• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 15:39

مرثية لأسد الصحراء والهور

إلى من مات ..وما مات

قالوا الرجال لا يبكون وقالوا

 

ليس سهلا أن يسيل الدمع

 

وإن ضاقت حلقاتها

 

 

 

وعلى أعناقها دارت الحبال

 

وما بكينا لأن السوط أرهبنا

 

فمنا من أسلم الروح وما انحنى

 

أو فرط العقد والأوراق يمضغها

 

وذلك محفوظ جربوا اسألوها

 

تنبيكمو عنه أجيال ثم أجيال 

ولكنا بكينا

 

وما ضعفا - أبا رعد - ترقرقت الجفون

 

والله - هذا ليس دمعا

 

فأنت الدمع نشتاقك

 

نعتصر العيون

 

لعلنا فيها نجدك ويكذب الناعي

 

فما مت وأنت جيفارا

 

وهل نال من جيفارا المخبرون

 

يا ثعلب الصحراء ..نادوك

 

وهاهم بوصفك قد كذبوا

 

إذ كنت أنت الليث عينه

 

ساعة تغلي المراجل

 

والسائبات يبقرن البطون

 

بل يوم تستأسد الثعالب

 

أما كفك - ياخال - فما طوي

 

إلا على سر لا تبوح به

 

ولا جار لك بات جائعا

 

والعاليات الشم ركبتها

 

فنعم الفارس الصنديد

 

ونعم المركب

 

عذرا

 

فإن القوافي قصرت

 

وخانني التعبير

 

فأنت لغز معلمي

 

على خطاك نحبو ومن

 

وردك الصافي نغسل الأدران

 

ومنك مروانا ومنك المشرب

نشرت في شعر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 11:32

الصمت حين يلهو

يقوم الهيكل العام للنص الروائي الذي تكتبه الروائية العراقية خولة الرومي علي بنية تراجيدية في الأعم الأغلب. ومرّد هذا النزوع متأتٍ من طبيعة الأحداث الفجائعية التي تشكل النسيج الداخلي للرواية، وأكثر من ذلك فإن هناك إيغالاً مؤسياً قد يتجاوز حدّه التراجيدي ليقع في دائرة التمثيل، والتشويه، والقسوة التي يُفتَرض أن تجدها في بيئة بربرية متوحشة، لا في بيئة إنسانية تستمرئ الإيغال في القتل، وتبالغ في تشويه الجثة كما حدث للضحية ضمير التي فقدت توازنها إثر مقتل أخيها باسل الذي كان مناوئاً للسلطة الملكية القامعة آنذاك. وانطلاقاً من هذا النَفَس التراجيدي المرعب فإن روايتي رقصة الرمال و الصمت حين يلهو لخولة الرومي تحتاجان الي ناقد متخصص في النقد الأدبي من جهة، وفي النقد النفسي من جهة أخري لكي يسلّط الضوء علي طبيعية بعض الشخصيات الإشكالية المريضة المتوحشة التي تعاطت معها الروائية خولة الرومي بحرفيةٍ عالية ووضعتها تحت مجهرها الروائي الدقيق مثل شخصيات عبد الله أبو شاكر، وأم شاكر، وشاكر نفسه فهذا الثلاثي هو أنموذج غريب للقسوة والتمثيل بالجثة البشرية التي يفترض أن نحترمها ونجلّها بعد الوفاة ونحن الأمة الأكثر ترديداً للحديث النبوي الشائع الذي يقول: إن الإنسان بنيان الله ملعونٌ من هدَمَ بنيانه ولا أدري أين يقف النقد النفسي إزاء الطُبَر بوصفه أداة للجريمة حينما فصل عبد الله رأس ضمير عن جسدها، ثم بقرَ بطنها ليرتكب جريمة مضافة وهي قتل الجنين الذي تحمله في بطنها جرّاء عملية اغتصاب أقدم عليها الشرطي محمد، وكررها لاحقاً هو وشاكر الذي يرتبط معها بصلة الدم والقرابة! وهي ذات الأداة الجارحة التي فصلت رأس ملاذ في رواية الصمت حين يلهو . كما أن مشهد الشنق الاعتباطي لحازم الحلاوي، مدير الأمن العامة والذي نفذته الجماهير الهائجة يكشف عن حجم الفوضي التي تعم العراق في لحظات التغيير الحاسمة غِبَّ الانقلابات والثورات التي تطيح بسلطة ما، لترتقي سُدَّة الحكم سلطة جديدة أو حزب ما كان مقموعاً، وتتكرر عندها ثنائية الجلاد والضحية من جديد.

 

الاستهلال والخاتمة

 تبدأ خولة الرومي روايتها الموسومة رقصة الرمال بداية رمزية مدروسة. فحتي الأسطر الوصفية الخمسة التي كانت تصوِّر الشَحاذَين وهما ينصتان الي الضجيج المنبعث من بغداد لها علاقة قوية بالجملة الاستهلالية التي تأخرت قليلاً لسبب سردي حينما يخاطب الشحاذ الأول صديقه الهرم قائلاً: أما زلتَ تنتظر؟ فيأتيه الجواب دامغاً ويقينياً لا يعتريه الشك: أجل، وماذا لديَّ غير الانتظار . الملاحظ أن الشحّاذ الثاني يفلسف الأفكار التي ترد في ذهنه مُخرِجاً إياها من إطارها اللغوي العابر، قاذفاً بها الي الإطار المجازي الذي يتصف غالباً بقوة الدلالة، وشدّة التعبير. فالتداخل المُتَعمَّد الذي أحدثته الكاتبة بين الحقيقة والوهم، أو بين الواقع والخيال إنما هو تداخل فني له علاقة بآلية السرد، والتصعيد الدرامي، وتقنية التشويق والترقّب، والبناء السردي التراتبي أو القائم علي الاستعادة الذهنية التي تعتمد علي قطع الحدث ثم المعاودة اليه بعد مدة زمنية محدودة تتناسب مع اشتراطات الصدق الفني والواقعي للنص الروائي بحيث تبدو الإطلالات اللاحقة لأية شخصية مناسبة ولا تخرج عن إطارها المعقول الذي يتساوق مع طبيعية الأحداث التي تتماهي مع عناصرها الزمكانية المستوعبة لحركة الشخصيات ضمن المسارات السردية التي تقترحها خالقة النص ومبدعته. وحينما يتيقن القارئ من حكمة الشحاذ الثاني أو الرجل الهرم، فإنه يظل منتظراً أية إطلالة أخري لكي تعزز لديه هذا النزوع الفلسفي الذي يتجلي عبر ثنايا النص ومنعطفاته، حتي أن مكانهما المطل علي نهر دجلة، والكائن أمام منزل العقيد المتقاعد غالب المنصور، له دلالات إضافية تعمق البُعد الرمزي المُشار إليه سلفاً. فهذا المكان أشبه بالمرصد المُشرف علي الأحداث والمجريات الكبيرة التي تقع ضمن محيط هذا البيت اللافت للانتباه، حيث ستضع الروائية أفراده علي طاولة التشريح كل علي انفراد، كما أنها لا تتفادي تشريح الناس الذين يترددون علي هذا البيت بدءاً بحازم الحلاوي، مروراً ببعض العشاق الذين يترددون علي المنزل أمثال سامر الخطيب وبشار قادر السهيلي، وانتهاءً بأم محمد وابنها الشرطي الذي سوف يلعب دوراً مهماً في صناعة بعض الأحداث وتطورها عبر مسارات النص. أما الجملة الختامية فتتمثل بحكمة الشحاذ أو الشيخ الطاعن في السن، والذي سيرحل بعد ذلك، أو يُودِع حكمته التي سوف يحملها العراقيون جيلاً بعد جيل. نجحت الروائية خولة الرومي في الحفاظ علي بنية النص المتينة، وتماسكها الرصين بواسطة هذا التناوب المنتظم للشخصيات التي أثثت النص عبر المساحة الممتدة من الاستهلال المعبِّر وحتي الخاتمة المفتوحة علي أفق واسع الدلالة.

 

تقنيةُ العين المُستعارة

 قبل أن نخوض في فكرة العين المُستعارة والتي استعملتها خولة الرومي في رصد الأحداث الروائية التي امتدت لمدة خمس عشرة سنة في الأقل، وهو الزمن الذي اختفت فيه أمل زوجة العقيد المتقاعد غالب المنصور، حيث تركت وراءها ثلاث بنات وولداً وهم سُهاد، سمر، نادية، وعزّام، واختفت عن الأنظار تحت حجاب ثقيل، غير أنها كانت تطل بين أوان وآخر كلّما هزّها الشوق الي بناتها الثلاث وولدها الوحيد، حيث تشبع ناظريها وهي تتطلع إليهم من مسافة غير بعيدة. اعتمدت خولة الرومي علي تقنية العين المُستعارة بواسطة عدد من شخصيات النص الروائي من بينهم الشحاذَين والأم الغائبة الحاضرة. وبواسطة هذه الشخصيات الثلاث التي كانت تقوم بدور الراوي العليم الذي يعْرِف بسياق الأحداث أو يتنبأ بها كما تنبأت الأم أو أدركت بحاستها السادسة مقتل زوجتها وابنتها سهاد. إن تقنية العين المُستعارة كانت توفر للقارئ مساحة كبيرة من التوقعات الصحيحة عبر الرؤيا الحاذقة لبعض الشخصيات التي أُسندت لها مهمة التوقع وقراءة الأحداث المستقبلية واستشرافها. لا شك في أن القارئ الكريم سيعرف أثناء مطالعته لهذا العمل الروائي الناجح أن هناك بؤرة مكانية مقصودة وهي منزل العقيد غالب المنصور، إذ تتركز معظم الأحداث في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي تضم بين جدرانها وأروقتها أنموذجاً لعائلة عراقية قد تجد لها مثيلاً، قلَّ أو كَثُرَ، في أطياف الشعب العراقي متعدد الأعراق، والأديان، والجنسيات. كما أن منظومة العلاقات التي تربط أفراد هذه الأسرة بشخصيات من عوائل وأُسَر عراقية مختلفة ستكشف بالضرورة عن نماذج أخري من المجتمع العراقي الذي وضعته الروائية تحت عينها الخاصة أو الأعين المستعارة التي استعانت بها لمتابعة سير الأحداث والتفاصيل الروائية الأُخَرْ.

