• Default
  • Title
  • Date

الصابئة المندائيون جزء من سكان العراق الاوائل عبر تأريخه الحضاري في بلاد مابين النهرين-سكنوا بطائح جنوب العراق وفي منطقة الطيب في ميسان قريباً من الانهار الجارية التي كانت تشكل اهمية كبيرة

في حياتهم الاجتماعية واقامة الطقوس الدينية وامتدت ديانتهم ايضاً الى فلسطين والشام ومصر زمن الفراعنة. ان تأريخ الصابئة المندائيين يلفه شيء من الغموض، وذلك لانزوائهم وانغلاقهم الديني بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له خلال فترات متعاقبة من تاريخهم. فأثروا هذا الأنزواء كوسيلة للحفاظ على دينهم وتراثهم.
وللصابئة كتيب يسمى (حران كوثيا) يتحدث عن هجرة المندائية التي قاموا بها من اورشليم في فلسطين سنة 70م بعد الاضطهاد الذي حصل لهم على يد السلطات الدينية والحكومية في هذه المدينة الحديثة التي كان يسيطر عليها الحكم الروماني فعادوا الى موطنهم الاصلي وادي الرافدين وكانت هذه الهجرة برعاية الملك أردوان(أرطبيانوس الثالث) ولقد جاء ذكر الصابئة في ثلاث أيات من القران الكريم سورة البقرة،سورة المائدة،سورة الحج.
وفي منتصف القرن السابع الميلادي عرفت هذ الطائفة لأول مرة في اوساط الباحثين الاوربيين ومنهم (ليدز بارسكي) (الليدي دراور) التي استطاعت في كتاباتها عن المندائية ان تزيح الكثير من الغموض عن ديانتهم وتأريخها وتراثها.
ومن اجل هذا عاشت مع الصابئة في جنوب العراق ودرست احوالهم عن قرب. وترجمت العديد من الكتب والمخطوطات المندائية الى اللغة الانكليزية.. واهمها كتاب الصابئة المندائين. الذي ترجمه الى العربية الاستاذان نعيم بدوي وغضبان الرومي.
وفي العقدين الاخيرين من القرن العشرين، تمكن عدد من مثقفي الصابئة بترجمة العديد من الكتب الدينية الى اللغة العربية اضافة الى بعض الكتب التي تخص الميثولوجيا المندائية.. فقد ترجم الكتاب المقدس (كنزاربا) ودراسة بهيا) تعاليم يحيى(ع) والنياني والقلستا.
وكلمة الصابئة مشتقة من الفعل الارامي المندائي -صبا-أي غطس او ارتمى في الجاري أما المندائيون فهي مشتقة من الفصل الأرامي- دا- التي تعني (العالم -العارف- فيكون معنى الصابئة المندائيين هو.
الصابغون العارفون بدين الحق واتفق اغلبية الباحثين والمستشرقين على ان كلمة صابئي جاءت من الجزء الأرامي وليس العربي للكلمة.. وهناك تسميات أخرى لهم.
المغتسلة-(من غسل) اي تطهر ونظف في الماء اي ربى شلماني-من (شلم)، أرامية تعني المسالم.
أبنيء نهورا-أبناء النور
اخشيطي من كشطا-أي اصحاب الحق
لغتهم
اللغة المندائية هي اللغة التي وردت بها المخطوطات الصابئية فكل الكتب الدينية ماتحتويه من تعاليم وصلوات وتراتيل مكتوبة بهذه اللغة. وأول من قرأ الابجدية المندائية هو ادم(ع) وبقية المختارين الاصفياء ومنهم يحيى بن زكريا(ع) وهي مقدمة عند جميع الصابئة واللغة المندائية هي لهجة من الآرامية التي تنتسب الى المجموعة السامية كالبابليين والاشورية والكلدانية.
واقدم ماالف عنها كتاب المستشرق الالماني (نولدكه) سنة 1875 تحت عنوان قواعد اللغة المندائية-ذلك القاموس المندائي انكليزي الذي الفته الليدي دراور.
وقام في السنوات الاخيرة بعض ابناء الصابئة بتأليف بعض الكتب في المندائية فقد أنجز الشيخ خلف عبد ربه مع المهندس خالد كامل القاموس المندائي-العربي) واستطاع الاستاذ امين فيصل تأليف كتاب قواعد اللغة المندائية الذي اعتمد كمصدر في المجمع العلمي العراقي.
وتتكون الابجدية المندائية من أثنين وعشرين حرفاً تكتب من اليمين الى اليسار. وبسبب اقتصارها على المراسيم الدينية فقد بقيت مفرداتها محدودة.
المعتقدات
يقوم جوهر الديانة الصابئية المندائية على أن الله واحد انبعث من ذاته وانبعثت الحياة من لدنه.. ومن اركان الديانة المندائية:
التوحيد: حيث جاء في افتتاحية الكتاب المقدس كنزاربا، الصفحة الاولى- مبارك اسمه..
باسم الحي العظيم (سبحانك ربي العظيم. اسبحك بقلب طاهر ايها الحي العظيم المتميز عن عوالم النور- الغني من كل شيء- الغني فوق كل شيء نسألك الشفاء والظفر وهداية الجنان وهداية السمع واللسان.. ونسألك الرحمة والغفران امين ياربنا - يارب العالمين.
وعلى اساس ماجاء في كتبهم الدينية المقدسة فأن الصابئة المندائيين يعتقدون برب عظيم خالق للكائنات الروحية والمادية.. وكذلك الاعتقاد بان النفس في الجسم يجب ان تعود الى خالقها في عالم الانوار بعد موتها.
وهذه دلالة على وحدانية الدين المندائي
التعميد:
الصباغة-(صبغة الله)
ويعتبر الركن الاساسي وهو فرض واجب على كل صابئي مندائي ويهدف الى فتح باب الخلاص والتوبة وغسل الذنوب والخطايا والتقرب الى الله. ويتم هذا الطقس في الماء الجاري (اليردنا) ويكون يوم الاحد على رأس الايام المقدسة لأن الله بدأ الخلق فيه. والتعمد بدأ في عوالم النور العليا حيث تعمدت الملائكة وأنزل الى الارض عن طريق الملاك جبريل الرسول (هيبل زيوا) حيث قام ليتعمد ادم وحواء ثم اصبح سنة لآدم وذريته من بعده.
ومن مستلزمات التعميد في الديانة الصابئية:
أ- الماء الجاري-ماء الحياة (مياهيا) واكليل الريحان والآس وهما يرمزان الى الحياة وطيبها.
ب- الملابس الدينية الخاصة (رستا) وهي ملابس قطنية او من الكتان الابيض ويرمز اللون الابيض الى الطهارة والنور يرتديها رجل الدين والشخص المتعمد بعد أن ينزع كل قطعة من ملابسه الاعتيادية.
ج- اشياء تمثل حاجات الانسان البدائية وهي طبق من الطين (طريانا) وكوب ماء وأناء لوضع البخور وراية بيضاء حول خشبة مصنوعة على هيئة علامة (+) وترمز الى راية السلام (شيشلام) والمعروفة في اوساط كثيرة (الدرفش).
وخطوات التعميد تبدأ بالنزول الى الماء والغطس فيه والارتسام مع ذكر اسم الله تعالى وشرب شيء منه بعد ذلك يتبادل المعمد نعمة الخبز ومعها شيء من الماء ثم يختتم رجل الدين التعميد بأن اليد اليمنى على رأس المتعمد ويقوم بعدها بالمصافحة لاداء يمين الحق.
ويعطى للمتعمد الاسم الديني (الملواشة) التي ترافقه حتى نهاية الحياة..وبعد مجموعة من التراتيل الدينية الخاصة ومنها اتيت الى الماء بارادة الله وارادتي. الماء الذي يهيئ القوة نزلت الى الماء واصطبغت وتقبلت الرسم الزكي وارتديت ملابس النور واحكمت اكليل الورد الغض برأسي وذكرت اسم الله العظيم علي.

