سلاما" إليك أيها الأخ والصديق الحبيب .....سلام
سلاما" إليك وأنت تجوب الأحياء الفقيرة في محلة الدوريين ، الكريمات ، الشواكة , والثورة والصالحية والسنك .
سلاما" أيها المناضل الذي عاش أحلام المناضلين الشرفاء .
سلاما" أيها النصير الشجاع في جبال كردستان ووديانها وقراها المعزولة
سلاما" وأنت تجوب الجبال والقرى الكردية الفقيرة صيفا" وشتاءا" وتقدم خدماتك الطبية الأنسانية لأهلها الفقراء .
تمر في 22 / كانون الثاني من هذا العام / 2007 الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الفقيد النصير سلام عبد الرزاق الحيدر / د. أبو تانيـا ، ذلك المناضل الذي نشأ وترعرع مع أخوانه في أحضان عائلة مندائية مناضلة قدمت للحزب والوطن العديد من الشهداء .
ولد سلام / أبو تانيـا في 28 / 6 / 1952 وهو الأخ الأصغر لأخوته في مدينة الفلوجة ، هذه المدينة الصغيرة التي سكنتها العديد من العوائل المندائية المهاجرة من جنوب الوطن طلبا" للرزق والأستقرار بسبب الظروف القاسية التي تعرضوا لها هناك ، كان بطبيعته هادئ الطباع ، مؤدب ، لا يعرف الأساءة أبدا" ، ذا طفوله نشطة تتميز عن أخوته الأخرين ، أتذكر طفولته وهو صغير لم يتجاوز الثالثة من العمر محاولته للتسلق على أحدى نوافذ البيت فأضطر الى أستخدام صفيحة دهن فارغة لتحقيق هدفه ولكن مع الأسف فقد توازنه وسقط أرضا" مما تسبب له جرحا" على جانب فمه الأيمن . كان الوالد في بغداد آنذاك ركضت مسرعا" الى العم حيدر ( ابو حميد ) في المحل لأبلغه بالخبر ونم نقله الى مستشفى الفلوجة لخياطة الجرح وبقيت آثاره واضحة على وجهه لغاية وفاته .
أكمل سلام دراسته الأبتدائية في مدرسة العرفان في جانب الكرخ قرب مستشفى الكرامة ، والمتوسطة في محلة الدوريين / جانب الكرخ أما الثانوية فقد اكملها في ثانوية النضال في بغداد ، كان الفقيد سلام شاب وديع ، أنيق ، متواضع ، متفوق دائما" في دراسته ، يتميز بالبساطة والتسامح وطيبة القلب ، نموذجا" للعطاء ونكران الذات . بدأ نشاطه الوطني في ريعان شبابه حيث كان صلة الوصل بين كثير من التنظيمات المقطوعة في بغداد من خلال حمله للرسائل الحزبية التي يكلفه الحزب بها وكان يأخذ على عاتقه تقديم الشاي والمعجنات الى قيادة الحزب أثناء عقد أجتماعاتهم في دارنا المتواضع مما زاد ذلك من تعلقه بالحزب . برز نشاطه في ثانوية النضال في بغداد ونشط في المجال الطلابي والشبابي فيها حيث كان عضوا" نشطا" في اتحاد الطلبة العام , وكان يتصدى مع زملاءه لزمر الأتحاد الوطني بكل ثقة وأندفاع وتعرض لأعتداءات عديدة من قبلهم .
وعندما تعرض الحزب عام / 1970 الى الحملة الشرسة لتصفيته من قبل النظام الفاشي كان يجوب المناطق الفقيرة في بغداد حاملا" لهم بأبتسامة بيانات الحزب وهو يقول لهم أطمئنوا الحزب باق رغم الأرهاب .
رشح لعضوية الحزب وهو لم يزل في السادسة عشر من عمره ، وبدأ نشاطه الحزبي في المجال الطلابي في محلة الكريمات الشعبية ، الشواكة والصالحية في جانب الكرخ ... اعتقل في نهاية عام / 1970 من قبل رجال الأمن بعد توزيعه ورفاقه بيانات الحزب في محلة الكريمات وأرسل الى مديرية امن بغداد للتحقيق معه لعدة ايام ألا أن المحققون لم يصدقوا رواية رجال الأمن لصغر سنه ولنحافة جسمه حيث انكر تهمة توزيع بيانات الحزب , لذلك أطلق سراحه إلا انه كان يعاني من الأثار النفسية للتعذيب الذي مورس ضده ولعدة أشهر لاحقة .
