• Default
  • Title
  • Date
الثلاثاء, 05 آب/أغسطس 2014

وجهة نظر حول حرية المرأة المندائية

  موسى الخميسي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

 

ليس لنا أن نساير أو نداري، نبحث في الزوايا المعتمة، وفي الأفكار
المعلنة والمضمرة في حياتنا وعلاقاتنا ،لتعريتها من زيفها ونفاقها، نكشف
ازدواجية المعايير في مجتمعنا المندائي.
دون شك ، عديد منّا ،امتلك الجرأة في دك الحصون التي تحاصر الكثير من
العادات والتقاليد، والمظالم التي لاتزال تتسلط على رأس المرأة وتمنع عنها
الهواء الطبيعي. نصوصهم مقدامة في موضوعاتهم، و يطرحون الأسئلة دون هوادة،
ويلجون المناطق المحرمة منقبين في ألف باء حرية الانسان المندائي .
يخوضون ما تضعه نصب اعينهم من قضايا مدعومة بثقافة واسعة، فهم لايمتلكون
فواصل حاسمة بين مكنوناتهم المختلفة ، لأن جميعها أنهار تصبّ في محيط واحد
وتصنع حقيقتهم وجوهرهم، وهذان الحقيقة والجوهر هما النقاء.
للأسف مشكلة العقلية البطريركية موجودة وقائمة في مجتمعاتنا المندائية
أجمع، وإن بدرجات مختلفة طبعاً، خصوصاً مع استتباب قوانين في بعض البلدان
والمجتمعات التي تحاسب على العنف والذكورية والتطاول على الكرامات. أشعر
أن ثمة لدى الرجل المندائي حاجة ورغبة لتخطي مأزق العلاقات المنمطة
والمتوترة، بقدر الحاجة والرغبة الموجودتين لدى المرأة المندائية،
والتعميمات حول الرجال والنساء بعض الاحيان ظالمة، وثمة رجال نسويون بقدر
ما ثمة نساء بطريركيات يساهمن في ترسيخ العقلية الذكورية والمعايير
المزدوجة والتمييز.
ينبغي أن تعي المرأة المندائية انها تتمتع بالقوة والقدرات، وتكف عن
اعتبار نفسها ضلعا أو ملحقا أو اكسسوارا. أي تغيير لا بد أن ينطلق من
الذات، وما زالت العديد من نسائنا غارقات في الإنكار أو انعدام الثقة
بالنفس. لكي تقلعي عن أداء دور «شهرزاد» ينبغي لك بداية أن تصدقي أنك كائن
كامل بذاته، وأنك تستحقين الحياة من دون اضطرارك الى المساومة أو منح أي
شيء في مقابل الحصول على حقوقك البديهية. وأنك تستحقين سرد قصصك لمتعة
سردها لا من أجل نيل رضى "الملك الرجل" او" سي سيد" أو السلطة.
لا اريد التحريض على الثورة بقدر ما هو تحريض على الوعي. اذ انه ليس
المُلامَ الوحيد على وجوده واستمراريته. دعونا ان لا ننسى أنّ المرأة هي
التي تلد الرجال المستبدين وتربّيهم. وغالباً ما تؤدي الأمهات تحديداً
دوراً مباشراً (بطريقة واعية أو لا واعية) في تجريد بناتهن من قوتهنّ
وإيمانهنّ في أنفسهنّ. ثمة نساء كثيرات عندنا هنّ ثمرة النظام البطريركي:
نساء يفضّلن الرجل الذكوري على الرجل النبيل. نساء يتمنّين إنجاب الصبيان
بدلاً من البنات. نساء في موقع سلطة يُسئن معاملة النساء اللواتي يقعن تحت
سلطتهن. نساء يلتزمن الصمت حيال تعرّض بناتهن للضرب أو التحرش أو التعذيب
