• Default
  • Title
  • Date

مشهد رقم1 / كنت صبياً بستينات القرن الماضي بمرحلة الدراسة المتوسطة ... خرج إبن عمي الشهيد ستار خضير من (ديوانية) دارنا الواقعة، في بغداد بمحلة الصالحية منطقة بستان البيجات بعد فض الإجتماع الحزبي مع رفاقه وكما يبدو من الكادر المتقدم بالحزب وخروجهم من الدار واحدا واحدا ، وهو يبحث عني أو أحد من إخوتي داخل الدار مناديا ... خالد أكَدر أكلفك، فرِحتُ وأشرتُ له فورا بالإيجاب فأخبرني تاخذ هاذي الرسالة المهمة (ظرف مغلق)، تندل بيت عمك (أبو حميد) حيدر صكَر في منطقة حسون أغا (وهي مجاورة لمنطقتنا)، قلت طبعا نعم ، فوصف لي دارا مجاورة لبيت عمنا هناك، فتذهب الى تلك الدار المعنية ولا تسلم الرسالة هذه لأحد إلا لشخص إسمه عزيز سباهي وتتأكد منه قبل تسليمه الرسالة، هل عرفت الدار وهل فهمت، أجبته رأسا بأني أعرفه كون نفس الدار يسكن صديقي الحميم عاطف عبد الشيخ ، قال نعم جيد ... يالله سبع خذ الظرف وإذهب الآن وأنا بإنتظارك ، ذهبت وأديت المهمة بنجاح حيث سلمت الظرف لأبي سعد شخصياً مع ابتسامة شكر طيبة مُعبّرة منه وعدت مسرعا لأطمئن العزيز أبو مي ففرح وشكرني وغادر دارنا بهمة وحذر وهدوء كعادته

مشهد رقم2 / أيام الحرس القومي السوداء الحالكة بحقبة البعث الأولى ، إنتشر خبر بين الأهل والعمام مفاده نيّة تسفير إبن العم أبو ظافر (المناضل النقيب المتقاعد جبار خضير الحيدر - من الضباط الأحرار والشقيق الأكبر للشهيد ستار خضير) من سجن رقم 1 الى سجن نقرة السلمان عن طريق محطة قطار البصرة بمنطقة السكك بالكرخ، فهبّت عوائلنا من بيت الحيدر وباقي الأقارب والمندائيين والمعارف الطيبيين ليودعوا أبو ظافر ورفيقه المناضل الأستاذ عزيز سباهي ... لإراهما وبكل ألم وحرقة وهما مقيدان في كلبجة واحدة كما أتذكر وكأنهما تؤمان لا يتفارقان وسط حشد من الشرطة والأمن والإنضباطية مما حزّ في نفسي ، مع هذا ورغم تألمي لكني سررت بفخر حينها حيث لم أنسى تلك الإبتسامة التي تبعث على الأمل يوماً والمعنويات الشجاعة العالية من كل من البطلين المناضلين أبو سعد له الذكر العطر وأبو ظافر له الصحة والعمر المديد

مشهد رقم3 / في بداية الثمانينات من القرن الماضي كنا أنا وأخي د.موفق نعمل بجامعة سطيف بالجزائر والتي تبعد حوالي الخمس ساعات عن العاصمة الجزائر وكان علينا يوما الذهاب مساءا الى العاصمة على أن نقضي بعض الحاجات والأوراق الرسمية بالصباح لنعود بعدها الى مكان اقامتنا وكنا قد رتبنا أمور قضاء ليلتنا هناك عند بعض الأصدقاء الفلسطينيين ، وعلمنا بأن بيت الفقيد الراحل الأستاذ عزيز سباهي وعائلته الطيبة بنفس ذلك الحي بالعاصمة (حيث كان يعمل أستاذا بمعهد عالي هناك)، فعزمنا على زيارتهم لا سيما وقد اتصل اصدقائنا بهم (وهم أصدقائهم أيضا) ليفاجئونهم بأننا ضيوفهم فألحوا علينا بزيارتهم ، فزرناهم بذلك المساء لشرب الشاي عندهم فرحبوا بنا أيما ترحاب لا سيما وهم كانوا قد عاشروا لفترة ما بالجزائر شقيقي موفق وتولدت علاقة محبة ومودة رائعة أخوية بينه وبينهم فقضينا سهرة ودية طيبة رائعة قلّبنا مواجعنا وتذكرنا الأهل وبغداد والأصدقاء وأحاديثنا كانت لا تخلو من المواضيع السياسية وظروف العراق الصعبة والحرب الدائرة، وكانوا حينها فائقي الكرم وحسن الضيافة

مشهد رقم4 / بعد وصولنا أنا وعائلتي من ليبيا الى كندا 1997 كان الأستاذ المؤرخ والباحث عزيز سباهي قد أصدر كتابه المشوق (إصول الصابئة المندائيين) وعمل له المندائيون وباقي أبناء الجالية العراقية الطيبون أمسية ثقافية بمناسبة صدور كتابه المذكور في قاعة حكومية جميلة كبيرة بتورونتو تليق به ، وكانت محاضرته مفيدة غنية بحثية بحته وعلمية رصينة وإلقاءه كما أذكر كان هادئا ودودا موسوعيا وقد تحمل بكل صبر وتفهّم بعد إنتهاء المحاضرة أسألتنا كباحث علمي وأجاب عليها بكل ترحاب وتوضيح وترافقه إبتسامته الودودة المعهودة ، مؤكداً في مجال بحثه هذا بعد سؤال قد طرح عليه مفاده ، ما مستقبل المندائيين في وضعنا الشائك الحالي وبظل أي وضع سيتم تأمين مستقبلهم وإستمراريتهم، فأجاب لا مستقبل لهم كما لغيرهم من المكونات العراقية الأصيلة إلا بظل نظام إشتراكي مدني يحميهم ويحفظ لهم كرامتهم ويصون حقوقهم الثقافية والدينية

مشهد رقم5 / في أحد التجمعات المندائية الصيفية لشمال أميركا، كان الفقيد أبو سعد سعيدا جدا عند جلوس بعض المهتمين بكتاباته وأنا منهم سوية معه لنناقش كتابه الرائع الصادر حديثا حينها حول إصول الصابئة المندائيين ونقاط بلوغ النهاية لبحثه هذا من دون الإستمرار أبعد من ذلك، فكنت ألح عليه وأترجاه بأن يحاول أن يستمر في بحثه ليكمل جزء لاحق لما تضمنه كتابه المشوّق ذاك وليصل الى أبعد مما وصل اليه في بحثه حيث توقفه عند ذلك يجعل القاريء متشوق جداً للتوغل أبعد لمعرفة خفايا ما قبل شعوب البحر الميت وتاريخهم!؟
فأجابني بكل إهتمام وثقة كباحث علمي أمين يعتمد أسس البحث الرصين مستندا على المصادر الموثوقة لتلك الحقبة وما قبلها وأخبرني بأنه لم يجد تلك المصادر العلمية الواضحة الرصينة ليستند عليها للتوغل في بحثه بشكل أقدم ما قبل تلك الحقبة ولهذا السبب قد توقف هناك ولم يجرأ على الذهاب أعمق ، فزاد إعجابي برده وبه لإمانته العلمية كباحث رصين لا يعتمد على هشاشة وفرضيات غير علمية بما يكتبه وإنما على كتب علمية وبحوث رصينة، ففرح بكلامي هذا وقدر اهتمامي بالموضوع وتقييمي له ولكتابه بهذا الشأن، وكان فرِحا متواضعاً ودوداً كعادته دائماً

هذه أهم المحطات التي تذكرني بهذه القامة الشامخة أستاذنا الكبير المناضل عزيز سباهي، وأنا يزيدني فخراً وأنا أتذكر تلك المشاهد بتواضع وإعتزاز جعلتني أُعجَب بشخصيته تلك إضافة لتواصلي ومواضبتي لتتبع ما كان ينشره هنا وهناك من مواضيع سياسية وإقتصادية وزراعية وتاريخية ونضالية مُشرِفة، وأكثر ما أعتز به بأن الفقيد كان متابعاً جيداً لنشاطات تيارنا الديمقراطي في كندا من أجل العراق المدني الديمقراطي وشعبه، مباركاً لتأسيسه حينها مثمناً نهوضنا بمستواه

مجداً وخلوداً فقيدنا العزيز أبا سعد، المفكر والمناضل المبدأي النقي والباحث الرصين

الإثنين, 14 آذار/مارس 2016 21:56

تهنئة بمناسبة عيد (البنجة ) البرونايا

فضيلة الريش امه ستار جبار حلو رئيس الطائفة في العراق والعالم المحترم
فضيلة الريش أمه صلاح جبوري المحترم
أصحاب الفضيلة رجال ديننا الكرام في العالم كافة المحترمين
الأخوة رئيس وأعضاء هيئة حكماء الطائفة المحترمين
الأخوة رؤساء وأعضاء مجالس العموم والشؤون في بغداد والمحافظات الكرام
الأخوات والأخوة رؤساء الهيئات الإدارية للجمعيات والمجالس المنضوية تحت لواء الإتحاد الكرام
المندائيات والمندائيين الكرام في العالم كافة

يتقدم السكرتير العام ، مكتب سكرتارية والهيئة الادارية لإتحاد الجمعيات المندائية في المهجربأرق التهاني وأجمل التبريكات لمناسبة حلول عيد الخليقة (الأيام الخمسة البيضاء)
للبرونايا أو "البنجه"
أعادها الحي العظيم عليكم باليمن والبركة وبالازدهار والسعادة والمحبة، لجميع الأخوة العاملين في أقسام الاتحاد وفروعه وممثلياته وجمعياته ونواديه في المهجر كافة، نشد على أياديكم البيضاء المعطاءة ونبارك لكم جهودكم الجبارة من أجل خير المندائية والمندائيين في كل مكان.

وندعو لمن لم يوطن من أهلنا في دول الإنتظار بسلامة الوصول والاستقرار،
كما نتمنى لإخوتنا في السويـــد والدنمارك وهولندا وأستراليا ، بتجاوز مشاكلهم المؤقتة التي يمرون بها والتي أدمت الجسد المندائي على مدى سنوات عدة ، واستنزفت طاقاتهم وعرقلت مسيرة مشاريع لخدمة الطائفة وأبنائها.
نتمنى أن تتوحد صفوفهم لمواجهة الانقسامات الطارئة والتصرفات الشاذة الدخيلة على المندائية. والوقوف سدا منيعا بوجه الهجمة التي تتعرض لها المندائية والمندائيين.

نتمنى لشعبنا العراقي المكافح البطل أن يتجاوز مخلفات مرحلة المحاصصات الطائفية المقيتة ، وأن يعبر وادي صراعاتها بسلام...وأن يعم السلام في ربوع العراق، وتعود البسمة على شفاه العراقيين الصابرين.

برونايا سعيدة مباركة لكم جميعاً.

14-03-2016

نشرت في كلمة الأتحاد

أطلقت مؤسسة مسارات يوم السبت 2016/3/12، في مؤتمر صحفي ببغداد، تقريرها الشامل عن حرية المعتقد في العراق بحضور ممثليين عن الاقليات الدينية.