نشرت في تاريخ
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 18:25

حركات وطقوس

يلجأ الانسان تلقائيا او بصورة موروثة الى استخدام بعض الحركات او العلامات بواسطة اليدين ووضعية جسمه او تعابير وجهه او ملابسه في بعض الطقوس لكي يعبر عن مشاركته الفعلية في اجراء الطقوس ، جماعية ام فردية . فهي عبارة عن وسيلة وعامل مساعد للتعبير عن علاقة الانسان بالحي العظيم ( مسبح اسمه ) وكلما كانت هذه الحركات والعلامات والرموز والوسائل متناسقة ومنتظمة جاءت معبرة عن معنى لاهوتي . فنحن نشاهد المندائيين ورجال الدين عند قيامهم بالبراخة أو الطقوس الدينية الاخرى يقومون بالغطس بالماء ويمدون أذرعهم ( كما في المصبتا عند أداء القسم ) وأحيانا اخرى يقومون بالانحاء ، حيث يبتغون من ذلك التقرب من الخالق ، روحا وجسدا ، ويرددون كلمات تعبر عن حضورهم أمام الخالق العظيم ( مسبح اسمه ) هذه الرموز والحركات ليست وليدة الأمس ، وليست بدعة جماعة معينة في زمن محدد بل نراها مغروسة عبر الحقب الزمنية المختلفة ، لأنها مرتبطة بالطقوس ، مرتبطة كجزء لا يتجزأ من الفرد المندائي أثناء أدائه الطقس . لذلك لا يمكن لأي شخص كان ان يغير أو يجتهد أو يضيف في هذه الحركات إلا رجال الدين . هذه الملابس التي ترتدى في الطقوس والحركات والرموز التي يؤديها المتعبد بانتظام ووقار ليست كافية لتعطي الطقس بعده ومعناه الحقيقي وليست كافية لتؤدي الاتصال مع الخالق ، دون ان يكون للروح فيها دور بارز ومهم وحاصل على حيز كبير جدا من الطقس ، فان الحضور الفكري والصدق فيه والتركيز على فحوى الكلمات المستخدمة يولي الطقس معناه العميق ويرتقي بالمؤمن الى اقرب ما يمكن من الخالق . ان الهدوء الروحي والسكينة الداخلية ، تساعد الانسان على ان يتسامى في عالم روحاني عذب ، عالم الحي العظيم ، فبقدر ما يتلخص الجسم من تشنجاته الجسمية وتوجهاته المادية ، بقدر ما يندمج في عالمه الروحاني ليخلق نوعا من الاتصال ما بينه والخالق العظيم .

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 16:50

سلسلة بحوث من بصائر العقيدة

سلسلة بحوث من بصائر العقيدة

 

م/ أحكام الجنابة في

الشريعة الناصورائية

{ ابعدوا أ نفسكم عن الحياه الفانية,وإذا غشيتم زوجاتكم فتطهروا بالماء وإغتسلوا جيداً بداً من قمة

رؤوسكم ,فلو بقيت شعرةٌ واحدةٌ لم يمسها الماء لن تتطهروا} دراشا اد يهيا

قد يتسائل بعض المندائيين عن حكم الجنابة أو ما هي احكامها في الشريعة المندائية الناصورائية ,

وكيف تجري ,وما هي العلة من تشريع الاغتسال (الطماشا) من الجنابة ...لذلك وددنا في هذا البحث 

أن نسلط الاضواء على هذا الجانب المهم من فقه شريعتنا الناصورائية النورانية الغراء.

 

فأن من مسببات

الجنابه أمران :

1)

خروج المني.

2) الجماع

وإن لم يحصل معهُ إنزال المني فإذا حصل أحد هذين الامرين وجب على الفرد المندائي ان يطمش

(يغتسل) من الجنابة اذا اراد ان يمتثل لامر الحي الازلي نلاحظ ما جاء بالنص الخامس و العشرون من 

كتابنا المقدس {دراشا اد يهيا} تعاليم ابونا يهيا يهانا مبارك اسمه{ ...بماذا يحكم القاضي على كل 

من يضاجع زوجته ولا يتطهر بعد ذلك بالماء ؟.....كل من قرب زوجتهُ , ولم يطهر جسده بالماء يلقى 

في اعماق الظلام, والزوجة التي لم تتطهر بالماء ,تلعن وتظرب ضرباً مبرحاً ويحذف اسمها من بيت الكمال}*

 

اما أذا حرك المني في الداخل ولم يخرج فلا تحصل الجنابة .إما أذا خرج من الفرد المندائي ماده لا يعلم أنها 

مني أم لا . ففي هذه الحالة إن خرجت هذه الماده من الرجل مع شهوة و أنتصاب أو بدون انتصاب يحكم بأنها مني فتجب الطماشا.

 

أما اذا خرجت من المرأه مع شهوة وهياج كذلك تحكم بأنها مني وإلا فالحكم عليها الطماشا. إما أذا خرج 

من المرأه مني بعد الطماشا علمت بانهُ مني الرجل فقط اي بعد الاتصال الجنسي الشرعي فلا يجب عليها 

غسل الجنابة مره أخرى لعدم تحقق الجنابة عندها في هذه الحالةوانما هذا ماء الرجل,ولكن الحكم يختلف 

عند الرجال فالحكم ان الاستبراء وأنتهاء المني بالبول فإن لم يستبرأ المغتسل ثم خرجت منهُ بعد الطماشا 

رطوبة مشتبهه بين المني و غيره فيحكم بأنها مني ويجب عليه الطماشا مره أخرى.

 

أما كيف تؤدى الطماشا أن الاغتسال أو الطماشا تجري في أي وقت وفي أي يوم من أيام السنه ,

وأن هذه الطماشا تجري من قبل الشخص نفسه مباشرة أما في حاله الاضطرار فسيقط الماء عليه مباشر من قبل 

شخص أخر ك زوجته أو أمه أو والده

....الخ مع مراعاه أحكام للنظر و ستر العوره وتكون الطماشا أما في النهر الجاري أو ينبوع جاري وهو الانغماس 

تحت الماء لثلاث مرات مع قراءه بوثا (سورة) الطماشا 

أو تجري في الحمام و الوقوف تحت صنبور الماء وتقرأ البوثة لثلاث مرات فكل الامور صحيحة المذكور سابقا في 

الطماشا ويجب أن يصل الماء الى كل

أجزاء الجسم وأطرافه كما جاء بالنص الحادي و العشرين من كتابنا المقدس {دراشا اد يهيا} تعاليم ابونا يهيا يهانا عليه

افضل مبارك اسمه

{ ... ابعدوا انفسكم عن الحياه الفانية,وإذا غشيتم زوجاتكم فتطهروا بالماء وإغتسلوا جيداً بداً من قمة رؤوسكم ,فلو بقيت

شعرةٌ واحدةٌ لم يمسها الماء لن تتطهروا}. أما واجبات الغسل: 

فهي تقع بدورها على قسمين هامين اولهما ما يتعلق بالمغُتْسِل/ تجب النية في الطماشا كما هو الحال في الرشاما.ولا توجب النيه

الكلام بها بل يكفي إخطارها في النفس.كذلك لا يصح ا

لغسل مع وجود حاجز او مانع او حاجب يمنع وصول (اليردنا) الماء الجاري إلى البدن .فالاصل ان يطمس الفرد المندائي 

أرتماسياً في الماء و لصعوبه ذلك تحول الى استعمال ماء

الصنبور كما اسلفنا سابقاَ اي ماء الاساله فيجب ايصال الماء بالطماشا من اعلا الراس الى أخمص القدم و ألا تبقى شعره بالجسم 

لا وصل الماء اليها.

 

ثانيها ما يتعلق الامر بماء الطماشا/يشترط في الماء الذي يطمش فيه الفرد المندائي أن يكون ماءً جاري و زكياً و أن يكون ماء

طاهر جاري 

نقي كماء النهر أو الينبوع أو ماء الاسالة الجاري .... وأليكم أعزائي نص هذه البوثة

 

{ ماري مشبا – بشَميهون اد هيي ربي . أنا (الملواشا) صبينا بَمصُبتا اد بِـِـهرام ربا بر روروبي مَصُبتاي وتيناطَـَـري وتسِــق 

الريش شما اد هيي وشما اد مــَندا اد هيي مــَدخـَر ِ إلـَـي

.------------ مسبح ربي – باسماء الحي العظيم.

