• Default
  • Title
  • Date

 بوثة من كتابنا المقدس كنزا ربا مبارك اسمه

 أعداد: سمهر سلام رحيم العيداني

 الترجمة العربية: كتاب الكنزا ربا مبارك اسمه طبعة بغداد

 

النص المندائي

 

آيزل بشلام بهيرا دَخيا زاخَي اد موما ليتفي انَت نافشَخ بهَرث من تيِفل وهيلقخ من داري شورَ هِلقَخ شوَر

من داري ايلاوي اد كُلي الما انات آمَرث بهيرا دَخيا اد هازيَ وفروش انا 

هازي انا وفروس والمي لدينا كانفي المي كانفي لدينا ودينا مينيهون ميثمَر دينا ميثضمر مينيهون اد لابَد اُبادي

اد گابرا كشيط اناث بألهٌدَخ بهيرا دَخيا مانا اسقيلا اد لازلتيث لبيث دينا ودينا

مينَخ لاميثمَر لاميثَمر دينا ميناخ اد ابدث اٌبادي اد گابر وكشط هازا اد سابلي ودوري اناث بهيرا

قامَخ لاتيشخَ فوق من اثوثي اديهون اد شبيهي وگابري اد هازن الما ساق لبوش

اٌصطلاخ اد زيوا وثروص كليلاخ راوزَ اكفٌش قمٌثاخ وسگٌد ومثا وشبا لهيي ربي وشبا لاثر

اد هيي اد ابهاثَخ لگوي ازلي اناث بهيرا لاهويث من هاخَ ولاو من هاخا نصيبا 

نصٌبثخ اثرَخ اثرا اد هيي ودورَخ دورَ تاقنا تَرصلاخ كٌرسي اد نيها اد هٌما ودوگزا ليثبي

منَطرلاخ هيمِنا اد اسگي ومومي ليثبي طابا ساق لبيث هيي واسگي لدورا تاقنا 

بيني شراگي اد نهورا نِدلون شراگخ ونينيهرون بزيفناخ

واودانخ ساق هٌزا لاثر نهور مشيثين هيي زاخِن وزاخِن گورا اد اسگي الكا

 

***

الترجمة العربية

 

اذهب بسلام، ايها المختار الطاهر الزكي الذي لا دنس فيه ..اذهب بسلام.

قلت انا المميز ..وانا الرائي .. واجتزت العصور ،واجتزت عوالم الظلام .. فأذهب بسلام 

ستحاسب الأكوان يوم الدينونه .. كل صاعد سيحاسبونه انت وحدك الذي لا تحاسب،

ولا تسأل ولا تطالب ..ايها المختار الطاهر .. ايها المانا البرىء الباهر 

لن تتأخر ولن تتعثر لانك لم تظلم ولم تتجبر ولا دنوت من المنكر البس بدلتك المضيئة ..

واضفر اكليلك البهيج .. واسجد لخالقك العظيم ، وسبح لبلده الكريم ، 

حيث آباؤك يقيمون ايها المختار الذي ما كان هنا، ولا غرسه هنا غرست .. 

ولكن نفسه هنا حبست 

ان بلدك بلد رب الأكوان، ودارك دار الأتقان ، ثبت لك فيها عرش وحفظ لكَ فيها

هميان لا حقد فيه ولا ادران فأصعد ايها الصاعد اصعد ان عرشك

يثبتونه وسراجك يوقدونه في وقتك وزمانك بين اهلك واخوانك اصعد ايها الطاهر الوقور لترى بلد النور

والحي المزكي

الجمعة, 15 تشرين2/نوفمبر 2013 23:01

شرعنة الطائفية في القوانين العراقية !

 

أعلنت وزارة العدل العراقية –في 23/تشرين الأول /2013 - ،من خلال وزير العدل السيد حسن الشمري وفي مؤتمر صحفي ، عن أنجازمشروعي قانوني الأحوال الشخصية الجعفرية ، والقضاء الشرعي الجعفري وأحالتهما ألى مجلس شورى الدولة الذي أقتنع بأحالتهما ألى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، وقد تمّ توزيع بيان صحفي عن هذا الحدث قُبيل أنعقاد المؤتمر.

 

لقد كان المعروف والمُتبع أن تقدم أي وزارة مشروع قانون مُعين الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وبعد التدقيق والمناقشات يتم المصادقة عليه في مجلس الوزراء ثم أحالته على مجلس النواب ، اللجنة القانونية ، ولكن التسريع بهذه الطريقة من قبل وزير العدل والأعلان عن مشروعي القانونين في وقت غير ملائم وفي أجواء أمنية غير سليمة وسط هجمات شرسة من قبل الأرهاب والأرهابين ، الهادفة الى تمزيق الوحدة الوطنية ووحدة النسيج الأجتماعي للشعب العراقي ، يعتبر غير صحيح، لقد أصبح الموقف الطائفي معلناً في هذين المشروعين ، من خلال قوننةالأنقسام الطائفي والمجتمع العراقي ضمن الأبعاد القانونية التي تتطلب المزيد من القوانين المتتالية لشرعنة الطائفية . وهذا أمر ليس سهلاً ، بل ستكون بداية لتصعيد التزمت والتطرف المذهبي الطائفي والديني وبنفس الوقت سيكون ذلك مبرر للأحتراب الطائفي .

 

ولكن ماهي الدوافع ؟ هل هي دوافع سياسية ؟ أم دوافع دينية أم هنك ستراتيجية جديدة تشترك فيها الأحزاب الأسلامية السياسية يراد بها التطبيق السريع ومحاولة أنهاء الدولة المدنية الدستورية ، دولة كل المواطنين على أختلاف دياناتهم ومعتقداتهم ومذاهبهم .

 

الأجابات ستظهر من خلال التطبيق العملي لمثل هكذا قوانين التي تكرّس الطائفية ، لقد أستند السيد الوزير (حزب الفضيلة) الى المادة 41 من الدستور الدائم ، وألى المرجعية الدينية الفقهية والسياسية السيد اليعقوبي ، ولكن المادة 41 عليها خلاف سياسي ويتطلب تعديلها وبما أنها مادة خلافية بين الأحزاب والكتل السياسية وممثلي الحركات النسائية ومنظمات المجتمع المدني فلايمكن الركون أليها في الوقت الحاضر ، كذلك الأجتهادات والفتاوي المتعددة بين المرجعيات الدينية الجعفرية تحول دون التوصل ألى صيغة مشتركة مقبولة على الأساس الطائفي ، بالمقابل هناك مرجعيات دينية للمذ

 

هب السني أيضاً تحمل خلافات وتفاسير مختلفة وحسب المذاهب السنية الأربعة (الحنفي ، المالكي ، الشافعي ، الحنبلي ) فضلاً عن مذاهب متفرعة عن كلا المذهبين الشيعي والسني ، فكيف نستطيع الوصول ألى قوانين عادلة تمس الأحوال الشخصية للناس وحياتهم الأجتماعية .

 

مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية يتكون من 254 مادة قانونية موزعة على خمسة فصول تناولت :

 

1-أحكام الوصية والوصايا

 

2- أحكام الزواج والطلاق والإرث

 

3- الأحكام الختامية 

 

ومشروع قانون القضاء الشرعي الجعفري يتكون من 82مادة قانونية توزعت على أربعة أبواب .

 

قانون الأحوال الشخصية الحالي رقم 188لسنة 1959المعدل والذي صدر في عهد الزعيم الشهيد عبدالكريم قاسم والذي أعتبر في وقته أنجاز كبير من أنجازات ثورة الرابع عشر من تموز 1958، وقد تمّ تعديله في عام 1963 ، وفي السبعينات وفي الثمانينات ، وبعد سقوط النظام أصدر مجلس الحكم القرار 137في عام 2004م حيث ألغى بموجبه القانون 188 لسنة 1959 المعدل وأعادة العمل بالقضاء المذهبي ، ولكن هذا القرار واجهة معارضة شديدة من قبل الأحزاب ومنظمات المجنمع المدني والحركات النسائية فألغي القرار وأعيد العمل بالقانون 188 .

 

أشار القاضي زهير كاظم في مقالته التي نُشرت في جربدة المدى حول ، مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري ومشروع قانون المحاكم الشرعية الجعفرية ، ألى قانون الأحوال الشخصية رقم 188لسنة 1959 المعدل والذي يعتبرحصيلة مشتركة للفقه الأسلامي الجعفري والسني وضمن الأحكام الشرعيةالأسلامية المقبولة عند كلا الطرفين .

حيث جاء فيه :

 

1- حصر عقود الزواج بالمحاكم ومنع عقود الزواج الخارجية

 

2-تحريم الإكراه في عقود الزواج وأعتبار العقد باطلاً أذا تمّ على هذا الأساس

 

3-تجريم النهوة العشائرية التي كانت منتشرة عُرفياً في العراق

 

4- تحديد الزواج من زوجة ثانية وبقيود تنظيمية تتطلب موافقة المحكمة لإجراء مثل هذا الزواج وفق شروط حددها النص .

 

5-كما تضمنت النصوص ضمانات للمرأة في حال التفريق والطلاق ودار السكن والنفقة والحضانة

 

6-تحديد سن الزواج بثماني عشرة سنة وجواز أجراء العقد قبل هذا السن بموافقة المحكمة

 

7-تضمن القانون أحكام الوصية الواجبة في ميراث الصغير لحصة والده المتوفي قبل وفاة الجد .

 

كما بيّن القاضي زهير بأن القانون كان منسجماً مع ثوابت الدين الأسلامي ومنسجماً مع الحقوق والحريات الأساسية في الدستور .

 

وصفت الكاتبة لطفية الدليمي بأن ،مشروع القانون إجراء يشعل فتيل الأقتتال الطائفي وألتفاف على قانون الأحوال الشخصية رقم 188لسنة 1959 المعدل وضربة قاصمة للدولة المدنية ،. 

 

كما يمكن الأشارة ألى بعض أهداف ما جاء في مشروع القانون (الأحوال الشخصية الجعفري )

 

1- شرعنة زواج القاصرات

 

2-لا تستطيع المرأة تزويج نفسها

 

3- ترسيخ الثقافة الذكورية الأبوية

 

4- منع الميراث عن غير المسلم فيما يجيزه للمسلم الذي يرث من غير المسلم

 

5- تثبيت قوانين الفقه الشيعي

 

6- تأسيس دولة طائفية .

 

النائب علي شبر عن كتلة المواطن يقول بأن تشريع قانون الأحوال الشخصية الجعفري في هذه المرحلة غير مناسب لأن طبيعة الوضع وتعقيداته تعطي ذريعة لمن يريد التصيد بالماء العكر وتسيس الأمر والعمل على أرباك الوضع .

 

الحزب الأسلامي أعتبر مشروع القانون منبر للطائفية ، الكتلة البيضاء في مجلس النواب تهاجم مشروع القانون ، وكثير من الشخصيات أنتقدت مشروع القانون كما أخذت تظهر تصريحات بأن هناك نية بتهيئة قانون أحوال شخصية سني وهكذا .

 

أن عملية تقسيم القضاء الذي يتبع مجلس القضاء الأعلى الى دوائر شيعية وسنية تعتبر خطوة ألى الوراء في تقدم القضاء العراقي ، لأن مشروع القانون يتطلب فتح محاكم شرعية جعفرية في كل محافظة وقضاء وناحية ومحكمة تمييز سنية وشيعية كما أن التوجه الى تأسيس مجلس قضاء أعلى شيعي يعتبر عملياً تقسيم للأدارة المدنية أو أنهائها وتسليم الأمور ألى رجال الدين وهنا يصبح الأمر واضح بأننا نسير في طريق الطائفية .

 

أن التوجه نحو أضعاف المواطنة وهويتها والأنحدار نحو الهويات المذهبية سوف يشجع القوى المعادية للعراق ووحدة شعبه ووطنه، ألى التحرك والعمل على أشعال حروب طائفية ، فهناك من يطالب بدولة عمرية مقابل دولة جعفرية وهذا التوجه تغذيه القوى الأقليمية والدولية لأجل مصالحها والسيطرة على ثروات العراق فلا يهمها الشعب العراقي وما يعاني من مآسي ، فهناك مشاريع دولية مثل مشروع بايدن تهدف الى تقسيم العراق جغرافياً ومذهبياً ومشاهدة أقتتال الأخوة أبناء الوطن الواحد بدم بارد .

 

المادة 41 من الدستور تنص على (العراقيون أحرار في الألتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أومعتقداتهم أو أختياراتهم وينظم ذلك بقانون )

 

ولكن هذة المادة عليها خلافات سياسية كما ذكرنا وتحتاج الى تعديل ، وهذه المادة تخص بالدرجة الأولى الديانات الأخرى غير الدين الأسلامي ، وحتى الديانات الأخرى أيضاً لها أجتهادات متعددة وفيها عدة مذاهب فلا تستطيع الوصول الى قوانينها الشخصية وهي متفقة.

 

فالوصول الى قانون أحوال شخصية موحد يستند الى القانون 188لسنة 1959 المعدل مع تعديلة بما يتناسب مع التطور ، مع معالجة خصوصية أتباع الديانات الأخرى من خلال المواد الشخصية ، يكون أفضل من قوانين طائفية صريحة ، قانون مدني يثبت متطلبات المواطنة وكذلك معالجة الأختلاف المذهبي حسب الأسس المشتركة دون الدخول قي متاهات الفتاوي والأجتهادات الشخصية .

 

كما يمكن الأشارة ألى أن المادة 43 من الدستور تضمن ممارسة الشعائر الدينية ، وأدارة أوقافها.

 

أن الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية ، تكون قوانينها تقدمية تعامل الجميع حسب مفهوم المواطنة والأنتماء للشعب والوطن وبصورة متساوية وليس حسب المفهوم الطائفي الضيق .

نشرت في وجهة نظر

اعتمد حقل البحوث المندائي في القرنين السابع والثامن عشر على تقارير الرحاله والمبشرين المسيحين معتبرين ان المندائيين مسيحيون من اتباع القديس يوحنا وسرعان ما حُمل ادبهم الديني من كتب ومخطوطات الى اوربا مع مفتاح لغتها واصول قرائتها واضعين الاساس وممهدين الطريق لحقل البحوث المندائي
فقد شهد مستهل القرن التاسع عشر اول ترجمه لكتاب المندائيين المقدس كنزا ربا الى اللغه اللاتينيه باسم ? Codex Nazareus كتاب الناصورائيين او? Liber Adami? اي صحف ادم من قبل المستشرق السويدي ماتياس نوربري حيث تعد اول ترجمه اكاديميه في حقل البحوث المندائي واضعهً حجر الاساس لتغني وتنير بمعلوماتها باحثي هذا المجال
السيره الذاتيه
اشتهر نوربري لدى الكثير من الباحثين باللفظ الانكليزي لاسمه ماثيو نوربرغ
ولد في شهر حزيران عام 1747 في احدى القرى التابعه لمدينه اُبسالا في السويد لعائله عريقه النسب
اهتم نوربري منذ شبابه في دراسه اللغات القديمه مما دفعه للالتحاق بجامعه اُبسالا والدراسه فيها ليحصل عام1773? على شهاده الماجستير لرسالته الموسومه كتاب العهد الجديد في اللغه السريانيه
ثم عين مدرس اللغه الاغريقيه في الجامعه نفسها لكنه لم يواصلها بل شرع في تخصصه في الاستشراق لمده خمس سنوات في العديد من الدول اهمها اليونان وتركيا فحصل على التقدير والاستحسان من بلاط السويد الملكي ثم اوقف رحلته واٌثر المكوث في تركيا لكي يتعمق في دراسة المخطوطات الشرقيه تحديدا العربيه والتركيه
حصل على شهاده الدكتوراه من جامعه كوبنهاكن الدنماركيه كما نال لقب بروفسور في اللغه الاغريقيه واللغات الشرقيه من قبل جامعه لوند السويد عام 1780وقد استمرت خدمته في الجامعه المذكوره لحين تقاعده حيث قدم خلالها اكثر من 158 بحث اكاديمي وقد لاقت هذه البحوث استحسان وتقدير الكثير من الجامعات واهم هذه الشهادات التقديريه هي:
شهاده تقديريه من المجمع العلمي السويدي
شهاده ماجستير فخريه من جامعه ابسالا
وقد اغنت بحوثه حقل الاستشراق الاكاديمي في كل ميادينه مما اعطته شهره كبيره في الوسط الاكاديمي معتبرين ذلك مصدرا مهما لبحوثهم
البحث عن المخطوطات المندائيه
التقى نوربري بعد تخرجه باربع سنوات بالمستشرق الالماني الشهير جوهان دافيد ميشليس والذي حثه بالبحث حول المخطوطات المندائيه لمعرفه حقيقه دينهم حيث كانت الديانه المندائيه ماده خصبه للباحثين والمستشرقين في ذلك الوقت لكونها تمثل حلقه تاريخيه اساسيه في عصر الديانه المسيحيه المبكره
وقد اهتم نوربري بالموضوع مشرعا بالبحث عن المخطوطات المندائيه في كل مكتبات اوربا تحديدا في هولندا والمملكه المتحده لكنه لم يعثر على شئ فواصل البحث في مكتبه باريس الوطنيه حيث عثر على نسخه مندائيه قديمه لكتاب المندائيين المقدس كنزا ربا فبدا بنسخها خطيا ليحتفظ بها لنفسه ولغرض دراستها وترجمتها في مقر ابحاثه في السويد
اجل نوربري ترجمه الكنزا ربا معتقدا بان التعرف على اصول الديانه المندائيه سيسهل عليه الترجمه
عرف نوربري الكنزا ربا هو كتاب فلاسفه ادب العظماء الذين وضعوا احاسيسهم باسرار التعاليم القديمه الساميه
اصبحت الكنزا ربا نقطه تحول في بحوثه حيث زادت اهتمامه بدراسته الطوائف الدينيه وخصوصا المندائيه منها ولمعرفه حقيقه هذه الطوائف مكث نوربري خمسه سنين في بلدان الشرق الاوسط واضعا احد اهم اهدافه هي الديانه المندائيه
كما يخبرنا في احدى رسائله لعام1779 بانه وجد في القسطنطينيه قس ماروني اسمه جرمانو كونتي الذي ادعى بانه التقى مع المندائيين وشاهد طقوسهم وقداساتهم اما عددهم فيقارب 10 000 شخص يعيشون في مدينه اللاذقيه السوريه