 

النزعة التراجيدية

 تعتمد خولة الرومي في كتابة النص الروائي علي نزعة تراجيدية واضحة المعالم. فثمة مشاهد تبدو وكأنها منتزعة من حدث ملحمي. والغريب أن عينها هي عين سينمائية قادرة علي أن تضم مساحة واسعة من هذا الحدث الملحمي المُشار إليه سلفاً، ويكفي أن نلفت الانتباه الي مَشاهِد قطع الرؤوس بآلات حادة مرعبة والتي تكشف بالضرورة عن طبيعة النزعة الوحشية لدي بعض الشخصيات التي استوطن الشر في نفوسها، وجرَّدها من أية مشاعر إنسانية. وعلي الرغم من هيمنة الفضاء التراجيدي لأعمالها الروائية إلا أن بصيص الأمل أو نقطة الضوء تظل قائمة وموجودة في نهاية النفق المظلم الذي تتحرك فيه شخصيات النص الروائي كله، بمن فيها الشخصيات القامعة والمترَفة والتي تمتلك زمام الأمور مثل مدير الأمن حازم الحلاوي، والعقيد المتقاعد غالب المنصور الذي كان يطمح الي أن يكون أحد أعضاء البرلمان العراقي، خصوصاً بعد أن أغرقه حازم الحلاوي بعدد من الوعود الزائفة. إن دراسة هاتين الشخصيتين لوحدهما كافية لأن تسلط الضوء علي الشخصية العراقية التي تحتل منصباً كبيراً وحساساً ثم تطوِّعه لمصلحتها الشخصية، وترتكب من خلاله مخالفات قانونية تتمثل في ابتزاز الآخرين كما فعل حازم الحلاوي بحق صديق طفولته غالب المنصور.

فالقارئ الذي كان يتابع نمو شخصية حازم الحلاوي الذي أصبح مديراً للأمن العام قد لا يستغرب مثل هذا السلوك الذي أفضي الي خسارة الطرفين في النهاية حيث عُلق الحلاوي علي عمود النور، بينما سدّد الثاني فوهة مسدسه الي رأسه ومات ميتة مؤسية الي جانب ابنته الراقدة تحت شرطي مجرم ومبتّز لا يجد ضيراً في أن يتحسس عجيزة أخته. لم نعرف من شخصية هدي، زوجة حازم الحلاوي سوي أنها انتحرت لأنها لم تطق العيش معه، وهذه الإشارة كافية لأن تنبهنا الي أن التعايش مع هذه الشخصية هي عملية مستحيلة، كما تشير من طرف خفي الي أن الحلاوي كان عقيماً بمعنيً ما، وأن هذه الشخصيات لا تحيا إلا دورة حياة قصيرة وامضة ثم تنطفئ بسرعة البرق حيث تنتظرها حبال المشانق أو النصال الحادة التي تلتمع في رابعة النهار.

أما العقيد غالب المنصور الذي تقاعد وانزوي في عقر داره بعد أن هربت زوجته من ظلمه واختفت عن الأنظار لمدة خمس عشرة سنة، لم يجد هذا الشخص الإشكالي سوي السقوط في دائرة الأوهام التي خلــــقها له حازم الحلاوي بأن يضمن له بساتينه بأسعار مغرية، ووعده بالترشيح للبرلمان العراقي بعد أن يعرّفه علي رئيس الوزراء، الباشا نوري السعيد. 

وبالمقابل فإنه كان يطمح بالزواج من ابنته الوسطي سمر. ولا غرابة في أن تكون له علاقة جنسية محرمة مع البنت الكبري سهاد، العانس المترهلة التي لم تجد من يطرق بابها، خصوصاً وانها كانت المُضحية الأولي في العائلة حيث تركت الدراسة، وتولت تدبير أمور المنزل بعد اختفاء أمها الذي أربك حياة العائلة برمتها. أجد من الضروري هنا أن نمرّ مروراً سريعاً علي العلاقات العاطفية لبنات العقيد غالب المنصور. فسهاد كانت محرومة من أي شكل من أشكال المداعبات الجنسية، وهي تحتاج من دون شك لإشباع هذه الحاجة الإنسانية، لذلك لم تجد أمامها سوي بعض الذين يترددون علي هذا البيت لعل أولهم مدير الأمن حازم الحلاوي، وثانيهم الشرطي محمد الذي يتوفر علي شخصية منحطة، وخارجة علي القانون، علي الرغم من كونه رمزاً من رموز القانون. أما البنت الوسطي فهي سمر، مُدرِّسة التاريخ، التي أحبت سامر الخطيب، مدرس الفيزياء في كلية العلوم، لكن حازماً كان يشتهيها هو الآخر، لذلك ساوم والدها علي الزواج منها مقابل وعوده الكاذبة.

أما نادية، الفتاة الصغري، وهي طالبة في كلية الطب فقد ارتبطت ببشار قادر السهيلي الذي واجهَ ظروفاً قاسية في نهاية النص، لكنه تيقَّن لاحقاً، بأن حبيبته نادية كانت علي حق، وأنها لم ترتكب إثماً بخلاف توقعاته وشكوكه التي ذهبت به بعيداً عن واقع الحال حيث كانت نادية تلتقي بأمها سراً بعد أن وعدتها بعدم فضح هذا السر الذي قد يدمّر العائلة كلها. أما الشخص الرابع في العائلة فهو عزّام، هذا الفتي الوسيم الذي كان يحلم بالسفر الي الخارج من أجل الحصول علي شهادة الدكتوراه، فقد غيّر مسار حياته بالكامل حينما قرر الالتحاق بالخدمة العسكرية نتيجة لقناعاته التي ترسخت لاحقاً. كما أنه وقع في حب دينا شقيقة سامر الخطيب التي وافقت علي الاقتران به شرط أن يسمح لها بمواصلة دراستها العليا في الأدب الانكليزي أو الصحافة. وخلاصة القول إن العقيد غالب المنصور ينتحر حينما يري بأم عينيه الشرطي محمد وهو يواقع ابنته في عقر داره فيقتلهما معاً وينتحر. أما حازم الحلاوي فيواجه مصيره المحتوم علي أيدي الجماهير الغاضبة اثر إندلاع الثورة التي قادها الزعيمان عبد الكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف حيث سيطر هذا الأخير علي مراكز الدولة الحساسة، وأذاع البيان رقم واحد بنفسه من دار الإذاعة العراقية واعداً العراقيين بحياة أفضل. أما الشخصيات الأُخَرْ التي لعبت أدواراً مهمة فهي باسل الذي فقد حياته بسبب نشاطه السياسي، بينما ظلت زوجته خديجة متعلقة به علي الرغم من أنها تزوجت لاحقاً من صبحي بائع الباقلاء. لن يفلت الشرطي الشاذ من العقاب لأن خديجة استنتجت بواسطة حدسها الداخلي أن محمداً قد يكون الشخص المعتدي بخلاف التُهمة التي حاول أن يلصقها بصبحي زوراً وبهتاناً. هناك شخصية عزيز حميد المنهمك في النشاط السياسي، والذي لعب دوراً مهماً في محاولاته المستميتة لإطلاق سراح السجناء السياسيين، وتحريض الرأي العام علي السلطة القمعية. لا بد من الإشارة الي شخصية الكردي التي جاءت خلواً من الاسم، فقد تعرض هذا الفلاح الي ظلم أحد الإقطاعيين الكرد، فبسبب مبلغ مادي لم يستطع أن يسدده أخذ الإقطاعي ماله وحلاله واشتهي زوجته، ثم طرده بعيداً عن دياره. ترد في النص شخصية أم محمد وزوجها عبد الرزاق اللذين تعرضا لظلم رجل إقطاعي من الجنوب هذه المرة حيث أخذ البقرة لأنها كانت ترعي في مضاربه. وعندما خسرا كل شيء لم يجدا بُداً من الرحيل من محافظة العمارة الي بغداد حيث توسط لهم العقيد غالب المنصور وأدخل ابنهم محمد الي مدرسة الشرطة غير أن هذا الأخير كان عاقاً وساقطاً حيث تنكّر لهذا الجميل الذي أسداه إليه والي عائلته المتواضعة. تصلح الأم أمل أن تكون أنموذجاً للشخصية المُقنَّعة فحينما هربت من البيت واختفت ظنَّ الكثيرون أنها ماتت، بمن فيهم ابن عمها توفيق البغدادي الذي لم يصدقها حينما التقته في بيروت طالبة منه مد يد العون والمساعدة حيث اعتبرها امرأة محتالة تنتحل شخصية المرأة الطاهرة التي لاقت أجلها المحتوم. كما أن هذه المرأة قد تقنعت لاحقاً باسم سالمة شاكر ابنة أخت وهيبة. ولهذا السبب فقد ارتضت أن تعيش تحت هذه التسمية الجديدة.

