• Default
  • Title
  • Date
السبت, 20 نيسان/أبريل 2013 14:36

الفراعنة - عالم من الألغاز‏

بداية لا يستطيع أي أنسان أن يتنكر لعِظم الأنجازات الحضارية التي توصلت أليها حضارة وادي النيل و خاصة في مجالي العمارة و العلوم الأخرى ، لكن السؤال هنا هو هل أن ضخامة العمارة و البُنيان وتطور تلك العلوم (المدعومان بهالة أعلامية كبيرة تفتقر لها للأسف بقية المجتمعات الأخرى) هما العامل الأساسي للحكم على مدى رقي تلك الحضارة و تفوقها على بقية حضارات العالم الأخرى ؟ فلو كان ذلك هو المعيار لأمكننا القول أن الدميتين اللقيطتين و أعني بهما أمارة (دبي) و دولة (قطير) هما أعظم حضارات العصر الحديث دون منازع ، و هذا طبعاً بعيد كل البعد عن الواقع العلمي الصحيح . أن وجهة النظر الحديثة لتطور و نضوج الحضارات التي أعتمدها المؤرخون منذ خمسينات القرن المنصرم و خاصة بعد أعلان المؤرخ البريطاني الشهير (آرنولد توينبي) 1889_1975 لنظريته حول نشأت الحضارات و المجتمعات القديمة و تصنيفها ، قد أعتمدت أبعاد و مفاهيم و معايير علمية جديدة لتقييم مستوى حضارات العالم ، أولها و أهمها و الأساس الذي تبني علية طبيعة الأوجه الحضارية  هو المستوى الفكري و العقلي الخلاق لعموم المجتمع و الذي يجب أن يتماشى مع الواقعية الأجتماعية للأنسان و تلبية حاجاته الآنية و متطلبات حياته العامة بعيداً عن (الفنطازية) الجوفاء التي يكون ديدنها و كل غايتها تمجيد أنسان واحد هو (الحاكم) الذي يجب أن يسير عموم المجتمع في فلكه ، و من ثم مدى تأثير ذلك التطور و أستجابته من قبل الحضارات الأخرى المعاصرة و التالية ليثبت أن البنيان الحضاري ما هو ألا أنعكاس للتفكير الفلسفي للمجتمع ..... و بهذا الجانب تحديداً لو أننا أجرينا مقارنة بسيطة بين كلاً من حضارتي وادي النيل و و ادي الرافدين لنجد أن البون أكثر من شاسع مانحاً التفوق الواضح للحضارة الرافدية بذلك .. و هذا ما نستدل عليه من دراسة أدبيات المجتمع العراقي القديم التي تعكس الوجه الفكري الحقيقي لشعب الرافدين .... أن أول تلك الأفكار الراقية و السابقة لعصرها بأشواط ، هي الرفض الواضح و الصريح من قبل المجتمع العراقي لمنح الألوهية و الخلود لأي أنسان حتى و أن كان حاكماً و الذي يبدوا ذلك واضحاً في حضارة النهر المقلوب . وأعتماداً على هذا المبدأ فقد جُبل الشعب الرافدي منذ بواكير نشأته ليكون ثورياً بطبعه رافضاً كل مفاهيم الغبن والأستغلال التي تهدف للتمايز الأجتماعي أو الطبقي ( و ربما هذه نقمة لا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم) ، و أهم مثال حول ذلك قيام شعب العراق القديم بأول ثورة جماهيرية في تاريخ البشرية عام 2400ق.م في مدينة (لكش) السومرية والتي على أثرها  ظهرت أول كلمة لمعنى الحرية في التاريخ و هي (آماركًي) سابقة كل الحضارات الأخرى . و استكمالاً لذلك فأن الفكر السياسي الرافدي وكما أصبح معلوماً للجميع بأن بدايات الديمقراطية البرلمانية قد نشأت فيه منذ منتصف الألف الثالث ق.م ، أستناداً الى ذلك المبدأ أيضاً أي رفض التسلط و التأليه البشري ..... و على المستوى الأجتماعي فأن الأنسان الرافدي قد أنتبه الى مشكلات أجتماعية غاية في الأهمية لاتزال تشغل ذهن المجتمعات الحديثة حتى الآن و رصَدها عن كثب بل و وضع حلولاً فاعلة و ناجعة بشأنها . منها قضية (صراع الجيال)  و(الصراع بين البداوة و التحضر) سابقاً بهذا التفكير جميع المجتمعات الأخرى .. و بنفس الوقت فأن الفكر العراقي القديم لم يبتعد عن الرومانسية الأنسانية  ليكتب الأنسان العراقي أول قصيدة حُب في التاريخ  ، و كذلك الملاحم البطولية الأنسانية الأخرى التي تخلد عظمة و نضال الأنسان ، و التي على رأسها طبعاً (ملحمة كًلكًامش) .. و ليتوج هذا العطاء الفكري لأنسان وادي الرافدين بأصدار أول تشريع قانوني في التاريخ ينظم العلاقة الأنسانية بين أفراد المجتمع .

و أزاء تطور هذا الفكر و بساطته و واقعيته و تغلغله في عموم طبقات المجتمع العراقي القديم فكان طبيعياً أن يكون فكراً مستساغاً لقى ترحيباً في مناطق و مجتمعات أخرى وصل أليها من العالم القديم بشكل يفوق كثيرأ ما قدمته أرض النيل  ليكون المُلهم و الحافز لتلك الجتمعات لتشييد مجتمعاتها و بنيانها الخاص ، مثل الهضبة الأيرانية و آسيا الصغرى و أرض الشام و حتى بلادي اليونان و الرومان و في جميع المجالات تقريباً .... آداب ، فكر ديني ، عمارة ، علوم ، قوانين ، فنون متنوعة ، و غيرها الكثير .. و أبرز مثال يوضح ذلك هو أنتشار الخط المسماري الرافدي الى معظم بلدان الشرق القديم لتدّون به لغاتها .. ولتكون حضارة و ادي الرافدين بذلك هي المنبع الرئيسي الحقيقي  و الأكبر لجميع حضارات العالم القديم ... و لابد أن أهرامات وادي النيل و بقية مبانيه الفخمة و علومه  لن تكون سوى مجرد صخور صماء ورموزاً للموت ليس ألا لو أننا وضعناها بميزان واحد مع فكر حضارة ودي الرافدين و مدى عظمته ... و لعل أروع ما قيل بهذا الشأن و عبّر عنه أفضل تعبير ما ذكره عالم الآثار الفرنسي (جان كونتينو) بقوله .. (أن العراقيين القدماء قد شيدوا أهراماً من الفكر و ليس أهراماً من الحجارة) .

و ختاماً تقبلي أختي الكريمة  فائق الأحترام و التقدير لجهودك المبذولة دوماً

نشرت في وجهة نظر
السبت, 20 نيسان/أبريل 2013 14:28

ايام لا تُنسى

 حين حصل الإنقسام في صفوف الحزب في ايلول 1967 , كنت سجيناً في سجن نكَرة السلمان , الذي كان يضم قرابة 450 سجيناً سياسياً , كان بعضهم محتجزاً بعد ان أنهى محكوميته ولم يطلق سراحه , كالمناضلين الباسلين المرحومين سامي احمد العباس " ابو وميض " وعبد الوهاب طاهر " ابوخلوق " , والبعض الآخر ينوء بسنوات سجن طويلة لم تنتهِ بعد , وهناك مجموعة من المعتقلين الجدد الذين لم تصدر بحقهم احكامٌ بعد , إلا ان اسماءهم الكبيرة وتاريخهم النضالي المشرف , دفع سلطات الأمن العارفية لإبعادهم الى  سجن نكَرة السلمان , كالمناضل الكبير كاظم فرهود " ابو قاعدة " والمناضل المرحوم العميد سليم الفخري الذي كان يقود تنظيماً باسم " اللجنة الثورية " .

لقد سبق وقوع الإنقسام التنظيمي , اختلاف وجهات النظر بشأن سياسة الحزب قبل انقلاب شباط الدموي  1963 , وما تبعها من سياسة يمينية بعد سقوط حكم البعث وحرسه القومي المجرم , تبلورت بوضوح تام في اجتماع وتقرير آب 1964 للجنة المركزية , تلك السياسة التي كانت موضع استنكار وادانة ورفض من كوادر وقواعد الحزب وجماهير الشعب الملتفة حوله , مما سبب انقساماً فكرياً واضحاً في كافة تنظيمات الحزب , بما في ذلك بعض اعضاء قيادة الحزب . 

