• Default
  • Title
  • Date
السبت, 02 تشرين2/نوفمبر 2013 12:56

معنى التقدير

 

 

التقدير ، عبارة عن استدراك الماضي لشخصية من الشخصيات كأن تكون ادبية اوعلمية او تاريخية .. وغيرها ، وهو لون من الوان التقدير الادبي والانساني لشخصيات جديرة بالاحترام والتقدير والاعتداد ، وهي بعيدة كل البعد ان تكون ذات طابع رثاء ، فليس فيها تعزية او بكاء او حديث مطول عن فلسفة الفناء والبقاء ، ولا تدخل كذلك في تصورات الرثاء ،  المدح بصيغة الماضي ، كما اراد النقد القديم لها ان تكون ، هي اذاً كلمات تنبعث من تقدير الابداع والمواقف النبيلة لشخصيات اضحت جزءاً من الارث الحضاري للانسانية ، والاعتراف الضمني بدورها الريادي الادبي والتاريخي ، بغض النظر عن جنسياتها وقومياتها ومعتقداتها ، لقد تنوعت الشخصيات فهناك الادباء والفلاسفة والباحثون والموسيقيون والقادة العسكريون .

 لقد حظي الاديب الانكليزي الشهير وليم شكسبير (ت.1616 ) بالاهتمام الاوفر ، وهو احد الامثلة الذي تناولتة اقلام كُتاب الشعر العربي الحديث منهم احمد شوقي وحافظ ابراهيم ، ان المكانة المرموقة التي يتمتع فيها وليم شكسبير الذي يأتي بأكثر من سياق باعتباره صاحب قلم صارم في مواجهة الشرور ، بارع في تصوير الطباع ودقائق المشاعر ، والامثلة وفيرة من اعماله المعروفة في اطار فكري قريب ، وتقف دليلاً على رأيه ، وهي تزداد توهجاً وجدة كلما قدم العهد بها ، وكأن صاحبها ينظر بعين الغيب في كل امة وفي كل عصر ، ثم يكتب شعره العبقري . واظهار ثقافته والادلال بها ، وتطعيم ابياته الشعرية بمفردات ثقافة الاخر ويشبه حافظ ابراهيم شعر شكسبير بالانجيل ، ولشكسبير مقولة جميلة تقول : ( عندما لا تجد أحد يسمعك ، اكتب فالورقة كفيلة بأن تنصت لقلمك ) . والتي تعطي سماته الشعرية منطلقا للاستطراد والتأمل في الحياة وطبائع النفوس البشرية . وتتجلى مهارة شكسبير في سيطرته على نوعي الدراما ، المأساة والملهاة ( مفتاح المسرة والأسى ) وذلك الخيال الجبار الذي أقام عوالم زاخرة بالحياة ، تضارع الواقع او ( دنيا الحقائق ) وان خياله العاصف أوثق ما يكون صلة بالواقع ، عندما نقف عند دقائق المعاني في أدب شكسبير ، وكان في رأي الاستاذ العقاد – صاحب تراجم العظماء – يرى فيه أن ( الورقة التي تحمل لنا صورة متقنة أو نوطة موسيقية رائعة أو قصيدة شعرية بليغة او قطعة من قطع الأدب الخالدة - هي ذخيرة أنفس من معاهدة تشهد لنا بالاستقلال ، لان الورقة التي تشهد للأمة بلطف الحس وسلامة الذوق وحب الجمال ، وتعبر عن قدرتها على الابداع وعلى الابتكار وعلى البلاغة في الفهم والتعبير هي شهادة حق من تكوين الأمة في صميمها .

وهذا المشهد يتكررمع مع شاعر و كاتب فرنسا الكبير ( فكتور هيجو ) انطلاقا من الملامح المستقرة للشخصية الادبية التراثية التي كان يطل بها ، كما جاء في قصته ( البوساء ) ويرى ان النفوس في واقعه المعاصر مازالت تضج بالطمع والشرور والاحقاد . وتنطبق نفس المعاناة على روابات الكاتب الروسي القدير ليو تولستوي ، كما ذكرها في روايته الخالدة ( الحرب والسلام ) التي تروي قصة المجتمع الروسي في عهد نابليون . او الشاعر الايطالي دانتي اليجيري في ملحمته الكبرى ( الكوميديا الالهية ) الذي قالوا عنه كبار النقاد ( دانتي وشكسبير اقتسما العالم ولا ثالث لهما ) ، والشاعر الالماني ( يوهان جوته ) المعروف بغوته ( 1749- 1832 م ) ، الذي يعتبر احد اشهر ادياء المانيا المتميزيين ، ومن اعماله الخالدة ( فاوست) ذات الاجزاء الثلاثة ومن رواياته المتميزة ( الام فارتر ) ، اتخذ نفس المنحى في الابداع حيث فتحوا بيته مزاراً ومتحف في مديتة فرانكفورت الالمانية  لعرض اّثاره الادبية  الخالدة . اذاَ يحتاج لنا وفقة تقدير وفخر واعتداد واحترام لكتّابنا ومبدعينا من الرواد وفي كافة المجالات لاظهار الوجه المشرق  لما قدموه لنا في سبيل اعلاء الشان المندائي وثقافته الرائدة ، مع تقديري .

المصادر

-مجلة الهلال / سبتمبر / 1950م .

- الاستاذ عباس محمود العقاد / كتاب صاحب تراجم العظماء .

- د. ايهاب النجدي / استاذ مساعد بالجامعة العربية المفتوحة / الكويت / - وليم شكسبير – الاّخرالغربي في ميزان النقد العربي .

- موسوعة ويكبيديا الثقافية .

عزيز عربي ساجت / المانيا

نشرت في وجهة نظر
الأحد, 27 تشرين1/أكتوير 2013 16:47

الثقافة الحرة ورسالة الكاتب

 

 

الثقافة الحرة ورسالة الكاتب

هناك فرق بين الكتابة وفق منهج سردي مجرد وبين منهج تحليلي مدروس لبنية الذات والارادة الحرة التي تمّيز الكاتب الناجح عن غيره ، وعليه ان يدقق في التفاصيل ويضع النقاط على الحروف كي يصل الى مدارك حقيقية وفق مسار واضح من خلال متابعاته الفكرية ، على مبدأ انا اقول وانت تقول وللناس عقول ، لان حرية الفكر وابداعه تكمن اولا ًفي العقول وليس على لفائف الورق .