في حين واقع الحال يكشف أنها كانت تساعد نبيل ابن الحاج إسماعيل، الشخص الذي كانت تحبه في صباها ولم تستطع الاقتران به، وهو الآن مُطارد تبحث عنه الشرطة في كل مكان، وأخيراً دهموا مخبأه ووجدوه بصحبة امرأتين أحدهما أمل التي تخفَّت تحت اسم سالمة شاكر والغريب أن الأجهزة الأمنية قد اتهمتها بممارسة الدعارة وسجنتها لمدة ثلاث سنوات في سجن النساء. من خلال هذه الشخصية المقنعة نكتشف أن نبيلاً قد التحق بالجيش ولأنه كان متمكناً من اللغة الإنكليزية فقد عيَّنوه في قاعدة الحبانية العسكرية، وشاءت الظروف أن تقع تحت يده وثيقة تؤكد أن مقتل الملك غازي كان مُدبّراً من قبل الباشا نوري السعيد، فزجّوه في سجن انفرادي، لكنه نجح في الفرار من ذلك السجن، وها هو الآن علي مشارف الموت تحيط به فوّهات البنادق من كل حدب وصوب.

 

تداخل الذات والموضوع

 نجحت الروائية خولة الرومي في توظيف سيرتها الذاتية والأسرية جانباً، فكما هو معروف أن شقيقتيها كانتا طالبتين في كلية الطب، لذلك فإن التسميات والاصطلاحات التي بالباثولوجي والتشريح هي اصطلاحات علمية دقيقة تقرّب القارئ من واقع الحال. كما أن مدينة الأعظمية قد أصبحت واحدة من البؤر المكانية التي يتحرك النص في مدارها، وهو ذات المكان الذي كانت تعيش فيه عائلة خولة الرومي. إن انطلاق الرومي مما هو ذاتي الي ما هو موضوعي قد عزز بنية النص، ومنحه الكثير من الحرارة والمصداقية. ومما يلفت الانتباه أن خولة الرومي تحاول دائماً الإفادة من الموروث الشعبي الذي يستجيب لمخيلتها الفنتازية حيث اختارت يوم العاشر من شهر محرّم لتصور فاجعة الإمام الحسين ع التي تحييها الطائفة الشيعية كل عام عبر طقوس مليئة بالقسوة المتمثلة في جلْد الذات. ركزت الروائية علي حركة الضباط الأحرار التي كانت تفكر في الإطاحة بالنظام الملكي ولعل آخرها ثورة 14 تموز (يوليو) 1958 التي أنهت الحكم الملكي بطريقة دموية لا تقل بشاعة عما اقترفته الجماهير الغاضبة بحق الجلادين حيث قُتل الملك وعائلته وأتباعه في قصر الرحاب، كما سُحل رئيس الوزراء نوري السعيد في شوارع بغداد، وكأن السحل قد بات ماركة مسجلة باسم العراقيين دون شعوب الأرض جميعاً. هكذا ينتهي النص الروائي من دون التطرق الي فحوي الثورة ومغزاها الذي اختلف عليه الكثيرون، فمنهم منْ يراها نهاية لعهد بائد لا مجال لعودته، ومنهم منْ يراها الخطوة الأولي نحو بوابة الجحيم التي انفتحت علي العراقيين الذين لا يزالون يسبحون في حمّامات الدم الساخنة التي فجرها الحقد الطائفي المقيت الذي جاءت به الأحزاب الدينية المتخلفة التي تمشي بالمقلوب صوب كهوف مذهبية متطرفة دامسة الظلام. السؤال الوحيد الذي أود إثارته في نهاية هذا المقال هو: أين النقاد العراقيون من هذه الرواية الناجحة فنياً والتي تهم الشعب العراقي بمختلف قومياته وأطيافه وشرائحة الاجتماعية؟ يا تري، هل غُيّبت خولة الرومي لأنها كاتبة مندائية مع الأخذ بنظر الاعتبار أن روايتيها الموسومتين بـ رقصة الرمال و الصمت حين يلهو تخلوان تماماً من الإشارة الي أي طقس مندائي مع عتبي الشديد عليها لأنها لم توظِّف الطقوس المندائية في نصيها المذكورين سلفاً، ولكنني واثق من أنها لن تهمل هذا الموروث الثر في عملها الروائي الثالث الذي نترقَّب صدوره علي أحر من الجمر. وجدير ذكره أن الكاتب عبد المنعم الأعسم قد كتب مقدمة مقتضبة ودالة للرواية، فيما زيّنت غلافها الأول لوحة فنية للتشكيلي العراقي المعروف فيصل لعيبي.

 

نشرت في قصة
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 11:30

الى محمود درويش

من قال

انك قد رحلت ؟

محمود

تعذبني القصيدة

تعذبني

والحزن

سافر

 

من قال

انك قد رحلت ؟

من قال ؟

انك قد رحلت ؟

كأنك مليون شاعر

 

أقفل الفجر أبوابه

والشوارع أقفرت

وبكى المساء

عندما كان يغادر

 

محمود 

يا غابة الزيتون

يا بحر من الحب 

يا بحر التحدي

ورمز المقاومة

يا فارس

الزمن العقيم

كيف هزمت ؟

ونعرف

ان الموت قاهر

 

هذه

قصائدك الجميلة

كلها

بين البيوت

والنوافذ

وفي الزوايا

وعلى الستائر

 

حروفك 

كانت جواهر

كلماتك

نبتت ورودا 

ياسمينا

على الشرفات

على الطرقات

على المنائر

 

من قال 

انك قد رحلت

ووجهك العربي

محفور

في دواخلنا

وعلى اصابعنا

وبين جفوننا 

وجهك

ما زال يسكننا

وصوتك

حزن رمادي

يحيط بنا

كيف اودعك

يا جرحي المسافر

 

حتى 

المواسم أقسمت

ان لا تعود

ولا تراك

في النعش

والحقيبة 

والذهاب المر

حزن كطعنات الخناجر

 

انت القتيل؟

ام نحن 

الذين قتلنا

هذا اليوم

والجرح ظاهر

 

فلسطين الحزينة

خرجت جميعها

ابنائها

رجالها

نسائها 

خلف نعشك

والصوت هادر

 

ورمى رفاقك كلهم

اوراقهم

أقلامهم

فاليوم

يوم السواعد والحناجر

 

من قال 

انك قد رحلت 

وخلفك 

يسير

مليون ثائر

 

الارض

أرضك 

ارض فلسطين

ارض ستأتي بالبشائر

نشرت في شعر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 15:26

حائرة

 

الباب تضربه الرياح

فلا يجيب

وأنا

وأصوات بعيدة

وصدى نباح

 

وحفيف أوراق الشجر

ولهفة

المطر الحزين الى النواح

 

وخرير ماء في النهر

وحدي

وخيالات مضت

وأشباح طريق

وخيوط فجر شاحبات

تتسلل

لها لون الجراح

 

جاء الصباح

ولم تجئ

صوت

يناديني تعالي

فتضج في خيالي

جنة كانت واياما خوالي

هو ذا الفجر بدا

وللفجر عيون

أحتوتنا زمنا

عند لحظات جنون

 

لم أنم

لم أغمض جفنا

كنت أطوي

ذلك الليل الحزين

بأنتظارك

وأشد في هجيع الليل

الرحال لديارك

 

عند بابك

كم وقفت

عندما طال غيابك

 

ان في صحراء قلبي

البقايا من رمال

وفتافيت

ظلال

هذه الدنيا تضيق

فأرى من كوة

عينيك

درب

وثمة ذكريات

وأقاصيص

وآثار .. حريق

ومحال

 

وتدلى

في

ذلك الافق سؤال

 

 

نشرت في شعر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 11:16

جوكة حرامية

 السوق مزدحم جداً,واسراب الناس تمر ذهاباً واياباً في سوق الشورجة الواقع في شارع الجمهوري..الوقت ظهراً ولهيب الشمس الحارقة في شهر تموز يجعل ممر السوق المؤدي الى شارع الرشيد مكتظاً ومزدحماً وخاصة اذا اليوم هو رأس الشهر حيث المحافظ والجيوب مليئة بالنقود وهو يوم تسويقي..الجميع في حالة حركة مستمرة منهم الحمالون وهم يشكلون نسبة كبيرة في السوق.الباعة المتجولة وهم ايضا يشكلون نسبة النصف في السوق..

اصحاب المحلات وتجار الجملة المنتشرين في جميع ارجاء السوق.المتسولون والعاطلون ومفترشي الارض الذين يعيشون على الصدقة والرأفة والاسترحام,فهم كثيرون وقد ابتلى بهم ذلك السوق العتيد.اما اصحاب اللحى والعمامات ومرتدي الملابس الدينية الذين يوزعون الصدقات العينية والاحراز والادعية التي غطت بقماش اخضر اللون مع الشموع وقليلاً من قراءة الأيات يحصل هؤلاء المرابون على مبتغاهم وقد اصبحوا محط انظار الجميع ومنهم من يحسدهم على افكارهم النشطة الفعالة..القسم الاخير هم الحرامية والنشالة وهذا القسم هو اخطر المراحل التي يمر بها السوق. لأن هذه (الجوكة) لا تمثل فقط السرقات وانما امتدت ايديهم بعيدا جدا حتى شملت الصفات الباقية منها كمثال الكذب والنفاق وشهادة الزور والاحتيال على البسطاء من عامة الناس..وفي لحظة معينة بدأ الصراخ من مشاجرة كبيرة حدثت في وسط السوق..بين مجموعة من الرجال استعملت بها اشد الاسلحة ضراوة من قامات وخناجر وعصي..ناهيك عن الشتائم والفشار والطعن العلني..

