• Default
  • Title
  • Date

الحلقة الخامسة

(جدلية النور والظلام)

الجدل في اللغة ، هو شدة الخصومة ، وجدل النور والظلام هو شدة خصوماتهما ، لتفرّد كل منهما بخاصيته وموقعه والقوى المسيطرة عليه ، ولكن الجدلية القائمة بينهما ، هي تلك العلاقة القائمة على الشدّ والجذب أحيانا ً وعلى التنافر حينا ً آخر ، فينشأ عن ذلك ما يمكن تسميته ، منطق صراع هذين المتناقضين في أطار وحدتهما ، وكلاهما يشكلان وحدة الوجود الغيبي والمادي .

وفي كتابنا المقدس ( كنزا ربا ) ، لم يحظ شيء ما بمقدار ما حظيت به موضوعة النور والظلام من تلازم واضح ، تجده في مجمل البوث ( السور ) ، وفي مضمونها أيضا ً. 

فالنور والضياء هما نقيضا الظلام والديجور . والله – الحي العظيم – متقن ضياؤه ، بهي نوره ، ومن ضيائه النقي أنبثقت ملائكة التسبيح الذين لا حد ّ لهم ، وأشعاعات نوره تنبعث من بين أوراق أكليله من الأكوان ، لأنه رب أكوان النور جميعا ً ، وهو ملك النور السامي ، والحنان والتسامح والرحمة من طبيعة هذا النور ، وهو الحكمة ، وضوء الحكمة ينير قلب المؤمن ، والحي قائم في النور ، وأرض النور مثل نار تضيء على قمم شاهقة ، وكألتماعة النجوم في سماء رائقة ، أنها بهية ، كشمس أشرقت على الخمائل والجنان ، وكألق البدر ذي البهاء والأتقان ، كأنها سراج يضيء في زجاجة من بلور ، وثبّت فيها الله الأثريين (1) وملائكة النور ، وزيّنها بمصابيح تدور ، ووهبها سارية ً ، ومياها ً جارية ً ، وعطـّرها بالأريج ، وأنبت فيها من كل شيء بهيج . ولا حدّ للنور ، ولا يُدرى متى صار ، حيث قبل الأكوان جميعا ً صار الثمر العظيم .

وبأمر ملك النور العظيم ، حلّ الثمر العظيم داخل الثمر العظيم ، وبأمره سبحانه ، كان أثير الضياء العظيم ( آير زيوا ) (2) ، الذي منه كانت الحرارة الحية ، ومن الحرارة الحية كان النور ، وبقدرة الله صارت الحياة ، ثم صار الأثريون ، وبعد أن صارت الحياة ، صار الظلام ، وعالم النور فوق عالم الظلام المملوء كله بالشر والغائلة وبالنار الآكلة ،.. وفي بلد الظلام يوجد الماردون ، فيه ( هيواث )(3) ، وهي تجأر في الظلام ، وفيه الأشرار والكفار يلتحفون بالديجور ، وفيه الشر والعصيان والسحر والشعوذة ، وهي جميعها رجس من بلد الظلام .ومخلوقات عالم الظلام التي شاءها الخالق الجليل أن تكون نقيضا ً لمخلوقات عالم النور ، والشيء يُعرف بنقيضه كما يُقال ، هي أحدث من الأثريين ، ( بهاق زيوا )(4) أقدم من الروهة(5) ، كما الماء من الظلام أقدم ، أما كيف صار الظلام ، ومم َّ جُبـِل َ ؟ ، ولِمَ لا يبطـُل الظلام ، والنور قائم من البدء الى المنتهى؟ ، لكن الظلام على النور لا يُحسب ، والدار المظلمة لا تنير ، والظلام لا يتسع ، وهو في كنه ذاته يستر ، وكل ما ينتج عنه ، فهو باطل ، وأبناء الظلام باطلون ، ومردة الظلام هم أتباع الشيطان ، والشرير بشرّه يقف على أبواب الظلام ، بيد أن الصالح بصلاحه ، يصعد الى بلد النور ، وسيظل النور والظلام يتصارعان ، منذ أن نزلت الروهة الشوهاء الى الأرض حاملة معها كل ما يطفيء الضياء ، وأرادت أغراق آدم وحواء في الآثام ، .. فأبتدأ عندها صراع الخير والشر في ذات المخلوق ، وبهذا يُمتحن الأيمان ، وحين يكتمل العالم ، تسقط الأرض في الظلمات ، فهي الى أصلها سترجع ،.. في عالم الظلام نفوس ونفوس معبأة ، مثل فوانيس مُطفأة ، هذه تقدمت للحساب ، وهذه مُرجأة ، نفوس بلا عدد ، لا يسأل عنها أحد .. محشورة ٌ في العذاب ، منتظرة ساعة الحساب ( أرواحهم تبلى .. ونفوسهم بالعذاب تـُصلى ، مقيمون فيه الى يوم الدين * يومها الأرض والسماء تتهدمان وليس لهم بينهما مكان ، الكواكب تتساقط ويلفها الدخان ، والشمس والقمر يتبعثران .. فأين يذهبون ؟ بل هم في الظلام موثقون ، موتا ً ثانيا ً يموتون ، لا ينطلقون ولا يصعدون ) ، تلك هي النفوس التي أغواها الشيطان وأضلـّها . وأما عالم الظلام ، فأرض مقفرة مسعورة ، دُفِعت الى أقصى الجنوب ، بعيدا ً عن المعمورة ، والنشماثا(6) التي تخرج من عالم النور ، ستصعد ثانية الى عالم النور ، وستلبس الضياء وأردية من نور ، .. أما التي تمردت وبالأشباح أعترفت ، فلن تمثل أمام الله ، وعالم النور لن تراه ( ملك سام * عظيم المقام * ساهر لا ينام * لا يُرى ولا يرام * الا بالحدس والتلميح * والصلاة والتسبيح ) .