لقد سبب لنا خط آب اليميني التصفوي وفرسانه الذين كانوا يمهدون لتذويب منظمات الحزب في الأتحاد الأشتراكي الذي اسسه عبد السلام عارف سيراً على نهج جمال عبد الناصر . وقد اعترف احدهم بضغوط النهج السوفياتي عليهم في ذلك الوقت , لقد سبب هذا الخط , والسياسة التطبيقية التي وضعت لتحقيقه خسائر كبيرة, تنظيمياً وجماهيرياً , حيث تبعثرت التنظيمات التي بدأت بالأنتظام والنمو والتوسع , كما رفضتنا الجماهير القريبة من الحزب , ولأول مرة رُفضنا من اقرب اصدقائنا وشُتمنا حتى من عوائلنا .

لقد كنا نناضل على جبهتين متعارضتين , وكان نضالاً شاقاً وعسيراً , الأولى هي النضال ضد الأنشقاقات والتمزق التي سببتها تلك السياسة المرفوضة , والثانية هي النضال الداخلي ضد هذا الخط اليميني الأنهزامي , وكانت المهمة صعبةً للغاية .

استمر هذا الصراع اكثر من عام , من آب 1964 حتى تشرين الثاني 1965  , حيث رضخت اللجنة المركزية لإرادة كوادر وقواعد الحزب , ودعت الى عقد اجتماع موسع للجنة المركزية , حضره عدد من اعضائها الى جانب عدد اكبر من الكادر المتقدم . ضم الأجتماع خمسةً وعشرين رفيقاً , واستغرق ثلاثة ايام ....سأتحدث عنه في حلقة خاصة .

كنت واحداً من هؤلاء المناضلين , وقد برز الأنقسام الفكري واضحاً وجلياً , وتحول الأجتماع الى محاكمة قاسية لهج قيادة الحزب المتمثل بخط آب 1964 . وقد اتخذ الأجتماع الموسع مجموعة قرارات مهمة .فبالأضافة الى ادانة هذا النهج , اتخذ قراراً بتغيير نظام الحكم بالقوة المسلحة , والعمل على تهيئة المستلزمات المادية لذلك , كما انتخب لجنة مركزية جديدة , ضمت الى جانب اعضاء اللجنة المركزية السابقين جميعاً باستثناء المناضل المرحوم ناصر عبود , ضمت عدداً من العناصر الجديدة , اذكر منهم المناضلين ( كاظم فرهود ,كاظم الصفار , الشهيد شاكر محمود , ماجد عبد الرضا , ابراهيم الياس  , خضر ياسين ) .

لقد اتخذت قيادة الحزب قراراً باجراء دراسة وتقويم سياسة الحزب السابقة , وحيث ان هناك اختلافاً واضحاً في الرؤى , فقد وضِع تقويمان بهذا الشأن , الأول يدافع عن النهج السابق بما في ذلك خط آب المدان , والثاني يدين تلك السياسة ويحمل قيادة الحزب مسؤولية ما حصل للبلد وللحزب على وجه الخصوص من خسائر كبيرة ....كما قررت القيادة طرح التقويمين للمناقشة ضمن مستويات تنظيمية معينة . وقد وصلنا التقويمان الى السجن , وبدأت دراستهما , مما اجج النقاش وعمق الأنقسام الفكري بين المناضلين السجناء . والحقيقة ان التأييد كان شبه جماعي للتقويم الثاني . 

 

ان طرح التقويمين للمناقشة في اجواء الحياة الحزبية غير الطبيعية التي كانت سائدة , وفي وقت كانت جرائم البعث وشركائه ماثلةً للعيان ودماء شهدائنا لم تجف بعد , قد عمق الفجوة بين غالبية اللجنة المركزية التي كانت تتبنى التقويم الأول , وبين كوادر وقواعد الحزب التي تبنت التقويم الثاني وهيأ الأرضية المناسبة للعمل الأنقسامي الذي قادته لجنة منطقة بغداد للحزب . لقد كانت عملية الأنقسام تتنافى وقواعد الأنضباط الحزبي , وقد رافقها سلوك انقلابي لم نعتد عليه في الحياة الحزبية , كاحتجاز بعض اعضاء اللجنة المركزية وتعرض احدهم للضرب كما قيل في حينها , بيد ان الحماس للتغيير , وتراكم الأخطاء التي ارتكبها عدد من اعضاء اللجنة المركزية , وبقاءهم في مراكز المسؤولية رغم ذلك , جعلنا نفاضل بين الأفكار التي نؤمن بها والتي نعتقد انها من صميم فكر الحزب ومبادئه , وبين الأنضباط التنظيمي الذي يفرض علينا رفض وادانة الأنشقاق .....وبعد اجتماعات ومداولات ومناقشات واسعة , قررت لجنة تنظيم السجن , تأجيل اعلان موقفها , وبعثت برسالة الى المكتب السياسي للحزب , تطلب فيها طرد العناصر اليمينية من اللجنة المركزية وتبني وجهات نظر قيادة منطقة بغداد وقرارات اجتماع تشرين الموسع لعام 1965 , لأعادة وحدة الحزب , وحددت لجنة تنظيم السجن فترة شهر واحد انتظاراً لرد المكتب السياسي , وبالتأكيد ان اسلوباً كهذا لم يكن مقبولاً على وفق قواعد العمل التنظيمي في ذلك الوقت . ومما اعتُبر مخالفة تنظيمية اخرى , هو ارسال نسخة من الرسالة الى المناضل عزيز الحاج  " رمزي " الذي كان على رأس عملية الأنقسام . وقبل ان تنتهي فترة الشهر التي حددناها , علمنا ان المكتب السياسي رفض موقف لجنة تنظيم السجن وادانه .

 

وهكذا قررت لجنة تنظيم السجن تاييد العملية الأنقسامية والأنحياز للقيادة المركزية . وقد اعلن مناضلو السجن ال450 تأييدهم للقرار وابتهاجهم به , باستثناء :

 

1- المناضل كاظم فرهود الذي كان فكرياً وسياسياً ضد السياسة اليمينية ورموزها , إلا انه يرفض الأنشقاق التنظيمي , وهكذا ترك لجنة تنظيم السجن , وكان مسؤولَها , ووقف محايداً . فلم يهاجم الأنقسام او ينحاز له , ولم يدافع عن اللجنة المركزية او سياستها . 

,2-مجموعة من مناضلي الفرات الأوسط , عددهم سبعة او ثمانية مناضلين , اعتُقلوا إثر الضربة الموجعة لمنظمة الفرات الأوسط التي سببها انهيار المدعو حمد الله مرتضى, عضو لجنة منطقة الفرات الأوسط , والذي تسبب باعتقالي والمناضل ابراهيم الياس عضو اللجنة المركزية , كما سيأتي ذكره في حينه ...وكانت مواقف هذه المجموعة ضعيفة في التحقيق , مما جعل الموقف منهم متحفظاً من جانب لجنة التنظيم والمناضلين الآخرين في السجن . وكان ذلك كله قبل الأنقسام . بقيت هذه المجموعة في عزلتها السياسية , ولم يحاول ايٌ منهم المزايدة او ركوب الموجة الثورية . وقد اعتبرهم الجميع على ملاك اللجنة المركزية , بل ان بعض عناصر ق . م . اوغل في ازدرائهم , كالمرحوم بيتر يوسف , مما تسبب في تصادم بيني وبينه في حينه .

 

3-اما المرحوم عبد الوهاب طاهر , والذي كان مسؤولاً للسجن ولجنة التنظيم طوال فترة سجنه واحتجازه , التي زادت عن سبع سنوات , فقد أيَد العملية , إلا انه لم يكن متحمساً كالآخرين , وما ان اطلق سراحه بعد 17 تموز 1968 , حتى اعلن انحيازه للجنة المركزية تاركاً صفوف القيادة المركزية .  

 

نشرت في وجهة نظر

من المفارقات المعروفة عن الصابئة المندائيين انهم قوم يجهلون أفكارهم ومعتقداتهم، ويجهلون طبيعة هذه المعتقدات، وكيف ومتى وأين تلقى أجدادهم الموغلون في القدم هذه المعتقدات وطوروها. وما ورد عنهم في كتب التراث الإسلامي والمسيحي لا يجلو هذا الأمر بل يزيد فيه تعقيدا وتعميه بما يورده عنهم من بينات اما ان تكون منقولة عن خصوم لهم في العقيدة، او هي منحولة عنهم ولم يجر تدقيقها او تمحيصها، ودون دراية بأدبهم الديني او معايشة مباشرة لهم. والذين نسجوا على منوال هذا التراث من الكتاب العرب المعاصرين لم يقدموا ما يعين في تحديد هوية هذه المجموعة وأفكارها والأصول التي انبثقت عنها.