وقد تضمن التقرير عددا من التوصيات التي تلاها كل من الريش امة ستار جبار الحلو رئيس الطائفة المندائية وذلك فيما يخص النخب الدينية، وقرأت مشاعل متي عن الوقف المسيحي توصيات التقرير فيما يخص التعليم، في حين قرأت نادية فاضل مديرة أوقاف المندائيين التوصيات الخاصة بنساء الاقليات، وأخيرا تلت الاعلامية إرادة الجبوري توصيات التقرير فيما يخص وسائل الاعلام.

وفيما يلي توصيات التقرير بما يخص الدولة:

"تضطلع الدولة بالدور الأبرز في ضمان حرية الدين والمعتقد او تهديدها، فهياكل الدولة و طريقة ادرتها للتنوع الديني وسياساتها التعليمية من ناحية التصميم والتنفيذ إما أن تلعب دورا ايجابيا يساعد على خلق انسجام ديني ويضمن حرية المعتقد للافراد والجماعات أو تسهم في ارتفاع معدلات التوتر الديني، كما ان تبنيها لنهج وقائي وما يترجمه عنه من انشطة وسياسات وقائية من الممكن ان يسهم في مواجهة مخاطر التوترات الدينية و الحيلولة دون تحولها الى مواجهات ينجم عنها انتهاكات لحقوق الاقليات الدينية.

فضلا عن ان التعصب الديني ليس نتيجة ملازمة للتنوع الديني، بل كثيرا ما يكون نتيجة لعملية تسييس الهويات الدينية، اي بعبارة أكثر وضوحا يكون نتيجة لتلاعب القادة السياسيين بالمشاعر الدينية الجماعية للطوائف التي يمثلونها سياسيا، وتوظيف الدين لاغراض سياسية ضيقة، لا سيما وان المشاعر الدينية تثير انفعالات عميقة وتؤدي في كثير من الاحيان –في حال عدم احتوائها والسيطرة عليها- الى نتائج كارثية، او تؤدي عادة الى تهميش سياسي للاقليات الدينية، وتعرض افراد الاقليات الدينية الى تصورات خاطئة او احكام مسبقة متحيزة.

بالاضافة الى أن زيادة معدلات الفساد يقوض الثقة بمؤسسات الدولة العامة، ويؤدي الاستبداد والاقصاء السياسي الى قمع للحوار العام الذي يسهم في تخفيف التوتر على اسس دينية، كما انه يفضي الى خلق عقلية مؤامراتية مشككة تقوض الثقة بين الجماعات، أو بين الاغلبيات وافراد الاقليات الدينية.، والنتيجة الابرز لذلك انتشار مظاهر الكراهية الدينية وسحقها اي هامش مفترض للحريات الدينية.

لذا يوصي التقرير بما يلي:

العمل على إنهاء جميع ما يحدث من أشكال التمييز على أسس دينية، وأن يتم التصدّي بصورة كافية لإنتهاكات حرية المعتقد بصرف النظر عن الانتماء الديني لمن يقوم بالانتهاك والطرف الذي تنتهك حقوقه الدينية.

سن تشريع لمناهضة التمييز على اساس ديني او لاي اسباب أخرى، فذلك يمنع الانقسام على اساس ديني او طائفي داخل المجتمع، وبدون ذلك لن يتم التغلب على هذه الانقسامات، ويعزز ذلك من ناحية اخرى الشعور الفردي والجماعي بممارسة الحريات الدينية بأمان بالنسبة لجميع اتباع الاديان والمذاهب الدينية في العراق.

ينبغي ان تتصدى الدولة لمظاهر التعصب الديني من خلال تشريعات تجرم الكراهية الدينية، فضلا عن اتخاذ الإجراءات الضرورية و الملائمة لمكافحة الكراهية و التمييز و أعمال العنف و الترويع و الإكراه او التحريض عليها والتي تنطلق من دوافع التعصب الديني.

ان تسحب الحكومة العراقية التحفّظات التي يمكن أن تكون قد أثرت بصورة سلبية على الصكوك القانونية الدولية المتعلقة بحماية وضع الاقليات الدينية.

في قانون البطاقة الوطنية الموحدة قد يؤدي ذكر الانتماء الديني للشخص في وثائق الهوية الرسمية الى احتمال اساءة استعمال تلك البيانات او الجنوح الى التمييز فيما بعد على اساس الدين او المعتقد، لذا ينبغي الموازنة بينه وبين الاسباب التي يمكن ان تستدعي بوح حامل وثيقة الهوية بدينه.

في ما يخص قانون البطاقة الوطنية الموحدة، اذا كان لازما ادراج الانتماء الديني في وثائق الهوية الرسمية، فلا بد ان يفسح هامش اكثر مرونة لمختلف فئات الانتماء الديني، اي لا يكفي الا يتاح الاختبار الا بين الاديان المعترف بها رسميا : الاسلام، المسيحية، المندائية، الأيزيدية. بل ينبغي ان تتاح للفرد امكانية ذكر "دين آخر" او اختيار خانة "لا دين"، ومنحه الحق في عدم البوح بمعتقداته الدينية على الاطلاق، بترك الخانة فارغة، اي جعل مسألة ذكر الانتماء الديني مسالة اختيارية.

الغاء المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة التي تؤدي الى أسلمة القاصرين من افراد الاقليات الدينية دون اختيارهم، من خلال ادراج مواد خاصة تعالج حالات الاقليات الدينية، او على الاقل النص بشكل صريح على منح القاصر حرية اختيار دينه عند البلوغ، دون ان يحدد سقف زمني محدد لممارسة حقه في الاختيار.

على الدولة الغاء التشريعات التي تجعل وجود بعض الطوائف الدينية "غير شرعي" في اي بلد، ومثال ذلك الغاء تشريعات مجلس قيادة الثورة التي تحظر النشاط البهائي.

يتعين على الدول ان تحافظ على ثقافة الطوائف الدينية وذاكرتها الجمعية، بوسائل تشمل دعم مشاريع المتاحف التي تمثل ثقافات الاقليات الدينية مثال ذلك دعم مشروع المتحف المندائي و تطوير دوائر المحفوظات والمعالم التذكارية الوطنية وحمايتها اذا كانت معرضة للاندثار ومثال ذلك اندثار المعالم الدينية للطائفة اليهودية، او اعادة بناء بيت بهاء الله في بغداد المقدس لدى افراد الاقلية البهائية.

ان تتصرف الدولة بسرعة لوقف اعمال العنف التي ترتكب باسم الدين ضد افراد الاقليات الدينية واماكن العبادة، وفي هذا السياق فإن الدولة ملزمة بالتصدي لثقافة الافلات من العقاب، ويجب تقديم الذين يرتكبون اعمال العنف او يتواطؤون على ارتكابها الى العدالة، مهما تكن خلفياتهم الدينية او السياسية.

على الرغم من ان الاسلام حسب الدستور العراقي هو دين الدولة الرسمي وثوابته مصدر التشريعات الاساسي، الا انه ينبغي على الدولة ان تكون "حيادية"، فلكي تلعب دور الضامن لحرية الدين او المعتقد لجميع الافراد الا تربط سياساتها بأحدى المعتقدات بشكل حصري على حساب كفالتها للمساواة الدينية بين جميع الافراد.

نشرت في اخبار عامة

 

خمسة اسماء لمناسبة دينية مندائية واحدة تتكرر سنويا ، فهي البنجة وهو الاسم الشعبي الدارج لهذه المناسبة لانها خمسة ايام ومأخوذ هذا الاسم من اللغة الفارسية ومن الرقم خمسة ، وهي البرونايا لانها تسمى هكذا بالمندائية ، وهي الايام البيضاء لان الايام الخمسة لهذه المناسبة يتساوى فيها الليل والنهار ويتمكن المندائي من اداء طقوسه الدينية متى يشاء ليلا ونهارا خلافا لايام السنة الاخرى التي يقتصر اداء الطقوس فيها على النهار حصرا ، وعيد الخليقة لان الكون خلق بهذه الايام الخمسة وكل يوم منها اوكل الى احد الاثريين ولارتباطها بالملائكة النورانيين والاثريين الخمسة وهم (أنش أثرا، وشيشلام ربا ، وأنباط زيوا ، ويوخاشار ربا ، وبهرام ربا) وبأمر من الحي العظيم خلق الكون على مراحل خلال هذه الايام ، وعيد الربيع لان هذه المناسبة تتكرر كل سنة لتصادف بدء فصل الربيع ويكون في شهر آذار من كل سنة ولان السنة المندائية تتحرك وغير ثابتة كل اربع سنوات يوم واحد بسبب ربع اليوم الذي يزيد على ايام السنة 365 يوم وعند طرح خمسة ايام البنجة يبقى 360 يوما وعندما نوزعها على عدد الاشهر 12 شهر بالسنة ستكون ايام الاشهر متساوية كل واحد منها 30 يوم ويبقى ربع اليوم والذي يتجمع كل اربع سنوات ليكون يوم كامل كل اربع سنوات ولذلك فقد كانت ايام البنجة قبل خمسين سنة تصادف في نيسان من كل سنة . تعتبر هذه المناسبة من اسعد المناسبات لدى المندائيين لانهم يعتبرونها ايام مقدسة ومباركة ليتعمدوا بها ويلتزموا بالوضوء (الرشامة) والصلاة (البراخة) بأوقاتها ويرتدون الملابس البيضاء وخاصة الرستة عندما يقومون بطقوسهم الدينية ويحضرون طعامهم بشكل نظيف دينيا ولا يقربوا اي مأكل غير نضيف ويحرص المندائيون ان يكونوا طاهرين طيلة الايام الخمسة ولايقدمون على اي عمل ينجس طهارتهم بما في ذلك تقرب الازواج من بعضهم البعض ويحرص المندائيون على نحر ذبائحهم من خلال طقوس الذبح الدينية من اكباش الغنم والطيور في هذه الايام ليلا ونهارا والالتزام باتباع طقوس النحر والطماشة والنظافة ويقومون بعمل طعام الغفران (اللوفاني) لموتاهم ويكون على انواع الفواكه والخضر والخبز والسمك او الطيور او لحم الغنم والدعاء الى الخالق بكل ماهو خير وان يمنحهم الصحة والسعادة لهم ولعوائلهم وآبائهم ومعلميهم واحبائهم ولموتاهم ان يسهل عروجهم والدعاء مستجاب لهم لانهم يؤمنون بان ابواب السماء ستكون مفتوحة والحي العظيم يتقبل منهم الدعاء ولذلك فانهم يؤمنون بان من يتوفى في هذه الايام الخمسة يصعد الى عالم الانوار بدون اي حساب ويجتاز المطهرات (المطراثي ) بدون اي عوائق كما هي العادة ولذلك فهم يتمنون هذه الميته في هذه الايام كي تجنبهم بما سيلاقونه من عذاب وحساب في المطراثيات . ايضا تقام في ايام البنجة مراسيم الارتقاء (المسخثة) وهي طقوس تقام للمندائيين الذين توفوا بوفاة مفاجئة او بحادث ولم يحصلوا على طقوس الطماشة والتكفين واكليل الآس الذي يوضع على جبين المتوفى ومراسيم حمل الجنازة بشكل ديني وهذا يسبب عدم الارتقاء الكامل لنشمثا المتوفي لانها ستبقى محجوزة في المطراثيات بسبب عدم اكتمال تلك الطقوس المهمة لعروجها لكن اجراءات المسخثة التي يقيمها رجال الدين تسهل عملية العروج وتسمح لنشمثا المتوفي بالصعود الى عليين كذلك ففي البنجة تقام طقوس (الزدقة بريخا ) لانفس المتوفين وكذلك لارتقاء رجال الدين الى مرتبة اعلى . كما ان في البنجة يتم بناء مندى الطين المندائي بمواصفات خاصة ويتم تعميد المندى في تلك الايام كي يتم تحضير (الانكرتا ) اي الرسالة المصنوعة من زيت السمسم والتي يقوم باعدادها رجل الدين الترميذة الذي ينوي الارتقاء لدرجة الكنزفرة لكي يودعها مع جنازة رجل او امراة مندائية (متهيمنة) ونظيفة كي ترافقها الى عالم الانوار لتثبيت كون رجل الدين الترميذة مهيأ للارتقاء لنيل درجة الكنزفرة وهو طقس يتبعه طقوس اخرى يفترض من رجل الدين عملها لكي ينال تلك الدرجة الدينية . لكن تبقى مناسبة البنجة او البرونايا عيدا يستقبله المندائيون استقبالا جميلا ويفرحون بقدومه لانه يعتبر عيد الربيع وبدء فصل يتناغم مع اعتدال الاجواء وعودة الخضرة الى الاشجار وانتشار الورود والرياحين فكل عام والمندائيين بالف خير .

