طباعة هذه الصفحة
السبت, 16 تشرين2/نوفمبر 2013

حوار مع مدير عام شؤون الصابئة المندائيين توما زكي زهرون

  توما زكي زهرون
تقييم هذا الموضوع
(0 عدد الأصوات)

الأمانة العامة لمجلس الوزراء لم تطبق قانون الأوقاف رقم 58 لسنة 2012 بالشكل الصحيح

سانت ليغو المعدل التفاف على القوى ذات التوجه المدني

استغلال السياسي للطوائف يطيح بالتوجهات الوطنية

مقدمة الحوار:

دينهم الصدق، وديـدنهم التطهّر. أصليّون كالماء الجاري، وحزانى كالأنهار على ما ينوب بلدهم من محن ونكبات ومصائب. الصابئة المندائيّون في العراق، لهم كجميع المكونات أحلامهم الوطنية ؛ لكنّهم يعيشون اليوم في خضم واقع منقسم تطوّح به المشاكل وتترصّده الاحتمالات من كلّ جانب. هم يصبرون أيضا على ما يجري من آلام؛ ولعل مردّ ذلك أنّ "العذاب في نظرهم – مهما كان نوعه – إنّما هو تطهيرٌ للروح". وأمام الواقع العراقي ربما لا يسعفهم الكلام الشاعري عن الأحلام والطموحات ونيل الحقوق والحريات والعيش الكريم والمشاركة في صنع القرار. عن كل ذلك تحدثنا مع مدير عام شؤون الصابئة المندائيين في ديوان اوقاف المسيحيين والازيديين والصابئة المندائيين توما زكي زهرون فكان هذا الحوار :

صوتَ مؤخرا على قانون "سانت ليغو" للانتخابات . كيف هي تصوّراتكم عنه وهل لديكم وجهة نظر مغايرة ؟

من المعروف أن الانتخابات هي وسيلة من وسائل التداول السلمي للسلطة. لكننا نرى في التصويت على قانون الانتخابات "سانت ليغو" المعدل التفافا على القوى والأحزاب ذات التوجه الليبرالي والمدني وتقلص من مساحة حضور برامجهم على الساحة العراقية. الشارع السياسي اليوم حافل بالتخندقات الطائفية وستبقى العملية السياسية في خطر مادامت الطبقة السياسية مستمرة في استغلال الطوائف وتكرس لها بعيدا عن التوجهات الوطنية. قانون الانتخابات بصيغته الحالية لايكرس سوى النهج الطائفي الذي لايخدم المصلحة العليا للبلاد. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة هنأت القادة السياسيين على التصويت على قانون الانتخابات إلا أننا نؤكد أن العراقيين أدرى بمصالحهم وكما يقول المثل "أهل مكة أدرى بشعابها" وأمريكا تريد الإبقاء على "الديمقراطية الشكلية" .

كيف يقرأ الصابئة المندائيون محطات مفهوم "الشراكة السياسية" ؟

الشراكة شكلية والعراق بحاجة إلى رؤية وطنية تخلصه من الطائفية. والوطنية ليست بجديدة على العراقيين فنحن في الخمسينيات والستينيات نشأنا وتربّينا عليها. ويكون الإنسان وطنيا عندما تتوفر له المعيشة الكريمة. ومفهوم الشراكة بوضعه الحالي أظهر خلافات وإشكالات ومازال العراقيون يتمنون بكل مكوناتهم العبور من خطر التخندق الطائفي. إلى جانب ذلك فإن بنية العملية السياسية لابد أن تتغير وتبنى على أسس وطنية وليست طائفية أو فئوية ، والبناء الخاطئ للعملية السياسية في العراق بعد العام 2003 قد حرم الأقليات الكثير من حقوقها والطريق ما زال صعبا أمام بناء الديمقراطية بعد التغيير في العراق منذ العام 2003. وحاليا في ظل نظام المحاصصة مازلنا بعيدين عن تحقيق الهوية الوطنية ولدينا لبنان كمثال فهو منذ 1970 يعيش بلا حكومة ويواجه صراعات وتحديات. يجب علينا إعادة بنية تشكيل النظام السياسي على أساس الهوية الوطنية وليس على أساس برنامج طائفي.