أنا (الاسم الديني) تعمدت بعماد بهرام العظيم أبن القدرة ,عمادي يحرسني ويرفعني الى العلا ,اسم الحي واسم عارف الحياه منطوق علي } **

.أن الحكمة من الطماشا هو التنظيف وأزاله الاوساخ مما علق بالجهاز التناسلي الذكر و الانثوي وتنظيفهما وتجديد الحيويه و النشاط ,لان 

الاغتسال عباره عن أفاضة الماء كما قلنا على البدن كله ومن

شأن الجنابة أن تحدث تهيجاً في المجموع العصبي فيتأثر بها البدن كله ويعقبها فتور واسترخاء وضعف فيه يزيله الماء 

,ويوصي الطب اليوم بالاغتسال بعد الاتصال الجنسي للامور التى ذكرناها سابقا و غيرها الكثير ...فالشريعة المندائية شرعت هذه 

الامور منذ بداية الخليقة رحمة لرعيتها...أن الجنابه كأي عارض أو ظاهرة أخرى لا تثبت إلا باليقين 

,فلو رأى الفرد المندائي في ثوبه الخاص منياً مما دله على أحتلامه ليلاً وجب الغسل عليه,وكذلك لو وجد في جسمه من الضعف 

و الفتور مما لا يجده ألا بعد الاحتلام,ولو باشر زوجته ولكن شك في الدخول الذي يوجب الغسل وجبت الطماشا.أما موجبات الطماشا فهي 

خروج المني عند الرجل و الانزال عند المرأه و الجماع و الحيض و النفاس عند الولادة ومس جنازة الميت. 

وفي الختام أتمنى من( هيي قدمايي )الحي العظيم مبارك اسمه ان يجعل هذا العمل في ميزان حسناتي...لابتغاء وجهُ الكريم.

.ألهم أغفر خطايانا وأثامنا نحنُ وجميع الناصورائيين من دارة أدم الرجل الاول ألى نهاية

العوالم والاجيال ..ألهم امين.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــد في ترجمة

النصوص الدينية من كتابنا المقدس( أدراشا أد يهيا ) تعاليم ابونا يهيا يهانا مبارك

اسمهه على ترجمة أمين افعيل حطاب للكتاب , بغداد.

 

** ترجمة الربي رافد الريشما عبد الله الكنزورا نجم ..كتاب الصلاه المندائية وبعض الطقوس الدينية

,1988, بغداد

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 09:48

ألفن ألمندائي في أسترليا

تفتخر ألأمم بفنونها وتراثها وتعطيه من القدسية اعلى صورة ممكنة ، لأن ذلك دليل على رقي وتطور تلك الشعوب في مراحل مختلفة من وجودها حتى وان كان العمل بدائيا وبسيطا .

والمندائيون وبكل فخر واعتزاز يملكون من التراث أندره ومن الفنون أروعها ، فتراثهم الديني طقوسا وانتماءا يعد من أٌقدم من استمر على الحفاظ بأطارها ألأصيل ليومنا هذا وحتى خطهم الكتابي فأمتداده الى قرون قبل الميلاد، أما فنونهم فأي فن اعرق وأقدم من الصياغة ؟؟؟؟

أفلايكفي ذلك ليكون مدعاة فخرنا وأعتزازنا .

عذرا فلست باحثا كي اسطر دلائل التأريخ ، كما لا اود نسيان ابداعات أجدادنا في الحدادة والنجارة فكلا الحرفتين الآنفتين هما في جدول الفنون كما لا ننسى مبدعينا من التشكيليين او المسرحيين وحتى العلماء .

لقد جأت الى الوطن الجديد وأنا أحمل جزءا من تراث أجدادي ، أفتخر واعتز به كأولادي، ان بعض القطع رافقتني حتى قبل أن يأتي ابني البكر، انها متعة تغنيني عن كنوز الدنيا ، بذلت ومعي اخوان كثيرين ساعدوني في المجازفة التي وصلت حد الموت في سبيل اخراجها من وطني الأم ، فلا يسعني هنا الا أن أشكر كل من ساعدني في أول خطوة حتى وصولها الى ربوع وطني الجديد وسدني بالذات ، حين حط بي الرحال في استراليا لم اتوقع أن اجد في اقصى طرف في المعمورة قطع مندائية من شغل اجدادنا وبعضها يعتبر من النوادر وكنت أحلم بأن احصل على قطعة واحدة منها في العراق وكهاو وعاشق للتراث اشتريتها بدون تحفظ وأحتفلت بهذه القطع أيما احتفال ...... ادناه بعض تفاصيلها وصورها :

1- علبة سكائر صغيرة الحجم عمل الفنان الخالد زهرون ملا خضر ( موقعة باسمه ) مطلية بالذهب من الداخل

تفاصيل الصور : الوجه ألأول نخيل ونهر ، والوجه الآخر مركب في النهر وجمال ونخيل .

جماليتها الرائعة في رشاقتها يترواح وزنها بحدود 128غرام تأريخ صنعها في عشرينيات القرن الماضي اشتريتها سنة 1999من أحد محلات التحف في سدني ) ولم يكن قد مضى شهرا على وجودي في استراليا. )

2- علبة سكاير صالون ( كبيرة ) مغلفة بالخشب من الداخل جوانبها منقوشة بمناظر عراقية تقليدية والوجه عليه جسريشبه الجسر المعلق في بغداد واعتقد أنه جسر الكوت ، ليس عليها اسم الفنان ، وزنها 186غرام ، يدل ان صنعها في حدود سنة 1960 ، اشتريتها مع قطعة ثانيةمندائية من سوق للتحف في سدني .

3- مشربة الماء ( مصخنة ) : اشتريتها مع القطعة السابقة وتحوي بعض الرسوم التقليدية من نخيل وماء وخلافه وموقعة بأسم ( ناجي ياسر) وهو الصائغ السيد( ناجي ياسرصكر الحيدر) يبلغ وزنها 158غرام حدود صياغتها حوالي 1975 .

4- بروج( دبوس) على شكل سفينة شراعية جميلة الصنع فيها سلسلة يدوية الصنع صغيرة صياغتها في حدود 1960 .

5- فاتحة رسائل على شكل سيف أفريقي من جهته ألأولى صور ألأهرامات ونهر النيل وتمثال كتب تحته توت عنخ آمون بألأنكليزية والجهة الثانية مناظر عراقية للنهر والمراكب الشراعية والنخيل وعليه ختم به حرفان بألأنكليزية يتوسطهم قط وخلال ألأستفسار ومراجعة ما نشر عن الرعيل ألأول للفنانين المندائيين الذين سافروا الى الدول ألأجنبية والعربية وجدنا اسماء من ينطبق عليهم ذينك الحرفين وهم ( زيدان ، زهرون )? و ( غالب او غريب

نشرت في تاريخ
الأحد, 10 شباط/فبراير 2013 14:17

المندائيون في الذاكره الاسلاميه-ج 3

الفصل الثاني
الروايات التاريخية

للصابئة المندائيين حضور في الرواية الإسلامية، ذكرهم أبو فرج النديم (ت377هـ)، وأبو الحسن المسعودي(346هـ) وأبو الريحان البيروني (ت440هـ)، بما هم عليه الآن، وذكر آخرون علاقتهم بأنبياء وشخصيات قديمة، لا يخلو منها كتابهم "الكنـزاربا". وأقدم من هذا قال الطبري مفسراً معنى الصحف الأولى: هي التي "نزلت على ابن آدم هبة الله، وإدريس عليهما السلام"( 70). وقصة معراج دنانوخت (إدريس)، والكتب التي نزلت عليه، ومعراجه إلى السماء السابعة، واضحة في نصوص "الكنـزاربا".

قال الطبري كان "مُلك بيوراسب في عهد إدريس، وقد وقع إليه كلام من كلام آدم، صلوات الله عليه، فأتخذه في ذلك الزمان سحراً، وكان بيوراسب يعمل به، وكان إذا أراد شيئاً من جميع مملكته، أو أعجبته داية أو امرأة نفخ بقبضة له من الذهب"( 71). وبيوراسب "دعا إلى ملة الصابئين... وتبعه على ذلك الذين أرسل إليهم نوح عليه السلام"( 72).

