• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 10 نيسان/أبريل 2013

مَنْ الذي يُهدّد وجودَ المندائيين؟

  عبد الجبار السعودي
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

ليس الذي نطالعه من قبل البعض من حين لآخر بالجديد والمستحدث والمستنتج مع الأحداث ،من أن المندائيين في الوطن العراق ومن ثم دول جواره (دول اللجوء) وحتى (إيران) مستهدفين بسبب بعض الكتابات والأصدارات من تعليقات وأخبار التي ينشرها بعضاً من كتــّابهم و مثقفيهم تحديداً، فلقد عشنا أحوالاً مماثلة منذ أكثر من عقد من السنين حول هذا الموضوع المختلق في عنوانه و في تفاصيله ، وعانى المثقفون الوطنيون المندائيون عموماً من التلويح بالعصا لهم ومن ثم التخويف والترهيب ومحاولة تحييدهم، بضرورة الأبتعاد عن الاساءة لأنظمة البلدان التي يعيش فيها المندائيون أو الأشارة الى ظلم وتعسف تلك الحكومات الجائرة أو ما يهدد مصالحها الفكرية والسياسية والطبقية!! فما أن ينشر أحدهم مثلاً قصيدة ما للجواهري في زمن النظام الصدامي المجرم ( الذي أسقط الجنسية العراقية عن الجواهري ذاته وعن غيره من المثقفين العراقيين ) فإن نشر مثل تلك القصيدة ستشكل خطراً واضحاً على المندائيين وعلى وجودهم وعلى ديمومة المياه المقدسة لنهري دجلة والفرات و (شاخات الأنهر)! وما أن يكتب أو ينشر أحدهم قصيدة للشاعر سعدي يوسف أو للشاعر الكبير مظفر النواب، فهذا أنحياز معلن مع للشيوعيين وخطرهم القادم! أما لو جاء التضامن مع تشيلي وشعبها ضد نظام بينوشيت الفاشي، وهي البلد التي تبعد عن العراق بعشرات الآلاف من الكيلومترات، أو مع شاعرها وفنانها (فكتور جارا) الذي قطعت يداه الأثنتان من قبل الأنقلابين في 1973 وظل يغني، فهذا يعني تهديداً مباشراً و خطراً سيعصف بأنظمة صدام والخميني و سيمحق بسلالة سومر المتبقية من المندائيين!! وحتى الصور الملتقطة التي تصوّر البؤس والفاقه والعوز الذي يلف العراقيين وأضطرارهم للأستجداء أو ممارسة أعمال مهينة لأنسانيتهم وكرامتهم كبشر في سنوات الحصار المعروفة، حتى تلك الصور كان يجري الأعتراض عليها لأنها تهدد نظام البعث و تسيء اليه! لكون أمارة مونت كارلو وسكانها كانوا يحسدون العراقيين على رخاءهم الذي فاق رخاء تلك الأمارة الزاهية في تفاصيل عيشها!!

 

هكذا (عشنا) وبعدها ( رأينا) الأحوال المستجدة، فلا صدام أحسنَ الى المندائيين و جنّبهم عذاباته للوطن وشعبه ومعها جرائمه المتعددة التي أنتهت بهم وبأولادهم قتلى وأسرى و مفقودين في السجون وجبهات القتال ومن ثم بهم لاحقاً، مبعثرين ومشردين بسبب حروبه و مغامراته في أيام حكمه، إلا بما يضمن الدعاية له أمام المجتمع الدولي، ولا آيات الله في إيران و نظامهم قد أحسنوا للمندائيين ومنحوهم كامل الحقوق الأنسانية كما تنص المعاهدات الدولية وحتى اللحظة، ولا الذين راهنوا على بقاء و ديمومة النظام وفكره وسياساته و طبلوا له ومدحوه قد بقوا معه الى النهاية وحتى آخر ساعاته المعروفة و دافعوا عنه، فقد هاجر الكثير من هؤلاء مع الملايين الهاربة من الحروب والحصارات المتعددة و البطش!