البحث في هذه المسألة المعقدة شيء، والكتابة والنشر عنها شيء آخر

غير ان البحث في المندائية والمندائيين دخل على أيدي جمهرة من المستشرقين من بلدان شتى طورا خاصا تطور من جيل الى آخر حتى غدا، بفعل عوامل لسنا بصددها هنا، ميدانا خاصا كرست له جامعات ومراكز بحوث لاهوتية اهتماما وطاقات علمية ذات شأن، وتكللت الجهود العلمية الحثيثة التي بذلت في هذا الأمر بنتائج غنية. فعدا عن ترجمة الأدب المندائي الى بعض اللغات الأوربية، لاسيما الألمانية والإنكليزية، فان مؤلفات كثيرة كرست للبحث في الجوانب المختلفة من معتقداتهم وطقوسهم وعلاقاتها بالمعتقدات والطقوس التي كانت تمارسها شعوب الشرق الأوسط، لاسيما المسيحية واليهودية والغنوصية. ولان الموضوع ينطوي على كثير من الثغرات والبحث فيه يفتقر الى كثير من البيانات المادية التاريخية، كان طبيعيا ان يختلف المستشرقون في تحديد بعض المعالم الأساسية في نشأة وتطور هذه المجموعة وأفكارها، وان لا يصلوا بشأن جوانب من المسألة الى أحكام قاطعة، حتى ان احد الباحثين دعاها بالمسألة الشائكة.

لقد عاش المندائيون قرونا عديدة دون ان يواجهوا مشكلة البحث عن الهوية. ونظرا للجهل الذي كان يلفهم فقد واصلوا ممارسة طقوسهم الدينية دون ان يضعوها موضع التساؤل. بيد ان حالا كهذه لم تعد قادرة على الصمود في الزمن المعاصر حيث يضع الإنسان موضع التساؤل والتمحيص كل شيء في الكون، في الماضي والحاضر والمستقبل. وكان من الطبيعي ان يبحث الصابئة اليوم، شيوخا او شبابا، على السواء، عما يهديهم الى تلمس هويتهم وتأريخهم، وهذا الأمر عدا كونه مشروعا، ولم يبدعوا به بدعة غير مألوفة شأن ما تفعله كل الأقوام والجماعات الأخرى، فانه ضروري ونافع في الغربة، بعد ان اقتلعوا من جذورهم وتناثروا في كل الأوطان وأمسوا في حاجة الى ما يشدهم لبعضهم البعض، ويذكرهم بالوطن الذي نبتوا فيه، وأسهموا في إنتاج ثماره، بيد ان البحث في هذه المسألة المعقدة شيء، والكتابة والنشر عنها شيء آخر. ان الخروج عن الناس بشيء مدون هو بحد ذاته مهمة لا يصح التعامل معها بخفة. انها مسؤولية قبل كل شيء، لاسيما حين تكون هناك جمهرة من القراء تجهل ماضيها ومتعطشة الى تلقف كل ما يقال عن هذا الماضي.

الحماسة للنشر لا تعفي صاحبها من مسؤولية تدقيق ما ينشر، كما لا تعفي المنبر الذي ينشر من مسؤولية التشديد على جدية الكتابات ووضع المقاييس الضرورية التي يتعامل بها مع المواد التي تصله


من المؤسف ان هذا المبدأ لم يوضع موضع التدقيق دائما. ولكن، اذا كانت المسألة المندائية لم تنل من الدارسين العرب الاهتمام الكافي، فان أصحاب الشأن ذاتهم، اعني المندائيين، لم يبادروا الى تقديم أنفسهم للعالم والتعريف بأفكارهم ومعتقداتهم لاسيما بعد ان نالوا حظا من الثقافة والتعليم. ويرجع هذا في الأساس الى جهلهم بلغتهم وأبجديتها وبمعتقداتهم المدونة، وأكثر من هذا، الى ابتعادهم عن هذه المعتقدات وضعف او فقدان إيمانهم بها، او افتقارهم الى البيانات المادية التاريخية.

بيد ان أمرا جديدا قد طرأ هنا في الآونة الأخيرة بفعل إحساس الغربة. اذ يلمس المرء حماسة بين المندائيين للكتابة عن المندائية وتاريخها، وهو ما يبعث على الترحيب بالطبع. وفي هذا الكم المتزايد من الكتابات سيجد القارىء عديدا مما يمكن ان ينتفع به.

لكن الحماسة للنشر لا تعفي صاحبها من مسؤولية تدقيق ما ينشر، كما لا تعفي المنبر الذي ينشر من مسؤولية التشديد على جدية الكتابات ووضع المقاييس الضرورية التي يتعامل بها مع المواد التي تصله، ولا شك ان موقفا كهذا سيعود بالنفع على الكاتب والمجلة او الموقع كليهما.

 هذه المقالة للكاتب والباحث عزيز سباهي نشرت في إحدى المجلات المندائية ( المندائي الجديد) التي كانت تصدر في السويد عام 1995 ونظرا لأهميتها الحساسة في الوقت الحاضر فقد ارتأينا إعادة نشرها في موقعنا 

نشرت في وجهة نظر
الخميس, 18 نيسان/أبريل 2013 13:40

الكتابة ... ألم مستمر

بقي ( تنيسي ويليامز ) ثابتا ولم يتحول , وكانت الكتابة بالنسبة له هي الصدق المطلق والحرية الداخلية المطلقة دون مراعاة لاعتبار احد , لذا فانه ينقل الحياة حرفيا , حتى تلك الاحاسيس الداخلية والمغامرات المثيلية التي شكلت حضورا بارزا في مسيرة حياته , لم يبخل من ان يتعرض لها بهذه الاضافات التي تمخضت عن روحه وفكره, ولا نقصد بها هنا مغامراته تلك , بل إيمانه بالحرف الذي يدونه والكلمة والفكرة التي يستحضرها , حيث طرح كل تناقضات الحياة وواصل بقلمه ليزحف .

الكتابة – اذن – لمن لا يفهم جوهرها تتمثل في ترمميم ذلك القبح , قبح العالم الذي يقدمه البعض بعمليات الترميم من كنوز اللغة التي سرعان ما تنساب بين الأصابع لتفضحه , فمن صميم الكتابة الولوج إلى خفايا النفس ومخاطبتها وخلق الممكن المتوازي مع حركة أهداب الحياة التي تبشرنا كل لحظة بفجيعة , هناك من يقول أن الحياة سرد طويل لا ينتهي , ويحكم كل البشر قبضتهم على اللغة , والكل يغني بها دون أن يفهم بعضهم الآخر .

نعم , هذا ما يحدث , وهناك من يدفع إلى الألم ويعمق الجرح فتتساقط القيم كأوراق الخريف , وهناك آخرون يعملون من اجل الحب والسلام , ولكنهم قليلون .

مفارقة عجيبة , لان البعض يتاجرون بذلك الحب وبذلك السلام , 

ألا يدعو ذلك إلى القلق ؟ 

فالمشهد الإنساني يتراءى لمن يفكرون , ويتضح جزء منه – لا نعني ورقة التوت التي يتحدثون عنها اليوم – فقد مللنا تلك العبارة - ذلك الجزء والجانب منه يكون أشبه ببقعة ضوء في ظلام دامس حالك السواد , بدأت تضيق ونتمنى أن تتسع .

أن للكتابة وحشة لمن لا يعرف دهاليزها !! , فهي اغتراب لمن لا يفض بكارتها , ليس كما يفعل الرجل الشرقي بجسد نائم أمامه حيث أن عليه أن يكمل مهمته بنجاح ويزيح كابوسا يجثكم عليه وعلى أفراد عشيرته , ذلك الجسد عليه أن يستعد ويتحمل , فالحياة ستغدو أفضل بالتأكيد , لكن الكتابة تختلف , فبكارتها شجن , معرفة , مسؤولية , إيمان , خلق , أبداع , مشروع للتنوير زرع الحياة الفكرية والثقافية الجدباء بمساحة خضراء , كما أن هناك من يطلق العنان للذات المتهالكة بأفكار محسوبة تدار من رقيب خارجي , لان الداخل المحسوس بقضية ما قد ينقلب وفق قوالب أخرى , ف " الأنا " المدمرة التي تحبس الدمعة تحبس الفكرة , ولا نعني بالتعبيرات المنطلقة من ذلك الرفض الذي ينطلق من الداخل المحسوس الذي يعكسه الواقع في وحيدة الحقيقة المطلقة وتحديد ملامح الواقع بسهولة مفرطة , ليس كما فعل " تـنيسي ويليامز " - بالطبع – لأنه كما يقول : " لم يكن لي خيار إلا أن أكون كاتبا " .

وهذا يعني الكثير.