ان رسالة الكاتب تعتمد بالدرجة الاساس على كيفية ايصال تكلك الرؤى والافكارالى المتلقي وفق الاسلوب المتحذلق الذي يتبعه ويستمده من خلال معتركه الثقافي  ، الداعي الى وحدة الكلمة والصف والانصاف واحترام الذات وقول الصدق ، وهادئاً في حلبات الجدل ، وشاطرا بالخلاف وليس شاطرا بالاختلاف ، مع تبني ثقافة الاختلاف والحوار لانهما طريق وهدف سامٍ للبناء والتفاعل ، كما يقول الاديب جورجي زيدان ، ( ان سموا اهدافنا ونبل غاياتنا الاخلاقية والروحية التي هي تأكيد لقيم التسامح وتقبل الاخر ، واحترام حق الاختلاف ، ورفض مبدأ العنف .. والمغالطة ) ، لان في الكلمة الحرة قوة ، من حقنا ان نسأل ؟ هل تنتصر ثقافتنا الحرة ام تخفت ؟ قد يكون علينا عدم التسرع في اقرار الاحكام ، لان كل صيد لا يضاهي صيد الانسان الخاسر او مَن يستسلم للقدر، ولا تقام حرية القلم  الى الحقيقة الا باحترام الارادة ، كما قال وليم شكسبير ، ( الحقيقة تبقى هي الحقيقة حتى نهاية الزمن ) ، كانوا يقولون قديماً ان المجالس مدارس ، لكن نقول ان تجارب الحياة هي المدارس سواء كانت في الماضي او الحاضر، فألالوان الطيف الادبي بمنزلة الدم الذي يتدفق في الجسم عبر الشرايين لتستمر الحياة .

يتوجب التحرر من كل الدّرن العالقة كي يتحرر قلمنا من صمته ، ولنمنح كتاباتنا مزوقاَ جديدا نستلذ به ونستلهم منه العبرة والحكمة ، ولنمارس الكتابة تمردنا الهادىء والمهادن ، تمرد ضد صمت الواقع وبشاعته وزيفه وابتذاله ، ليس عيبا ولا نقيصة فينا ان نتكلم ، لكن العيب كل العيب ان نستمرأ على حالة الصمت ، ونتعاطف مع السلوك الخاطىء او نتجاهله.

ان الكاتب يمتلك قدرة سحرية اكتسبها بالمران والمتابعة والتأمل ، بحيث يلتقط ماهو مستحيل خارج القدرات الطبيعية ، والكتابة بمجمل حالاتها تنفيس عما يزدحم فينا من خلجات تثقل كواهلنا وذواتنا ، ورغبة في تفريغ ما تكدس فينا من أوجاع الحياة ، وهي انطباع يمر كومضة حلم فلابد من تسجيلها وحفظها في الذاكرة ، بعد ان كانت كماً متراكماً من الاحداث وحيواتهُا  وصورها وازمنتها وامكنتها المتعددة ، والكتابة حاجة قصوى مثل الطعام والشراب والنوم تباغث وتلازم الكاتب كونه نبضاً حساساً ً شفيفاً كينونة مشاعر في اقصى درجات التوتر ، تنتقل من البرودة الى السخونة ، من الظلمة الى النور  ، وبالتالي هو إنسان بكل المعايير والمقاييس متوازن عقلاني ، من تلك المعالم اللامرئية يلتقط تعابيره التي تضعه في خانة التفرد والابداع  .

علينا ان لا نتجن على احد من كتّابنا ومبدعينا ، ولا نتصرف برفاهية العاطفة ، حتى لا تهتز النفسية  ويضمحل النتاج الادبي والذهني ، وبالتالي يضعف الايمان بالقضية ، ونصاب بالاحباط والتعب والملل ، بالمقابل تكون الصفة الملازمة صفة التواضع والابتعاد عن اّفة الغرور والكبرياء ، والامتياز بدماثة الخلق ، والتواضع الجمّ  ، وبخفة الدم ، فبالرغم من الشهرة فان فن الكتابة والتعبير يتعاظم يوما بعد يوم .

اننا نحتاج الى مراحعة حقيقية لوضعنا الحالي ، نحتاج الى وقفة واحدة ، وليس مواقف متعددة ، نتيجة وحصيلة هناك اختلاف في الرؤى ، ان الثقافة الحوارية تعزز كرامة الانسان ، ان تكون متواجدة بدرجة متكافئة ومتساوية ،  وتسير في الطريق السليم ، اهم شيء في سياقات العمل ، برنامج عمل مشترك وتفاهم ، قد تحدث تحولات في لغة الصراع ، فالكاتب صاحب رسالة ، رسالة انسانية نبيلة ، وعليه يقع هذا العبأ ضمن مساحة الثقافة والفنون ، يتوجب ان يكرس لها كافة الجهود ، باعتبارها بناء للشخصية وليست للتحطيم او لصالح اجندات ومشاريع مريبة ، ان الايمان بالنقد بدل التسقيط والافتراء باعتباره قوة ، وعدم خلوه من الامانة ، ومواجهة الخصم بطريقة مهذبة ، وعدم فرض الروئ المخالفة الا بالاقناع  ، مع التقدير . 

عزيز عربي ساجت

هيئة التحرير 

نشرت في كلمة الأتحاد
الإثنين, 14 تشرين1/أكتوير 2013 02:58

احترام الذات

ان اهم ركيزة من ركائز احترام الذات هي الثقة بالنفس وترتبط بالاعتقاد الذي يحمله الفرد بخصوص قدراته الفعلية والفعّالة في التصرف ، اي قدرته على تقييم نشاطه ، اٍذ من دون احترامه لذاته لن يتمكن من عيش النجاحات التي حققها في حياته كنجاحات تحققت بفضل جهوده الشخصية ، الوثوق بالذات المعبّر عنه عبر اتخاذ القرارات الصائبة والمثابرة عليها نظراً لارتباط احترام الذات عموما ً بثبات الفرد في القرارات التي أتخذها ، وبالسماح له كفرد بالتعبير عمّا يمكنه القيام به في كل الظروف ، والذي يرتبط بدوره بقدرته على الوثوق بجدارته وبنقاط القوة التي يملكها مهما كان الاطار المحيط به .

حب الذات يوصف بالرضا عن النفس الذي يذكر بالمكوّن العاطفي في مفهوم الذات ، الاحساس بالكرامة ويتمثل في التأثير الكبير بالانتقادات الموجهة الى الشخص من قبل الاخرين والذي يمكنه من مواجهتها بشكل موضوعي . ان محبة الذات ليست نقيصة في الانسان وان نكرانها تحسب من الفضائل .. الا اذا كانت اثرة في الذات ، تجعل صاحبها مفرطاً في اثرة ذاته ، ولو هلك كل من سواه ، ان محبة الذات سمة ملازمة لطبيعة الانسان ولا نقول الغرور ، اما ألاثرة  في محبة الذات ، فهي شيمة ملصقة به الصاقأ ، ففي طبيعة الانسان ، جذوة الحب والخير .. الحب والخير لا لنفسه فقط ، بل لنوعه المجتمعي والانساني  ، وليس من يتجرأ على نكران هذه الجذوة في طبيعة الانسان ، فمن لا يعني بها ، ولا يقيم وزناً في حياته ، لا يكون انساناً ، بل صورة انسان لا اكثر ، لكونه يسمى الكائن الاعلى بين سائر الكائنات الحية .