من الواضح بأن نوربري التقى مع اكبر قساوسه البطرياركيه المارونيه كونتي الذي كان هو الاخر مهتما بنشأ ة الديانه المندائيه حيث اعتبر في نظرياته نُصيرو اللاذقية جزء من المندائيين وبالتالي تكلم مع نوربري عن النُصيريين باعتبارهم مندائيين لكن جامعه كوتنكه الالمانيه عقبت على هذا الخبر بأن معلوماتهم تدل على ان اتباع مسيحيي يوحنا اي المندائيون يقطنون البصره وهم بعدد قليل
ان ثقه نوربري العمياء في القس كونتي ادت به ان يعتبره مصدرا اساسيا عن المندائيين وعليه عاضد نظريه كونتي ثم بنى نظريته الجديده مؤكدا المنشاء الغربي للمندائيين وتحديدا طائفه الجليليين في فلسطين

عاد نوربري الى السويد بعد خمس سنوات من الاستشراق حيث شغل منصب بروفسور في جامعه لوند
وفي عام1780 القى في جامعه كوتنكه محاضره بعنوان ديانه ولغه الصابئه التي تعد بحق احدى اولى المحاضرات الاكاديميه عن المندائيين

ترجمه الكنزا ربا

ان اهتمامات نوربري في الديانه المندائيه دفعه الى تكمله مشروعه المؤجل حول ترجمه الكنزا ربا ففي عام 1815 - 16 اصدر نوربري كتابه الشهيرAdami ? Liber صحف ادم اوCodex Nazareus ? اي كتاب الناصورائيون وهي عباره عن ترجمه لاتينيه لكتاب المندائيين المقدس كنزا ربا حيث اعتمد في ترجمته على اقدم نسخه للكنزا ربا على الاطلاق المتواجده في باريس الذي نسخها خطيا قبل سفره الى الشرق الاوسط
اقتصرت هذه الترجمه على ثلاث مجلدات بضمنها النص المندائي مطبوع بالحروف السريانيه
لاقى هذا الاصدار شهره سريعه واصبح محطه لانظار الباحثين ومصدر الهام لكثير من الادباء نذكر منهم استاكنيليوس شاعر اسكندينافيا الكبير الذي تتلمذ على يد نوربري عشق ادب الكنزا والهم به فاصبح كتاب الكنزا ربا له نقطه تحول ادبيه في شعره ومصدر الهامه حيث بدء يكتب اشعاره الجديده متاثرا بفلسفه ثنائية النور والظلام النفس والجسد ولعله قصيدته معراج النفس تجسد تاثره بالافكار الفلسفيه للقسم الايسر من الكنزا ربا وعليه تأثر الادب الاسكندينافي بهذا اللون الجديد من الشعر فما زالت بعض من اشعار استاكنيليوس الدينيه تنشد في الكنائس السويديه حيث يلتمس قارئها روحيه الفلسفه المندائيه

وبالرغم من استحسان الادباء لهذه الترجمه لكنها واجهت انتقادات شديده من بعض الباحثين حيث اعتبروا طريقه الترجمه غير ملتزمه وفق معايير الترجمه الاكاديميه بل حتى نظريته عن اصل ولغه المندائيين كانت مبنيه على اسس غير رصينه

تؤكد بعض المصادر بأن نوربري شعر بأسف وحسره في السنوات الاخيره من عمره وذلك لكونه لم يحاول ان يرى المندائيين بام عينه في الوقت الذي كان بالقرب منهم في محطات استشراقه

عام 1826 فارق نوربري الحياة مخلدا اسمه بأعماله الكبيره كما خلده المجمع الاكاديمي السويدي برسم لوحه بورتريت له التي مازالت متوسطه شامخه في احدى قاعات جامعه لوند بصفته احد اهم محطات التطور الاكاديمي للقرن التاسع عشر

وبالرغم من انتقاد الباحثين لطريقه ترجمته لكن تعد هذه الخطوه بحق حجر الاساس لحقل البحوث المندائي فقد اعتمدت نسخه الكنزا ربا التي اكتشفها نوربري في باريس من قبل الكثير من الباحثين

لقد حفّزني لكتابة هذا الموضوع ما أطالعه يوميا من أخطاء سببها عدم معرفة كثير ممن يكتبون بالعربية بمواضع همزة كلا الحرفين و ما يترتب عليه من إشكالات في المعاني المقصودة ما سيقف عليها المتتبع عند القراءة الدقيقة لهذا المقال الذي سأحدد فيه : وجوب الكسر , وجوب الفتح , جواز الكسر أوالفتح , بأسلوب مبسط بعيد عن التعقيد
مواضع الكسر وجوبا

هناك حقيقة علمية ثابته بالنسبة لكسر همزة { إنَّ } ذلك أنَّها تُكتب كذلك عند وقوعها في جملة الابتداء , مهما كان موقع تلك الجملة

أول الكلام , أو وسطه , ويمكن حصر ذلك في الجمل التالية

أ - الجملة الابتدائية : إنَّ العراقيين لصامدونَ

ب - جملة القول : قال الأستاذُ : إنَّ الصدقَ سلاحُ المخلصينَ , ٌوأضاف قوله : إنَّ خيرَ العلماءِ مَنْ انتفعَ بعلمِه الناسُ , فعقَّبَ سعيد قائلا : إنَّ مصاحبةَ عالمٍ فقيرٍ خيرٌ منها لجاهلٍ وافرِ المالِ

ج - جملة الخبر لمبتدأ هو اسم عين { ذات } : زيدٌ إنَّه فاضلٌ

د - جملة صلة الموصول : حضر الذين إنَّهم زينةُ الدارِ

ه - جملة الحال : قدمتْ سلوى وإنَّها لفي أحسنِ حالٍ

و : الجملة الاستئنافية : التواضعُ مِن أسمى الأخلاقِ , إنَّه تاج

المبدعينَ , وزينةُ المؤمنينَ

ز - جملة جواب القسم : والله , إنَّ كلمةً طيبةً لأثمرُ مِن فعلٍ خبيثٍ

وهنا يُشتَرَط أن تدخل في خبرها اللام المزحلقة

ح - الجملة المعطوفة على جملة ابتدائية : إنَّ الحبَّ لسرٌّ من أسرارِ الكونِ , وإنَّه لمفتاحٌ للقلوبِ

ط - في الجملة المؤكدة لأخرى بالتكرار : إنَّ الصبرَ جميلٌ , إنَّ

الصبرَ جميلٌ

ك - بعد { ألا } الاستفتاحية : { ألاْ إنَّهمْ همُ السفهاءُ } , ألاْ إنَّ

الجاهلَّ مسكينٌ

ل - بعد فعل من أفعال القلوب وقد عُلِّقَ عنها باللام : علمتُ إنَّه لَشاعرٌ

م : بعد { حيثُ } الظرفية التي تلازم الإضافة إلى جملة : اجلسْ حيثُ إنًَ الحكماءَ يجلسونَ

ملاحظة مهمة : انفردتْ { إنَّ } دون غيرها بأن خبرها تلحقه { لام } التوكيد المفتوحة المزحلقة نحو : {إنَّ الأبرارَ لفي نعيمٍ } , إنَّ الطلابَ لحاضرونَ , وإنَّهم لمنشغلونَ , لهذا فإنَّ دخول اللام في خبرها من أسباب كسر همزتها

مواضع الفتح وجوبا

يتوجب فتح همزة { أنَّ } عندما يصح سبك مصدر مُؤوَّل منها , ومن اسمها , وخبرها , والمقصود بالمصدر المُؤوَّل أنَّه يُفَسَّرُ بكلمة واحدة

تشتق من معنى الجملة , ويعرب هذا المصدر حسب موقعه من الإعراب كما مبين أدناه

أ - المبتدأ المُؤَخَّر: من المعلومِ أنَّكَ صادقُ القولِ , من المعلوم : خبر متقدم على المبتدأ , وفُهمَ ذلك لكونه شبه جملة , و{ أنَّ واسمها وخبرها } مصدر مؤول في محل رفع مبتدأ متأخر , والتقدير : من المعلومِ صدقُكَ

ب - الخبر : المعلومُ أنَّكَ صادقٌ : أنَّ ومعمولاها في محل رفع خبر المبتدأ الذي جاء اسم معنى , معرفة { اسم المعنى مثل : الثابت , المقصود , المفهوم , أمّا اسم الذات فمثل: زيد , بحر }

ج - الفاعل : أسعدَ الحضورَ أنَّ الحفلَ بهيجٌ , المصدر المؤول من أنَّ ومعمولَيها في محل رفع فاعل

د - نائب الفاعل : سُمِعَ أنَّ المحتلِّينَ راحلونَ , أمفهومٌ أنَّ أخاكِ قادمٌ ؟

المصدر المؤول في محل رفع نائب فاعل

ه - المفعول به : سمعَ الملحنُّ أنَّ مطربا صوتُهُ جميلٌ , المصدر

المؤول من أنَّ ومعموليها في محل نصب مفعول به

ظنَّ الأحرارُ أنَّ الغزاةَ راحلونَ , المصدر المؤول في محل نصب

سدَّ مسد مفعولي الفعل ظنَّ المتعدي إلى مفعولينِ أصلهما مبتدأ وخبر

أعلمَ المذيعُ المستمعينَ أنَّ الغزاةَ راحلونَ

المصدر المؤول من أنَّ ومعموليها في محل نصب سد مسد المفعولين الثاني والثالث للفعل أعلمَ المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل , ثانيهما وثالثهما أصلهما مبتدأ وخبر

و - في محل جر بالحرف : شعرتُ بأنَّ طيفَكِ قد زارَني , المصدر المؤول من أنَّ ومعموليها في محل جر بحرف الجر , الباء

ز - في موقع معطوف على مصدر صريح : تذكّرْ نصيحَتي وأنِّي حذَّرتُكَ من أصحابِ السوءِ

أو معطوف على مصدر مؤوَّل مثله : تذكَّري أنِّي نصحتُكِ وأنِّي حذَّرتُكِ من أصحابِ السوءِ

جواز الكسر أو الفتح

يجوز كلا الحالين عندما يكون الحرف ومعمولاه قابلا للتفسير بجملة فيجوز عندها الكسر , أو يقبل التأويل بمصدر فيجوز الفتح نحو

أ - بعد { إذا الفجائية } : خرجتُ فإذا إنَّ زيدا يقابلني , خرجتُ فإذا أنَّ زيدا يقابلني

ب - في جواب القسم غير المُقترِن باللام : لَعَمْرُكَ إنَّ أباكَ نبيلٌ

لَعَمْرُكَ أنَّ أباكَ نبيلٌ

ج - بعد فاء الجزاء الواقعة في جواب الشرط : مَنْ يزرْني فإنَّهُ لكريمٌ

مَنْ يزرْني فأنَّهُ كريمٌ

د - إذا وقعت بعد مبتدأ هو في المعنى قول , وخبر إنَّ قول , والقائل واحد : خيرُ القولِ إنِّي أحمدُ اللهَ

خيرُ القولِ أنَّي أحمدُ اللهَ

ففي الأولى { إني أحمد الله } جملة في محل رفع خبر المبتدأ

وفي الثانية { أنَّ ومعمولاها } مصدر مؤول في محل رفع خبر المبتدأ , أي أنه بتقدير كلمة واحدة , وليس جملة

 

المقدمه:
تعرض المندائيين طيله تاريخهم الذي يمتد الاف السنين الى العديد من جرائم الاباده الجماعيه وموجات من القتل و الاضطهاد و القهر والاجبار على تغيير دينهم وكان تكفير المندائيين هي الذريعه المستخدمه لاباده الشعب المندائي, وقد استخدمت هذه الذريعه من قبل جميع الاديان المجاوره لهم . وقد يكون الشعب المندائي هو الشعب الوحيد في التاريخ الذي تعرض ولا يزال الى هذا العدد من المذابح دون ان يرفع احد صوته. ونحن هنا لا نستطيع سرد كافه هذه الحالات اولا: لكثرتها وتنوعها و ثانيا لقله المصادر الدقيقه حول البعض منها. وادعوا كافه الاخوه المندائيين الى المساهمه في اضافه اي معلومه لديهم حول هذه المذابح او غيرها من انواع الاضطهاد وخصوصا التي حدثت في العصر الحديث وسوف اواصل نشر حالات الاجبار على تغيير الدين قريبا .
تعريف الاباده الجماعيه
جاء في الماده الثانيه من الاتفاقيه الدوليه لمنع ومعاقبه جريمه الاباده الجماعيه ما يلي ((ان جريمه الاباده الجماعيه تشمل كل الاعمال التي تستهدف و بقصد, الى تدمير جماعه عرقيه او اثنيه او دينيه بصوره جزئيه او كليه))
وقد جاء من ضمن الاعمال التي تقع ضمن جريمه الاباده الجماعيه هي :-
1 ) قتل اعضاء من الجماعه(المقصود هنا يكفي قتل بعض من افرادها بقصد ابادتها اوالحاق اضرار بالغه بافرادها)
2) الحاق اضرار جسديه او نفسيه بالغه باعضاء هذه الجماعه
3) فرض ظروف معاشيه قاسيه على هذه الجماعه بقصد تدميرها جسديا بصوره جزئيه او كليه
4) فرض ظروف على الجماعه تؤدي الى منع الولاده
5) نقل اطفال من هذه الجماعه الى جماعه اخرى
وكذلك جاء في الماده الخامسه من هذه الاتفاقيه ما يلي ((على الحكومات اتخاذ الاجراءات اللازمه لمنع ومعاقبه مرتكبي جرائم الاباده الجماعيه))
من اعلاه, نلاحظ ان ما يتعرض له المندائيون الان وفي الماضي يقع ضمن تعريف جرائم الاباده الجماعيه والتي تقع على الامم المتحده ومنظماتها الانسانيه مسؤوليه حمايه المندائيين و انقاذهم.

1) مذابح المندائيين في القرن الاول الميلادي:
المصدر : كتاب حران كويثا( حران السفلى)/من كتب التاريخ المندائي

لقد ورد نص في كتاب ( حران كويثا ) ما يؤرخ حادثة واحده على الاقل حدثت في القرن الاول الميلادي وهي قيام اليهود بالقيام باباده جماعيه للمندائيين في اورشلام(موطن المندائيين) حيث قتل في هذا الحادثة كما روي في هذا الكتاب الاف المندائيين وكان بينهم( ثلاثمائه وستين رجل دين مرة واحدة) لانهم مندائيون مما ادى الى هجرتهم الى خارج المنطقه وهذا هو النزوح الاول للمندائيين خارج وطنهم . ويعلم جميع المندائيين المذابح التي تعرضوا لها على أيدي اليهود في التاريخ القديم و في بدايه الدعوه المسيحيه والذي اشارت اليه كتبنا الدينيه والتي توقف بعدها التبشير بديننا بسبب هذه المذابح , ولا اريد الاسهاب في هذا الموضوع لانه معروف للجميع.

2) مذبحه سنه 273 م في ايران
المصدر : From : Wikipedia
حين جاء الى السلطة الملك الساساني بهرام الأول سنة 273(م) . قام بحمله اضطهاد شعواء قادها الحبر الاعظم للزرادشت (كاردير) ضد المندائيين, الى انه لم يستطع القضاء تماما على المندائية، ولكن التدوين توقف تماما لعدة قرون ولم نشاهد التأثيرات والكتابات المندائية الا فيما يسمى بأوعية ( قحوف ) الاحراز والأشرطة الرصاصية . وقد اجبرت جموع المندائيين ، فيما بعد، الى الدخول الى الاسلام، لأن الدخول الى الاسلام لم يكن هناك بدا عنه، فقد قضت المصلحة الفردية و حب التخلص من تأدية الجزية وما فيها من اذلال والتهرب من الاذى والرغبة في المناصب والتمتع بالحرية والامان من الاجبار على دخول الاسلام.
3) مذبحة (القرن الرابع عشر) في مدينة العمارة جنوب العراق :

المصدر : الليدي دراور- (الصابئه المندائيون في العراق و ايران)

حدثت مذبحه للشعب المندائي في القرن الرابع عشر في مدينة العمارة وهي موثقه في كتاب (الليدي دراور ) بعنوان( الصابئة المندائيين) ترجمة المرحومين غضبان رومي و نعيم بدوي(رواه نهويلخون) صفحات 56 و 57 جاء فيهما :

(( ومهما كان الامر فأن الصابئين في القرون الوسطى يظهرون وقد قهرهم الاضطهاد فقد تركت احد الكوارث في القرن الرابع عشر طابعها في ذكرياتهم حتى هذه الايام وقد عثرت على تسجيل لهذه المذبحه في نهاية احد الاحراز الطلسميه التي تفحصتها اخيرا ,كما وجدت نفس الشيء مسجل في ( التاريخ ) وهو مخطوط يمتلكه الشيخ دخيل يحكي المخطوط عن مذبحه رهيبه تعرض لها الصابئون في الجزيره حين كان السلطان محسن بن مهدي حاكما على العماره وكان ابنه فياض حاكما على شوشتر حيث تعرض بعض الاعراب على امرأة صابئية و نشب القتال واعلنت الحرب على الصابئيين فذبح الكهان والرجال والنساء والاطفال وبقيت الطائفه مهيضه وبلا كهان لعدة سنين )) .