مازال تناقص أفراد الصابئة المندائيين وهجرتهم خارج البلاد مادة لوسائل الإعلام منذ 2003. كيف تنظرون إلى حدث هجرتهم ؟

الهجرة خارج البلاد ليست مقتصرة على أفراد الطائفة الصابئية وهي حالة موجودة تشمل جميع الأفراد ومن مختلف المكونات العراقية. وكانت نسبة الهجرة كبيرة ومقلقة بالنسبة لنا. والمغتربون هاجروا لأسباب والأسباب هي أن البطالة باقية، والإرهاب، وقلة فرص تحقيق العيش الكريم؛ لذلك نرى أن الأعداد القليلة للأقليات تؤثر عليها إذا ما تعرضت للاستهداف.

كيف تعلقون على ملف "الحريّات" اليوم ؟

الحريات الشخصية أمام امتحان عسير. ونحن نتكلم كصابئة وكعراقيين عانينا مدة خمس وثلاثين سنة من الاضطهاد والاستبداد. عانينا كل أنواع الاضطهاد الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وكنا نحلم بعد زوال الدكتاتورية بأننا سوف نرى ونعيش الحرية كحق وطني يستحقه العراقيون. ولكن مع الأسف الشديد حضرت الطائفية وخطابها المتنافر مع روح ووجدان هذا البلد. وعلى أصحاب القرار اليوم أن يتنبهوا إلى أن الحريات أصبحت ملفا عالميا ودولياً وأي انتهاك تتعرض له سيكونون مسؤولين أمام المجتمع الدولي الذي يراقب ويحث على تطبيقها وتقدمها بما يخدم الجميع. ولكي تعيش الحريات بشكل سليم يجب التخلص من التخندق الطائفي وترسيخ ثقافة قبول الآخر.

ماذا تقولون عن تأخير إقرار قانون الأحزاب ؟

قانون الأحزاب أحد المفاتيح المهمة لكسر برنامج العملية السياسية المبني على أسس طائفية. قانون الأحزاب سيتيح مثلا السؤال عن الموارد المالية لأي حزب ويعطي مجالا لجميع الأحزاب أن تكون متساوية . العملية السياسية اليوم من دون برامج عمل وقانون الأحزاب إذا تم إقراره سيقف الجمهور العراقي على برامج واضحة وعناوين صريحة وسيكون ذلك مساهما في تطوير الوعي الانتخابي لدى الفرد العراقي. ومع ذلك فقانون الأحزاب غير كاف فالجالسون على كرسي السلطة يوهمون المواطن أنهم يعملون لمصلحة البلاد العليا ولكنهم في الحقيقة يتخذون من ذلك حجة ويعملون من أجل طوائفهم ويمثلونها فقط.

تحدثتم عن القوانين، كيف هي رؤيتكم للدستور؟

إنّ هواجس الطائفة الصابئية هي جزء من هواجس المجتمع ككل. وبلاشك الدستور خطوة جيدة في عملية بناء العراق الجديد. لكن الدستور كتب في مرحلة كانت سريعة. وفيه كثير من المواد بحاجة إلى إعادة نظر، وصياغة، أو حتى حذف. وعلى سبيل المثال يوجد أن العراقيون متساوون أمام القانون لكننا نجد في المادة 41 ما يخالف ذلك ويكرس للطائفية في المجتمع. وإن الإشكالات والتحديات التي تواجهنا هي صعوبة اتفاق السياسيين على مادة. ولو بدأنا بمشروع إعادة الصياغة ستواجهنا خلافات كثيرة. وهذا ناشئ من صعوبة التقاء السياسيين على رؤية موحدة التي يجب أن تكون فاعلة وسريعة من أجل الوصول إلى دستور وطني.