ومعرفة الذات عبارة عن القدرة على وصف وتحليل الفرد لنفسه ، إذ من دون تعرّفه الى نفسه لن يتمكن من احترام ذاته . وحالة تأكيد الذات اي تمكن الفرد من الدفاع عن وجهات نظره وعن حقوقه تجاه الاّخرين . وان تقبل الذات اي تكوين للفرد صورة إيجابية شاملة تدمج صفاته ومساوئه معاَ ، خصوصا ان امتلاكه كشخص لبعض المساوىء لا يمنعه إطلاقاً من احترام ذاته .

ان اهم ركائز احترام الذات تنحصر بالنقاط التالية : ( رؤية الذات ، حب الذات ، والثقة بالنفس ) ان التوازن الجيد بين هذه الدعائم الثلاثة التي تتداخل في ما بينها ضروري للحصول على احترام متوازن للذات ، ان تلك الركائز الثلاثة الاساسية التي يتميز بها مجال التواصل مع الذات ،  ومن افرازاتها معرفة الذات ، تقبل الذات والصدق مع الذات من نقاطه المهمة .

ان احترام الذات ليس معطى نهائي، بل بُعد من الابعاد الجوهرية المكونة للشخصية التي هي في تحرّك وتغيير دائمين . ، ان التصرف باسكات النقد الداخلي ، وتقبل الاخفاق او الفشل ، ومجال الاتصال بالاخرين تاكيد للذات والتعاطف والاستناد والدعم الاجتماعي هوعامل توازن واحترام للذات ايضاَ ، وبالتالي يصبح جزء من شخصيته وكيانه  .

نشرت في وجهة نظر
الجمعة, 27 أيلول/سبتمبر 2013 19:16

لغتنا المندائية ... هويتنا الحقيقية ج2

 

 ( لغتنا المندائية ... هويتنا الحقيقية ) دراسة موسعة تتكون من احدى عشرة جزءاً بخصوص اللغة وجذورها ، وبضمنها لغتنا المندائية الجميلة  ، سبق ان نُشرت وبالعنوان ذاته مع بعض الاضافات الجديدة ساقوم بنشرها تباعا مع التقدير .

 

لغتنا المندائية ... هويتنا الحقيقية ج2

عرف الشرق الادنى القديم اولى الحضارات التي عرفت في العالم وشعَت على الحضارات الاخرى . وكانت هذه المنطقة قد عرفت مجموعات من الشعوب شكل بعضها امبراطوريات عظمى كبابل واشور وفارس .

وبلاد النهرين كانت وما تزال من اخصب مناطق الشرق الادنى ، لذلك عرفت اولى الحضارات الزراعية مع ما يعني ذلك من خصب للارض ومن مفاهيم ما ورائية تعود الى العالم الزراعي ، وقد كانت اللغة المتداولة ابرز مظاهر النهج الفكري العام الذي ساد بلاد ما بين النهرين مترافقا مع العلاقات الاجتماعية السائدة وللتنوع الحضاري الذي طبع حدث تلاقي الشعوب السامية والسومرية والهندو- اوربية في هذه المنطقة من الشرق الادنى ساهم وبشكل مباشر على تطور اللغة ، فالمفاهيم الماورائية وعالم ما بعد الموت والاساطير وعلاقات الانسان بالالهة اخذت منحى اخر عما كانت عليه في السابق ، وكان التراث الفكري والديني الذي نلتقي به في الشرق الادنى القديم يمكنه ان يكون مفتاحا لدراسة ومعرفة اصول اللغة والمراحل التي مرت بها عبر تلك الحقبة الزمنية وما بعدها .

لقد مرت الكتابة وتدوينها بثلاث اطوار او مراحل يمكن ايجازها بما يلي :-

1-الطور الصوري :- ويمثل المرحلة الاقدم في نشاة الكتابة والى هذا الطور تعود الالواح المكتشفة في الطبقة الرابعة من الوركاء ويقصد بالكتابة الصورية التعبير عن كلمة معينة بصورة كان تعبر عن الشيء المقصود برسم صورته مثل سمكة يرسم صورة سمكة وهكذا .

1- الطور الرمزي:- وفي مرحلة لاحقة من التطور اصبح للعلامة قيم رمزية اي استنباط معاني جانبية من صورة الشيء كاستخدام العلامة الدالة على الفم للتعبير عن معاني ذات علاقة به ، وخلال هذا الطور توسع مدلول العلامات الصورية ، فاصبحت تعبر عن افكار ذات صلة بما تمثله العلامة في الاصل ، فمثلا استخدمت العلامة الدالة على قرص الشمس للتعبير عن معان مشتقة من الشمس مثل : المع – اسطع ، ومثال اخر : الكلام – تكلم – صرخ ... الخ .

3 - الطور الصوتي :- وفي المرحلة الثالثة من التطور وهي مرحلة الطور الصوتي استخدمت العلامة باعتبارها مقطعا صوتيا مجردا بصرف النظر عن معناها الصوري او الرمزي لكنها لم تصل الى المرحلة الهجائية او الطور الهجائي بل بقيت خليطا من علامات رمزية وصوتية ، وفيه استخدمت اصوات العلامات فقط في كتابة الاسماء مجردة من مدلولاتها الصورية والرمزية ويمثل هذا الطور اخر مراحل التطور في استعمال الخط المسماري .

لقد احتلت اللغات السامية في الازمنة البعيدة ، في اسيا الغربية ( من الشرق الى الغرب ) مناطق مابين النهرين (ميزوبوتاميا ) ، سوريا ، فلسطين وشبه الجزيرة العربية . وهذا يمثل موطن اللغات السامية واول من اطلق هذه التسمية هو العالم النمساوي شلوتسر في ابحاثه وتحقيقاته في تاريخ الامم الغابرة سنة 1871ميلادية وقد استخلص هذه التسمية من الجدول الخاص بانساب سام بن نوح (ع) والواردة في التوراة / التكوين (21- 31 ) عندما كان يبحث في نهاية القرن الثامن عشر عن تسمية مشتركة للعبريين والعرب والاحباش الذين توجد بين لغاتهم صلات القرابة .

المصادر

-موسوعة عالم الاديان /ج1/ ت.مجموعة من كبار الباحثين باشراف ط.ب. مفرج بيروت – دار نوبل /ط2/2005.

-حضارة وادي الرافدين (الساميين والسومريين ) / ت. الدكتور احمد سوسه / دار الرشيد للنشر / 1980.

-افاق مندائية العدد /29 السنة التاسعة / ايلول /2004 / الحروف الهجائية (الابجدية ) وكيفية ظهورها / بقلم السيد بشير عامر جندال .

-مجلة هيمنوثا (الايمان ) العدد / 12/2005 / اللغات السامية وموقع المندائية من هذه اللغات / دراسات بقلم الاستاذ عبد المجيد سعدون .