أو حتى الاغتصاب. نساء يشجّعن بناتهن على الزواج في سنّ مبكرة لأن الزواج
هو قمة الطموح بالنسبة إليهن: إن التجليات البشعة للمرأة البطريركية لا
حدّ لها للأسف في ثقافاتنا التي ورثناها من مجتمعنا العراقي. بات من
الملحّ للنساء اللواتي يعشن في دول الغرب، أن يتنبّهن إلى العدوّ الذي في
دواخلهن قبل محاربة العدو الخارجي. بات من الملحّ أيضاً وضع حدّ للخلط
المجحف، التعميمي، بين الرجال والعقلية البطريركية. ليس كلّ رجل عدوّاً،
ولا كل امرأة حليفة. ولن يحدث أي تغيير إيجابي في مجتمعاتنا المريضة قبل
أن تبدأ الأمهات في تربية الأجيال الجديدة بطريقة مختلفة، قائمة على
المساواة والاحترام بين الجنسين.
ازدواجية الرجال الشرقيين أو انفصامهم بين المعلن والمضمر بين الممارسة
والنظرية، أصبحت للأسف هذه الإزدواجية هي المعيار. وهي سجنٌ كبير ومرعب
أيضاً. أن تكوني عراقية وايضا مندائية اليوم يعني، أولاً وخصوصاً، ومن دون
تعميم، أن تتقني فن الازدواجية والتمثيل والكذب والخبث. لماذا؟ لأنه ممنوع
عليك أن تعيشي وتفكري وتقولي ما تريدين عيشه والتفكير فيه وقوله، بصدق،
وعفوية، وشفافية. ممنوع عليك أن تقولي الحقيقة الفجّة، لأنّ الغالبية
تحتاج إلى وهم الأكاذيب المطمئن. الظلاميون يتكاثرون في ثقافتنا
كالفطريات، وبتنا نعثر على أشباههم في كل مكان. ومن شيم هؤلاء تشويه كل
شيء حرّ، وخلاّق، وجميل، وخارج على سرب التفاهة والنفاق والازدواجية،
لمصادرته، وإلغائه. نتيجة ذلك، نحن نعيش في ثقافة تدّعي الانفتاح حين
يناسبها ذلك، و"المحافظة" حين تكون المحافظة أكثر تماشياً مع مصالح
الساعة. هؤلاء الإزدواجيون يدافعون عن القيم، والقيم منهم براء. يدافعون،
من جهنّمات عقولهم ونفوسهم وأجسادهم المريضة والمعقّدة، عما يجرؤون على
تسميته بالشرف والكرامة والأخلاق، في حين أنهم لا يفهمون من الشرف
والكرامة والأخلاق سوى "ذَنَبها". أي ما هو ظاهر منها فحسب. هؤلاء هم
سارقو حرياتنا الفردية والمدنية (حرية العيش، حرية الخيار، حرية التعبير...)
، سارقو الدين ومشوِّهوه وقاتلوه. وسارقو الثقافة ومشوِّهوها وقاتلوها.
وسارقو المستقبل ومشوِّهوه وقاتلوه. وسارقو المدنية وسارقو تراثنا
المندائي النبيل النيّر ومشوِّهوه وقاتلوه. ولعلّ هذه الإزدواجية، الناتجة
خصوصاً من الجبن والجهل، والسائدة في الحياة الخاصة الداخلية والعامة على
السواء، هي الطامة الكبرى في حق هويتنا العراقية المندائية المعاصرة.
اعتقد أن الأولوية العظمى هي للاستقلالية المادية للمرأة، والبقية تتبع.
أنجع طريقة لتجاوز العنف والكبت اللذين تخلّفهما الذكورية، لا بل القضاء
عليهما تماماً، وصول المرأة إلى الاستقلالية المالية. ليس هذا فحسب، لا بل
أنا أناشد المرأة، كل امرأة، بأن يصير الاستقلال المالي هوساً لديها.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014