 

 (هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق (أربيل ، هولندا ، أستراليا
نص كلمة الزميلة السيدة راهبة الخميسي ، التي القتها نيابة ع ن هيئة الدفاع عن أتباع الديانات
والمذاهب في العراق ، في الحفل الذي أقامته الجمعية الثقافية العراقية في مدينة مالمو السويدية بمناسبة
إستضافت الناشطة البطلة نادية مراد:
بدأً... بإسمي وبإسم هيئتنا هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق، أتضامن معكم
بالاحتفاء بإبنتنا، إبنة العراق إبنة الرافدين ، إبنة شنگال، إبنة لالش ، الناشطة الشابة نادية مراد، أحيي
شجاعتها وجرأتها وهي التي أصبحت رمزاً لتجسيد الضحايا، واصبحت الصوت الاعلى في التعبير عن
كل ما يريد قوله مجموع هذه الضحايا عن الجرائم البشعة التي ارتكبت وترتكب بحقهم من قبل عصابات
داعش.
لقد أطلقت هيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق، اطلقت اسم نادية مراد على اليوم
العالمي للمرأة لهذه السنة وأصدرت فيه بوستر خاص، نشر في موقع الهيئة )انسانية(، وفي بعض
المواقع، اضافة الى مواقع التواصل الاجتماعي، ولقد تطرقت شخصياً لهذا الموضوع خلال كلمتي التي
قدمتها باللغة السويدية بمناسبة يوم المرأة العالمي في احتفالية بلدية)كومون( مدينتي هور وهوربي جنوب
السويد مع عرض بوستر الهيئة التي يتضمن الصورة الشخصية للناشطة نادية مراد.
لقد صرحت عصابات داعش إنها لن تسمح باستمرار وجود الايزيدية، وتعمل على تصفير
الطوائف المسيحية الاصيلة التي ماتزال خاضعة تحت سيطرة داعش، حيث دمرت الكنائس والاماكن
المقدسة الاخرى وتحركت بضرب فئات محددة ، لمحو كافة الاقليات.
أن الجرائم الفظيعة التي أرتكبتها داعش ضد المسيحيين والايزيديين وغيرها من الاقليات العرقية
والدينية، تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية.
ونتيجة لهول وفظاعة أعمال داعش الاجرامية التي اقترفت أمام مرأى المجتمع الدولي ، وأيضا
نتيجة للمطالبات ومذكرات الالتماس لمنظمات المجتمع المدني والحقوقي ومعاناة أبناء واهالي الضحايا،
تدعو الهيئة كافة المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان لتظافر
الجهود والعمل الجماعي لتوثيق معلومات الضحايا والاسراع في إيصال أوراق التوثيق وملف الإبادة
الجماعية إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي / هولندا ، لغرض الإسراع في إقرار المحكمة
الدولية بالإبادة الجماعية للمكونات العراقية.
وتؤكد الهيئة على ضرورة الضغط على الحكومة العراقية من اجل التوقيع على قانون روما ،
لتكون جزءا من المحكمة الجنائية الدولية، أو تقديم ملف الإبادة الجماعية لرقعة جغرافية محددة ولفترة
زمنية محددة، وهذ ما يسمى في نظام روما الاساسي بقبول إختصاص المحكمة الجنائية الدولية, كي
يقوم المدعي العام في المحكمة بفتح التحقيق في مكان وزمان محددين من قبله ، والذي هو الطريق
الاقصر للوصول لإقرار الابادة الجماعية للمكونات في محكمة لاهاي.

نشرت في وجهة نظر

هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق

(أربيل ، هولندا ، أستراليا)

 

بمناسبة قرب حلول عيد الخليقة (البرونايا – الأيام البيضاء) أو (البنجة) الذي سيكون يوم الثلاثاء المصادف 15 آذار 2016 أول أيامه، تتقدم الأمانة العامة لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق وكافة مؤيديها ، بأجمل التهاني والتبريكات إلى كافة أتباع الديانة المندائية في العراق وأستراليا وباقي بلدان الشتات، متمنين أن تحل مبادئ العدالة والمساواة على العراق وشعبه بكافة أطيافه ودياناته ومذاهبه ، وأن تسود حياتهم ظلال الحرية في ظل نظام ديمقراطي يؤمن حقوق العراقيين جميعاً بعيداً عن المحاصصة الطائفية المقيتة وفي وطن بدون إرهاب ديني .

الأمانة العامة : 13 آذار 2016

نشرت في اخبار عامة

 

رئيس الطائفة المندائية يسلم جائزة مؤسستين عراقية وامريكية لصحفي عراقي
أعلنت مؤسسة مسارات العراقية المختصة بشؤون الاقليات والحفاظ على التعددية في العراق بالتعاون مع منظمة هارتلاند الأميركية، عن فوز الصحافي العراقي مصطفى سعدون، جائزة "الكتابة عن التعددية"، في مؤتمر صُحفي عُقد، اليوم السبت في العاصمة العراقية بغداد.
وحصل سعدون الجائزة عن قصته(البرلمان العراقي يُعيد إنتاج قوانين "البعث" ضد الأقليات) مادة عن قانون البطاقة الوطنية الموحدة، وعن عدة قصص صصحفية كتبها في مواقع عربية وأجنبية عن التنوع في العراق، مثل (يهود العراق يعودون إليه عبر كردستان ) المنشورة باللغتين العربية والانكليزية في صحيفة المونيتور الاميركية الالكترونية، وعن (السود في العراق.. مطالبات للإعتراف بهم كأقلية) المنشور في موقع نقاش الألماني باللغتين العربية والانكليزية، وكذلك (تمدد داعش والتغيير الديموغرافي: إنه زمن التفتيت) المنشور في صحيفة الأخبار اللبنانية، وعدة مواضيع اخرى نشرت في مؤسسات اعلامية محلية وعربية.
وقال سعدون على هامش إستلامه الجائزة: إن "الصحافة في العراق يجب أن تلفت لقضايا اخرى غير السياسة، وان تبحث عن ما يمكنه ان يسلط الضوء على الشرائح المهمشة وعدم الانشغال بخطابات الكراهية عبر تناقل اخبار السياسيين التي تنتج في المحصلة تفكك اجتماعي لا اكثر".
وأضاف أن "الجائزة هذه ولا اية جائزة يمكن ان تضيف لرصيد الصحفي المهني أي شيء، وانما هي جوائز تشجيعية ليبذل الاخرين جهد مضاعف في البحث عن هموم الانسان، وأن لا يتكاسل من يحصل على اية جائزة في عمله".
وسلم الريش امة ستار جبار حلو رئيس الطائفة المندائية في العراق والعالم، الجائزة التي منحتها مؤسسة مسارات العراقية ومنظمة هارتلاند الاميركية لمصطفى سعدون.ويعمل سعدون منذ ثمان سنوات في الوسط الصحفي، تنقل خلالها بين الاذاعة والتلفزيون، لكنها اختص منذ اربع سنوات بالصحافة المكتوبة، وكتب في موقع نقاش الالماني ويكتب الان في صحيفة المونيتور الاميركية الالكترونية، كما كتب في صحيفة الاخبار اللبنانية، وموقع رصيف 22 اللبناني وصحف ومواقع اخرى.

نشرت في اخبار عامة

الفنان المبدع نوري عواد حاتم

الفن هو النافذة التي تطل على الجانب السامي من النفس البشرية ... ناقد فني.
يقول ( كوندياك ) الفيلسوف الفرنسي الشهير وزعيم المذهب الحواسي ...( هناك فرق كبير بين الرؤية والنظر ) فالاعمى ينظر ولكنه لا يرى ، وكلما كثر ما في العقل قل ما يحتاج اليه الانسان لتصوره ، والناس يرون الاشياء بعيون مختلفة ومن زوايا متعددة .
من ايام الزمن الجميل ومن بساطة الحياة ، استقى معلوماته وتصوراته على ضوء هذا الفهم ، أنطلق فناننا القدير نوري عواد حاتم ليؤلف اعماله ويدخل عليها هالة مصداقية فكرهُ ، وما يدور في خلده من افكار وتصورات راقية مُبهجة لما يشعر به ، وحسب الرؤية التي يعتقد انها تمثل منطلقاً فكرياً سليماً ، في درجها ضمن لوحاته متعددة المضامين والاهداف ، بالاضافة الى اللون والذي يمثل عنده شعر صامت نظمته بلاغة الطبيعة وبيانها الشامخ .


إن اعماله الفنية تحمل روحية النظرة المفعمة بنبض الحياة وحيويتها وعنفوانها وجمالها ، فالوانها زاهية وشفافة وصريحة ، وقلما استخدم المزج في الألوان من اجل ابراز الصورة الواقعية الناطقة بالحياة .
فاغلب اعماله عبارة عن لوحات زخرفية راقية صاغتها يد فنان ماهر ، لوحاته تمثل اسلوب "الباروك والركوكو"* مع الميلان للاتكاء على الاسلوب التكعيبي والسريالي ، وعدم الاهتمام الزائد بقياس الجسم البشري ، والاهتمام بجمالية الخط واللون وباشكال زخرفية تعتمد الهندسة الذهنية في التخطيط ، وفن الرسم بالفرشاة المستخدمة لاعطاء شفافية الالوان وعمقها اللوني لانتاج المجال لدخول الضوء الصادر من اشعة الشمس او تسليط ضوء صناعي من الخارج مما يتيح ظهور اشكال تمثل لوحات متعددة الالوان الغامقة منها والفاتحة واشكال البورتريت ،.