نشرت في وجهة نظر

لا اريد ان اقول اللهم لا شماته طالما ان الأبرياء هم المتظررين يقال عن الكبير بانهُ حكيم وخصوصاً عندما تعلن العائله الولاء والأحترام لكبره أمريكا بلد كبير وأغنى بلد في العالم مع انهُ يوجد الأغنى منهُ؟؟؟ 

هذا البلد المفروض ان يكونَ جسراً تتواصل عليه الشعوب بمداد من الأحترام والألفه للحفاض على شيئين مهمين 

على هذه الأرض السلام والمصالح المشتركه 

امريكا بدأت تعامل العالم وكأنها الراعي لشعوبه منطلقه من الحريه التي يتمتع بها شعبها هذه الحريه التي اعطى الشعب الأمريكي ما يقابلها من دماء الأحرار والشرفاء هذه الحريه والتي في غفله من الزمن تسيد على كرسيها تجار الحروب ومافيات القتل والترهيب 

ان الذي يريد ان يكونَ بلده آمناً وشعبهُ مطمئناً عليه ان يحافظ على امن وأطمئنان الآخرين المصالح طبيعيه بين الشعوب على شرط ان لا تؤخذَ عنوتاً لأنهُ لا توجد دوله في العالم ومهما تكونَ قوتها وجبروتها هيَ ليست بحاجه للآخرين على ان لا يكونوا كعملاء وصغار مأجورين ولا كدول صغيره تجعلها قواعد تنطلقَ منها لتحطيم أرادة الشعوب 

العقل سيد المنطق هكذا يقال لكنَ هذا لا ينطبق على واقع حال الشعوب الذي تنتظر هذا العقل في الوقت الحاضر أمريكا جعلت كلَ شيىء مرهون بأراده منها للأستمرار وعكسَ ذلك فأن الأساطيل والمقاتلات والصواريخ بكل اشكالها جاهزه لتدمير ذلك البلد على رؤس اهله حيث يدمر وبعدها تأخذ كلفة دماره من ذلكَ البلد 

هؤلاء مدعين الديمقراطيه والذين يسمونَ انفسهم محررين وبعد الدخول يتبجحوا بأنهم محتلين يالسخرية القدر ماذا عملت امريكا التي صنعت الربيع العربي والذي ابتدأتهُ في العراق منذ 2003 ولحد اليوم هل سمع العراقيين بيوم واحد فقط آمن لم يقتل بهِ ابرياء او انفجار عبوه هنا او سياره مفخخه هناك هل اوصل الأمريكان الكهرباء التي دمروها بصواريخهم هل اصلحت البدالات التي قتلوها بطائراتهم اينَ الماء الصالح للشرب اين المدارس اين الأمان هل تم القضاء على البطاله والجوع والخوف وهل وهل وهل؟؟؟ 

ماذا اعطيَ لهذا الشعب خلال هذه الفتره من عمر الزمن للعراقيين غير الرجوع عشرات السنين الى الخلف هل 

انَ سيطره رجال الدين على مقدرات العراق والعراقيين هو الحريه التي انتظرها العراقيين هل ان الفَتوات والتي ما انزل الله بها من سلطان بدأت تشبع العراقيين من الجوع وتجعلهم سعداء مثل الآخرين هل ان البلد الذي سمحت قوات الأحتلال بأن يتبوء الدرجه الأولى في العالم بعدد الأحزاب هل حسبت القوات المحتله ان كثرة الأحزاب معناها كثرة المشاكل حل حسبت امريكا ان النتيجه سوف لن تكون لصالحها ولن تكون لصالح الشعب 

هل حسبت امريكا ان قوى التطرف والتعصب سوف تخترق البلد وتدمر الحضاره ان بقى منها شيىْ لماذا اصبح العراق البلد الأول في الفساد كل ضني انهُ محسوب لأن الهدف هو ليس تحرير شعب بل السيطره على الموارد وأخضاعهُ ذليلاً وهذا ما يحدث الآن 

انا لا أعرف تماماً بماذا فكرت امريكا عندما احتلت العراق وهم الذين يمتلكون اقوى وسائط التجسس والتحسس في العالم هل كانوا مقتنعينَ تماما بأن العراق يمتلك الأسلحه والتي يمكن من خلالها تهديد اسرائيل البنت المدلله 

وهل كانت اسرائيل مقتنعه بأن صدام سيحرر فلسطين هذه الشماعه التي كل الرؤساء العرب يعلقون ملابسهم عليه 

وكلام الليل يمحوه النهار هذا الشعار الذي يوجد تحت وسادة كل الرؤساء العرب لأنهم مضحكه وعملاء صغار لأمريكا ولأسرائيل وحلفائها 

امريكا حطمت آمال كل الشعوب وجعلت هذه الشعوب مهجره ولاجئه ومواردها مسروقه وعملائها اصبحوا من اثرياء العالم بعدما كانوا يركضون وراء ما يسد رمقهم 

العراق تونس ليبيا مصر ام الدنيا والتي يقال عنها اذا شربت من النيل مره فأنك ستعود من يجرأ واصحاب الدشاديش الميني جوب محملين بكل اوساخ الدنيا يجوبونَ طرقاتها واليمن والذي كانَ يسمى سعيداً اصبح كئيباً ويلطم الوجه ليلاً ونهاراً الشعوب التي بدأت تلوم النفس على تفريطها بقياداتها ماذا ينتظر منها وقد زاد جوعها جوعاً ومرضها مرضاً عندما تسمع عن الذي يحدث الآن في امريكا 

البعض يقولها وبملىء الفم اللهمَ لا شماته 

وأنا اقولها اللهم لا شماته لكن ليسَ على حساب الشعوب 

وتبقى ارادة الشعوب هيَ الأقوى 

نشرت في وجهة نظر
الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 05:59

الرابع عشر من نيسان 1957 ، يوم في ذاكرتي

بعد ان انقضت العطلة الإجبارية التي تعطلت فيها الدراسة لمدة تجاوزت الشهرين في كليات بغداد ومعاهدها ومدارسها الثانوية على اثر الانتفاضة الجماهيرية التي عمت مدن العراق كافة نتيجة قيام العدوان الثلاثي على (مصر)، والذي أبتدأ يوم 29/10/1956 وبمساندة الحكومة العراقية من طرف خفي لهذا الاعتداء الغاشم مما سبب ذلك حصول نهوض ثوري لعموم فئات الشعب العراقي وفي مقدمة تلك الشرائح والفئات كان طلبة الكليات والمدارس الثانوية عموما ولا نستثني أنفسنا نحن طلبة دار المعلمين العالية سابقا ( كلية التربية) لاحقا، حيث قدمنا شهيدا من طلبتنا في المظاهرة التي انطلقت صباح اليوم الثاني لحصول ذلك العدوان والتي ضمت طلبتنا و طلبة الكليات والمعاهد المجاورة لنا واعني بها ( كلية التجارة والهندسة وثانوية الصناعة) وعند وصولنا إلى محطة قطار شرقي بغداد جوبهنا بالرصاص من قبل الشرطة المدججة بالأسلحة والمتأهبة لقمع أية تظاهرة، وعندها سقط برصاص تلك القوات البوليسية احد طلبة كليتنا شهيدا، وهو الطالب الشهيد ( ناجي نعمة السماوي) وكان طالبا في السنة الثالثة / قسم الفيزياء. وعند الظهر صدر قرار بتعطيل الدراسة في الكليات والمعاهد ثانويات بغداد لأجل غير معلوم، وعند التئام شمل الدراسة مجددا في أواسط شهر كانون الثاني 1957م، نشط (اتحاد الطلبة العراقي العام) والمتمثل باللجنة التي تدير نشاطه سريا في كليتنا، فقامت بطباعة صور الشهيد السماوي وتم توزيعها من قبل نشطاء الاتحاد على بقية الطلبة فولد ذلك حماسا ثوريا في نفوسهم مما ساعد على انضمام اعداد غفيرة منهم الى تنظيمات الاتحاد وكان هذا واضحا في العديد من النشاطات الطلابية التي نظمت وقتها بعيدا عن عين الادارة متمثلة بالسفرات والحفلات الطلابية 

وعندما اقتربت الذكرى التاسعة لمؤتمر ساحة السباع والذي انعقد في تلك الساحة لاعلان تأسيس اتحاد الطلبة العراقي العام وذلك يوم 14 نيسان 1948 

