• Default
  • Title
  • Date
  • عدي حزام عيال
    المزيد
      الجزء الثاني تزوج جدنا عيّال مرة ثانية من (مالية
  • عبد المنعم الاعسم
    المزيد
    بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام،
  • رشيد الخيون
    المزيد
    يطلعك غضبان رومي في مذكراته، وبتفاصيل دقيقة، على سرعة تطور
الإثنين, 18 نيسان/أبريل 2016

عزيز سباهي ..لاوقت للهزل

  عبد المنعم الاعسم
تقييم هذا الموضوع
(1 صوت )

بين عزيز سباهي وبيني سرّ ما يحدث للمندائيين هذه الايام، ومسرة ما قاله الشريف المرتضى بحق هلال الصابي، شاعر المندائيين البغداديين.
كان ابو سعد، قد علمني صناعة الصبر وصياغة التعبير، يوم ضمتنا وآخرين، لاول مرة، قبل نيف واربعين سنة، حجرة طينية، في سجن نقرة السلمان شيدت من قبل النزلاء واتخذت كدار سرية "للطباعة والنشر" وكان يقول لي وانا استنسخ النشرة اليومية من بين يديه في منتصف الليل ان الصبر وحسن الصياغة يغيضان الخصم، لاسترشد بهذه الوصية الى السبب الذي يجعل من المندائيين عرضة لحملة بربرية ارهابية طائفية، ملاحقة وقتلا وتهجيرا، حيث غرز المندائيون اصولهم ومهاراتهم في تربة العراق في صبر اسطوري لا مثيل له، وانشغلوا بمهنة وفن المصوغات فجرَدوا منها موضوعا يتصل بحب الحياة وانسيابها وجماليات السلم الاهلي القائم على تعددية العبادة والاعتقاد والبشَرة والرأي.
عزيز سباهي طويل القامة، كان، آنذاك، يقول لنا بهمس، نحن في حال لا وقت فيه للهزل.. كان ينحني كثيرا حتى يدس نفسه من ستارة باب الحجرة الناصي الى باحة ضيقة مكتظة بالحاجيات، يجلس، ثم يلصق اذنه في جهاز الترانسيستر لتتوزع يداه بين الجهاز، يضبط مؤشراته على الاذاعات المطلوبة، وبين القلم، يسجل فيه على ورق ابيض مخطط الاخبار والتعليقات، نتلقفها منه لنعيد كتابتها وفق توجيهاته، ثم لا يلبث ان يلاحق، شؤونا تفصيلية لأكثر من الف نزيل تصلح ان تكون مادة للنشر والتعبئة والتوعية والصبر. كان صبره يتبدى في عنايته الحاذقة بالكتابة، إذ عُرف بانه صاحب افضل يراع تخط الحروف والسطور، وقد حاولت مرارا ان اتتبع طريقته في صناعة هذه الاناقة الساحرة غير ان الصبر سرعان ما يخذلني، وكنت اعلل النفس لتأويل هذه المفارقة بالقول:
الصابئة تعلموا من مهنة الصياغة الصبر على البلوى
وليس ثمة مبالغة في القول بان"البلوى" التي يتعرض لها، الآن، مندائيو العراق تختزل في ذاتها مشروع تدمير العراق.. المشروع الذي يتخفى تحت ضجيج شعارات المقاومة والتحرير وحماية المقدسات والاسلام وحقوق المذاهب، فقد عبرت اعمال التنكيل والتضييق ضد المندائيين وعائلاتهم ومصالحهم وحقوقهم الدينية كل حدود السياسة والاخلاق والقيم، وخلقت ترسيما خطرا لمستقبل هذه الطائفة التي احتلت مكانا بارزا في اللوحة التاريخية لسكان وادي الرافدين، الامر الذي عبر عنه الشريف المرتضى وهو يخاطب المندائي البغدادي الشاعر هلال الصابي بالقول:
وانك من اناس ما رأينا لهم إلا الرئاسة والجلالة
وعزيز سبـاهي، ايضا، من اولئك الأناس الذين تغير عليهم الضواري في حاضر العراق العاصف، فلهم مجد الصبر والابداع.. ولأبي سعد العمر المديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*هذا المقال عن الراحل الحبيب عزيز سباهي كتبته قبل حوالي عقد من السنين بعنوان: المندائي الباسق.

الدخول للتعليق