كما جاء ضمن دراسته الخاصة عن البورتريت كتبها استاذنا المقتدر نوري عواد حاتم بالقول : معروف عن رسم البورتريت هو جزء من الموديل، حيث ان للموديل عدة غايات منها دراسة الشكل الانساني للشخصية ، ولذا نرى ان الرسام يبحث عن مختلف الشخصيات الاجتماعية لإثراء الخبرة والتكوين واعني به موقع الموديل ومدى نجاح الرسام في اختيار الجلسة المستقرة والتكوين المستقر ( بالنسبة لعين المشاهد اي حينما ينظر المشاهد على اللوحة يشعر ان الموديل مستقر في جلسته ) ، ثم دراسة الإضاءة ومساقط الضوء وانعكاسات الظل ، ففي كل ذلك إثراء عظيم لخبرة وتجربة الرسام .
حيث قدم رؤيا جديدة من خلال تقسيمات لوحاته كونه لم يلتزم بالنسق المعروف لأبعاد اللوحة الواحدة وانما اتخذ من الاشكال الهندسية الدائرية والمستطيلة والمربعة بأبعاد كونها لوحات متداخلة بعضها بالبعض الآخر ، اوعددت اللوحة بعدد متكرر من اللوحات ، مما منح الشكل ناحية تعبيرية بأختلاف الشكل ليتناسب مع البناء الزخرفي العام للوحة .
واللوحة عند الرسام نوري عواد حاتم تعبيرية حسب الرؤية التي صاغها ووضعها في قالب روحي وانساني متكامل الوصف والتعبير، صاغها بفرشاته في الخلط بعدة إتجاهات واسلوب ، فهي تزاوج بين التكعيبية والرمزية ، وكثير من لوحاته تنحو التقرب من الواقعية بحكم سرياني واضح .
وتحيطها الزغرفة التي تتداخل مع الوجود والعيون التي أظهرها كخلفية متداخلة مع الزخرفة الجميلة . لم يراعي القياسات للتشخيص ، ولكنه تلاعب في الشكل لتمنحه طاقة تعبيرية من خلال الأساليب المتعددة التي اشتغل عليها في اعماله الفنية متنوعة المضامين والافكار.
كتب عنه الناقد الفني السوري صبري يوسف في مجلة السلام التي تصدر باللغة العربية في ستوكهولم الفنان نوري غواد حاتم ، نعومة وطمأنينة وعيون بنداء يخفف عن القلب الوجع وعن حوافي العمر والعزلة ، قياساته دقيقة وتوزيع ألوانه متناسق زاوج العتمة والضوء فكان ربيعاً من الدفء والحنان ، أما الألوان الموزعة بشكل أقواس وسِهام دقيقة مع الرداء المرقش ساهمت في الإغناء وأعطت إيقاعاً وأشاعت إنطباعاً لطقوس الرشيد أو الخيام ، مجامر متقدة بمنقوع البخور الجديد تبخر سماوات الزمن الماضي ، وتبهر فضاء زمن المستقبل .
وتبقى لوحاته بصراحتها وصدقها لا تعبر عن قوة ادراك وابداع لفيزيائية النور ، وحسب شغفه بالصراحة ، جعل تعددية الالوان هي السائدة في لوحاته ، فهو يبقي الالوان الداكنة محور تنقلاته المدروسة داخل اللوحة الواحدة ، فهو ابيض اللون كبياض المندائية بصراحته ، واذا حاول ما حاول المزج بالالوان في بعض نتاجاته الفنية ، يفقد السيطرة على شفافية اللون ويظهر بعتمته ، وهو ما لم نجد له تفسيراً إلاّ كونه ما زال يؤمن برمزية الفكرة وعلى المشاهد والمتلقي فكَ طلاسمها ودلالاتها ، لهذا نرى ان اعماله تمتاز بالجمالية التعبيرية المكنونة داخل ذاته ، وان اغلب لوحاته كانت بألوان الأكريل والألوان المائية .
فاعماله تنم عن حس فني عالي الحساسية ، وفيه من الرقة والاتقان، مما يفتح لها المجال مستقبلاً لوضع اعمالاً تثير اكثر من اهتمام ، فهو يمتلك القدرة تنم عن دراسة وتجربة حية ، حيث تقترب نتاجاته الفنية الرائعة من شفافية المدرسة الانطباعية في التعامل مع الالوان بصراحتها ونقائها .
كتب الاستاذ سلام جاني سهر في تعليقه على احدى لوحاته الجميلة : ( لمحات تراثية ) بالقول : عندما أمعن النظر في هذه اللوحة احس انني استمع الى سمفونية الفصول الاربعة لفيفالدي فالتناسق اللوني الجميل يخلق في المشاهد شعورا غامرا بالفرح وطريقة التمازج بين الفكرة والمضمون .. فيها ينقل الانسان الى الواقع العراقي الاصيل وخصوصاً العيون التي في طرفها حورٌ والنخلة العراقية والتفاصيل الجميلة التي تنساب على سطحها تعبر عن إبداع لا متناهي وقدرة خلاقة لهذا الفنان واني مقتنع تماما ان هذه اللوحة تمثل قمة الابداع لنتاجه .

وفي مكان اخر كتب عنه بالقول : الاخ العزيز ابا رشا أدام الله أناملك الخلاقة ، كيف لي أن اعبر عن ما يجيش في داخل نفسي من مشاعر الغبطة والفرح عندما أطيل النظر الى هذه التحفة الرائعة ، انت تعرف رأيي بنتاجك الفني ، ولكني أقف هذه المرة مشدوهاً لما أحتوته هذه اللوحة من مضمون سواء أكان ذلك في هذه التشكيلة المتناسقة من الالوان أو الفكرة الإيحائية التي تنم عن أسلوب متميز ومدارك لا يملكها إلا الفنان التشكيلي المتمرس .
وفي حديث للرسام المبدع ابا رشا وعن تجربته الفنية بالقول : أميل الى رسم الجمال وبألوان زاهية تثير في المتلقي البهجة والفرح ، وأظهر في أغلبها الظلال ، والأضاءة كي تتجسد حركة وقوة اللوحة وأهتم جداً بتفاصيل دقيقة أثناء الرسم .
أحببت فن الرسم والنحت منذ صغر سني حيث تأثرت بخالي المعلم والرسام حزام عطية النصار .
أحب الحياة وتأثرت بما يحدث في وطني العراق ورسمت العديد عن معاناة الطفولة والأمومة والعائلة العراقية .

سيرته الذاتية :
*نوري عواد حاتم .. مواليد 1948 في مدينة الديوانية العراقية
* نال شهادة البكالوريوس في علوم الحياة / كلية التربية / جامعة بغداد عام 1970- 1969.
*إشترك بعدة معارض في السويد في الجمعية المندائية في العاصمة ستوكهولم ، وجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين .
*إشترك وأشرف على مهرجانات الجمعية المندائية في ستوكهولم .
*لوحاته عديدة تجاوزت المائة لوحة .. موزعة في العراق وليبيا وأستراليا وهولندا وبريطانيا والمانيا وكندا ، إضافة الى السويد .. وبعض لوحاته إقتناها سويديون ، وتمتاز لوحاته بألوان الأكريل والألوان المائية .
*عضواً في هيئة تحرير مجلة الصدى الغراء الصادرة عن الجمعية المندائية في العاصمة السويدية - ستوكهولم .
* فنان مندائي عراقي مغترب يعيش الان في مملكة السويد .
لقد صور لنا استاذنا الكريم نوري عواد حاتم ، في مجْمل لوحاته الفنية عن الالوان وتأثيرها ودورها في تحديد أنساق اللوحة مع إظهار وبشكل واضح الاعتبارات والغايات الفكرية والفنية والانسانية . كما في الروائع الفنية التي خلدها لنا كبار الفنانين أمثال بيتر بول روبنس (1577- 1640 ) وهو رسام فلامنكي بلجيكي ، والرسام العالمي بول سيزان (1839- 1906) وهو من رواد الحركات الفنية العالمية في القرن العشرين ( الوحوشية ، التكعبيبة ، والتجريبية ) وهو رسّام فرنسي ، والرسام فينسنت فان كوخ (1853- 1890 ) رسام هولندي من المدرسة ما بعد الانطباعية ، اشتهرت اعماله بالجمال وصدق المشاعر والالوان الباردة ، وهو فنان له تأثيره في القرن العشرين ، وغيرهم من المبدعين في جميع ضروب الفنون التشكيلية سوى امثلة حية لما تحدثه الالوان من اثر في نفس كل انسان ، وهي تؤثر بشكل ملموس في نفس كل فرد منا . ويتعذر علينا نحن تفسير هذا التأثير النفسي والروحي الذي تحدثه الالوان تفسيرا موضوعيا ، ان دراسة كل لون على حدة في الجهاز العصبي تتطلب عزلا تاما لمزاج الفرد وخبراته التي يرتبط فيها كل لون بانفعالات وعواطف خاصة ، وكونها منبهات خاصة مثل الموجات الضوئية وتاثيرها الفعال بحيث تبعث في النفس الفرح والسرور أو الحزن والغضب .
وقد ورد استنتاج من قبل ( رودار ، ودورو ) من خلال دراستهما عن سايكلوجية الفن ، وللالوان وتاثيراتها على الذات البشرية ، وقد اوضحا ، ان الالوان لها درجاتها الضوئية ومركباتها اللونية تتغير كلما بعدت عن عين الناظر ، لان العين (هي سجل أمين لما تراه وتشاهده فدربها على الرؤية الصحيحة ) ، ذلك طبقا للنور المباشر والنور المنعكس ، ولا سيما المسطحات ، ويقول (رودار ) تكون الظلال في المسطح الاول دائما حارة ، ولما كان اللون الاحمر من أشد الالوان قساوة وقوة ، لذ يجب ان يكون في مقدمة الالوان الاخرى . وهذا ما لاحظناه في لوحة ( لمحات تراثية ) للفنان نوري عواد حاتم .
وقد ثبت أخيراً ان الضوء المباشر في المسطحات ينتقل من الاحمر الى الاصفر حتى البنفسجي ، بينما ينتقل لون الضوء المنعكس تدريجيا من الاخضر الى الازرق حتى الاصفر.
يقول الرسّام العالمي ( رينيه ) : ان الوان الطيف ليست دليل الفنان فحسب ، بل هي ايضا المرشد الاكبر له ليتعمق في دراسة علم الالوان . وان الترتيب الطبيعي لالوان الطيف خير مثال للتوافق .
لقد برهن ( مونيه ) الفنان الفرنسي الشهير للملأ ان الاجسام الطبيعية كلها مكسوة بجلبات من النور يرقص ويتلألأ . وان اللون المركزي للاشياء الذي نظنه ثابتا ، انما هو في الواقع غير ثابت بل هو يتغير من ساعة الى ساعة ومن لحظة الى لحظة اخرى، كما تتغير الوان ظلاله بالنسبة لالوان النور .
نوري عواد حاتم ( ابا رشا ) هذا الفنان الرائع الذي يردد دائما : من لم تفتنه الطبيعة بجمالها او يُحركه الربيع بأزهاره فهو انسان ناقص المزاج .
تتكشف لنا يوما بعد يوم الموهبة الفذة ، والقيّم الجمالية الراقية التي يمتع بها ، والتي يمارس فيها جانباً كبيراً من الحرية المعبرة عن احساس مرهف لارتياد آفاق واسعة لنتاجاته الفنية الاوفر خصباً واكمل نماءاً ، واقباله في اعماله مقروناً بروح العزم والهمة والثقة بالنفس ، مع تصميم واضح عن كل ما يجول في خاطره ، بخطواته الفنية الصاعدة في رسم طريق نجاحه وتقدمه في مشواره الفني هذا ، مع كل الثناء والتقدير لفناننا الكبير نوري عواد حاتم .
إشارات :
*اسلوب الباروك والكركوكو في فن الرسم :
الأسلوب الباروكي مصطلح يطلق على أشكال كثيرة من الفن الذي ساد غربي أوروبا وأمريكا اللاتينية. والعصر الباروكي بشكل عام هو الفترة الممتدة من أواخر القرن السادس عشر وحتى أوائل القرن الثامن عشر في تاريخ أوروبا.
باروك هو اصطلاح مستعمل في فن العمارة والتصوير معناه الحرفي شكل غريب، غير متناسق، معوج. وقد ظهر هذا الفن أول مرة في روما في السنوات الأخيرة من القرن السادس عشر الميلادي. ويتميز الأسلوب الباروكي بالضخامة ويمتلئ بالتفاصيل المثيرة. وفي القرن الثامن عشر تطور الفن الباروكي إلى أسلوب أكثر سلاسة وخصوصية ويسمى بفن الروكوكو. وكان فنانو الباروك يغرمون بالجانب الحسى للاشياء ويعتنون في وصفها بتفصيل وتنميق وكانت إيطاليا وعاصمتها روما في القرن السابع عشر هي المركز الرئيسى للنشاط الفنى الكبير كما كانت أهم مصدر للفنون في أوروبا.