والغلبة يومها للمؤمنين الذين ستكون عكازاتهم هي أعمالهم الخيرة التي عليها يتوكأون ، .. فمن أراد النور فطريقه واضح وميسّر ، ومن أراد الظلام وأنتصرت في نفسه هواجس الشيطان ، فعليه وحده وزر ما تأتي يداه من فعل قبيح .

والنور أبقى وأعلى ، والظلام زائل وأدنى ، والله أراد لنا هذا الأمتحان ، وسيظل يتقاتل الكفر والأيمان ، ماعاش على وجه الأرض أنسان ، فهكذا يُمتحن الأيمان .

 

الهوامش :

1- الأثريون : جمع أثري ، وهو الملاك .

2- آير زيوا : كائن نوراني ، أثير ، ريح ، هواء ، الطبقات العليا من السماء .

3- هيواث : هو أسم من أسماء ، أم عالم الظلام .

4- بهاق زيوا : الضوء المشع، وهو كائن نوراني ، وهوأسم آخر يطلق على ( أباثر ) ملاك عالم الميزان .

5- الروهة : الروح الشريرة ، أم عالم الظلام .

6- النشماثا : النفوس ، وهي جوهر الحياة ، ومصدرها عالم النور ، وهي هبة الخالق سبحانه للأنسان .

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 15:04

انواع السلام او التحية عند المندائيين

الشعوبُ في سابق الزمان ووفقاً للتاريخ سواء كان المكتوب منه او المنقول شفاهاً كانت لها عاداتٌ وتقاليد فيما يخص السلام والتحية فنرى ان عادة السلام انما هي ليست كلامٌ فقط وانما يرافقها حركةٌ تجسد ذلك السلام او التحية ففي الصين والبلدان التي تحيط بها على سبيل المثال يَطْبقون اليدين ويطأطئون الرأس وذلك تأثرا بحمة كومفوشيوس الفليسوف والحكيم الصيني المشهورالذي يقول ان انحناء الرأس وطبق اليدين انما هو تواضع واحترام وهو يدل على السلام والتسامح والمحبة ويقول ان الانسان المقابل ان احس ان قبالته شخصٌ بهذه المواصفاة من خلال الحركة مع السلام انما سينبذ كل انواع التغطرس والتعالي وسيجبر على ان يكون مثل الاخرين وترى ان جميع المستويات في هذه البلدان تؤدي ذلك السلام. وهناك شعوبٌ اخرى يتماسك افرادها بالايدي ويُقبلوا بعضهم الاخر وبطرقٍ مختلفة فتارة من الانف او بتقبيل الخدين او الجبين وهي لاتختلف ابداً في الجوهر والذي اساسه التسامح والمحبة واعلاء الاخر وهناك حركاتٍ وانواعٌ غريبة للتحية والسلام لدى شعوبٍ اخرى لامجال لذكرها .

والمندائيون هم شعبٌ ايظاً ولاغبار على ذلك بالرغم من قلتهم لكونهم يمتازون بلغةٍ وارضٍ وعاداتٍ وتقاليد ومن هذه العادات والتقاليد التحية والسلام ،ولو نلقي نظرةً على نصوصنا الدينية نرى ان هيي ربي قد اوصى البشر عموما بأن يكونوا متاسمحين مُحبين لبعضهم وان ينبذوا الحقد والفرقة والشقاق ((ولاو بلهود زَهبا وكسبا نِشماثا تيفرقون هينِلا بكُشطا وهيمنوثا وميمرا دَخيا اد فُما ،نِشماثا تيفرقون من هشوخا لنهورا ومن اطيي لشرارا ومن سيطي وامرِيدوثا لبوثا وتُشبِهثا ومن كفروثا لواث امهَيمَنوثا)) وليس بالذهبِ والفضةِ تُنقذ الأنفُس انما بالحقِ والايمانِ والكلمةِ الطاهرة (التي تخرج من) الفم او(وكلمة الفم الطاهرة)،الآنفُس ستنقذ من الظلام الى النور ومن الرذيلة الى الفضيلة ومن السطوة والتمرد الى البوث والتسابيح(التواضع والتسامح) ومن الكفر الى الأيمان.

ومن هنا جاءت الكلمة الطيبة التي بها يُسعد الانسان ويحس بالثقة والامان فعندما نرى انسانٌ نعرفه فأننا نتوجه نحوه ونلقي عليه التحية او السلام ولكننا ان القينا التحية ولانسمع ردا او اجابة ترانا ننزعج ويصيبنا الاحباط .