عندها قررت اللجنة الاتحادية الاحتفال بهذه المناسبة العزيزة يوم 14 نيسان 1957 والذي كان حينها يوم دوام اعتيادي ، لذلك ارتأت اللجنة الاتحادية القيام بكتابة شعارات تمجد المناسبة وتأريخها وكذلك تمجد نضال الشعب العراقي البطل , لذلك تم احضار عددا من الورق المقوى( كارتون) بحجم كبير مع أقلام الخط والحبر الصيني الأسود وبدأ العمل قبل اسبوع من يوم المناسبة وانتدبت انا لمهمة القيام بخط اللافتات المذكورة حيث بدأت أزاول مهمتي في إحدى الغرف العائدة لسكن بعض طلبتنا الاتحاديين في احد الأقسام الداخلية لطلبة السنة الأولى الواقع في منطقة الوزيرية قريبا من البنايات الرئيسة لأقسام الكلية واستغرق العمل مني لانجازه بضعة ليالي وفي صبيحة الرابع عشر من نيسان 1957 و الذي صادف الذكرى التاسعة لمؤتمر السباع الخالد وأثناء توجه الطلبة لتناول طعام الفطور الصباحي في مطعم القسم الداخلي والذي هو ضمن بنايات مجمع الأقسام الدراسية شاهد الجميع شعارات خطت على أوراق كارتونية كبيرة قد رفعت على واجهات جميع بنايات أقسام الكلية ومن ضمنها واجهتي المطعم والمكتبة جميعها تحمل تمجيداً لتلك الذكرى الخالدة مما احدث ذلك العمل اعتزازا وتقديرا في نفوس طلبة الكلية لاتحادهم المناضل واستمرت تلك اللافتات مرفوعة طيلة الدوام الرسمي وفي نهايته أوعزت العمادة الى عمال الخدمة برفعها دون التوصل إلى معرفة من هم الأشخاص الذين كانوا وراء هذا العمل البطولي.

 

الأربعاء, 17 نيسان/أبريل 2013 08:47

الصابئة المندائيون - ملائكة السلام

يعيش في العراق أقوام عديدة متعددة الاصول والأعراق كما نزحت الى ارضه أاقوام متعددة وتوطنت وعاشت فيه وأكلت من خيراته وشربت من ماء دجلة والفرات

ان طائفة الصابئة المندائيين يرجع تاريخ وجودها في العراق الى حقبة زمنية تتجاوز الألف عام وقد ورد ذكرهم في القران الكريم وذكر نبيهم في اكثر من آية يقطن الصابئة المندائيون في اراضيهم التي ولدوا بها وعاشوا وسكنوها منذ زمن طويل وهي موطنهم الأصلي ويتمركز المندائيون في المناطق المحصورة في مناطق عيلام والطيب وعلي الغربي والعمارة في جنوب العراق ويتوزعون طلب للرزق في انحاء عديدة من العراق 

الصابئة المندائيون أناس يمتازون بالطيبة والتسامح والخلق السمح ولطافة المعشر ، عانوا من ظلم الحكومات المتعاقبة على حكم العراق ومورس بحقهم شتى أنواع الأضطهاد والأهمال وإنكار لحقوقهم القومية والدينية بشكل مميز ، هاجر العديد منهم الى الدول الأوربية طلبا للحرية الدينية والرفاه القومي تحررا من الضغط المستمر الذي يدورون في دوامته

عمل العديد منهم في ممارسة المهن الحرفية مثل صياغة الفضة والذهب وفي صناعة الأدوات الزراعية في المناطق الريفية واشتهر فيهم العديد من الشعراء الذين تميزوا بالاصالة والأبداع كما برز منهم من أثرى التراث الغنائي الريفي الشعبي العذب وتميزوا بطور من الغناء سمي باسمهم وهو الطور الصبي نسبة الى الصابئة كما انتشر معلموهم في جميع المدارس

كانوا من الذكاء والتسامح ان شاركوا المسلمين بكافة مناسباتهم فكانوا يشاركون في المواكب الحسينية وفي الأحتفالات الشعبية وفي جميع المناسبات الوطنية والدينية مشاركين اخوتهم المسلمين والمسيحين في كافة الظروف في السراء والضراء

نلمس في هذه الأيام ومع الأسف خنقا لهذه الطائفة الأصيلة والمتجذرة اصولها في تربة وماء العراق ، نلمس ممارسات تؤدي الى تشريدهم وابادتهم وتعمل على انقراضهم من خارطة الوطن العراق ، ان البلدان الراقية تحاول حماية الحيوانات النادرة والأصيلة في اراضيها ونحن مع الأسف لم نستطع ان نحافظ على هذه الأمة التي علمتنا فن النقش على الذهب والفضة وعلمتنا كيف يكون التعايش مع الأخرين لا نريد ان نفقدهم مثلما فقدنا قبلهم الأخوة من الديانة اليهودية

ان تعاليم دينهم كلها تعاليم سمحاء تدلك على القيم الأصيلة والروح الهادئة في تعاملاتهم وعلاقاتهم 

نلمس في هذه الأيام وفي زمن ضاعت فيه القيم وتفشت فيه الرذيلة المتلبسة لبوس الدين تارة ولبوس العروبة تارة ولبوس القومية تارة اخرى لكي تتفن في تنفيذ جرائم بشعة اقلها وحشية هي ابادة الجنس البشري لقوميات اصيلة ومتجذرة في عمق وفي لب حضارة العراق وتاريخه

ان الجهل وقلة الوعي والطبيعة الأجرامية المتفشية اليوم في مجتمعنا العراقي بسبب ما قام به وما غرسه النظام الفاشي في عهد الطاغية المجرم صدام واعوانه ومن ثم الحملة الشرسة التي اعقبت حكمه وتسلط القوى الظلامية والتكفيرية وتغييب المبادئ الأنسانية زادت من الهجمة الشرسة على اخواننا من الطائفة المندائيين وبدأت تطالهم يد الجريمة والغدر بشكل مخيف

نحن نتسائل مع كل الشرفاء والمخلصين من العراقيين هل سمعتم باي فرد من افراد الصابئة قام بتفجير نفسه في مكان ما وهل سمعتم باي ارهابي كان من بينهم وهل كانوا في يوم من الأيام من النشطاء ضمن التيارات المشاغبة او الفاعلة في عملية الغوغاء او القتل على الهوية او الجريمة المنظمة

ان الأخوة من الطائفة المندائيين هم ارفع من ان يصلوا الى هذا المستوى من الجريمة او من هذا الخلق المتدني ، انهم اناس مترفعين عن الجريمة وعن القتل على الهوية انهم ورود السلام وحمائم الأمان وشموع الأديان

نناشد الساسة والقادة الشرفاء ان يلتفتوا وبسرعة لوضع حد للابادة المنظمة ضد الصابئة المندائيين وخصوصا ان اعدادهم بدأت بالتناقص بشكل مخيف وهجرتهم الى الدول المجاورة تشهد على نوع الاضهاد الذي يلحق بهم رغم قلتهم

نطالب بوقفة جادة وحملة وطنية لمناصرتهم وحمايتهم قبل فوات الأوان ، ان الخسائر اصبحت قاسية ومؤذية ومؤثرة بحقهم ولا من مغيث ولا من سامع ولا من مهتم لأمرهم

نطالب ونناشد السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء وكل المرجعيات الدينية والقوى الوطنية ومجلس النواب وكل الأحزاب الوطنية ان تشحذ الهمم وتتفاعل للدفاع عن هذه الطائفة المناضلة المجاهدة والصابرة

نشرت في وجهة نظر

الصابئة مجموعة قومية تشكلت من بين أولى المجموعات السومرية في أحضان هذا الإقليم الذي شهد ولادة الحضارة البشرية الأولى.. ومع امتداد الزمن يتحدث اليوم أبناء هذه المجموعة مستخدمين المندائية اسما علما لهم في غزارة لتراث 

ثقافي حضاري يحتضنونه ويواصلون مسيرة تعبيرهم عن شخصيتهم القومية والدينية... وما تنبغي افشارة إليه هنا هو غنى تلك الشخصية ودورها المميز في الميدان المحيط بدل حالة الإنغلاق التي تعانيها مجموعات أكبر تعدادا سكانيا في أماكن أخرى من العالم. وهذا الغنى يتأتى من فاعلية 

الاندماج بالمحيط الوطني العراقي المعاصر وتقديم خيرة أبناء البلاد المبدعين والمفكرين المعروفين عراقيا وعالميا.. 

 

ولقد كتب ويُكتب عن هذا الأمر شيئا كثيرا وكبيرا. وقد تصاعدت حملات الكتابة بالخصوص في ضوء تطورات أوضاع شاذة في وطن ما بين النهرين تلك التي استهدفت أطياف 

شعبنا العراقي من أصحاب الديانات العراقية القديمة ومن المجموعات التي ساهمت في بناء حضارة الإنسانية وتراثها التنويري المتمدن كما المندائية.. إلا أنَّ ما يهمنا هنا لا 

تلك الكتابات الجدية الطيبة المدافعة عن المندائيين ولا طبيعة توكيدها على هويتهم الإنسانية والقومية والوطنية... 