*ألوان الاكريلك (بالإنجليزية: Acrylic paint) : هي ألوان تخلط بمواد راتنجية تخليقية بولى أكريلات ومشتقاتها وهى تستخدم في طلاء الحوائط وتعرف بالبويات البلاستيكية.وهى تتميز بسرعة الجفاف وتظل ثابتة للتغيرات المناخية وتقاوم الاصفرار والاكسدة والتحلل وتقاوم الغسيل بالماء كما أنها جيدة الالتصاق.
ألوان الاكريلك ملائمة لعديد من الاسطح مثل قماش الخيام والاخشاب والكرتون والورق وتدهن مباشرة وهى تخلط بالماء ويمكن أيضا خلط ألوان الجواش مع ألوان الاكريلك على البالتة ويمكن الرسم بها بالفرشاة والسكين.

المصادر :
-محي الدين طالو / الرسم واللون / العراق – بغداد
- فضاءات تشكيلية مفعمة بالحياة / مؤيد داود البصام – عمان
- مجلة الصدى الغراء / العدد -46 / البورتريت / بقلم : نوري عواد حاتم
- ويكيبيديا / الموسوعة الحرة .

الخميس, 10 آذار/مارس 2016 21:42

أومبيرتو ايكو

اكثر من اثار الاسئلة في الفضاء الثقافي في العالم

قبل ايام ، انطفأ الكاتب امبرتو إيكوا عن 84 عاماً، الكاتب الذي كان يقيم في ميلانو، كان يعاني من مرض السرطان منذ سنوات قبل أن يستسلم له. وكان ايكو المولود عام 1932 في اليساندريا( الاسكندرية) شمال إيطاليا، درس الفلسفة في جامعة تورينو في الشمال الايطالي، قبل أن يخصص أطروحته للإشكالية الجمالية عند توما الأكوينني.
وبينما كان يشارف على الخمسين، أصدر باكورته الروائية "اسم الوردة" عام 1980: ، بيعت منها ملايين النسخ وترجمت إلى اكثر من 44 لغة. لاحقاً، نقلها المخرج الفرنسي جان جاك أرنو إلى الشاشة الكبيرة عام 1986 وأدى بطولتها النجم شون كونيري. أحد أشهر المفكرين والمبدعين في إيطاليا، احتل مكانة في المشهد الثقافي طوال خمسين عاماً، إلا أنّ اسمه ارتبط عالمياً بباكورته المذهلة. وانخرط إيكو بعد ذلك في بحث ثقافة وفلسفة العصور الوسطى، لينتقل بعدها إلى الخوض في اللسانيات، عبر دراسة الثقافة الشعبية المعاصرة والنقد الأدبي والفني. منذ عام 1961 شرع إيكو، في مسيرة أكاديمية حافلة بدأها في التدريس بجامعة تورينو (شمال)، ثم ميلانو وفلورنسا (شمال)، وأخيراً بولونيا (شمال) منذ عام 2008، حيث كان أستاذاً في مجال علوم التواصل، كما حاضر في جامعات هارفارد وكامبردج وأكسفورد. ثم توالت أعماله الروائية (سبعة أعمال)، من بينها رواية "بندول فوكو" في عام 1988، وهي عن حكاية بيزنطية عن تآمر الناشرين والطوائف السرية، كتبت بطريقة مثيرة". و"جزيرة اليوم السابق" في عام 1994، وكان آخرها "رقم صفر"، التي نشرت عام 2015، فضلًا عن خمس روايات للأطفال، وعشرات المقالات الصحفية.
لكن الإنتاج الأغزر لإيكو كان في مجال الفلسفة وعلم اللسانيات والفن، حيث أثرى الثقافة العالمية بنحو 95 مؤلفًا، صدرت ابتداءً من عام 1956 وترجمت إلى عدة لغات أوروبية، أبرزها الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والالمانية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015، برز اسم أومبرتو إيكو، من بين أهم الأسماء المرشحة لجائزة نوبل للآداب.
كان يجيد لغات عدة، تزوج من المانية، وعلّم في العديد من الجامعات، خصوصاً في بولونيا في شمال البلد، وشغل كرسي السيميائيات (علم العلامات والأدلة والرموز ويدخل فيها اللسانيّات) حتى شهر تشرين الاول (أكتوبر) 2007، أي السنة التي تقاعد فيها. بعد روايته "اسم الوردة"، قدّم لقرائه رواية "بندول فوكو" عام 1988، و"جزيرة اليوم السابق" (1994)، و«الشعلة الغامضة للملكة لوآنا» بعد عشر سنوات. روايته الأخيرة "رقم صفر" التي صدرت عام 2014، عمل معاصر يتركز على عالم الصحافة. إلى جانب ذلك، أصدر ايكو عشرات النصوص والدراسات حول شعرية جويس، والذاكرة، وجيمس بوند، وفنّ الخطأ، وتاريخ الجمال والبشاعة. في إحدى مقابلاته عام 2007، قال: "الجميل يكمن في داخل بعض الحدود، أما البشاعة فهي لا محدودة، إذاً فهي أشد تعقيداً، وتنوّعاً، وتسليةً"، مضيفاً أنّه لطالما كان "يتعاطف مع المسوخ".
رجل يساري ماركسي ملتزم، لم يكن أبداً يعيش في برج عاجي. كان يكتب بانتظام لمجلة "لاسبريسو". ولم يحل انفتاحه الفكري دون النظر بعين نقدية إلى المجتمع الحديث، إذ قال في إحدى مقابلاته الأخيرة: "شبكات التواصل أتاحت لزمرة من الأغبياء بالتعبير عن رأيهم. قبلها، كان هؤلاء يعبرون عن رأيهم على كأس نبيذ في أحد المقاهي، من دون إلحاق الأذى بالمجتمع". وتابع: "اليوم، صار يحق لهم التحدث تماماً كأصحاب الجوائز المكرّسين". وختم: "إنه اجتياح الأغبياء". إيكو الذي يعتبر رائداً في السيميائيات ،ومنظراً في اللغة، وصفته صحيفة "لو موند" الفرنسية في خبر نعيه بأنّه "أكثر الحالمين ثقافة". فهو لايتوقف عن اثارة العديد من الاسئلة ، في الفضاء الثقافي في العالم، عند كل فكرة جديدة يطلقها، او عند كل كتاب يصدره ،او عندما يتحدث في مقابلة صحفية. فافكاره غالبا ما تلقى اذانا صاغية تشدّ الاهتمام لما تتضمنه من افكار جدية بكل ما يحيط بنّا. وكتبه، سواء أكانت النظرية، ام الروائية، فغالبا ما تثير الحماسة وتأخذنا الى عوالم وفضاءات رائعة.
يتميّز السيميائي والروائي الإيطالي أمبرتو إيكو عن غيره من أهل الثقافة والعلم، أنه يجمع في كتاباته بين فلسفة اللغة والترجمة وتأويل النص والخلق الإبداعي، ممثّلاً في خمس روايات من بينها الرواية الشهيرة «اسم الوردة». ويتميّز أيضاً أنه على خلاف الكثير من الروائيّين الذين يكتبون سيرة حياتهم عندما يتقدّم بهم العمر، يكتب سيرة أسلوبه في الكتابة. ففي كتابه «اعترافات روائي ناشئ» يكشف عن طبيعة مؤلّفه، فهو ليس تنظيراً للسرد الروائي، أو تفصيلاً للقول في مكوّنات النص، وآلياته في التوليد والتأويل، وإنما بوح، أي اعتراف بما كان من الممكن أن يظلّ سرّاً إلى الأبد، وهو ما يسميّه إيكو في هذا السياق «حكايات السيرورة»: «سيرورة التكوّن» و «سيرورة البناء»، حكايات تنقل أجزاء من حياة المؤلف إلى عوالم الخيال بوحي منه، أو في غفلة عنه.
يعتبر إيكو أن الفنّ في الدرجة الأولى «تشخيص» أي عودة إلى الحسيّ والإمساك بطاقاته خاماً، وتحويلها إلى عالم ممكن عبر عمليات سرد تبرز القدرة الخلاّقة عند الروائي على التقاط ما لا يمكن للعين العادية أن تراه، من خلال ما تفرزه حيثيّات الزمن والفضاء، أو ما تستثيره الطاقات الوجدانية المتنوّعة. يعترف السيميائي الإيطالي أنه بدأ التمرّن على كتابة الرواية منذ أيّام الطفولة، بتركيز العنوان أوّلاً، وهو كثيراً ما كان يستوحى من كتب المغامرات الرائجة آنذاك، ثم ينتقل إلى وضع الرسوم التوضيحية للرواية المزمع تأليفها، بعد ذلك يبدأ بكتابة الفصل الأوّل. وقد ظلّ على هذه الحال حتى بلغ الخمسين من عمره عندما قرّر نشر ما يكتب فكانت رواية «اسم الوردة» عام 1978. كان أيكو أثناء هذه الفترة كما يذكر في كتابه، منشغلاً من بين انشغالات أخرى، بالبحث عن الفرق بين الكاتب المبدع والكاتب غير المبدع كالفيلسوف والعالم بالطبيعة، وبين الكتابة الإبداعية والكتابة غير الإبداعية، وقد تبيّن له أن الكاتب المبدع هو الذي ينتج نصوصاً إبداعية كما هي حال الشاعر والروائي. أما الفيلسوف والعالم فهما يكتبان نصوصاً قابلة للتلخيص، وللصياغة بطرق أخرى مختلفة من دون أن تفقد معناها، في حين أن نصوص المبدعين لا يمكن إعادة صياغتها كلياً، كما لا يمكن شرحها بسهولة. إن موطن الاختلاف بين الكاتب المبدع وغير المبدع يعود على ما يرى إيكو، إلى الردود المتباينة للمؤلفين تجاه التأويلات التي تعطى لكتاباتهم. فإذا قلت لفيلسوف أو عالم أو ناقد فنّ «لقد كتبت كذا وكذا» سيكون بإمكانه أن يجيب أن نصّه لم يفهم بشكل جيّد، أما إذا اقترح ناقد ما تأويلاً ماركسياً لرواية بروست «بحثاً عن الزمن الضائع» بقوله إنها تعبّر عن أزمة البورجوازية في عصره، كان من حقّ بروست أن يجيب أنه ناقص، ومع ذلك لن يكون بإمكانه أن يدحضه بالكامل.أطروحة خاصة إذا كان الأمر على هذا المنوال، بمعنى أنّ ليس من الممكن تحديد الاختلاف بدقّة بين كتابة إبداعية وأخرى علمية، فإن ّذلك يعود كما يقول إيكو «إلى كوننا في الفلسفة والعلم نودّ البرهنة على أطروحة خاصة، أو الإتيان بجواب عن مشكلة مخصوصة، أما في الرواية أو في القصيدة، فإننا نطمح إلى تمثيل الحياة في كامل هشاشتها. إن الكتاب المبدعين على خلاف الفلاسفة والعلماء على ما يوضح إيكو، يطلبون من قرّائهم تبنّي حلاًّ ما، ولكنهم لا يقدّمون لهم صيغة جاهزة.
ويعترف إيكو أنه حتى عام 1978، عام صدور روايته «اسم الوردة» وكان قد بلغ الخمسين من عمره، كان سعيداً لكونه سيميائياً وفيلسوفاً، أما بعد صدور هذه الرواية فأصبح أكثر سعادة لأنه اكتسب لقب روائي. ويوضح في هذا السياق أنه تعلّم أشياء كثيرة وهو يكتب هذه الرواية، منها أن «الإلهام» كلمة سيئة وكما يقول المثل القديم 10 في المئة إلهام و90 في المئة جهد فردي وتعب، ويذكر أن الشاعر الفرنسي لامارتين وصف الظروف التي كتب فيها إحدى أجمل قصائده دفعة واحدة في ما يشبه الإشراق، في ليلة كان فيها تائهاً وسط غابة، وعندما مات عثروا في متاعه على عدد هائل من صيغ هذه القصيدة التي تدلّ على أنه كتبها، ثم أعاد كتابتها على مدى سنوات طويلة.
يشير إيكو إلى أن النقاد الأوائل الذين قرأوا رواية «اسم الوردة» قالوا إنها كتبت تحت تأثير إلهام وإشراق، في حين أنه عندما قرّر كتابتها كان قد رأى أنه سيكون مسلياً أن يكتب رواية عن تسميم راهب وهو يقرأ كتاباً غريباً، فتناول مادتها عن الرفّ حيث الملفات مكدّسة من سنين عدة. لقد كانت المادة هناك في متناولي كما يقول، و «لم يكن عليّ في مدى سنتين لكتابتها سوى انتقاء ما كنت في حاجة إليه».
أما في روايات إيكو اللاحقة فكان الأمر مختلفاً (حتى وإن كنت قد اخترت دائماً موضوعاتي استناداً إلى إلفتي معها، كما يقول) وقد تطلّبت هذه الكتب وقتاً أطول، ثماني سنوات من أجل كتابة «بندول فوكو» وست سنوات لـ «جزيرة اليوم السابق» ومثلها رواية «بادوليني»، وأربع سنوات لكتابة رواية «الشعلة الغامضة للملكة لوآنا».
ويوضح إيكو في سياق حديثه عن أسلوبه في الكتابة، أنه كان يملأ وقته في فترة الاختمار الأدبي في جمع الوثائق، وزيارة الأماكن، ورسم الخرائط، وتدوين تصاميم البنايات. بل قام بتصميم البواخر كما حدث ذلك في رواية «جزيرة اليوم السابق»، وقضى ليالي كثيرة يتجوّل بين الثانية والثالثة صباحاً في باريس بين معهد الفنون وساحة ليفوج، حيث كان بطل الرواية كاسوبون يتجوّل، ويضيف أنه من أجل التحضير لكتابة «جزيرة اليوم السابق» قام بزيارة بحار الجنوب في المكان الذي تدور فيه أحداث الرواية، من أجل مراقبة لون البحر والسماء. والتأمّل في ألوان ألسمك والمرجان. أما في «اسم الوردة» فأمضى وقتاً طويلاً في صنع تصاميم للأديرة التي كان بطل الرواية يتردّد إليها.
يعترف إيكو في سياق عرضه لطريقته في الكتابة، أن كل رواية من رواياته كانت حاصل فكرة تملّكته. وكان إيكو يصنف نفسه فيسلوفاً لا روائياً "أنا فيلسوف أكتب الروايات فقط أثناء عطلتي". وحين سئل مرة، بحسب كاتب، لماذا اختار أن يتحدث في إحدى رواياته عن شخصية محبطة، قال "ديستوفسكي كان يكتب عن الخاسرين. الشخصية الرئيسية في الإلياذة؛ هكتور، كان هو الخاسر. لعله من الممل أن نتحدث عن الفائزين، الأدب الحقيقي دائماً يتحدث عن الخاسرين، مدام بوفاري كانت هي الخاسرة، جوليان سوريل هي أيضاً الخاسرة. أنا أيضاً أفعل نفس الفعل، فالخاسرون أكثر روعة. الفائزون أغبياء، لأنهم غالباً يفوزون عن طريق الصدفة".
لاينسى إيكو في اعترافاته ذكر الإكراهات التي تجعل الفن موهبة وخلقاً لعالم ممكن الوجود. إكراهات هي بمثابة قيود يحيط بها نفسه كاتب الرواية حتى يحافظ على الانسجام في ما يكتب. كما لا ينسى الإشارة إلى الأشخاص في رواياته الذين يستقدمهم من عالم الواقع والخيال في الآن نفسه، ليبني عالماً يضجّ بالحياة، هو مواز للعالم الذي نعيش فيه، ولا يقلّ مصداقية عنه.