4) مذبحه سنه) 1782( في الجنوب الفارسي :

المصدر : Jean de Morgan (mission scientifique en Perse ) voume 5
الترجمه الحرفيه كما يلي :
(( المسلمين في بلاد فارس ارادوا الحصول على الكتب الدينيه للمندائيين ولكنهم لم ينجحوا بالحصول عليها لا عن طريق الشراء ولا عن طريق السرقه.لذلك قاموا بأعتقال قادتهم وقالوا لهم انهم يتبعون الديانه المندائيه عن طريق التقليد عند القيام بالطقوس المندائيه الدينيه خوفا على كتبهم ,عند ذاك تم رمي قادتهم الدينين في السجن وتحت التعذيب, ولكنهم استمروا في انكار وجود اي كتاب مندائي لديهم ولكن المسلمون الفرس هددوا الكثير من قادة المندائيين بالقتل , البعض خوزقوا واخرون مزقوا ,احد المعذبين المندائيين تم قطع اطرافه الواحد بعد الاخر بدأ من اصابع الارجل ثم الايدي, بعض قادتهم تم جلدهم احياء والاخرين تم احراق اعينهم بوضع حديده حاميه جدا في اعينهم, ثم بعد ذلك تم ذبحهم ,والبعض الاخر تم احراقهم احياء .
الكنزبرا ( ادم ) الذي تم قطع يده اليمنى من قبل المسلمين الفرس كان واحد من هؤلاء المساجين هرب الى تركيا ( من المحتمل المقصود شمال العراق في العصر العثماني ) ولكن قبل هربه اخذ معه نسخه من الانياني ( الكتاب الرئيسي للمراسيم الدينيه المندائيه ) تم استنساخه من قبله رغم ان يده اليمنى كانت مقطوعه وهذا ( الكتاب الانياني هو المصدر الوحيد الذي اعتمد عليه في منطقة العماره ) وفي نفس الوقت فأن أدم هذا هو نفسه علم المندائيه الى شخص انكليزي اسمه (j.e.taylor ) والذي كان نائب القنصل في البصره واستمر تعليمه لمدة 12 سنة ( يبدو ان تيلر هذا بطيء جدا في التعلم ).(يوجد لدينا النص الانكليزي و الفرنسي لمن يرغب الاطلاع اكثر)

5) مذبحة سنه) 1870( في مدينة شوشتر:
المصدر:
http://leocaesius.blogspot.com )
شوشتر هي مدينة ايرانيه تبعد عن مدينة الشوش الحالية اقل من عشرة كيلو مترات وهي سابقا مدينة مندائيه بالكامل يقدر عدد نفوسها حين ذاك( 20 الف مندائي) وتقع شمال الاحواز في جنوب ايران سنة 1870 م تم ابادة اغلب المندائيين فيها على يد الحاكم الايراني انذاك ناصر الدين شاه الذي حكم ايران من سنة 1831 الى 1896 م مع العلم ان العائلة الصابوريه ,وهي من العوائل المندائيه الاصيله ( كانوا يسمون سابقا العائلة الششتريه) هم من مدينة شوشتر هربوا منها انقاذا لانفسهم ولعوائلهم. ومن يراجع الزهيرات على متن دراشة يهيى(تعاليم يحيى) وكذلك سدرا نشماثا الموجودة لدى الاخوى المندائيين في ايران سيجد اشارات عديدة الى هذه المذبحه ومن يزور الشوش حاليا سيجد كتابات مندائيه خصوصا على الجسر القديم للمدينه تشير الى هذه المذبحه, وهناك كتاب بعنوان قصص من حياة امير كبير من تأليف محمود حميدي باللغه الفارسيه جاء فيه ص161 ما يلي :
(( في رسالة من اردشير حاكم خوزستان سنة (1266هجريه) قال له فيها ان طائفة الصابئه الذين يعتقدون في ديانة حضرت زكريا في شوشتر يسكنون على ضفاف النهر ............... عدد من الاعيان والاشراف هناك قاموا بأيذائهم واضطهادهم واجبروهم ان يتركوا دينهم بطريقة العنف والاجبار ويدخلون في الاسلام )) .(ارجوا من الاحبه في ايران بتزويدنا بما لديهم حول الموضوع حتى ولو كان ذلك باللغه الفارسيه)

نشرت في تاريخ

صادف يوم 24/06/2008 الذكرى الرابعة و الاربعين على رحيل العالم الديني الكبير الشيخ دخيل الشيخ عيدان الشيخ داموك إلى عالم الخلود و الانوار فأنه ما يزال يعيش بين ظهرانينا قيما وسلوكا تاركا بصماته على تأريخ هذه الطائفة ، وراسما طريقا واضحا لكل رجل دين مؤمن بالحي العظيم ومخلص لما امن به

و بهذه المناسبة سنقلب صفحات التاريخ اليوم وصولا إلى موضوع معاناة و اضطهاد الصابئة و الدور الذي قام به الشيخ داموك و حفيده الشيخ دخيل في الوقوف ضد هذا الاضطهاد ، ونسترجع ذكرى الرجال العظام الذين تشرفوا بنيل هذا المجد وكانوا رموزا.

لقد نال الصابئة منذ بداية ظهور الأديان ألسماويه ليومنا هذا أنواع شتى من الاضطهاد الفكري و الديني و السياسي و الاجتماعي , و السبب لكل هذا الاضطهاد هو تمسكهم بدينهم ووطنهم , فقد اضطهدوا من قبل اليهود و المسيحيين و الإسلام و كما مدون في كتبهم و تأريخهم .

فهم لا يملكون وطن أو ارض خاصة تجمعهم ولا لديهم قوه أو سلطه تدافع عنهم في كل ألازمنه و العصور و يحصدون الماسي و القهر و التشرد والضياع لكونهم أقلية لا تؤمن بالقتل والعنف وتؤمن بالسلام

مرت على الطائفة عبر تأريخها كثير من الظروف الصعبة و ألازمات ولكن بوجود رجال دين مخلصين مؤمنين بدينهم و بطائفتهم استطاعوا إن ينتصروا على هذه ألازمات و يقدموا صورا مشرقه على إخلاصهم و تضحيتهم وشجاعتهم وعزيمتهم من اجل المحافظة على الدين و الطائفه والسير به إلى شاطى الأمان.

و سأتكلم عن حدثين مهمين تعرضت لهما الطائفه فيوجد الشيخ داموك و حفيده الشيخ دخيل انتصروا على هذه ألازمات بقوة إيمانهم و شجاعتهم و ولائهم لدينهم و لطائفتهم و افشلوا مخططات البعثات التبشيرية التي أرادت مسح و تغيير الهوية المندائيه إثناء فترة سقوط الدولة العثمانية و دخول الإنكليز للعراق

ستظل هذه المواقف شعله تضيء دروب المندائيين و ستبقى الذاكرة المندائيه تتناقلها جيل بعد جيل .

هذا الموضوع سأتناوله في محورين .

المحور الأول بعنوان ( الشيخ داموك و دوره في إفشال مخططات البعثات التبشيرية ) ومن وقف مع هذه البعثات لتغيير الهوية المندائيه .

المحور الثاني بعنوان ( الشيخ دخيل يتصدى و يقف ضد الإرهاب والاعتداء على الصابئة ) في فترة

بداية احتلال العراق من قيل الإنكليز.

الشيخ دخيل الشيخ عيدان الشيخ داموك

المحور الأول

الشيخ داموك و دوره في إفشال مخطط البعثات التبشيرية

سكن في قلعة صالح الشيخ سام الشيخ شبوط و سكن فيها الشيخ عبد الله و ابنه الشيخ زهرون والد الشيخ يحيى قادمين من منطقة الأهواز و قد ارتأت الحكومة العثمانية إن يكون للصابئة رئيسا يمثلهم إمام السلطة العثمانية و ينضم علاقاتهم مع رؤساء العشائر و الجهات الأخرى , و عندها انقسم الصابئة إلى مجموعتين أحداهما رشحت الشيخ داموك لرئاسة الطائفه و الثانيه رشحت الشيخ زهرون لها و بعد تقديم الطلبات و الترشيحات للحكومة العثمانية صدر عنها قرار رسمي بتعيين الشيخ داموك رئيسا للطائفه و هذا القرار معترف به من قبل السلطة العثمانية و بذلك أصبح الدين الصابئي دينا معترف به رسميا كباقي الأديان الأخرى .

أصبح الشيخ داموك له الحق في متابعة وعمل ونشاط رجال الدين رسميا وكانت هذه الفترة محدودة لم تتجاوز خمسة سنوات من 1865-1870 وتولى بعده أخيه الشيخ صحن هذه الرئاسة

اتسمت قيادة الشيخ داموك بالشجاعة والقوة والحكمة والمعرفة وكانت من أصعب الفترات التي مرت على تاريخ المندائيين رغم قصرها ، ففي خلال هذه الفترة حرص الشيخ داموك وأخيه الشيخ صحن على متابعة شؤون المندائيين وتفقد أحوالهم ومتابعة شؤونهم الدينية والاجتماعية أينما كانوا ، فكانت لهم سمعة وشهرة واسعة وعلاقات واسعة مابين رؤوسا العشائر ومسئولين الحكم العثماني كما لهم علاقات وطيدة مع الطوائف والأديان الأخرى كاليهودية والمسيحية وممثلي الدول والمصالح الغربية التي دخلت للعراق .

نظرا لتوسع العلاقة التي تربط الشيخ داموك وأخيه الشيخ صحن مع العشائر والمسئولين من الأديان الأخرى فقد كان لهم مضيف خاص للمندائيين ومضيف خاص لغير المندائيين حتى العاملين فيه من غير المندائيين تميشا للتقاليد السائدة آنذاك .

تزامنت تلك الفترة بنشوب الحرب العالمية الأولى للفترة من 1914-1918 وسقوط الدولة العثمانية سنة 1918 ودخول الإنكليز للعراق واحتلاله مابين سنة 1914-1917 وبالتالي فأن هذه الإحداث والصراعات قد ألقت بظلالها على تواجد المندائيين في أحواض الأنهر والاهوار في جنوب العراق ، فقد كانت هذه المناطق ممرا لدخول قوات الاحتلال ( الإنكليز) والتمركز بها ومن ثم دخولها إلى بغداد .

تعرضت المناطق التي كان يسكنها المندائيين بسبب ظروف الحرب إلى كثير من الاضطرابات والفوضى وفقدان الأمن وبالتالي انعكس هذا الوضع على حياة واستقرار المندائيين في هذه المناطق ، فقد تعرضوا للاضطهاد والظلم والقتل والسطو والنهب ومداهمة بيوتهم ونهب بناتهم وإجبارهم على ترك دينهم ومضايقتهم في ممارسة طقوسهم ومعتقداتهم الدينية .

هذه الإحداث أدت إلى نزوح بعض التجمعات السكانية للمندائيين من المناطق التي تكثر فيها الاضطرابات إلى مناطق شبه آمنه ( وما أشبه اليوم بالبارحة ) ولكن اضطهاد الصابئة في ذلك الوقت بقوا في العراق إما اليوم فقد هاجروا إلى خارج العراق وهذه كارثة تهدد مستقبل المندائيين وتساعد على زوالهم بعد اندماجهم في المجتمعات الأخرى .

هذه الأوضاع المأساوية التي تعرض لها المندائيين في تلك الفترة جلبت انتباه أنظار المبشرين والباحثين والبعثات التبشيرية وممثلي الدول المحتلة وبعد دراسة أوضاع ومعتقدات الصابئة وامتداد تأريخهم ودياناتهم وقدم لغتهم ، اكتشفوا بأن هذه الأقلية ودياناتها من أقدم الديانات الموجودة وهذا عامل مهم في اهتمامهم ومتابعتهم لمعرفة المزيد عن هذه الأقلية الدينية وتأريخها وعلاقاتها بالحضارات الأولى وبالأديان التي جاءت بعدها ومنها الدين المسيحي فوجودا هنالك نقاط مشتركة مابين الديانة المندائيية والمسيحية .

في منتصف القرن السادس عشر أصبحوا الصابئة هدفا لضغوط المبشرين المسحيين الغربين ومن مذاهب مختلفة ولم يتردد هؤلاء المبشرين حتى الاستعانة بالباب العالي لحملهم على الانصياع لدعوة المبشرين والعودة إلى صفوف المسيحية إذ كان يصورونهم بالمارقين على المسيحية وخلال تلك الفترة حصلت ضغوطات عليهم ايظا من الإسلام لاعتناق الإسلام .

استمر الباحثين والمبشرين بالبحث والدراسة والمتابعة لدراسة هذه الديانة وبالتالي لابد من إيجاد منافذ للدخول والتعرف عن قرب لهذه الديانة وكسب أبنائها لهم .

وظهرت البعثات التبشيرية وكانت موجهه من قبل فرنسا وإنكلترا ، فاعتمدوا الفرنسيين على المبشرين الكاثوليك والإنكليز على المبشرين البروتستانت وأصبح بينهم تنافس من اجل الفوز بما سيتحقق لهم من كسب لهذه الأقليات وبعد الاتصال برؤساء الأقليات والعشائر وأصحاب النفوذ في مناطق العراق وإيران

كان من بين هؤلاء الذين قاموا بهذه المهمات وبتوجيه دولهم :-

1- فرانس راودن جسني قائد بعثة الفرات

2- الرحالة السفير عضو مجلس النواب البريطاني هنري لاريارد ، فقد استطاع كسب وتعاطف الصابئة معه وعن طريقه مهد إلى رفع معاناة الصابئة وإصدار فرمان من قبل ملكة بريطانيا لحماية المندائيين وبهذا القرار ساعد على تقرب الصابئة للإنكليز

3- الوكيل السياسي في بغداد الكابتن روبرت تايلور ، فأصبح معنيا في كل ما يتعلق بالصابئة وحلقة الاتصال بهم

4- و . ك لوفتس احد أعضاء لجنة تحديد الحدود العراقية الإيرانية

5- جرونز ، أول المبشرين البروتستانت

صورة نادرة للسيخ دخيل وولده زكي وحاخام يهودي مع القيادة الإنكليزية في لقاء حول الأوضاع

التي يتعرض لها المندائيون واليهود من اضطهاد

بعد توجيهات هؤلاء المبشرين واتصالاتهم مع الصابئة توطدت العلاقة بينهم عن طريق القنصل البريطاني تايلور فقد حضي بالاهتمام والرعاية والانفتاح له من قبل الشيخ يحيى الشيخ زهرون وكسب مودته وعزز علاقته به وأصبح الشيخ يحيى الشيخ زهرون من رجال الدين المهمين بنظر الإنكليز للعلاقة المتينة التي ارتبط بها مع تايلور ، فقد سبق وان طرق تايلورابواب الشيخ داموك وأخيه الشيخ صحن وبقية رجال الدين فرفضوا التعاون معه وبالتالي التجأ إلى الشيخ يحيى الشيخ زهرون فوجد ضالته المنشودة فيه وأبدى له استعداده لتلبية مطالبه وبالتعاون معه في كل المجالات

استطاع تايلور وبواسطة الشيخ يحيى الحصول على كافة المعلومات والمصادر والكتب الدينية المهمة..

كانت هنالك تعريفة متفق عليها من قبل كافة رجال الدين تحدد الإكراميات التي يقدمها أفراد الطائفة لقاء تقديم الخدمات الدينية لهم في الزواج والتعميد وموقعة من قبل حكام الإنكليز وقد صدر أمر بها ، إلا إن الشيخ يحيى الشيخ زهرون لم يلتزم بها ، فلجأ الشيخ يحيى إلى تخفيض هذه الإكراميات إلى النصف وهذا لم يتم من قبله وإنما كان أيعاز وتوجيه من تايلور ضد قيادة الشيخ داموك وأخيه الشيخ صحن ومن اجل منافسة الشيخ داموك وبقية رجال الدين ولكسب مودة المندائيين للشيخ يحيى لقاء تعاونه مع الإنكليز بهذه الخطوة فقد كسب مودة البعض من المندائيين وهذا ما خطط له تايلور مع الشيخ يحيى ضد الشيخ داموك... وهذه أساليب الإنكليز ( أبو ناجي ) سياسة فرق تسد

واستمر هذا التعاون مابين تايلور والشيخ يحيى من اجل كسب مودة الصابئة للشيخ يحيى ، وجاء الوقت المناسب من قبل تايلور لتقديم عرض مغري إلى الشيخ يحيى الشيخ زهرون بتخصيص راتب شهري له مقداره ( 30 ) ليرة عثمانية لقاء تعاونه وتحقيق ما يطلبه منه الإنكليز .

ولم يكتفوا بذلك فقد قدموا له عرضا بمنحه سلفة مالية مقدارها ( 300 ليرة ) عثمانية إلى الشيخ يحيى لبناء ( مندي للصابئة وتحمل ساريته الصليب )وذلك لجعل الصابئة يتبعون الكنيسة المسيحية وهذا العرض قد وافق عليه الشيخ يحيى الشيخ زهرون...! )

لكن أبناء الصابئة وعلى رأسهم الشيخ داموك وبقية رجال الدين عندما سمعوا بهذا الخبر انتفضوا واستنكروا وعم الغضب لدى كل أبناء الطائفة في كل مكان وطالبوا الشيخ يحيى بالتنحي وسحب الثقة منه .

استطاع الشيخ داموك بحكمته وذكاءه وقدرته وشجاعته إن يحتوي الموقف ويسيطر عليه ويهدأ المندائيين.... فوقف متحديا تايلور والشيخ يحيى لهذا المخطط الخطير ويبدوا إن السلطة العثمانية كانت على علم بما يقوم به هؤلاء وهنالك من يعمل لصالح السلطة العثمانية فهي كانت ترصد تحركات ونشاطات هذه البعثات وهم على غير مودة مابين الحكومة العثمانية وقدوم الإنكليز.

وعلى ضوء هذه الإحداث قررت الحكومة التركية ومن خلال قائم مقام العمارة وبالتنسيق مع الشيخ داموك على نفي الشيخ يحيى إلى مدينة ناصرية الأهواز وفرض الإقامة الجبرية والمراقبة عليه وكان الغرض من هذا الأجراء هو حمايته من السلطة العثمانية ومن غضب أبناء الطائفة عليه

وبعد قضاء مدة من هذا النفي أعفى والي بغداد نامق باشا عن الشيخ يحيى وعاد إلى مكانه.

لم يستطيع المبشرين ورجال الساسة الفرنسيين والإنكليز من تحقيق أهدافهم لكسب أبناء الصابئة للديانة المسيحية وذلك بسبب قوة ايماتهم وتمسكهم بدينهم وبوجود رجال دين مخلصين ويمتلكون من الثقافة والمعرفة الدينية والحكمة والعزيمة والقوة والشجاعة للدفاع عن هذه الديانة وأبنائها ، كانوا يعملون لليوم الأخر لا للمنافع والمطامع والمصالح الشخصية وهذا ما كتبه لهم أبناء الطائفة وغير أبناء الطائفة في صفحات التاريخ

المحور الثاني

الشيخ دخيل الشيخ عيدان الشيخ داموك يدافع عن المندائيين

تعرضت الطائفة إلى كثير من الويلات والنكبات عبر تأريخها الطويل ، وهذا ما لمسناه خلال معايشتنا وما قراناه في كتبنا وشروحنا الدينية ولكن بقوة المؤمنين ورجال الدين وأيمانهم وتضحياتهم حافضوا على هذا الدين عبر أجيال متعددة من الانقراض والضياع ..!

هاهو السر الذي ساعد هذه الطائفة البسيطة بكل إمكانياتها المتواضعة أن تبقى وتصمد طيلة هذه السنين .. ؟؟ ألا هذا يفسر بأن هنالك سر أو قوة عظيمة تقف وراء هذا الدين...! دين يهانا ...

وهذا ما قاله الكهنة إلى يهانا في أورشليم ( يايحى ، النار ، لن تحرقك ، والسيف لن يقطعك ، مادام اسم الحي منطوقا عليك ، يا يحيى بابن الحياة ، استقر هنا ....)