وهنا دخلت مجموعات كبيرة لفض النزاع الحاصل وفض المشكلة ومنهم من حصل على الاجر والثواب ووقف سفك الدماء..حصيلة المعركة التي دامت قرابة نصف ساعة من الكر والجر وتدخل الناس المارين في تلك اللحظة التي حدثت فيها المعركة والتي لا يعرف سببها...جروح بالغة ودماء قد انتشرت هنا وهناك وقد تعطل عمل السوق والعجيب ان اصحاب المحلات لم يتدخلوا اطلاقاً بل اغلقوا محلاتهم وغادروا المنطقة غير ابهين بذلك الحدث المأساوي..بعد ان انقشع الغبار وبانت معالم الحقيقة وجد الجميع بأن محافظ النقود والجيوب المليئة بها من المتداخلين في وسط المعركة قد اختفت.

نظر (الفوازيع) لأنفسهم بعد (البوري) والمعركة الوهمية التي اختلقها النشالة والحرامية لسرقة المارة من الناس..وهنا قال احد اصحاب المحلات..هذه الممارسة تحدث كل اسبوع مرة وخاصة في رأس الشهر,وهي بسيطة وسهلة ولكن الادهى من ذلك لو استعملوا الخطة رقم ١ طواريء..وصرخ احدهم حريق فقط ..حتى نحن لا نسلم من تلك المصيبة..اما الدماء التي على وجوههم وملابسهم فهي اصباغ مصنعة لهذا العمل..والاسلحة كلها من البالستيك المطلية بالكروم الامع لكي تؤدي عملها بشكل متقن..الشرطة لا تتدخل في هذا الشأن لأنهم شركاء.

نشرت في قصة
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 11:10

الوداع

تصدر من زوجتي سناء، آهات مسموعة متقطعة عندَ الصباح الباكر، وحيث الشمس مازالت لم تتوسط كبد السماء بعد، تلكَ الإنسانة الرقيقة ذات العيون الخضراء الجميلة والشعر الخفيف الطويل المتموج، الذي يشبه لحدٍ ما نافورة وهي ترش الماء، بيضاء البشرة، ولها سحرٌ خاص، خارق في كسب ود الناس بسرعة ومجاملتهم بشكل لا يصدق، تعشق الأطفال حد الجنون، بحيث يصعب عليّ شرح ذلك الحب بالكلمات التي أعرفها؛ عمرها لم يتجاوز الثالثة والأربعين، لكنَ طباعها كانت توحي للمرء بعد التقرب منها، بأنها مازالت طفلة في الرابعة من العمر، وعندما تتكلم، يصدق من يسمعها لتبدو وكأنها تعتذر!

 فزعتني أصواتها التي بدأت ترتفع، نظرتُ لها وأنا في حالة من الذهول والهلع لما يحصل، رأيتها تتوسط السرير وهي متربعة، كما يجلس التركي، تمسك رأسها براحة يديها وكأنها تلتقطه بعد أن أنفصلَ عن جسدها! لقد كانَ منظرها يجلب للمرء السكتة القلبية، فسألتها باستغراب ما الذي حصل؟ وهل تعانين من مشكلة؟ وكيفَ يمكن لي مساعدتك...؟ لكنها تجاهلت توسلاتي كعادتها، وبدأت بالبكاء وهي تندبُ حضها العاثر وتقول بأسى:

 إنني إنسانه بائسة، وليسَ لدي أي حظ في الحياة ولا نصيب من السعادة التي أسمع فيها ولم أتعرف عليها، ثمَ علا صوتها وبدأت بالنحيب وكأنَ شخصاً عزيزاً لها قد توفي تواً، فأردفت: لا أريد أن أحيا بعد اليوم، ثمَ قالت بصوت مرتجف متهدج وهي في حالة من الهستيريا:

  أريد ببساطة أن أنهي حياتي، أن أموت، فلا أطمحُ بالحياة بعد وبهذا الشكل، لا... لا أريد... ثمَ أجهشت في البكاء المر الذي يقطع أوصال من يسمعها... بعدَ أن عادت لتكرر الكلمات التي قالتها قبلَ لحظات... أنا إنسانه بائسة، تعيسة، لا أفقه من الحياة سوى عذابها، وليسَ لدي أيّ طموح ولا حتى بصيص أمل يجعلني أعيشُ من أجله... فقاطعتها وتقربت منها وسرحت شعرها المائي، وحاولت تهدئتها فقلت لها: عزيزتي ماذا تقولين...ما الذي أصابك؟ فأنا لم أعهد فيك هذا التشاؤم من قبل وخاصة عندَ الصباح، فنحن وكما ترين مازلنا في السرير ولم نترجل منه بعد! هدئي من روعك أرجوكِ واشرحي لي بهدوء الموضوع، كي يتسنى لي فهمه ومساعدتك...

 لكنها أكتفت بأن أدارت لي ظهرها وهي تبكي وتنتحب وكأنها في مأتم عربي! فقلت متردداً كالذي يعتذر: سأتصل بالطبيب حالاً، ما دمت لا تجيبينني ولا تحبين أن أساعدكِ... قمت من السرير ونظري لا يفارقها، لكنها شعرت فجأة بالحرج ربما، فقالت وهي تصوب نظرها دونَ أن تطرف، إلى اللوحة الزيتية المعلقة على الجدار، الأصلية، لرسام هولندي، التي زرعت فيها الطبيعة الحانية في فصل الربيع وطفلان يتنزهان وهما متشابكا الأيدي، وقالت وهي مازالت تنظر إلى اللوحة، وبصوت غير مسموع تقريباً... لا داعي، ثمَ صمتت، لكنَ بكاءها لم يصمت!

 أستغفر الله، قلتُ متذمراً قليلاً، ماذا عليّ إذن أن أفعل...؟ قالت متسرعة كالشخص الذي لا يخشى شيئاً أو حتى لا يهاب الانتحار:

 لا شيء، لا تفعل شيئاً، وأعقبت، اتركني أرجوك، فما أعانيه قد لا تقدرهُ حتى لو فهمته، اتركني، أتوسل إليك، ثمَ أجهشت في البكاء مجدداً... لكنَ القلق بات يؤكلني، فقلتُ لها برقة لم أتعودها:

  زوجتي الحبيبة، ما عليك فقط هو أن تثقي فيّ وتقولي ما تعانين منه، وأنا سأتكفل بكل الأمور الأخرى  أعدكِ بذلك، فأردفتُ كالواثق من نفسه: لا تشغلي بالكِ أبداً، لا تحملي أي هم، ثمَ أنا لا أطلبُ أكثر من هذا؛ ثمَ شرعت وقلت لها بلهجة متوسلة لأبدو كالشحاذ: بالله عليك هل هذا كثير؟!

 تغيرت لهجتها وأصبحت عصبية المزاج فجأة، لكنها ترددت للحظات، وهي ترتجف وكأنها تعاني من الحمى فقالت: الموضوع لا يخصك، وصحتي جيدة، ولا أعاني من أي آلام عضوية، ثمَ أردفت بإصرار: ومعَ ذلك أتوسل إليك وأقول اتركني لوحدي الآن، أرجوك؛ وغاصت في السرير مرة أخرى لتبدو وكأنها ليست موجودة، إلا من آهاتها وزفراتها الحارة العالية...! وبعدَ لحظات قليلة معدودة، رفعت رأسها وكأنها تذكرت شيئاً تريد أن تقوله، فأردفت: ليأخذنني الشيطان، فأنا وكما قلت لا أريد الحياة، بل أمقتها وأرفض الخوض في مضمارها، ثمَ وبكل ما تملك من إباء وحزم وصرامة، وبعد أن جمعت قواها، صرخت مصرحة بكل إخلاص:

 

أريد أن أقتل نفسي، وأجهشت في البكاء والنحيب وهي تردد لا أريد أن أعيش، هل هذا مفهوم يا رجل، وهي تنظر لي بأسى ودونَ رحمة، عندها أشارت لي بأصبعها الصغير الرفيع الجميل الذي يشبه إلى حدٍ ما ميل الساعة المنضدية التي نمتلكها في غرفة الجلوس! وقالت بطريقة آمره يملؤها الحزن:

  أجلب لي ورقة وقلما، ثمَ أردفت مباشرةً: أريد أن أكتب وصية، وابننا الصغير آدم سيبقى أمانه في عنقك  وليسَ لدي أمنيةٌ أخرى أود تحقيقها أو تسجيلها، سوى أن تربي ابننا على الفضيلة والأخلاق الحميدة ولا تجعله يحتاج شيئاً، أرجوك عدني بذلك، بل أقسم لي الآن وأمامي، بأنك ستنفذ وصيتي هذه بحذافيرها، هيا... عدني أرجوك...ثم بدأت تصرخ بشكل غير مألوف، مما جعلتني أفقد توازني المعهود ورصانتي وحكمتي التي يشار لها بالبنان في المواقف الحرجة والصعبة، ولم أستطع التركيز فيما يجب أن أفعله، وشجاعتي هذه المرة قد خانتني تماماً وكما يقال:

 المرء يكون قوياً وأبياً وحكيماً عندما تكون المشكلة لا تخصه؛ وما أن يقف في المواجهة والموضوع يتعلق به شخصياً، فسرعان ما يذوب لوعةً وحرقة، فما أغرب طبع الإنسان هذا...!!