ونظرا" لنشاطه هذا حصل على زمالة من الحزب لدراسة الطب في جامعة موسكو في الأتحاد السوفياتي عام 1971 حيث أنكب هناك على دراسة الأفكار الماركسية بعمق أضافة لدراسة الطب فكان مثالا" للمناضل المثقف المتسلح بالفكر والثقافة ، والخلق الرفيع ، التضحية ونكران الذات ، والحرص الشديد على حزبه ومبادئه وعدم المساومة .... مما سبب له متاعب حياتية كثيرة مع المنتفعين والأنتهازيين والمحسوبين على الحزب أجبرته على مغادرة موسكو وهو على أبواب التخرج متوجها" الى الجزائر ومن ثم لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية للعمل هناك كمدرس مع العديد من رفاقه في ثانوية المحافظة الرابعة عتق / شبوة / الصحراوية وبعدها في المحافظة الثالثة / أبيـن / قضاء بيحان لعدة سنوات ونال حب طلبته وتقدير ادارة التربية في المحافظتين أضافة لرفاقه .
عندما رفع الحزب شعار الكفاح المسلح عام / 1980 بوجه السلطة الدكتاتورية ودعوة أعضاءه للألتحاق بفصائل الأنصار كان سلام من أوائل اللذين ألتحقوا بالدورة العسكرية في جمهورية اليمن الديمقراطية تمهيدا" للذهاب الى كردستان , وفي عام 1980 كانت بداية عمله الأنصاري في قاعدة بشت آشان التي وصلها ورفاقه في المفرزة بعد مسيرة شاقة ووصفها بنفسه ( بتلك الرحلة الشاقة التي لا أتخيل أن ينساها أي رفيق جديد ، لقساوة أيامها ، وهي تجربة ومقياس لقوة التحمل والصبر لأي رفيق ونصير جديد ) .
تعرضت هذه القاعدة في آيار / 1983 الى هجوم من قبل حلفاء الأمس من مسلحي الأتحاد الوطني الكردستاني ونجا في هذه المعركة من موت محقق وبأعجوبة كما دونها بمذكراته الشخصية ولكن اٍستشهد العشرات من رفاقه الأنصار ومن بينهم الشهيدة النصيرة المندائية عميدة عذبي حالوب صديقة الطفولة والجيران لسنوات عديدة . لقد كان ســلام نصيرا" ومقاتلا" وطبيبا" لرفاقه ولأبناء القرى الكردية في مختلف المواقع الأنصارية التي نسب إليها حيث كان محبوبا" من قبل رفاقه ومعارفه من خلال طيبته وأخلاقه العالية وحماسه لقضية حزبه وشعبه ، وتحمل عدة مسؤوليات أنصارية في كل المواقع الأنصارية التي عمل بها والتي زادت عن ثمان سنوات ، كانت بدايتها في قاطع بشت أشان وآخرها أداريا" في الأعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي حيث كان محط ثقة قيادة الحزب والأنصار في العديد من المهمات التي كلف بها . كان يعشق أغاني المطربة نجاة الصغيرة التي يحس بالود والحنان للأهل عند سماع أغانيها وكانت افضل هدية قدمت له هو شريط كاسيت بعث به المناضل الفقيد ثابت حبيب العاني / ابو حسان من المستشفى الذي كان يرقد فيه في براغ مع رسالة قصيرة كلها محبة وتقدير .
بعد حملة الأنفال ضد الشعب الكردي في كردستان من قبل السلطة الدكناتورية وأستعمالها الأسلحة الكيميائية لضرب مقرات الحزب الشيوعي والأنصار وأنحسار الحركة الأنصارية عموما" غادر كردستان الى الأتحاد السوفيتي بناء على توجيه الحزب وتوجه مع بعض رفاقه عبر جمهورية ايران الأسلامية ومن مدينة مشهد الأيرانية المقدسة في مسيرة بطولية وخطرة سيرا" على الأقدام أستغرقت عدة أيام حتى دخولهم الأراضي السوفياتية وأعتقالهم من قبل حرس الحدود السوفيتية المزودين بالكلاب البوليسية وتم التحقيق معهم حتى تبينت هويتهم بناء على كلمة السر المتفق عليها بين الحزب والحكومة السوفيتية آنذاك وما تم الأتفاق به مع الحزب حول استقبال الأنصار القادمين من كردستان ، عندها نم نقلهم جوا" الى موسكو ليعود الى مقاعد الدراسة من جديد بعد ان تركها ما يقارب العشر سنوات وكان يشعر بالتعب ويمر بظروف نفسية كبيرة لكونه اكبر الطلبة سنا" مما زاد من خجله وتعبه .
