الأحد, 29 حزيران/يونيو 2014

عراق اليوم... حرب الطوائف والدم

  موسى الخميسي

المآثرالفكرية، الفلسفية، الجدالية، الابداعية، والفنية، وما تمّ ابداعه من نجوم في سماء الروح والفكر والخلق،يبدو وكأنه كثبان رملية وغيوم صيف عابرة. فها هي ذي الاحلام تتهدم، وها هي ذي الغيوم تنهزم أمام تلبّدات الجنون وجحافل عماء التعصب والدم. ففي العراق ما يُغني عن كلّ تأويل مضاد،.لم يعد خافياً على أحد، أن ما يُصطلَح على تسميته، راهناً، وهنا، في مشرق العالمَين العربي والإسلامي، بالقرن الحادي والعشرين، إن هو سوى دعابة تراجيدية سمجة، تُقصَد بها الإحالة على زمن وتاريخ مضى يمتد الى ما قبل القرون الوسطى. المظلمة ،أما بعد، فها هي شروطنا وها هي معاييرنا، تقول "الدولة الإسلامية في العراق والشام": ممنوعٌ التدخين. كلّ مَن يُقبَض عليه متلبساً بالجرم المشهود تُقطَع سبّابته الوسطى، ويعاقَب المخالف بثمانين جلدة. وممنوع حلاقة الذقن، وقصّ تسريحات الشعر الغربية. وممنوع صالونات التجميل، وممنوعٌ خروج المرأة من دارها، من كل المذاهب والملل والأديان، من دون نقاب وجلباب وثوب أسود أو محرم. وممنوعٌ تبرّجها والسفور. وممنوعٌ ارتداء الجينز أو الكنزة. وممنوعٌ فتح محال الحلاقة الرجالية. وممنوعٌ تقصير الشعر للرجال. وممنوع الإعلانات التي توضع لمحال تزيين الشعر النسائية. وممنوعٌ عرض الملابس النسائية على واجهات المحال ويجب أن تكون البائعة أنثى. وممنوعٌ جلوس النساء على الكراسي. على نساء المدن والقرى ، ان يكن ملفوفات وموشحات بالسواد، تقطع أيادي المخالفين، وتحتل منازل المسيحيين واليرزيديين والشبك ،بعد ان يجبر كل فرد منهم، الدخول الى دين الاسلام، كما حدث قبل هذا الوقت في مدينة الفوجة. تنتشر كل صور البشاعة التي لاترتضيها الانسانية ، يقوم بها أفغان وتونسيون وسعوديون ونيجيريون وشيشان في مقدمة اعداد من العراقيين، يقومون بفجائع ومحن، يستأجرونها من الزمن السحيق، ومن وقائع تاريخية وسياسية ودينية، ذات طابع مأساوي بحت، وجدت من يتبناها وياخذ بها، ويرفعها على رؤوس الاشهاد، ليجعلها بينة على احوالنا جميعا، لتتحكم بمصائر العقل واحوال الحكمة.

اما الشواهد الحضارية التي تنتشر بالمدن، فليست وحدها هي أهداف مقبلة لهذه الجماعة الإرهابيّة، بل هناك معلومات تفيد بتهديد " داعش " بتهديم للكنائس المسيحية والمعابد االدينية لابناء الشبك والايزيديين، فقد تم توعّدها بأنّها ستحرق جميعاً، اما النصب والتماثيل فقد بدأت قصتها في سوريا ، حيث تم تهديم الكثير منها، بحجة أنّها «أصنام ولا بدّ أن تهدم»، بدأت في شباط (فبراير) من العام الماضي مع تمثال أبي العلاء المعري الذي قطع رأسه مسلحون تابعون لجبهة «النصرة» في معرّة النعمان في محافظة إدلب السوريّة، وحطّمت «داعش» بعدها بأشهر تمثال للخليفة العباسي هارون الرشيد في حديقة الرشيد في محافظة الرقة. وجاء دور الشاعر أبو تمام (804 ـــ 846 م) المولود في إحدى قرى حران الصابئية المندائية، هذا الشاعر الذي اضطر لتغيير دينه واسمه ونسبه، رحل إلى مصر واستقدمه الخليفة المعتصم إلى بغداد وفضّله على غيره من الشعراء، ثمّ أقام في الموصل بعد تولّيه بريدها. بقي لعامين فيها ليتوفى في مدينة الحدباء،. لم «يشفع» له لدى «داعش». أنّ أبي تمام أسلَم بعدما كان صابئيا مندائيا لعلّه بقي مسجّلاً عندهم بكونه ابن «ثيودوس» الخمّار الحراني، ولم يصلهم منذ مئات السنوات أنّه أوصل نسبه بقبيلة طيِّئ، واستبدل اسم أبيه بأوس بن الحارث الطائي.

