• Default
  • Title
  • Date
  • عبد الأله سباهي
    المزيد
    باقة من الزهور الجميلة ، لفت بعناية بورق فضي لماع ، كانت
  • د. سعدي السعدي
    المزيد
    الناصرية ، تلك المدينة الجميلة ذات الرائحة العطرة التي تنبعث من
  • سعدي جبار مكلف
    المزيد
    چني ايد اتفوچومگطوعه اصابعهااشوغ وي الشمس ليفوگاعاتب گاع مدفون بنباعيهامكتوب
  • يَحيَى غَازِي الأَمِيرِيِّ
    المزيد
    وُلِدَ سَتار، بِبَيتٍ مَصنُوعٍ مِنْ طِينِ وَقَصَبِ مَيسان، يُغازِلُ بِودٍ
الأربعاء, 20 شباط/فبراير 2013

ذكرياتي عن البطل صبيح سباهي

  عبد الأله سباهي
تقييم هذا الموضوع
(2 عدد الأصوات)

باقة من الزهور الجميلة ، لفت بعناية بورق فضي لماع ، كانت السبب وراء كتابة هذه السطور . فقد أثارت تلك الزهور التي قدمت لي تكريما لذكرى أخي صبيح أحزانا ، عبثا كنت أجاهد في دفنها عميقا في الوجدان والذاكرة .

دعيت في الرابع عشر من شباط عام 2004 إلى الحفل السنوي ومعرض الصور الذي أقامته منظمة الحزب الشيوعي العراقي في كوبنهاكن عاصمة مملكة الدانمارك إحياء للذكرى السنوية لرفاق دربهم الذين سقطوا في رحلة النضال من أجل العراق وشعبه ، ومن أجل مبدأ اقتنعوا به واعتنقوه . لم يعرف منظميً الحفل تاريخ العديد من تلك الزهور التي اجتثها الطغاة قبل أوانها . كان ابني وسمي عمه جالسا بجنبي في ذلك الحفل ، لم يكن يعرف عمه إلا من خلال الصور ومن خلال أحاديث العائلة عنه .لقد أزاح ابني بعضا من همي ، جزاه الله خيرا حينما راح يواسيني قائلا : لا تحزن يا أبي فإن أخاك قد تحول إلى باقة من ورد كما ترى ، وهناك الملايين من البشر تأتي وتذهب من هذه الدنيا دون أثر تتركه .

سرحت بعيدا في ذاكرتي مع صبيح سباهي وهذا هو اسم أخي الذي يكبرني بأربع سنين والذي اغتاله طغاة البعث عام 1963 على الرغم من أنه كان سجينا ، قابعا في سجن الرمادي يقضي عقوبة التظاهر من أجل نصرة الجزائر !

كان صبيح جميل الوجه جميل الصوت ، فارع الطول لازمته ابتسامة رقيقة طيلة رحلته القصيرة التي قضاها على هذه الأرض والتي لم تدم إلا 30 عاما.

طفولته الأولى وقبل أن نرحل إلى بغداد في أواسط الأربعينات من القرن الماضي ، قضاها في قرية صغيرة ، وحتى إنها ليست بقرية بالمعنى المعروف . فهي عدة بيوت بناها أبي وأعمامي وأخوالي . بنوها من الطين المداف جيدا بأعواد التبن الذهبية بالقرب من مدينة قلعة صالح جنوب العمارة. كان اسم تلك البقعة من الأرض المنسية اللطلاطة ، و التسمية الغريبة تلك التي أطلقت على القرية الجديدة ، قد تكون مشتقة من لط لاط الماء فأمواج دجلة الرقيقة كانت تجتهد عبور الجرف هناك دون جدوى فلا هي مغرقة المكان ولا هي تاركة المحاولة . كانت اللطلاطة جنتنا على الأرض ، تخفيها عن أعين الغرباء بساتين النخيل الباسقة وتغسلها دجلة بمائها العذب وتظللها أشجار السدر المسكونة أبدا بالأشباح وزعيمها "الطنطل" الذي كان الرقيب الصارم على سلوكنا نحن الصغار. في اللطلاطة شارع رئيسي يمتد بمحاذاة دجلة ، وعلى هذا الشارع في الثلاثينيات بنى سباهي الخلف "أبي" داره المطلة على النهر ، غرفتان جدرانها من الطين وسقفها من جذوع النخل ، وكوخ للبقرة . ثم زرع خلفها بستان من أشجار النخيل نادرة الأصناف . فحب العراقي للنخلة يرتقي لمرتبة العشق وكلاهما يتشابهان في العطاء والشموخ . لم يذق الأب ثمار أشجاره ، فقد رحل عن هذه الدنيا وصبيح لم يتجاوز عمره السادسة بعد . لم يترك الأب وراءه غير تلك الدار وتلك النخلات وبقرة سوداء اسمها (الدبسة) والتي كان لها الفضل الأكبر في بقاء الأسرة على قيد الحياة، وامرأة قوية عاركت الدنيا من أجل تربية أولادها وتعليمهم، وديوان من شعره الشعبي والذي لا زلت أبحث عنه إلى الآن .

