طباعة هذه الصفحة
الأربعاء, 15 شباط/فبراير 2017

الشهيد ابن العم صبيح سباهي

  سعدي جبار مكلف
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

بيارغنه وضحايانه
المشت گبلك ..
شربت موتهه وظلت
تمد فوگ الحياة اجسور
موش احنه الشمس
وافكارنه بدرب الكواين والزمان اتنور
شتل گلبه وطرش گبلك
تودي اخبارنا الكلمن
ابهذا الدرب حط رجله
يانفحة ورد نيسان
الشاعر كامل العامري ......


انه احد ابطال مجزرة قصر النهاية التي تم فيها اعدام 22 شيوعيا في ليلة التاسع والعاشر من شهر اذار عام1963 ودفنوا في مقبرة جماعية ، وكان البعض منهم قد دفن وهو مازال حيا بطريقة تعبر عن ابشع انواع الوحشية والانتقام ، دفنوا معا في قبر ضم بين جناحيه اناسا من مدن عدة في العراق ، واحتوى بهم ومعهم كل القيم الطيبة الاصيلة من ابناء شعبنا ، قبرا كان ولا يزال شاهدا على وحدة هذا الشعب على اختلاف مشارقه ومغاربه بالضد من قيم الظلم والتعسف والخسة والاجرام ، كما لو اننا نسمع الان اصواتهم وهم يوارون الثرى معا في تلك الارض الطيبة يواسي احدهم الاخر ويشد من ازره ويعضد معنوياته ويكبر من مثل الدفاع عن المبدأ والوفاء للقيم ، حد التضحية بالحياة ومفارقة الاهل والاحباب والمدن الاليفة ، قبر وقبور مجهولة لاهلهم ورفاقهم وناسهم وتكاد ان تكون كل ارض العراق سريرا حريريا لهم وكل منطقة من بغداد ملاذا اليفا دافئا .حدقوا في وجوههم جيدا لن تجدوا غير حب الخير والناس والوطن ، حب سرمدي خالد يداوي الجروح العميقة وينهي الالم وينشد اغنية الخلود كما عرفها اهل العراق القديم قبل مايقارب خمسة الاف عام والحكمة التي وصلوا الى مبتغاها كون خلود البشر يحدث عبر العمل الطيب وصنع الخير والسعادة الى الاخرين والناس جميعا ، يقول گلگامش للملاح اور شنابي بعد رحلته الطويلة بحثا عن الحياة الابدية ، بعد ان سرق منه الثعبان اسد التراب بات سر الخلود ، حيث يعودان معا الى اوراك مدينة كلكامش


أعل يا أور شنابي وتمشى فوق اسوار اوراك
وافحص قواعد اسوارها وانظر الى اجر بنائها
وتيقن اليس من الاجر المفخور
وهلا وضع الحكماء السبعة اسسها
ان شارا واحدا خصص للسكن
وشارا واحد لبساتين النخيل
وشارا واحد لسهل الري


رحل الشهداء جسدا وبقيت مأثرهم وقيمهم وبطولاتهم وكلماتهم حية يانعة ، وبقي الاهل والاصدقاء والرفاق والاحبة اوفياء لذكراهم وهناك حقيقة يجب ان تذكر الذكر الى الانسان عمر ثان عن الشهيد صبيح اسباهي يقول اخيه الكاتب الكبير المهندس عبد الاله سباهي ان الشهيد يكبرني باربع سنوات الوجه جميل والصوت صاحب قرار ثابت فارع الطول تلازمه الابتسامة الرقيقة طيلة رحلته القصيره التي عاشها على هذه الارض والتي لم تدم سوى 30 عاما شديد الحياء وذو طيبة لا حدود لها حاد الذكاء متوقد الذهن منذ الصغر وعندما تجاوز صبيح مرحلة الصبا اخذ الشهيد يكون عالمه الخاص ويبتعد بفكره عنا والحديث لا زال الى شقيقه عبد الاله ولم يعد يشاركنا اللعب وكأنه رجل ناضج على الرغم من انه لم يتجاوز السادسة عشر من العمر ، وقد اخذت قراءة الكتب جل وقته واغلبها من الكتب ذات العناوين الصعبة ولم اهتدي الى مصدرها ، لم يتغير صبيح رغم تكامل رجولته وظل الهدوء والحياء اول ماتراه على وجهه لقد ظل صبيح بعيدا عنا ناذرا نفسه وشبابه لأحلأم لو تحققت لعاش الناس فيها سعداء ، وكان يبتكر طرقا مثيرة في تنفيذ مهماته ، كنت اراه في الاحلام اكثر من اليقظه هل كانت جراته تهور وطيش شباب ام كانت نتيجةايمان راسخ بقضية عادلة .لقد مرت اكثر من خمسين عاما ونحن فية اشد الشوق اليك اهلك وناسك وشعبك يتذكرك واننا لم نجد اصبعاً يشير او يدل الى مكان رفاتك لكننا وجدنا الكثيرةالكثيرتشير الى اربع كلمات كنت ترددها دائما انها وطن حر وشعب سعيد .