  بقيتُ جامداً كالثلج بلا حراك، وأنظر لها وقلبي يدق بقوة ليبدو وكأنه يود أن ينفجر أو أن يخرج من مكانه... في هذه اللحظة بالذات رنَ جرس الباب بصورة متواصلة وكأنه صوت إنذار لسيارة إطفاء مما زادَ موقفي تعقيداً وارتباكاً وحرجاً، هرعت لفتح الباب، وإذا بابني آدم يدخلُ عائداً بعدَ أن غادرَ المنزل قبلَ عشرين دقيقة تقريباً متوجهاً إلى مدرسته، وقلت له متسائلاً باستغراب شديد، وملامح الحيرة وشعور من الغضب والرجاء رسمت على وجهي المتعب الناعس والذي لم أغسله بعد:

 ما الذي جعلكَ ترجع مجدداً يا آدم؟ هل هناك مشكلة؟

 تركني كالتمثال واقفاً عندَ الباب ولم يرد على أسئلتي، ليتوجه راكضاً، مسرعاً إلى أمه التي مازالت في السرير وعيونها تذرف الدموع الغزيرة بكل سخاء... وهو يقول لها مبتسماً:

 ماما، معذرةً، لقد نسيت أن أقولَ لكِ معَ السلامة وأنا أغادر إلى المدرسة، لقد كنتُ في عجلة من أمري... ولكني... ولم تنتظر زوجتي أن يكمل آدم كلامه ، لتخطفه من الأرض بحركة مذهلة، مدهشة، سريعة وخاطفة، بعدَ أن قفزت من على السرير كالأرنب لتضمه إلى صدرها وتقبله بحرارة وكأنها لم تراه منذ سنين وهي تبتسمُ ضاحكة  كالأطفال وتقول:

 لو لم ترجع الآن يا آدم لقتلت نفسي... بينما صدحت ضحكاتها المرحة، الفرحة في كل أركان المنزل، بعدَ أن عادت لها الحياة وبُعثَ فيها النشاط والحيوية فجأة، لتبدو وكأنها في اللحظة التي قالت أمام الشيخ الذي عقد قراننا: نعم أقبل به زوجاً...

 يزرع آدم قبلة على يدها الناعمة الملساء التي تشبه سطح الزجاج وهو في الحقيقة لم يفهم كل ما كانَ يدور من حوله، لأنه مازالَ لم يتجاوز بعد عامه التاسع!

 

نشرت في قصة
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 11:03

حانة العم مرزوق

لم يعرف العم مرزوق في مقتبل حياته سوى الخمر والنساء؛ ذلك الرجل الذي لسانه تبرأ منه منذ زمنٍ طويل، لا ينفك عن القرح والذم والتهريج، كبائع متجول! وهو المميز بعلامة فارقة لا يمكن تجاهلها عندما تنظر إليه، فهو ولد بعين واحدة سليمة، يرى العالم من خلالها؛ وعندما تغرّبَ مبكراً، لم يجد أمامه إلا أن يفتح حانه، ليمارس ما كان أصلاً قائماً في حياته في العراق قبل غربته- التي يقول عنها تعسفية - إلى تركيا، وهناك مارس عمله الذي هو كل حياته ولا يعرف سواه، الخمر؛ لكن هذه المرة دون النساء...  بعدما أن هرم الرجل وهدّه المرض والعرق.

 أفتتح حانته في المنطقة العربية المكتظة بالبضائع والسكان العرب وضجيجهم الذي لا ينقطع في مدينة إسطنبول القديمة؛ تجدها مدفونة بين بيوت الحي، على ناصية شارع فرعي يؤدي بدوره إلى شارع رئيسي ينتهي إلى مركز المدينة. علق لوحة على واجهة الحانة وكتب عليها بكل فخر: حانة العم مرزوق، وبخط يد منحوس، مخربش وبالكاد كان يقرأ؛ أبقى على جدرانها العارية الصماء التي تعكس وحشه خرساء مذبوحة أو مغتصبة، عتيقة الطلاء، بعد أن أبى تجديد دهانها؛ أحضر بعض الطاولات الخشبية المستعملة مع ما يناسبها في القدم من كراسي، وظلت الأرض عارية من أي غطاء، سوى الخشب الذي ما أن تطأه الأقدام حتى يصرخ مهتاجاً، وكأنه يتألم؛ جعل الحانة محل لعمله ومكان لإقامته وسكنه؛ فلم يكن يغادرها إلا ما ندر أو شذ أو في الحالات التي يحتاج فيها شراء بعض ما يلزم من خمر أو( مزات ) لإدامة عمله، الذي يقول عنه مسل، بائس ولعين في نفس الوقت، خاصة عندما تقوم بعض المناوشات الكلامية وتتطاير في الهواء الكلمات النابية الفاحشة بين جمهور الشاربين بعد أن يستولى الخمر على ما تبقى من عقولهم التائهة أصلاً... وهو الذي يسقي زبائنه ويشاركهم الشرب، عادة، رغبه، إدمانا، إرضاء ومجاملة في بعض الأحيان، وما أن يستمر بالشرب حتى يزداد ليناً، انشراحاً وتألقاً، فيصبح مزهواً، معتداً بنفسه، وهو يردد مقولته التي يفتخر بها، نعم، أنا أشرب العرق، لكني لا أسمح للعرق بشربي!! لذلك أبقى واعياً ولا يتسرب الخدر إلى خلايا جسدي... ومهما أكثر من شربه، لا يصل إلى حدود السكر الحمراء أبداً.

طلع القمر في بهائه الساطع، والحانة من تحته تستحم بضيائه الناصع... تقدم المساء المخترق السكينة بسبب الأصوات العالية والمتداخلة خارج الحانة، واللغط والقهقهات التي تصدر من الداخل، بعد أن اكتظت بالشاربين كالعادة، وبدأت الروائح الزنكة المختلطة بالعرق المتصبب من الأجساد والذي ينضح تحت الآباط بشكل مفضوح وكريه، ودخان السجائر المتصاعدة تملأ سماء الحانة الداكن، الغائم الكئيب...

فتح أحدهم باب الحانة الهزاز غير الطويل، ذا الطلاء الرمادي الغامق المتعفر، المتشقق والمقشر بسبب العتق والاستعمال وفعل السنين...  دخل بتثاقل وهو يغرز نظراته في الجالسين بفضول مبهم، غريب؛ ثم التفت نحو إحدى زوايا الحانة، المقابلة إلى ذلك الباب الذي لا يعجز عن إطلاق الأصوات المتشنجة، المقززة في كل مرة يفتح ويغلق فيها... وهناك اتخذ مجلسا من إحدى الطاولات الشاغرة، المحشورة في أحد الأركان حشراً... وجلس صامتاً وهو يترقب بحذر شديد، وكأنه بانتظار إشارة أو أحد.

كانت ملامح القادم الجديد الذي دخل لتوه مريبة بعض الشيء، إذ كان يتمتع برأس صغير، وأنف حاد، تنطق عيناه بنظرات ثابتة، قصير الشعر، غليظ الشارب، وملابسه لم تكن تدل على أنه من الميسورين أبداً؛ وعندما طلب خمراً يحتسيه، كانت نبرته، نبرة المجنون للعاقل، بعد أن تحير والتمع الدمع في عينيه ولم ينزلق، فظل محبوساً في الأحداق...

رفع الكأس وأخذ رشفه طويلة منه، ثم مسح شاربه الغليظ بقفا كفه وصاح بتجهم: ما هذا؟ وأردف مجيباً مشفقاً على تساؤله، إنه ماء جهنم وحق الشيطان ومن خلقه!! ثم قهقهه، كمن يستخف بمأساته وصمت، ليبدو وهو جالس،  كالمتشرد النائم على رصيف.

بعد برهة من ذلك الصمت الأخرس، أفاق على نفسه وصاح بصوت جميل، عذب وشجي بحيث يجلب الانتباه، وهو يصيح بعم مرزوق: أرقدش( كلمة تركية، تعني أخي بالعربية) هل لك أن تخبرني  عن رحيم أين أجده؟ ألم تره؟ ألم يحضر إلى هنا؟ ثم تابع برجاء حقيقي وتوسل، أنا بحاجه إليه كثيراً، لم أعد الصبر والحياة من دونه... لقد تركني بعد أن تخاصمنا على مبدأ حياة الغربة، وهرب... ولا أعلم إلى أين؟!

- أجابه عم مرزوق وهو يقترب منه، حاملاً كأس العرق بيده اليمنى، ويركز النظر فيه جانبياً، بسبب عوره، وهتف: لطف الله، الرحمة واجب، من أين لي أن أعرف رحيمك هذا؟ يا أخي، ومن ثم أنا لم أتشرف بعد بمعرفته، فكيف، أستدل عليه؟ ها... السؤال الآن موجه لك، ومن حقك أن تمتنع عن الإجابة وضحك بتهكم! ثم سحب كرسياً مقابلاً له وجلس.

 

- ركز بنظره، وكأنه ينظر له من ثقب باب، وبعد وقفة قصيرة، استعاد فيها هدوءه قليلاً، قال باستياء: يا إلهي، أمرٌ لا يصدق!! كيف لا تعرف رحيم؟ أنا استغرب ذلك كثيراً!!

 

- ومن يكون؟! ثم نبر، بالتأكيد أحد الصعاليك الذين نراهم هنا وهناك يتسكعون في غربتهم بتركيا.

 

- صرخ به باستنكار، كالمعتوه، وبصوت هادر مخيف وشجي في نفس الوقت:

 

يا رحمة الله، أرجوك، سوس أولان( كلمة تركية تعني اسكت هذا عيب بالعربية)  لا تقل مثل هذا الكلام عن رحيم، ثم أردف بتماسك، إنه فنان أصيل، أقصد فنان بالفطرة، مطرب كبير، يتمتع بحنجرة لم تصقلها الدراسة، إنها الموهبة الربانية التي قل أن تجدها في شخص آخر... ثم سعل قليلاً واستطرد مشفقاً على محدثه، خيبت آمالنا، أطال الله في عمرك يا... ( ولم يقل اسمه ) وتابع دون مبالاة، كان رحيم مطرب مشهورا في العراق، وله معجبون كثر، لكنه كان صريحاً ولا يحب التشوف أو المباهاة الفارغة ولا التنازل، لذلك ظل بعيداً عن الأضواء، تلك التي تعرفها... ثم واصل، إنك صاحب حانه وتعرف ما أعني، أليس كذلك؟!