"كان صبيح شديد الحياء وذو طيبة لا حدود لها . حاد الذكاء ،متوقد الذهن منذ الصغر"
كانت النسوة في اللطلاطة يرشرشن ويكنسن شارع " الكورنيش " مساء كل يوم من أيام الصيف اللآهب ثم يفرشنه بالحصران التي يصنعنها من خوص النخيل .وفي تلك الأمسيات وبعد وجبة العشاء المتكونة أبدا من الرز الأحمر المطبوخ واللبن الرائب الذي تجود به أبقار الطلاطة ، تجتمع العائلات لسماع قصص وحكايات لا أعرف مؤلفا لها ، كان الشيوخ يتناوبون على سردها وخاصة خالي الشيخ نجم. فبعد إشعال فتائل الفوانيس النفط ، تروح مشاعلها في رقص لا ينتهي على أمواج دجلة محتضنة أغصان الصفصاف السابحة في النهر . وفوانيس النفط تلك اختراع خاص بريف الجنوب أملته الضرورة ، وهو عبارة عن قنينة من الزجاج مليئة بالنفط الأبيض تغمس به فتلية مقصوصة من أقمشة قطنية قديمة كشرائط ،يترك جزء صغير منها بارزا فوق فتحة القنينة وتثبت بقطعة من التمر المعجون جيدا ، والذي يقوم على الإمساك بالفتيلة ومنع تسرب النار أو الحرارة إلى داخل القنينة . كانت أمنا تحتفظ بذلك الفانوس وكأنه كنز لا يعوض ولم أستطع معرفة مصدر تلك القناني الجميلة، ربما كانت قناني لشربت مستورد أفرغت في عرس من الأعراس . وتلك الفوانيس هي سيدة الموقف في تلك الأمسيات على الرغم من وجود بعض المصابيح الكهربائية التي تضئ الشوارع كل مساء لكنها لا تجرؤ على دخول المنازل لأسباب مجهولة ، كانت تلك المصابيح صغيرة وعلى ارتفاع كبير بالنسبة لنا نحن الأطفال فتختلط بالنجوم التي تزين السماء بأروع المصابيح ، وإن كان القمر بدرا فهو وحده الذي يستأثر بكل القصص والأحاديث والتي ألهمت خيالنا وصبيح بشكل خاص .

 

أيام الطفولة في اللطلاطة

لقد كان شغوفا في حبه للقمر كان صبيح شديد الحياء وذو طيبة لا حدود لها . حاد الذكاء ،متوقد الذهن منذ الصغر ، فكان متفوقا في دراسته وكتابة واجباته اليومية حتى إنه كان يكتب واجبات بعض أقرانه. وكان يصنع قطعا فنية رائعة لدروس الأعمال من الطين الأحمر الذي تجود به شواطئ دجلة.في أمسيات اللطلاطة كانت القصص تشد انتباهنا وتنتقل بنا إلى عالم سحري ولكن وللأسف وقبل أن تنتهي نكون نحن الصغار قد غفونا ،فننقل إلى أسرتنا المصنوعة من جريد النخل ولم نكمل سماع تلك القصص والتي لم أحتفظ في ذاكرتي إلا الانطباعات الرائعة عنها . ويخيم السكون هناك ويظل نقيق الضفادع وصوت إيقاع مضخة الماء في الجانب الثاني من النهر ساهرا مع أمواج دجلة. يقلق ذلك السكون أحيانا صوت باخرة قد تكون صاعدة عكس التيار في رحلة إلى العمارة والتي كانت تمثل لنا نهاية العالم. أو تكون نازلة مع التيار إلى البصرة وكم كنا نفرح بمشاهدة تلك البواخر وخاصة أضواءها الخضر والحمر وكنا نحرص على رؤية المصباح الخضر أولا فهو لون الجنة. وعندما كانت تلك البواخر تمخر دجلة في النهار ، كنا نركض لمسافات طويلة بمحاذاتها طمعا بعلب البسكويت التي يرميها لنا طاقمها وهم من الهنود في الغالب.

كان الكبار منا دائما يستأثرون بتلك العلب ، ولم أذق طعم ذلك البسكويت إلا مرة واحدة بعد أن انتزع صبيح قطعة منه من يد أحدهم ليدسها في فمي ليظل طعمها فيه إلى اليوم. كنا مجموعة كبيرة من الصبيان والبنات نذهب كل يوم إلى المدرسة الابتدائية في مدينة قلعة صالح والتي يفصلها عن اللطلاطة بستان بيت فرعون وبستان بيت رسن بطريق ترابية ضيقة تنتهي بالكازخانة حيث يباع النفط الأسود. وكانت تلك البساتين محروسة بكلاب شرسة وغالبا ما تحرم علينا المرور عبرها إلا برفقة الكبار . كم كنا نحب السير عبر البساتين حيث يتساقط الرطب الشهي بكثرة ولكننا كنا مجبرين على سلوك طريق النهر الموازية لتلك البساتين وكان صبيح مضطر لمرافقتي في سلوك تلك الطريق ، فتعاليم أمنا كانت صارمة وخاصة إذا كان الأمر يهم سلامة آخر العنقود الذي هو أنا .

