؤيته للحياة والعالم، فان هذا الفنان الذي يجد تراكما ثقافيا هائلا متعدد المصادر، نتيجة ما يشهده زمننا الراهن من اشكال جديدة في التمظهر، بسبب تطور الثقافة التكنولوجية، التي سرعت ايقاع الحياة الفردية والجماعية، كما سمحت بوسائطها الالكترونية والرقمية بجعل الكل منفتحا على بعضه، فقد ساهم الى حد كبير في تحرير الابداعية الفردية لتجد فضاءات جديدة خصبة لاستثمار قدراتها والتعبير عن رغباتها. واصبح الفنان معذبا بالمعرفة اكثر من حرفيات العمل الفني التقليدية، حتى اصبحنا كمتلقين نرى هذا التحول السريع المتواتر يولد اشكاله التعبيرية الجديدة التي تعبر عن حالة وعي جديد ومختلف. ان الفنان يحاول الاتجاه نحو الداخل، نحو التجربات التي اوجدها الفن الفقير والمفاهيمية بكل اساليبها منذ عقد من السنين، يبحث عن ضالته في غنى الذاكرة وعوالم الخيال، الا انه ايضا لايحتمل اية اعاقة في عملية الاسراع في الانخراط الفعال والمنتج في الزمن التكنولوجي. لقد انتعشت القدرة على الادهاش والاستفزاز في السنوات الاخيرة، واصبح هذا الاستفزاز لمشاعر المتلقي مفتتحا جديدا فتح معه افاق مغايرة لما اعتدنا عليه من قبل تمثل باحتمالات التغيير الجذري، ليتحول شيئا فشيئا الى مجرد ابتكارات تعتمد جسد الانسان وحركته وعلاقاته، وفوق كل هذا فهو يعكس الرعب الذي يعانيه هذا الانسان نتيجة الكوارث والحروب وصدمة التكنولوجيا وثقافتها وشبكاتها العنكبوتية. انه المحور الذي تدور وتتحرك عليه الاعمال الفنية المفاهيمية الجديدة لتسمح بكل ما هو مبدع ومختلف وغير مألوف.

موضوع هذا المعرض العالمي الذي يشكل مرجعية ومركزا عالميا للاشاع الفني الاكثر تجديدا في العالم التشكيلي، والذي اختاره مديره العام الناقد الاميركي روبيرت ستور (فكر بمشاعرك.. واشعر بعقلك/ الفن والحاضر) يمثل في أحد جوانبه إعادة البحث في كل هدف جدي للنشاط الفني، والتوجه نحو الإنسان ومحاولة التعرف الى دواخله من خلال الصلات المباشرة التي تعكسها الفنون التشكيلية عن أزمنة الحروب التي تقضي أول ما تقضي على إنجازات الإنسان أينما كان. كما انه يقع تحت واجهة الأحداث الساخنة التي تعصف بالعالم، الا ان أعمال الرسم على قلتها التابعة لاجنحة الدول الغربية، تكاد تخلو من مضامين الهدف المعلن للبيناله، اذ ان جماح المخيلة التشكيلية الإنسانية في سعيها لتوليد الصورة لمشهديات العصر وآلآمه وقهره، غابت عن اغلب المشاركات الدولية التي كان من المفترض استيعابها للحقيقة التدميرية للحروب والصراعات التي تسلط قهريتها على الإنسان، فانخرطت اغلب المشاركات في تداعيات وإرهاصات ذاتية تمحورت حول الكشف عن آخر الصرعات المراوحة على السطوح التكنيكية وتقنياته المتجددة، وهي تعكس تحرر الفنان تماما إزاء الموضوع، إذ تعبّر اغلب اللوحات عن تبدل كبير فى رؤية الفنان الذي بات يتعامل مع الشعور والحس الإنساني بعيدا عن واقع ظروفه التاريخية والاجتماعية. لقد ألغى صلته بهذا الواقع، وارتبط مباشرة بالمادة ليحولها الى نتاج فني بطرق مختبريه. أصبحت هذه الطرق هي الأساس لعملية الخلق الفني، فالطابع الارتجالي فى الفن جعل الفنان الغربي يدور في مواقع الرفض القاطع للمقولة التي تدعي ان الفن انعكاسا لواقع ما. انه يقف بحزم ضد الموروث الفني، وضد الإيقاعات الثابتة العناصر لعملية إعادة الخلق. انه يدور وخاصة خلال السنوات الأخيرة بداخل دوائر الاختبارية والتي يلعب بها عامل المصادفة حيزا كبيرا.