في الموصل وتكريت بدأت حفلات حرق الكتب المدرسية ، ومعها تمت حفلات حرق كل كتاب ثقافي وفكري عربي كان ام اجنبي، يحمل فكرا لايسير على نهجهم الديني المتخلف.

هذه هي حقيقة ما نواجهه،.إنه سرطان الاستبداد والتخلف الديني،.لم يعد ثمة مكانٌ ، للمواطن، للإنسان، للفرد، ولا للكرامة الإنسانية،.فهذا العنف الذي يزحف في أزقة الحياة العراقية، هذا الخراب الذي يزفر أعمارنا ويوزع بين أهلنا هباته القبيحة بأيد سلفية ظلامية، هذه المدن التي أخذت تمطر رؤوسنا بامطارَ الكراهية والحقد والضغينة ، تقول بصوت عال وبكل وقاحة ، لاوجود ولا حياة،لاتباع الديانات والمذاهب ممن يطلقون عليهم ابناء الاقليات ، فكل واحد من هؤلاء يشعر بأنه مواطن مع وقف التنفيذ، وتهمة الالحاد مشرّعة في وجهه، تعرضه للقمع والتخوين والإذلال امام جماعات متعصبة ماخوذة بهوس العنف البربري ، لايتورع سادة العنف عن إعلان مأثرتهم الكبرى في تصفية الاخر والغاء وجوده، ادعاءا بانهم فائض، الاجدر والانسب لهم ولامة الاسلام تغيير ديانتهم ، والا فاستعادة أزمنة الدم، ومصادرة العقل، والإيغال في القتل حتى النهاية.
اصبحنا في هذا الوطن ،جنود العماء العقلي، لن نقبل بأقلّ من أنهار الأسى والدماء تجري جرياناً جنائزياً مهيباً، من شمال الوطن حتى جنوبه، من جبال حمرين الى مضائق العقول، وما يتفرّع من هذين المضيقَين، ويتسرّب من دموعهما ودمائهما وضفافهما المباشرة وغير المباشرة؛ قد قرّرنا، ولا رجوع، جعل بلاد الرافدين ، أرضاً للعويل والغربان. لا يثنينا عمّا نحن فيه، وعمّا نصبو إليه، إلاّ الربح الواحد الأحد .
لا مكان لأهل السنّة، يقول أولئك.
لا مكان لشيعة علي، يقول هؤلاء

لامكان لابناء الاقليات على ارضهم الاصيلة
كل ما عدا ذلك، هراء بهراء.
في القرن الحادي والعشرين هذا، يحكمنا القتال بين معاوية وعليّ؛ يحمينا المال والمصالح والسلاح هؤلاء آلهتنا،، وما يحكم بيننا هو الدم لاغيره.
وها هو ،هذا الدم يهبّ منسالاً متفجراً مشرقاً من الأوردة والشرايين، عابراً الأرياف والقرى، واصلاً إلى المدن و، طالباً إليها أن تنضمّ إلى هنا أو إلى هناك، من أجل أن تكون مسيرته شاملة، وحافلةً بأمجاد الغلبة، ومؤزّرة بالنصر.
لايمكن ان يتحقق ذلك، ولن تستتبّ له حال، إلاّ باستئصال ما نراه ورماً مشيناً يشغل عراقنا الحبيب.

مسؤولية اي عراقي ،رفض هذا الواقع. والتشهير به. والدعوة إلى الثورة عليه.
مسؤوليتنا أن ننادي العقل العراقي لينهض إلى المواجهة العقلانية المدنية المتنورة.

هذه حرب بلا أخلاق ولا ثوابت، الخصم فيها لا مجال لأي حوار معه. لغته القتل، وشعاره الأوحد تكفير الآخر ونسفه، وإن لم يتحقق له ذلك بالرصاص، فالديناميت موجود وصيحة «الله أكبر» حاضرة لتشظية الأجساد والتاريخ ، من اجل ان يحل الظلام والإرهاب.
كلّ تخاذلٍ عن القيام بهذه المسؤولية يساهم في تأبيد هذه الكارثة االعراقية، التي لن تكون أقلّ من كارثة دخول المغول والتتر ارض بغداد، ولا أقل من حروب الفاشيست البعثيين في تغيير المصائر الوطنية، او محاولة محوها من الوجود.
فلنحرّر الإسلام الشريف من أيدي جلاّديه.
وإلاّ، ليس علينا سوى أن نكون شهود زور أو ضحايا

 

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016