 

نشرت في وجهة نظر

ان المفهوم العام لرواية بابلو كويليو ( ساحرة بورتوبيللو ) ، تتضمن مقولة جميلة تقول : الحياة ليست سوى صراع بين الحلم والحقيقة ، أثينا تبعت قدرها لكن الدنيا لم تكن جاهزة لتقبّلها .

يعتبر بابلو كويليو روائي وقاص برازيلي وواحداً من اكثر الكتاب المعاصرين قراءةً ، وظاهرة حقيقية في عالم النشر ، نشرت مؤلفاته في اكثر من 150 دولة ، وترجمت الى 63 لغة وبيع منها اكثر من 58 مليون نسخة ، وأمام فوزه بتقديرات كثيرة ، حصل عليها من بلدان متعددة ، حّياه النقاد بتحية خصّوا بها اسلوبه الشعري الواقعي الفلسفي ، و ( لغته الرمزية  التي لا تخاطب عقولنا فحسب ، بل تخاطب قلوبنا أيضاَ ) أما طريقته في السرد ، فانها قادرة على إلهام الأمم ، تتميز رواياته بمعنى روحي يستطيع العامة تطبيقه مستعملا شخصيات ذوات مواهب خاصة ، لكن متواجدة عند الجميع ، كما يعتمد على أحداث تاريخية واقعية كما في رواية الخيميائي لتمثيل أحداث قصصه ، وقد عين سنة 2007 م رسول السلام التابع للامم المتحدة .

في روايته ( ساحرة بورتوبيللو ) لا يشبه كويليو الاّخرين في هذه الرواية ولا يشبه حتى نفسه ! اسلوب جديد بل فتح في عالم الرواية المعاصرة .

أثينا بطلة روايته هذه طفلة الميتم الغجرية التي تتناوب على جسدها أنياب البرد في رومانيا ..تتبناها اسرة لبنانية مرمة ، معروفة دبلوماسياَ ! تتمرّد .. تتخطى الحدود الحمر بحثاً عن ماضيها . تسطو على عقول الكثيرين من مديري مصارف وممثّلي مسرح واصحاب شأن ، لتجعل من بيروت ولندن ودبي وترانسلفانيا مسرحاَ لأفكارها الغريبة وقدراتها الفذّة . تنسج علاقات كثيرة بعضها مريب ، وتختفي في ظروف غامضة .

في هذه الرواية يستمر كويليو في مداعبة المكامن الخطرة من النفس البشرية . ويعبث بفتيل الحياة ، ليكشف عن طاقة الانسان الكامنة ، ويبيّن كيف تتحرّك وتنطلق بموجُه ومن دون موجُه .

اٍفادات يدلي بها مجموعة من شهودٍ على الفاتنة العشرينية أثينا ، يتحدث فيها كل منهم عن مشاهد من علاقته بها دون علم من الاّخرين لتتشكًل بخيوط خفية متقنة شخصيةُ مكتملة واحداثٌ متكاملة مثيرة ، مدهشة ومخيفة أحياناِ .

تحسب أن باولو كويليو قال كل شيء ، لكنه يأتيك من الجهة التي لا تتوقع مجيئه منها ، ليحدثك بالموضوع الحرج الذي لا يخطر لك أنه سينفض الرماد عنه يوماَ .

ان مشكلة أثينا العظمى بطلة هذه الرواية أنها امرأة من القرن الثاني والعشرين تحيا في القرن الحادي والعشرين ، من دون أن تتستّر على هذا الواقع ، هل دفعت ثمناَ ؟ بالتأكيد دفعت ، لكنها كانت لتدفع ثمناَ أغلى لو أنها قمعت نفسها الأثيرة الحقيقية ، كانت لتشعر بالمرارة والإحباط ، وبالقلق على الدوام ( لما قد يظن الأخرون ) ، والقول ( سوف أحلّ هذا وذاك أولاّ ، ثم سأكّرس نفسي لحلمي ) ، والتذمّر أن ( الظروف لا تكون ملائمة أبداّ ) .

( هذا ما درجت أثينا على قوله ، لكنها تصّرفت بشكل مُغاير ، لأنها استغلتني وتلاعبت بي من دون أن تقيم وزناّ لمشاعري . كانت أثينا معلّمتي ، مسؤولة عن تمرير الألغاز المقدّسة ، بإيقاظ  القوة المجهولة التي نمتلكها جميعاً ، عندما نركب عباب هذا البحر المجهول ، نثق ثقة عمياء بمن يرشدنا ، معتقدين أن مدى معرفتهم يفوق معرفتنا ) .

ان هذه الرواية الرائعة تعطينا درساً بالغ الاهمية في كيفية قراءة الانسان للزمن قراءة صحيحة وناضجة ، وعدم التسرع في اتخاذ القرار، الذي تؤول علية حياتنا ومستقبلنا ، وكيفية استغلال قدراتنا الخلاقة في الطريق السليم وفي عمل الخير والصلاح . ان الدروس المستقاة من هذه الرواية ايضا بان الناس يوجدون واقعاَ ليصبحوا من بعدها ضحايا لهذا الواقع الذي أوجدوه . أثينا تمرّدت على هذه الحقيقة ، ودفعت الثمن غالياّ .

هذه الرواية كانت ضمن مجموعة روايات اشهرها ، الرواية العالمية ( الخيميائي ) ، فيرونيكا تقرر ان تموت ، على نهر بييدرا هناك جلست فبكيت ، حاج كومبوستيلا ، الجيل الخامس ، الشيطان والانسة بريم ، أحدى عشرة دقيقة .. ، الزّهير .

تبقى روايات بابلو كويليو شابة تنبض بالحياة مهما طال الزمن ، مع ارق تحياتي .

نشرت في وجهة نظر
الخميس, 05 أيلول/سبتمبر 2013 22:36

يقين الانسان في رواية - عزازيل

ان المفهوم العام لرواية ( عزازيل ) للكاتب المصري يوسف زيدان ، تتمحور حول  اثارة العديد من التساؤلات الخاصة والمشروعة  بتاريخ الاديان والمقدسات وانعكاساتها  السياسية في مختلف مراحل التاريخ البشري ، كانت ولازالت  تؤرق  بثقلها وجبروتها على كاهل الانسان الذي اتخذ منها كمتنفس وحيد لحياته الارضية والابدية .

تقدم رواية عزازيل العديد من الافكار المهمة حول مسالة المتاجرة بالدين ، واستخدام السياسة في الدين ، وما لجوء الكاتب الى حقبة تاريخية من الصراع الديني المسيحي  الا اشارة واضحة الى الصراع المعاصر في المجتمعات الاسلامية ، ومدى سطوة رجال الدين في بعض المجتمعات الاسلامية اليوم ، وقدرتهم على الاغتيال الفكري والمعنوي لكل من يخالفهم الرأي ، ومصادرتهم حق الناس في اختيارهم طريقة عيشهم .