وهناك في موسكو تحمل من جديد مسؤوليات حزبية عدة ولغاية أنهيار الأتحاد السوفياتي حيث ترك الدراسة رغبة منه في الأستقرار بعد طوال المعاناة ولغرض الألتحاق ببعض افراد العائلة في السويد الا أن الحظ لم يحالفه رغم الجهود التي بذلت في ذلك فأضظر الى الأستقرار في مدينة هلمشتات الألمانية .
عندما تقدم بطلب اللجوء في مدينة هلمشتات الألمانية لم ينكر عضويته في الحزب الشيوعي العراقي رغم معارضة محاميه ورفض طلبه مرتين متوالية . وفي اثناء النظر في طلب الأستئناف للمرة الثالثة وجه له القاضي جملة من الأسئلة لمعرفة صحة أدعاءه لعضوية الحزب الشيوعي العراقي وبحضور ممثل عن المخابرات الألمانية ، ومن هذه الأسئلة... هل أنت شيوعي... ؟ متى تأسس الحزب الشيوعي العراقي.... ؟ ومن هو مؤسس الحزب ؟ ما موقف الحزب من أمريكا ؟ ما هو موقف حزبكم من نظام صدام حسين ؟ وغيرها من الأسئلة ، وهنا وجد الفقيد أن الفرصة ملائمة للتعريف بسياسة الحزب والأجابة على أسئلة القاضي وحوّل قضية لجوءه الى منبر لبيان يوم وظروف ميلاد الحزب وتأريخه النضالي ، وكذلك الدفاع عن الحزب وسياسته ، وأبلغ القاضي بأنه يفتخر بعضويته للحزب وبكونه نصيرا" مقاتلا" في كردستان مساهما" في النضال المسلح ضد نظام صدام حسين الدكتاتوري .
ـ ثم قاطعه القاضي بسؤاله هل أنت كردي .... ؟
ـ لا سيدي القاضي !!!! أنا صابئي مندائي ولكني لم أفكر أبدا" بالدين أو القومية عندما ساهمت مع رفاقي في النظال المسلح في كردستان فكان يهمنى وطني العراق وكردستان جزء من العراق .
ـ أذن لماذا تقاتلون النظام في كردستان وهي منطقة كردية ...... ؟
ـ سيدي .... أود أن أوضح لكم بأنه ليس الشعب الكردي فقط من رفع السلاح في العراق وقاتل ضد النظام فقد ساهم معظم أبناء الشعب بالنضال عرب وكرد ومن كل الأديان والقوميات وفي كل مناطق العراق ولكن لكردستان طبيعة خاصة أكثر ملائمة لحرب الأنصار وأنا رفعت السلاح أسوة ببقية أبناء شعبنا .... وكوني كطبيب على وشك التخرج قدمت ما استطيع من مساعدات طبية أنسانية وهذه مهمتي كنصير شيوعي لرفاقي ولأبناء القرى الكردية وأطفالهم الفقراء المحتاجين لخدماتي حيث الناس البسطاء والمرض والموت في كل زاوية من كردستان .
ـ وهنا تحدث ممثل المخابرات محاولا" تشويه سياسة الحزب والتشويش في قاعة المحكمة بقوله أن الحزب الشيوعي العراقي عميل الى الأتحاد السوفيتي ومعاديا" للعالم الحر والنظام الديمقراطي .
ـ ثم سأل القاضي.. ولكننا نعرف عن سياسة حزبكم غير التي ذكرتها من معلومات ..... ؟
ـ لوسمحت سيدي ...... ما هي مصادر معلوماتكم ... ؟
ـ من مخابراتنا المختصة بشؤون الشرق الأوسط وهنا يوجد من يمثلهم وسمعت ما قال .