عزلة العديد من الفنانين المساهمين عن الأحداث الإنسانية المتعاقبة التي تتولد في تجربة الحياة الواقعية، أخضعتهم لعمليات العرض والطلب فى السوق التجارية. واصبح العمل الفني يعاد إنتاجه على درجات ومستويات متعددة، وهذه المسألة لا تخص المتلقي فقط، بل تخضع لاعتبارات في العمل الفني نفسه. ولهذا فان اصحاب النزعات المفاهيمية انحسرت مبيعاتهم، في الوقت الذي زادت انفتاحات السوق التجارية للوحة الفنية، وبدأت الكلريات تفتح ابوابها من جديد في عدد كبير من المدن الغربية لتعيد مجد الثمانينيات من القرن الماضي في عمليات البيع والشراء.

تتميز أعمال الرسم الغربي بتقنية عالية. وعدد غير قليل من الرسامين عادوا الى التشخيصية، الا ان (تشخيصيتهم) تعود بذاكرة المرء الى نتاجات معارض الهواء الطلق المنتشرة في ساحات المدن الأوربية التى يقيمها العديد من الفنانين التجاريين لاجل البيع السهل. الأمر الذي يطرح سؤالا مهما هو ماذا يحدث عندما لايجد الفنان شيئا يرسمه؟ والإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، لانه عندما لا تظهر أية فكرة جديدة فالرسام يظل يراوح فى مواقعه، وهذا هو الحاصل. 

ما علق على حيطان الصالات قليل، وما ركب على الارض هو الغالب، جنبا الى جنب غزو اعمال الفيديو التي حملتها شاشات العرض الصغيرة والكبيرة في كل مكان، بعضه ثقيل مثل الرصاص، وباردا مثل الثلج، والغالب هو الاستفزازي الموغل بالسادية والتمزقات والقيء والنزف والدماء، وكأن ما معروض يخرج لايذاء المشاهد ورعبه ويستفزاز قلقه ليخلق ذائقة جمالية مختلفة عما اعتدنا عليه من معايير في رؤية العمل الفني. ولما كانت الأعمال على هذا الأساس هي (بدائل) وخبرة اكثر ارباكا وتكثيفا في رؤية قهر الانسان من الخبرات الأخرى ويمكن لها ان تكون معبرا جديدا لمعايير جمالية جديدة لم تتعود عليها بعد ذائقتنا الجمالية بعد، فهي إنها للأسف لا تعدو ان تكون أساليب متأنقة لتشوهات تعبيرية لحالات الجسد الانساني وما يصاحبه من خط ولون وحركة مبالغ بها عن عمد، لا يخلق الا انفعالات وتوترات نفسية حادة، الأمر الذي جعل بينالي هذا العام تكرارا لتجربات بينالي الدورتين السابقين، مثله مثل الشجرة التي حرمت من النسخ. 

عودة للتصوير التقليدي

بينالي الفنون العالمي يمثل بحق عودة كاسحة للاستعاضة عن اللوحة المسطحة بكل ما هو متاح ومتوفر فى الواقع من وسائل للتصوير التقليدي. مادام أي إنتاج يحمل التساؤل حول إنتاج المدلول والقيمة، وحول الشيء الذي يجعل من الموضوع أو الممارسة عملا فنيا لا يخضع لقوانين او أنظمة اختبار. لقد دخل نطاق الدينامية التشكيلية من خلال دفع المشاهد للمشاركة حسيا وفنيا. وتمتد هذه الاتجاهات التي أصبحت سائدة الآن لتعود الى النشاطات الفنية الأولى التى ظهرت فى بدايات القرن العشرين. فمع الانتشار التاريخي للنزعة الحديثة، بدأ الفنانون يتجاوزون الأطر التقليدية المقيدة للممارسة الفنية. وحينما شرع كل من المستقبلي (مارينيتي) والفنان (دوشامب) والفنان(مانزوني) الى جانب الائتلافات العديدة للاتجاهات الطليعية بتهشيم العرضية التقليدية للمدلول، تخلى معظم الفنانين عن وسائل البحث المورفولوجي، مثل إعطاء شكل مغاير للوحة او التمثال واخذوا يتساءلون حول إنتاج المدلول والقيمة، وحول الشيء الذي يجعل من الموضوع او الممارسة عملا فنيا.

تعين على كبار فناني الستينيات والسبعينيات، الإذعان لثقافة تكاد تكون بكاملها مؤسساتية، والاستعاضة عنها بعلاقة تهكمية وتأملية إزاء العمل الفني. ورافق هذه التحولات فى الموقف، الإدراك بان العمل الفني مهما يكن مجددا، فانه يبقى أسيراً لحدود فن ليس هو الا شكلا من أشكال (الثقافة العمياء التي تشيعها متغيرات التكنولوجيا الحديثة وما تحمله من قوى هدم لكل الموروث الفني الانساني).