من مواعض دراشة يهيا

لقد وهب الحي العظيم هذه الطائفة وانعم عليها بوجود عائلة الشيخ داموك وجذورها التي تمتد مع جذور الدين المندائيي ، فكانت خير من حافظ ودافع وضحى للدفاع عن الدين والصابئة ، فكانت لهذه العائلة العريقة وعلى امتداد تأريخها مواقف وإنجازات كثيرة وعلى يد رموزها .

ما قام به الشيخ داموك وأجداده الآخرين في مسيرتهم لخدمة الدين والطائفة سار عليه حفيدهم الشيخ دخيل وواصل هذه الأعمال الخالدة وهذا ما نقل لنا عن والدنا وعائلتنا لهذه الإحداث حينما وقف بوجه المعتدين الذين أرادوا الشر لهذه الطائفة ، وكما دونت هذه الإحداث من قبل المندائيين الذين عاصروا الشيخ دخيل لتلك الإحداث ومن بينهم المعمر المرحوم خضر جاسر سلمان أل سعد في تسجيل مصور له ومن ضمن برنامج شخصيات مندائية ، يتحدث عن هذه البطولة والشجاعة والإصرار للدفاع عن الصابئة من المعتدين.

خلال ثورة العشرين انتفضت بعض العشائر في جنوب العراق بوجه الإنكليز في تلك الفترة كما نشبت أيضا انتفاضة ( ريسان أل كاصد ) في سوق الشيوخ كما ثارت بقية العشائر في الناصرية والسماوة والديوانية ، فعمت الفوضى والاضطرابات وساد التوتر في معظم مناطق الجنوب ، تزامنت هذه الإحداث بدخول الإنكليز واحتلال العراق ، هذه الأوضاع ساعدت على الانفلات الأمني وانتشار العنف والقتل والسرقة والاعتداء والسلب واستغلت هذه الأوضاع لتصب غضبها من قبل الحاقدين والمعتدين والمتطرفين وقطاع الطرق على الحلقات الضعيفة في المجتمع وهي الأقليات الدينية وفي مقدمتها الصابئة وكانت لهم الحصة الكبيرة دائما في هذه الاعتداءات وهذا العنف والظلم ...

لقد تعرضت محلة الصابئة في سوق الشيوخ إلى كثير من الاعتداءات من حرق بعض البيوت وسرقة حيواناتهم وزوارقهم وسرقة ممتلكاتهم ومحلاتهم من قبل العصابات والمتطرفين والحاقدين وقطاع الطرق وهؤلاء كانوا يسكنون في القرى والعشائر المجاورة والمحيطة لمحلة الصابئة ، فقد كان موقع محلة الصابئة ممرا يستخدم لمرور هؤلاء من والى المدينة وهذا ما شجع هؤلاء في استغلال تنقلاتهم ومرورهم خاصة إثناء الليل للاعتداء عليهم

التقى الشيخ دخيل بالمسؤلين العسكريين والقائم مقام وعرض عليهم هذه التجاوزات وطلب منهم التدخل وحماية الصابئة وكان رد المسؤلين بعدم وجود قوة كافية للقيام بهذه المهمة وقالوا له طلبنا قوة اظافية وفي حالة وصولها سنقوم بردع هؤلاء ..

مضت أيام وازداد الوضع سوء ولم يتخذ المسؤلين اى تحرك ضد المعتدين وهذا أدى إلى نفاذ صبر الشيخ دخيل على هذه الأوضاع فطلب اللقاء مرة ثانية مع القائمقام والمسؤل العسكري واجتمع معهم وبعد التداول اتخذوا قرار على قيام قوة من ( الحرس الموجود في المقر) وعددهم لا يتجاوز 9 على ظهر مركب صغير يحمل رشاش في مقدمته وتحت إمرة وتوجيه الشيخ دخيل كدليل للمواقع والتجمعات والعشائر التي ينطلق منها هؤلاء المعتدين وأصدر القئمقام توجيها للجنود المرافقين للشيخ دخيل بإطاعة وتنفيذ ما يطلبه منهم الشيخ دخيل.

قبل القيام بهذه المهمة عاد للبيت واخبرهم بما اتفق مع القائمقام فطلب من زوجته إعداد له حفنة من التمر وطاسة لشرب الماء ..... اعترضت عليه عائلته وطلبت منه إن لا يقدم على هذه المجازفة وربما قد يتعرض لحادث كما تعرض له أبوه الشيخ عيدان وقتل في يوم البنجة ... قالوا له اترك هذا العمل ورشح غيرك لهذه المهمة فرفض وإصر على القيام بهذه المهمة وقال أنا ذاهب وبيت هيي معي ودعائي إن يوفقني وألقن هؤلاء درسا من اجل حماية المندائيين .

رافق الشيخ دخيل هذه القوة النهرية متجولين في المناطق وأماكن تجمعات العشائر التي تعتدي على الصابئة في المناطق المجاورة لمحلة الصابئة وضربت هذه المناطق السكانية بالأسلحة وحصلت مواجهات متبادلة بين الطرفين واستمرت هذه القوة بمحاصرة هذه التجمعات وإطلاق النار عليهم لمدة ليلة كاملة ولغاية عصر اليوم التالي . وبصحبة الشيخ دخيل

بعد هذه المواجهة شعرت هذه العشائر بالخوف وتراجعت أمام الحكومة والتزمت الهدوء وشعروا بأن الحكومة ستستمر بملاحقتهم وأصبحوا مهددين وبأ مكان الحكومة ضربهم وتلقنهم درسا متى تريد وبذلك عاد الاستقرار والهدوء لمحلة الصابئة وباقي المناطق في منطقة سوق الشيوخ .

بعد هذه المهمة قام الشيخ دخيل لزيارة القئمقام وكان هنالك البعض من رؤساء العشائر التي تنتظر للحصول على رخصة لمقابلة القائمقام فعندما سمع القائمقام بقدوم الشيخ دخيل قدمه على الآخرين من رؤساء العشائر وطلب مقابلته فورا وهذا الأمر قد أغاض هؤلاء ، وفي مقابلته الثانية طلب بتكرار هذه الدورية لهذه القوة من اجل استتاب الأمن والاستقرار للمنطقة وهذا ما تحقق .

بهذه الوقفة الشجاعة للشيخ دخيل وغيرها من المواقف الكثيرة التي اتخذها للدفاع عن الدين والطائفة شعروا المندائيين بالفرح والفخر والزهووالامان نتيجة ما قام به شيخهم ورئيسهم وأزداد تعلقهم وحبهم وإيمانهم به وبشجاعته وبطولته وهذه وقفات الرجال العظام الذين يقفون وقت الشدة يدافعون عن مبادئها وسمعتها وكرامتها ، فإذا قالو فعلوا وإذا تحدثوا صدقوا ، والكلمات عاجزة عن تخليد مآثره ...

لهذه الأعمال والمواقف انضم اسمه في السجل العالمي للأشخاص المميزين والقادة العالميين الذين ساهموا بهذا العمل ألتأريخي وهذا ما دون في معهد البحوث للسير الذاتية العالمية الطبعة الرابعة

الهوامش

الأستاذ نزار ياسر

ملكة بريطانيا العظمى فكتوريا أصدرت فرمانا لحماية المندائيين في منتصف القرن التاسع عشر المنشورة في اتحاد الجمعيات المندائية

الأستاذ المحامي شريف جودة السهر

لمحات من تاريخ الصابئة المندائيين في أواخر عهد الاحتلال العثماني المنشورة في أفاق مندائية

الأستاذ سالم الشيخ جودة الشيخ داموك

شيخ داموك ورئاسته لطائفة الصابئة المندائيين المنشورة في مجلة أفاق مندائية

المعمر المرحوم خضر جاسر سلمان والد كل من ناصر وليلو والدكتور جابر

يتحدث في لقاء معه عن الشيخ دخيل ومن ضمن برنامج شخصيات مندائية

نشرت في تاريخ

صفحات نادرة من حياة الليدي دراور ( أثل ستيفانا ) التي عايشت الصابئة المندائيين في العراق

يعود الفضل في اكثر الدراسات التي ظهرت في بريطانيا بداية القرن العشرين حول الصابئة المندائيين للمستشرقة الأنجليزية الليدي دراور التي عايشتهم مدة تزيد عن الأربعين عاما في اماكن تواجدهم في بغداد و جنوب وادي الرافدين.

ولدت أثل مي ستيفنسن ـ وهذا هو اسمها قبل الزواج ـ سنة 1879 في لندن وقضت طفولتها المبكرة في نيو فوريست حيث كان والدها يعمل قسيسا في كنيسة بيرلي . وكانت تتردد في شبابها على جماعات الغجر في منطقة فوريست فتعلمت لغتهم . وعندما انتقلت عائلتها الى ساوث هامبتون بعد ان عين والدها رئيسا لأبرشية المدينة قامت بوضع قاموس عن لغة الغجر بعد ان استعانت بكتاب خاص عن قواعد اللغة السنسكريتية . وعلى الرغم من هذا القاموس لم ينشر في حينه الا انه عد دليلا على اهتماماتها اللغوية التي تخصصت فيها فيما بعد.

كانت اثل متفوقة في دروسها الا انه لم تتوفر لذويها الاموال الكافية لارسالها للجامعة، فسافرت الى المانيا لدراسة الموسيقى والعزف على آلة الكمان ولكن سرعان ما تملكها الملل فعادت الى بريطانيا بعدما شعرت ان لديها الرغبة في الكتابة . التحقت اثل بمدرسة خاصة بالصحافة في لندن اتاحت لها تدريبا ممتازا في مجال مراجعة ونقد الكتب المعدة للنشر وكذلك اعداد التقارير واجراء المقابلات الصحفية . وقد توفرت لها فيما بعد فرصة طيبة للعمل سكرتيرة لدوغلاس سليدن صاحب موسوعة Who Is Who المعروفة التي كان يتهافت عليها المشاهير لنشر اسمائهم فيها فتعرفت على كثير من الادباء والمؤلفين والنقاد والمترجمين والمستشرقين والشعراء واقامت نوعا من الصداقات مع بعضهم .

رافقت اثل سليدن وزوجته وابنه الى جزيرة صقلية التي كان سليدن يعد كتابا سياحيا عن منتجعها الشتوي في ساراكوزا وكانت مهمة اثل هي جمع المعلومات المتعلقة بتاريخ وتراث وتقاليد شعب صقلية . وفي هذه الاثناء بدأ سليدن يناديها باسم ( ستيفانا ) تحببا ، وبقي هذا الاسم مرافقا لها واصبح الجميع يناديها به ، حتى عائلتها . وقد سافرت ستيفانا مع سليدن وعائلته الى تونس هذه المرة لوضع كتاب سياحي عن معالمها وساهمت هي بكتابة بعض فصوله .

تولهت ستيفانا بتونس وشرعت بتعلم اللغة العربية والكتابة عن سحر هذه البلاد وشيوخها وامرائها وآثارها الفريدة ومدنها القديمة كقرطاج ، وبعد انتهاء مهمتها مع سليدن عادت الى لندن وعملت في دار للنشر والتأليف ولكن حنينها لتونس جعلها تقترض بعض المال فعادت اليها بصحبة صديقة لها واقامتا في مدينة القيروان التي كانت مهدا لروايتها الأولى ( النقاب ) وكانت رواية رومانسية قامت بنشرها مؤسسة ميلز اند بون . لاقت هذه الرواية رواجا كبيرا مما امن لها دخلا جيدا اتاح لها التجوال في منطقة الشرق الاوسط خلال السنين التالية ، فسافرت الى اسطنبول اولا ثم حيفا والقدس حيث التقت في جبل الكرمل بعبد البهاء الرئيس الروحي والديني للبهائيين واقامت صداقة حميمة مع بناته . توسم عبد البهاء في ستيفانا ذكاءا متوقدا الا انه لم يفلح في اقناعها باعتناق البهائية بالرغم من القائه المواعظ الدينية الطويلة عليها . وفي هذه الاثناء الفت روايتها الثانية ( جبل الله ) التي مازال البهائيون يعتزون بها ايما اعتزاز .

ابحرت ستيفانا في عام 1910 من القاهرة جنوبا على متن زورق حكومي في النيل باتجاه السودان مخترقا اراضي الدنكا والشيلوك التي تعج بالافيال والتماسيح والفت اثناء ذلك رواية ثالثة. وعند وصولها الخرطوم التقت بمحام انجليزي شاب يدعى أدوين دراور يعمل هناك فتوثقت علاقتهما وتزوجا في لندن في اجازة الصيف التالي ورزقا ببنت هي مارجريت (التي اصبحت عالمة مرموقة بتاريخ وآثار الحضارة المصرية ) وولد هو بيل. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى التحق أدوين بالجيش وعين ضابطا بشعبة تابعة للاستخبارات العسكرية البريطانية في نيويورك . أما زوجته ستيفانا فانتقلت مع طفليها مارجريت وبيل الى وينشستر ، وهناك كتبت عدة روايات كانت احداها عن الغجر .

وبعد ان وضعت الحرب العظمى اوزارها في ربيع سنة 1919 عين أدوين دراور قاضيا في البصرة لاتقانه اللغة العربية ولضلوعه بالقوانين التركية ـ اي بعد انهيار الامبراطورية العثمانية ووضع العراق تحت الانتداب البريطاني . وبعد سنتين تم نقله الى بغداد مستشارا قانونيا للدولة العراقية قبيل تأسيسها فالتحقت به زوجته ستيفانا اواخر سنة 1920 ، وكانت سعيدة بقدومها الى بلد عربي ، بالرغم من قلقها على طفليها اللذان تركتهما في انجلترا برعاية جدتهم وجدهم لأبيهم .

كان السفر من بريطانيا الى العراق عن طريق البحر يستغرق وقتا طويلا لكونه يمر حول الجزيرة العربية ومن ثم الى الخليج فالبصرة ، الى ان قامت شركة ( نيرن أخوان ) بتسيير رحلات برية من بغداد الى دمشق عبر الصحراء بواسطة سيارات مكشوفة ثم بالباصات ، وكانت الرحلة تستغرق يومين . ومن دمشق كان باستطاعة المسافر الى انجلترا ان يكمل رحلته الى لبنان و من ثم الى حيفا حيث يستقل احد المراكب المتوجهة الى جنوا او مارسيليا ومن هناك الى كاليه في فرنسا بالقطارات ثم بالعبارات الى دوفر ومنها الى لندن. وقد قامت السيدة دراور بهذه الرحلة اربعا وثلاثين مرة على الاقل قبل تسيير خط سكك حديد موصل ـ حلب ـ اسطنبول الذي كان استهلالا لتسيير قطار الشرق السريع المعروف .

لقد وجدت ستيفانا دراور نفسها في مكان مألوف فاختلطت بالعراقيين ودارت في شوارع وأزقة واسواق بغداد وتعرفت على طبيعة الناس على العكس من باقي زوجات الموظفين والضباط البريطانيين اللواتي كن يمضين وقتهن بلعب ( البريدج ) والتنس والسباحة في النادي البريطاني المعروف حاليا بنادي ( العلوية ). وسافرت الى الموصل والى الشيخ عدي والتقت باليزيدين وذهبت حتى مضارب عشائر شمَّر في بادية الموصل واستقبلها الشيخ عجيل الياور ورحب بها . وبتشجيع من زوجها عملت دراور على جمع الموروث الفولكلوري العراقي ، وكانت مهتمة الى حد بعيد بالقصص والحكايات الشعبية تستمع لرواتها وتدون ما يحكوه لها . وكانت احداهن وتدعى ( ليلي ) تزورها وتجلس معها الساعات الطوال في حديقة دارها وهي تروي لها ما تحفظه . وقد جمعت هذه الحكايات في كتاب اصدرته سنة 1931 وكان بعنوان ( حكايات شعبية من العراق ) .

ولدى اقامتها في البصرة لفت انتباهها مجموعة غريبة من الناس تعيش في مناطق الاهوار ودلتا نهر دجلة وكذلك في المحمرة والاهواز وكانت بيوتهم من البردي والقصب ويمتهنون صناعة القوارب والحدادة وصياغة الفضة والذهب ويتحدثون بالعربية ولكن لهم لغتهم الخاصة التي يدونون بها كتبهم المقدسة التي استنسخوها جيلا بعد جيل ، ويطلقون على انفسهم تسمية المندائيين او مندايي ، ولكن جيرانهم العرب يسمونهم الصبَّة ومفردها صَبّي ، وتتمحور طقوسهم حول كوخ من القصب يسمونه ( مندي ) وتشمل هذه الطقوس الارتماس بالماء الجاري ويقوم بها رجال دينهم الملتحون كما تشتمل هذه الطقوس على وجبة طعام قدسية لا تختلف كثيرا عن وجبة التناول المقدسة لدى المسيحيين مما جعل الغربيين يسمونهم مسيحيو يوحنا المعمدان . لقد اثارت هذه الطائفة فضول دراور الشديد فقررت التقرب من المندائيين فرحبوا بها كثيرا وابدوا استعدادهم لمعاونتها في التعرف على لغتهم ودينهم وعاداتهم وطقوسهم ، فقضت الساعات الطوال وهي تراقبهم اثناء تأديتهم مراسيم ديانتهم وطقوسهم وتدونها بدقة وبكل تفاصيلها في سجل خاص وتلتقط لهم الصور الفوتغرافية بآلة التصوير التي لا تفارقها .

وفي عام 1923 نشرت دراور كتابها الثاني اثناء وجودها في العراق وكان بعنوان (على ضفاف دجلة والفرات) ضمنته فصلا كاملا عن المندائيين كان بعنوان ( شعب غريب الاطوار) دونت فيه وبشكل مفصل طقوس التعميد المندائية ، كما اشارت الى بعض كتبهم المقدسة . وقد طلبت دراور من بعض رجال الدين المندائيين نسخ بعض الكتب المندائية والدواوين المقدسة فتم لها ما ارادت . وكانت دارور تسافر من بغداد ـ محل اقامتها ـ الى العمارة مرة واحدة على الأقل في كل سنة لتلتقي بالمندائيين هناك ولكي تستكمل بحوثها عنهم وخصوصا في ايام عيد الخليقة الذي يطلق عليه العامة (البنجة) اي الخمسة ايام المقدسة التي تتوافق مع اعياد الربيع .