ـ أنا أستغرب سيادة القاضي كيف تصدر حكمك بدون أن تعرف الحقائق مني وأنا شيوعي لم أنكر عضويتي في هذا الحزب والمبين في طلب لجوئي المعروض أمامكم , وأنتم تمثلون العدالة والقانون وتدعون الديمقراطية والتمسك بحقوق الأنسان في العالم وتنكرون عليّ حقي في أعتناق المبدأ الذي آمنت به .... لقد بينت لكم الحقائق كما هي ويمكنكم الأطلاع عليها في وثائق الحزب وهي جزء من تاريخ الحركة السياسية في العراق ، كما يؤسفنا سيدي القاضي موقف حكومتكم المؤيد لنظام صدام حسين الدكتاتوري الذي أدخل البلد في حروب عدة فقتل وشرد الملايين من أبناء الشعب وأنا واحد منهم لم أرى عائلتي منذ ما يقارب الثلاثين عاما" , ولا يسمح لي بزيارة وطني وهي من أولى حقوقي الأنسانية أهذه هي العدالة , هذا هو النظام الذي تدعمه حكومتكم !! أني لم أطلب من المحكمة غير الأقامة المؤقتة في بلدكم ولغاية تحسن الاوضاع في العراق ....
ـ وهنا همس المحامي غاضبا" في إذن الفقيد ... كيف تتجرأ على مخاطبة القاضي بهذا الأسلوب ! وسبق لي أن حذرتك بعدم البوح أمام المحكمة بكونك شيوعيا" ، وعليك التركيز على مسألة لجوئك فقط أنا أعتقد إن القاضي سيرفض طلبك هذا أذا لم يطلب بطردك الى خارج البلد خلال أيام معدودة وأنت المسؤول عن ذلك .
ـ أبتسم الفقيد موجها" كلامه لمحاميه , أنا أدرك سبب غضبك ولكن لا تنسى سبق وقلت لك عند توكيلك نيابة عني أنا شيوعي وسأموت كذلك وما أسمعه اليوم يعتبر لا شئ مما رأيناه في حياتنا .
دامت المحاكمة أكثر من ثلاث ساعات , وبعد أستراحة قصيرة دامت حوالي نصف ساعة دخل القاضي قاعة المحكمة وهو يأخذ مكانه وسط مساعديه وينظر الى الفقيد بعمق من أسفل نظارته التي تدلت الى أسفل أنفه ولمدة تجاوزت عدة دقائق كأنه يقول لنفسه لم يمر عليَ شخصا" جريئا" مثل هذا الشيوعي طيلة عملي كقاضي في المحكمة ..... هل كل الشيوعيين كذلك ؟؟ ......عندها نطق القاضي بالحكم.
ـ لقولك الحقيقة يا سيد سلام حول خلفية ماضيك السياسي ولنشاطك الأنساني ولنظافة تأريخك ولعدم وجود اي’ ملاحظات عليك خلال تواجدك في ألمانيا ولجرأتك في مخاطبة المحكمة بشكل مؤدب ومقنع وأحتراما" لحقوقك الأنسانية قررت المحكمة قبول طلبك لاجئا" لأسباب أنسانية نتمنى لك التوفيق في حياتك في الأراضي الألمانية .... وأثار هذا القرار أستغراب الحضور وخاصة محامي الفقيد الذي أكد أنه لم تمر عليه قضية طيلة عمله كمحامي بهذا الشكل والنهاية .
بعد قرار الحكم بدأت متاعب البحث عن عمل مناسب مع ظروفه الصحية التي رافقته من كردستان والتي أخذت تسوء حصل على عمل في مخيم منظمة الصليب الأحمر في مدينته حيث يتواجد المئات من اللاجئين العراقين والعرب والأكراد والصابئة المندائيين والمسيحيين وغيرهم حيث قدم لهم الكثير من الخدمات الطبية والثقافية , وحول مكان سكنه الى مكان لقاء اللاجئين العراقيين والعرب يساعدهم في أمور لجوئهم المختلفة وكان أخرها محاولة تأسيس جمعية عراقية تجمع العراقيين في مدينته . لكن مع الأسف أخذت صحته بالتدهور خاصة بعد أن قرأ أسم أخيه الشهيد نافع عبد الرزاق الحيدر الذي أعتقل وغيب في مايس / 1980 ضمن قوائم المعدومين والتي نشرت على صحافة الحزب بعد سقوط النظام حيث كان شديد التعلق به أضافة لأمنيته في زيارة الوطن بعد غربة تجاوزت ثلاثة وثلاثين عاما" ليساهم في أعادة بناءه من جديد .