 

بل يهمنا هنا تشخيص ما يقف وراء الحملات التصفوية الدموية وأعمال التهجير والإبعاد للمندائيين من وطن التصقوا به وبمسيرته التاريخية والوطنية 

المخصوصة عبر آلاف السنوات العجاف من دون أن ينفصموا عنه للحظة حتى أنَّ أحد أبرز علماء العراق رفض مغريات وتهديدات أرادت له الباقء خارج الوطن ولكنه أبى إلا أن يعود ليبني 

العراق ويقدم عطائه فيه وعبره وهو العالم الجليل المرحوم عبدالجبار عبدالله... 

 

المندائيون لا يكافحون من أجل 

حقهم الإنساني في البقاء ببيتهم العراقي بل يشددون النضال من أجل الدفاع عن حضارة العراق التي مثلت تاريخ المدنية بروحها التعددي وبتنوع أطيافها وبنسيجها المتآلف 

المتحد المتفاعل إيجابيا.. وهم إذ يطلبون النصرة والتأييد لا يطلبونها لكونهم ضحايا معركة شرسة مع أعدائهم لوحدهم بل يستنفرون المجتمع العراقي بنسيجه الوطني المعروف 

بغناه القومي الديني ليقف من جديد وباستمرارية وتواصل مع مسيرة عشرة آلاف عام من العطاء الموحد لمجموع القوى والمكونات العراقية الأصيلة.. 

 

والدفاع عن المندائية دفاع عن هوية عراقية.. ودفاع عن تاريخ العراق، ودفاع عن حضارته التي سجلت تراث البشرية في المسيرة المطبوعة بالسلم 

ونهجه وبالتعايش المتفتح المتفاعل إيجابا، وهو دفاع عن بقاء روح التنوير وروح الوحدة وروح التقدم والعطاء الأخوي لكل العراقيين يمتلكون حقوقهم الإنسانية كاملة ويؤدون 

واجباتهم تجاه بعضهم بعضا.. فهل من ينتظر ويتوانى عن مهمة عراقية المعنى والمعطى لأنَّ فيه فكرة خاطئة في أنه ليس المعني بهجمة التصفية أو أنه بعيد عنها؟؟ 

 

أثق أنَّ العراقيين سواء في الهوى والهدف والتعاطي مع ما يمكن أن يصيب طيف أو آخر وتلك سمة النسيج الوطني العراقي الموحد.. كما أن 

الثقافة السائدة في الفكر العراقي بالتحديد منه المعاصر منذ ولادة الدولة الوطنية بُعيد خروج القوات الأجنبية مطلع القرن الماضي؛ بقيت ثقافة تفاعل إيجابي ووحدة وطنية 

واهتمام بكل الطيف العراقي المتنوع وبالعمل على تحقيق مصالح المجموع من دون استثناء أو إقصاء بالضد من سياسات الحكام والطغاة... 

 

ونجح الخطاب الوطني في التصدي لكل محاولات تنحية القوى الحية الفاعلة لهذه المجموعة أو تلك وتقدم بذلك المندائيون ليكونوا من بين العراقيين الأوائل في 

البناء وفي التخطيط لعراق ديموقراطي متقدم يُعلي من شأن أبنائه ويخدم مصالحهم جميعا.. واليوم وقد دخل العراق الجديد مرحلة حاسمة تقع بين ضغوط القوى الدخيلة عليه 

ومقاومة أبنائه لابد من تحديد جملة أمور مهمة لتعزيز تلك المقاومة والانتصار فيها للعراقيين ومنهم المندائيين... 

 

فينبغي العودة للدستور العراقي المستفتى عليه ومراجعته بما يغني فقرات ومعطيات احترام المجموعات القومية والدينية المتآخية في هذا الوطن وبما 

يعزز من هوية وطنية تُعنى بروح المواطنة واحترام مبادئ العدل والمساواة بين تلك المجموعات وبين أبناء الوطن الواحد بشرا متساوين في الخقوق والواجبات بلا قيود ولا شروط 

ولا تسيد لطرف على آخر بسبب من تمييز يخضع لأساس أو ذريعة أو أخرى.. 

 

ولأننا بصدد تفعيل مبدأ الفديرالية فنحن نقرأ 

وقد كنا قرأنا أمر الفديرالية على أساس من كونه فلسفة للتوحيد لا للتمزيق ومبدأ لاحترام حقوق المجموعات والأطياف العراقية جميعا لا على أسس للتمزيق والتشظي بل على أسس 

للتفعيل وتعضيد الجهود الوطنية المشتركة.. ومثل هذا يأتي من أمر مهم يتأسس على رفض دعوات التفتيت الطائفية والحلول المشوَّهة التي لا تفهم ولا تقرأ الفديرالية كما ينبغي 

لها أن تكون في عراقنا... 

 

فالأمر لا يعود إلى تقسيم الأرض والثروات وتفكيك البلاد والعباد ووضعهم في حال من 

التعارض والاصطدام والتشطير بل يأتي من خصوصية توزيع العراق والعراقيين فمن جهة الوطن لم يشهد التاريخ اتفاقا وطنيا إلا على الديموقراطية للعراق الموحد والفديرالية 

لكردستان وهو ما ينبغي السير فيه بطمأنينة وجدية تستكمل تطبيقاته المؤملة... 

 

وإذا كانت مسألة فديرالية 

كردستان قد تمت لظروف تاريخية معروفة وهي بحاجة لتطوير ودعم من جهة استكمال أمور التخطيط الإداري الجغرافي ومتعلقات المدن والقصبات المختلف بصددها وهو ما تحسمه النظرة 

الموضوعية للأمور والاستجابة للإحصاءات الرسمية المعروفة ولاستفتاء الرأي في تلك المناطق المخصوصة؛ فإنَّ أمر إشاعة الديموقراطية وتعزيز مؤسسات العمل الديموقراطي 

ما زالت دون المستوى المنتظر.. 

 

صحيح أننا نمتلك جمعية وطنية منتخبة أيا كانت الثغرات إلا أنه من الصحيح أن 

التمثيل للعراقيين في تلك الجمعية لا يتناسب والحجم النوعي للتأثيرات العاملة لكل الأطياف العراقية التي أُصيَت عبر عقود من الزمن... وقد كان لتجاريب عدد من الحركات 

السياسية والثقافية والاجتماعية ولمؤسسات المجتمع المدني معالجتها بالخصوص عندما أوجدت منظمات وفروع شبه مستقلة تمكثل الأطياف العراقية.. 

 

وقد كنّا اقترحنا أن يتشكل البرلمان العراقي من مستويين أو تشكيلين واحد بعضوية مباشرة لعموم الوطن وآخر بعضوية نسبية متساوية لمجموع 

الطيف العراقي أي برلمان اتحادي وهنا بالتحديد يكون للمندائيين وجودهم على المستوى التشريعي الوطني بحجمهم النوعي الحقيقي ولعل وجود برلمان اتحادي بهذه التركيبة التي 

ترتقي بمستوى تفعيل الوحدة الوطنية وترتقي بمستوى الاحترام لحجمهم الإنساني القويم هو حلّ يساهم في وقف جريمة التصفيات وتمرير بعض العناصر والقوى لجريمتها التشطيرية 

على أسس مرضية... 

 

وحتى يجري تطوير التشكيلات التشريعية والقضائية والتنفيذية العراقية على أسس وطنية توحد لا 

تفرّق وتعضد التفاعل لا تشطِّر ولا تقسِّم يلزم لنا أن نعمل بشكل جدي فاعل وبتوحيد لجهودنا بمعون مؤمل من القوى الدولية لكي تضغط وتمنع الأصابع الدخيلة على مجتمعنا لتمنح 

المندائيين بالتحديد فرصتهم في: 

 

1. متابعة ممارسة طقوسهم وحياتهم الطبيعية بشعائها 

المخصوصة بكل حرية وأمان... 

 

2. توفير الفرص لثقافتهم القومية والدينية المخصوصة بطبع كتبهم ونتاجهم بلا قيود ومصادرات.. 

 

3. منح العناية الوافية برعاية اللغة وتعليمها وبأبنية تُعنى بهوية المندائيين.. 

 

4. إعلان رجال الدين من المذاهب الإسلامية حرمة الاعتداء على المندائيين وإجراء لقاءات تطبيعية تعلن للملأ أن رجال الدين من كل الأطراف ضد ما يجري للمندائيين من قتل واستلاب حقوق.. 

 

5. تحفيز الأنشطة الثقافية والإعلامية المناسبة بالخصوص.

