طباعة هذه الصفحة
الثلاثاء, 22 أيلول/سبتمبر 2015

قراءة في كتاب الزرادشتية .. تاريخاً وعقيدةً وشريعةً ( دراسة مقارنة )

  عزيز ساجت
تقييم هذا الموضوع
(2 عدد الأصوات)

كتاب من تأليف الدكتور خالد السيد محمد غانم ، المراجعة التّاريخية والتقديم د.منذر الحائك ؟، خطوات للنشر والتوزيع ، سوريا / دمشق / جرمانا ./ 2009م.

مقدمة الكاتب :
أنا زرادشت
سأكون بالحق ما استطعت
عدواً لمعتنقي الظلال
وملاذاًللمؤمنين بالحق
وحتّى أنال أملي بدار الخلود
سأظل يا مزدا ، أرتل لك واحمدك .
من تعاليم( اليسنا :43/ 8.7).
اٍن الإنسان – أي إنسان – لا يمكن أن يحيا بدون دين ، والأمة – أي أُمّة – لا يمكن أنْ تعيش بدون عقيدة ، وتعاليم تحكم تصرفاتها ، فلم يذكر التّاريخ أناساً عاشوا على هذه البسيطة دون اْن يتدينوا بدين ، أو يتحاكموا الى تعاليم ، ولا أدل على ذلك من هذه العقائد المتعددة ، والعبادات المتشعبة ، والتّعاليم الكثيرة ، ليس في البلاد أجمع ، بل في هذا البلد الواحد ، وليس في الأديان جميعاً ، بل في الدّين الواحد .
ومن هنا ، فإنّ دراسة الأديان من أهم الموضُوعات التي تهم الإنسانية في حياتها ؛ إذ أنّ الّدّين هو الذي يشكل عقل الأمة ، ويحدد طريقها ، بالإضافة إلى انّه يمنح الباحث البصيرة في تمييز الحق من الباطل ، والدّين الذي يتوائم مع الفطرة ، ويتلائم مع العقل والمنطق .
ومن هنا كانت أهّمية دراسة مقارنة الاديان ، السماوية منها والوضعية ، ومنها الديانة الزّرادشتيّة . وكان هذا الكتاب الزاخر بالمعلومات .
ومن المعروف ان تعداد نفوس مريدي الديانة الزرادشتية يقدر ب (15 ) مليون نسمة موزعين في جميع انحاء العالم لكن مركز الديانة هي ايران .

يقول واضع المراجعة اللغوية والتقديم ، قد لا تختلف الديانة الزرادشتية ، حتى في كثير مكن تفاصيلها ، عن الاديان العالمية وخاصة السماوية منها ، ومع ذلك ، فقد جرت العادة ، ان لا يعترف اتباع الديانات السماوية بالزرادشتية ديانة سماوية ، بل يعدونها ديانة وضعية ، بينما الديانة المسيحية تقر بالهودية ديانة سماوية سابقة لها ، فقد نبعت من ارض واحدة متقاربة ، وتداخل تراثها الفكري والروحي بشكل كبير ، حتى انها تعد ديانة واحدة متسلسلة ومتجددة عبر عدد من الانبياء .
لكن ما يدعوا الى الدهشة ، هناك تشابها واضحا بين الديانة الزرادشتية وبين بقية الاديان الاخرى ، من ناحية المعتقدات ، فترات الزرادشتية ، اضافة الى عقيدة التوحيد ، ويتضمن ادبا اخلاقيا غاية في الشفافية ، يحب الحق ويقدس الصدق ، كما يبشر الدين الزرادشتي بالمخلص الذي سيولد وينقذ العالم من الشرور والاثام .
ومن المعروف ان عقائد الديانة الزرادشتة تتمحور وتتمركز حول الاله الواحد الكبير المطلق ، وهو : اهورا – مزدا ، وتعني ( الكبير الحكيم ) الذي تحف به الملائكة ، وقد اصطفى هذا الاله داعيته ونبيه زرادشت ، وارسله الى الناس كافة ، ولما واجه الاضطهاد من قومه هاجر عنهم ، حترى تمكن من نشر دعوته ، بعد ان اظهر العديد من المعجزات ، وخاصة إبراء المرضى المزمن ، من معجزات زرادشت بشفاء الامراض لمعرفته بخصائص الاعشاب .
وكما كان للزرادشتية أنصار يؤمنون بها كان لها اعداء ينكرون نبوة زرادشت ، بل ومنهم من ينكر وجوده اصلا ، ولكن سواء اكان زرادشت شخصية اسطورية ام حقيقية ، فهو موجود بقوة في التراث الديني الذي اقام صرح الديانة الزرادشتية ، وجعلها تقاوم الاضطهاد وتتحدى الزمن ، فاستمرا دعواته بحيث لا يستطيع احد إينكاروجودها ، وكذلك فاننا إذا إنكار وجودها ، وكذلك إذا أنكرنا نبوة زرادشت فإننا لا نستطيع ان ننكر مثصلحاً قدم برنامجاً إصلاحياً اجتماعياً روحياً متطوراً بالنسبة لزمانه ، ويبدو أن الفيلسوف الالماني نيتشة كان خير من عبر عن حقيقة هذا البرنامج الاصلاحي في كتابه ( هكذا تكلم زرادشت ) ، بقوله على لسان زرادشت (ص206 - 207 ) .
(( لقد عرضت لأنظار النّاس كواكب جديدة
وليالي لا عهد لهم بها .
نثرت الفرح على غيوم اللّيل
وعلمت النّاس جميع افكاري .
ليتعلموا إبداع المستقبل
ولينقذوا الإنسانية مما أدرج الماضي في أغوارها .
بهذا رأيت السّلام للنّاس
وأنا الآن أتوقع السلام لي .
ولأنّي اريد أنْ أذهب من بينهم الى الفناء ، أودعتهم أثمن كنوزي .
لقد تعلمت هذا الجود من الشّمس .
التي تلقي على البحار نضارها وهي تتوارى في الظّلام .
حتى ترى أفقر الصّيادين يُداعبون صفحة البحر بالمجاذيف المُذهبة .
هكذا يُريد زارا أن يتوارى فيغرب كما تغرب الشّمس )).

يتبع لطفا ، مع ارق تحياتي .

الدخول للتعليق