طباعة هذه الصفحة
السبت, 08 شباط/فبراير 2014

بمناسبة اقتراب اربعينية الراحل الشهيد ابو جميل

  نعيم الزهيري
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

سأرسم صورتك بالكلمات ، واصلي لذكراك كل يوم ؛ ابا جميل يا نبعا صافيا سقى بذورا ندية فأينعت زرعاً غذاءً الاجسام والافكار . ابا جميل يا معلمي وصديقي ويا أخي ورفيق الدرب الشائك ، انت في القلب تحيا ما دام ينبض بالحياة ... لقد تغذى بفكرك النيّر وسار على دربك بشير وفاضل فصارا شهيدان في طريق النضال من اجل الحرية وسعادة الشعب ...

يا رفيقي وتعود بي ذكريات الصبا الى الصف الرابع الابتدائي في مدرسة "الشوائية الابتدائية" في قرية الطويّل ، في منطقة آل أزيرج حيث خرجت انت من المدرسة منفعلا مزمجرا ومهددا مدير المدرسة والمعلمون يحاولون تهدئتك ، لكنك لم تهدأ .. كنت تتكلم بإمور عصيّة على فهمي انذاك ، وما علق في ذهني فقط (المال العام ، ثروات الشعب ، السرقات ..) لقد كان جوهر المشكلة هو ان مدير المدرسة ، في دروس الرياضة والرسم في الصفوف يخرجنا لنقل كتل التراب والطين لعمل سياجا للمدرسة ، وكان الاسطة البنّاء هو فراش المدرسة ، والمدير يستحوذ على ثمن البناء ، لكنك كنت ترفض ذلك السلوك بقوة وتعتبره سرقة ... ولم تمضِ سنة حتى جاءنا المرحوم والدك في يوم ربيعي ليخبر والدي ، وهو مكلل بالحزن ، ان الشرطة اعتقلت نعيم واخذته الى جهة مجهولة ، وصادروا البندقية التي اعرتنا اياها !! وسجنت انت وفصلت من الوظيفة ولم يمضِ الا زمن قصير فاطلق سراحك وعاودت نشاطك الثوري المنظم. 

 

وبعد ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة ، ومن ثم انتكاسها فصلت من الوظيفة ، انت ومجموعة من اقرانك من معلمي العمارة ، والتقينا ثانية ونحن مفصولون من الخدمة ونراجع من اجل اعادتنا الى الوظيفة ، وكنت َ الاوضح بين الوفد الذي قابل عبد الكريم قاسم انذاك حتى اعترف امامكم قائلاً : انكم مخلصون ومربي الاجيال وبكم يتم تطوير البلد ، فلا يمكن التفريط بكم ! ستعادون الى مدارسكم وتمارسون مهامكم النبيلة ... 

 

ابا جميل الانسان بكل ما تحتويه الكلمة من معان ، فأنت المربي والمعلم ؛ ما رأيتك تضرب تلميذا اخلَّ بواجبه او تشاجر مع اقرانه ، بل كنت تستعمل الارشاد والنصح لئلا تحط من معنوية الصبي !

 

وفي سنوات غربتي حكت لي زوجتي ، ذات يوم اخذت اطفالها الى حديقة مدرسة السلام على نهر دجلة وهي بإشد حالات الحزن والقلق عليهم بسبب مضايقات جلاوزة النظام الفاشستي ، وصادف ان كنتَ قد اخرجت تلاميذك الى نفس الحديقة فاقتربت منها واحتضنت اطفالها وعبّرت بالدموع الغالية قبل الكلام : ستنتهي هذه الغيمة السوداء التي تلف العراق ، سيرجع والدكم مرفوع الرأس ورؤوسنا مرفوعة به .. هكذا انت ، وهذا غيض من فيض ، واليوم يضمك تراب الوطن الغالي مثلما ضم غيرك من الخالدين ، فنم قرير العين لم تسقط الراية /

 

 

رفيق دربك 

الدخول للتعليق