وعندما نذهب ابعد من ذلك وخاصة في المجتمعات الواعية نرى ان التحية تاتي من اشخاصٍ لانعرفهم فهي اذن علامة او رمزٌ للارتياح والمودة والالفة.

السلام او التحية في المندائية هو مرتبطٌ بمعنيين مهمين هما الصحة والسلام ، فنرى ان اسوثا والتي تعني السلامة او الصحة وهي من جذر اسا تأتي في اغلب الاحيان مع كلمةٍ اخرى هي زَكوثا اي التزكية او الرفعة وهو ما تحدثا عنه لانه بدون الصحة او العافية اوالسمو لايستطيع الأنسان ان يواصل حياته بحيوية وان يكون قويما.

اما التحية الاخرى فهي شلاما وتعني السلام اي ضد الحرب وهي مفردة مهمة لأمن الانسان واستمراره حياً متواصلا مع الاخرين ،وهنا نرى ان مفردة شلاما هي نفسُها كلمة سلام العربية والفرق هو ان السين قد قلبت الى شين ففي السابق كانت الشين هي السائدة مثل شامش الشمس او شليمون اي سليمان او اشم اي اسم الخ..

في العربية الجذروالتصريف واحد هو سَلم يسلم سالم ومن هنا فأن الانسان ممكن ان يسلم من المرض او من القتل في الحروب فكلاهما مُميت ،فالسلامة او السلام هو واحد في النهاية.

لقد اخترت هذين المثلين بالرغم من ان المندائية غنيةٌ بكلمات السلام والتحية مثل طابا اي الطيبة او شفير اي السعادة الخ..

واليكم السلام والتحية مفصلةً

 

اسوثا نهويلخون السلامة او الصحة او السلام لكم او عليكم وهي بصيغة الجمع للمذكر

اسوثا نهويلخين السلامةُ لَكُنَ وهي بصيغة الجمع للمؤنث

اسوثا نهويلخ السلام عليك او لك وهي صيغة المفرد المذكر

اسوثا نهويلِخ السلام عليكِ او لكِ وهي صيغة المفرد المؤنث وهي بكسر اللام

 

وكذلك شلاما فينطبق عليها ما ذكر من ضمائر اعلاه

وهناك التحية وهي مقسمةٌ على اوقات اليوم وهي

بَين طاب ايلاويخون او ايلاوخون اي طاب مسائكم وهي صيغة جمع المذكر

بَين طاب ايلاويخين او ايلاوخين اي طاب مسائكنَ وهي صيغة جمع المؤنث

بين طاب ايلاوخ او الخ اي طاب مَسائُك وهي صيغة المذكر المفرد

بين طاب ايلاوِخ او الِخ اي طاب مسائكِ وهي صيغة المؤنث المفرد وهي بكسر الواو

 

اصباح طاب ايلاويخون اي طاب صباحكم واليغ اعلاه تنطبق على هذا النوع من التحية

 

طاب يومخ اي طاب يومكَ

طاب يومخون اي طاب يومكم

طاب يومخين اي طاب يومكنَ

طاب يومِخ اي طاب يومكِ وهي صيغو المؤنث المفرد وهي بكسر الميم

 

وهنا اكتفي بهذا القدر من انواع التحية او السلام والذي دائما يقترن بحركات مثل رفع اليد او المصافحة والتي هي جزء من طقوسنا لان في المصافحة اتحاد ومصالحة ووفاق متمنياً ان يكون الوئام والتكاتف والسعادة هي اسلوب حياتنا امين.

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 18:56

المصبتا .. التعميد .. تعريف لغوي

أن كلمة (مصبتا - مةصبوتة) مشتقة من جذر الفعل الثلاثي المندائي (صبا - صبة) بسكون الصاد وفتح الباء – وتعني مندائيا التعميد او الصباغة بالذات. ومن هذه الكلمة جاءت تسمية المندائيين بالصابئة أي الصابغة او المتعمدين او السابحة. والأخيرة اقترحها عباس محمود العقاد، في كتابه (ابراهيم ابو الانبياء)،جعل سببها كثرة الاغتسال في شعائرهم (أي الصابئة المندائيين) وملازمتهم شواطئ الأنهار من اجل ذلك .

وتأخذ معاني تقريبية اخرى، سنوضح أهمها وكما يلي:

 

• صبا = صبغ ، غطس ، غط ، غمر ، غطسة ، غمسة ، صبغة.

•مَصبتا = المعمودية المندائية

مثل: مَصبتا هَيثا = الصباغة الحية 

•مَصبانا = المعمدان ، الصابغ 

مثل: يوهنا مَصبانا = يوحنا المعمدان

• صوبيانا = صبغة 

مثل: صوبيانا دَ نهورا = صبغة النور

 

وحسب رأي البروفيسور كورت رودولف ان الفعل (صبع) من الاصل (صبغ) في جزيرة العرب وأصبحت الغين "عينا" في بعض تلك اللغات كالعبرية والارامية، ثم اصبحت العين "الفا" لذا أصبحت اللفظة (صْبا) في المندائية والسريانية، اذ ان حرف العين والغين يخففا الى "الف" حسب القاعدة المندائية، وتعني كلمة "الاصطباغ" أي الغط في الماء الجاري (يردنا) أي ال"مصبتا" من "مصبعتا" بمعنى الصباغة (=التعميد).