تفكيك الاساليب

ومع بروز تيارات المستقبلية الفنية المجددة، مثل الدادائية والسريالية والبوب أرت..الخ فان فاعلية العمل الفني الجديد تعزى الى وسائل الاستلام والتوزيع التي يقوم بها جهاز فني تجاري متطور. في مطلع السبعينيات برز هذا الجهاز الفني وصلب عوده بفضل التيارات التجريبية بفروعها المختلفة. لقد أراد هذا الفن ولا يزال ان يلفت الانتباه نحو عالمنا اليوم وما يشهده من تفكك واسع النطاق فى البني الأيديولوجية والمؤسسات التقليدية والفنون البصرية على اعتبار ان الممارسة (المفاهيمية) انتقادية تنازعيه حيوية فى تعاملها مع المؤسسات الجمالية للإنتاج الفني. وان عطاء هذه الممارسة إنما هو اكبر من مجرد تداول لحاجات جمالية فنية.

التيارات الجديدة التي صنفت على أنها(فن مفاهيمي) وتضم فن الأرض والفن الفقير، والاختزالي، والى حد ما الفن الشعبي،.. تضاف أليها أعمال كل من جاسبجونس، ايف كلين، بيرو مانزوني، روبرت راوشنبرغ فهي تجارب التقاليد. تحاول التحرر من القيود الاجتماعية والثقافية، وتسعى من منطلقات فكرية خاصة للتخلص لامن الفن بحد ذاته، بل من أشكاله وطرق استهلاكه، ذلك لان الواقع يصبح بالنسبة للفنان المفاهيمي، هو المجال الأساسي لاي مقابلة جمالية، بعد ان اختصرت المسافة لاقصى درجة بين الفن والحياة. وتحرر الفنان من كل الوسائل وتوجه مباشرة لاكتشاف نفسه والعالم.

يمكن القول ان استمرار بعض بقايا النزعة الحديثة غير المنسجمة مع الفن المفاهيمي، كان عامل يحمل الكثير من الفشل، فرغم انتقادات الفن المفاهيمي للشكلية ولمثالية النزعة الحديثة، الا انه لم يجد حلا لمسألة كيفية اكتساب الفن للمدلول، وان مقاربة الفنانين المفاهيمين من بناء المدلول هو نموذج لخلاصة مواقعهم إزاء الفلسفة التحليلية وبشكل خاص أزاء فلسفة(ويتيغستن) التي تعتبر اللغة وبالتالي الفن، هما نسقان مستقلان. فقرار العديد من الفنانين المفاهيميين الذين اكتسبوا الشهرة في السنوات الأخيرة باستخدامهم المواد المكلفة عوضا عن الموجودات اليومية، هو محاولة لابراز واقع ان التمثيل ناتج عن القناعات السائدة. كما يثبت ذلك قول ويتيغستن (المعنى هو الممارسة).

ازمة اللوحة.. ازمة القصيدة

بينالي العام الحالي اتسعت فيه المشاركة العالمية، وقدم صورة واضحة عن أزمة اللوحة الفنية التي وصفها أحد النقاد بأنها(تحتضر بعد ان دفنت أختها القصيدة الشعرية) فهي أزمة لايمكن القول عنها الا إنها ظاهرة تشي بالاندحار، وان روح الفنان الغربي تكاد تكون قد توقفت عن مناهل الإبداع التقليدي التي اعتدنا عليها زمنا طويلا، أو انها فقدت سحرها الاول، لتحل مرحلة جديدة، هي مرحلة نضج من نوع اخر متمثلة بالعلم والتكنولوجيا. وان هذا الفنان بات يفتقر الى ملاحم الفن التقليدي الذي عايشناه ودرسناه واحببناه آلتي لم تجد لها أثرا فى مثل هذه التظاهرات العالمية.

لاول مرة يمنح البيناله جائزته الاولى وهي اسد فينسيا الذهبي، الى فنان افريقي هو الفوتوغرافي المبدع مالك سيبيدا. كما شارك عدد كبير من فناني العالم من المخضرمين في هذا المعرض العالمي الا ان المشاركة الاكبر كانت للجناح الامريكي، الذي استحوذ فنانوه على ربع المشاركة العالمية. وجنبا الى جنب العدد الكبير من الفنانين الشباب كان هناك حضور متميز لعدد من المعاصرين العالميين مثل: جوفاني انسيلمو، لويس بورخوس، ليون فيراري، ايلزوت كيللي، نانسي سبيرو، روبرت رايمان، جيرارد ريختير، اضافة الى آباء الفن المعاصر الذين غادروا ساحة الفن والحياة خلال السنوات الاخيرة امثال: فيلكس غونزالس، مارتن كيبنبرجر، جاسون رودايس، فريد ساندبان، فيليب توماس وسول لويت الذي توفي قبل ثلاثة اشهر. البينالي وجه الدعوة الى سبعة اسماء فنية ايطالية هم: انجلو فيلومينو، لوكا بوفيلي، جماعة" بدائل الفيديو"، باولو كانيفاري، اسيلمو، تيتيانا تروفوا، والفوتوغرافي البارع غابريله بازيليكو. وشارك في البادليون غير الرسمي عدد من الفنانين الايطاليين الذين وصل عددهم نحو خمسين اسما.

نشرت في فنون