في حُمّى عصر الميديا وصعود التقنية، كان إيكو يتصدى بأسلوبه المعهود لدعاوى رفض الكتاب الورقي، جازمًا بأنّ الكتاب لا يمكن بأيِّ حالٍ تعويضه أو الاستغناء عنه؛ ففي كتابه «رجاءً لا تتخلّصوا من الكتب»، يستدعي ثقافته الموسوعية بأسلوب يؤثر الإقناع في من لا يزال يشكُّ في قيمة الكتاب وخطورته، قائلًا: «سوف يتطور الكتاب رُبّما داخل مُكوّناته، ورُبّما ازدادت صفحاته أكثر، وإن كان سيبقى كما هو. لذلك، أتساءل كيف يمكن للمرء أن يستغني عن هذا الشيء الرائع الذي يمكن أن يحمله معه إلى أيّ مكانٍ شاء، ويستخدمه في أيّ ظرفٍ كان، على فنن شجرة أو في جزيرة خلاء، صانعاً منه لحظة حبّ داخل مقصورةٍ أو أثناء عطلٍ كهربائيّ؟ عدا هذه الرغبة واللذاذة التي يمكن أن تجلبهما الكتب إذا لمسناها، أو أحسسنا بها، أو تصفّحناها، أو قيّدْنا على هامشها، أو ثنينا زوايا صفحاتها، ثمّ في ما بعد أعدنا اكتشافها وقراءة ما في حواشيها. هذا كُلّه مما لا يمكن أن يعوَّض بحال».

سئل إيكو في أحد الحوارات معه إن كانت تخيفه الرقمية، فردّ: «كلّا. اختراع الطائرة لم يُبعد القطار. واليوم، هناك قطارات الـ»تي جي في» السريعة والفاخرة، مثلما هناك طائرات عادية يعامل المسافرون فيها معاملة العبيد في الماضي. الصورة لم تقوّض الرسم. فالكثير من الكتب الثقيلة التي يصعب نقلها، ابتداءً من الموسوعات والكتب المدرسية، يمكن أن تستبدل بـ»الآيباد». وإذا أنا أردت الاحتفاط بصورة شخصية لجدّي، فلن أجدها بطبيعة الحال عند رافاييل، بل عند المصور الفوتوغرافي. بيد أنَّ ثمة أُناسًا هم على الدوام يشترون اللوحات ليعيشوا في محيط مبهج ولطيف. حتى أنا بدوري، كثيراً ما كنتُ أقول إنَّه من المستحيل أن تقرأ رواية «الحرب والسلم» على شاشة، حتى وجدتني سعيداً للغاية وأنا أحمل معي، من رحلة دامت شهراً في الولايات المتحدة، عشرات الكتب في بعض الغرامات من جهازي الآيباد».

وعن الكتابة، قال: «لا تُغيِّر الحاضر، يمكنها فقط أنْ تغيّر المستقبل. إقرأْ كتاباً تر الأثر العميق الذي يمكن أن يحدثه فيك، ومع الوقت تتغيّر طريقة تفكيرك وشخصيّتك، وفي الغد، أو بعد غد، سوف تتصرّف بشكل مختلف. وينخدع المثقّفون في كل مرّة لمّا يُطلب منهم فيها حلّ مشكلات العالم». وسئل إن كان متشائمًا: «أنا قلق. ليس عليَّ وقد تجاوزت الثمانين عامًا، ولكن على أولادي. هل لاحظتم كيف غدت الصحف، في الآونة الأخيرة، تنبئنا بمستقبل رهيب».
وبصدد أسلوب عمله، قال: «ليس عندي منهج. بالنسبة إلى الروايات، فإنّ العمل الحقيقي لكتابتها إنّما يكون في الريف. وعندما أكون في مدينة، أو في بلدة، أقوم بأبحاثي وآخذ الملاحظات؛ أي أُحصِّل في أثناء الحياة المدنية، وأكتب وسط الحقول. لديّ عشرة آلاف كتاب في منزلي الريفي. ومن نافذتي، أسرح بنظري في التلال إلى ما لانهاية». وبعد رحيله، لا يزال هذا النظر سارحًا، ولكن بلا عينين، بل عبر ضوء كلماته.
وأعرب رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجو ماتاريلا، في تصريحات صحفية، عن عميق الأسى لفقدان إيكو، ووصفه بـ "الرجل الحر الذي يتمتع بروح النقد العميق".
واعتبر رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، في تصريحات صحفية، أن إيكو يشكل "المثال الاستثنائي للمثقف الأوروبي، الذي تفرد بجمع فهم شامل للماضي، وقدرة لا تنضب على توقع المستقبل".