ويعدُّ صابئتنا الحاليون كتابهم كتاب آدم ويعدون إدريس ونوح من عظمائهم. ويذكر المسعودي - غير الرواية الخاصة بالمندائيين الحاليين – أن الصابئة "تزعم أخنوخ بن يرد هرمس، ومعنى هرمس عطارد، وهو الذي أخبر الله في كتابه أنه رفعه مكاناً علياً، وكانت حياته في الأرض ثلاثمائة سنة، وهو أول مَنْ درز الدروز، وخاط بالإبرة، وأُنزلت قبل ذلك على آدم إحدى وعشرون صحيفة، و أُنزلت على شيت تسع وعشرون صحيفة، فيها تهليل وتسبيح"( 73).

تقترب رواية المسعودي إلى حد كبير من قصة "الكنـزاربا"، فأخنوخ بن يرد هو دنانوخت نفسه وهو هرمس، وهرمس هو إدريس، وهو الذي عرج إلى السماء السابعة، المكان العلي، ونزلت عليه الصحف، التي كان يحتفظ بها في غرفة مغلقة، ثم نزلت عليه ثمانية كتب أخرى، لم يصح منها غير الكتاب الثامن.

ورد معراج إدريس (دنانوخت) في "الكنـزاربا" والقرآن الكريم، وقصته واحدة من المتوافقات بين الكتابين. ورد في الآية: "وأذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبيا، ورفعناه مكاناً علياً"( 74). وفي صلة إدريس ببالصابئة وا ينفي عنهم عبادة النجوم أو الأصنام قال السيوطي: "إن النبي إدريس، عليه السلام، دعا الخلق إلى الله تعالى فأجابوه، وكانت عقيدته الصابئة، وهي توحيد الله تعالى والطهارة والصوم وغير ذلك من رسوم التعبدات"( 75).

ويربط المسعودي بين الصابئة القدماء الحرانيين وبين المندائيين الحاليين، ثم اختصاص الأخيرين باسم الكيماريين، مشخصاً مؤسسهم الأول في الديار الهندية، قال: "رجل يقال له بوداسف أحدث مذهب الصابئة، وقال: إن معالي الشرف الكامل والصلاح الشامل، ومعدن الحياة في هذا السقف المرفوع، وإن الكواكب هي المدبرات والواردات والصادرات، وهي التي برزوها من أفلاكها وقطعها مسافاتها، واتصالها بنقطة، وانفصالها عن نقطة سبب ما يكون في العالم، من آثار من امتداد الأعمار وقصرها، وتركيب البسائط، وانبساط المركبات، وتتميم الصور، وظهور المياه وفيضها، وفي النجوم السيارة، وفي أفلاكها التدبير الأعظم وغير ذلك... فاجتذب جماعة من ذوي الضعف في الآراء، فيقال إن هذا الرجل أول مَنْ أظهر مذهب الصابئة من الحرانيين، والكيماريين، وهذا النوع من الصابئة مباينون للحرانيين في نحلتهم وديارهم بين واسط والبصرة من أرض العراق نحو البطائح والآجام"( 76).

وربما قصد المسعودي في حديثه حول كهنة الصابئة "أعلى كهنتهم يسمى رأس كمري" برئيس أمة أو ريش أمة، حسب اللفظ المندائي، وهو أعلى درجة دينية بين المندائيين الحاليين. والمسعودي قد ينفرد في تسمية الصابئة المندائيون بالكيماريين، فلم نعثر على هذه التسمية عند الآخرين، وليس لدينا معنى لهذه التسمية غير الاحتمالات التالية: هو تصحيف لكلمة كماريم التي وردت في "قاموس الكتاب المقدس"( 77).

وتعني "كهنة الآلهة الكاذبة" و"كهنة الأصنام" أو"كهنة عجول بيت أوان"، والجملة الأخيرة، حسب "نبوءة صفينا" من العهد القديم تعني السامرة، وهم فرقة يهودية تخالف اليهود في أمور عديدة، وتعني الجملتان الأخيرتان الصابئة، ففي العرف اليهودي أنهم عبدة أصنام. ومن جانب آخر قد تتعلق تسمية الكيماريين بالختان أو الطهور، وبالتالي مصحفة من كلمة كَمرَة وتعني رأس الذكر، و"المكمور مَنْ أصاب الخاتن كمرته"( 78).

وإن صح ذلك فالتسمية من أسماء الأضداد، مثلما يسمى القبيح بالجميل، والمعروف عن الصابئة أنهم يحرمون الختان لأسباب تتعلق بتقديس ما خلقه الله، أو تتعلق التسمية بالستر والإخفاء، والمندائيين لا يشهرون طقوسهم، فهم ديانة أقرب إلى السرية، ومن معاني الكمر الغطاء والستر، أو لها صلة بالشعر والصابئة يشددون على عدم حلاقته، فمن معاني الكمر منطقة من الشعر وهي فارسية. ويبقى الاحتمالان الأول والثاني هما الأقرب إلى تسميتهم بالكيماريين. وأحسب أن المسعودي استقى معلوماته السالفة الذكر من أحد الكهنة، قصها عليه كما قص الكهنة المعاصرون أسرارهم وطلاسمهم لليدي دراوور، ولم تحفل بها إلا بعد صحبة عشرين عاماً.

سمى أبو فرج النديم المندائية بالمغتسلة، وهو أقرب الأسماء إليهم، قال: "وهو هؤلاء القوم كثيرون بنواحي البطائح (الأهوار) وهم صابئة البطائح، يقولون بالاغتسال، ويغسلون جميع ما يأكلونه"( 79). وقال حول عقائدهم: إنهم "على مذاهب النبط القديم، يعظمون النجوم، ولهم أمثلة وأصنام، وهم عامة الصابة المعروفين بالحرانيين، وقيل إنهم غيرهم جملة وتفصيلاً"( 80).

وفي العبارة الأخيرة تراجع النديم عن الخلط بين الحرانيين والصابئة المندائيين رغم أنه نقل قصة عن أبي يوسف أيشع القطيعي النصراني أشارت إلى حادثة غريبة تؤرخ إلى سبب اتخاذ الحرانيين اسم الصابئة، بعد أن خيرهم الخليفة عبد الله المأمون بين الإسلام أو الالتحاق بدين من الأديان الكتابية، واختاروا الصابئية لوردوها في القرآن بناءً على نصحية أحد العارفين( 81).

وأكثر الظن، أن النديم في تسمية ملة من الملل بالرشيين كان يعني دون قصد المندائيين، وربما سجل ذلك نقلاً من أفواه الآخرين، يظهر ذلك من اهتمام هؤلاء بالماء الحي والظلام، فقد جاء في مقالة الرشيين، وللاسم متعلق مباشر برش الماء:"لم يكن غير الظلمة فقط، وكان في جوفها الماء، الريح، وفي الريح الرحم، وفي الرحم المشيمة، وفي المشيمة البيضة، وفي البيضة الماء الحي، وفي الماء الحي ابن الأحياء العظيم، وارتفع إلى العلو، فخلق البريات والأشياء والسموات والآلهة"( 82).

وأشار إليهم، لا عن قصد أيضاً، بالكشطيين، ومعروف أن كلمة كشطا كلمة مندائية تعني العهد أو الحق، وتتكرر كثيراً في كتاب "الكنـزاربا" وتأتي مركبة: مشوني كشطا، "أي الحق المتسامي، وهو عالم مثالي وموطن الآدميين السماويين، وفيه أشباه المخلوقات والأدوات الأرضية، ويكون موقعه في الشمال من الكون، حيث يقع عالم النور"( 83). جاء في مقالة الكشطيين: "إنه قبل كل شيء الحي العظيم، فخلق من نفسه ابناً وسماه نجم الضياء، ويسمونه الحي الثاني (لعله مندادهيي) ويقولون بالقربان والهدايا والأشياء الحسنة"( 84).

قد ينفرد النديم في ذكر المندائيين بالتسميات الدالة عليهم، مع الاختلاف في المقالات والعقائد، وينفرد أيضاً في ذكر علاقتهم بالمانوية، وهي ديانة وفلسفة في آن واحد، ظهرت بالعراق في القرن الثالث الميلادي، من أهدافها إقامة كنيسة بابل وأن الوحي والاجتماع المانوي الرسمي لا يتم إلا ببابل، وهذه العلاقة تقدم برهاناً ساطعاً على قدم المندائية بجنوب العراق، حيث جداول المياه العذبة بالأهوار.

