• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 05 كانون2/يناير 2014

الـمنـدائـيَّةُ . . والعلمانية

  نــعـيم عــربـي ســاجـت
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

بينَ الحين والآخر ـ مع الأَسفِ ـ نسمعُ صوتاً لِأَحـدِ إخوتِنا المندائيين
وهوَ يهاجمُ ( العلمانيَّةَ ) والعلمانيينَ ، ووصفَهم بِأَعداءِ الــدّيـن وهوَ
.بهذا الأدعاءِ يلتقي يدري أَو لايدري معَ السَّلفيين التَّكفيريين المسلمين
وليسمحوا لنا هؤلاءِ الأخوةُ أَعداءُ العلمانيَّةِ أَن نَسأّلَهم هل تعرفون ما هوَ
مفهوم العلمانيَّةِ ؟ ولماذا هذهِ الحسّاسيَّةِ المفرطَةِ منها .. وعلى أَيـَّةِ
أُسُسٍ بنيتمُ موقفَكم السَّلبي تجاهها ؟ وهل عداؤكم للعلمانيَّةِ بهذهِ الحدَّةِ
قائمٌ على أَساسٍ علميٍ منطقي ، أَم هوَ مُجرد ترديدٌ ببغائي لِأَصواتِ القوى
المعاديَةِ للديمقراطيَّةِ والحريَّةِ والعلمِ ، والتي تتَمثَّلُ بأَصواتِ الفئاتِ المتخلِّفةِ
التي تعادي الأديان الأخرى وتقومُ بِأَبشعِ الجرائمِ بِإسمِ الدينِ ، فتعادي العلمانيين
وكلَّ دعاة العلمِ والديمقراطيَّةِ . كيف يكون العلمانيون مناوئون للدين وهم الذين قِ
يدعونَ ويعملونَ بِـإخلاصٍ الى الـعَدالـةِ والحريَّةِ لـِلأنـسانِ
في كلِّ مكانٍ بِإختيارِ عقيدَتهِ الدينيَّةِ وأَفكارِهِ السياسيَّةِ
والآيديولوجيَّةِ دونَ إكراهٍ أَو استبدادٍ ، بل وفصل الدين عن السياسةِ والدولةِ
لأَنَّ ربط الدّينِ بالدولَةِ يجعلُ منهـا حاميَةً وحاضنَةً لدينٍ معيَّنٍ واحدٍ متجاهلَةً
أَلأديانَ الأخرى كما هو موجود في الدولِ المتخلِّفةِ ، غيرُ( العلمانية ) ألأسلاميَّةِ
والعربيَّةِ كافَّةً ، حيثُ يكونُ دينُ الدَّولةِ هوَ الأسلامُ أمّا المواطنون الذينَ يعتنقونَ
الأديانَ الأخرى هم مواطنون منَ الدرجةِ الثّانيةِ أو الثّالثةِ .. ونحنُ نسأَل هؤلاءَ
الأخوةِ الذينَ يُعادونُ ويهاجمونَ العلمانيَّةَ والعلمانيينَ أَنتم الآنَ تعيشونَ في رِحابِ
دولِ الهجرةِ الأوربيَّةِ وأَمريكا وأُستراليا معزَّزينَ مُكرَّمينَ تحت رعايتها الأنسانيَّةِ
وهيَ دولٌ تعيشُ شعوبُها منذُ سنينَ طويلةٍ بظلِّ أَنظمَةٍ علمانيَّةٍ ، وقد وفَّرَتْ لكم
كلَّ مقوِّماتِ الحياةِ الحرَّةِ الكريمَةِ من مساواةٍ في الحقوقِ والواجباتِ مع مواطني
شعوبِها و قد وجدتم عندها الرعايَةَ والإحترام والحمايَةِ والأمان ، وتوفير العملِ
والدراسةِ والإهتمام بالطفولةِ والمرأَةِ ورعايَةِ المسنين والمرضى وشعرتم بصدقِ
إنسانيَّتها وهوُ الذي لم تجدهُ الطاّئفةُ المندائيَّةُ طيلة حياتِها في مجتمعنا ووطننا
العراقي الذي ما انفكَ يرفع شعارَ الدّينِ الأسلامي كدينٍ للدولةِ ، وقد تشرَّدنا منه
.. مع بقيةِ الأقليّاتِ الدّينية الأخرى ، هرباً من إرهابِ القوى الأسلاميَّةِ السَّلفيَّةِ
هذهِ هي العلمانيَّة وهذه هي أَنظمتها الحاكمةِ في دولِ اللجوءِ ، فهل يا تُرى هذهِ
الأنظمة التي تعيشون بين ظهرانيها الآن مستقريّنَ آمنين ، تمارسون حياتَكم
بِشكلٍ حضاري بظلِ الحريَّةِ والمساواةِ ومنها الحريَّة الدينيَّةِ وممارسةِ طقوسها
وشعائرِها ، هل هيَ أنظمة سَيِّئةٌ معاديَةٌ للدينِ ؟ .. نعم كيفَ يكون النظام الذي
يوفرُ الحريَّةَ والحمايَةَ لكلِّ الأديانِ في المجتمعِ ولا يسمح بسيطرةِ دينٍ واحدٍ
