طباعة هذه الصفحة
الخميس, 23 أيار 2013

في ذكرى يانعة .. ستبقى خالدة الشهيد شاكر نعمه

  عبد الجبار السعودي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

لا زلت أتذكر جيداً وأنا إبن العشر سنوات ، ليس شاكر نعمة هليل نفسه الذي سقط برصاص الدمويين صبيحة الثامن من شباط الأسود 1963 كأول أبناء العمومة ، بل لا زلت أتذكر المكان بعينه .. جسر الرباط في العشار في الجهة المقابلة لمحلة الحسينية الشعبية ذات الأكواخ الطينية التي كان يقطنها مزيج متآلف من أبناء الوطن الواحد يشكل الصابئة المندائيون الغالبية الكبيرة من سكانها . أتذكر جيداً ذلك الشاب ( المربوع ) إبن الجنوب البار الذي أبى إلا أن يتحدى إرهابيي الثامن من شباط وينتفض لزعيم الكادحين والمحرومين الشهيد عبد الكريم قاسم !
كانت حكاية .. وحدثاً ، مالبث وأن أصبح في أذهاننا نحن الصغار المغرمون بثورة سبارتكوس وبقية الثائرين ، ملحمة شعبية نتذكرها الى يومنا هذا !
لم ننسى شاكر نعمة هليل ونتذكره في سجل المقاومين الخالدين !
لا زلت أتذكر ظهيرة ذلك اليوم اللاهب في الرابع عشر من تموز من عام 1978 ، عندما نهض عصام حسناوي كسّار بعد إغفاءة قصيرة في غرفة دارنا العلوية ، ليذهب مسرعاً لا الى حتفه ، بل لكي يجلب مستلزمات عُرسهِ وفرَحهِ من سوق الداكير في العشار حتى يحتفل وشقيقتي العروس في اليوم التالي الأحد بمراسيم التعميد والمهر في ماء الحياة المقدس ( اليردنـــــه ) !
خرج عصام في ظهيرة ذلك اليوم الخالد مودعاً لنا على أمل أن يعود وهو محملاً بالواهلية و ( شربة ) العرس والمهر وبقطعة قماش بيضاء لعروسه الطاهرة !
لكنه لم يعد !
ومن جديد ومع الفرح المأمول والمنشود وبنفس الحماسة الوطنية أسرع وضاح ( سعدون ) و نوزاد و حسيب لا الى حتفهم ، بل لكي يعانقوا الأهل والأحبة في فرحة عيدٍ مبارك ونشوة يوم موعود بأمل جديد للشعب والوطن ! لكنهم لم يصلوا .. وبقيت عيون الأهل صغاراً وكباراً ملهوفة لعودتهم وعناقهم ! كما بقيت ليومنا هذا عيون عروسُ عصام تنتظر !
سقطوا هناك بنفس الرصاص الذي سقط به شاكر نعمة هليل عند حافة جسر الرباط وهو يقاوم مجرمي شباط الإرهابيون !
غــُدروا هناك بنفس الغدر الخسيس الذي ذهب به عصام وغيره من الأبطال الوطنيين !

هل من نهاية يا وطن الرافدين لكل هذا الدم الطاهر ؟ يا وطن الجسور الباسلة وتاريخها المجيد ؟
نستمحيك عذراً يا وطن الأهل والأحباب .. نستمحيك عذراً إن سبقناك في رسم الجواب الذي خطه كل الشهداء !
نستمحيك عذراً إن مضينا الى ما نريد !
نستمحيك عذراً إن حبسنا الدموع وأنتفضنا لصرخات الثائرين .. ليوم قادم موعود !
ليومٍ ينهضُ فيه شاكرٌ آخرٌ من جديد وحسن سريع ثائرٌ آخر من جديد وسلامٌ ، باسلاً ومتحدياً من جديد وعصامٌ آخرٌ عريساً لك ياوطني الجريح وسعدونٌ آخرٌ من جديد يرسم عيداً لعيون الصغار الحالمين المنتظرين !
نعم سنمضي الى ما نريد .. ونشعل في ذكراكم شموعاً كما لو كنا صغاراً في كل الطرقات وفي كل المعابد والمنازل !
لن ينهار الوطن في هذا الزمن الصعب وإن إنهارت أجسادكم أيها الأحبة الخالدون!

نعرف جيداً لحنكم الخالد لحظة إغفاءة عيونكم وكلمات شاعر ثائر ينطق عن جذوة أرواحكم المتقدة :

(( سأرحلُ .. تاركاً فيكم غنائي
وجُرحاً
لم ينلْ
من كبريائي
ونظرةُ عاشقٍ
وبكاءُ طفـــــلٍ
و زيتوناً
تنفس في دمائي
وأعطيكم من الدنيا
نصيبٌ وأرحـــــل
تاركاً فيكم …. غنـــــائي ))

 

الدخول للتعليق