• Default
  • Title
  • Date
  • فاضل فرج خالد
    المزيد
    الثامن من شباط الاسود   **************************************************** في ذاكرتي ان بدايات عام
  • حامد خيري الحيدر
    المزيد
      خلال دراستي الجامعية في قسم الآثار/ كلية الآداب قبل
  • علي كاظم الربيعي
    المزيد
    لعيبي خلف الاميريدجله (يمينها) واهمها هور السنيه وهور عودة واسماء
  • عربي الخميسي
    المزيد
    في مثل هذا اليوم حدثت نقلة نوعيه غيرت طبيعة الحكم
السبت, 17 تشرين2/نوفمبر 2012

رودولف: أصل الصابئة المندائيين يعود الى سورية وفلسطين

 
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

يعتبر البروفيسور كورت رودولف من أبرز العلماء الألمان الذين اهتموا بتاريخ الأديان وفلسفتها, وهو حجة في موضوع الغنوصية. درّس في جامعات أميركية عدة وشغل منصب بروفيسور في جامعة فيليبس في مدينة ماربورغ الألمانية قبل تقاعده. من أهم أعماله كتابه الشهير "الغنوصية: طبيعة وتاريخ الغنوصية" (الترجمة الانكليزية 1987), وكتاب "المندائيون" (بالألمانية 1960-1961 في مجلدين), وكتاب آخر بالانكليزية عن المندائيين (لايدن 1978), كما ترجم أحد كتبهم الدينية "ديوان نهرواثا" (أي ديوان الأنهر, برلين 1982). وهو عضو فخري مدى الحياة في الاتحاد الدولي لتاريخ الأديان. وهنا حوار أجري معه على هامش أحد المؤتمرات المتخصصة.

هل تحدثنا عن أصل الصابئة المندائيين في سياق وجود نظرتين الى هذا الشأن؟

- كان هناك بعض المستشرقين الأوروبيين في القرن التاسع عشر, ومن بينهم الألمان, يعتقدون بأن أصل الصابئة هو المشرق, إذ رأوا أن كثيراً من الأمور يمكن تفسيرها من خلال الأصول البابلية. ولاحقاً, بعد ترجمة ليدزبارسكي للنصوص المندائية الى اللغة الألمانية, تغيّر رأي المستشرقين وعلماء الأديان والمؤرخين. فهناك مؤشرات في النصوص المندائية تقول انهم قدموا من الغرب, أي فلسطين وسورية. لأن هناك نصوصاً تشير الى أن المندائيين الأوائل تعرضوا لاضطهاد اليهود, الأرثوذوكس منهم على وجه الخصوص, فتركوا سورية وفلسطين لاحقاً وتوجهوا عبر تلال الجزء الشمالي من وادي الرافدين الى الجزء الجنوبي منه, ربما في رحلة استغرقت نحو 100 عام وبدأت في القرن الأول الميلادي قبل أن يصلوا الى جنوبي وادي الرافدين في القرن الثاني. بالتأكيد قد يكون هناك أفراد من بابل أو جنوب وادي الرافدين ممن اعتنقوا المندائية, لكن لا بد أنه كان هناك أشخاص آخرون على معرفة بالطقوس والتعميد قدموا من الغرب. وأعتقد بأننا لا نستطيع تفسير كل ما يتعلق بالمندائيين من ميثولوجيا وثيولوجيا وأيديولوجيا وغيرها إستناداً الى أواني الأدعية وحدها. لكنها نظرية أو فرضية, ومن المحتمل أن يكون أمر الهجرة ابتكر لاحقاً. لكني إذا اقتنعت بذلك, فسأقبله.

هل هناك أدلة أثرية أو تأريخية ملموسة تشير إلى مثل هذه الهجرة؟

- الأدلة الأثرية المندائية المعروفة هي أواني الأدعية فقط, التي عثر عليها في بدايات حملات التنقيب في المدن السومرية والبابلية. وهناك مئات الأواني مكتوبة بالخط المندائي, وأقدمها يعود الى القرن الثالث.

لكن المعروف أن الأحراز الرصاصية هي الأقدم!

- هذا صحيح, وهي أقدم الأدلة على النصوص المندائية المعروفة وتعود الى القرن الثالث.

وهذه وجدت في الشرق حيث يعيشون الآن, لكن لم يعثر على شيء من هذا القبيل على طول خط الهجرة المفترضة من فلسطين الى جنوبي وادي الرافدين.

- هذا صحيح أيضاً, على رغم أن مستشرقاً يهودياً تحدث عن ألواح رصاصية, لكنهم إبتاعوها في اسرائيل ولم يعثروا عليها هناك, بل هي منقولة من وادي الرافدين.

وهل هناك إشارات في كتب المؤرخين القدماء مثل يوزفوس فلافيوس الى ما يرجح حصول مثل هذه الهجرة؟

- أحد أشهر النصوص المندائية الذي يتحدث عن هذه الهجرة هو "هران جويثا" (حران الداخلية, الجوانية) وحران هي مدينة في شمال وادي الرافدين تقع اليوم في تركيا. بداية النص مفقودة, وتبدأ بذهاب المندائيين الى التلال بقيادة ملك يدعى أردبان, وهو بلا شك أحد الملوك الفرثيين, ولعله أرتبان الرابع. وهذا يؤكد أن المندائيين هاجروا في القرن الأول ولم يضطهدهم الملوك الفرثيون, على نقيض الملوك الساسانيين الذين حكموا بعدهم. ونجد في شهادة كارثير رئيس الكهنة الزرادشتيين المكتوبة على الصخر تعبير "المغتسلة" وكذلك إسم الناصوريين. لكن الاسم قد لا يخص المندائيين, فهو يعني المسيحيين أيضاً.