 ان الممارسات اللا انسانية من خلال احداث هذه الرواية ، التي مورست ضد احد الخصوم لانسانة وعالمه حُرقت حية ، حسب المفهوم الخاطىء التي كانت تحرض عليه السلطة الدينية ، والتي ذاقت الضحية الوانا وحشية من الحقد والتنكيل التي سبقت القتل ، هذه السلطة الظالمة كانت ترى  في التفكير العقلي والعلم خطرا عليها وعلى سلطتها على الناس . ان الكاتب من خلال هذه الرواية اعاد بنا تذكير الماضي والى الماّسي التي حصلت ضد رجال الفلسفة والمعرفة والعلم عبر التاريخ ، وفي هذه الرواية بالذات نرى ان التاريخ  يعيد نفسه بشكل او باخر ، لانه يشير بوضوح لا يقبل الشك الى شواهد التاريخ التي نرى اثارها الى اليوم وفي تاريخنا المعاصر، ان تتبع الكاتب الروائي يوسف زيدان لهذه الواقعة التاريخية القصد منها تمثيل فكرة التشدد الديني ، والعنف الذي اقترفته جماعات بشرية باسم الدين بعيدا كل البعد عن الافكار والقيم الانسانية النبيلة التي جاءت من اجلها الرسالات السماوية  باقامة العدل والانصاف والمحبة والتسامح ، بأعتبارها ظاهرة لم تقتصر على دين بعينه او طائفة في حد ذاتها . ان في هذه الرواية  نصاً في غاية الاهمية وهو موضوع امتلاك الحقيقة ، ومن يمتلك القدرة على تصور انه يمتلك الحقيقة وحده دون غيره من البشر فهو واهم ، كما قال الشاعر ابو العلاء المعري : ( اما اليقين فلا يقين وانما ... اقصى اجتهادي ان اظن وأحدسا ) . لذا نرى ان اصحاب الفتاوى ورجال الدين يستثمرون الدين في التكسب وقد اكتسبوا لوناً من القداسة ، يتحصنون بها ويستخدمون الاعلام من اجل اضفاء هالة من النجومية عليهم ما يرسخ صورتهم المقدسة ، كالأبطال والنجوم .

ان بطل رواية عزازيل ( هيباتيا) الراهب الذي يواصل رحلته الروحية باحثا عن حقيقة الوجود عبر الدين ، امنيته ان يتعلم من كبار الكهنة ، لكنه سرعان ما يصدم بواقعه الانساني ويقع في أسر اغواء امراة ظهرت له فجأة بينما كان يسبح على الشاطىء لتنقلب حياته رأسا على عقب ، كان هدفها الاساس ابعاده عن همه الديني المخالف لمعتقداتها ، ثم تتعرض للقتل لاحقا لدرء الخطر عنه ، لكن في سره كان يتمنى ان يفقد شهوته الجنسية للابد حتى يواصل طريقه في التعبد واللاهوت ، لكن كثيرا ما تمر بعقله اسئلة عديدة تبدو منطلقة من منطق الشك اكثر من كونها دليلا على اليقين.

وتقدم الرواية في مواضيع عديدة منها امثلة من نماذج الفكر والفلسفة وقضايا اللاهوت ومعنى الخير والشر وجوهرهما في الحياة ، على ما يتداعى على ذهن بطل الرواية او حواراته في مراحل مختلفة من حياته ، مقدما نماذج لاصحاب الفكر الديني ، ممن يتسامحون مع العقل والمنطق وحرية التفكير ، الذي يعتبر من جوهر الدين ، ونماذج من المتشددين ضيقي الافق والمتعصبين ، الذين اما يفتقرون للمعرفة العميقة ، او يعرفون لكنهم يغلقون الباب على التفكير الحر لغرض في أنفسهم ، وهو عادة ما يكون من اجل تحقيق السلطة والثروة او النفوذ ، ضاربين بعرض الحائط كل القيم العظيمة التي جاءت بها الاديان السماوية .

ان هذا اليقين الذي يدعي البعض امتلاكه ، كما تشير الرواية ، ادى الى تاسيس سلطة رجال الدين ، ولا يبدو الدافع الحقيقي منها دينيا وروحيا ، بقدر ما يبدو دافعا لامتلاك السلطة . والتي عادة ما يكون الهدف منها سلطة دنيوية خالصة ، سلطة سياسية وليست دينية ، سلطة تتحالف مع الحاكم الامبراطور ضد مخالفيها من دينها وعقيدتها ، وايقاع المظالم باسم الدين وبحجة الدفاع عنه ،

ان الفكرة التي برع فيها كاتبنا هي كيفية اختزال الفكرة العميقة لتحول الدين الى تجارة وسلطة ، هذا هو جوهر المسالة ، لان الانبياء جاءوا للناس لانقاذهم من الطغيان والتسلط ، ونشر الاخوة بين البشر وتعليمهم التسامح وكيفية التعايش والمحبة والايمان بالحوار  وبحق الفرد اي كان في التحاور وفق الاسلوب الهادىء المفيد ، وليس استغلالهم ، ولم تختص ديانة سماوية بقيمة من قيم الدين لاتجدها في بقية الاديان . فنرى هؤلاء الذين  يتشدقون بالدين ، هم اصحاب الحق والحقيقة ولا تجوز مراجعته او محاسبته او مخالفته ، وهناك شواهد كثيرة لهذا النموذج الجديد لسلطة رجال الدين في عالمنا المعاصر ممن عرفوا بشيوخ التكفير ، الذين لم نسمع انهم يهتمون الا بتكفير الافراد من الكتاب والمثقفين والفنانين كانهم هم فقط ملاك الحقيقة ومفاتيح الدين والغفران .

ولعله من البديهي الاشارة الى ان هناك بالتأكيد – بجانب هذا التسلط والغلو – الكثير من الرموز الدينية الاصلاحية الذين يحافظون على جوهر الدين ، والبعد به عن كل ما هو مشبوه ، وعن تلك المظاهر التي تسيء اليه ، وتضر به اكثر كثيرا مما تضيف اليه ، لكن الرموز اصبحوا قلة في عالمنا اليوم الذي اصبحت فيه الشهرة والتكالب على النفوذ والكرسي والامر والنهي باي شكل وعلى حساب اي قيمة انسانية سامية .

ان رواية عزازيل يجب ان الا ننظر اليها على انها طعن في تاريخ الديني ، لكنها رواية تشخص واقعا نعيشه اليوم كما عاشته البشرية في ازمان غابرة واماكن مختلفة ، وهي تثير الانتباه الى ما يجري حولنا ، وفي زماننا من افكار واحداث متشابهة ، ان لم تكن متماثلة ، وعلينا ان نعتبر مما جرى على غيرنا ونتدارك الامور قبل ان يفلت الزمام من بين ايدينا ، مع اسمى وارق تحياتي .

ملحوظة : بعض الفقرات الواردة بقلم د. سليمان ابراهيم العسكري .

نشرت في وجهة نظر
الأحد, 21 تموز/يوليو 2013 13:40

التعليق

التعليق

يقصد بالتعليق تلك المقالة القصيرة التي يتناول فيها الكاتب حدثا ثم يبدي فيه رأيه استنادا الى الحقائق المتوافرة لديه .