 

- رد عليه متحذلقاً وبلسان ثقيل قليلاً، بعد أن جرع ما تبقى من كأسه الخامس لهذه الليلة: نعم، نعم أعرف كل هذا، قال العم مرزوق ثم سأله بتأنيب، لكنك لم تقل لي بعد لماذا هجرك؟ وأنت تقول إنه أعز أصدقائك، وإنه شخص لا يهادن أو يهاب!!

 

- هذا هو السؤال الذي أنتظره، ثم باغته بقوله: جدد لي كأس العرق أولاً... وأنا أقول لك! بل أنا لم آتِ إلا لأقول وأبحث ولأجد رحيما...

 

ذهب صاحب الحانة لملء كأسه... فسمع صياح جليسه ومن مكانه الذي تركه فيه، برعونة غير متوقعة من بقية الجالسين وبنفس الرنة الهادرة السابقة دون تردد:

 

تلك هي المشكلة، أقصد الغربة، الطقوس التي نمارسها دون احترام لذاتنا، ولأننا في غربة، اختلفت أخلاقنا، كثر كذبنا ورياؤنا، وأصبح من كان في العراق زبالاً... هنا طبيباً!! ثم هتف، كيف؟ لا نعلم!! هكذا هي أخلاق الغربة، هراء، لا تصدق كل ما يقال... ثم توقف عن الخطابة بعد أن بادرته نوبة سعال حادة، أستسلم لها، وفي هذه الأثناء حضر عم مرزوق وبيده كأسين ممتلئتين بالعرق واتخذ مجلسه أمامه، في حين عاود صاحبنا الهتاف والتنديد قائلاً، إرادتي ( أرقدش ) أغتالها اليأس، بينما رحيم لم يستسلم فتركني... ثم خفق ناطقاً، أسيفاً، تلك هي المشكلة! أقصد إننا لم نتفق، فتركني وهو ملاك، وأصبحت أنا في نظره، في شريعته وفي قانونه وعرفه، نذلاً، نزقاً أعاني الأمرين بعد أن اختلطت عليّ الأشياء وباتت كلها بلونٍ واحد... وما كنت أراه صائباً أصبح كفراً، والحمامة التي كانت في حضني سلاماً، تحولت فجأة إلى غراب ودون علم مني، بل تحولت إلى... فسق، زندقة وعدوان على نفسي والآخرين!! ثم ناح، وكما ترى بنفسك، أجالسك، أسكر معك، وكأنني أطلب التوبة على يديك!!     

 

- رد عليه عم مرزوق بعدم اكتراث وهو يدق كأسه بكأس جليسه نخباً: أنا أتفهم وضعك يا أخي، ولكن لا تعذب نفسك هكذا؟ تجمل بالصبر، والغائب عذره معه كما يقال، لا تيأس أرجوك، فاليأس هو الابن  الشرعي للموت! أليس كذلك؟ وتابع بحيوية نشطة، لا تعود إلى شخص شارب، وأنا لا أراك إلا ابناً للحياة، أشرب، أستمتع، تذكر كما يحلو لك، انس إذا أردت، ارقص إن شئت، غن إن أحببت، ولكن لا تيأس... ثم دعا، كمؤمن، قرب الله لقاءك بمن تحب، آمين رب العالمين( قال ذلك وهو يفتح ويغلق عينه اليتيمة بسرعة غريبة، نزقة)

 

- أشكر لك عواطفك الصادقة( أرقدش) ولكن- وهو يتلفت ويزر الآخرين بتلك النظرة الثاقبة المعتادة- ما هذه السهرة غير الماتعه، المعتعته، الباردة التي لا تريد أن تنتهي... ثم أضاف، ولا أن تجعل من العقل سلطاناً يذوب وهو يعاقر الخمر؟!

 

رد عليه أحدهم بصوت مقهور، وقح، وكأنه مخذول من شيءٌ ما: ستنتهي وحياة أمك( ضجت الحانة بموجة ضحك متهتك) ثم نبر بلؤم، ولكن بعد أن تجد صاحبك، أقصد رفيق عمرك هذا الذي أصدعت رؤوسنا به، من كثر ما رددته على مسامعنا، ثم ناح، لقد أفسدت علينا طقوس ليلتنا، أفسد الله عليك لياليك جميعهاً، كف وأعدل عن فكرة البحث... على القليل الليلة هذه، ثم شارك الآخرين الضحك، ها... ها... ها

 

- أجابه صاحبنا منفعلاً، مغتاظاً وهو يلوح بيده، بعد أن التمع ماء النشوة والغضب الزجاجي في عينيه: يا عدو الله، أنت... يا وجه الشيطان، يا سليط اللسان، أنت! طائش، أرعن ولا يفرق بين الديك والدجاجة! ثم أضاف، جنوني أفضل من عقلك، وغروري أسمى من فعلك، وتفاهتي أجمل من فنونك، ضنفوس( كلمة تركية تعني خنزير بالعربية) زنديق، لا يعرف نفسه حتى وإن ظل ينظر بالمرآة عاماً كاملاً... ثم تابع، أنتم يا أولاد السحالي، أراكم تشربون الخمر، كما تشربون الماء، كي تسكرون نشداً في النسيان، وهذا يخالف وجهتي في الشرب تماماً، فأنا أشرب كي أتذكر!!( ورجت الحانة بالضحك الصاخب من جديد )

 

فجاءه صوت قبيح من إحدى الزوايا التي لم يتعرف عليها: سلام يا نسيان، ثم أردف، أنت قواد وابن قحبه، والكل هنا يشهد... 

 

- مرحباً، شهود، سكتر( كلمة تركية فاحشة)!! ثم عقب، تقصد هؤلاء السكارى، شهود؟! ما شفاك الله من ورطتك اللعينة هذه إذن!! وتابع، أنت يا مسلولا... يا صلاّ... يا جسم فانيا، الموت سيكون نهايتك السعيدة، بأذن الله! ثم همس في أذن عم مرزوق، وكأنه يسرّ ذاته، أنا أرعن وأستحق كل هذا العذاب، أتعلم ذلك؟! ثم سكت، كراهب بوذي يتعمد في وحدته.

 

- أجابه صاحب الحانة مستدرجاً، متملقاً، وهو يتظاهر بالعفو ويصطنع الكلمة والغفران:( أوغلوم، كلمة تركية وتعني ابني بالعربية ) التاريخ يعيد نفسه، صالوما الداهية هي التي أدت بيوحنا إلى التهلكة! والزمن عبرة، والماضي لا فائدة منه، ورحيمك هذا لن يظهر بسهولة خلافاً لما توقعت! لذلك أقول، لا تتألم، اترك الأمر لصاحب الأمر( وبعد جرعة من كأسه ) تابع بحماس، يا حفيظ، جرب أن تصدقني، أو على الأقل، أن تأخذ بنصيحتي، فالحزن، كالابتسامة لا يمكن وصفهما بسهولة، أعني ليس بالشيء الهين أن ترسم الحزن أو الابتسامة على الوجوه، حتى وإن كنت رساماً بارعاً، لذلك أراك تتعذب أمامي وتسكر، والذكرى هنا زمن فائت كما قلت، غير موجود، ونحن هنا لا نتعامل مع الأشباح إلا عندما نسكر!!

 

- رفع صاحبنا رأسه وصوب نظراته التي لا تخطئ، كالسهم الموثوق منه، حرك لسانه وقال: جبر الله بخاطرك( أرقدش ) وما تقوله صحيح، ولكن... كيف أشرح لك؟ أقصد، أن الغربة في جدال مع التناقض، والأخلاق هي محور الحوار! والشخص الغريب في الغربة هو الخائن الخسران وإننا لا نعيش هنا على سجيتنا، بل نتصنع، نموه ونميل إلى الخداع والتشويه والتحريف، ناهيك عن قسوة ومعاناة البعد والتشرد الذي نعانيه... لذلك أقول أن منطق الغربة في جدال أو صراع مع التناقض!! ثم صاح بحنجرته العريضة الواسعة، أتفهم ما أقول؟! والدموع كانت قد غزت عينيه بسخاء لا حدود له وفجأة ودون إرادة منه... راح يدندن بنغم شجي، مؤثر رائع، حميم أبهر الجالسين وهو يردد، مازال صديقك يا رحيم يدور، تعودنا الجهل، فصار الجهل نورا، أحببنا الحياة، ولم نعلم بأن الحر مقصور، تجاهلنا الحق، وطبع الخلق مغرور، فهمنا الحب وشعور القلب مسحور، تكبرنا وشر العقل مدحور... ثم جرع ما كان باقياً من كأسه في جوفه دفعة واحدة وناح، رحيم، أين أنت الآن؟! أين؟ وصديقك مازال يسكر وفي مكانه يدور، وظل يدندن بذات الصوت الحزين العذب...