وتعني كلمة (صبا) الارتماس في الماء ايضا وكذلك الانغماس في حوض الصبغ وكما تلاحظ الباحثة الانكليزية بالمندائيات الليدي دراور في تفسيرها للكلمة ان المصبتا تنطوي على اعتقاد المندائيين بان من يتعمد يدخل الماء اسود ليخرج منه ابيض، أي يدخله غير طاهر ليخرج منه طاهرا، وهكذا فان الكلمة تعطي معنى مزدوجا الانغمار في الماء ليخرج منه طاهرا مع تبدل في اللون. 

اما كلمة معمودية (تعميد) فاصلها يوناني وفعلها ( baptein / baptizein ) (غطس ، غسل) فالعماد تغطيس او غسل. وتعني الانغمار أو الارتماس في الماء. ويقابلها بالآرامية (مصبوثا) وهي تؤدي ذات المعنى. وأصبحت تطلق على كل طقس ديني يجري مع الانغماس في الماء.

وان من مدلول لفظة (معمودية) والتي هي في الأصل اليوناني (فابتزما) وهي صيغة مبالغة من (فابتين) أي الصبغ وصبغ الشيء لا يتم إلا بوضعه في السائل وهذا لا يكون إلا بالتغطيس. 

نستنتج من ذلك بان حتى كلمة (فابتزما او التعميد) في اصلها اللغوي تأخذ معنى الصباغة (الصبغ) مع أخذها لمعنى الغطس والغسل.

 

 

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 18:50

من اسرار الديانة المندائية

ـ الروح ـ

 

البهجة المستديمة على مدى لاينتهِ من الضوء...

 

وما يتخيله الانسان ..

 

هو ماسيلاقيه في سرمد لحظة العبادة ..

 

وتقول المندائية أيضاً: إن الروح توأمت أزلية لكشوفات الضوء ..

 

تلك التي نتلمس منها طريقنا الى السماء .

 

وتقول المندائية ايضاً: مايرتقي سوى كاتم العطر ..

 

وما يُخلد سوى صفاء الذهن ..

 

وما يعشق سوى القلب الطاهر ..!

 

ومن أسرار المندائية في باب الروح :

 

أن البشر في رغبتهم بخلود أشواقهم ، عليهم أن ينتبهوا الى تعداد ايامهم النافعة..

 

اما التي نعيشها بخديعة المال والسُحت وقتل البراءة .

 

فالأجدى ان نرميها خارج المعبد ..

 

نطمرها في جسد الظلام لننساها ...

 

ومن اسرارها أيضاً :

 

انتبه الى ظلك ، فهو صورتك ، اقرأها أنت قبل أن يقرأها الآخرون ..!

 

لهذا لم يكتم يسوع سراً عن معمده يحيى المندائي .

 

قال له : أنت لي ، ضوءك والماء وأسم الحي المبارك ..

 

سلام الأرض وفردوسها ...

 

ـــ الجسد ـــ

 

تنظر المندائية الى الجسد كما الديانات الأخرى ..

 

نافع للصلاح مع الفعل المبارك ..

 

وسكين صدئة مع سيء النية ..

 

وعند المندائيين ..

 

الجسد مثل القطعة الموسيقية

 

كلما تعزف بمهارة وحنان

 

تشملنا سعادة التخيل ...

 

وفي سعادة التخيل كما يقول البهي الرائي : نرى ماسيحدث ويكون ويفنى ..!

 

أن الرؤية للجسد في المندائية حسب ظني تكمن في سر واحد :

 

قُدْ جسدك بهدوء الى مخدع الضوء ،تجد الملائكة تحت الوسائد يباركون كل احلامك..

 

ـــ الوطن ــ

 

تقول المندائية : ليس هناك سراً في الوطنية ..

 

انما الوطن هو شيوع المحبة بين الجغرافيات ..

 

ولهذا كانوا في كل ازمنتهم يصنعون من التجوال الابدي وقراءة الغيب بهجة المكان الواحد ..

 

المكان الذي يجمعنا من شتات اللحظة والقهر ليوحد فينا كلمة الحق ...!

 

ـــ الموت ـــ

 

الموت عند المندائي يقترن بشيئين :

 

الصعود الى حيث تكون .

 

والثوب الأبيض الذي نودع فيه الحياة .

 

ومتى تأتي اللحظة : سعادة المندائي تكمن في دموع من يودعهم .

 

بقي الموت عندهم ومازال :سفر بعودة قد لاتطول..

 

ــ الجوع ـــ

 

لايجوع المندائيون أبداً

 

فقط لأن عشق الرغيف يوحدهم ..

 

وربما هم قبل ماركس ..

 

من اجازوا تقسيم الرغيف بنسب معقولة حسدهم عليها فيثاغورس ..

 

ـــ العقل ـــ

 

من اسرار العقل المندائي انه لايؤسطر الوهم .

 

ولايتجاوز مهابة دكة العلي

 

ولايحتقر معتقد لايساويه في التهيب من النور ..