والتعليق في اغلب حالاته : عبارة عن وجهة نظر منحازة ، ولكل كاتب اسلوبه الخاص في اظهار نوع هذا الانحياز . فاما ان يكون انحيازا مباشرا ، اي ان يمنح الكاتب الحرية لنفسه في اختيار الجمل والعبارات التي يراها مناسبة للتعبير عن وجهة نظره دون اعتماد الحقائق المكثفة ..او ان يكون انحيازا غير مباشر يعتمد في الاساس على كمية المعلومات التي تتوافر لدى الكاتب وبراعته في توظيف هذه المعلومات لمصلحة وجهة نظره .

والتعليق بشكل عام : عبارة عن وجهة نظر ، واجتهاد شخصي في تفسير ظاهرة معينة او حدث من الاحداث سواء كان ذلك على الصعيد السياسي او الثقافي او الاجتماعي او العلمي او الشخصي .

ويتفق الخبراء على ان التعليق المفضل هو التعليق المكثف والقصير والواضح المبسط الذي لا يتعب القارىء .. وأسوأ او أردأ هو التعليق المطول المتشابك الذي يقترب من الدراسة .

من الخطأ الشائع لدى الكثير من كتابنا ، اعتبارهم التعليق شيئا والمقال الافتتاحي شيئا اخر دون اعطاء السبب او الفارق الجوهري بينهما .

ان المقال الافتتاحي ماهو في الواقع الا تعليق ، وقد سمي كذلك لان الصحيفة او الموقع ارتأوا لاهميته ان تفتح به صفحاتهما.. وقد اصبح من المتعارف عليه ان يكون في الصفحة الاولى محتلا بذلك اما عمودها الاول ( الجهة اليمنى ) او عمودها الاخير ( الجهة السرى ) . نلاحظ لدى صحف كثيرة ان المقال الافتتاحي يكون اما في الصفحة الثانية او الثالثة او الرابعة مع الاشارة اليه والتنويه به تحت اي عنوان : ( رأي ، وجهة نظر ، نافذة ، او اي شيء اخر ) .

و ( التعليق ) او ( المقال الافتتاحي ) يظهر عادة اما بأسم كاتبه او بأسم هيئة التحرير ، وللصحيفة او الموقع كل الحق في كتابة اكثر من تعليق استنادا الى مواضيع الساعة و خطورتها او علاقتها بالحدث ، سواء كانت ظاهرة سياسية او اجتماعية او علمية او ثقافية .. الخ .

ان طريقة كتابة التعليق تعتمد في الاساس على الكاتب نفسه ، في اسلوبه وطريقة تناوله للحدث ، الا ان هناك حقائق من الصعب تناسيها او التغاضي عنها ابدا .

ان الشروع بكتابة اي تعليق يتطلب معرفة ما يلي :

1-حول اي موضوع نروم الكتابة ؟ .

2- ما هي الحقائق المتوافرة لدينا حول هذا الموضوع ؟.

3- كيف يمكن استخلاص وجهة نظر الطرف المقابل للموضوع ؟

4- ما راي الكاتب النهائي ؟ .

فاذا علينا ان ناخذ الحقائق التالية بنظر الاعتبار، لتكون لدينا الدلالات الكافية لكتابة التعليق الناجح .

ان الهدف الاساس لتبيان وجهة النظر حول قضية ما لتنصب في الصالح العام وليس في تحقيق مصلحة ذاتية  ، فاذا كنا بصدد كتابة تعليق حول قصة قصيرة او قصيدة شعرية او ... ، فان علينا ان ناخذ الحقائق التالية بنظر الاعتبار :

الابعاد المتناولة -  ( الفلسفية - الادبية  -  الاجتماعية ... تحت مقولة اقرأ ثم فكر ) ، الشخوص ، المضمون ، تاثيره على القارىء ، حبكة المادة المختارة  ، مادته اللغوية  ، مساحة النص .

كل هذه العوامل وغيرها يمكن ان تعطينا ردا ايجابيا حوال استفسارتنا السابقة وعن كيفية معالجة الاخطاء الواردة ، وهذا ينطبق تمامأ على كافة المواضيع المطروحة والتي تتطلب التعقيب او ابداء الرأي من قبل القارىء الكريم .

بعض المقاطع مقتبسة من الموسوعة الصغيرة ( 75 ) – اراء في الكتابة والعمل الصحفي / وائل العاني .

عزيز عربي ساجت / المانيا

نشرت في وجهة نظر
الجمعة, 12 تموز/يوليو 2013 17:51

الهوية والتراث

ان التراث والهوية عنصران مترابطان فلا هوية دون تراث تستند اليه ولا تراث دون هوية ، لانهما  عنصران متلازمان ومكونان متكاملان من مكونات الشخصية والجماعية للفرد والمجتمع ، ان التراث يعتمد بالاساس على عناصر البنايات والمنحوتات والتصاوير والاقانيم والزخارف والمنمنمات اضافة الى المكتوبات والمقروءات فضلا عن المعتقدات والتقاليد والعادات والسلوكيات ونظم الحياة . ولان اهمية المحافظة على تراثنا  باشكاله وانماطه وتجلياته المتعددة يعد ضرورة ملحة ، باعتبار ان التراث رصيد انساني متراكم وثروة الامة ورصيدها الذي لا ينضب وجذور وجودها ، وباعتباره ايضا مصدر معرفي وحضاري ينهل منه ويبنى عليه ، ان التفريط فيه يعد انسلاخاً عن الهوية وتنكراً للاصول والاعراف ، وان تواصل الاجيال من خلال التراث بجميع اشكاله يعد ضرورة حتمية من ضرورات المحافظة عليه وحماية الخصوصيات الثقافية والحضارية ..

 

ان تراثنا المندائي زاخر بالعلوم المعرفية ويعد ثروة انسانية حضارية متقدمة ، اغنت المعرفة الانسانية عبرسنوات وجودها ، وان التاريخ الفكري والثقافي والادبي والعلمي للامة هو مصدر اعتزازها وقوتها ومنهل ديمومة تميزها وفرادتها واصل هويتها ، لان هذا التراث زاخر بالعلوم والمعارف والاداب والفنون ومظهر من مظاهر الحضارة الانسانية على مر العصور .

 

ان المخاطر التي تهدد التراث والهوية المندائية والى حقيقة التحديات التي نواجهها اليوم  ،  وخطورة المرحلة التي نعيشها وما تستدعيه من تحرك جماعي ، وتضامن في جميع المجالات وترك حالة الفرقة والضغينة ، والتشبث الدائم بالاصول المندائية العريقة ، وصمود في ميدان مقاومة التياربكل انواعها يزيدنا منعه للحفاظ على تراثنا وهويتنا ووجودنا من الضياع ، لان الاعتزاز به والمحافظة عليه يعد مسؤولية تاريخية مقدسة .