ولد الشهيد صبيح سباهي عام 1933 في مدينة العمارة من عائلة فقيرة وأنخرط في النشاط السياسي وهو شاب في المرحلة المتوسطة أنضم الى الحزب عام 1949 عندما انتقلت العائلة الى بغداد واحترف العمل الحزبي السري وكرس نفسه كلياً للنضال وكان يعمل في وكر طباعة الحزب التي تطبع فيها الجريدة المركزية للحزب وكافة المنشورات السرية وكراريس التثقيف وغيرها من ادبيات الحزب التنظيمية والتثقيفية القي القبض عليه في وكر الطباعة في منطقة البتاوين عام 1957، كثير ماكان يغيب عنا وعندما التقي معه كانت لديه دائما مهمات جديدة كان ينجزها بعقلية المحترف المتمرس وكان قريب من قلبي جدا حكم عليه في العهد الملكي عندما كشف وكر الطباعة واطلق سراحه بعد ثورة 14 تموز واصبح عضوا في لجنة بغداد المحلية وعضوا في لجنة التنظيم المركزي اعتقل في شباط عام 1961 وحكم عليه ثلاث سنوات ارسل الى سجن الرمادي اعدم مع مجموعة كبيرة من الشيوعيين في قصر النهاية ودفن مع مجموعة من الرفاق وقسم منهم احياء في خنادق حفرت خصيصا لهذا الغرض خارج بغداد ويعتقد في منطقة الحصوه يستمر الاستاذ ابو صبيح اي عبد الاله سباهي في الحديث عن الشهيد كنا انا وصبيح ذهبنا الى سوق الشورجة في بغداد وكان هناك تاجر من تجار هذا السوق لديه خان في منطقة الصدرية تقع في سوق المنطقة الصاخب المزدحم وراح الشهيد يفاوض على استأجارذلك الخان ليصبح مقر الى وكر طباعة الحزب ووقع عقدا مع ذلك التاجر وتم نقل طابعة الحزب في وضح النهار الى الخان وقد رافقته في سفرة وحيدة الى الاتحاد السوفيتي ولمدينة موسكولحضور مؤتمر الشبيبة العالمي فكان الشهيد من ضمن الوفد المشارك الذي بلغ عدد اعضاءه اكثر من 120عضور اغلبهم من الحزب الشيوعي العراقي وكان من ضمن الوفد كل من محمد صالح العبلي وهو رئيس الوفد والصحفي عبد الجبار وهبي ابو سعيد مع ابنته المطربة انوار عبد الوهاب واسمها الحقيقي نادية عبد الجبار ، والدكتور صفاء الحافظ وغيرهم العديد من الشخصيات العراقية ، غالبية هؤلاء الرجال الافذاذ قضت عليهم طغمة البعث المجرمة عصابات قصر النهاية السئ الصيت ، رحلت نخبة الرجال الابطال الاقحاح مخلفة غصة وحسرة في نفس كل من عرفهم وفي ذاكرة ناسهم وشعبهم وكما يقول المثل العراقي لكل زمن رجاله وابطاله ، وبعد ان تم تزويدنا بجوازات مزورة اتجهنا الى سورية ومن دمشق الى اللاذقية ومنها بالباخرة الى اوديسة ومنها الى موسكو بالقطار ان ذلك المهرجان كان حدثا بارزا ومهما في تاريخ شبابنا وحزبنا ، عندما عدنا الى بغداد وفي عهد عبد الكريم قايم القي القبض على الشهيد صبيح سباهي وحكم عليه وارسل الى سجن الرمادي اما انا فقد سافرت الى موسكو للدراسة وبقي الشهيد في سجن الرمادي الى ان حدثت مجزرة شباط الاسود لينقل الشهيد من السجن الى قصر النهاية وتم اعدامه وهكذا انطفأت شمعة من شموع العراق لتشرق شمس في سماء سفر الشهداء الخالد ، هكذا قتل الشهيد بدون ذنب وبكل وحشية وهو في عز شبابه لم يتجاوز الثلاثين من العمر ايها الجبل الشامخ الخالد ياما احببت شعبك وناسك وحزبك واردت له الخير ، كنت صادقا نزيها محبا ولم تقرب الخطيئة ولا الرذيلة ، ستظل ماسأتك تتكرر وياتي جلادون جدد ليبحثوا عن ضحايا جديدة لك الخلود السرمدي ايها ابن العم وذكراك معنا خالدة ابد الدهر ...

الدخول للتعليق