 

العقل عندهم نقطة قد لايصل اليها سوى النبيل والصالح والمتعفف..

 

وليس بالضرورة ان يكون العقل في الرأس ..

 

فربما اجمل عقل هو ماتضيء به دمعة عين...

 

ـــ العشق ــــ

 

من أسرار العشق المندائي إن كل لحظات الغرام مؤنثة ببريق الكواكب..

 

حتى خوذة الحرب وطلقة المدفع يعتبرونها لحظة ممكنة التغيير..

 

انهم يقولون : بقلب طيب وخاطرة جميلة ونحيب تصنعه لحظة اصغاء للغة الجفن ..

 

يمكن لإصابعك ان تحول كل خشن الى ناعم ..

 

وهذا ماكنا نحتاجه في معاركنا التي لاتنتهي ..!

 

ـــ خلاصة السر ـــ

 

انها رؤاهم المغلفة بأسرارهم وضعودها داخل ارواحهم منذ عهد آدم ..

 

ولم يستطع الأسكندر وكورش ومتعصبي المذاهب وجنرلات العصملي وحجابات بحيرة الاسماك* أن تنتزع منهم هذا التراث الحي ..

 

فهم خالدون أبداً....

 

هامش :

 

ـــــــــــ

 

*بحيرة الأسماك : أشهر جبهات الحرب العراقية ــ الأيرانية ( 1981 ــ 1988) تقع في أطراف البصرة ،اخذت من ضحايا المعركة الشرسة التي شهده ضفافها الضحل من ضحايا البلدين من البشر ما قد نؤلف منهم دولة جديدة لشهداء الحروب، ولكن ليس على كوكب الأرض.

ورد في كتاب الكنزا ربا (الكتاب المقدس للمندائين) انهم غرس التوحيد الاول‘ لكون الصحف الاولى انزلت لادم. ففي ف

(صفحه 18 اليمين) نص واضح بهذا الشأن :لاتسجدوا للشيطان ولا تعبدواالاصنام والاوثان......الخ‘كما ان هناك عدة نصوص في كتبهم تشير الى ذلك سنذكر البعض منها لاحقا.

ففي كتاب ادراشة اد يهيا وصايا الملاك لادم: لاتلهث وراء المظاهر الخدادعه‘ لاتقرب الخمر‘ ليكن ربك حاضر في ذهنك....الخ. ولكون كتبهم هي صحف سادة البشر الاولين‘كادم وشيت وادريس ونوح (أنظر ادريس قبل نوح)‘ يرفعهم الى مصاف بدايات الاديان والشرائع الموحده في التاريخ‘ والكثير من الديانات نحلت من منحلهم (الدكتور رشيد خيون _المندائين في الفقه والتاريخ الاسلاميين)‘ فعلى ادم نزلت احدى وعشرين صفحه‘ وعلى شيت 29 صفحه‘ منها تهليل وتسبيح‘ وعلى اخنوخ او دناخوتالذي عرج الى السماء (وقصة عروجه وارده في نصوص الكنزه)‘ صحف كان يحتفظ بها في غرفه مغلقه‘ و8 كتب اخرى نزلت له‘ كما ان المندائين يعتبرون احد كتبهم نزل الى يهيا يهانا‘ وقصة عروجه لعالم الانوار والحديث الذي دار بينه وبين الملاك الاول مندادهيي في الكتاب السادس - النسيج الثالث من كتاب الكنزه ربه.

كما ان اعتقادهم بالخالق يشبه الى حد كبير الفئات الغنوصيه ( المعرفين )‘ فهم يدركونه عن طريق الفيض الالهي ‘ ومن مظاهر الخلق‘ وهم لايعبرون عنه الا بصيغة الجمع ويقولون عنه (اله اد من نافشي افرش ) اي انبعثه من ذاته.

فالمحقق من امرهم انهم يرجعون الى اصل قديم‘ لان استقلالهم باللغه الدينيه والكتابه الابجديه لم ينشأ في عصر حديث. كما يعتبرون السجود للنار امر محرم ( نوره واسفادي مبطل باطلي )‘ اي السجود للنار باطل مبطل‘

ولا يعرف دين من الاديان تخلو العقيده المندائيه من مشابه له في احد الشعائر. ولا يفرض عليهم الصيام بمعناه المعروف‘ وهم ينزهون الاله غاية التنزيه‘ ويعتقدون مقر الملائكه ( ملكي ) في الكواكب لذلك هم يعظمون الملائكه لا الكواكب‘ ليس لهم هياكل واصنام‘ في عقيدتهم مخلوق متوسط بين الروحانيه والماديه يهدي الى الحق‘ والروحانيات مخلوقه من كلام الرب‘ وان كلام الرب لايصل الناس الا بواسطة مخلوق بين النور والتراب ( العقاد)

وقد اكد الرصافي ما ذهب اليه العقاد بقوله :

لا اعتقد بصلاحية انسان لحمل رساله سماويه من غير المندائين‘ لان ذلك من اختصاص الملائكه والكائنات النورانيه‘ يقول: لا ريب ان الاله اعظم واجل من ان يعمد الى انسان فيرسله الى الناس ليخبرهم عنه بما يريد‘ هذا لايليق بذاته الفعاله المطلقه‘ ولا بوجوده الكلي السرمدي ( الشاعر معروف الرصافي -كتاب الشخصيه المحمديه).