 

كل ذلك الذي كتبتهُ أحداث العراق قد مضى و يمضي ومضت قبله بعض من تلك الأنظمة وجاء معها الأحتلال بمباركتها هي ذاتها قبل رحيلها، والمندائيون من حال سيئ ٍ الى حال لا تسر ( هُم أعرف بها قبل الأصدقاء والمُحسنين ) تعج بهم المخاطر المتلاحقة و تنزف دماء أبناءهم من حين لآخر تحت سطوة التطرف الديني و ينزف وجودهم ، دون أن تؤثر في الحكام على مختلف مللهم ونحلهم و توجهاتهم السياسية ، برقية ما ذليلة كأصحابها أو قصيدة ما لشاعر مهزوز ولعين تمدح بحاكم أهوج و صفيق و تنصفه فوق الآلهة وهو لايعدو كونه جورباً أخرقاً و نتناً !! كل ذلك لم يحدث ولن يحدث، لكن الذين يهتزون هلعاً وخوفاً على أمتيازاتهم ومصالحهم الفكرية والذاتية الضيقة هم الذين يطالعوننا من حين لآخر بتسريبات و ( خرّوعات ) لا أصل ولا فصل لها عن الحكام الأشاوس و مضايفهم العامرة الذين لا يزالون يمسكون بسياطهم ، جالدين و مفزعين لعامة الناس، وكذلك عن الخطر الذي سيعصف بالوجود المندائي في هذا البلد أو ذاك عند الأشارة الى هؤلاء الطغاة، وكأن أجهزة مخابرات ودوائر الأمن وأجهزة الرقابة لتلك البلدان لا شغل لها ولا همّ لها سوى مراقبة المندائيين وما يكتبوه وتحركاتهم وبرامجهم السرية الخطيرة التي تهدد مستقبل البلدان!

 

لن نستغرب إن طالعنا أحدهم يوماً ما من أن ( خطاً تليفونياً دولياً ساخناً ) قد تم أقامته بين الرئيس الأمريكي (أوباما) والرئيس الروسي (ميدفيديف ) والصيني (هو جين تاو) لتجنب تهديدات حروب نووية كارثية محتملة الوقوع بسبب المقالات التي ينشرها الكتاب الوطنيون المندائيون أو بسبب الأخبار التي يتداولونها حول الأنظمة المجرمة التي تسحق بشعوبها دون رحمة في أية بقعة من بقاع العالم الملتهبة !!

 

ليس هناك أعتبارات ما في قانون محلي أو دولي أو شريعة ما تعترف بوجود المندائيين توجب عليهم أن ينصاعوا لأرادة هذا الحاكم أو ذلك القانون ولا يكتبوا أو ينشروا مقالة ما أو يتداولوا خبراً ما. كل هذا وغيره لا وجود له، إلا في أذهان حاملي (خيالات المآتى) الذين ينتقون بعض الكتابات و يتعاملون معها بأنتهازية واضحة ومفضوحة كما نرى من حين لآخر! فالإساءات التي تشير الى أوضاع العراق السياسية المتدهورة ومظاهر الفساد و الفضائح، يسارع هؤلاء البعض الى التطبيل و الترويج لها، بل و يسيئون للقوى الوطنية النزيهة التي تحارب كل تلك المظاهر، فيما ينتفضون ضد أية إساءة تشير الى حاكم عربي ما أو نظامه، معتقدين أنه سيحمل لواء المندائية يوماً ما، رافعاً ( درفشهم ) ومدافعاً عنهم!

 

المندائيون في العراق وفي كل الدول المجاورة له أو البعيدة عنه يُعاملون كما هو معروف كعراقيين من خلال وثائقهم و وجودهم ومصالح ذلك الوجود كأفراد وليس من خلال تبعيتهم الدينية، وبعيداً عن كونهم يمثلون حزباً سياسياً معارضاً يعادي ما موجود من نظام حكم في العراق أو لأنهم طبقة بروليتاريا ثائرة أو نهجاً فكرياً يهدد مصالح كل هؤلاء الحكام من ملكيين أو جمهوريين أو أنظمتهم أو حتى الأديان عموماً. كل ذلك لا وجود له والأنظمة ذاتها و مؤسساتها المختلفة من أمنية أو مخابراتية أو أعلامية تعرف ذلك جيداً ولهذا فإنها و بسبب سياساتها التعسفية تنتقي أفراداً أو مجموعات للتطبيل لمثل هذه المخاوف والتهديدات المزعومة بسبب مقالة ٍ أو خبر ٍ ما أو صورة ٍ ما!

 

إن أي طارئ ٍ لا نتمناه سيحصل لأقامة العراقيين كمواطنين في سوريا أو الأردن أو اليمن أو ليبيا أو لبنان أو مصر أو الأمارات أو غيرها بسبب صراعات و تصفيات الحكومات العربية ذاتها والتي لا تعرف مجتمعاتها شيئاً عن المندائيين سوى كونهم عراقيين مهاجرين، فالمندائيون ليسوا أستثناءً منه على الأطلاق وسيقف بالضد منه وقبل المجتمع الدولي و منظماته الدولية كل الوطنيين العراقيين كما هو حالهم دوماً ولأعتبارات أنسانية واضحة وليس لأي أعتبار طائفي أو مذهبي أو سياسي.

الدخول للتعليق

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014