ومنذ بدايات اهتمامها بهذه الطائفة صممت دراور على تعلم اللغة المندائية فاستعانت لهذا الغرض باحد معارفها في فيينا ليحصل لها على اعمال المستشرقين الذين سبقوها بدراسة النصوص المندائية مثل البرفسور ليدزبارسكي ونولدكه والسيوفي وآخرين كخطوة مهمة أولى، وبدات بتعليم نفسها ذاتيا اللغة المندائية . ولصعوبة هذه اللغة وعدم توفر قاموس خاص بها يساعدها في هذه المهمة ، شجعها الدكتور موسيس كاستور على البدء في عمل قاموس مندائي كما بين لها طريقة عمل القاموس وذلك بتدوين كل كلمة على بطاقة منفصلة وفق حروفها الابجدية . وفعلا اوصت دراور على صندوق معدني ذو ادراج خشبية تحتفظ فيه بالبطاقات مفهرسة. وفي عام 1937 قامت بنشر كتابها الشامل عن المندائيين وكان بعنوان ( مندائيو العراق وايران ) والذي قام بترجمته الى العربية فيما بعد كل من المندائيين نعيم بدوي وغضبان رومي باسم (الصابئة المندائيون).

وفي عام 1942 اندلعت ازمة سياسية في العراق ، والذي كان يرزح تحت الانتداب ، تمثلت بحركة رشيد عالي الكيلاني ضد حكومة نوري السعيد الموالية لبريطانيا، فاحتمى الموظفون البريطانيون داخل مبنى السفارة البريطانية وكذلك في سفارة الولايات المتحدة الامريكية التي لم تكن قد دخلت الحرب العالمية الثانية بعد. اما النساء والاطفال البريطانيين فتم اجلائهم بما خف حمله وهو عبارة عن حقيبة ملابس واحدة لكل عائلة بناء على الاوامر التي وصلت من لندن الى السفارة البريطانية في بغداد على عجل . وقد رفضت دراور مغادرة العراق ما لم يسمح لها بأخذ الصندوق الثمين الذي يحتوي على القاموس المندائي والتها الكاتبة وكتبها ومدوناتها الخاصة بالمندائيين. وبناء على اصرارها صرح لها بذلك فغادرت مع البقية الى البصرة ومن ثم بالباخرة الى الهند . واثناء فترة بقائها في الهند اطلعت عن كثب على طقوس (البارسي) الشبيهة بالطقوس المندائية ودونت الكثير من الملاحظات عنها والتي ضمنتها في كتابها على شكل هوامش ومقارنات .

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عادت دراور الى بريطانيا وعكفت على ترجمة الكتب والنصوص المندائية ونشرها وعلى اكمال القاموس المندائي . وفي هذه الاثناء منحت بريطانيا زوجها ادوين دراور لقب فارس لأداءه المتميز في خدمة التاج البريطاني ، ولكن صحته تردت بعد ذلك وتوفي في عام 1951 نتيجة عجز اصاب كليتيه بسبب حرارة الصيف اللاهبة التي تعرض لها اثناء خدمته في العراق . وبعد وفاة زوجها قررت ستيفانا الانتقال الى مدينة أوكسفورد حيث كان يسكن العديد من زملائها الباحثين واصدقائها المقربين ، وكان قرارا صائبا اذ نعمت بزياراتهم التي خففت عنها وحدتها وهي في بيتها الصغير ، كما ان سكنها بالقرب من جامعة اوكسفورد اتاح لها ارتياد مكتبة (بولدين) الضخمة والتابعة للجامعة بسهولة ويسر .

ومن اجل ان يكون عملها مستوفيا كل شروط البحث العلمي ادركت دراور بأنه يترتب عليها القيام بتسجيل صوتي للغة المندائية مباشرة من رجال الدين المندائيين اثناء تأديتهم لطقوسهم الدينية ، فعادت الى العراق سنة 1952 وبدأت بتنفيذ هذا المشروع بعد ان ساعدتها شركة نفط العراق باحضار آلة التسجيل جوا . كما تبرع احد موظفي الشركة المذكورة بتزويدها بكاميرا سينمائية وتطوعت زوجة ذلك الموظف بمرافقتها الى العمارة ومناطق الاهوار حيث يقيم المندائيون لمساعدتها في هذا العمل ، فسافرتا الى قلعة صالح وانجزتا تسجيل الفيلم بالرغم من مرض دراور الشديد نتيجة اصابتها بالملاريا . وقد عرضت دراور الفيلم اول مرة اثناء انعقاد المؤتمر الشرقي في جامعة كامبردج عام 1953 والذي حضره جمع غفير من العلماء المختصين من كل انحاء العالم. وفي أوكسفورد استمرت بالعمل على انجاز القاموس المندائي ولكنها شعرت انها بحاجة لمن يتقن اللغات السامية ، فقامت باستدعاء شابا تشيكيا يدعى رودولف ماتسوخ يعمل استاذا في جامعة طهران لمساعدتها في انجاز القاموس . كان التعاون مثمرا وتكللت جهودهما المشتركة باصدار أول قاموس للغة الآرامية المندائية وذلك في اوائل سنة 1963 .

دأبت دراور على شراء الكتب المندائية من رجال الدين الصابئة ومنهم الشيخ نجم فجمعت نحو ستين منها كونت مجموعة نادرة قامت بإهدائها فيما بعد الى مكتبة بولدين مع التسجيلات الصوتية والافلام لينتفع منها طالبو العلم ، وقد ترجمت هي تسع من هذه الكتب النادرة من المندائية الى الانجليزية.

منحتها جامعة اوكسفورد شهادة الدكتوراه الفخرية عام 1954 لبحوثها المهمة في مجال دراسة طائفة الصابئة المندائيين مما اسبغ عليها سعادة غامرة عوضتها عن عدم التحاقها بالجامعة عندما كانت شابة في مقتبل العمر ، كما منحتها جامعة ( اوبسالا ) السويدية شهادة مماثلة تقديرا لجهودها العملية الكبيرة مجال الصابئة المندائيين . وفي صيف عام 1964 استدعتها السفارة الألمانية في لندن وقلدتها نيابة عن الحكومة الألمانية أعلى وسام في الدراسات السامية وهو وسام ليدزبارسكي تثمينا لها على ما ماقامت به من بحوث وتراجم حول المندائيين والتي استمرت لأكثر من نصف قرن.

قضت الليدي دراور ايامها الأخيرة بسلام في دار لرعاية المسنين شمال لندن وكان يزورها افراد اسرتها واصدقائها وزملائها باستمرار وتوفيت سنة 1972 عن عمر ناهز 92 عاما . وقد دونت في مذكراتها عن طائفة الصابئة المندائيين ما يلي : " ان تتمكن طائفة غنوصية قديمة من البقاء حتى وقتنا الراهن هو امر مثير للعجب , وأن تصان الكثير من كتبهم وتعاليمهم السرية ودواوينهم الطقسية هو اقرب ما يكون للمعجزة . ان هذه الطائفة تضمحل بسرعة، رجال دينهم طاعنون في السن واعداد المؤمنين منهم في تضائل سنة بعد اخرى . اني اشعر بالفخر كوني عاصرت عن كثب دينا ربما سيندرس بعد حين".

نشرت في تاريخ
الجمعة, 05 نيسان/أبريل 2013 10:21

صابئة حران والمندائيون اليوم

لقد تحدث في هذا الموضوع اغلبية الباحثين والكتاب والمؤرخين، قديما وحديثا، العرب والاجانب، المندائيين وغير المندائيين .. وبقيت الاراء متضاربة مابين مؤيد ورافض لفكرة ان صابئة حران هم امتداد للصابئة الموجودين في بطائح العراق.

اعتقد ان هذا الموضوع يجب ان يولى اهمية كبيرة من قبل الباحثين وخاصة المندائيين منهم لانهم وبكل بساطة معنيين بالموضوع اكثر من غيرهم، فبالاضافة الى حقيقة البحث العلمي مهما تكن، والتي من المفروض ان يلتزم بها الباحث ايا كانت جنسيته او دينه او اتجاهه السياسي او الادبي .. الخ .. فهنالك امر اخر يجب على الباحثين المندائيين ان يعوه وهو مسالة اظهار الحقائق عن دينهم وتراثهم ووجودهم التاريخي، لانه الدفاع عن الهوية والوجود المندائي، واعتقد شخصيا ان هذا الجانب، اقصد صابئة حران والمندائيين، له من الاهمية في اظهار الكثير من الامور الخافية، واثبات لحق مفقود، وتواجد تاريخي على الساحة الانسانية يجب ان لانهملها البتة في التاريخ المندائي.

ونحن نرى بان كلمة حران والقصص المتداولة حولها في المندائية لم تاتي في الكتب المندائية او في التراث المندائي المتداول اعتباطيا, وانما له ربط جدا وثيق ما بين هذه المدينة بكل ما تمثله على مختلف الاصعدة والصابئة المندائيون. ولا يلاقي أي من المهتمين صعوبة في الانتباه لتلك العلاقة عند قراته لكتب التراث العربي والتي زخرت بالكثير من الروايات حول هذا الموضوع .. واني لا ادعي بان تلك العلاقة هي واضحة وضوح الشمس ولا غبار عليها, فعلى العكس تشوبها الكثير من علامات الاستفهام التي تنتظر الباحثين والمهتمين للاجابة عنها. ولكني ادعو لعكس منهج البحث من عدم وجود تلك العلاقة مابين الصابئة الحرانيون والصابئة المندائيون (صابئة الوقت الحاضر) الى وجودية تلك العلاقة ولنجعلها منطلقا لدراساتنا حول ذلك الموضوع, وسوف نرى بان هناك الكثير يستحق اعادة النظر في تلك المسالة الشائكة ربما. بالاضافة الى الانتباه وعدم نسيان للزمن والعصر الذي تعيشه الطائفتين اللتان نقارنهما.

فحران التي نقصدها بحديثنا في هذ ه المقالة ، من المدن الهامة، في التأريخ الانساني، والصابئة المندائيون لهم حصة في هذا التأريخ العريق لا بل من صناعه ومن مبدعيه الأوائل، لانهم من الأقوام التي سكنت هذه المدينة .. التي سمي بها كتابهم التاريخي (حران كويثا).

وفي الحقيقة توجد اكثر من مدينة سميت حران، فحران في تركيا وحران في سوريا وحوران في العراق.

وادي حوران في العراق:

وهذه ملفتة للنظر للغاية وتحتاج إلى دراسة وبحث، بالإضافة إلى تنقيب اكثر جدية في هذه المنطقة التي تقع ما بين محافظتي كركوك والرمادي ،في الهضبة الغربية بالذات، وكانت تعرف (بصرى) وهي عاصمة الأنباط، وتقع على طريق تجاري معبد ومهم في الحضارات السابقة (بين الشام ومصر وبلاد فارس) .. ففي عام 1995 نشرت مجلة (ألف باء) العراقية مقالا مطولا عن رحلة قامت بها مجموعة من الباحثين الجيولوجيين إلى هذه المنطقة لدراسة طبيعة الأرض، وصدفة وجدوا الكثير من النقوش والرسوم القديمة المحفورة على جدران الصخور الكبيرة هناك، ولا أريد هنا ان أتجنى كوني مندائيا ولكن الصور المنشورة وما حوته من رسوم أدهشت كل من رآها وتمعن بها، واعتقد بان للمندائيين شيئا من هذه المنطقة!!.. فكتبت إحدى الزائرات لهذه المنطقة وهي الدكتورة سحر شاكر مقالة في المجلة المذكورة وتدعوا المنقبين والباحثين المختصين للذهاب واستطلاع الامر، باعتبار ان هذا الموضوع هو ليس من اختصاصها الذي هو علم طبقات الأرض، وقد دبجت مقالتها بعناوين((اكبر متحف عراقي في الهواء الطلق، تتمنى متاحف العالم ان تحوز على قطعة واحدة منه .. الإنسان العراقي القديم يترك آثاره قبل 2500 إلى 7000 سنة قبل الميلاد)). وقد حاولت مع بعض الاخوة والأخوات المندائيين المهتمين ان نصل إلى تلك المنطقة بعد اخذ الموافقات الرسمية، وبمصاحبة الدكتورة المذكورة، ولكن اصطدمنا بعائقين أساسيين هما الدعم المادي المكلف، ورفض دائرة السياحة للطلب المقدم لان هناك ثكنة عسكرية للجيش العراقي قرب المنطقة.

معنى كلمة حران:

جاء في كتب المؤرخين العرب عدت معاني نلخصها كالآتي:

• · ابن جبير (إنها بلد اشتق تسميته من هوائه).

• · ياقوت الحموي (سميت بهاران ، أخي إبراهيم الخليل ، لانه أول من بناها فعربت ، فقيل حران).

• · الطبري (أن نوحا خطها ، عند انقضاء الطوفان ، وخط سورها بنفسه وفيها منازل الصابئة).

• · أبا الفرج ابن العبري (ان الذي بناها هو قينان على اسم هاران ابنه).

• · هناك رأي عند بعض العلماء بان معنى حران (الطريق).

• · والبعض الآخر يقول بان حران جاءت من ألاكدية (حرانو HARRAANU ) بمعنى محطة او عاصمة تجارية، وذلك بالنسبة الى موقعها المميز بين اشور وبابل وسوريا.

المندائية من العقائد الباطنية:

من المعروف عند جميع الباحثين ان المندائية في مراحل كثيرة من تاريخها صح تصنيفها من ضمن العقائد الباطنية أو السرية التي لا يفشي معتنقيها أسرار وأمور عبادتهم وفكرهم ، وليس موضوعنا ألان ان نبحث بالأسباب الحقيقية التي جعلت المندائيين يخفون أفكارهم وعقائدهم ويتجنبون البوح بها وان ينظروا إلى سريتها بالمنظار المقدس ..وسوف نقوم به في مناسبة أخرى .. من هذا المنطلق فمن الطبيعي جدا ان لملة كهذه مغلقة على نفسها لا تفشي من أسرار عبادتها شيء .. ان تنعت وتوصف من قبل المؤرخين ، لا بل وحتى في نظر الناس المجاورين لهم ، بنعوت وصفات لا تمت إلى حقيقة عقائدهم بشيء .. فتكثر بذلك الدعايات والتؤيلات والتفاسير العيانية الغريبة لمجمل الفعاليات والمراسيم التي يمارسها معتنقي هذا المذهب .. ولان الديانة المندائية ديانة غير تبشيرية او أغلقت لاسباب كثيرة ومن مدة طويلة .. ولان أصحاب هذا المذهب حافظوا على عدم الكشف عن أسراره منعا للإساءة أليه عند عدم فهمه أو للضغوط والاضطهاد الكبير الذي تعرضوا أليه على فترات مختلفة .. ولان التسامح والسلام صفة أصيلة في أهل هذا المذهب ومن أخلاقيات تعاليمهم الروحية.

فقد وجد البعض في هذه المرتكزات تربة صالحة لبذور افتراءاتهم الباطلة، ورواياتهم الرخيصة البعيدة عن الذوق والمنطق فاصدروا الإشاعات لترويج ما أبدعته نفوسهم المريضة من أباطيل، ودس رخيص واتهامات حاقدة، ومن هذه الأراجيف اتهام أهل التوحيد الأول والقديم بعبادة الكواكب والنجوم.

وحقيقة ان ابن النديم والشهرستاني مثلهم مثل بعض المؤرخين العرب القدماء لا يختلفون عن هؤلاء المؤرخين الذين دبجوا كتبهم بالكثير من الطوائف وتحدثوا عن معتقداتهم وأفكارهم .. وهم في الحقيقة بعيدين كل البعد عن حقيقة تلك الطوائف .. وهذا لا يخفى عن القارئ المحنك عند قراءته لكتاب الفهرست لابن النديم والملل والنحل للشهرستاني وغيرهم. فجميع الروايات التي نقلها ابن النديم والمسعودي عن عبادة وحياة الصابئة في حران، اعتقد بان مصدرها من الرهبان السريان والمؤرخون المسيحيون في منطقة الرها، الذين اشتهروا بعدائهم وغيرتهم من علماء ومفكري الصابئة الحرانيون الذين اشتهروا في بلاط الدولة الإسلامية، وارتفعت مكانتهم، فكانت سبب في النهضة العلمية والمعرفية آنذاك. على كل أن هذه الروايات ليست سوى دعايات رخيصة هدفها النيل من المكانة المميزة التي حضي بها الصابئة آنذاك.1 ¨

ولقد أعلن الكثير من العلماء المعاصرين مثل سميث وسيغال وحتى الليدي دراور، شكوكهم في ما يخص صحة الروايات التي نقلها الكتبة والمؤرخون العرب عن ديانة الصابئة في حران. فهم يعتقدون بأنه ليس من الحكمة الثقة برواة معادين.

اسم الديانة في حران:

يقول الكاتب محمد عبد الحميد الحمد في كتابه (صابئة حران واخوان الصفا) والباحث س. كوندوز في كتابه (معرفة الحياة) ان الحرانيون ليسوا بالصابئة. ويستخدمون اسم (ديانة حران، الديانة الحرانية) شانهم بذلك شان أغلبية الباحثين والمؤرخين، واعتقد على كثرة ما بحثته من هذه التسمية، أن فيها تشويها كبيرا للحقيقة .. كيف ذلك ؟!! هذا ما سوف اعرضه الان:

لا اعتقد بان هذه هي التسمية الحقيقية لهذا الدين المجهول الاسم عند المؤرخين العرب القدماء، فمن غير المعقول أن يسمى دين على اسم مدينة !!

لقد ذكرنا بان مدينة حران، مدينة متعددة الشرائع والعبادات حالها حال مدينة بغداد مثلا، فمن الخطا ان نطلق تسمية ديانة بغداد او الديانة البغدادية!!.. ونحن بذلك نختزل جميع الديانات والاتجاهات الفكرية في تسمية واحدة ونبخس حق كل دين موجود في المدينة، وبذلك تضيع الاتجاهات الوثنية مع الديانات التوحيدية!!.