 

في هذه الأثناء... دخل زبون جديد إلى الحانة، فزعق الباب الهزاز باستهتار صارخ بأن أحدهم شقها من الوسط!! نظر إلى الجالسين وهو يعاين المكان، وكأنه ينوي شراءه، حتى عثر على صاحبنا الباكي، الشاكي الذي كان غارقاً بالغناء... فصرخ القادم الجديد به فرحاً، غير مصدق:

 

منْ هناك؟ سلطان الطرب! وأخيراً وجدتك، يا رحيم يا فنان يا ملهم، يا أصيل... توقف لحظه، بلع ريقه، لوح بيده، وكأنه يرحب بالجالسين وصاح هاتفاً، يا رجل لقد أتعبتنا... فمنذ الصباح ونحن نبحث عنك في كل مكان... تقرب منه وهو يدعوه مبتسماً، هيا أنهض معي ولا تجعلنا نتأخر أكثر، فالفرقة الموسيقية تنتظرك، والمدعوون كذلك  وأنت هنا! ثم استدرك، لا حول الله يا رب، ماذا أقول، ولمن أشتكي؟!

 

توقف رحيم عن الغناء، اعتصم بالصمت ولاذ به، كأنما يمثل طبع الحجر، الذي لا يعرف الشعور أو التأثر أو النظر، وينظر بالقادم وفي حال شبه غائب عن الوعي، بسبب كثرة الكؤوس التي جرعها وهو يشعر بالذل والخيبة والهوان ومن عدم الانتماء؛ الانتماء الذي هو علاج لكثير من الأمراض في غربته القسرية التي لا تريد أن تحيه أو تميته، وهذا ما كان ينقصه، فمرض بعد أن تخلى ضميره الحي، الناطق، الصادق عنه، وهو في أمس الحاجة لنقد الذات في سويعاته المقهورة الحزينة تلك.

نشرت في قصة
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 09:53

ايام من الذاكرة الجميلة

بمناسبة الذكرى الخامسة والستين

لمؤتمر ساحة السباع - 14/4/1948

تأسيس اتحاد الطلبة العراقي العام

اطلعت على موضوع الاخ الاستاذ فاضل فرج خالد والموسوم بعنوان ( الرابع عشر من نيسان 1957 - يوم في ذاكرتي ) والمنشور في صحيفة طريق الشعب الغراء هذا اليوم الثلاثاء 16 نيسان 2013 ، وقد اثار شجوني وذكرياتي عن تلك الايام الخالدات حيث بلغت الحركة الوطنية الطلابية ذروتها آنذاك .. كما اعادت ذاكرتي بوصفه الرائع لاجواء تلك الايام وكأني اعيش تفاصيلها هذا اليوم .. فقد انطلقت المظاهرات الطلابية المتلاحمة مع جماهير الشعب العراقي بجميع شرائحه بعد العدوان الثلاثي الغاشم على مصر اوكتوبر 1956 وباشتراك غارات جوية عراقية غير معلنة من الحبانية قي ذلك العدوان

انطلقت الشرارة الاولى للمظاهرات من مجموعة الكليات في الكسرة وهي دار المعلمين العالية وكلية الهندسة وكلية التجارة وكلية الحقوق وثانوية الصناعة وبتضامن كليات الحكمة في باب المعظم ( كليات الطب والصيدلة وطب الاسنان والموظفين الصحيين ) وبسبب تمترس قوات الشرطة السعيدية ورجال الامن المدججين بالسلاح في ساحة باب المعظم كان من الصعوبة بمكان التحام المتظاهرتين ، ولكن بعزم واقدام المتظاهرين القادمين من الكسرة والاعظمية وجماهير الشعب الاخرى حصل الاشتباك بينهم وبين رجال الشرطة وهم يطلقون النار عشوائيا على المتظاهرين في ساحة باب المعظم ، فسقط الشهيد الاول البطل ناجي نعمة السماوي احد طلاب دار المعلمين العالية ، والتحمت جموع المتظاهرين مع الشرطة من عدة اتجاهات ، وشاهدت الشهيد بعد قليل في منظر مؤلم لن انساه ابدا وهو بين ذراعي خطيبته وزميلته الطالبة في نفس الكلية وسط حزن وغضب عارم من قبل المتظاهرين

واستمر الغليان لعدة ايام وحتى ايقاف العدوان على مصر بتدخل دولي حينذاك وقد لعب الاتحاد السوفيتي دورا حاسما في ايقافه ، بعدها طالت الاعتقالات والمطاردات للعديد من الطلبة فهدأت الاوضاع نسبيا

 

كانت تربطني بالشهيد المناضل ناجي نعمة السماوي صداقة حميمة وكان زميلي لسنتين في الاعدادية المركزية وهو من ضمن مجموعة طلبة من السماوة واقربهم اليه هما المرحوم عبد جايد السماوي ( مدير تربية السماوة فيما بعد ) وعبد العظيم عبد الصاحب السماوي ( مهندس استشاري فيما بعد ) ، كانوا خلال المواسم الدراسية ايام الاعدادية يسكنون في الفنادق ، وبعدها في الاقسام الداخلية ، وكانوا في زيارات مستمرة لي للتذاكر سوية احيانا في دارنا في محلة الكريمات / الدوب ، ومن الاشياء الجميلة التي ميزتهم كاصدقاء يتصفون بدماثة الخلق والطيبة ، كانوا يطلبون من والدتي ( رحمها الله ) ان تطبخ لهم اكلات مندائية مميزة ، فكانت تلبي طلباتهم بين فترة واخرى لانهم في بغداد عزاب وغرباء وتطلب مني ان ادعوهم .. وعند قدومهم نرى فيهم روح الفرح والدعابة والامتنان والتلذذ بالاطباق المندائية ... فقد رحل احدهم الشهيد البطل ناجي نعمة السماوي قبل اوانه تاركا اهله وخطيبته واصدقائه بالآلام والحسرة .. ولكنه بقي خالدا في قلوب اهله واصدقائه ومحبيه

اما المرحوم المربي الفاضل عبد جايد السماوي والمهندس الاستشاري عبد العظيم عبد الصاحب السماوي فقد استمرت علاقتنا وصداقتنا لعشرات السنين وحتى سنين قليلة قبل سقوط الصنم والتغيير في العراق

اما عن الاحتفال بالذكرى التاسعة لميلاد اتحاد الطلبة العراقي بتاريخ 14/4/1957 والذي تطرق له الاستاذ فاضل فرج خالد ولم تسنح الفرصة لبقية الكليات بالاشتراك به معنا في السفرة لهذا الغرض ، فقد قام اتحاد الطلبة في كليات الحكمة (الطبية والصيدلة وطب الاسنان والموظفين الصحيين) بتنظيم سفرة طلابية الى بساتين سدة الهندية / الحلة في اول جمعة بعد 14/4 للاحتفال واحياء الذكرى الخالدة .. وكان تجمعا طلابيا كبيرا واحتفالا رائعا لازال عالقا في الذاكرة

 

ولكن للاسف لم تسير الا مور بعدها على مايرام .. اذ القي القبض على احد الطلبة المفصولين من الكلية الطبية لاسباب سياسية ( جبار حسين البصري _ تخرج طبيبا بعد الثورة ) وعثر في جيبه على قائمة اسماء كثير من الطلبة وفيها عناوينهم ... وشنت السلطة حملة اعتقالات طالت العشرات من الطلاب الناشطين وانا منهم وكذلك ابن عمتي المرحوم شاكر يوسف الحيدر الطالب الناشط في كلية الآداب ، وبقينا في معتقل التحقيقات الجنائية في شارع النهر ( المستنصر ) وقد تعرضنا للتعذيب الجسدي والنفسي ( لا زلت اتذكر ذلك الطنين المؤلم في اذني نتيجة صفعات قوية على وجهي من قبل ذلك الضابط اللعين ) ، ولعدم تمكن التحقيقات من انتزاع اعتراف من المعتقلين وانكار المتهم جبار حسين لقائمة الاسماء اطلق سراح معظم المعتقلين الا هو ، وحكم عليه بالحبس لمدة ستة اشهر

عاشت ذكرى مؤتمر ساحة السباع في 14/4/1948 يوم ميلاد اتحاد الطلبة العراقي العام

المجد والخلود لشهداء الحركة الوطنية

 

نشرت في وجهة نظر
الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2013 19:03

الفكر الدخيل

يتفق الجميع أن خطراً ماحقاً يتهدد وجود الطائفة المندائية العريقة للأسباب المعروفة ويتنادى الخيرون من أبناء الطائفة للوصول الى خير السبل لاٍنقاذ طائفتنا المهددة بالانقراض وهاهم أبناؤها الخيرون اٍبتداءً من رئيس الطائفة ومجالس الطائفة في بغداد وشيوخنا الأفاضل ومثقفينا وممثلياتنا في دول الوسط وجمعياتنا واٍنتهاءً باٍتحادنا العتيد وتنظيماته المنضوية تحت لواءه يبذلون كل من موقعه الجهود الخيرة ويوحدون الصفوف والكلمة من أجل مد طائفتنا بأسباب الحياة وجعلها أكثر صلابة وأقدر على مقاومة الهجمة الشرسة التي تنهش جسد المندائية على كل المستويات.

 

اٍن الملاحظ المراقب المتمعن الدقيق والقارئ لما يطرح على الساحة المندائية يجد أن هناك خطابين مندائيين متميزين :

 

1.خطاب قوى الخير والنور

 

2.خطاب الفكر الدخيل

 

اٍن الخطاب الأول معروف وهو الخطاب العام الذي يجاهد الجمع الخير المشار اليه أعلاه من أجل جعله خطاب المجموع عن طريق

 

أ.تحديد الأهداف المستقبلية

 

ب.توحيد التجمعات المندائية وتنسيق فعالياتها

 

ج.المؤتمرات وتوحيد الجهود لاٍنجاحها والعمل الجدي اللاحق على متابعة قراراتها واٍدخالها الى حيز التنفيذ.