بدأت المانوية بصوت سمعه فاتق والد ماني، ناداه من الهيكل قائلاً: "لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً ولا تنكح بشراً، تكرر ذلك عليه دفعات في ثلاثة أيام، فلما رأى فاتق ذلك لحق بقوم كانوا بنواحي دستميسان معروفون بالمغتسلة، وبتيك النواحي والبطائح بقاياهم إلى وقتنا هذا (القرن الرابع الهجري)، وكانوا على المذهب الذي أمر فاتق الدخول فيه، وكانت امرأته حاملاً بماني، فلما ولدته زعموا كانت ترى له المنامات الحسنة، وكانت ترى في اليقظة كأن أحداً يأخذه، فيصعد به إلى الجو ثم يرده"( 85).

وأخيراً، لا ندري إن كان اسم ماني مشتقاً من المانا المندائية، التي تفيد عدة معانٍ، كل واحدة منها مناسبة لصفات الأنبياء، وهي: العقل، الوعاء، النفس، وقد تأتي بمعنى ملاك ذي مرتبة سامية( 86).

روى أبو الريحان البيروني عن آخر: "إن هؤلاء الحرانية ليسوا الصابئة بالحقيقة، بل هم المسمون في الكتب بالحنفاء والوثنية، فإن الصابئة هم الذين تخلفوا ببابل من جملة الأسباط الناهضة في أيام كورش، وأيام أرطحشست إلى بيت المقدس، ومالوا إلى شرائع المجوس، فصبوا إلى دين بختنصر، فذهبوا مذهباً ممتزجاً من المجوسية واليهودية كالسامرة بالشام، وقد يوجد أكثرهم بواسط وسواد العراق بناحية جعفر والجامدة ونهري الصلة، منتمين إلى أنوش بن شيت، ومخالفين للحرانية عائبين مذاهبهم لا يوافقونهم إلا في أشياء قليلة، حتى أنهم يتوجهون في الصلاة إلى جهة القطب الشمالي والحرانية إلى الجنوبية"( 87).

ولرواية البيروني صلة بمندائيي اليوم، فقد ورد في كتاب "كنـزاربا" فصلاً تحت عنوان "تساؤلات آنوش"، جاء في بدايته: "باسم الحي العظيم.. جالس في بلد الضياء، متطلع إلى الأرض والسماء، أنا أنوش الأمين بن شتيل (شيت) الأمين بن آدم الأمين ابن الملائكة ذوي الوقار، ابن بلد المعرفة والتسبيح والأنوار"( 88). غير أن البيروني، الذي نقل هذه المعلومة الهامة، أعتذر في كتاب آخر عن ذكر المندائيين، بقوله: "الصابئون في كتاب الله تعالى مقترنوا بالذكر بالطوائف الذين قدمنا ذكرهم، فأما الكائنون بسواد العراق، حوالي قرى واسط، فما حصلت من أسبابها على شيء البتة"( 89).

رد أبو الريحان على روايات اتهمت الصابئة بأمور منافية لوداعتهم وإيمانهم العميق، مثل ذبح أولادهم وتقديمهم قرابين للكواكب، قال: "ونحن لا نعلم منهم إلا أنهم أُناس يوحدون الله وينزهونه عن القبائح، ويصفونه بالسلب لا الإيجاب كقولهم لا يُحدُّ ولا يُرى ولا يُظلم ولا يجور، ويسمونه بالأسماء الحسنى مجازاً"( 90).

ومن غير المؤرخين جاء ذكر الصابئة المندائيين عند ابن بحر الجاحظ (ت255هـ)، وسنذكرها لا لأهميتها التاريخية بل لمخالفتها الواقع، ونميل إلى أن ابن بحر كان يقصد المندائيين بالذات، فهو من البصرة حيث ديارهم في جنوب العراق، وابن بحر كأديب، صاحب نثر فني، يدخل ما يعرض من أخبار وطرائف بلا تمحيص، وربما خلق الرواية خلقاً. كتب تحت عنوان "خصاء الصابئة": "وأما الصابئون، فإن العابد منهم ربما خصي نفسه، فهم في هذا الموضع قد تقدم الروميّ، فيما أضطر من حسن النية، وأنتحل من الديانة والعبادة بخصاء الولد التام، وبإدخاله النقص على النسل، كما فعل ذلك أبو المبارك الصابي، وما زال خلفاؤنا وملوكنا يبعثون إليه ويسمعون منه، ويسمر عندهم ... وقد خصى نفسه من الصابئين رجال، قد عرفناهم بأسمائهم وأنسابهم وصفاتهم وأحاديثهم"( 91).

إن كلام الجاحظ مردود من ألفه إلى يائه، إذا كان الأمر يتعلق بالصابئة المندائيين، فقد حرمت عقيدتهم الجنة على من يعزف عن الزواج، ولا يولون عاقراً منصباً دينياً، والبوثة (الآية) التالية من كتابهم المقدس كفيلة بهذا الرد: "أيها العزاب أيتها العذارى، أيها الرجال العازفون عن النساء، أيتها النساء العازفات عن الرجل، هل وقفتم على ساحل البحر يوماً؟ هل نظرتم إلى السمك كيف يسبح أزواجاً؟ هل صعدتم إلى ضفة الفرات العظيم، هل تأملتم الأشجار واقفة تشرب الماء على ضفافه وتثمر؟ فما بالكم لا تثمرون؟ وجاء في البوثة: "الرجال الزاهدون في النساء، والنساء الزاهدات في الرجال كذلك يموتون، ومصيرهم الظلام حين من أجسادهم يخرجون"، والباثة: "اثمروا إن أردتم أن تصعدوا حيث النور"( 92). فهل تكفي الجاحظ باثات "الكنزاربا" الكثيرة في تقديس الصابئة الخصب؟ أورد أبو فرج النديم أموراً هامة أخرى، لها صلة بكتاب الصابئة المقدس، ذلك الكتاب الذي رفعه رئيس كهنتهم، المدعو دنقا، يوم دخول العرب المسلمين العراق( 93)، ليبين لهم أن قومه من أهل الكتاب. قال النديم عن أحمد بن عبد الله بن سلام مولى هارون الرشيد: "ترجمت هذا الكتاب من كتاب الحنفاء، وهم الصابيون الإبراهيمية، الذين آمنوا بإبراهيم عليه السلام، وحملوا عنه الصحف، التي أنزلها الله عليه، وهو كتاب فيه، إلا أني اختصرت منه ما لابد منه ليعرف به سبب ما ذكرت منه اختلافهم وتفرقهم، وأدخلت فيه ما يحتاج إليه من الحجة في ذلك من القرآن والآثار، التي جاءت عن الرسول (ص) وعن أصحابه، وعن مَنْ اسلم من أهل الكتاب"( 94).

وقال المترجم أحمد بن سلام أيضاً: "ترجمت هذا الكتاب والصحف والتوراة والإنجيل، وكتب الأنبياء والتلامذة، من لغة العبرانية والصابية وهي لغة أهل الكتاب إلى اللغة العربية، حرفاً حرفاً، ولم اتبع في ذلك تحسين لفظ ولا تزيينه مخافة التحريف، ولم أزد على ما أوجدته في الكتاب الذي نقلته، ولم أنقص إلا أن يكون في بعض ذلك من الكلام ما هو متقدم بلغة أهل ذلك الكتاب"( 95).

وعد مولى هارون الرشيد الكتب السماوية، وما ادعتها الصابئية منها، منذ ذلك الزمان بالتالي: "جميع ما أنزل الله تعالى من الكتب مائة كتاب وأربعة كتب، من ذلك مائة صحيفة أنزل الله تعالى فيما بين آدم وموسى، فأول كتاب أنزله الله جل أسمه على شيث عليه السام، وهي إحدى وعشرون صحيفة، والكتاب الثالث أنزله الله على أخنوخ (مصحف من الاسم المندائي دنانوخت) وهو إدريس عليه السلام، وهو ثلاثون صحيفة، والكتاب الرابع أنزله جل أسمه على إبراهيم عليه السلام وهو عشر صحائف"( 96).