وعنهم قال ابو الفتح عبد الكريم الشهرستاني : ان مدار مذهبهم على التعصب للروحانيات يؤكد ميلهم الى الرسل من الكائنات النورانيه‘ اي توعلهم في الروحانيه مثل الملاكيت ( مندادهيي وهيبل زيوا )‘ فالبشر بسبب خطاياهم لايصلحون للوساطه بين السماء والارض‘ وقال في عقيدة المندائينفي الوصول لمعرفة الخالق : ان للعالم صانعا فاطرا حكيما مقدسا عن سمات الحدثان‘ الواجب علينا معرفة العجز في الوصول لجلاله‘ وانما نتقرب اليه بالمتوسطات المقربين اليه‘ وهم الروحانين المطهرون المقدسون جوهرا وفعلا وحاله.

وقال فيهم البريوني :ان المندائين يوحدون الاله وينزهونه من القبائح ويصفونه بالسلب منزه من الصفات‘ لا بالايجاب كقولهم لا يحد لايرى لايظلم لايجور...الخ‘ ويسمونه بالاسماء الحسنىمجازا‘ وينسبون التدبيرللفلك واجرامه‘ ويقولون بحياتها ونطقها وسمعها‘ ويعظمون الانوار لانها فيض من النور الازلي وهو الحي القدير .

اما الشهرستاني في الملل والنحل في مستهل الجزء الثاني :ان اهل الاهوار والنحل من الصابئه والفلاسفه واراء العرب في الجاهليه واراء الهند وهؤلاء يقابلون ارباب الديانات تقابل التضاد‘ واعتمادهم الفطر السليم‘ والعقل الكامل ‘ والذهن الصافي‘ وبهذا لم يضع فاصل بين الدين والفلسفه وحسب‘ بل اشار بموضوعيه الى اعتماد الفلسفه على الفطر السليم‘ والعقل الكامل والذهن الصافي.

وفي تقسيم له سماه التقسيم الظابط : بين الناس من لا يقول بالمحسوس والمعقول وهم السفسطائيه‘ومنهم من يقول بالمحسوس فقط وهم الطبيعيه‘ ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول ولا يقول بحدود واحكام وهم الدهريه‘ ومنهم من يقول المحسوس والمعقول والاحكام والحدود ولا يقول بالشريعه وهم الصابئه ‘ومنهم من يقول بهذا كله وهم المجوس واليهود والنصارى .

وذكر ابن النديم عنهم :كان لهم كتاب يشمل على مقالات في التوحيد‘ وهم ينسبون هذا الكتاب الى هرمس احد انبياءهم‘ وقد وصف ابن النديم هذا الكتاب في غاية الاتقان في التوحيد‘ لا يجد الفيلسوف اذا اتعب نفسه مندوحه عن مقالاته والقول بها .

هذه بعض اللمحات لمؤرخين معروفين عن شهاداتهم في التوحيد واتجريد والتنزيه المندائي‘ كما نوعد القارئ بانه سيتم عرض الكثير من وجهات النظر في هذا المجال .

لكن قبل ذلك علينا ولو بشكل بسيط ومختصر ان نبحر مع العمق التاريخي للمندائيه محولين وبشواهد تاريخيه من كونها الديانه الاقدم .

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 18:25

حركات وطقوس

يلجأ الانسان تلقائيا او بصورة موروثة الى استخدام بعض الحركات او العلامات بواسطة اليدين ووضعية جسمه او تعابير وجهه او ملابسه في بعض الطقوس لكي يعبر عن مشاركته الفعلية في اجراء الطقوس ، جماعية ام فردية . فهي عبارة عن وسيلة وعامل مساعد للتعبير عن علاقة الانسان بالحي العظيم ( مسبح اسمه ) وكلما كانت هذه الحركات والعلامات والرموز والوسائل متناسقة ومنتظمة جاءت معبرة عن معنى لاهوتي . فنحن نشاهد المندائيين ورجال الدين عند قيامهم بالبراخة أو الطقوس الدينية الاخرى يقومون بالغطس بالماء ويمدون أذرعهم ( كما في المصبتا عند أداء القسم ) وأحيانا اخرى يقومون بالانحاء ، حيث يبتغون من ذلك التقرب من الخالق ، روحا وجسدا ، ويرددون كلمات تعبر عن حضورهم أمام الخالق العظيم ( مسبح اسمه ) هذه الرموز والحركات ليست وليدة الأمس ، وليست بدعة جماعة معينة في زمن محدد بل نراها مغروسة عبر الحقب الزمنية المختلفة ، لأنها مرتبطة بالطقوس ، مرتبطة كجزء لا يتجزأ من الفرد المندائي أثناء أدائه الطقس . لذلك لا يمكن لأي شخص كان ان يغير أو يجتهد أو يضيف في هذه الحركات إلا رجال الدين . هذه الملابس التي ترتدى في الطقوس والحركات والرموز التي يؤديها المتعبد بانتظام ووقار ليست كافية لتعطي الطقس بعده ومعناه الحقيقي وليست كافية لتؤدي الاتصال مع الخالق ، دون ان يكون للروح فيها دور بارز ومهم وحاصل على حيز كبير جدا من الطقس ، فان الحضور الفكري والصدق فيه والتركيز على فحوى الكلمات المستخدمة يولي الطقس معناه العميق ويرتقي بالمؤمن الى اقرب ما يمكن من الخالق . ان الهدوء الروحي والسكينة الداخلية ، تساعد الانسان على ان يتسامى في عالم روحاني عذب ، عالم الحي العظيم ، فبقدر ما يتلخص الجسم من تشنجاته الجسمية وتوجهاته المادية ، بقدر ما يندمج في عالمه الروحاني ليخلق نوعا من الاتصال ما بينه والخالق العظيم .

