نعم، نحن فخورين به، ولانُريده إلا كما كان، تأريخاً حقيقياً ، بكلِّ أفكاره النيّرة وطقوسهِ ، وإرهاصاته.
إنه ماضينا ،بانتصاراتهِ وانكساراته ؛ ففيه تكمُن أفراحنُا وأحزانُنا، ومن ماضيِنا نأخذُ النور؛ لنُنير به سبلَ المستقبل ، وليس الرمادَ الذي يُعمي العيون ويغلّف الأفئدة .
اما الذين يحاولون أن يُسقطوا علينا هزائمِهم ويحرقونَنا بمواقفِهم المتشككة باخلاصنا وحقائقنا ؛ ليُقيموا مجداً على ما يحلمون به فنقول لهم :
أيها الأخوة، ليس كلُّ من طاله زلزالُ التشتتِ الذي أصاب المندائيين، وخرج بجلدِه ، سيكون بالضرورة أكثر ديمقراطية واخلاصاً بمندائيته من غيره، وأكثر تحضراً من الذي تأرجح وترنح ، لكنه صمد منتصبا ًعلى قدميه.
نعم ، لقد تغيّر العالم ، وسقطت الكثيرُ من الكتب السميكة من رفوفها والتي قد علاها ترابُ الزمن ، كما سقطت أفكارٌ ورؤوسٌ فاشية وعنصرية. ولكن هذا ليس كلُّ العالم. يحاولُ البعضُ من إخوتِنا أن يُغلق عينيهِ أمام حقائقَ ملموسة ، حقائقَ تتعلق بمصيرنا ومصير الملايين من الناس الذين تهزهم الزلازلُ كلَّ يوم، وتدفعهم الى مواجهة الذات والتاريخ بكل صدق وشجاعة.
لايمكن لهؤلاءِ الأخوة أن يعلقوا على صدورهم دائما وأبدا زهرة النرجس، ويحلمون بمُثلهم العليا الزائفة ،التي عافها الزمن، ولا يأبهون بالدعوات المخلصة التي طالبت ولا تزال بالصفح والتسامح والإعتدال، من إجل وحدة المندائية وسلامة مسيرتها، بدلاً من إشغال النفس بالبحث في معاجم الخيانة والاتهام.
نحن في إتحاد الجمعيات المندائية في المهجر :
لانستكثر على هذا البعض من إخوتنا، تلك الورود النرجسية التي يعلقونها على صدورهم، ويتمشدقون بها ليلَ نهار، ويريدونها حية ً أبدية.
إنما نتمنى، من أجلهم و من أجلِ مصلحة الجميع، أن ينزعوا عن أنفسهم سمات الحدس و الضغينة والنميمة، والمزايدات الرخصية،والخروج من معابد الشعوذة التي يستنسخون فيها شعاراتٍ ، أكل الدهرُ عليها وشرِب، رافضين أيَّ رأي لايتفق مع آرائهم، و أن ينظروا إلى الدنيا بعيون اُخرى أكثر صفاءاً ونقاءً ؛ فالموقف النقي للإنسان، لاتزال سوقُــه عامرةً بالجمال الأخلاقي والروحي في عصور التشتت والأعاصير التي تُحيط بنا من كلِّ الجهات .