أبدى أكثر من باحث، في شأن المندائيين، صعوبة البحث في كتبهم الدينية، بسبب تاريخها المجهول وموضوعاتها الشائكة. فـ"الكنـزاربا" كتاب أُنزل بواسطة هيبل زيوا (جبرائيل) على آدم وشيت وإدريس ونوح، كمجموعة من الصحف نزلت بفترات مختلفة، إلا أن أسماء وأحداث عديدة دخلت في الكتاب تصل إلى زمن يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، ومع أن الصابئيين يعتقدون أن كتاباً من كتبهم نزل على يحيى بشهادة القرآن: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحلم صبيا"( 97). غير أن المفسرين المسلمين أشاروا إلى أنه كتاب "التوراة" لا الكتاب المندائي.

تجعلنا رواية النديم عن مولى هارون الرشيد نشكك فيما ذهب إليه الكرملي إلى أن تاريخ كتابة "الكنزاربا" كان بداية القرن الثامن الميلادي، وبالتحديد السنة (708 الميلادية)، وحسب قوله توصل إلى ذلك بعد قراءة حوادث الكتاب. وغير ما جاء في "الفهرست"، عن مولى الرشيد، ذكر ابن أبي أصيبعة أن المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابئ، مصنف كتاب "شرح مذهب الصابئي"، ترجم كتاباً إلى العربية بعنوان "السور والصلوات التي يصلي بها الصابئون"( 98)، ولا يستبعد أن يكون أحد كتبهم الحالية.

هناك تأثيرات مندائية، تعد من ثوابت الدين، قد دخلت بعض الحركات الإسلامية ومنها تحريم الختان، فقد حرم بعض رؤساء الفرق السرية الإسلامية الختان للسبب نفسه، وهو عدم إنقاص ما خلق الله في الجسد، فقد شاع عن عبد الله بن معاوية بن جعفر بن أبي طالب أنه شرع لأصحابه، وهم جماعة من الشيعة "تحريم الختان، وقال (ما قالته الصابئة): إن المختتن راغب عن خلق الله، ولولا الشعر والظفر ميتان وعلى الحي مفارقة الميت ما قلمنا ظفراً ولا خففنا شعراً"( 99).

في طقس أو ممارسة الختان يقف المندائيون واليهود على طرفي نقيض، فبالوقت الذي جعلته اليهودية شرطاً أساسياً من شروط الديانة، جعلت المندائية ممارسته خروجاً من الديانة. فالذي لا يختتن لا يكون يهودياً، بمعنى "الختان علامة انتماء للشعب اليهودي، وعلامة عهد بين الله وهذا الشعب"( 100)، والذي يختتن ليس مندائياً، لأنه تجاوز فطرة جسد الإنسان، ولا يجوز إنقاص خلقة الله.

وفي الإسلام لم يذكر الختان في القرآن، وإنما أقره الفقهاء كسنِّة بين واجب وغير واجب، فهو واجب لدى الشيعة الإمامية والزيدية، ومن أهل السنة أوجبه الشافعية والحنبلية والإباضية، إلا أنه لا وجوب له لدى المذهبين الحنفي والمالكي. أما ختان أو خفض البنات فلا يراه واجباً إلا المذهب الشافعي، والزيدي( 101).

عموماً، أن تحريم الختان من قبل المندائيين لم يعد مخالفة كبيرة للمحيط، مدام هناك مسلمون وغير مسلمين، مثل المسيحيين، لا يقرون بوجوبه، ومن جانب آخر هناك معارضة كبيرة ضده في العالم، ذلك لآلامه وما يتعلق بعذاب الإنسان، وخاصة أن بعض العقائد لا تجيزه إلا بعد البلوغ، وقد أنتقلت معارضته إلى داخل إسرائيل، حيث معقل اليهودية( 102).

ومن التاثيرات المندائية الأخرى في المحيط الإسلامي التأثر نرى قصة صراع وانتصار هيبل زيوا المندائي متجسدة في مقالة "أصحاب بن حرب" في محمد بن الحنفية، يوم يخرج من البلد الأمين ويقضي على الجبابرة بسيف من شق صاعقة يكور به الشمس "ثم يعود في عمق الأرض حتى إذا بلغ الماء الأسود والجوّ الأزرق صاح به صائح بسمع الثقلين (الجن والأنس): قد شفيت قد شفيت، فيمسك عند ذلك ويعود إلى البلد الأمين"(103). فالماء الأسود عند المندائيين هو مكان كائن الظلام الروهة في اسفل السافلين من طبقات الأرض، والجو الأزرق هو لون ثيابها، لذا يكره الدين المندائي ارتداء الثياب الزرقاء، مثلهم مثل الإيزيدية.

ينبأ الفقه والتاريخ الإسلاميين عن اعتراف ضمني وواضح بالدين المندائي، ولو سمع الخلفاء صوت المتشددين على شاكلة أبي سعيد الأصطخري وابن فضلان لما ظل على وجه الأرض مندائي، ولو كان وجودهم ينافي عقيدة الدولة الدينية ويتعارض معها لاجتهد الفقهاء وتحايلوا على إزالتهم، ولو رأى الناس منهم مثلما ورد في رسالة الشيخ العقيلي لهبت العشائر والمحلات على قمعهم وهم القلة القليلة بين الملايين.

إلا أن تاريخهم العريق في أرض العراق ووجودهم النافع في الاجتماع والاقتصاد وصبرهم على مشاكسة المحيط يجعلهم في مأمن من تجاوز يريد بهم ترك مرابع ألفوها منذ مئات السنين، وعقائد توارثوها اب عن جد فأصبحت هويتهم، ولغة كانت يوماً لغة العراق، فكم هو محظوظ العراق أن فيه قوم أنجبوا إبراهيم الصابئ وسنان بن ثابت وعبد الجبار عبد الله.

فهل ستأخذ الدولة الجديدة بيد هؤلاء في الحفاظ على وجودهم السكاني بالعراق، وإعادة تأهيل لغتهم الآرامية؟ لماذا لا! ونحن نرى دول العالم وشعوبه المتحضرة تبني المتاحف المحصنة من أجل الحفاظ على حجرة أو قرطاس، وتُعد الظروف الطبيعية من أجل حيوان يتجه نوعه نحو الإنقراض! فكيف والحال عندنا جماعة بشرية لا زالت تقاوم من أجل التحدث بلغة نوح، ويتصل بها تاريخنا السومري والبابلي، وتجمعها مع أدياننا ومذهبنا الأخرى المواطنة أولاً والتاريخ ثانياً.

نشرت في تاريخ
الخميس, 07 شباط/فبراير 2013 09:18

المكان المندائي..........!

((لقــد حــان أجـلـي وألتمـس الـذهـاب ، ويخيفـني الّرحيـل ، ولا أعــلم كـيف سيـكون طريقـي ؛فليس هناك أحـد تقـيا" كـان أم مسـيئا" غـادر ثم عـاد كـي أسألـه عـن الطـريق ، وكـيـف يـكـون ....))