 

د.توحيد وتنسيق فعاليات القيادة الدينية والمدنية وتنسيق التمثيل المندائي

 

ه.اٍحترام الرأي المقابل والأفكار الايجابية التي تصب في صالح الطائفة

 

و.التحلي بالصفات المندائية المعروفة وأهمها روح السلام والتسامح وحب الخير ونبذ التآمر والوشاية والتلصص ومحبة بعضنا البعض بغض النظر عن الموقع الاجتماعي أو الوظيفي أو الانتماء السياسي

 

ز. الحيادية اٍزاء الدولة العراقية وحكومتها ومؤسساتها والعمل معها يداً بيد ما أمكن ذلك من أجل تحقيق أهداف الطائفة وفي نفس الوقت الضغط المستمر سلمياً لنفس الغرض.ان قوى الخير والنور ترى أن الدولة العراقية الحالية محاطة بالأعداء من كل جانب من بقايا النظام البائد وفلول البعثيين وقوى الرجعية العربية وقوى الاسلام السياسي بشقيه الوهابي ومناصري ولاية الفقيه الذين لايريدون للتجربة الديموقراطية في العراق أن تنجح وخصوصاً وهي قائمة على تحالف يضم ولو اٍسمياً غالبية الشعب العراقي (ألشيعة والأكراد) والتي يمكن أن تتطور في المستقبل الى تجربة رائدة في المنطقة تنهي والى الأبد السيطرة المقيتة لأقلية متسلطة لا يمكن أن تحكم الا عن طريق الدكتاتورية.

 

ولهذا فاٍن الطائفة المندائية لا يمكن أن تحترب مع المؤسسة الحكومية الحالية ودستورها وذلك لصالح الجماهير المندائية التي هي بطبيعة الحال جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي.

 

ح. اٍحترام الدور الخاص المهم والأساس لرجال الدين سواء ضمن المجال الديني أو الدنيوي دون الانجرار أو الاندفاع لجعل قيادة الحركة المندائية قيادة دينية بحتة لما في ذلك من مخاطر معروفة للجميع بما في ذلك رجال الدين الأفاضل أنفسهم.

 

أما بالنسبة للخطاب الثاني والذي أسميته الخطاب الدخيل فيتميز بالآتي :

 

أ. يحمل فكراً اٍعتدائياً غريباً عن صفات المندائي المعروفة واٍستعداداً لسلوك جميع السبل غير الشريفة لشق الوحدة المندائية بما في ذلك اٍستخدام الأسماء المستعارة واٍرسال الرسائل البذيئة ورسائل التهديد والأساليب الرخيصة في التلصص على البريد الشخصي وهي لاشك أساليب المخابرات والأمن والتنظيمات الحزبية للنظام المقبور.

 ب.يبشر بفكر مفاده أن الوضع الراهن في العراق أسوء من الوضع السابق

 وعلى طريقة التباكي على الطائفة في حين أن المغزى هو التلميح بأن بقاء صدام والدكتاتورية كان أجدى وأفضل للطائفة وللعراق.

 ج.كون فرسانه بشكل عام خارج التنظيمات المندائية ولهذا مغزاه الكبير فهو رفض للانخراط في العمل الطوعي المندائي ويشبه تماماً رفض فلول البعث الاشتراك في العملية السياسية في العراق.

 د.يدفع الفكر الدخيل باٍتجاه التدين الطقسي على غرار التدين الأسلاموي البعيد عن روحية الدين المندائي وغنوصيته ومعرفيته الراقية ويحث الفكر الدخيل على الاٍحتفالات الدينية المبهرجة والنفخ الكاذب في رجال الدين لوضعهم في الواجهة أملاً في تشكيل فكر ديني متعصب يتناغم في عداءه لعراق اليوم مع باقي المتضررين من التغيير الذي حصل في العراق .

 ه.يدفع الفكر الدخيل باٍتجاه جر الحركة المندائية لمعاداة الدولة العراقية واٍستغلال الوضع المأساوي الذي تعيشه طائفتنا المسالمة في العراق حيث تتحرك مؤسساتنا المندائية على كافة الأصعدة لرفع صوتها عالياً للاٍحتجاج المنظم والمبرمج لدى الدولة العراقية وفي المحافل الدولية لوضع حد للاٍغتيالات التي تطال أبناء الطائفة اٍلا أن أصحاب الفكر الد خيل يحاولون جاهدين تحويل التحرك ككل لصالحهم عن طريق اٍفتعال أزمة مع الدولة العراقية ومؤسساتها الضعيفة .

 و.يضع أصحاب الفكر الدخيل على المندائية غطاءً ثقيلاً على مآسي الشعب العراقي خلال الفترة 1963-2003 ويحاولون جاهدين قطع الصلة بين الحاضر والماضي القريب في حين أن كل العقلاء يعرفون أن ما يحدث اليوم في العراق هو نتيجة منطقية وطبيعية لأربعين عاماً من كل أنواع العذابات التي ذاق أهوالها الشعب العراقي ونتيجة منطقية للتدمير المنظم المدروس للبنى التحتية للعراق وللتدمير الجذري المتشعب لنسيج الأمة العراقية على جميع المستويات.

 لقد أصاب الطائفة المندائية الشيئ الكثير من هذا التدمير والذي ساهم بشكل لا يقبل الشك في نمو فئة مندائية شابة جديدة فتحت عيونها على الرئيس القائد الضرورة وخطاباته العنترية وأفكاره الانقلابية الانتحارية ومورست على هذه الفئة أبشع أنواع غسيل الدماغ اليومي في المدرسة والشارع ومقر العمل وخلال الخدمة العسكرية الاجبارية ومع مرورعقود من الزمن تقبلت هذه الفئة واقعها المؤلم المريض وغازلت هذه الفئة السلطة الفاشية ومدت شباك العلاقات معها واٍنتمت لها أحياناً وصارت جزءً منها أحياناً أخرى على مستوى الحزب والأجهزة الأمنية أو تعاونت معها كاٍلتقاء للمصالح أو تقاسماً للمغانم وهي كثيرة آنذاك لذوي النفوس الضعيفة وبهذا غُرس نسيج جديد داخل الجسم المندائي سوف تمر سنين طوال قبل أن نبرأ من هذا الفكر المريض.

 اٍن مهمة اٍستئصال هذا الجسم الغريب عن تراث المندائيةالأبيض المسالم تحتاج الى صبر وهدوء وزمن وعدم مواجهة وصمت أحياناً أخرى فبالنتيجة هم أولادنا واْخواننا وهم مبتلون بما لا يدركون .

نشرت في وجهة نظر
الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2013 18:50

رسالة حزن الموت ينتقي على كفه أعز الأحباب

يوم بعد أخر تتوضح الأمور في العراق الجديد وتنجلي الأمور أكثر بأحتلال العراق من قبل أعتى قوة عسكرية في العالم.ولكن البعض لازال يسمي العملية بتحرير العراق فأي تحرير هذا ؟ ربما إن هؤلاء يقصدون بالتحرير إفراغ العراق من مكوناته الأساسية من أقلياته وطوائفه المتحابه أفراغه من أقوامه الأصلين اللذين أمتدت جذورهم منذ القدم في تربة الوطن لترتشف مياه الفراتين حاله حال نخيله الباسق وأفراغ العراق من حضارته وتراثه وكل ماله علاقه بهويته كدولة فهل الأاحداث الأخيره كافيه لكشف كل مستور. حتى وصل الأمر الى تصفية خيرة شباب أبناء طائفتنا في العراق بشكل منظم واحد تلو الآخر بشتى الطرق ولأساليب البربريه والأجراميه فقد تميزت سنوات الأحتلال المقيت بقتل وأختطاف عدد كبير من أبناء طائفتنا في العراق في وضح النهار وتشريد الالاف منهم في دول الجوار ليعيشوا شظف العيش والحرمان والقهر في ظروف قاسية. وأخيراَ وليس آخر في هذا المسلسل الأجرامي الرهيب الذي ترعاه دول الجوار والعصابات الأجرامية والمليشيات بتصفية جميع الأقليات في العراق وإبقاء العراق ساحة مفتوحه لعبث المافيات العالمية التي إستقطبها الوضع الأمني المتردي للنهب والسلب بشتى الأساليب وكان آخرها قتل الشابين المندائيين المسالمين فرقد فائق ومهند قاسم بكواتم الصوت وسرقة ونهب جميع ممتلكاتهم من محلاتهم في وضح النهاروأمام أعين السلطه في قضاء الزبير نتيجه لإغماض أعين المسؤلين في السلطه هؤلاء من مزوري الشهادات والجهله والأميين وحملة الجنسيات الأاجنبيه الذين تسللوا في جميع مرافق الدوله والمجتمع عن هذه الجرائم البشعه بحق أبنائنا المندائيين. 

لينضم فرقد ومهند الى قافلة شهداء الطائفة التي أصبحت أرقامها مخيفة. ولا أحد يعرف القادم من الأيام وماذا مخبأ فالأمور تسير من سيء الى الأسوء بوتيره مخيفه جداَ رغم المزاعم والتصريحات بأستقرارالوضع الأمني. 

أحبتنا شهدائنا بماذا نرثيكم وهل ينفع الرثاء وهو لغة الضعفاء وبماذا نبكيكم وهل يرجع البكاء الأحبه فناموا قريري العين يا فرقد ومهند في مثواكم السرمدي ياقرة أعيننا ومهجة قلوبنا ولتسعد أرواحكم الطاهره في عليائها في عالم الأنوار فوداعاَ ياحبتنا الغوالي وستبقون أحياء في قلوبنا وذاكرة أبناء طائفتكم وعلى مر السنين وتبقى أرواحكم ياشهدائنا ترفرف عاليا للأبد. المجد والخلود لكم ياشبابنا المغدورين 

والصبر والسلون لأهلكم 

نشرت في وجهة نظر