! على الأديانِ الأخرى ، كيفَ يكونُ مثلُ هذا النظام العلماني معادياً للدين ِ ؟
وهل يختلف العلمانيونَ المندائيون برأيِّكم عن هؤلاءِ العلمانيين الذين تعيشون َ
بنعيمِ أَنظمتِهم العلمانيَّةِ العظيمةِ ؟ ؟ وها هو الإتحاد العام للجمعياتِ المندائيَّةِ
في المهجرِ ، الخيمَةُ التي تظللُ على كُلِّ المندائيينَ بمختلفِ اتجاهاتهم الفكريَّةِ
وميولهم السياسيَّةِ ومستوياتهم في العقيدةِ المندائيَّةِ ، دونَ تفرقَةٍ أَو إقصاء
فهو لهم جميعاً ، يهتَمُ بِإمورهم في كافَّةِ المجالاتِ الأجتماعيَّةِ والثَّقافيَّةِ والعائليَّةِ
فهوَ يمكننا إعتبارَهُ بحق يمثِّلُ نمطاً من سلوكِ دولةٍ علمانيَّةٍ . وإذا عرجنا على
معنى ( العلمانيَّةِ ) فَبالتأكيد لا يكننا أَن نحيدَ عمّا جاءَ في المصطلحاتِ السياسيَّةِ
عن مصطلحِ العلمانيَّةِ بِأَنَّهُ مفهومٌ سياسيٌ حديث لنوعٍ من أنواعِ الحكمِ في الدَّولةِ
الدّيمقراطيَّةِ التي تحقِقُ هذا المفهوم بِإعتمادِها على العلمِ والقوانين الوضعيَّةِ
في حُكمِ الشَّعبِ معَ الحريَّةِ والعدالةِ والمساواةِ بعيداً عن تأثيرِ أَيَّ سلطةٍ أخرى
كالسلطةِ الدينيَّةِ ، إذ إنَّ الدّينَ وُجِدَ ليسَ للحكمِ وإنَّما لِإرشادِ النّاسِ وتوجيهِهم
نحو السلوك القويمِ بِالأبتعادِ عن كُلِّ ما يُسَببُ الأذى والشرَّ للآخرين وهو نوعٌ
منَ العلاقَةِ بينَ الأنسانِ والخالقِ بعيداً عن الأكراهِ أو تدخلٍ من أَيَّةِ جهةٍ كانت
إذ لا إكراهَ في الدينِ ، ومكان التعَبُّدِ والعبادَةِ في الكنيسَةِ أَو المسجد أَو المعبدِ
أَو المندي .. الخ . فنحنُ نرى إنَّ أَغلبيَّةِ شعوبِ الدولِ الأوربيَّةِ وأمريكا وأستراليا
وغيرها من الدولِ المسيحيَّةِ التي يبلغُ أعدادُ سكّنها مئاتِ الملايين هم مسيحيون
بالولادةِ أي وُلـِدوأ عن آباءٍ وأجدادٍ مسيحيينَ ولكن دولهم ليست دولاً مسيحيَّةً
بمعنى أَنَّ نظام الحكمِ فيها لا يخضَع لِسيطرةِ الكنيسَةِ وتعاليمها وقراراتها الدينيَّةِ
وإنَّما الدَّولةُ لِكلِّ المواطنين ، مسيحيين ويهودٍ ومسلمينَ وبوذيينَ وهندوس و
زرادشتيين ومندائيينَ وغيرهم .. فالعلمانيَّة بعيدةٌ عن تأثير ديانَةٍ معيَّنةٍ ولكنَّها
حاضنَةً وحاميَةً لكلِّ الأديانِ في الدولة ويتمُّ تحتَ خيمتها تعايش وتعانِقُ كلُّ الأديانِ
والقوميات وحيثُ تتمتعُ بالحريَّةِ والعدالةِ والأحترام .. هتلر اضطهَد وقتلَ آلافَ منَ
اليهودِ والشيوعيينَ وحاربَ كلَّ القوى الديمقراطيةَ بتهمةِ معاداةِ المسيحيَّةِ وكذلكَ
فعلَ موسوليني وفرانكو وبينو شيت وكلُّ الأنظمةِ الأستبداديَّة في العالم ِالتي كانت
تستخدمُ الدّينَ كغطاءٍ لها في ظلمها وجبروتها بخداعِ الشعوبِ وتخديرها وذلكَ
بِإعطاءِ صِفةٍ إلهيَّةٍ لِحكمها ، منذُ قيامِ أَول الدوَلِ في التّاريخِ على هذه ِ الأرضِ
ارتبطَ حكمُ ملوكها وأَباطرتها بنظريَّةِ التَّفويضِ الألهي لحكمهم الشعوبِ بأَسوءِ
الأساليبِ وأَبشعها وذلكَ بواسطةِ رجالِ الدينِ ومعابدهم وأَديرتهم وكنائسهم
التي كانت لها سلطةٌ مركزيَّةٌ يرأَسها الملكُ أو ألأمبراطور والخلفاء والسلاطين
.. والرؤساء ووالزعماءُ و المرشدُ والوليُ الفقيه في الوقت الحاضرِ

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014