 

6. إدخال ما يساعد على توطيد العمل الوطني المشترك ويطبِّع العلاقات مؤكدا مسارها التاريخي الصحيح بين مجموع العراقيين ومنهم المندائيين.. 

 

7. الإفادة من مؤتمرات وطنية ودولية دورية 

يجري إعدادها بالخصوص لما يقدم الحلول المناسبة لحماية المندائيين وجعل حيواتهم آمنة مستقربة غير معرضة لأي ضغط سلبي بما يمنح الفرصة لتفعيل إبداعاتهم وأنشطتهم عامة.. 

وسيبقى ملف العراقيين وأطيافهم وملف المندائيين بالتحديد مفتوحا حتى يجري تطبيع الأوضاع العامة على أنه يلزم قراءة كل ملف باستقلالية وحصوصية كما ملف المندائيين لأن مثل هذا التوجه يساعد على 

كشف حقيق أصل الجريمة المرتكبة بحق العراق والعراقيين.. وليس من عراقي أصيل وحقيقي من يساهم أو يمرر جرحا بحق المندائيين الذين أسسوا للتعايش السلمي وللطمأنينة وللحرية 

ولمبادئ الخير والعمل البناء ولوحدة الوطن ومسيرته وللمعرفة التنويرية.. فهل بعد هذا نترك تمسكنا بوجودهم بيننا نبراسا وشعلة عراقية حضارية لحياتنا المعاصرة 

والمقبلة...............................

نشرت في وجهة نظر

 إن المشترك ما بين طيور الماء والصابئة المندائيين، وهم فِرقة دينية عاشت على ضفاف دجلة والفرات منذ القِدم، هو مجاورة الأنهار، والتنسك في مياهها، وما بينهما أيضاً من طباع المسالمة. فلا أجد بين هذه الطيور نوعاً كاسراً، ولا بين المندائيين قاتلاً حتى في سبيل الدفاع عن النفس، حسب تعاليم ديانتهم! قال لي الضليع في تاريح دينه زهرون السام: إن الآية نزلت فيهم: «يا يحيى خُذِ الكتابَ بقُوَّةٍ وآتيَناهُ الحُكمَ صَبيّا» (مريم 12). فهم يعتبرون يحيى بن زكريا الرباني الوحيد، وهي أعلى درجة دينية لا تنطبق شروطها إلا على يحيى. وهو حسب تاريخهم أحيا الدين المندائي بعد انقراض. يدعونه في لغتهم الآرامية، التي ما زالت حية على شفاه شيوخهم: يهيا يهانا. وما أقربها من التسمية العربية: يحيى! ويقرأ المندائيون لهذا الرباني كتاب «دراشة أد يهيا». أي تراتيل يحيى. 

يحفظ شيوخهم نصوص القرآن عن ظهور قلوبهم، وبلغة ومخارج حروف سليمة. يحتمون بظله من جهالة تناول منهم. إن هددوا بعدم اعتراف رتلوا: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هَادُوا والنَّصَارَى والصَّابِئين مَنْ آمَنَ بالله» (البقرة 62). وما بعدها في «المائدة 69»، و«الحج 17». وإن تعرضوا للقتل تضرعوا بقوله تعالى: «مَنْ قَتلَ نَفسَاً بَغَيرِ نَفسٍ أو فَسَادٍٍ في الأرضِ فكَأنَّمَا قَتلَ النَّاسَ جَمِيعاً» (المائدة 32). وإن طاردتهم جماعة متعصبة ردوا بالآية: «لا إكراه في الدين» (البقرة 256). وقد حصل أن ذَكَّرَ أحد شيوخهم مؤذن مسجد تعالى عن رد تحيته تعصباً: «وإِذَا حُيّيتُم بِتحيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحسَنَ مِنها أَو رُدُّوهَا» (النساء 86). وتبسط معه حتى أقنعه بأنها لا تميز بين إنسان وإنسان! 

عاش المندائيون على أرض العراق، ولم يعرف عنهم أنهم سفحوا دماً، أو مارسوا باطلاً. تغاضوا عن تحرشات المحيط، رغم «مزاياهم العقلية»: أطباء وفلكيون، ويصنعون القوارب الجواري في ماء الفراتين، ولا يُنافسون في فن الصياغة. لا تبتعد بسملتهم عن بسملة المسلمين: «بشميهون أد هيي ربي»، أي «بسم الحي ربي». وجاء في بوثة (آية) التوحيد من كتابهم: «الحمد لك! مسبح ومبارك ومعظم... إنه رب الملوك جميعاً، لا وجود بدونه، وما مِن شيء لولاه، أزلي ليس له بداية، وأبديُّ ليس له نهاية» (الكنز ربّا، القسم الأيمن). 

صحيح أن القتل طال كل فئات الشعب العراقي، وما سمعته من شيوخ دين ومثقفي الصابئيين أن ما يجري على هذا الشعب يجري علينا! لكن ما يتعرض له هؤلاء سيؤدي إلى انقراضهم، فقد أخذ العدد يتنازل إلى بضعة آلاف، والضغط عليهم مستمر في الجانب الإيراني أيضاً، حيث سواحل نهر كارون بالأهواز، ولم يعترف بهم مثلما تم الاعتراف بالمجوس. جاء في الدستور (الفصل الأول، المادة 13): «الإيرانيون الزرادشت، واليهود، والنصارى، والمسيحيون وحدهم الأقليات المعترف بها». بينما يعيش بإيران خمسة وعشرون ألف مندائي. 

ربما يعود الأمر إلى ما جاء في رسالة آية الله الخميني «تحرير الوسيلة»: «فلا يقبل من غير الطوائف الثلاث (اليهود والنصارى والمجوس) إلا الإسلام أو القتل». بينما اعترف لهم مرشد الدولة آية الله خامنئي بأنهم من أهل الكتاب. قال: «بحسب الأدلة أن الصابئيين يعدّون من أهل الكتاب» (الصابئة حكمهم الشرعي). والمتقدمان، كما هو معروف، قطبا ولاية الفقيه المطلقة بإيران. أحسب كم هي ورطة رجال الدين في السياسة والدولة، وخصوصاً إذا تباينت وتضاربت الفتاوى حول دماء الناس! 

وفي العراق، يتعرض المندائيون لتهديدات ومقاتل، من قبل متشددين سُنَّة وشيعة (أطلعت على تهديدين: من كتائب التحرير بالكرخ، ومن مكتب الصدر بالبصرة باسم الشيخ ميثم العقيلي). هددت الجماعتان بتصفيتهم، ومحو وجودهم الديني، وتهمتهم ممارسة السحر والتنجيم والزنى والكفر باطلاً. بينما حرم كتابهم السحر: «لا تستشيروا العرافين والمنجمين والساحرين والكاذبين في أموركم مخافة أن يرمي بكم أسوة بهؤلاء إلى الظلمات» (الكنز ربا). وحرم الزنى: «لا تعشقوا نساء الآخرين. ولا تقترفوا الزنى...احذروا أن يستحوذ على قلوبكم الشيطان، المملوء بأحابيل السحر والخذاع والغواية. ذلك أنه يستطيع أن يقلب نوايا الصالحين المحمودة إلى عكسها، ويجعل قلوب المؤمنين تتعثر وتتحول» (الكنزا ربا). وحرموا عبادة الكواكب: «لا تسبحوا للشمس والقمر» (الكنز ربا). ومَنْ لم يعرف الآرامية فكتابهم المقدس مترجم إلى اللغة العربية، وهو «الكنز ربا» أو «الكنز العظيم»، وهم يعتقدون أنه نزل على أول الأنبياء وأبي البشر، ويسمونه «سدرة آدم» أيضاً، أي كتاب آدم. أقول أليس من العدل على مَنْ أفتى، عن جهل، ضدهم مراجعة الكتاب؟! 

لجأ شيوخ الصابئة المندائيين، بعد وصول القسوة والإيذاء الذروة ضدهم، وهم ليسوا من حملة السلاح ولا من رعاة الميليشيات، إلى مراجع النجف شاكين حالهم، طالبين مراعاتهم بما راعى به المرجع الشيعي الشريف الرضي (ت 406هـ) إبراهيم بن هلال الصابئي (ت 384هـ)، وكانت صداقة عميقة ربطت بين العالمين. 

وبما عامل الإمام أبو القاسم الخوئي (ت 1992) شيخهم عندما كان يزوره، وكان الخوئي يدرك أن ضيفه لا يشرب إلا من ماء النهر الجاري (اليردنا) حسب لغتهم، وإلا سقطت عنه درجته الدينية، فيأتي له بماء حي من فرات الكوفة. 