SbahiFamilyكان الأخ الأكبر قد غادرنا إلى بغداد لإكمال تعليمه العالي والذي أضطر إلى تركه لاحقا والعودة إلى اللطلاطة ليقوم بدور رب الأسرة بعد أن ترك الأب ذلك المنصب في رحلته لملاقاة ربه . أو ربما جاء بمهمة نشر الأفكار الجديدة التي تعد الناس بالعيش في سعادة على هذه الأرض ، ولهذا الأخ قصص أخرى لا تسعها هذه السطور السريعة. بعد عدة تنقلات من مدرسة إلى أخرى في قرى العمارة ، استقر بنا الأمر في بغداد ، في منطقة الكرادة الشرقية وفي بغداد بدأت حياتنا الجديدة . لقد نزلنا على كوكب آخر ، فالناس في بغداد غير الذين في العمارة ، لم ينطقوا اللغة العربية كما ننطقها نحن في العمارة فهم لا يلفظون كلمة (جا) في حديثهم أبدا ويتباهون علينا بإبدالها بكلمة (لعد) وقد اختلط الأمر علينا فرحنا نمزج( الجا باللعد) وهكذا صار السؤال ( جالعد شلون ؟ ) . بغداد كبيرة ولم تستوعبها مخيلتنا الصغيرة بعد ، رغم إننا لم نخرج أبعد من "حسين الحمد وإلى البوليس خانه " وهي محطتان يقطعها باص المصلحة بدقائق معدودة . لقد اكتشفت أن في بغداد ملك مفدى ! ولم أستوعب إلى الآن دور الملك ، ولماذا يطلب من الجميع أن يفتدوه بالأرواح ؟ .التحقت أنا بمدرسة ابتدائية والتحق صبيح بالمدرسة المتوسطة. لقد كنا نسكن بالقرب من نهر دجلة ، لم أكن مقتنعا أن دجلة بغداد هي ذات الدجلة التي تركتها في اللطلاطة ، كانت دجلتنا هناك وديعة وصغيرة ، كنا نشرب الماء مباشرة منها وكأنها ضرع بقرتنا الدبسة ونسبح بها ونصيد فيها السمك ونقضي أمسيات الصيف بجوارها تسامرنا وننام على هدهدة أمواجها. أما هذه التي في بغداد فهي هادرة الموج كبيرة لها رهبة في النفس " جالعد شلون ؟".

"مبارك من صرت بالتموين . تنطينا شكر وطحين . أهلك إحنا مو غربه . مبارك مهدي بن كبه. "
كان الأخ الأكبر أو قل أبانا الجديد قد عين معلما في المدرسة الابتدائية التي التحقت بها ، وقد اكترى لنا دارا في محلة السبع قصور وسارت الحياة أعواما قليلة بيسر وهدوء ولم يكن يعكرها سوى عراكي المستمر مع صبيح كل صباح حيث كان على واحد منا أن يصحو فجرا ليأخذ دوره في الزحام الشديد عند مخبز حسين الحمد ليجلب حصة العائلة من الخبز الأسود المدعوم من وزارة التموين . ولا زلت أذكر إلى الآن أبياتا من الشعر كانت تردد حينه : مبارك من صرت بالتموين . تنطينا شكر وطحين . أهلك إحنا مو غربه . مبارك مهدي بن كبه. أخذتنا إدارة المدرسة يوما بسيارات لا أذكر غير لونها الأصفر إلى وسط بغداد ،وكانت هناك جموع حاشدة قد سبقتنا فاض بها شارع الرشيد والكل يهتف بشعارات غريبة لا أحتفظ بالذاكرة منها سوى " لا تنقهر فيصل فلسطين النه " ولم أفقه حينه لماذا ينقهر فيصل ؟ ولماذا نحرص على أن لا ينقهر ؟ وكيف تكون فلسطين إلنه ؟ كان هذا الحشد الأول في حياتي الذي اشتركت فيه هاتفا وكم تبعته حشود ومظاهرات ! .

