• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 21 كانون2/يناير 2018

لمحات من حياة الدكتور يحيى غضبان الناشي أول طبيب أسنان مندائي

  د. ليلى الرومي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

ولد يحيى في قضاء قلعة صالح في العشرين من كانون الاول لسنة 1933 وأطلق عليه إسم يحيى أولا تبركا بإسم النبي" يهيا يهانا " وثانيا لكي يعيش لأن والديه فقدا أول وليدين لهما قبل ولادته. وكما تصورت جداتنا في ذلك الزمان، فقد أعزوا وفاتهم الى عدم نقاوة حليب الأم؛ ولذلك منعوا والدته من رضاعته، وأستأجروا له مرضعةً غريبه لترضعه خوفا فنشأ مدللا من والديه، اجداده وأعمامه بيت رومي الناشي ، وأجداده وخواله بيت سيف المناحي.
أظهر علامات الذكاء والتفوق منذ صغره وتفوق في المدرسة الأبتدائية في مدينة العمارة، ثم أكمل دراسته المتوسطة في العمارة ،الكوت، بعقوبة والمدرسة المركزية الثانوية للبنين في محلة الحيدرخانه في بغداد وهي المدرسة التي أشتهرت بتخريج خيرة الأساتذة والأكادميين وكبار الفنانيين والادباء العراقيين .
وبسبب ذكائه وأجتهاده وحرصه على الدراسة نجح في أمتحان بكلوريا المدرسة الثانويه بتفوق، وحصل على درجات عاليةً، وكان من العشرة الأوائل في عموم المملكة العراقية سنة 1951، وعلى أثر ذلك رشح للبعثة العلمية الى انكلترا، لدراسة طب الأسنان ورغم قبوله في كلية الطب / جامعة بغداد، الا أنه فضل الخيار الأول، ولم تكن هناك كلية لطب الأسنان في العراق وكان أن أختارت وزارة المعارف أربعة طلبة لدارسة طب الاسنان ليكونوا النواة الاكاديمية للتدريس في كلية طب الاسنان العراقية المزمع تأسيسها في بغداد... وهذا ما حصل فعلا فيما بعد.
تخرج يحيى من كلية طب الأسنان من جامعة برمنكهام، في المملكة المتحدة سنة 1958، وعاد الى العراق في 1959 ، بعد ثورة 14 تموز المجيدة التي قادها الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه الضباط الأحرار ضد الحكم الملكي في سنة 1958 ليخدم وطنه وشعبه، مثل الكثيرين من الشباب العراقي الذي درس وتثقف في بلاد الغرب وخارج العراق ليعود فيخدم وطنه وبلاده وأهله، وكجزء من واجبه الوطني .
وبعد أنتهاء فترة الخدمة العسكرية وتعيينه في وزارة الصحة قرر يحيى أن يعود الى أنكلترا، لأكمال دراسته العليا ، والتخصص في جراحة الفم والأسنان، وهكذا وبعد فترة قصيره من زواجه من إبنة خاله (خلود فرحان سيف) شد الرحال الى أنكلترا مع زوجته .1961
ثم سافر الى أسكوتلندا، وكان يكتب الى الأهل في العراق شاكياً بردها القارص، ولدت له في هذه الفتره أبنتيه( ناديه ودينا) ، وكان يدرس ويشتغل في إنكلترا، ويعمل ليسد نفقات المعيشة والدراسة، والعائلة... وبعد زمن من الجهود المضنية توجت جهوده بأعلى شهادة بأختصاصه وهي الزماله لكلية كلاسكو للجراحين الملكية ...
قرر وعائلته العودة للعراق سنة 1971 ، فعين إستاذا فيً
كلية طب الأسنان / جامعة بغداد وأصبح أستاذاً، ومساعد بوفسور ودرس أجيال من أطباء الأسنان في كلية طب الأسنان في بغداد، ونشر العديد من البحوث والمقالات في المجلات العلمية العراقية والأنكليزية .
وشد الرحال الى إنكلترا للمرة الثالثة، عندما دخل العراق الى الكويت سنة 1990 وأشتغل كطبيب أسنان في العيادات التابعة للصحة العامة، لخدمة المرضى رغم إمكانياته لفتح عيادته الخاصة، حيث كان يتبع مبادائه وحلمه لتحقيق الأشتراكية لخدمة الانسانية أينما كان.
وتقاعد سنة 2002 ولكن المرض الذي داهمه لم يمهله ليستمتع بتقاعده، وبقى عليلًا ، يعاني من أمراضه المستعصية لعدة سنوات حتى وافاه الأجل يوم 16 شهر كانون الأول 2017 قبل أربعة أيام من عيد ميلاده ال 84.
عندما نستذكرالدكتور والانسان يحيى غضبان ، نذكر ثلاث خصال من شخصيته النبيلة
أولا كأنسان محب وعطوف هادئالطبع ذكي، نعته كل من عرفه، بحسن الخلق، حاضر البديهية ، متزن وطيب وخلوق ، و كان أباً حنوناً وزوجاً محباً، وأخاً صديقاً . مخلصاً لعمله كطبيب أسنان ، وكان مثقفاً مطلعاً يحب قراءة الأدب العالمي وكتب التاريخ والموسيقى الكلاسيكية.
ثانيا سيبقى يحيى في ذاكرة الكثير من أطباء الأسنان العراقيين، الذين درسّهم في كلية طب الأسنان في جامعة بغداد.
ثالثا يتذكره الكثيرين من السياسين والناشطين العراقيين لمساهمته ونشاطه بين صفوفهم منذ شبابه وأثناء دراسته في إنكلترا في الخمسينات من القرن الماضي ، رغم خطورة المعارضة، في تلك الظروف الصعبة، وخطر التعرض للفصل من البعثه والأرجاع الى العراق كما حدث فعلا لبعض زملائه، ونشاطه لأنقاذ السجناء السياسيين بعد أنقلاب 8 شباط الرجعي 1963 وكانت نتيجة هذه الجهود مع زملائه المثقفين العراقيين في الخارج حملة عالمية للضغط على الحكومة العراقية في حينها، لأطلاق سراح السجناء السياسيين وكانت برقية خروشوف وموقف الفيلسوف الأنكليزي (برت راند رسل) لمساندة السجناء والضغط من أجل أطلاق سراحهم .
حورب يحيى كأستاذ في الجامعة بسبب ميوله اليسارية، ورفضه للضغوط من قبل السلطات لينتمي للحزب الحاكم، وحُرم بسبب ذلك من الأيفادات العلمية،ومن والترقية المهنية، وأضطر لترك العراق مفضلا سلامته وأمن عائلته سنة 1990 كما أسلفنا ...
الذكر الطيب والرحمة للفقيد الراحل .

الدخول للتعليق