نشرت في فنون

بتوقف  دراسة اللغة المندائية والتعامل مع معاني مفرداتها وأسس إشتقاق المفردات وبناء الكلمات  تسبب ضياع الكثير من المعرفة وتوقف الإستدلال والإدراك لمتضمنات الكلمات والمصطلحات وصار الفهم منحصرا بالسياق الذي درج عليه، قس على ذلك في فهم معنى النصوص ومن ثم ترجمتها!
وحين يتم التعامل مع اللغة على أساس البحث وليس على أساس الترجمة وحسب، فإن الباحث ستستوقفه المعاني والدلالات وبخاصة لرمزية المصطلحات الشائعة منها ، وهذا ما إستوقفنا فيما نعكف عليه من متابعات في هذا الميدان. ووددنا هنا أن نعرض بعض ما وصلنا إليه، وهو من وجهة نظرنا محاولة للدخول في رمزية بعض المصطلحات المندائية تأسيسا على دلالاتها اللغوية. وقد يكون مجالا لإستثارة ما لدى العارفين المندائيين وغيرهم في مدخل من مداخل اللغة المندائية.
نبدأ موضوعنا هذا، الذي يمكن أن يتوسع لاحقا، بأكثر المصطلحات شيوعا ً. وسيكون نهجنا في ذلك أن نثبت ماهو معروف وصحيح، وما توصلنا إليه قطعا من معان لبعض المصطلحات لإطلاع القارئ الكريم. أما الذي لم يتم القطع فيه فيمكن أن يكون مدار نقاش وحوار وإستزادة رأي المختصين لحين التأكد والبت فيه .

آدم : ترد تسمية آدم رأس السلالة البشرية لأول الخلق العاقل. وقد عمت تسميته باللفظ نفسه جميع لغات العالم قديمها وحديثها. وفي اللغة العربية يشار الى الإختلاف في إشتقاق الإسم حيث يقول البعض: أنه سمي آدم من أدمة الأرض. وقال آخر: لأ ُدمة جعلها الله تعالى فيه والأ ُدمة هي القرابة والوسيلة.
أما في اللغة المندائية فترد أيضا تسمية آدم الذي تعده العقيدة المندائية أول أنبياء المندائيين، وهو الرجل الأول" أدم كبرا قدماييا " ويعد رأس السلالة البشرية " آدم ريشا إد شـُربتا هايتا ". ولا تزيد المندائية في شرح التسمية. وبالتأسيس على أن لا كلمة دون مدلول، فإننا يمكن أن نتابع تسمية آدم من أساس الفعل " دما " في اللغة المندائية الذي يرد بمعنى : يشبه، يشاكل، يناظر. والأسم فيه يكون الشبيه ، المـُشاكل، المـُناظر، ذو الهيئة. ولأن التصور أن آدم قد خلق على هيئة الخالق، فيكون من المقبول أن تأتي تسميته بما يشير الى ذلك ويؤكده. وعلى هذا فأن معنى
آدم يمكن أن يكون النظير. ونذكـّر بمعتقد المندائية أن النفس بعد أن تفارق الجسد وتذهب في مسيرتها نحو عالم الأنوار لا تستقر حتى تلتقي نظيرها وشبيهها الـ " دموتا " لتتحد معه وتستقر.
كما أن تميز الحياة عن سواها إنما يكون في مظهرين أحدهما خارجي وهو التنفس، والآخر داخلي وهو الدم سائل الحياة. وترد كلمة الدم في اللغة المندائية على " دما " تأسيسا على الكلمة في اللغة الأكدية " دامو". ويمكن أن تكون الكلمة إرتباطا بتسمية آدم ذاتها، لذا تشـّبه النفس بالدم فيرد في الأدب المندائي " لِـدما داميا نيشمتا " : النفس تشبه الدم.

حواء : على خلاف آدم، فإن كلمة حواء لا ترد بهذا اللفظ في جميع اللغات بل هذا لفظها مع بعض الإختلاف في عائلة اللغات السامية. ومعروف أن حواء زوج آدم. وإن كان هو أبو البشرية فهي أم البشرية ذاك أن من كليهما كانت الذرية البشرية.
ويمكن النظر الى معنى تسمية حواء بالإستناد الى اللغة المندائية تأسيسا على معنى الفعل " هوا " الذي يرد بمعنى يكون،يصير، يمنح، يوهب. ويقال في القراءة على روح المتوفي: رواها نهويلي" أي: لتوهب، تمنح له الرحمة. وعلى هذا فيمكن أن تكون تسمية " هوا: حواء" بمعنى العطية ، المنحة، الوهبة، المنة. وهي بلا شك هبة ومنة الخالق لآدم لكي تكون البشرية وتعمر الدنيا.

شيتل طابا : تسمية لنبي الله شيت (ع ). وقد أخذت أغلب اللغات التسمية بلفظها الوارد في اللغة العربية تقريبا. أما اللفظ في اللغة المندائية فهو يرتبط بمعنى الشتل والغرس تماما كما يرد في اللغة العربية وتأسيسا على الفعل في اللغة الأكدية " شتلو". ويرد في الكتاب المندائي الألف وإثنا عشر سؤالا: " يا بني وشتلي إد أنا بيميني شتليت" والمعنى واضح في المخاطبة : " يا أبنائي وشتلاتي (غرسي) الذين شتلتهم بيدي اليمنى.
أما كلمة طابا فتعنى الطيب. وعلى هذا يكون معنى تسمية النبي " شيت " على وفق اللغة المندائية " الشتل الطيب ". وهو حقا شتلا طيبا لآدم وللبشرية. ومن نقائه توزن النفوس جميعا بعد الممات، حسب العقيدة المندائية، بميزان " أباثر" ويكون قبالتها وزنا ً نفس النبي شيتل طابا لنقائها وصفائها وسلامتها.
وقد تسمى أحد أحفاد أبو إسحق الصابي وهو المؤرخ محمد بن هلال بن المحسن بـ" غرس النعمة " وهي ترجمة عربية صحيحة لـ" شيتل طابا " حيث "شيتل" هي الغرس و " طابا " هي النعمة والطيب. ولذا فإن صح إسلام غرس النعمة فإنه بقي متشبثا بـ " شيتل طابا " كنية عرف بها وإعترافا منه بمندائيته.

يوشامن : تسمية للحياة الثانية في إسطورة الخلق المندائية يمثل الحد الفاصل بين الخير والشر. والكلمة مكونة من مقطع (يو) وهو ما دأبت الديانة اليهودية ولغتها العبرية عليه في تسمية الكائنات العليا والراقية. أما كلمة " شامن " فربما هي من أساس الفعل " شمن" التي ترد في اللغة المندائية كما ترد كلمة " سمن " العربية بمعنى الإمتلاء. وعلى هذا فربما أن الكلمة تشير الى الإمتلاء الذي يراد منه وبه ما سيلحق من خلق قياسا على الأسطورة المندائية و التي يمكن الرجوع إليها في مصادرها.

مندا إد هيي : الملاك البارز والمبرز في الديانة المندائية. والتسمية معروفة بحكم شيوعها في الأدب المندائي وقيمتها الأساسية في إسطورة الخلق. ويشار له في الأدب المندائي كثيرا بأنه الرسول الأول( مندا إد هيي إد هو شليها قدمايا). والتسمية مكونة من ثلاث كلمات هي " مندا " والتي تعني في اللغة المندائية المعرفة ومنها تأتي تسمية المندائيين. وأداة الإضافة في اللغة المندائية وهي الـ " إد " وكلمة " هيي" التي تعني الحي. وبمجموع الكلمات تعني التسمية العارف بالحي أو العليم. ويمكن أن تكون صفة من صفات الخالق بأنه العليم. ومنها إنسحبت تسمية " الإغنوصية "
على المندائيين في أنهم العرفانيين.

مانا : ترد الكلمة في الأدب المندائي لتصف الخالق "مانا ربا". والكلمة ترد في العديد من لغات العائلة السامية. و ترد في اللغة المندائية بمعنين الأول: الوعاء والإناء، والثاني العقل والفكر والروح والمعنى. ويخطر لنا بأن الكلمة مكونة من حرف الميم الذي يستخدم في اللغة المندائية كما في اللغة العربية لجعل الفعل أو ما يلحقه إسم أداة وآلة. فإذا أضفنا حرف الميم الى الضمير " أنا " تتشكل كلمة الـ " مانا " فهي ما أنا. وما أنا يفاد منها على أنها الضمير والعقل والفكر وكل ما في الكيان.

الروها : كلمة إعتمدت في الأدب المندائي لوصف الشر وكائنات الشر. وهي تتفق في اللفظ مع كلمة روح في اللغة العربية ولكنها تتعاكس معها في المعنى. فالروح في اللغة العربية هي هبة الله التي لا يعرف كنهها ولذلك جاء في القرآن الكريم: " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"(الإسراء:85). وهي بهذا المعنى تقابل كلمة " نيشمتا " أي النفس في اللغة المندائية ومدلولها في الأدب المندائي. أما " الروها " بحسب المعنى المندائي فهي تقابل كلمة النفس بمعناها في اللغة العربية بكل عوالقها ونوازعها ورغباتها. وهي التي جاء وصفها في القرآن
الكريم أيضا: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها "( سورة الشمس: 7 ، 8).
ويظهر لنا أن كلمة " روها " في اللغة المندائية إشتقاق من الفعل" رها، رهـو" الذي يرد بعدة معاني منها: يستنشق، يشم، يدرك عن طريق الحواس، يستريح، يفرح. وكل ذلك يرتبط بحاجات تتطلب الإشباع ويكون في إشباعها راحة ومسرة والعكس في خلاف ذلك. وربما تسمية الروح هنا من الراحة التي تتولد بالإشباع ولذا تبقى " الروها " في العقيدة المندائية طلابة وغير شبعة ومرتبطة بنزوات مادية وذاك ما يجر الى نزوعها للشر من أجل تحقيق الكفاية والإشباع والنهم.

النيشمتا : وتقابل معنى كلمة الروح في اللغة العربية ولفظ كلمة النفس. هي هبة الخالق وقبس منه. بدخولها جسد آدم الصلصالي المسجى تحرك وقام. لا يعرف كنهها كما لا يعرف كنه الروح في اللغة العربية. " نيشما سِلق لبيت هيي" النفس تصعد الى دار الحي، الدار الأولى حيث عالم الأنوار بعد أن تنعتق من حبسها في البدن طيلة الحياة الدنيا كما يرد في الأدب المندائي. والكلمة تتأسس على الفعل " نشم " في اللغة المندائية والذي يعني يتنفس. وعلى هذا فإن "النيشمتا" هي المتنفسة. تأتي بصيغة المؤنث، فالمذكر فيها " نيشما " وتجمع على " نيشماتا ". وهنالك كتاب ديني لدى
المندائيين اسمه " سيدرا إد نيشماتا " أي كتاب الأنفس مخصص لصلوات طقوس التعميد.