انتهت فترة النعيم التي عشناها في سنين بغداد الأولى ، ونحن لم نكمل بعد مراحلنا الدراسية فكان صبيح في الصف الثالث المتوسط وكنت في الصف الخامس الابتدائي عندما ألقت الشرطة القبض على الأخ الأكبر ، وهكذا "تيتمت " العائلة من جديد .هربنا من دارنا ومن المدارس التي نحن فيها خوفا من تقبض علينا الشرطة أيضا . سجن الأخ الأكبر عشرة سنين في محكمة مميزة استحقت اسم رئيسها فسميت بمحكمة " النعساني " حيث كانت الأحكام تصدر فيها جزافا، وبالجملة ، كان رئيس المحكمة وخلفه الميزان شعار العدالة وصورة الملك المفدى ينطق بالأحكام على الصف الطويل الذي يقف أمامه هكذا: من الطويل وإلى اليسار خمسة سنين سجن مع الأشغال ، ومن الطويل وإلى اليمين عشرة سنين سجن مع الأشغال ، وحار الطويل مع أية فئة هو ؟ فسأل الحاكم عن أمره فأمر له بخمسة عشر عاما مع الأشغال!

هكذا كانت ديمقراطية المفدى والتي يدعو لعودتها البعض الآن ، ربما من منطلق المثل القائل: "من رأى الموت رضي بالسخونة " وربما ومن هذا المنطق يفتش لنا البعض عن مفدى جديد؟ لا أكتب هذه السطور لغرض الدعاية السياسية فلست سياسيا وهم كثر الآن وكلهم يعرف من أين تؤكل الكتف ولكن الشيء بالشيء يذكر . وبعد تنقلات في السكن من غرفة إلى غرفة بدور مختلفة انتقلنا إلى جانب الكرخ في محلة اسمها الدوريين. وهكذا وبسن مبكرة جدا أصبح صبيح رب العائلة . بدأ يخطط لحياتنا وكأنه كان قد استعد لذلك، لا أعرف من أين حصل على عربة صغيرة من الخشب ، وكأنها من تلك الصناديق الخشبية التي كان يباع فيها الشاي المستورد من بريطانيا .ثبت في أسفل الصندوق عجلات حديدية صغيرة الحجم ولكن اسمها كان له وقع خاص " بول برنات صجم" وكانت تسحرني عندما كان يبرمها صبيح بخفة وتظل تدور حول محورها وكأنها عجلة أبدية . كنا نسابق الشمس كل يوم وغالبا ما كان يدركنا فجرها قرب بساتين الدورة التي كانت تغطي الأرض جنوب بغداد .كنا نسلك طريق سكة حديد البصرة ، وذات مرة كاد قطارها الغاضب أبدا أن يقتلنا وذلك بطريق عودتنا والعربة محملة بتفاح بغداد الأبيض ، وكنا ندفعها سوية بكل قوة وسرعة لنصل قبل أن يبرد شاي الصباح وأرغفته الساخنة . ولولا ردة فعل صبيح السريعة لما أتعبتكم بقراءة هذه السطور . فقد رمى بي وبالعربة خارج السكة ومر القطار من جانبنا هادرا . وبعد أن التقطنا أنفاسنا رحنا نلملم تفاحنا الذي افترش الأرض .وعدنا بعربتنا وبما جمعنا من التفاح وقد نكون قد فقدنا منه الكثير وقد تعيش الآن في ذلك المكان شجرة تفاح . حمدنا الله على السلامة أولا ثم على عودتنا ببضاعتنا ، فلو كانت بضاعتنا توتا أو مشمشا لضاع رأس مالنا ، والذي لا أعرف من أين دبره صبيح فلم تكن لدينا محصلات نقود ، والنقود فئة العشرة فلوس المقرفصة الجوانب كانت تثير فضولي في تلك الفترة . ولعدنا فقراء من جديد. فقد كنت أرى أننا أصبحنا تجار فاكهة !

ssabhi4كان يأخذني يوميا معه لنشتري الفاكهة من تلك البساتين التي كانت تحيط بغداد كغطاء الرأس وتبدأ من القصر الجمهوري اليوم والذي لم يكن إلا بستانا للنخيل .نشتري ما توفر منها على قدر عربتنا فتارة تفاح وأخرى مشمش أو كوجة أو عرمود وأحيانا تين ونادرا ما نتاجر بالتوت. ونرجع بها إلى البيت حيث يصنفها صبيح حسب جودتها ويحدد أسعارا لها وبطريقة عصية على فهمي ثم ننفصل ليذهب هو بالأنواع الجيدة ويترك علي مهمة بيع الأنواع الرديئة من تلك الفاكهة ، وكم كنت أكره ذلك فتلك الأصناف لا تباع بسهولة . نجوب شوارع الدوريين وعلاوي الحلة وإلى مستشفى العزل "مستشفى الكرامة " ثم نعود إلى مرقه الطماطة والبصل (المحروق إصبعه) هكذا كان اسم وجبة غدائنا الدائم والتي لا تتغير إلا ما ندر. ونعيد الكرة بعد الظهر حتى تباع البضاعة وكنت فراحا بتلك المهنة فقد كنا نأكل فاكهة كل يوم والتي حرمنا منها بعد مدة.وهكذا أصبحنا هو وأنا نعيل الأسرة بعد أن انقطعنا عن المدرسة فشبح التحقيقات الجنائية قد سكن مخيلتنا . ربما بسبب ذلك الشبح تجدني وإلى اليوم معجب بكتابات كافكا وخاصة قصته المحكمة .