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 18:17

الــولادة المـــعــــجـزة

كثيرا" ما سمـعـنا وقـرأنا عـن مـيلاد نبـينا الـكريم يحـيى بن زكـريـا( ع) إلا أن هـذه الـقـراءة وهـذا السماع محـبـب ؛ ويدعـونا إلى الاستزادة والاستفادة . يطيب لي هـنـا أن أورد النصوص المندائـية التي وردت في ( مواعـظ وتعاليم يحيى بن زكريا ) وكذلـك السور القرآنية في نفـس الشأن . تشير نصوص دراشة يهيا *مبروخ ومطروس* إلى الـحـدث المعجـزة الـتي منحـنا إيـاهـا ربُّ الـعـزة الحـي الأزلي يإرادته ؛ فكـان (يـحيى ) آخـر أنبيائنا الذي ثـّبت أركان الـدين الـقـديـم. { فـي سـماء الخـلد ذ ُكر اسـم مـولـود ، انجلـى سـرٌّ فـي اورشليم ... ضجيج وأصداء مخاض تــُعلن عـن ولادة طفـلٍ فـي اورشليم ... أتى كـوكب وأقـام عـنـد أنشبي ... اتـقـدت نار عـند باب أبا صابا زكريا }*1 هـو مخـاض وولادة غـير عاديين ، هـي بشرى ، هـي علامـة أن شيئـا" جليلا" سيـحـدث وسيكون ويستـمر ليس كباقي الأشياء ولادة ليست كباقي الولادات

لكن إرادة الله فـوق كلِّ إرادة ،ولا رادٌ لإرادـته ، وتـأكيـدا" لهـذه الإرادة فـلـقد {أشرقـت الشمس فـي الليل وأضاء القـمر فـي النهار }*2ومـع مـا

اليهـود مـن حـيرةٍ واضـطراب إلا أنهم تـمالكوا أنفسـهـم ليـتداركوا مـا يمكن أن يـحصـل، واعتبروا ما يحصل لـهم إنما هي أضغاث أحلام وتحتاج إلى تفسيرٍ وتأويل ٍ { من منكم يعـلم أين كتاب تفسير الأحـلام ؛ كي يُـفـسّـر الأحـلام والرؤى الي راودتكم } *3 أهـو حلـم واحـد فقط قـد حـلـم به الجميع ! أهـي رؤيـة واحـدة راودت الكلّ ! غريب كلّ ما يحـدث ، عـجـيب كل ما هـو غــير مـألوف ؛ لـذا نـراهــم وهــم يخـاطبون أنفـسهم ، والأب غـير المصدق ؛ أفمن المعـقـول وهـو ابن التاسعة والتسعين و هـو الـذي لـم يقـرب زوجه من أثنين وعشرين سنة وهي العاقـر ذات الـثمانِ والثـمانـين

ويحــدث هــذا ! { أقـول لكم : هل هناك من مات ثم عاش ثانية حتى تلد أنشبي مولودا" ؟ هل هناك من اصيب بالعمى ثم أبصر ، أو كان كسيحـأ" ثم قام ، حتى تلـد أنشبي مولودا" ؟ هل الأخرس يستطيع أن يكون معلمـا" كي تلد أنشبي مولودا"؟ منذ أثنين وعشرين سنة لم أقترب من زوجتي فأي مصير ينتظرها و ينتظركم إذا ولدت أنشبي ؟}*4 بـديهيات قالها زكريا (ع) ليبرئ نـفـسه مما يمكن أن تكون – تهـمـة- وأي تهـمة! أخيرا" اقتنع اليهود بأن الرؤيا إنـما هـي حـقـيقـة لا مناص من الـقـبول بهـا و الإعـتراف بـحـدوثها ؛ ـذا عـليهم تحمّـل تبعات ونتائج مـا سيـحصل لاحقا"{أيها الأب الشيخ زكريا ، كن هادئا" واثبت في مكانك ؛ فإذا ما خلق مولود في السماء العالية ووهب لك وأنت في شيخوختك ؛فأن الحي العظيم أراد ذلك }5 لقد بات من المؤكد إن الرؤيا صادقـة وعلى اليهود الاعـتراف بهذا الحدث وبهذه المعجزة { إذن سيولد لك نبي ويرى الأسرة التي ينتسب اليها}*6