قبل أشهر قليلة من وفاته بدأ بكتابة مذكراته الأنصارية التي لم يستطع تكملتها ونشرت سبعة عشر حلقة منها على موقع الطريق العائد للحزب / باب الحركة الأنصارية ليدون فيها بطولات الأنصار الشيوعيين ضد النظام الفاشي كمساهمة بسيطة في كتابة تأريخ الحركة الأنصارية والغريب إن مذكراته تلك كان يتحدث بها عن رفاقه أكثر مما يتحدث عن نفسه وهذا ما كتبه وتحدث به رفيقه وصديقه الكاتب يوسف ابو الفوز في المؤتمر الرابع للأتحاد الجمعيات المندائية الذي عقد في مالمو / السويد تحت عنوان ( شموس مندائية ) .
في شهر كانون الأول / 2003 ساءت حالته الصحية وأدخل المستشفى وظل يصارع المرض بمعنويات عالية لأخر ساعة رافضا" طلب أصدقاءة بضرورة الأتصال بأهله ليعلمهم بوضعه الصحي حتى لا يسبب لهم المتاعب .
وصل الخبر الى عائلته متأخرا" وأستعجل الجميع للوصول اليه لكن كان ذلك في وقت متأخر وهو على حافة الموت ، كنت أول الواصلين اليه من كندا ، لم استطع تحمل ما رأيت وأخذنا نعد الأيام ومن ثم الساعات ورغم وضعه السئ كان يجيب على التلفونات وبمعنويه عالية ويقول للجميع انه بخير وسيتعافى خلال ايام خمسة أيام قضيتها بجانبة ليل نهار كانت أطول خمسة أيام في التأريخ لشدة المعاناة التي مررت بها حتى غادرنا سلام في الساعة الواحدة وخمس دقائق من ظهر يوم 22 / 1 / 2004 في مدينة هلمشتات وبحضور بعض أفراد عائلته لا يتجاوز عددهم اصابع اليد ، عم الحزن جميع من عرفة في المدينة عرب وأتراك وألمان وقامت أدارة الصليب الأحمر في المدينة بواجبها الأنساني في مثل هذه الحالات ، طلبنا من الأهل والمعارف في السويد الأتصال بالحكومة السويدية عسى ان نحصل على موافقتها لنقله الى السويد ليوارى جثمانه في المقبرة المندائية في مدينة لوند وفعلا" أستجابة الحكومة السويدية وبلدية لوند مشكورة لهذا الألتماس الأنساني ونقل جثمانه ليدفن هناك .
لقد كان يوم رحيله صدمة كبيرة لأهله ومحبيه ورفاقه فقد غيب القدر عنا شخصية مناضلة ونموذجا" للعطاء ونكران الذات ونحن بأمس الحاجة إليها في هذا الوقت بالذات .
نم قرير العين يا عزيزنا سلام جنب أخيك الشهيد نافع عبد الرزاق الحيدر وأولاد عمك الشهداء ستار خضير الحيدر وهيثم ناصر الحيدر (عائد) وإبن خالتك سمير جبار حامي وجميع رفاقك الخالدين ، ونود ان نرفع لك ولكل شهدائنا الخالدين بشرى تنفيذ حكم الأعدام بالطاغية ليكون عبرة لكل الطغاة والقتلة .
سلام ... أننا نبكيك بدموع وحزن عميق كل يوم أيها الأخ والصديق والرفيق والنصير الشجاع .... إن أخلاقك ومآثرك يا سلام ستبقى قدوة للجميع ما دمنا أحياء وسنحافظ على ذكراك العطرة ... لقد تركت فراغا" لا يعوض ، رحلت عنا يا سلام في عجالة وأستغراب ، رحلت عنا ولكنك باق في ومضات العيون ، رحلت ولكنك لم تغب عن فكرنا وقلوبنا وما زلت معنا في كل جلسة ونزهة وتناول وجبة طعام ونقاش في الليل والنهار وما زال أسمك شاغل رفاقك وأصدقاءك وسيبقى خالدا" ونعاهدك بأننا سنسير على نفس الطريق الذي سرت عليه وستكون حاضرا" معنا في كل خطوة نخطوها .
الخلود لك يا أبا تانيـا .... وفي ذكرى يوم رحيلك الثالثة في 22/ 1/ 2007 لا ننسى شهدائنا المندائيين وجميع شهداء حركتنا الوطنية الذين جادوا بأرواحهم من أجل رفعة وعز الوطن وقدموا أنفسهم قرابين من أجل الوطن السعيد ، فلكل هؤلاء الذين رحلوا عنا ورودا" حمراء وطيب ذكراهم وعظمة الأجلال لتضحياتهم
وأكيد سنلتقي يوما" .
ملاحظة : يمكن مطالعة مذكرات الفقيد على موقع الطريق / الصفحة الرئيسية / الحركة الأنصارية .