أخذ صبيح يكون عالمه الخاص ويبتعد بفكره عنا ولم يعد يشاركني اللعب وكأنه رجل ناضج على الرغم من أنه لم يتجاوز السادسة عشر من العمر .وقد أخذت مطالعة الكتب جل وقته

"كرهت تلك الساحة التي شهدت شنق ابن العراق البار الذي قارع الاستعمار الإنكليزي وشركات النفط يوسف سلمان يوسف فهد"
وأغلبها من الكتب ذات العناوين الصعبة ولم أهتدي إلى مصدرها ولكنه كان يدخلها البيت وكأنها بضاعة محرمة ويحرص كل الحرص على أن لا أطلع عليها .ثم راح يتغيب عن البيت كثيرا وأحيانا يزوره رجال بقت صورهم في ذاكرتي رغم كرهي لهم لأنهم انتزعوا صبيح مني وخاصة ذلك الذي كان يدخن السجائر بنهم رغم حرصه على أن يكون خفيف الدم . افترقنا في تجارتنا وباع العربة بعد أن صنع لي بسطة من الخشب أعلقها على رقبتي وترتكز على بطني لأعرض بها ديكه وحيوانات ملونة مصنوعة من السكر ومثبتة بعيدان من جريد النخل . أما هو فراح يشتغل بالأجرة ولا أعرف أين ؟ في صباح يوم ابتعدت ببضاعتي عن الشوارع التي كنت أذرعها يوميا والتي مللت من برك الماء الآسن التي تغطيها والتي كرهت هي أيضا صوتي المتشنج رغم نعومته في المناداة على تلك الديكه اللعينة ، سلكت دربا يقودني إلى محلة الصالحية ودور السكك والتي كانت تحجبها عن المستطرق أشجار الدفلة المزهرة ، وما أن عبرت شارع علاوي الحلة حيث المتحف الوطني الآن ، حتى شاهدت منظرا أقشعر له بدني اقتربت أكثر بدافع الفضول من ذلك الموقع فتسمرت قدماي وعصفت بي رعدة راحت تهز ركبي ! لقد شاهدت عشرات من رجال الشرطة استطالت سراويلهم القصيرة لتنزل بضعة أصابع إلى اسفل الركبة تحاول الالتحام بلفافات من القماش السميك والذي لفت على الساق وكأنها ملوية سامرا نازلة إلى أسفل القدم لتلتصق بأحذية سوداء ضخمة لا أظنهم يستطيعون رفعها من الأرض إلا بمشقة ، وقد اعتمرت رؤوسهم سدائر من الخاكي انحرفت كلها بزاوية حادة ، وفي أيديهم بنادق طويلة ،شكلوا سياج بشري تفصل كل واحد منهم عن صاحبه بضعة خطوات ، وكانت هناك سيارات من الجيب تحمل رشاشة شكلت أبراجا لذلك السياج الرهيب ،كان كل هؤلاء يحرسون رجلا واحدا علق بحبل فوق خشبه أقيمت في وسط الساحة " تحت بوابة المتحف اليوم بين الثورين المجنحين " . كان يرتدي بدله بنية غامقة على ما أظن وحذاء لابد إنه اعتنى كثيرا بتلميعه في ليلته الأخيرة ، وقد زادت الشمس في لمعانه ، غطى وجهه كيسا ينزل إلى تحت الرقبة لا أذكر لونه . لم أدرك مغزى تلك الممارسة حينه ، كنت قد رأيت في السابق (التشابيه) التي كانت تقام في ذكرى استشهاد الحسين والذي أحبه ولا أعرف سببا لذلك ، هل يكون هذا الرجل يمثل معسكر الحسين ؟ ولكن أين تلك العمائم الخضر ؟ قد يكون الشرطة يمثلون معسكر الشمر فكلاهما يمثلان العنف والكراهية . ولكن لماذا كل هذا الحشد من الشرطة والسيارات المسلحة، أتكون كلها لحراسة رجل واحد معلق بحبل لا يمكنه الفرار حتى وإن كان حيا ؟ رحت أبكي من شدة الخوف وزاد من خوفي أن الشرطي القريب مني نهرني طاردا ، فعدت أدراجي إلى الدوريين التفت خلفي كل عشرة أمتار خوفا من أن يتعقبني أحد. لقد كرهت تلك الساحة التي شهدت شنق ابن العراق البار الذي قارع الاستعمار الإنكليزي وشركات النفط يوسف سلمان يوسف (فهد) . ترى ماذا سيفعل لو عادت له الحياة الآن ليرى أن من يحكم العراق اليوم هو صاحب الجلالة "بريمر" ! ظل الخوف محفورا بقلبي منذ صبيحة ذلك اليوم وإلى يومنا هذا .