هيبل زيوا : من أبرز الملائكة في الأدب المندائي ويقابل الملاك جبرائيل. كان دوره عظيما حسب الأسطورة المندائية في القضاء على " الروها " وقمع الشر. ويقرن دائما بصفات وخصائص الملاك العظيم " مندا إد هيي". والإسم مكون من كلمتين، الأولى مركبة من الفعل " هاب " والتي معناها كما في اللغة العربية: يهب، يمنح ، يعطي. وكلمة ييل كما في كلمة جبرائيل. أما الكلمة الثانية فتعني الضياء. وعلى هذا فإن المعنى الكامل لهذه التسمية هي واهب الضياء. وهذا هو الدور الكبير الذي تحمّله هذا الملاك حينما أعد وسُلح وجعل قاهرا لعالم الظلام في قصة الخلق بحسب الإسطورة
المندائية.

أباثر: من الملائكة المبرزين في العقيدة المندائية وهو صاحب الميزان الذي توزن فيه النفوس ويجلس في آخر محطات المطهرات التي تحاسب فيها. وبحسب زنتها ترتقي الى عالم الأنوار. شكا له الملاك " فتاهيل" أن آدم الذي جبله غير قادر على جعله يتحرك. فسأل أباثر ربه العون فأنزل" النيشمتا " بعد أن لفت بقبس من نور وجعلت خفيا بيد الملاك العظيم مندا إد هيي يدخلها فيه.
لغويا يرى البعض أن كلمة " أباثر" مشكلة من كلمتين هما كلمة " أب " وكلمة " أثرا ". أما الأولى فمعناها في اللغة المندائية كما في اللغة العربية وأما الثانية فتعني الأثيري. وبهذا يرون أن معنى كلمة " أباثر" هو أبو الأثري أو الأثيريين. علما بأنه يرد في الأدب المندائي تسمية أبو الأثيريين ولكن بالإضافة حيث ترد:" أبا إد إ ُثري". والبعض يرى أن كلمة " أب " تعني (ذلك الذي) أما كلمة " تورا " فتعني الوزن والعدالة وبالتالي فهو صاحب القسط وصاحب الميزان. ويفسر بعض ثالث الكلمة على أنها مكونة من أب بمعناها العربي وكلمة " أتـُر" بمعناها الثراء ليكون ( أبو الثراء).
وربما هي كما نرى" مُجلي الظلام" تأسيسا على أن كلمة " أبا " تأتي أيضا بمعنى الظلام في اللغة المندائية. أما كلمة " تـُر" فهي من الفعل " ترر" الذي يأتي بمعني يجهض ويطرح.

فتاهيل : ويلفظ بتاهيل تليينا للفاء. ملاك الفتح الذي أوكلت له مهمات كبيرة في تصليب الأرض والعالم السفلي بحسب الأسطورة المندائية. إنغر بفتحه ودوره وإرتأى أنه صاحب السلطان، فسحب الخالق الحق كل قدراته منه وعوقب مباشرة وظل موقوفا الى يوم الدين. الإسم يتأسس على الفعل في اللغة المندائية " فته: فتح " حيث طمر صوت حرف الحاء في المندائية . و يتطابق معناه مع اللغة العربية فهو ملاك الفتح.

كنزي برا : درجة دينية متقدمة في السلك الديني المندائي. ويظهر بحسب اللغة المندائية أن كلمة " كنزي" هي جمع لكلمة " كنزا " ومنها كلمة " كنزا ربا " أي الكنز العظيم وهو الكتاب الرئيس عند الصابئة المندائيين. كما تأتي كلمة " كنزا " بمعنى الكثرة والوفرة أيضا. وعلى هذا تكون كلمة " كنزي" جمع للوفرة والكثرة. وأما كلمة " برا " فيرد في معانيها الخلق والإبداع بما يقابل كلمة " بارئ " في اللغة العربية . فالله البارئ تعنى الله الخالق. وعلى هذا فنحن نرى أن كلمة " كنزي برا " تعنى خالق الكثرة من حيث المعرفة الدينية لارتباط هذه التسمية بدرجة دينية وما تمليه هذه
الدرجة من مسؤولية على حاملها. وسيتضح لنا الأمر أكثر بالإطلاع على معاني تسميات الدرجات الدينية الأخرى التي ترتبط جميعها بالمعرفة وليس بمعنى عابر الكنزا ذلك أن ما يعقب كلمة كنزا الكلمة "برا" وليس "أبرا" بمعنى العبور.

ترميدا : وتلفظ تليينا ترميذا. وهي أول درجة دينية يرتقيها المكرس في السلك الديني المندائي . وقد أشيع معناها على أنها تعني تلميذ. وربما أن هذا اللفظ جاء من اللغة العربية. وقد ظهر لنا بأن اللغة العربية قد أخذت كلمة " ترميذا " وكيفتها لفظا وإعتمدتها بالمعنى المتداول بل وشكلت منها فعلا في" تلمذ يتتلمذ تلميذا ً" دخولا من اللغة الآرامية وبخاصة المندائية دون الإنتباه الى أن الكلمة في الأساس مكونة من كلمتين وكالآتي: الفعل المندائي " ترا " والذي يأتي كما في العربية بمعنى ثرى وأثرى وكثر ونما وتوسع وإزداد. وأما كلمة " مادا " فتعني في اللغة المندائية المعرفة من أساس الفعل " يدا " بمعنى يعرف ومنها إشتقـت تسميتهم " المندائيون ". وبجمع الكلمتين " ترا+ مادا " تكون كلمة " ترميدا " التي أخذتها العربية وجعلتها تلميذ. وبالتالي يكون معنى الدرجة الدينية " ترميد ا" الشخص الذي يثري ويزداد معرفة. وهي تسمية دقيقة ومناسبة تماما لمن يؤهل ويصبح عضوا في السلك الديني. فغير الثري معرفة لا يكون له دور فيما سيطلب منه ويرتقي فيه ليكون فيما بعد" كنزي برا " أي خالق الكثرة كما مر بنا أعلاه.

شوليا : وهي تسمية تطلق على المرشح للسلك الديني المندائي حين يكون في فترة الإعداد للتكريس . وقد درج على ترجمتها الى " المُرشـَح ". ويظهر لنا بأن الكلمة جاءت من الفعل المندائي " شال " الذي يرد معناه كما في اللغة العربية : يسأل، بعد التبادل المعهود في لفظ حرفي الشين والسين. وعلى هذا تكون ترجمة كلمة " شوليا " الى السائل وليس المرشح. وهذا المعنى أصح ذلك أن المطلوب من المرشح أن يبقى سائلا ومسؤولا عن المعرفة الدينية والحياتية والطقسية التي يجب أن يتأهل فيها خلال هذه المرحلة قبل أن تجرى مراسيم تكريسه والتي متى ما حصلت فإنه بالضرورة سينال مرتبة
" ترميدا ".

شكندا : وتلفظ بكاف ثقيلة. وتأتي في الأدب المندائي بمعنى الرسول كما أنها صفة الفرد الذي يلازم من يقوم ببعض الإجراءات الدينية كالذبح. إذ لا بد أن يرافق من يقوم بعملية الذبح شخص نظيف أيضا تتوفر فيه الأهلية الدينية ليكون شاهدا على العملية ولذلك فهو يردد ويقول أثناء قراءات النحر " أنا سهدخ " بمعنى أنا شاهدك. والشيء نفسه مطلوب حينما يقوم رجل الدين المندائي بإجراءات التعميد أو الزواج إذ تتطلب عملية إنهاء المراسيم دورا للـ" شكندا ". ويظهر لنا بأن كلمة " شكندا" مكونة من كلمتين هما " شكا " والتي ترد في اللغة المندائية بمعنى الخطأ والزلل وكل ما
يرتبط بهما، والفعل " ندا " الذي يعني في اللغة المندائية طرد ، دفع، أزال. وهكذا تكون كلمة " شكندا " بمعنى مُبعد الخطأ. وهذا هو الدور الفعلي لمن يقوم بهذا العمل إذ أن عليه مراقبة من يساعده دفعا لأي خطأ أو زلل لشدة حرص الديانة المندائية وتزمتها في إجراءاتها الطقسية. بل حتى إن أخذنا معنى الرسول للكلمة فما الرسول إلا الهادي المعلم دافع الخطأ ومبعد الزلل عن الإيمان الحق بالخالق.

كليلا : الإكليل في اللغة العربية يعني التاج. وفي اللغة المندائية فإن كلمة تاج تأتي أيضا بلفظ " تاغا ".
ويظهر لنا أن كلمة " كليلا " في اللغة المندائية متشكلة من مقطع "كا+ ليلا". أما مقطع " كا" فيفيد معنى هنا، وأما كلمة " لِيلا أو للاي" فتعني في اللغة المندائية للأعلى. ويمكن أن يكون المعنى هنا للأعلى. وبما أن الإكليل لا يكون إلا بالأعلى وهو فوق الرأس، فإن المعنى يتطابق مع القصد. ثم تعمم اللفظ على ما يوضع على الرأس مما هو جميل وراق فكان إكليل الورد والزخرف. وفي المندائية فإن كلمة " كليلا " هي التسمية الشائعة لغصن الآس المشكل بشكل حلقة كالخاتم والتي توضع على رأس المتعمد أو المحتضر تحت طرف من العمامة. واللغة العربية أشاعت هذا الإستخدام وعممته
وجعلت منه فعلا يفيد ما يكون عاليا. والفعل يكلل ويتكلل أمثلة على ذلك. بل ربما أن كلمة " كلة " التي تعني الناموسية هي من أساس كلمة "كليلا" ذلك أن (الكلة) إنما تكون أعلى وفوق الشخص على سرير نومه.

رستا : هي اللباس الديني الأبيض المعهود الذي يرتديه المندائيون عند إجراء طقوسهم الدينية. وهي عامة تتكون من سبع قطع للشخص العادي وتسع لرجل الدين. أما المعنى اللغوي لكلمة " رستا " كما يرد في اللغة المندائية فهو الحق والإستقامة. والكلمة مستخدمة في اللغة الفارسية أيضا على أننا لا نستطيع أن نقرر مَن أخذ مِن مَن؟

سِندركا : وتعني في اللغة المندائية النخلة مع أن هنالك كلمة أخرى للنخلة وهي " تالا ". والـ" سندركا " تستخدم بمعنى رمزي في الأدب المندائي لتشير الى الفحولة والخصب وتكون مترادفة دائما مع كلمة " أينا " التي تعني كما في اللغة العربية العين والنبع إشارة الى الأنوثة. ويفيد معناهما المتلازم إشارة الى التكامل والإنجاب. ويظهر لنا بأن كلمة " سندركا " مكونة من كلمتين هما: كلمة " سين" وتعني القمر. أما كلمة "دركا " فتعني الطريق والنهج والسبيل. فهل يكون في جمعهما ما يشير الى السمو والإرتفاع .

 

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014