 

ان التراث لا يتعارض قطعاً مع التحديث والتطوير والتجديد في الافكار والاساليب ، وبمجموعه يشكل قاعدة راسخة للتغيير في الحياة نحو الافضل والاجمل ، وان الهوية هي الحصانة الواقعية ضد التلاشي والذوبان ، وتاسيسا على ذلك فان الحفاظ على التراث هو في الوقت ذاته حفاظ على الهوية والعكس صحيح .

 

 / المانيا

 

نشرت في وجهة نظر

 

ان ما دعا ( ابا العلاء المعري ) لكتابة هذه الرسالة ، للرد على رسالة ( علي بن منصور الحلبي ) المكنى بابن القارح وكان ابن القارح اديبا وشاعرا عباسيا عاصر ابا العلاء وخدم في حياة ( ابا علي الفارسي ) وقيل انه كان مؤدبا لابي القاسم المغربي الذي اصبح وزيرا بعد ذلك في بغداد ، الا ان ابن القارح ترك خدمته بسبب اعمال سيئة قام بها ابو القاسم ، وهجاه معددا معايبه ونقائصه ، وابن القارح كأي اديب – احب ان يرى ويسمع مشاهير الادب فيه ، فكتب رسالته الى ابي العلاء المعري فرد عليه برسالة الغفران . 

 

التي كانت بقسميها الاول - رواية الغفران ، وهي الرواية التي نسجها خياله الواسع حيث تصور ابن القارح في الجنان ، وقد غفر له ، وراح يسال كلا من الناجين من الادباء والشعراء ، بم غفر لك ؟ وبعدها ينتقل الى الجحيم حيث يسال كلا من الهالكين : بم لم يغفر لك ؟. وفي القسم الاول من الرسالة يمتدح ابو العلاء رسالة ابن القارح ، ويثني عليه . اما القسم الثاني رد على رسالة ابن القارح حيث اخذ بالتفنيد والتحليل البدع التي اخذ بها ابناء ذلك الزمان ، تارة يوافقه في ارائه ، وتارة يعاضه بشيء من الغموض والمداورة حتى لا يثير حفيظة رجال الدين عليه ، وتتميز رسالة الغفران بالاسلوب ( العلائي ) الذي انفرد به ابو العلاء المعري ، حيث كان يورد الكلمة ويفلقها معان عدة ، ويقلبها في وجوه كثيرة ، حتى لا يترك قولا لقائل او انتقادا لناقد ، بعيدا عن التحامل على رأي واحد ، او التعصب لفكرة معينة ، كالمعلم النزيه الذي يعلم لاجل العلم . والذي من اثاره الخالدة ( اللزوميات ، سقط الزند ، رسالة الهناء ، رسالة الملائكة ، رسالة الغفران ) . لقد كان المعراج في اشكاله الفولكلورية عبارة عن اسطورة شعبية عن رحلة لاكتشاف اسرار الحياة والمعاد ، واكتشاف مركز الانسان منها وتجدده وخلوده بها .

 

 ان اهتمام الفكر المندائي برمز المعراج له مدلولاته وحسب كل مرحلة مر بها ، فالنبي شيتيل بن ادم ( غرس النعمة ) على اعتباره احد انبياء المندائيين الاوائل ، كان ذو اهمية كبيرة لمعراج الانفس لانه يعتبر رمز للتضحية والصفات الانسانية النبيلة وهو رمزا للمؤمن المندائي الذي يرى في الاتحاد بالعوالم النورانية ولادة جديدة ، فكان يتدفق شوقا وبلا خوف من اجل الارتقاء لعوالم النور ، لان للانبياء صفات نورانية لو قيس الانسان بها لما استطاع بلوغها ، ومن ثم لا يستطيع عبور اختبار الميزان الذي توضع مقابله النفس البشرية في ميزان ( اواثر ) ، كما في صفات النبي يحيى النورانية ، فليس من الصعب جدا حد الخيال ان ينقى لاقصى ما يستطيع من درجات الصفات الانسانية والابتعاد عن المحرمات التي حرمتها ديانتنا المندائية السامية .

 

ففي ترنيمة العروج النفس المندائية جاءت هذه الكلمات : نفس انا من الحي العظيم .. انا ابنة الاشعاع الوافر ..ابن ( البهاء الابدي .. لماذا جردت من شعاعي ؟ وجيء بي الى هنا .. وفي رداء الجسد القيت ؟ .. غاضبة انا ، ومعذبة في وراء الجسد .. ان نزاعي يتجدد فيه .. ولعلي لا ارى الحي في موطنه ..) ، وفي عظمة ارتقائها ناداها خالقها : ( تعالي ايتها اللؤلؤة النقية التي جلبت من كنز الحي .. بسلام تعالي ايتها المختارة الطاهرة .. بسلام تعالي ايتها المضيئة التي انارت الدار المظلمة .. ) . ياتي ذكر العروج في الكتب الدينية المقدسة المندائية بعدة صور منها عروج ( نشمثا ) اي النفس وارتقائها الى بيت الحي ، والصورة الثانية صعود هيبل زيوا من عالم الظلام الى عالم النور ، عند نزوله الى العالم الارضي لكبح واغلال الارواح الشريرة الظلامية ، اما الصورة الثالثة كانت صعود يحيى(ع ) الى عالم النور ، وفي كتابنا المقدس – الكنزاربا – اليمين – التسبيح الثالث ، يكرس هذا التسبيح عروج النبي يحيى الى عالم النور وهو يخاطب الملاك مندادهيي . ( خذني الى البلد العظيم الذي انت ذاهب اليه وليرافقني حنانك ونورك واتقانك ساعدني على ان اعرف اسرار الملائكة وثمر النور العظيم ) . من خلال هذه الصورالرمزية الرائعة ، نرى ان الفكر الديني والادبي المندائي كان ذي تاثير فعال على مجريات الملاحم البطولية التي ذكرت او على بعض منها على اقل تقدير اذا سلمنا القول بان الافكار المندائية سبقت غيرها في هذا المجال باقرار كثير من المفكرين العرب والمستشرقين الاجانب . 

 

المصادر :

 

- الكنزا ربا – اليمين – التسبيح الثالث .

 

- فراس السواح – مدخل الى نصوص الشرق القديم.

 

- مصطفى صمودي – من جلجامش .... الى نيتشه – بحث في الثقافة العالمية.

 

- فراس السواح – لغز عشتار – الألوهة المؤنثة واصل الدين والاسطورة.

 

- س. بريوشينكين – اسرار الفيزياء الفلكية والميثولوجيا القديمة.

 

- دانتي اليجيري – الكوميديا الالهية .

 

- ياسين الناشيء – مجلة افاق مندائية – العدد/ 25 – قسم ثقافة.

 

- ابي العلاء المعري – رسالة الغفران – شرح وتحقيق اسماعيل اليوسف.

 

- ايار ناصر شنان – حياة الانبياء المندائيين – اشراف الشيخ الريش مة ستار جبارحلو.