وعندما وصلت إلى البيت كنت في حالة الهلوسة والهذيان وازداد رعبي حين علمت أن فهد يمت بصلة ما بالأخ الأكبر وبصبيح. افترشت الأرض واستسلمت لرجفة الحمى وكأن شبح الموت يطاردنا نحن بالذات . لم أقترب من ثريده المحروق إصبعه ذلك اليوم وقد اعتكفت بالبيت لم أخرج منه لعملي لعدة أيام على الرغم من إلحاح أمي وصبيح حرصا منهم على مساعدتي في تجاوز تلك المحنة أو ربما خوفا على بوار بضاعتي التي وظفت بها العائلة ما يقارب المائة فلسا . انتقلنا بعد تلك الحادثة إلى دار في حي الأكراد بجانب الرصافة ومنها إلى دار ثانية في بني سعيد وأخرى في حي فقراء اليهود في أبي سيفين .ودائما كان هناك من يشاركنا السكن مرة رجل غارق بين أوراقه لا أراه على الرغم من ترصدي له ،ثم جاء آخر غيره وكان شارد الذهن تبدو عليه أثار النعمة . ثم رحلوا ورحل صبيح معهم . وكان ذلك آخر عهد له بالسكن معنا . رأيته مرة يشتغل في مخزن لبيع المواد الغذائية في شارع الوصي (شارع النهضة ) علمت بعد سنين أن هذا المخزن هو لسلام عادل ، وهو الرجل الرائع الذي حل محل فهد بعد أن تعاقب على ذلك المركز رجال عدة كان منهم من شاطرنا فقرنا في تلك الدور . بعد أن تركنا صبيح رحت أعتمد على نفسي في إعالة أمي ورحت أشتغل في إحدى المطابع بأجور يومية مغرية تقارب المائة فلس يذهب ثلثها للنقل ولوجبة الغداء التي لم تتغير طيلة عملي بتلك المطبعة (الرابطة) وهي صمونتان وكاسة من اللبن الرائب مع قطعة من تمر الحلان . أخذت أتنقل في مطابع بغداد غير البعيدة من أبو سيفين والمنتشرة في شارع المتنبي وبأجر أخذ يرتفع شيئا فشيئا . والتحقت بالمدارس المسائية . لم نعد نرى صبيح إلا ما ندر ، وفي ذات يوم زارني في المطبعة التي أعمل فيها وقبل دقائق من انتهاء عملي ، ولا أعرف كيف علم بمكان عملي ومواعيده . كم كنت فرحا بذلك اللقاء . هدأ من روعي وخرج معي ليريني "البايسكل" الذي معه وهو ذو ثلاث عجلات حيث يتصدره صندوق خشبي ذكرني بعربة الفاكهة. أركبني فوقه وراح يدفعني ويسير بجانبي . سألني عن حياتنا وعن صحة أمه وكان مشتاقا لمعرفة أبسط أمورنا . ثم شرح لي بأن الحزب بحاجة إلى حروف طباعة " كانت من الرصاص تستورد من إنكلترا " وطلب مني أن أخرج من العمل نهار اليوم التالي بإجازة لمد ساعتان لأذهب معه إلى إحدى المطابع التي تبيع تلك الحروف والتي تقع في شارع المستنصر ، وكان صاحبها من وكلاء التحقيقات الجنائية . جئت إلى موعدي معه في الوقت المحدد ، فطلبات صبيح كانت بمثابة الأوامر بالنسبة لي . وبعد جرعة من المنشطات الحماسية مذكرًني برجولتي " والتي لم أكن قد اكتشفتها بعد " محذرًني من الارتباك وعلمني كيف أشتري تلك الحروف للمطبعة التي أعمل بها وكانت كمياتها وأنواعها مكتوبة بقائمة دسها في يدي . اشتريت تلك الحروف بعد أن أعطيت بعض التفصيلات عن المطبعة التي أشتغل فيها ودفعت أثمانها ورحت أنقلها إلى صندوق "البايسكل" وأصفها بهدوء . وفي الزقاق المجاور وجدت صبيح يحتسي استكان من الشاي يداري به قلقه . غمرته فرحة عظيمة عند ما شاهدني أدفع البايسكل ثم لحق بي وأخذ الدراجة مني وودعني واختفى . ولم أراه إلا بعد عدة أشهر وبمهمة جديدة .كان ينجز المهمات المناطة به بكل جرأة وإبداع.