ومن جانب آخر ذكر مار يعقوب الرهاوي والمتوفى سنة (708) في كتابه الأيام الستة ((عندما اطلع على كتاب هرمس الحكيم وهو من كتب الحرانية المقدسة قال عنهم: وهؤلاء القوم عند الناس لهم اسماء مختلفة منها الكلدان والحرانيون والحنوفون)) .. نستنتج من كلامه شيئين مهمين، اولهما: ان هؤلاء القوم عند الناس والأقوام المجاورة يعرفون بعدة اسماء منها التسميات التي أوردها!!.. والسؤال هو ماذا كانوا هم يطلقون على أنفسهم؟! هل كانوا يطلقون على دينهم (دين حران) نسبة الى المدينة التي كانوا يقطنوها!! هل من المعقول والجائز ان يطلق اسم مدينة على دين!!.. وإذا أراد أحد المسيحيين في العراق ان يعبر عن جنسيته، ويقول انا عراقي، فهل هذا معناه ان ديانته عراقية او ديانته اسلامية باعتبار ان الدين الرسمي في العراق هو الإسلام!!.. نفس الشيء يحصل للفرد اليهودي او الصابئي الساكن مدينة حران، يقول انا يهودي حراني او يهودي من حران او انا صابئي حراني!!.. مثلما هناك تسميات أوردها بعض المؤرخين مثل صابئة البطائح وصابئة حران، فهذا لايعني بان هنالك فرقتين من الصابئة، وانما المراد بالتسمية التوضيح بان هذا الصابئي من حران وان ذاك من البطائح وهي منطقة في جنوب العراق!!.. وفي وقتنا الراهن سمعت تسمية مشابهة لهذه التسمية ويصح ان نوردها الان، فهناك ما يسمى بصابئة العراق وصابئة إيران، هل المقصود من هذه التسمية فرقتين او طائفتين من الصابئة؟!!.. فهذا اعتقد خلط كبير وواضح للتسمية التي أوردها المؤرخون قديما.

كما ان هنالك الكثير من الاسماء التي وردت في كتب المؤرخين التي تذيل بكلمة (الحراني) وهم ليسوا من الصابئة وانما بعض منهم مسيحيين او يهود او اسلام، وهذا يثبت ما ذهبت اليه.

ولقد ورد شيء جميل وملفت للنظر في كتاب (هدية العارفين) للباباني ص 5، وهو يتحدث عن ابو اسحاق الصابئي الحراني فورد الاتي:

(الحراني: ابو اسحاق ابراهيم بن سنان بن ثابت بن قرة ابن مروان بن ثابت الحراني ثم البغدادي الطبيب من الصابئة توفي سنة 335). اذن فكنيته تشير الى مكان وليست الى دين او معتقد او طريقة فكرية. فهو اشار بانه الحراني أي نسبة الى (حران) لانه جاء او اصله من تلك المدينة، ومن ثم اصبح البغدادي، لانه نشأ وترعرع وعاش فيها.

وان الأسماء التي أوردها مار يعقوب الرهاوي واضحة المعنى أيضا، وأنا أتساءل هل ممكن ان تعني تسميتهم بالكلدان، انهم من الأصل في وادي الرافدين ونزحوا الى تلك المدينة؟! أم ان لديهم ارتباط وثيق وصلة قرابة بالكلدان في وسط وجنوب العراق؟!!.. وماذا تعني يا ترى تسمية الحنوفون التي أطلقت عليهم من قبل الأقوام المجاورة، وهل ممكن ان تعني الحنفيون او الأحناف!!.. وللعلم ان هذه التسميات أيضا قد أطلقت على الصابئة المندائيون. فقد ذكر المسعودي في كتابه (التنبيه والاشراف) ص 86، بان دين الصابئة وهي الحنيفية الاولى.

المندائيون الفلسطينيون:

كان الصابئة يقطنون تلك المدينة المسماة بحران، وعندما هاجر الصابئة المندائيون الفلسطينيون في القرن الأول الميلادي بعد دمار أورشليم حوالي سنة 70 للميلاد على يد القائد الروماني تيطوس،صعدوا الى هذه المدينة، لان لهم اخوة في الدين. فبقي منهم في حران، والبقية الباقية اثرت النزول الى وادي الرافدين عن طريق النهرين، وخاصة عن طريق نهر الفرات حسب اعتقادي، ومروا ايضا ب(بصرى – حوران) عاصمة الانباط، للالتقاء والاستقرار اخيرا مع اخوتهم ايضا الصابئة الموجودين في البطائح .. وكانت هذه الهجرة تحت رعاية الملك اردوان (يعتقد بأنه الملك البارثي ارطبانوس)،هذا ما ذكره الكتاب المندائي التاريخي (حران كويثا).

ومن المهم ذكره هنا، بان هناك عين ماء تسمى (عين الذهبانية او عين العروس) ألان ، وموقعها جنوب تل ابيض مقابل إحدى أبواب مدينة حران التاريخية، والتي كانت تسمى من قبل أهل حران ب(المصبتا) أي بمعنى التعميد او الصباغة وهو الطقس المشهورة به ديانة الصابئة سواء أكانوا في حران او في بطائح العراق!!.. ويقال أيضا ان هذه العين تابعة لإبراهيم الخليل، هذا حسب ما أورده الكتبة والمؤرخون العرب ومنهم ابن جبير. ويروي أحد المشاهدين لهذا المكان بان عينه الجارية قد جفت في بداية التسعينات من هذا القرن. ويذكر أيضا بان هذه العين كانت للمياه الجارية الساخنة!!.. وكان الناس يقصدونها من اجل الشفاء من بعض الأمراض الجلدية خاصة. وهذا يذكرنا بالقصة المندائية المتوارثة حول تواجد أجداد المندائيين في منطقة جبلية، وكانوا يتعمدون في مياه ساخنة شتاءا!!.

ومن باب آخر إذا أسلمنا بقصة ايشع القطيعي النصراني، فلماذا بقت تسمية الصابئة إلى اليوم تطلق على هؤلاء الناس او ذلك الدين المجهول الهوية والاسم؟!!

وقد ورد في كتاب (شذرات من كتب مفقودة في التاريخ) الذي استخرجها وحققها الدكتور إحسان عباس، حديث عن كتاب (الربيع) المفقود لغرس النعمة بن هلال الصابئي، ولا اشد من انبهاري وانا أقرا ان معظم الروايات المنقولة على لسان غرس النعمة عن شخص قريب له يسمى أبو سعد الماندائي، إذ يقول غرس النعمة ((حدثني أبو سعد المندائي قال: ......الخ .. وحدثني المندائي ... الخ))، وهذه أول مرة تأتي هذه التسمية (المندائي) على لسان أحد الأشخاص المنتمين الى الصابئة الحرانية في النسب .. فقد كان والد جده أبو إسحاق الصابئي المترسل المعروف. وان المحقق للكتاب المفقود لم يعلق على هذه الكلمة (المندائي) واعتبرها اسم لعشيرة!!.. وللعلم ورد ذكر أحد العلماء المشهورين أيام العباسيين اسمه أبو الفتح المندائي، وهو صابئي من أهل حران!!. ومن الأهمية أن نذكر أيضا ورود اسم زهرون أو أل زهرون عند ذكر الكثير من أسماء الصابئة الحرانيون والمشهورون في البلاط العباسي. فاسم زهرون هو من الأسماء المقدسة الواردة كثيرا في النصوص الدينية المندائية، وهو اسم أحد الملائكة، وان نفس الاسم تكنى به عشيرة من كبريات العشائر المندائية ولحد ألان، وهي عائلة (أل زهرون).

الصابئة المندائيون في حران:

أن الصابئة المندائيون وحسب كل الدلائل والإشارات التاريخية كانوا يسكنون مدينة حران ومساهمون بتاريخها وحضارتها، ولكن هذا لايعني وجودهم في المنطقة لوحدهم .. وأما حران فهي مدينة كبيرة مختلفة الشرائع والعبادات والمذاهب .. حالها حال مدينة بغداد مثلا ، فيوجد فيها الصابئي والمسيحي واليهودي والمسلم واليزيدي وغيرهم . وكانت حران في مطلع القرن الثامن الميلادي، مجتمعا متعدد الاعراق والديانات. تعيش في ظل ثقافة عربية إسلامية، والظاهر ان أهل الرها الذين يدينون بالمسيحية كانوا على نقيض مع ثقافة حران فلذلك وردت حران في كتابات أهل الرها بأنهم عبدة أوثان ووصفوهم بمختلف الصفات السيئة وهذا يدل على وجود خلاف فكري وعقائدي معهم.

واعتقد أن المؤرخين العرب صار عندهم خلط واضح ما بين الصابئة المندائيين وتسميتها، وبعض الطقوس الوثنية وعبادة الكواكب التي تمارسها بعض المذاهب القديمة .. وهذا يظهر جليا عند وصفهم للصابئة في معرض حديثهم ، فهم في بعض الفقرات يأتون على وصف مذهب الصابئة بصفات تدل على وثنية خالصة ، وفقرات أخرى يأتون بصفات تدل على وحدانية خالصة !!. والحق يقال ان المشاهد العياني لاي من الطقوس المندائية او غيرها وان لم يشاهدها مسبقا، يظن للوهلة الاولى بانها تمت بصلة لطقوس عبادة وثنية واشراك بالله!! ولكن يصل الى هذه النتيجة فقط عندما يستند الى تفسيره الخاص بدون الرجوع الى اصحاب الشان في المراسيم او الطقوس المذكورة وتفسيرهم لها وما يبغونه منها. فمثلا تقبيل تمثال السيد المسيح او مريم العذراء من قبل بعض المؤمنين المسيحين، او تقبيل الحجر الاسود في الكعبة اثناء الحج عند المسلمين .. هل نستطيع ان نقول ان مثل هذه الممارسات تمت بصلة الى الوثنية؟ او هي من بقايا عبادة الاوثان والشرك بالله في الازمان الغابرة؟ وهنالك الكثير من على شاكلة تلك الامثلة نستطيع ان نوردها.

ومثلما أوضحنا سابقا أن المؤرخين العرب اعتمدوا على الرواية الشفهية والتناقل بين شخص وآخر على كتابتهم لتاريخهم وهذا يعطي الدليل المنطقي على خلطهم وتؤيلهم لأمر الصابئة.

مثال واقعي حاصل:

وبودي أن اسرد مثال واحد فقط يكفي لأبين صحة ما ذهبت أليه حول هذا الموضوع .. جميع المندائيين يعرفون الدعايات والتؤيلات المغرضة التي يبثها بعض الناس الجهلة والتي تدور في مخيلتهم على الرغم من كذبها وتلفيقها وعدم عدالتها ، ومثال هذه الدعايات (وهو أن الصابئة يخنقون الميت قبل وفاته .. أو بإسقاط الذبيحة (الخروف) من فوق سطح البيت وبعد ذلك يتم خنقه وأكله!!) وصدقها الكثير من أبناء المجتمع العراقي مع الأسف الشديد بدون تمحيص وتدقيق والبعض منهم من الف الكتب وألقى المحاضرات حولهم بالاعتماد على دعايات وتؤيلات لا أساس لها من الصحة .. ولقد دعيت ذات مرة لحضور محاضرة في إحدى الكنائس المسيحية في بغداد بعنوان (الصابئة المندائيون) لأحد المحاضرين المعروفين على مستوى الكنائس في العراق .. ولقد كان عدد الحضور حوالي 60 شخص من كلا الجنسين .. ولا اشد من اندهاشي وهو يتطرق لمواضيع حول المندائية لا تمت بصلة لها .. وهو حديث بالحقيقة اقرب إلى حديث بعض العامة الذي لايمت إلى حقيقة البحث العلمي وأصوله، فهو يقول من جملة ما يقوله، بان الصابئة المندائيون يعبدون كوكب الجدي!!.. وغيرها كثير اتحف بها محاضرته التي ليست سوى اعطاء رؤية خاطئة جدا ومنافية للحقيقة عن الصابئية المندائية، سواء عن قصد او عن غيره .. وعندما انتهت المحاضرة وبعد تحدثي معه وسألته عن المصادر التي اعتمدها في محاضرته هذه .. فكانت الفاجعة عندما قال لي بأنه اعتمد على مقالة لانستاس ماري الكرملي المنشورة في مجلة المسرة المسيحية الصادرة عام 1969م ، وكتاب الصابئة في حاضرهم وماضيهم لمن يقولون عنه بالمؤرخ عبد الرزاق الحسني، وقصته المعروفة مع سيادة المرحوم الكنزبرا دخيل الكنزبرا عيدان (ولي رجعة حول هذا الكتاب في مناسبة أخرى!) وعلى ما يعرفه من معلومات متفرقة حولهم من المحيط العام (أي الدعايات والتؤيلات التي تحدثنا عنها والتي سمعها من شرذمة المجتمع) .. فأنا حقيقة اعجب لمثل هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالمثقفين والباحثين وهم ابعد بكثير من أن يكونوا بهذا الشكل .. فكيف على الباحث أن يخوض في مثل هذا الموضوع معتمدا على دعايات وتؤيلات تقال هنا وهناك ولا أساس لها من الصحة ؟!! والظاهر أن أغلبية المؤرخين والكتبة العرب من هذا الصنف .. أبعدنا الله عن هؤلاء الذين يشوهون أخبار الأولين بقصد أو بغيره معتمدين على شائعات ودعايات واهية، وأبعدنا الله أيضا عن الباحثين من أمثال صاحبنا الذي اعتمد في إلقاء محاضرة عن تاريخ وطقوس وأفكار وعبادة المندائيين الوجه الأخير من روحانيات العصر القديم ، على مقالة بسيطة نشرت في إحدى المجلات!!!

فلما حاججت أخينا بكيفية اعتماده على تلك المصادر فقط .. قال وعذره اشد من فعلته .. (لاوجود لمصادر حول المندائية في المكاتب) ، ولحسن حظي كنت جالبا معي ما يقارب السبعة كتب تدور حول المندائية ومن مختلف الجوانب والمتوفرة في المكتبات العامة والخاصة .. فعندما تفحصهن وتأكد من أن الغالبية العظمى من الكتب إصدار دور النشر العراقية ، فظل خجلا لا يعرف بماذا يجيب .. ومن أمثاله كثير!!.. ونحن لا ننكر بقلة الكتب الصحيحة والموثوقة التي تتناول الصابئة المندائيين في المكتبة العربية .. ولكن هذا لايعني أن نتجنى وان ننشر الأفكار غير الصحيحة حول مجموعة من الناس!! وهذا ما فعله بالضبط أخينا بالله.

فلا نستغرب إذا عزيزي القارئ الكريم ، من ابن النديم والشهرستاني وغيرهم من المؤرخين العرب الذين يقولون بان الصابئة يحرقون الإنسان ويسلخون جلده ويقطعونه اربا، وبعد ذلك يأكلونه. وهذه العملية هي جزء من طقوسهم وقرابينهم للقمر أو الكواكب الأخرى !!.. وغيرها من الأكاذيب كثير تجده عزيزي القارئ في كتاب الفهرست لابن النديم والملل والنحل للشهرستاني. واعتقد ان القارئ لهذا الكتاب يشعر بأنه يشاهد أحد الأفلام المرعبة عن آكلي لحوم البشر!!.

ومعروف عن المؤرخين العرب القدماء ، انهم يعتمدون في مادتهم العلمية والتاريخية على الرواية الشفهية من شخص لأخر دون تمحيص وتدقيق بالأمور التاريخية المنقولة .. وان الرجل ابن النديم يعترف بان مصدر معلوماته أشخاص آخرين .. لا نعرف نحن ألان مدى صحتهم ومدى حسن نواياهم ومدى معرفتهم بالصابئة آنذاك ، وهل كانوا أصدقاء أم أعداء حاسدين ؟! .. واعتقد أن ابن النديم لا يعرفهم شخصيا ولم يقابل واحد منهم البتة .. أكيد أن معلوماته عن الصابئة جاءت عن طريق السماع .. وأعوذ بالله من هكذا مؤرخين ينقلون أخبار التاريخ عن طريق السماع !! .. ومثلما يقول المثل الدارج ((بين العين والأذن أربعة أصابع)) ، وأنا بدوري أقول ((أن بين الحقيقة والخيال ، والصدق والكذب ، شعرة واحدة)).

صابئة حران والدولة الاسلامية:

وان كان الصابئة في حران وثنيين حسب زعم ابن النديم ،فكيف أذن استطاعوا أن يصوبوا مواضع الرياسة في مجال الثقافة والعلم والأدب في الدولة الإسلامية ؟! .. وكيف قبل سادة الدولة الإسلامية بذلك؟!..ونحن نعرف جيدا ما للدين الإسلامي من حزم على إنكار وهدر وإباحة الكفار الوثنيين !! ..وهذا الأمر يأخذنا إلى نتيجة مفادها أن لصابئة حران حجة قوية وأساس توحيدي قوي استطاعوا من خلاله بسط شخصيتهم واحترامهم آنذاك. ومن الجدير بالذكر انهم حصلوا على رخصة أمير المؤمنين في ممارسة شعائرهم وطقوسهم بشكل علني في أماكن عباداتهم !!.

اما بخصوص اهتمام صابئة حران بالفلك والتنجيم واخذ الطالع وشرح طبيعة الكواكب واسمائها وميزاتها ومتعلقاتها، فهذا يظهر جليا واضحا لمن له معرفة أو قراءة في كتاب مندائي اسمه (أسفر ملواشي)!!.. وللعلم أن جميع الأديان والملل والمذاهب القديمة والحديثة في جميع شعوب العالم، اهتمت بهذه الناحية من الحياة الإنسانية ولديها تراث كبير في هذا النوع من المعرفة، وربما لا بل أكيد انه اكثر من الأدب والتراث المندائي!!. فهذا لايعني ان جميع التراث المكتوب باللغة المندائية مثلا، بالضرورة أن يكون تراث مقدس ويعبر عن عبادة المندائيين!!.

الصابئة وحركة اخوان الصفا:

اضافة الى ان هؤلاء الصابئة الذين عملوا في البلاط العربي الاسلامي كان لهم اثر جدا كبير على الفكر العربي الاسلامي .. وكثير من الحركات الفكرية التي ازدهرت آنذاك .. كان الفكر الصابئي له التاثير الكبير عليها .. وخاصة يكفي هنا ان نضرب مثل واحد في هذا الموضوع وهو بما يسمى باخوان الصفا وهي حركة فكرية ازدهرت في العهد الاسلامي .. فانا اتفق مع الكاتب عبد الحميد من ان فكر هذه الحركة (اخوان الصفا)اغلبيته مستمد من الفكر الصابئي .. وخاصة وان الفكر الصابئي كان متداولا في العهد العباسي والاموي من خلال جهابذة العلم والادب الصابئة من امثال ثابت بن قرة وابو اسحاق الصابئي ... الخ.

وهذا يظهر جليا عند قراءت نا لبعض الرسائل التابعة لهذه الحركة والتي تسمى (رسائل اخوان الصفا) فوجدت فيها فصلا كاملا عن علاقة حسابية فلكية رقمية، نفسها موجود في كتاب مندائي يسمى (أسفر ملواشا - سفر الأبراج) اعتقد بانه ترجمة حرفية عربية لما موجود في هذا الكتاب المندائي !!!

