إلاَّ نبدأ نكتب بحرية... فمتى يتحرر العالم من العبودية؟!
كاتب المقال
تعرف الإباحية على أنها إباحة كل ما هو محضور!!
إذن علينا أن نعرف ما هو المحضور، وما هو المباح، وما علاقتهما في الفن الروائي والقصصي، وهل من الخير أن نخوض في هذا الموضوع الخطير الرجيم أم أن نحجم عنه ونكون من المؤمنين الصالحين أمام الناس فقط؟! أما أمام الخالق وذواتنا فالأمر مختلف تماماً.
نحن نعرف أن الإباحية هي كشف الأسرار أو الخفايا والخبايا النفسية والجسدية عند الإنسان دون خجل أو خوف وبشكل مفضوح لا يستقيم له المعنى إلا كذلك!! وعلينا أن نعلم أننا بدأنا مقالنا بكلمة لها مدلولها الخاص وليس العام وقلنا الإباحية في الفن الروائي والقصصي؛ إذن نحن نتحدث عن الفن، عن جوهر الأشياء وليس سطحها، عن معناها الروحي وليس الجسدي الفاني البحت لا قدر الله، نريد وننشد المتعة الخالصة وليست الشهوة الحيوانية أو المنفعية السوقية، لأننا لو أردنا أن نبحث عن قشور الأشياء لوجدناها في الأسواق المكتضة أو في صالات عرض الأجساد المشبوهة لعباد الله الذين لا يعرفون ربهم، طردهم الله من جهنمه الأولى بعد أن يسلب منهم لبهم ليسقطهم في سابعها التي لا رحمة فيها إطلاقاً... ونحن لسنا كذلك ولا طموحنا هو ذاك... أعاننا سبحانه جلّت قدرته وحكمته على نشر الإباحية التي نقصدها في فننا الروائي والقصصي دون منغصات!!
فإذا كان الأمر كذلك، فلا عيب نرى فيه عندما نصف ما نريد وصفه بشكل فني ساحر لنرسم من خلاله صورة الحدث المجسد والمرجو تصويره بانسيابية خلاقة مركزين فيها على الجوهر وليس الشكل أو الطلاء ومن هنا نبدأ ولكننا ومن الظاهر لا ننتهي!! إذ حينما نبدأ في الوصف وكشف الخبايا حتى نسمع فرقعة الطلقات على شكل أصوات وكأنها زئير أسود غاضبة وهي تردد بحنق وعن جهل:
ما هذا الكفر؟!
كيف تسمحون لمثل هذا الفسق أن ينتشر بدلاً من أن يندثر؟! ناهيك عن سبنا وشتمنا والدعاء علينا لتنزيلنا نحو ناصية الدرك السابع وخانته المخصصة لأشرار الأرض والذين هم على شاكلتنا!!
ولكن أين تكمن المصيبة الكبرى التي تزلزل الأرض والتي لا نملك إلا الوقوف على أقدام جدرانها؟!
تكمن في كون هؤلاء الصارخين الصائحين الناطحين المطرقعين المقرقعين أصحاب العقول الصغيرة؛ لا يعترفون بأفانين الفن ولا يقدرون أرضه ولا سماءه ناهيك عن اعترافهم بالإباحية مع ذواتهم فقط!! أثناء الليل الساكن الداكن وهم بمعزل عن رقابة العالم... وتناسى صغار العقول هؤلاء أن ربهم الحي الواقف فوقهم سميع بصير... أغلق الله عقولهم رغم صغرها وجعلها متحجرة صلبة صلدة مثل برونز التماثيل.
فالإباحية التي نعرفها ونقدسها ونبتغيها هي:
البهجة والدمعة، السرور واللوعة، الحب والنشوة، الواقع في السماء، والسماء داخل إطار الواقع الذي نسميه نحن الحياة...
الواقع الذي لا نفهم منه ولا نهتم سوى بروحه المحلقة الطائرة، وجسده المعجون بالصحوة المتحفزة التي تعرف ما تريد، بل ما لها وما عليها، الإباحية هي النشوة الخالصة والرابضة فوق خط نبض الحياة، هي الصورة والأصل، هي الصدق والإيمان، هي اللحظة التي يعمد فيها الإنسان... وهي رعشة الاحتضار في لقاء الرب الأخير والآتي، وهذه من أصدق لحظات الإنسان على الأرض وقبل رحيله، لأن لحظة الوداع هي من أصدق اللحظات التي عرفتها البشرية دون خجل...
هذه هي الإباحية التي نريدها ونكشف عنها في الفن الروائي والقصصي، وهي التي تمتزج فيها المتعة والنشوة في لحظة زفاف ملائكي بين النور الإلهي الصادر عن البرق وشلال الضوء النازل من القمر الفضي الرباني مع أنغام وهمسات ووجد كاتب الفن الروائي والقصصي الحر.