ولجأ شيوخ المندائيين إلى هيئة علماء المسلمين والوقف السُنَّي، طالبين مراعاتهم بما حكم فيهم الإمامان صاحبا المذهبين. قال أبو حنيفة (ت 150هـ): «إنهم ليسوا بعبدة أوثان، وإنما يعظمون النجوم كما نعظم الكعبة» (الآلوسي، روح المعاني). ومع ذلك هم يستدلون بالقطب الشمالي صوب قبلتهم، حيث المكان المتسامي شمال الكون. وأفتى الشافعي (ت204هـ) فيهم: «الصابئون والسامرة مثلهم يؤخذ من جميعهم الجزية» (كتاب الأم)، أي يحمون أسوة بأهل الكتاب. 

تحاول هذه الشريحة المستضعفة، في زمن القوة وإشاعة القتل وتعطيل اللوائح التي كانت تحميها بالعراق، إسماع صرختها إلى العالم. نرى اهتماماً لانقراض نبات أو حيوان، فكيف بكتلة بشرية ما زالت لغة يحيى وعيسى الآرامية جارية على ألسنتها. ناهيك مما بينها من ثروة فنية متصلة بمزايا عقلية عبر التاريخ. كم خسر العراق بهجرة وتهجير اليهود من قبل. وكم خسر بحملات التهجير المريعة في الثمانينات. وها هي العصابات المتطرفة، ولا دولة يُجار بها، تدفع المزيد من الأُصلاء إلى المذابح أو الهجرة. فماذا عساه فاعلاً مَنْ «قل في أرض العراق» مساعده!

نشرت في وجهة نظر
الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2013 10:03

الصابئة المندائيون ومنجل اصويحب

 الحياة والصحه والعمر المديد للشاعر القدير مظفر النواب وهو يوصف في قصيدته الشعبية الرائعة ، ذلك الفلاح الفقير اصويحب المغلوب على امره ، وبكل قساوة المتسلطين واضطهاد الظالمين ، وحتى تحين ساعة الموت يبقى منجل اصويحب وريثه الوحيد يداعي مشدودأ لأرضه، لمزرعته لسنابلها الخضراء، لكوخه القصبي ، لنخلته مغروسة في اعماقه العميقه ، وكل ما حواليه ، ولن يرضخ للظلم والقهر رغم قساوة الاشرار فهو ، يظل وباعلى صوته ينادي ، يصيح ، يداعي ، يشتكي وقد قيل ان هذا هو اضعف الايمان حيث لا يضيع حق وراؤه مطالب .

 لا تفرح بدمنا لا يلكطاعي 

إصويحب من يموت منجله يداعي

(الشاعر العراقي المبدع مظفر النواب)

 فالصابئة المندائيون يا سيداتي ويا سادتي الكرام ، حالهم حال ابن الخايبه اصويحب الفلاح ، فقد خسروا كل شيئ المال والناس والاهل والجيران والارض ودجلة الخير وفرات زيوا ونخلة البرحي ومشحوف شيخ صيهود وشريعة المندي وشاطئ المركَب والمشرح وقلعة صالح ، والكحلاء ، ومسحاة حسين ابو علي ، وقلادة ام عمر ودكان شارع النهر وسوق دله ، وطلبة اساتذة العلم والمربي زهرون ، وحكايات عبد الجبار عبد الله وجامعة بغداد و و .. وحتى طال الابناء بعد الاباء ، وصار (طشارهم مال والي ) بحكم تسلط زمر الارهاب والتكفيرين وفتوى بعض المحسوبين على رجال الدين والملالي( فأما الاسلام او القتل ) وهنا يكمن الشر القادم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ولم يبدلوا تبديلا . 

 نعم لم يبدلوا تبديلا ولم يبيعوا العراق ودهلة الشطين بمال الدنيا كلها .!!

 نعم لم يصبهم اليأس وسيناضلون مادام لهم الحق بالحياة ، الحق بالعراق ، الحق بالمواطنه ، يستحقونه شرعا وقانونا تشهد لهم اور وبابل ونفر وطيبماثه وما جاورها كلها شهود اثبات . 

جذورهم ممتدة بعيدا بعيدا بعمق الزمن ، ولهم تاريخ معرفي وفضل بالعرفان يسجل لهم ، وبصمات اصابعهم منقوشة على الصخر والشجر والذهب والفضه ،غير قابله للمزايدات والادعاءآت ولا تسقط بالتقادم ومرور الزمان . 

 

لهم اخوة بالوطن والخلق ، احبة كرام هم اهل كل العراق الشرفاء في كل مكان من العالم وكافة اؤلئك المؤمنين بالحرية والمساواة وحقوق الانسان والديمقراطية من شعوب العالم العربي وغير العربي . 

وفوق هذا وذاك ، لهم حس وطني مرهف وانتماء عضوي لا ينفصم ، ويكفيهم فخرا أن لا خائن جاء منهم ولا جاسوس دنئ ينتسب اليهم .

 

فهم اقوى من القدر المحدق بصبرهم اللامحدود ، وارفع من زرع الفتن والضغائن بين الاخوة ابناء هذا الشعب ، وقوتهم اقوى من قوة الشر لأن الشر حبله قصير وحجته واهية مفضوحه ، فلا عراق بلا محبة واخوة وتضامن ، وقد قالها من قبل ولا يزال يرددها كل الخيرين لهذا البلد والمخلصين ، فلا ثمة قوس وقزح دون اطيافه الشمسيه المكونه له ولا عراقيون دون مكوناته الاساسيه .

 

وهذا الرجل البرفسور عبد الله الصائغ ذو النيات الحسنة حامل الرساله الانسانية ، هو وصحبه الاخيار من مثقفات ومثقفي العراق ومفكريهم وسياسيهم وكتابهم التقدمين الديمقراطيين ومن الوطن العربي الكبير قائمين بتلك الحمله الانسانية الرائعه موجهين نداءهم التاريخي المعلن ( تضامنا مع الصابئة المندائيين ) دون ان تأخذهم بالحق لومة لائم وتحت شعار ( لستم وحدكم ايها الصابئة المندائيين ) فهو دليل وعي واخلاص وحس انساني رفيع ودعوة شريفه توجب الاعتزاز والتقدير والدعم المادي والمعنوي . 

 

كم رائع هو النداء والشعور بالمسئولية في وقت القحط ! 

يا محلا صوت الحق حين يعلو !

يا محلا تضامن الانسان الواعي مع اخيه الانسان !

يا روعة العراقيين ويا فخر من ينادي انا عراقي !

يا محلا اللمه من اجل نصرة الانسان المعذب المقهور والمستضعف !

يا محلا الوطن ! 

يا محلا اهله !

 

ومما تطمأن له القلوب ويخفف من الآلام حقا هو وقوف وسائل الاعلام العراقية والعالمية هذه الوقفه الشريفه ، مع البرفسورالصائغ في حملته للتضامن هذه ، من خلال مواقع غرف الحوار كل من البرلمان بادارة الاستاذ انورعبد الرحمن والاستاذه خالده مصطفى والاستاذ وهاب هنداوي وينابيع الخاصة بالانصار الشيوعين ، وما تنشره الصحف اللاكترونيه مثل الجيران بادارة الكاتب الكبير زهير الدجيلي وصوت العراق وجريدة طريق الشعب وعراق الغد وشمس الحريه وجريدة الوطن بادارة الاعلامي المرموق الاستاذ نوري علي ، وموقع كردستان الصوت الهادر بادارة الكاتب دانا جلال ، وكثير من الشخصيات المثقفة الاعلاميه منهم الكاتبه المصريه صديقة المندائيين اميره الطحاوي والاستاذه وفاء شهاب الدين وغيرهم من المقاتلين بصفوف المندائيين لا بالسيف والبندقيه بل بالقلم الشريف والكلمة الصادقة الهادفه ، وحتى رجال الدين المتنورين وعلى راسهم الشيخ الجليل علي القطبي ، كل هؤلاء يمثلون الرأي العام العالمي والمحلي ، ونيابة عن المجتمع المدني ومطاليب مجموع الشعب العراقي ، ووحدة كلمته واصالة عراقية العراقيين ، وشعورهم بالمسؤوليه ، كقطاع كبير من قطاعات اهل السياسة والفكر والقلم .

ان الصابئة المندائيين لا يطلبون المستحيل فهم ينادون ب :--

بالحياة كحق طبيعي لأنهم يحبون الحياة

بالحمايه لآن لا مليشيات لديهم تحميهم 

بالسلام لأنهم قوم مسالمون بطبيعتهم 

بالعراق لأنهم عراقيون اصلاء اقحاح 

بالمساواة لأنهم ديمقراطيون بطبعهم

بالمحبة والاخوة لأنهم من هذا الشعب

انا عراقي انا عراقي انا عراقي

عاش العراق عاش الشعب 

 

نشرت في وجهة نظر