إضافة للتشابه الغريب والعجيب للأفكار الغنوصية الموجودة في هذه الرسائل، مع أجزاء من ديوان مخطوط باللغة المندائية يدعى (ألف ترسر شيالة – ألف واثنى عشر سؤال). سوف اعقد مقارنة ما بين فكر طائفة اخوان الصفا والمندائيون في مناسبة اخرى.

شخصيات من صابئة حران في البلاط الاسلامي:

فابن النديم يذكر في فهرسته اكثر من عشرة أسماء لامعة من صابئة حران كانت لهم مواضع الرياسة في كثير من مجالات العلم والمعرفة وحتى الدولة وعلى مدار سنين طويلة. فقد جاء في كتب المؤرخين وفي كتب الأفذاذ من علماء الصابئة الحرانيين عن ثابت بن قرة الصابئي الحراني المعروف بعلمه الوفير والذي تميز بعقليته الموسوعية في الفلسفة والرياضيات، فقد تخرج ثابت والذي كان قد برز من بين اقرانه، واصبح من أخوان العهد والثبات (ابني قايما)، وصار له الحق في كشف الأسرار، وقد دعي (صديقيا) كما ورد عند ابن النديم، وهي تعني الحكماء الإلهيين، او من كان حكيما كاملا في أجزاء علوم الحكمة. وأنا اعتقد ان هذه الكلمة محرفة أو من كلمة (ناصورائي زديقي ) المندائية، والتي تعني المتبحر بالعلوم الدينية والمعرفية والإلهية او من كلمة (زاديقي) أي الصديق. وبالإضافة إلى ذلك فان الباحثة الإنكليزية الليدي دراور المتخصصة بالدراسات المندائية تؤكد بان المفكرين الحرانيين كثابت ابن قرة ومدرسته كانوا من عباقرة الصابئة الناصورائيين المندائيين الذين يمارسون التعميد وكانوا أوفياء لدينهم الذين عليه ولدوا. ولقد كتب ثابت رسالة في مذهب الصابئين وديانتهم، كما أن ولده سنان بن ثابت قام أيضا بترجمة بعض الصلوات والأدعية الصابئية الى اللغة العربية، فلديه رسالة في شرح مذهب الصابئين ورسالة في النجوم ورسالة في اخبار ابائه واجداده وسلفه، ورسالة في قسمة ايام الجمعة على الكواكب السبعة الفها لابي اسحاق الصابئي ، واحتمال جدا ان تكون بعض ماورد في كتاب (اسفر ملواشي – سفر الابراج) المخطوط باللغة المندائية، من تاليفه او تاليف والده.

ولدي حدس كبير يقول بان بعض الاعلام المندائية التي حافظت على الدين والكتب، والذين ورد ذكرهم في الكتب المندائية، ولانعرف ماهي اسمائهم الحقيقية، لان اسمائهم الواردة في الكتب هي دينية .. اعتقد بان من فيهم ثابت وغيره.

وللعلم ان مؤرخ الفلسفة المعروف ابن حزم يشير في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) الى ان الحرانيين هم من الصابئة الذين يرد ذكرهم في القران. وقد صنف عبد القادر الجزائري في كتابه (ذكرى العاقل وتنبيه الغافل)، العرب قبل الاسلام، أصنافا: صنف اعترف بالخالق، وانكر البعث. وصنف عبدوا الاصنام. وصنف عبدوا الملائكة. وكان منهم من يميل الى اليهودية ومنهم من يميل الى النصرانية ومنهم من يميل الى الصابئة وكانت بقيت عندهم، بقايا من دين اسماعيل وابراهيم الخليل.

هل المندائيون اهتموا بالتاريخ ؟!!

من الأجدر أن نعترف بان الأمور التاريخية التي وصلتنا عن طريق الكتب والمخطوطات المندائية، هي ضئيلة ولا تشبع فضول الباحث. ولكن في نفس الوقت من المرفوض القول بان المندائيون لا يهتمون بكتابة تاريخهم أو التاريخ بصورة عامة. فان محاولاتهم من خلال ما وصلنا عن طريق الرواية الشفهية وديوان حران كويثا (وخاصة إذا خلصنا الأخير من بعض التزويقات والخيالات والتي تتشابه مع بعض الكتب التاريخية القديمة) وكذلك الازهارات (وهي عبارة عن ذيول تاريخية وردت في آخر الكتب والدواوين المندائية) ما هو إلا إثبات واضح وصريح من تمكن المندائيون من كتابة ونقل التاريخ الآمين .. ولكن اعتقد بان هنالك الكثير من الكتب المندائية، وربما التاريخية قد فقدت أو مخبأة لحد هذه اللحظة !!! أو ربما أتلفت عمدا أو عن غير قصد أو لم تكتشف لحد الان .. لأننا لحد هذه اللحظة لا نمتلك تقرير كامل وموثق لعدد الكتب والمخطوطات المندائية .. ولا ننسى من محاولة البعض التخلص من كل ما يتعلق بالمندائية وبشتى الوسائل. وذلك لأغراض ربما تكون سياسية في عصر معين أو دينية أو اجتماعية في عصر آخر.

فعلى قلة الكتب والمخطوطات المندائية الموجودة في حوزتنا الان، او المخبأة والتي لم ترى النور لحد هذه اللحظة، والتي تتحدث عن التاريخ المندائي، لا يمكن القول بان ليس هناك تاريخ مندائي او ان التاريخ المندائي ليس ذو أهمية في تاريخ المناطق التي سكنها المندائيون قديما !!!.. وبنفس الوقت لا يمكننا القول بان المندائية كانت لها تاريخ معقد وعميق كالحظارة اليونانية او غيرها.

الاتهام الاول يرجع اليوم:

ومثلما اتهمنا اليوم بعبادتنا من أناس سواء ليس لديهم فهم حقيقي وعلمي للديانة الصابئية المندائية او من أناس حاقدين رغم معرفتهم الحقيقة، اتهم ايضا أجدادنا الأوائل بعبادتهم ووصفوا بالوثنية او الشرك بالله من أناس على نفس الشاكلة السابقة .. فعلى الرغم من الاضطهاد الذي حصل لأجدادنا الصابئة المندائيين في مدينة حران، الذي أدى الى إسلام بعضهم وتنصر البعض الأخر خوفا، بقي الكثير منهم على دينهم أمينين، صامدين متحملين الظلم لاجله، واستطاعوا رغم هذا الظلم والاضطهاد ان يتبوؤا مراكز مهمة في الدولة الإسلامية وغيرها بفضل عزيمتهم وعلمهم واخلاقهم، فقد كان ابو اسحاق الصابئي من نساك دينه والمتشددين في ديانته وفي محاماته على مذهبه . وقد جهد فيه عز الدولة ان يسلم فلم يقع له ولما مات رثاه الشريف الرضي ، وقصته وقصائده مع ابي اسحاق معروفة للجميع.

وقال ثابت بن قرة الصابئي الحراني ((عندما اضطر الكثيرون، الى ان ينقادوا الى الضلال، خوفا من العذاب، احتمل آباؤنا ما احتملوه بعونه تعالى، ونجوا ببسالة ولم تتدنس مدينة حران هذه المباركة)).

ومن جملة الظلم والغزو الذي تعرض له الصابئة في التاريخ فهو كثير، فقد ذكر في كتاب (لسان الميزان) لابن حجر العسقلاني، بان الامير محمد بن مروان بن الحكم الاموي قد غزا الصابئة مرارا وسبى بها.

وأريد هنا أن انقل شيئا ملفتا من كتاب (الفهرست) ، لكي أبين مدى الخلط الذي ذهب أليه ابن النديم في كتابته ونقله للتاريخ ، فهو يتحدث عن طائفة اسمها (الكشطيين) وجاء بالنص ما يلي:(يقولون بالذبائح والشهوة والحرص والمفاخرة . ويقولون انه كان قبل كل شيء ، الحي العظيم ، فخلق من نفسه ابناً سماه نجم الضياء : ويسمونه ، الحي الثاني . ويقولون بالقربان والهدايا والأشياء الحسنة ).

فمن هم الكشطيين هؤلاء ؟ (للعلم أن هذه الكلمة مندائية الأصل وجاءت من كلمة كشطا أي الحق أو العدل أو العهد، وهذه الكلمة نفسها تطلق على المندائيين في الكتب الدينية !!) .. يلاحظ القارئ الكريم مدى الخلط الواضح في كلام ابن النديم في تعريف هذه الطائفة .. وهناك الكثير في كتاب الفهرست لابن النديم.

أن ابن النديم ليس سوى ناقل للدعايات والإشاعات بدون تمحيص أو تدقيق ، والعهدة على القائل والناقل كما يقولون !! .. أقول من أين اخذ محاضرنا الذي تحدثنا عنه ، أسلوبه بالبحث ، الظاهر والله اعلم أن الشغلة متوارثة من أجداده الأوائل !!

اما ايشع القطيعي النصراني وقصته حول الصابئة ورحلة المامون فهي قصة واهية ومغرضة دحضها اغلب الباحثين من أمثال الليدي دراور وناجية المراني وعزيز سباهي في كتابه الأخير، وحتى الشاعرة المندائية لميعة عباس عمارة في بحث لها.

وبودي أن انقل بيتين من الشعر في هذه المناسبة للشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي فهو يقول:

وما كتب التاريخ في كل ما روت لقرائها إلا حديث ملفق
نظرنا لامر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق

وهذا فعلا ما حصل عندنا (الصابئة) فنحن موجودين على قيد الحياة وممكن التحقق من امرنا بكل سهولة، ولكن ننعت ونضرب في عبادتنا للخالق ويقولون أننا نخنق الميت!!

فهذا في الحقيقة مأخذ كبير على المؤرخين العرب ومصداقية التاريخ الذي كتبوه .. وأنا لا أقول بان كل التاريخ الذي كتبوه هو غير صحيح وغير موثوق فيه .. ولكن على الباحثين اليوم أن يدققوا ويتفحصوا كل ما ينقله المؤرخين العرب لنا، وهذا ما تنص عليه أصول البحث العلمي الدقيق. وقد أكدت الباحثة الإنكليزية الليدي دراور التي عاشت فترة طويلة في جنوب العراق تدرس التراث المندائي. قالت (في جملة ما أورده المؤلفون العرب من روايات يوجد بها قدر لاباس به من الحقيقة، وهو ان لدى الحرانيين ما يشتركون به مع الصابئة المندائية، الذين يسكنون أهوار جنوب العراق).

وحسب اطلاعي وبحثي في هذه المسالة بالذات، بان الصابئة قديما وحديثا هم المندائيون أنفسهم .. وان صابئة حران ما هم إلا امتداد لصابئة العراق وفلسطين المندائيين .. واحتمال ان يكون قد تشبه بعض الأقوام بالصابئة لفترة معينة قصيرة ولحالة خاصة، ولكن هذا لا يعني بوجود فرقتين من الصابئة المندائيين. وان فطاحل العلماء والمفكرين الصابئة الذين اشتهروا في البلاط الإسلامي ما هم إلا صابئة مندائيين.

واليوم كما في السابق،من منا قام بمدح دين آخر غير دينه أو على حساب دينه فكل المناقشات والجلسات وخاصة الدينية منها ليست سوى إظهار عيوب الأديان الأخرى وبث الدعايات والتؤيلات السيئة عليها .. وهذا الحال لم يظهر ألان أو هو وليد عصر ما يسمى بالديانات السماوية او الكونية مثلما اصطلح على تسميتها احد الكتاب .. بل هو موجود منذ فجر التاريخ وبالضبط عندما بدا الإنسان يعبد قوى الطبيعة .. فهذه الحالة لاتمت بصلة إلى الإيمان الحقيقي والى جوهر عبادة شيء اسمه الله .. وتذكرني هذه الحالة بمقولة لأحدهم بما معناه (أن الوطنية هي حب الوطن والإخلاص له ولايعني كره الأوطان الأخرى) وأنا أقول ألان (إن حب دين معين والأيمان به لايعني بالضرورة كره الأديان الأخرى).

اجدادنا في حران:

على كلا بودي أن أوضح للمندائيين بان ليس كل ما يكتب عليهم قديما وحديثا، هو حقيقة يجب التسليم لها. فلا يجوز أن نبتري اليوم من أجدادنا العظماء الذين جاهدوا في سبيل ان تبقى المندائية وان نخلق نحن اليوم مندائيين. فحق علينا اليوم ان نفتخر بهم وان نعتز بانتمائنا لهم، لا بل و أطالب ايضا بان نحيي رموزنا القدماء وان نحتفل بهم كل عام ومن هؤلاء كثير فعلى سبيل المثال: ثابت بن قرة وأبو إسحاق الصابئي الذين كانوا أعلام عصرهم ولهم الفضل في كثير من العلوم الان، وهم الصابئة المندائيون الاصلاء الذين حافظوا على إيمانهم رغم الظلم والاضطهاد الكبيرين الذي لحق بهما وبأجدادهم ، حيث ورد على لسان ثابت بن قرة ما يلي ( ((عندما اضطر الكثيرون، الى ان ينقادوا الى الضلال، خوفا من العذاب، احتمل آباؤنا ما احتملوه بعونه تعالى، ونجوا ببسالة ولم تتدنس مدينة حران هذه المباركة)).

.. وأطالب أيضا بأهمية وضرورة إعادة وتجميع كتابة تاريخنا المبعثر في ضوء معطياتنا الجديدة، ويجب أن لا ننسى بان تاريخ حران والصابئة هناك ما هو إلا جزء من التاريخ المندائي العريق. كما وأشجع جميع المثقفين والباحثين الصابئة المندائيين للبحث في هذا الموضوع بالذات، لاثبات حقنا في تاريخنا المفقود، ولاثبات حق أجدادنا في نسبنا لهم!!.

ومما تقدم ،ارفض وبحجج اعتقد بانها ليست ضعيفة .. مقولة الكاتب عبد الحميد الحمد بان (لاصلة بين مذهبي الصابئة المندائية والصابئة الحرانية. فالمندائية حصاد بيئة فقيرة في معطياتها الحضارية. لذا لم يكن لهم أي تأثير على الشعوب المجاورة!!). وبودي أن أعيد ما قاله نبينا الحبيب يهيا يهانا (مبارك اسمه) حين سأله بعض المندائيين عن مصيرهم في حقبة معينة، قال لهم (سيأتي اليوم الذي إذا نظروا للرجل الذي يلبس عمامة بيضاء وهميانة ، تعتريهم الدهشة ويأتون ويسألونكم " تعالوا من نبيكم؟ حدثونا عنه؟ وما هو كتابكم؟ ولمن تسجدون وتعبدون؟" وانتم لا تعلمون ولا تعرفون!! .. ملعون ومخزي من لا يعرف ولا يعلم أن ربنا هو ملك النور العظيم، ملك السماوات والأرض الواحد الأحد) دراشا اد يهيا -بوثة رقم 17. وأنا أسأل المندائيين (الصابئة) كم واحد مر في هذا الموقف؟!!!!.

بعض التشابهات المهمة

بين الصابئة في حران والصابئة في البطائح*:

• الصابئة في حران يجيدون اللغة الآرامية، وكانت لهجتهم افصح اللهجات الآرامية .. وهذا ينطبق على اللغة التي يتحدث بها المندائيون الان والتي كتبت بها كتبهم المقدسة وغيرها من ادبياتهم واشعارهم .. وهي (اقصد اللغة المندائية) احدى اللهجات الارامية.

• لديهم من الصلوات ثلاثة، وهي الواجبة يوميا (صبحا، ظهرا، عصرا)، ولا تتم إلا بعد أداء الاغتسال أو الوضوء .. وهذا يشابه ما لدى الصابئة المندائيون الان بما يعرف ب(الرشاما والبراخا) وهي الصلاة الفرضية الواجبة والرسمية في اوقاتها الانفة الذكر.

• يدفنون الميت باتجاه الشمال .. ويحرمون اللطم والبكاء والحزن على الميت، لان هذه الأفعال سوف تعيق الروح في معراجها. ويحرمون الانتحار .. ايضا يقوم المندائيون بدفن موتاهم باتجاه الشمال ويحرمون الحزن واللطم والبكاء وايذاء الجسد على الميت، تحريما قاطعا، لان هذه الافعال تؤدي الى عرقلة مسير النفس (نشمثا) الى عوالم النور من قبل الارواح الشريرة.

• يقدسون المياه الجارية الحية، ويعتقدون بأنها محروسة من قبل الأرواح الخيرة النورانية .. ان المندائية والمياه الجارية الحية والتي تعرف باليردنا، شيئا واحدا لايقبل الفصل .. فكرا وتطبيقا. وان المياه الجارية الحية (اليردنا) مهمة في عملية الخلق والتكوين ومهمة في ولادة الانسان في طقس التعميد (مصبتا) ، ولاننسى بان اليردنا الارضية محروسة من قبل اثنين من الكائنات النورانية الاثيرية وهما (شلمي وندبي).

• الأيمان بخلود الأرواح، وان أرواح الأفراد لها صلة بأرواح أسلافها وتعاني قبل أن تتطهر، إلى أن تتحد بالجسد النوراني في ملكوت الله .. اصلا ان عيشة الانسان المندائي المؤمن (المتهيمن) هي للحياة الاخرى في عوالم النور وليست للحياة الارضية، ويجب ان تعود النفس (نيشمثا) الى علة الوجود (الخالق) بدورة كاملة، لانها نفحة من ذاته العظمى .. ولكن يجب ان يتم لها التطهير الكامل من الشوائب التي علقت بها اثناء حياتها الارضية، لكي ترجع هذه الجوهرة (كيمرا) صافية نقية كما خلقها الحي (هيي)، فلذلك يجب ان تدخل في اماكن العقاب والتطهير المسماة (المطراثي). وبعد ان يتم ذلك، تتحد النفس (نيشمثا) مع جسدها النوراني (دموثا) أي الشبيه النوراني الذي لايتكون من اللحم والدم.

• يخضعون إلى رؤسائهم الدينيين بدلا من السلطة الزمنية في حل قضاياهم الدينية والدنيوية .. ايضا يخضع المندائيون الى رؤسائهم الدينيين لحل مشاكلهم او لاداء المراسيم الدينية.

• قبلتهم واحدة وقد صيروها نحو جهة الشمال، لاعتقادهم بأنها مركز علة الوجود .. ان الاتجاه الرسمي الذي يتجه به الانسان المندائي اثناء اداء طقوسه وواجباته الدينية، هي الى جهة الشمال المسماة (اواثر)، وما النجمة القطبية (نجمة الشمال) التي اتهم بعبادتها الصابئة المندائيون سواء في حران او في بطائح وادي الرافدين، ليست سوى دليل واشارة وطريقة علمية لمعرفة اتجاه الشمال، وبالتالي معرفة اتجاه مكان بوابة اواثر أي بوابة الرحمة لملكوت الحي (بيت هيي).