 

- مجلة هيمنوثا ( الايمان ) – العدد 13 .

 

- د. مزهر الخفاجي – البحث عن جنة الفردوس – دراسة في أساطير الحضارات القديمة .

 

 

نشرت في وجهة نظر

ان ما دعا ( ابا العلاء المعري ) لكتابة هذه الرسالة ، للرد على رسالة ( علي بن منصور الحلبي ) المكنى بابن القارح وكان ابن القارح اديبا وشاعرا عباسيا عاصر ابا العلاء وخدم في حياة ( ابا علي الفارسي ) وقيل انه كان مؤدبا لابي القاسم المغربي الذي اصبح وزيرا بعد ذلك في بغداد ، الا ان ابن القارح ترك خدمته بسبب اعمال سيئة قام بها ابو القاسم ، وهجاه معددا معايبه ونقائصه ، وابن القارح كأي اديب – احب ان يرى ويسمع مشاهير الادب فيه ، فكتب رسالته الى ابي العلاء المعري فرد عليه برسالة الغفران .

 

التي كانت بقسميها الاول - رواية الغفران ، وهي الرواية التي نسجها خياله الواسع حيث تصور ابن القارح في الجنان ، وقد غفر له ، وراح يسال كلا من الناجين من الادباء والشعراء ، بم غفر لك ؟ وبعدها ينتقل الى الجحيم حيث يسال كلا من الهالكين : بم لم يغفر لك ؟. وفي القسم الاول من الرسالة يمتدح ابو العلاء رسالة ابن القارح ، ويثني عليه . اما القسم الثاني رد على رسالة ابن القارح حيث اخذ بالتفنيد والتحليل البدع التي اخذ بها ابناء ذلك الزمان ، تارة يوافقه في ارائه ، وتارة يعاضه بشيء من الغموض والمداورة حتى لا يثير حفيظة رجال الدين عليه ، وتتميز رسالة الغفران بالاسلوب ( العلائي ) الذي انفرد به ابو العلاء المعري ، حيث كان يورد الكلمة ويفلقها معان عدة ، ويقلبها في وجوه كثيرة ، حتى لا يترك قولا لقائل او انتقادا لناقد ، بعيدا عن التحامل على رأي واحد ، او التعصب لفكرة معينة ، كالمعلم النزيه الذي يعلم لاجل العلم . والذي من اثاره الخالدة ( اللزوميات ، سقط الزند ، رسالة الهناء ، رسالة الملائكة ، رسالة الغفران ) . لقد كان المعراج في اشكاله الفولكلورية عبارة عن اسطورة شعبية عن رحلة لاكتشاف اسرار الحياة والمعاد ، واكتشاف مركز الانسان منها وتجدده وخلوده بها .

 

ان اهتمام الفكر المندائي برمز المعراج له مدلولاته وحسب كل مرحلة مر بها ، فالنبي شيتيل بن ادم ( غرس النعمة ) على اعتباره احد انبياء المندائيين الاوائل ، كان ذو اهمية كبيرة لمعراج الانفس لانه يعتبر رمز للتضحية والصفات الانسانية النبيلة وهو رمزا للمؤمن المندائي الذي يرى في الاتحاد بالعوالم النورانية ولادة جديدة ، فكان يتدفق شوقا وبلا خوف من اجل الارتقاء لعوالم النور ، لان للانبياء صفات نورانية لو قيس الانسان بها لما استطاع بلوغها ، ومن ثم لا يستطيع عبور اختبار الميزان الذي توضع مقابله النفس البشرية في ميزان ( اواثر ) ، كما في صفات النبي يحيى النورانية ، فليس من الصعب جدا حد الخيال ان ينقى لاقصى ما يستطيع من درجات الصفات الانسانية والابتعاد عن المحرمات التي حرمتها ديانتنا المندائية السامية .

 

ففي ترنيمة العروج النفس المندائية جاءت هذه الكلمات : نفس انا من الحي العظيم .. انا ابنة الاشعاع الوافر ..ابن ( البهاء الابدي .. لماذا جردت من شعاعي ؟ وجيء بي الى هنا .. وفي رداء الجسد القيت ؟ .. غاضبة انا ، ومعذبة في وراء الجسد .. ان نزاعي يتجدد فيه .. ولعلي لا ارى الحي في موطنه ..) ، وفي عظمة ارتقائها ناداها خالقها : ( تعالي ايتها اللؤلؤة النقية التي جلبت من كنز الحي .. بسلام تعالي ايتها المختارة الطاهرة .. بسلام تعالي ايتها المضيئة التي انارت الدار المظلمة .. ) . ياتي ذكر العروج في الكتب الدينية المقدسة المندائية بعدة صور منها عروج ( نشمثا ) اي النفس وارتقائها الى بيت الحي ، والصورة الثانية صعود هيبل زيوا من عالم الظلام الى عالم النور ، عند نزوله الى العالم الارضي لكبح واغلال الارواح الشريرة الظلامية ، اما الصورة الثالثة كانت صعود يحيى(ع ) الى عالم النور ، وفي كتابنا المقدس – الكنزاربا – اليمين – التسبيح الثالث ، يكرس هذا التسبيح عروج النبي يحيى الى عالم النور وهو يخاطب الملاك مندادهيي . ( خذني الى البلد العظيم الذي انت ذاهب اليه وليرافقني حنانك ونورك واتقانك ساعدني على ان اعرف اسرار الملائكة وثمر النور العظيم ) . من خلال هذه الصورالرمزية الرائعة ، نرى ان الفكر الديني والادبي المندائي كان ذي تاثير فعال على مجريات الملاحم البطولية التي ذكرت او على بعض منها على اقل تقدير اذا سلمنا القول بان الافكار المندائية سبقت غيرها في هذا المجال باقرار كثير من المفكرين العرب والمستشرقين الاجانب .

 

المصادر :

 

- الكنزا ربا – اليمين – التسبيح الثالث .

 

- فراس السواح – مدخل الى نصوص الشرق القديم.

 

- مصطفى صمودي – من جلجامش .... الى نيتشه – بحث في الثقافة العالمية.

 

- فراس السواح – لغز عشتار – الألوهة المؤنثة واصل الدين والاسطورة.

 

- س. بريوشينكين – اسرار الفيزياء الفلكية والميثولوجيا القديمة.

 

- دانتي اليجيري – الكوميديا الالهية .

 

- ياسين الناشيء – مجلة افاق مندائية – العدد/ 25 – قسم ثقافة.

 

- ابي العلاء المعري – رسالة الغفران – شرح وتحقيق اسماعيل اليوسف.

 

- ايار ناصر شنان – حياة الانبياء المندائيين – اشراف الشيخ الريش مة ستار جبارحلو.

 

- مجلة هيمنوثا ( الايمان ) – العدد 13 .

 

- د. مزهر الخفاجي – البحث عن جنة الفردوس – دراسة في أساطير الحضارات القديمة .

نشرت في وجهة نظر