"كان يبتكر طرقا مثيرة في تنفيذ مهماته وكان ذلك يثير إعجابي وحماسي "
لم يتغير صبيح رغم تكامل رجولته وظل الهدوء والحياء أول ما تراه على وجهه الذي راحت تزينه شوارب شذبت بعناية . كان يبتكر طرقا مثيرة في تنفيذ مهماته وكان ذلك يثير إعجابي وحماسي في مشاركته في تلك المهمات على الرغم من تباين دوافعنا لها . وبما أن الأخ الأكبر نزيل السجون وكان يطاف به من سجن إلى آخر وبعد أن نقل من سجن "نقرة السلمان" المرعب إلى سجن بعقوبة الذي بني بإشراف النقطة الرابعة الأمريكية ، وكنت وأمي شديدي الحرص على زيارته في كل تلك السجون ورسائل صبيح كانت ترافقني دائما، وبتخطيط ودعم من صبيح ورفاقه فقد استعار حذائي مرة وأعاده لي في اليوم الذي يسبق زيارتنا لسجن بعقوبة بعد أن خبأ فيه رسالة سرية ، وطلب مني إعطاءه لرفاقه في السجن وخص لي أسم أحدهم ، وأثناء الزيارة جاء ذلك الشاب وأعطيته الحذاء فلبسه وعاد لي بحذاء غيره وانتهت الزيارة وهب الناس إلى أحذيتهم التي اختلطت ببعضها لعدم وجود ( كشوانجي ) وبعد أن ذهب كل في دربه احترت أنا بالحذاء الصغير الذي جلبوه لي ولا أعرف كيف استطعت أن أحشر قدمي في ذلك الحذاء اللعين ، والأهم كيف استطعت السير به عشرات الأمتار دون أن أجلب انتباه الشرطة ، وأخذت المسألة على محمل الهزل . لكن صبيح عندما علم بذلك أقام الدنيا وأقعدها وعلى الأقل أمامي . لقد ظل صبيح بعيدا عنا ناذر نفسه وشبابه لأحلام لو تحققت لنزلت جنه الله على أرضنا هذه ولعاش الناس فيها سعداء . كنت أراه في الأحلام أكثر مما أراه في اليقظة . هل كانت جرأته تهور وطيش شباب أم كانت نتيجة إيمان راسخ بقضية عادلة ؟

تصورا في إحدى المرات أخذني معه إلى تاجر من تجار الشورجة وراح يساومه على استئجار خان تعود لذلك التاجر تقع في سوق الصدرية لاستخدامه كمطبعة. ثم اتفق مع ذلك التاجر ووقع معه عقدا ولا أعرف بأي اسم ودفع له النقود . واستأجر شاحنة صغيرة وبعض الحمالين مع بكرة رافعة ونقلنا مطبعة الحزب الشيوعي السرية إلى ذلك الخان في وضح النهار ، دفع أجور الحمالين والسيارة وبقينا أنا وهو في إعدادها للعمل وكأننا في شارع المطابع .

إن المهمات التي كان يشركني فيها لا أظنها تمثل إلا جزء ضئيلا من العمل الذي كان يقوم به. لحسن حظي جمعتني به سفرة العمر الأولى إلى الاتحاد السوفيتي إلى مدينة موسكو والتي سمعنا عنها الكثير والتي كانت أبعد من الحلم .كان ذلك في تموز من عام 1957 في مهرجان الشباب العالمي الذي أقيم هناك .كان الوفد العراقي والذي غالبيته من الشيوعيين يضم أكثر من 120 مشارك ، حرص صبيح أن أذهب معه في تلك السفرة . حصلنا على جوازات سفر مزورة وسافرنا بها إلى سوريا . وفي دمشق أقام الوفد مقرا له في وسط المدينة . كان الوفد بقيادة محمد صالح العبلي وعبد الجبار وهبي والدكتور صفاء الحافظ والعديد من الشخصيات العراقية وكان صبيح من ضمن قيادة الوفد ، غالبية هؤلاء الرجال الأفذاذ قضت عليهم طغمة البعث المجرمة عام 1963 . رحلت تلك النخبة من الرجال الاقحاح مخلفة غصة وحسرة في نفس كل من عرفهم . وكما يقول المثل الموصلي ( راحت رجال الحامض السماقي وظلت رجال أل بالعصي تنساقي ) . نقلنا من دمشق إلى اللاذقية ومنها بالباخرة إلى أوديسة ثم إلى موسكو بالقطار .إن ذلك المهرجان كان حدثا بارزا ومهما في تاريخ شبابنا ولا أعرف لماذا لم يكتب عنه شيئا إلى الآن على الرغم من الأحداث التي رافقته والمعاني التي تمثلها تلك الأحداث . عدنا بعد تلك السفرة لنجد أن هناك من وشى بنا وأعطى أسماءنا بالتفصيل إلى الاستخبارات الأمريكية التي أوصلتها بدورها إلى عصابة التحقيقات الجنائية فراحت تعتقل العائدين واحدا بعد الآخر . عادت قيادة الوفد إلى العراق سرا عن طريق مدينة دير الزور وكان صبيح معهم وقد حرص على اصطحابي معه إلا أنني عدت إلى الشام بأمل الحصول على فرصة عمل في الخليج . وبعد أن يأست من تحقيق تلك الفرصة عدت إلى العراق ليلقى القبض عليً عند الحدود العراقية السورية لأقضي أسابيع في التحقيقات الجنائية خاضعا لطقوسها التي لا تستثني أحدا. خرجت بعدها بعد دفع رشوة لأحد ضباط ذلك الجهاز .