• لديهم الوضوء في الماء الطاهر المطهر، ويتطهرون من الجنابة وعند الاتصال الجنسي ومن لمس الميت، كما يعتزلون الطامث .. نفس ما تنص عليه العادات والتقاليد المندائية.

• يحرمون أكل إناث البقر والضان والحوامل من الحيوانات .. نفس تحريم المندائية لها.

• لايتم الزواج الا بولي وشهود، ولا يقرون مبدا تعدد الزوجات. ولا يسمحون بالطلاق او هو محرم إلا في حالات خاصة جدا.

• عقد القران (المهر) إذا كان لامراءة (ثيب) ينجس الكاهن الذي يقوم به.

• يحرمون لبس اللون الأزرق والاسود، ولباسهم المفضل الثياب القطنية البيضاء.

• يقدمون الطعام من اجل راحة نفس الميت ولمدة 45 يوما.

• يستعدون لتجنيز الميت قبل خروج الروح من الجسد، لان الروح لا تتطهر إذا لم تخرج من بدن طاهر، لذلك يجب غسل المحتضر، وإلا تعذر تطهيره ولمس الميت.

• يحمل نعش الميت اربعة رجال انحدروا من عائلة أصيلة النسب مؤمنة، منذ ثلاثة أجيال.

• يقدسون الطبيعة بكل اشكالها، وواضحة في مفاهيمهم وطقوسهم التي تدعوا الى الرجوع الى الطبيعة.

• لديهم أعياد تقام في مواعيد معينة، يذهبون بها للاغتسال في المياه الجارية، طلبا للطهارة وغفران الخطايا.

• يقدسون نبات الآس (الياس) المستعمل في طقوسهم وخاصة في أكاليلهم.

• صيامهم في أيام معدودة متفرقة على أيام السنة، ويمتنعون فيها عن أكل اللحوم.

• يسمون الله في لغتهم ب (مارا اد آلما) أي رب الكون.

• لاياكلون أي شيء غير مذبوح بطريقة إيجابية، أي، كل حيوان يموت بسبب مرض او حادث او لم يكن مذبوحا.

• يتجنبون ويحرمون الختان (الطهور) فهم لا يعملوا أي تغيير في عمل الطبيعة.

• المرأة مساوية للرجل في متابعة قوانين الدين وتستلم نصيبا مساويا للذكر في الميراث.

• يعتبرون ان بعض الأمراض التي تصيب الإنسان والتي تعتبر غير نظيفة ، هي نجاسة عظيمة مثل الجذام وهو الأكثر نجاسة، فعلى سبيل المثال ترك إبراهيم مجتمعه بسبب ظهور الجذام على قلفته (وهي نفس الرواية المندائية حول إبراهيم)، فكل من يعاني من هذا المرض يعتبر نجسا. وهذه الأفكار موجودة عند أديان أخرى مثل اليهودية.

• هذا بالإضافة إلى الكثير من التشابه الكبير في الأفكار والفلسفة واللاهوت الديني، وفي النظرة اللاهوتية للرب العظيم ووجوده وكينونته. ربما في مناسبة أخرى سوف اعقد مقارنة أوسع في مجال الفكر واللاهوت الديني.

* راجع كتاب (صابئة حران واخوان الصفا) عبد الحميد الحمد، وكتاب (معرفة الحياة) س. كوندوز ترجمة الدكتور سعدي السعدي، وأيضا كتاب (الملل والنحل) للشهرستاني وكتاب (الفهرست) لابن النديم.

¨ فقد قالت الليدي دراور في كتابها الصابئة المندائيون مايلي (وبالنسبة للمؤرخين العرب فقد كانوا منذ اقدم الازمان يعتمدون على الرواية، ولذا لايمكن قبول بيناتهم او تقاريرهم الا على هذه الصورة؛ كما يمكن ان يقال نفس الشيء حول مالدينا من معلومات عن الصابئين دونها الكاتب السرياني "برخوني" فقد كان يدون معلوماته كمجادل يريد الحط من فئة مارقة ؛ ولكن كتابه على كل حال يعطينا أدلة على نقض كل ما قرره عن الصابئين).

معجم الادباء .. ياقوت الحموي ص 892.

يتيمة الدهر .. الثعالبي ص 529.

صبح الاعشى .. القلقشندي ص 25.

يقصد الملابس الدينية البيضاء المندائية (الرستة).

اغلبية هذه التشابهات استخرجتها او وردت في كتاب (صابئة حران واخوان الصفا) للكاتب عبد الحميد الحمد ‍‍؟

نشرت في تاريخ

يحتفل المندائيون في الثامن عشر من شهر كانون الاول بمناسبه ابو الهريس المصادف الاول من شهر تموز المندائي وهي ذكرى تأبينيه لضحاياهم الذين قتلوا على يد اليهود في فلسطين ? حيث يشهد التاريخ بأن الحركه الثيوقراطيه اليهوديه في اورشليم ازدادت سيطرتها وتعصبها للمذهب الرسمي للديانه اليهوديه مما ادى الى اضطهاد جميع المذاهب اليهوديه المنشقه والاديان الاخرى ، والتمرد على الرومان الذي انتهى باحتلال تيطس لاورشليم المدينة المحصّنة وحرق الهيكل في نهاية سنة 70 ميلادي.
ومن جملة الاديان التي اضطهدت تحت فتره الثيوقراطيه اليهوديه كانت المندائيه حيث تمت ابادت 365 تلميذا للنبي يحيى وهذا مايؤكده التراث المندائي المدون في هران كويثا:
"وبعد مغادرة يهيا يهانا جسده عادوا اليهود الى قواهم السابقه ... واصبحوا متغطرسين.... ثم اطلقوا صيحات باطله ضد اتباع انش اثرا رئيس العصر فأراقوا دمائهم بحيث لم يترك رجل من التابعين و الناصورائيين ... فأرتدت روافد الاردن .... وانطفاء نور رايات اباثر.... وجاء هيبل زيوا فحرق ودمر اورشليم وجعلها ركاما وخرائب"

وبذلك هاجر60 000 ناصورائي من فلسطين برعايه الملك البارثي ارطبانوس الثالث 38-12 ميلادي )المسمى في التراث المندائي اردوان ملكا ( طالبين الامان في بقاع اخرى ? متذكرين ضحاياهم في كل طقوسهم ? مؤبنينهم في اليوم الاول من شهر تموز المندائي ? معدين بذلك لوفاني جماعي يرمز له بالهريسه وتتكون من سبعه حبوب ?لذلك سميت المناسبه ابو الهريس?
كما ان هناك روايات من التراث الشفهي تشير الى هذه المناسبة بانها احياء ذكرى الذين غرقوا في طوفان نوح ?ع? فبعد ان ارست السفينه على البر قام نوح بعمل هريسه من الحبوب المتبقيه السبع للغرقى من الدين المندائي
وهناك روايه اخرى توضح بان هذه المناسبه هي ذكرى غرق جنود فرعون الذين تعقبوا اليهود حيث يُعتقد البعض من الجنود كانوا مندائيين.
فلا يوجد دليلا قاطعا للروايتين في التراث المندائي المدون ولا في طقوسهم ايضا
ولكن سواء ان كانت تحيى هذه المناسبه على اسلافهم تلاميذ يهيا يهانا او بناءً على الروايتين الشفهيتين فهي مناسبه ?حياء ذكرى اسلافهم الذين قتلوا نتيجه اضطهاد المندائيين عبر التاريخ.
حيث يسرد لنا التاريخ المندائي الكثير من حقب الاضطهاد والابادات الجماعيه بحق هذه الطائفه المسالمه ومن اهم هذه الاحداث اسرد اليكم التالي:
فمن جراء الاضطهاد والقتل الجماعي لتلاميذ النبي يحيى هاجر 60 000 ناصورائي ?مندائي? باحثين عن ارض مسالمه تأويهم لكي يمارسوا شعائرهم بسلام فلم يجدوا افضل من وادي الرافدين الذي كان في ذلك الوقت بلد الثقافات والعلوم والحريه وعلى التحديد في المنطقه الجنوبيه التي تميزت بحرية الاديان و وفره المياه ? فاحبوها وقدسوها كاسلافهم فانتشرت الديانه المندائيه في العصر البارثي ممتدين مع امتداد دجله والفرات متمتعين بحريه الاديان ? وسرعان ما حددت حريه الاديان في وادي الرافدين عند مجئ سلاله الفرس الساسانيه ? حيث فرضت الديانه الزرادشتيه كديانه رسميه سنه273 ميلادي ? فاضطهدت المندائيه وقلت دور عبادتهم من400 الى 170 فقط.
وهذا ما يؤكده الاثار المتبقيه للحضاره الساسانيه حيث نقر? في منحوتات نقش رستم الاثري حول الاديان التي اضطهدت في ذلك الوقت:
" طرد اليهود والبوذيون والبراهمانيون والنزاريون والناصورائيون... خارج الامبراطوريه"

اما في 640 ميلادي بعد تغلغل الجيوش الاسلاميه في وادي الرافدين اضُطهد المندائيون واريقت دمائهم بالرغم من ان وفد مندائي برئاسه "الريش امه" انش ابن دنقا قابل رئيس الجيوش الاسلاميه ?يُعتقد سعد ابن ابي وقاص? وحصلوا على الامان كاهل الكتاب . فقد اصدر فقهاء المسلمين في حقب مختلفه فتاوى اباده جماعيه بحقهم ? ابرزها فتوى الاصطخري المعروف بفقيه العراق تحت حكم الخليفه العباسي القاهر بالله عام 932 -934 ميلادي ? حيث افتى الاصطخري وهو شافعي المذهب بقتل الصابئه جماعياً.

وان القينا الضوء حول وضع المندائيين في القرون الوسطى فنلاحظ على سبيل المثال في القرن الرابع عشر تحت حكم السلطان محسن بن مهدي على مدينه ميسان حيث تعرض بعض الرجال لامرأة مندائيه وتصدا لهم المندائيون دفاعا عن شرفهم فاعلنت الحرب عليهم وذبح رجال الدين والنساء والاطفال والرجال في ميسان وضواحيها ? وهذا ما يذيله احد رجال الدين المندائي في احدى الدواوين.
كما تلقوا المندائيين لظغوط واضطهادات متعدده من قبل بعثات المبشرين المسيحيين الاوربيين في القرن السادس عشر معتبرين المندائيه ديانه مسيحيه هرطقيه ? مستخدمين مع المندائيين سياسه التذويب العرقي .

اما تحت حكم السلاله القاجريه في ايران تحديدا عام 1780 لاقى المندائيون الاباده الجماعيه مع شتى انواع التعذيب الا انساني حيث يشهد عليها احد رجال الدين المندائي ويذيلها في احدى كتاباته ? كما يتطرق للحادثه الاثاري الفرنسي المعروف De Morgan في كتابه Mission Scientifique en Perse موصفا الاتي:
"رموا ) الفرس( رجال دين الصابئه في السجون وعذبوهم....فقد قام الفرس بقتل الكثير منهم والبعض خرمت اجسادهم بالمسامير والبعض الاخر شوهت اجسادهم بقطع اجزاء منها فكانوا يقطعون اعضاء الجسم مبتدئين باصابع القدم واصابع اليدين والبعض من رجال الدين سلخ جلده وهو حي واحرقت عيونهم الحديد الساخن الاحمر ثم يقطعون رؤوسهم وبعضهم حرق حيا !
كان سجناء الصابئة يحضرون تعذيب وقتل اصحابهم? ..... قام الفرس بقطع يد اليمنى للكنزابرا ادم الذي كان من بين السجناء الذي فر الى تركيا."

وبعد وباء الكوليرا عام 1831 ميلادي الذي قضى على نحب جميع رجال الدين ? حيث يُسرد لنا في تذيلات الكتب المندائيه المقدسه حول حقب الاضطهاد العصيبه كالتهجير القصري والاختتان الاجباري.
وفي عام 1870 تحت حكم ناصر الدين شاه القاجري الذي لطخ ايديه بدماء المندائيين الابرياء مستعملا ضدهم كل الاساليب البشعة ? حيث تم ابادة اغلب المندائيين في منطقه شوشتر والمناطق المحيطه بها مثل دزفول فأظطر العوائل المتبقيه بالهجره الى الاهواز فرارا من الموت المحتم.
والحديث يطول بسرد الاحداث ولكن نستذكر ايضا من تاريخنا المعاصر ضحايانا السياسيين الذين قتلوا من اجل مبادئهم الساميه لخدمه الوطن وضحايانا الذين سفكت دمائهم الطاهره من اجل خدمه العَلم ? ايضا ضحايا القصف العشوائي واخيرا ضحايانا الذين قتلوا ومازالوا يقتلوا في العراق لكونهم مندائيون.

فيا اخواني واخواتي المندا ئيون وكل محب لهم وصديقهم لنحيي مناسبه ابو الهريس تخليداً لضحايانا وعلى ارواحهم الطاهره الذين سفكت دمائهم الزكيه البريئه عبر الزمن
فلنخلد اسلافنا القدماء الذين قتلوا من اجل دينهم
فلنخلد سياسيونا الذين قتلوا من اجل مبادئهم الساميه
فلنخلد ضحايانا الذين قتلوا في اراضي المعارك من اجل خدمه وطنهم
واخيراً فلنخلد ضحايانا الجدد الذين يُقتلوا من اجل هويتهم
لنطلق على هذه المناسبه "يوم الاضطهاد المندائي"
لكي تبقى ذكراهم خالده عبر الزمن وليبقوا شمعه احترقت لتنير الطريق للاجيال القادمه
ولتتظافر الجهود بين كل الخيرين لنصره المندائيين ودفع الظلم عنهم.

نشرت في تاريخ
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 09:48

ألفن ألمندائي في أسترليا

تفتخر ألأمم بفنونها وتراثها وتعطيه من القدسية اعلى صورة ممكنة ، لأن ذلك دليل على رقي وتطور تلك الشعوب في مراحل مختلفة من وجودها حتى وان كان العمل بدائيا وبسيطا .

والمندائيون وبكل فخر واعتزاز يملكون من التراث أندره ومن الفنون أروعها ، فتراثهم الديني طقوسا وانتماءا يعد من أٌقدم من استمر على الحفاظ بأطارها ألأصيل ليومنا هذا وحتى خطهم الكتابي فأمتداده الى قرون قبل الميلاد، أما فنونهم فأي فن اعرق وأقدم من الصياغة ؟؟؟؟

أفلايكفي ذلك ليكون مدعاة فخرنا وأعتزازنا .

عذرا فلست باحثا كي اسطر دلائل التأريخ ، كما لا اود نسيان ابداعات أجدادنا في الحدادة والنجارة فكلا الحرفتين الآنفتين هما في جدول الفنون كما لا ننسى مبدعينا من التشكيليين او المسرحيين وحتى العلماء .

لقد جأت الى الوطن الجديد وأنا أحمل جزءا من تراث أجدادي ، أفتخر واعتز به كأولادي، ان بعض القطع رافقتني حتى قبل أن يأتي ابني البكر، انها متعة تغنيني عن كنوز الدنيا ، بذلت ومعي اخوان كثيرين ساعدوني في المجازفة التي وصلت حد الموت في سبيل اخراجها من وطني الأم ، فلا يسعني هنا الا أن أشكر كل من ساعدني في أول خطوة حتى وصولها الى ربوع وطني الجديد وسدني بالذات ، حين حط بي الرحال في استراليا لم اتوقع أن اجد في اقصى طرف في المعمورة قطع مندائية من شغل اجدادنا وبعضها يعتبر من النوادر وكنت أحلم بأن احصل على قطعة واحدة منها في العراق وكهاو وعاشق للتراث اشتريتها بدون تحفظ وأحتفلت بهذه القطع أيما احتفال ...... ادناه بعض تفاصيلها وصورها :

1- علبة سكائر صغيرة الحجم عمل الفنان الخالد زهرون ملا خضر ( موقعة باسمه ) مطلية بالذهب من الداخل

تفاصيل الصور : الوجه ألأول نخيل ونهر ، والوجه الآخر مركب في النهر وجمال ونخيل .

جماليتها الرائعة في رشاقتها يترواح وزنها بحدود 128غرام تأريخ صنعها في عشرينيات القرن الماضي اشتريتها سنة 1999من أحد محلات التحف في سدني ) ولم يكن قد مضى شهرا على وجودي في استراليا. )

2- علبة سكاير صالون ( كبيرة ) مغلفة بالخشب من الداخل جوانبها منقوشة بمناظر عراقية تقليدية والوجه عليه جسريشبه الجسر المعلق في بغداد واعتقد أنه جسر الكوت ، ليس عليها اسم الفنان ، وزنها 186غرام ، يدل ان صنعها في حدود سنة 1960 ، اشتريتها مع قطعة ثانيةمندائية من سوق للتحف في سدني .

3- مشربة الماء ( مصخنة ) : اشتريتها مع القطعة السابقة وتحوي بعض الرسوم التقليدية من نخيل وماء وخلافه وموقعة بأسم ( ناجي ياسر) وهو الصائغ السيد( ناجي ياسرصكر الحيدر) يبلغ وزنها 158غرام حدود صياغتها حوالي 1975 .

4- بروج( دبوس) على شكل سفينة شراعية جميلة الصنع فيها سلسلة يدوية الصنع صغيرة صياغتها في حدود 1960 .

5- فاتحة رسائل على شكل سيف أفريقي من جهته ألأولى صور ألأهرامات ونهر النيل وتمثال كتب تحته توت عنخ آمون بألأنكليزية والجهة الثانية مناظر عراقية للنهر والمراكب الشراعية والنخيل وعليه ختم به حرفان بألأنكليزية يتوسطهم قط وخلال ألأستفسار ومراجعة ما نشر عن الرعيل ألأول للفنانين المندائيين الذين سافروا الى الدول ألأجنبية والعربية وجدنا اسماء من ينطبق عليهم ذينك الحرفين وهم ( زيدان ، زهرون )? و ( غالب او غريب

نشرت في تاريخ
الصفحة 1 من 2

إستفتاء الجمعيات والنوادي

برأيك ماهو اهم مشروع للأتحاد

الأحصاء العام للمندائيين في العالم - 2.5%
بيت المعرفة المندائية - 1%
تطوير وسائل الأتصال والمعلومات الألكترونية - 3.7%
مشروع الأيادي البيضاء لمساعدة اللاجئين - 1.4%
ابنائنا في جيوبنا - 0.3%

Total votes: 984
The voting for this poll has ended