سام بن نوح ـــ كتاب تعاليم ومواعظ النبي يحيى ع

في مقالة للباحث السوري الدكتور احمد عسيلي والموسومة ( عندما يتحول الدين الى قصيدة حب ) والتي يشير فيها على أهمية ما كتبته في كتابي عن تاريخ وغنوص الديانة المندائية والصادر عن دار نينوى في دمشق 2007 والموسوم ( الديانة المندائية من آدم ع حتى قراءة الخامنئي ) والذي نفدت طبعته الأولى من الأسواق السورية ، وكذلك نفدت كل النسخ التي شاركت فيها الدار في معرض الشارقة الدولي للكتاب، كان تأكيد الباحث على أن الديانة المندائية ديانة سورية وهي من اقدم ديانات المنطقة على أساس أن المندائيين الأوائل هم من سكن حران الواقعة في أعالي الفرات حيث سوريا اليوم ، وطالب الباحث من الدولة السورية بالاعتناء بتراث هذه الديانة والالتفات إليها وتأسيس مركز خاص بدراساتها وفق ما تقوم فيه الدولة من خلال الاهتمام بحضارات المنطقة الشامية ، وأنا أظن أن المندائية هي المجاور الحضاري لأقوام تلك المناطق من كنعانيين وآراميين ، وما تركوه من ارث لغوي باللغة الآرامية والسريانية والمندائية القديمة يؤكد على هذا بل يؤكد تطور الفكر الروحي والفلسفي والديني لديهم ، لأن قراءة نصوص كتبهم المقدسة ومنها الكنز ربا ( الكنز العظيم ) يؤكد قوة بلاغة الجملة والفكرة والقيمة الدينية والروحانية والسماوية لهذا الكتاب بالرغم من اختلاف النصوص وأفكارها عن بقية الكتب المقدسة كالتوراة والإنجيل والقرآن وغيرها من الصحاح التي توارت وراء الأزمنة السحيقة ولم يبق منها إلا إشارات قليلة وشيء نادر من نصوصها وأغلبها على شكل حكايات مؤسطرة في الذاكرة المكانية لتراث المنطقة. غير أن صابئة الشام هم صابئة حران والمعروف عنهم انهم من عبدة النجوم كما أشيع في الدراسات التاريخية وكانت حياتهم تمتلك المشابهات الطقوسية لمعتقدات حضارات تلك المناطق ومنها الحضارة السومرية والفينيقية والكنعانية ، وقد حاول مندائيو العراق من هم منحدرين من أصول عراقية نزحت في الأصل البعيد من المناطق المحاذية لبلاد فارس وبالضبط من مناطق دهلران وهي منطقة جبلية تقع تماما أمام منطقة الشهابي الملاصق لقضاء بدرة في محافظة واسط ( الكوت ) من جهة ومن الجهة الثانية لناحية الطيب في محافظة ميسان ( العمارة ) ،ويمكن رؤية جبل دهلران من منطقة شيخ سعد على الطريق الواصل بين الكوت مدينتي الكوت والعمارة. حاولوا النأي عن معتقد صابئة حران الذين يـُظن أنهم لم يقروا بالوحدانية بشكلها الواضح وآثروا الشرك ، ولم يكونوا من مؤمني ومريدي يحيى المعمدان الذي عمد السيد المسيح ع في نهر الأردن وهو من الأنبياء الشهداء وله قبر يزار من رعايا كل الديانات في وسط مصلى الجامع الأموي في دمشق. ويطلق عليه قبر النبي يحيى ع. ولصابئة العراق كتب مقدسة مسمى ب( تعاليم ومواعظ النبي يحيا ) وفيه وصايا النبي لقومه وتحمل دلالات روحية وتربوية ودينية تخص سلوك الطائفة في شتى مفاصل الحياة.

يدعي بعض المندائيين إن صابئة حران الحقيقيين هم موحدون وعاشوا في هذا المكان القائم في أعالي الفرات ، بالرغم من أن مناطق أخرى في المنطقة تسمى بذات التسمية ومنها ما هو في مناطق شرق العراق كما في المنطقة المسماة وادي حران في قضاء مندلي والتي كانت في الحرب العراقية ـــ الإيرانية مسرحاً ملتهبا لمعارك ضارية بين البلدين ، وكنت قد عشت ردحاً من الزمن في ذلك الوادي الذي يفصل الحدود العراقية ــ الإيرانية مقابل إقليم إيـلام ووجدت من سكان المنطقة واغلبهم من الرعاة أو خدم بعض مقامات قبور الأولياء من العلويين الذين كانوا يدفنون في تلك المناطق بعد أن يصيبهم الإنهاك والجوع والعطش من طول المسافة والطريق الذي يقطعونه هربا الى بلاد فارس من ظلم وجور ولاة بني العباس حيث تجد المسميات أغلبها تنتمي الى أولاد الأمام موسى الكاظم ع ، وهؤلاء الرعاة والمزارعين من سكان تلك المناطق يملكون رؤية عن مرجعية المكان ، وعندما سالت أحد الشيوخ إن كان وادي حران في الزمان القديم موطنا لجماعات دينية غير المسلمين ومنهم الصابئة؟

قال : إن المكان كان موطناً للكثير من الديانات القديمة وعاشت هنا أقوام عديدة وجرت في المكان حوادث تاريخية كثيرة ولديهم في حكاياتهم وأساطيرهم ما يدل على أن المكان كان يكتظ بالمعابد والكهنة والأقوام القديمة وربما من بينهم هؤلاء الصابئة الذين يسمع عنهم ولم يراهم في حياته.

وهكذا تتشابه الأمكنة وتتشابه في تاريخها كونها كانت تمثل منذ القدم امتدادا حضاريا واحدا وكانت بلاد الشام والعراق تدعى ( بلاد الهلال الخصيب ) ، حيث تتوالد الحضارات والديانات وتتصاهر فيما بينها وتكاد أن تعيد جذورها الواحدة الى أبناء نوح سام وحام.لهذا ظل المندائيون يؤكدون على أن المندائيين ذوو معتقد واحد أينما حلت أمكنتهم حتى فيما بينهم صابئة حران وهذا أجادت فيه رؤية العالم العربي الكندي عنهم قوله كما ذكره أبن النديم في الفهرست :

( بان دعوة هؤلاء القوم كلهم واحدة وسنتهم وشرائعهم غير مختلفة وان قبلتهم واحدة فقد صيروها لقطب الشمال وقصدوا بذلك البحث عن الحكمة وان المفترض عليهم من الصلاة في كل يوم ثلاث ولا صلاة عندهم الا على طهور والمفترض من الصيام ثلاثون يوما وعليهم الغسل من الجنابة وتغيير الثياب ومن مس الطامث ويتركون الاختتان ولا يحدثون على فعل الطبيعة حدثا ويتزوجون بشهود وفريضة الذكر والأنثى سواء ولا طلاق إلا بحجة بينة عن فاحشة ظاهرة ).

ولكن بعض العلماء المهتمين بالديانات الشرقية القديمة ومنها المندائية يؤكدون أن الترابط العضوي والاجتماعي والديني قائم بين صابئة حران وصابئة البطائح وهذا ما لا ينكره المندائيون اليوم. ويؤكده الدارسون كما يذكره العالم الألماني البروفيسور رودولف كورت في حوار معه ظهر في صحيفة الحياة بتاريخ 8 / 12 / 2004 قوله : (( هناك نصوص تشير الى أن المندائيين الأوائل تعرضوا لاضطهاد اليهود ، الأرثوذكس منهم على وجه الخصوص فتركوا سورية وفلسطين لاحقاً وتوجهوا عبر تلال الجزء الشمالي من وادي الرافدين الى الجزء الجنوبي منه, ربما في رحلة استغرقت نحو 100 سنة وبدأت في القرن الأول الميلادي قبل أن يصلوا الى جنوبي وادي الرافدين في القرن الثاني. بالتأكيد قد يكون هناك أفراد من بابل أو جنوب وادي الرافدين ممن اعتنقوا المندائية, لكن لا بد أنه كان هناك أشخاص آخرون على معرفة بالطقوس والتعميد قدموا من الغرب. وأعتقد بأننا لا نستطيع تفسير كل ما يتعلق بالمندائيين من ميثولوجيا وثيولوجيا وأيديولوجيا وغيرها استنادا إلى أواني الأدعية وحدها. لكنها نظرية أو فرضية.))

هذا هو التصور العلمي والفقهي والتاريخي عن صابئة حران وهو مشابه لما كان العرب في اغلب عصورهم يتعاملون معهم دون أن يشيروا إلى مندائيي الجنوب العراقي إذ كانت حران تمثل في المدونات الشرقية منذ النهضة التدوينية في العصر العباسي المكان التاريخي والروحي لهذه الطائفة ، وبالرغم من هذا ونتاج اقتراب حران من منابع حضارية ودينية أخرى كما أسلفنا لحق بصابئتها بعض سوء الظن والتفسير بالرغم من أن النصوص القرآنية في أكثر من سورة وآية بجعلهم من أهل الجزية كانت قاطعة وواضحة واتخذها بعض علماء الفقه والشريعة والتفسير نصوصا لاحياد عنها وغير قابلة للتأويل وإظهار القصد المختلف.