ssabhi2التقيت بعدها في بغداد بصبيح وبمهمات جديدة والتي كان ينجزها بعقلية المحترف أساعده في بعضها لقربه من قلبي إلى أن القي القبض عليه في عام 1957 في وكر لمطبعة الحزب في البتاويين . دخل السجن على أثرها ، ولم يمكث به كثيرا ، فقد حررته ورفاقه ، ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 لم ألتقي بصبيح بأي مهمة بعد الثورة إلا أنه عاد ليشاركنا والأخ الأكبر السكن وكانت تلك أيام سعادة للعائلة لم ترها منذ أمد طويل ولم نراها بعد ذلك. كان صبيح يقوم بأعمال حزبية بعد الثورة ضمن أعمال القيادة ولم أعرف ماهيتها ولم أحاول ذلك فقد أصبحنا رجال ولكل منا همومه وكان إنجاز تعليمنا الثانوي من همومنا الكبرى وقد فلحنا في ذلك أخيرا. لم يذق طعم الحرية إلا سنين قليلة بعد ثورة الرابع عشر من تموز حتى قامت الشرطة باعتقال صبيح والأخ الأكبر من جديد وبحجة اشتراكهم في مظاهرة لنصرة الشعب الجزائري سجنوا على أثرها خمسة سنين ورحل الأخ الأكبر إلى سجن الموصل ورحل صبيح إلى سجن الرمادي ولم ألتقي به بعدها فقد سافرت أنا للدراسة في موسكو وظل هو قابع في سجن الرمادي إلى أن جاءت ثورة البعث المجرمة عام 1963 لتأخذ صبيح من سجنه وتعذبه إلى حد الموت في أقبية قصر النهاية .

في سجن الرمادي. جميع من في الصورة اسشهد بعد انقلاب 1963 الأسود ويظهر الشهيد صبيح سباهي جالس الى اليسار
وهكذا قتل صبيح بدون ذنب وبكل وحشية وهو في عز شبابه فلم يكن قد تجاوز الثلاثين من العمر بعد! رحمة الله تنزل على روحك الطاهرة يا أخي وفقيدي ، يا من أحب شعبه وأراد له الخير . كنت صادقا ، نزيها ، محبا ولم تقرب الخطيئة . هل ستظل مأساتك تتكرر؟ ويأتي جلادون جدد ليبحثوا عن ضحايا جديدة ؟.

الدخول للتعليق

شهدائنا.. في ضمائرنا

ليس من الحكمة والانصاف والعدالة، تجاهل ونكران تضحيات مناضلينا المندائيين التي يعرفها الشعب العراقي حق المعرفة طيلة تاريخ العراق الحديث، منذ بدايات العقود الاولى من القرن الماضي وحتى الان، لقد دخلوا السجون، وتم اعدام الكثيرين منهم، وبسبب مواقفهم البطولية تعرضت عوائلهم وذويهم الى شتى انواع المضايقات والتمييز، لكونهم من قوى المعارضة لتلك الانظمة الديكتاتورية، ولكونهم من اقلية دينية. والمناضلون المندائيون مارسوا الكفاح بكل اشكاله والوانه، وخاضوا نضالاتهم في كل الساحات، جامعات، مدارس، معامل، مظاهرات، مسيرات، اعتصامات، ليسقط عشرات الشهداء والشهيدات، من اجل مسيرة الحرية للوطن، ومن اجل سعادة الشعب العراقي.

علينا جميعا ان نضع في سلم اولياتنا ونحن نتعامل مع هذا الملف ان نعتمد الامانة والعدالة في النظرة والاعتبار لهذه الكوكبة الزكية من ابنائنا وبناتنا البررة، بان نتذكرهم ونحث الدولة على بان تشملهم مع غيرهم من الشهداء العراقيين بكل الحقوق الواجبة عليها بتخصيص رواتب تقاعدية، وتوزيع للاراضي، ورعاية عوائلهم وذويهم، فدون عمل كهذا، يصبح الحديث عن الدولة الديمقراطية والقانون والمواطنة، فارغ من كل محتوياته.

ويدعو موقع اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر كافة الاخوة والاخوات من المندائيين واصدقائهم واخوتهم العراقيين، في كل مكان، بتزويدنا بما يتوفر لديهم، من معلومات بيوغرافية وصور فوتوغرافية بحجم كبير، لاي من الشهداء الذين سقطوا خلال السنوات الاخيرة بفعل اعمال الاجرام البربرية الظلامية الذي يزحف على بدمائه على ابناء الاقليات الدينية العراقية، ومنها ابناء طائفتنا الصابئية المندائية.

من اجل ارشفتها والاعلان عنها للضمير العالمي كجرائم للتصفية ترتكب ضد الانسانية