موضوع " أملاك الطائفة" أين وصلتم به، وهل مازالت هناك أملاك لم يتم استردادها؟

هناك ما يعرف بـــ "نادي التعارف المندائي" في بغداد وتحديدا في منطقة الزوراء. النظام السابق استولى عليه وعوضنا بمبالغ عن المنشآت التابعة له. وعن هذا النادي راجعنا مؤسسات الدولة من أجل استعادة المبنى نفسه أو تخصيص أرض بديلة لإنشاء ناد جديد، ومازالت المطالبات حول هذه القضية مستمرة. وهناك أيضا "بيت المعرفة المندائي" وهو مشروع دخل ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة. وقد وضع له حجر الأساس وهو في الوقت الحالي قارب على الإنجاز. مقره في منطقة القادسية وسنقوم باستلامه في الشهر المقبل. كذلك تم استملاك بيت الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد بسبب موقعه القريب من أبنية عائدة للمندائيين.

في أكثر من مرة شاركتم في مؤتمرات حوار الأديان. حدثنا عن تلك المشاركات ؟

نعم. شاركنا في عدة مؤتمرات وآخرها مؤتمر كبير عقد في مدينة النجف. لكنني أود ان أشير إلى قضية مهمة وحساسة وهي أن المؤتمرات من هذا النوع التي تقام خارج العراق لايسمح فيها للصابئة والايزيديين بالحضور والمشاركة بحجج مختلفة. وآخرها المؤتمر الذي عقد في الدوحة. ومن أجل ذلك قدما رسائل اعتراض واستفسار عن الأسباب إلى الخارجية العراقية وكان الجواب أن الدولة المضيفة لم تمنح تأشيرات الدخول للمشاركين.

الصابئة معروفون للنخبة هل لديكم مشاريع لتعريف النشء الجديد على تاريخكم ومعتقداتكم وأهمها كتابكم المقدس "كنزا ربا" ؟

هذا سؤال مهم. نعم. هناك مبادرات للتعريف من أجل التوعية بوجود آخر وأن العراق متنوع وزاخر بالروافد الحضارية. تم عقد مؤتمرات وندوات ولقاءات مع منظمات مجتمع مدني وممثلين عن وزارة التربية. وتم الاتفاق إلى أن تضاف في المناهج الدراسية معلومات حول الصابئة المندائيين . إلى جانب ذلك اختيرت بعض المقاطع من كتاب "كنزا ربا" في بعض المناهج. ونحن نريد أن تكون هناك فصول متكاملة وليست مقاطع تقول إن العراق عريق بتنوع أطيافه ودياناته وأعراقه. هذا هو عراقنا القديم تنصهر تنوعاته في بوتقة واحدة وطنية ومن أجل بث هذه الثقافة يجب أن تكون هناك برامج فعالة. لذلك نطلب من الكتل السياسية أن تعيد النظر وتدرس حساباتها وأن لا يتم إغفال المآسي. يجب أن يتنازلوا عن مصالحهم وأن يتم الكفّ عن الخطاب المؤدلج الطائفي وأن لا يعولوا على الأجنبي أو الاستقواء بدول الجوار في حل مشاكلنا. العراق اليوم يقع في المرتبة التاسعة من حيث الموارد الطبيعية وهو غني بثرواته المادية والبشرية ومليء بالكفاءات والمخلصين.

هل هناك عقبات تواجهونها في تطبيق قانون الأوقاف ؟

هناك موضوع حساس جدا. نحن، الصابئة المندائيين لدينا عتب على الأمانة العامة لمجلس الوزراء ؛ فهي لم تطبق قانون الأوقاف رقم 58 لسنة 2012 بالشكل الصحيح. ووفقا لما تمليه علينا مصالح طائفتنا قمنا بتقديم شكوى إلى "محكمة القضاء الإداري" وسنحترم أي قرار تصدره هذه المحكمة. وحول هذا الموضوع قدمت رئاسة طائفة الصابئة المندائيين "تظلما" الى الامانة العامة لمجلس الوزراء بشان القرارات الخاطئة التي اتخذت وأدت إلى حرمان الصابئة من حقهم الذي كفله لهم الدستور العراقي في المناصب العليا في الديوان "منصب وكيل رئيس ديوان". ونظرا لأهمية الموضوع ناشد فضيلة رئيس طائفة الصابئة المندائيين فضيلة الريش امه ستار جبار حلو في مؤتمر صحفي رئيس الوزراء نوري المالكي والبرلمان للتدخل لوقف محاولة سلب الصابئة المندائيين حقوقهم.

الدخول للتعليق