نشرت في وجهة نظر
الأربعاء, 28 تشرين2/نوفمبر 2012 19:38

كشف بالأدب المندائي

نقلا عن كتاب الصابئة المندائيين ومعتقداتهم الدينية للباحث عزيز سباهي

يتميز الأدب المندائي بتنوعه وكثرة نصوصه حتى ليصعب على رجال الدين المندائيين ذاتهم، ناهيك عن عامة المندائيين أن يحصوا هذا الأدب. ومن المشكوك فيه أن يكون رجال الدين، في الماضي أو الحاضر، قد تملكوا كل ما هو مدون من هذا الأدب. إن سعة هذا الأدب وتنوعه قد يوحيان بأنه ربما لم يوضع كله للأغراض الدينية. ومع ذلك، وكما هو الشأن مع التراث البابلي، فإن وظائف رجال الدين كانت تمتد إلى ما هو أبعد من مهمات أمثالهم اليوم، فقد توئوا شؤون التطبيب واستطلاع "الفال " وغيرها. ولعل دراسة السيدة أ.س. دراور هي وحدها التي استطاعت أن تحصي كل ما دؤن من الأدب المندائي.

تقسم دراور هذا الأدب إلى ست مجاميع هي كالآتي: *

المجموعة الأولى:
وهي نصوص سرية خاصة بالكهنة وحدهم، وهي تدون في شكل لفائف، والواحدة منها تدعى "ديوان "، وهو الأسلوب الذي اتبع في التدوين في المراحل الأولى لتدوين هذا الأدب. وهذه اللفائف مزودة برسوم إيضاحية ترسم وفق طريقة بدائية خاصة دعاها بعض الباحثين بنوع من التكعيبية. وتحتوي هذه النصوص على العقائد السرية الخاصة التي لا تكشف إلا لرجال الدين، وبعضها لا يكشف إلا لمن هو في الدرجات الأعلى من السلك الكهنوتي. وهذه النصوص تقرأ عند تكريس رجل الدين، أو عندما ئعفد وفق شعائر . خاصة حين يرتكب أو يتعرض لى"خطيئة" ما، ومن هذه اللفائف:

آ- "ألف ترشر شياله " (ألف واثنا عشر سؤالأ)، ويتألف من سبعة نصوص طويلة صيغت في شكل أسئلة وأجوبة تدورحول العقائد المندائية. وقد ترجمته السيدة دراور إلى الانجليزية ونشرته أكاديمية العلوم الألمانية في برلين عام

ب – "آلما ريشايا ربا" (العالم الرئيس الكبير) أو (العالم الأول الكبير) و "الما ريشايا زوطه" (العالم الأول الصغير). وهذان النصان ينبغي أن يوجدا في الكوخ الذي يشيد لتكريس المرشح لدرجة " ا لترميذ ة ". وقد ترجمت الاثنين أ. س. دراور ونشرتهما عام 1963.

ج- "ديوان ملكوته إليتا" (ديوان مملكة السماء العليا). والديوان من المواد التي تدرس للترميذة ليرتقي إلى درجة " كنزفره ".

المجموعة الثانية:
وهي كراريس تشرح كيفية أداء الطقوس الدينية، وبعضها مزود بالرسوم وتتألف من:

آ- "شرح طراسة د تاغه د شيشلام ربا" (شرح تتويج شيشلام العظيم)، وقد ترجمته دراور للانجليزية وئشر عام 1962. والكراس يصف كيفية تكريس الكاهن.

ب- "شرح د قابين شيشلام ربا" (شرح زواج شيشلام العظيم) والكراس يصف مراسيم الزواج والنصوص التي ينبغي أن تقرأ في مجلس العرس. وقد ترجمته دراور وئشر في روما سنة 1950.

ج- لأشرح د بروانايا" (شرح الأيام الخمسة)، وهي نصوص تصف المراسم التي يتعين إجراؤها خلال الأيام الخمسة المقدسة التي تعرف عند الطائفة باسم عيد البنجة، والمراسم تشمل "طراسة" أي تعميد "المندي لا (المعبد)، وهي طقوس عديدة.

د- "شرح د ذخرانا د لهدايا زدقا" (شرح ذكرى الأوحد بعدله).

و- "ديوان مصبتا د هيبل زيوا" (ديوان تعميد هيبل زيوا) والديوان يصف تعميد الملاك الروحاني (هيبل زيوا) بعد أن هبط إلى الأرض ليقمع تمرد قوى الظلام. وقد ترجمته دراور ونشرته سوية مع كتاب حران كويثا في الفاتيكان عام 1953.

المجموعة الثالثة:
وتضم مجموعة الأناشيد والتراتيل والصلوات التي ئتلى في طقوس التعميد، وكذلك الصلوات على أرواح الموتى، وتعرف باسم "نياني " وقد ترجم بعضها إلى الألمانية ليدزبارسكي ونشرت عام 1920. لكن السيدة دراور أعادت ترجمتها ونشرها كاملة عام 1959 باسم "كتاب الصلوات القانوني" أو "القلستا".

المجموعة الرابعة:
وتضم النصوص التي تتحدث عن الأساطير المندائية التي تدور حول خلق الكون والإنسان، والصراع بين قوى النور والظلام ويوم الحساب. وتضم:

آ- كنزا ربا " أو " سيدره ربا " وتعنيان (الكنز العظيم) و (الكتاب العظيم). وكانت أول ترجمة له قد تمت على يد الباحث السويدي ماثيو نوربيرغ عام 1813. ثم أعاد ترجمته ونشره بيترمان عام 1867. وفي عام 925 1 نشر ليدزبارسكي ترجمة للكتاب إلى الألمانية، وباتت هذه الترجمة هي المعتمدة في الأساس.

ب- دراشة د يهيا" (كتاب يحيى). ويضم مجموعة التراتيل والنصوص التي تتحدث عن يحيى ونشأته وهجرة الناصورائيين من فلسطين إلى الفرات. وقد ترجمه ونشره بالألمانية ليدزبارسكي عام 1905.

ج "ديوان أباثر" وهو كتاب يصف رحلة النفس في صعودها إلى السماء بعد الوفاة ومرورها في نقاط الحساب. وقد ترجمته إلى الانجليزية دراور ونشرته في روما عام 1950.

د- "ديوان نهرواثه " (ديوان النهر)، والكراس يضم محاولة جغرافية أولية طبقأ لتصورات الأساطير الدينية المندائية. وهو مزين بالرسوم.

هـ- "ديوان حران كويثه "، وهو محاولة لعرض تأريخ الطائفة المندائية منذ أيام يحيى. وقد وضع الكتاب ودون في بداية العهد الإسلامي الأول. وقد ترجمته السيدة دراور ونشرته سوية مع كتاب "تعميد هيبل زيوا" في الفاتيكان عام 1953.

المجموعة الخامسة:
وتختص في الأدب المندائي بقضايا الفلك كما فهموها عهد ذاك. وتضم كلأ من:

آ- "أسفر ملواشة" (سفر البروج)، والكتاب يضم نصوصأ منوعة عن الفلك. والكتاب مكزس لقراءة الطالع أو (الفال). ويضم إلى جانب ذلك نصوصأ سحرية مقتبسة من مصادر يونانية وفارسية (ساسانية) وعربية. وقد ترجمته السيد ة دراور إلى الانجليزية ونشرته عام 1949.

ب- "شباني شايي " (ساعاات النهار) والنص يعالج تصورهم عن قيمة كل ساعة عن ساعات النهار وفقأ لحسابات فلكية.

المجموعة السادسة:
تتألف من طلاسم وأدعية ونصوص سحرية، لطرد الأرواح الخبيثة، وأدعية لاستجلاب عطف القوى الروحانية وما شابه ذلك.

وهناك إلى جانب ما ورد في المجموعات الست هذه "ديوانان" آخران تشيراليهما دراور بإسم "ديوان قداهه ربا" وتمعني الصلاة الكبرى و"دموث كشطا" وتعني مثال الصدق أوالإخلاص لم تستطع الحصول عليهما.


* راجع في هذا الشأن مجلة الجمعية الآسيوية الملكية لعام 1953، وكذلك دراسة ادرين ياموجي بعنوان Edwin Yamauchi, The Present Status of Mandaean Studies, Journal of Near Eastern Studies, 25, 1966

نشرت في تاريخ
الصفحة 10 من 10

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014