ذكرت الناصوريين قبل قليل, ونعرف أن هناك عدداً من الطوائف سكنت شرقي الاردن وحملت أسماء مشابهة, ألا يُحتمل أن تكون هذه الأسماء تسميات مختلفة لطائفة واحدة, المندائيين مثلاً؟

- هذا صحيح في شكل جزئي فقط. فالاسم يعني المراقبين, ونُسبت الكلمة في السابق الى الناصرة التي هي محل ولادة السيد المسيح, لكن الأمر غير واضح, فليس لدينا أدلة بأن الناصرة كانت موجودة في الأزمنة القديمة. لذلك يجب أن يرتبط اسم الناصورايي والنازاريين والنوصريم وغيرهم بتصرف خاص لمجموعة من الناس. لكننا غير متأكدين من الأمر, فهذه الأسماء أطلقها أجانب على هذه الطوائف, عدا المندائيين فهم يستعملون الناصورايي كإسم خاص بهم.

بالنسبة إليّ, هناك بعض التشابه بين المندائيين والقمرانيين من ناحية الأفكار, وحتى التسميات. ومن المثير وجود بعض المتوازيات بين المندائية والقمرانية, مثل الاصطفاء, كذلك التشابه في طريقة دفن الموتى والاغتسال والتقويم القمراني الشمسي الذي يختلف عن التقويم اليهودي الرسمي؟

- قد يكون ذلك بالدرجة الرئيسة بسبب الاغتسال, وهو من الطقوس الجوهرية. ومن المحتمل وجود طوائف أخرى لها طقوس مشابهة مثل الكسائيين والأسينيين. أعتقد بأن ذلك كان جزءاً من حركة أسميها الحركة المعمدانية التي لها علاقة جزئية باليهود غير الأرثوذوكس. فهناك تأثيرات لبعض الأفكار اليهودية التي نعرفها من العهد القديم, لكن من جانب آخر نلمس تأثير الأفكار الزرادشتية. ويذكرني التقويم المندائي بالتقويم الزرادشتي الذي يختتم العام بفترة خمسة أيام (ما يقابل البنجة وهو عيد الخليقة عند الصابئة المندائيين).

البروفيسور رودولف اشتهر بدراساته عن الغنوصية, فما هي الغنوصية؟

- الغنوصية لها علاقة بالمعرفة الخاصة بأصل النفس البشرية وبكيفية عودة النفس الى عالم النور. ولدينا شهادات عدة من الأقباط وهراطقة مسيحيين تتحدث عن جماعات تأثرت بهذه الأفكار تعود الى القرن الأول الميلادي, وربما كانت موجودة في فترات أقدم, لكن بالتأكيد عاشت هذه الجماعات عصرها الذهبي في القرنين الثاني والثالث الميلاديين. والفكر خليط من أفكار مسيحية ويهودية وإغريقية, خليط من أفكار الحركات التي كانت موجودة في أواخر العصور القديمة. فالثقافة اليونانية الغربية تمازجت بالمصرية الشرقية. هذه الجماعات عاشت في مناطق متفرقة, وليست متوحدة يقودها كاهن أعلى أو أسقف بتنظيم صارم كالبابوية لدى الكاثوليك, بل كانت مجاميع مختلفة عاشت في أماكن متفرقة. المندائيون أقاموا في الشرق لكن ليس في المدن الكبيرة بل في الريف, وعاشوا في الأهوار والبطائح التي هي جزء من وادي الرافدين, حيث عاش الهراطقة أيضاً في فترة الحكم الاسلامي بحسب ما نعلم من المؤرخين المسلمين. والمندائيون ليسوا نساكاً لأنهم يتزوجون وينجبون الأطفال على نقيض كثير من الغنوصيين الآخرين الذين حُرّم عليهم الزواج. وعلى رغم وجود آراء عن الزهد في النصوص المندائية, لكنها ليست ذات ثقل كبير.

هناك إشكالية لا تزال عصية على الحل, وهي علاقة صابئة البطائح بصابئة حران؟

- أعتقد بأن صابئة حران لا يرتبطون بالمندائيين في شكل وثيق, فهم جماعة مختلفة. وأعتقد بأن المندائيين استعملوا تسمية الصابئة وتقبلوها. فإبن النديم يتحدث عن صابئة الأهوار (البطائح).

تحدث إبن النديم في أحد الفصول عن الصابئة وعرض لأفكارهم وتقاليدهم التي نعرفها إلى اليوم, غير أنه عاد في الفصل اللاحق فتحدث عن صابئة حران وسرد قصة أيشع القطيعي وواقعتهم مع المأمون؟

- إبن النديم كان يعرف المندائيين. ولا نعلم عن وجود عادات وطقوس مماثلة للطقوس المندائية في حران. إن الأمر لا يعدو أكثر من التشابه "الفلســفي".

الدخول للتعليق