وعن الحـمل الذي أمـر بـه ربُّ العـزة يخبرنا نبي الله يحيى(ع) فيقـول {أبي أصبح ابن التاسعة والتسعين وامي ابنة الثامنة والثمانين، من حـوض يردنا أحضروني ...رفعوني وألقوا بي في رحِـم أنشبي ، مكثت تسعـة شهور في الرحِـم مثلما تمكث الأجنة ...غضب اليهود لمّـا سمعوا ذلك ..امتلأت

قلوبهم حقدا" ، سمع الملاك أنش أثرا ذلك فاصطحبني ، وصعـد بي حتى وصل ذرى جبل براون الأبيض ، حيث يربى الأطـفال هناك ، وعـلى الماء المبارك يعيشون ، ولمّـا بلغت أثنين وعشرين عـامـا" أتقنت كل الأحاديث وتعلمت الحكمـة ، رداء النور ألبسوني ..طوبى ثم طوبى للمـرء الذي يبّـر بوالديه ويكافئهما؛ فليس له شبيه في الدنيـا }*7 اعترف اليهود بهذه المعجزة {أن يهانا سيأتي إلى الوجود ، وينادى به نبيا" وسيكون لنا الشرف أن نصطبغ بصباغتـه ونرتسم برسمه الطاهر ونتناول منه الخبز المبارك والماء المبارك ونرتقي معه حيث النور }*8 

القرآن لكريم يفصلّ لنا وبشكلٍّ مذهل هذه المعجزة الربانيّـة وبما لا يقبل الشك بأنها آيـة مـن آيات الحي الأزلي الذي لم يكن ببعيد عـن عبده (زكر يا) العابد المؤمن بل نجده *سبحانه وتعالى* يوحـي لـه بأن لا شيء مستحيل .في البداية نجـد زكريا (ع) يشكو إلى ربـه عجـزه وبأنه وحيد ؛ حيث لا وارث يرث اسمه بعـد رحيلـه عن هذه الدنيا الفانية . بسم الله الرحمن الرحيم{وزكريا إذ نادى ربّـه ربِّ لا تذرني فردا" وأنت خير الوارثين 89 فإستجبنا له ووهبنا لـه يحيى ، وأصلحنا له زوجـه ، إنهم كانوا يسرعـون في الخيرات 90}*9 صدق الله العـظـيم . إنها لآيـة أن يـؤكـد العليُّ القـديـر للـشيخ الـمـؤمن بأنه[سيصلح] زوجـه لتكون قادرةَ على الحـمل و الإنجاب وسنكون أمّـا" مستقبلية لنبيٍ من لـدنه زرعـه في رحِـمها ؛ رحمـة منـه *جلّت قدرتـه* عليهما .

وهاهـو ربّ العرش العظيم يؤكـد لعبده زكريا ما عزم عليه استجابةَ لدعـواته وصلواته .بسم الله الرحمن الرحيم { هنالك دعا زكريا ربّـه وقال ربِّ هبْ لي من لدنك ذريـةَ طيبـةَ إنك سميع الدعاء 38 فنادته الملائكة وهو قائم يصلّـي في المحراب ،إن الله يبشرك بيحيى مصدقا"بكلمـةٍ من الله وسيدا" ونبيا"مـن الصالحـين 39 } *10 إن الله السميع العليم ذو الحول الشامل والنور الكامل لم يهب عبده الصالح ذرية حسب بل وهبـه ابنا" نبيا"بل أنه وزيادة في التوقير والتكريم لهذا العبد العابد الذي كرّس نفسـه ليرفع ذكـر ربّـه بين قـومـه ؛ فلقـد أسماه ربٌّ العزة باسمه الذي عرف به بعد ذلك : بسم الله الرحمن الرحيم { يازكريا إنّـا نبشرك بغلام ٍ اسمه يحيى لم نجعـل له من قبلُ سميِّـا 10 }*11*صدق الله العظيم . ويعـود ربُّ الخلق أجمعين ليقول لعبده ويـؤكـد عظـمة هـذا المـولود فـيقـول خـير القائلين :بسم الله الرحمن { يا يحيى خـذ الكتاب بـقـوةٍ وآتيناه الحكـم صبيـا12 وحنانا" من لـدنا وزكاة وكـان تقـّـيا13 وبر بوالديـه ولم يكن جبّـارا" عصيـا14 وسلام عليه يوم ولـد ويوم يموت ويوم يبعث حيّـا15 } صدق الله العظيم .

سبحان الله ولا إله إلا الله والحمـد لله الذي وهـبـنا نبيـا" صالحـا" ، مباركـا" ، تقـيـا" ، نـقـيـا" ، بارا" بوالديـه ، ولم يكن ظلامـّـا" عـصيـا .

ولزيادة الإفادة عـن نبينا الكريم ، العظيم في خلـقـه ولادته المعجـزة وحياته ومماته وانبعاثة الذي ورد في القـرآن المجيـد ، يجب قراءة السور الآتيـة: سورة مريم ، سورة آل عمران ، سورة الأنبـياء وآيات أخـر . أقول أخيرا" الحمد لله الذي منحنا من جـعل ديننا خالدا" بأن أعاد الديمومـة إليه ، رغـم عاتـيات الزمن ، ورغـم سنوات القهر التـي أراد أسيـادها أن تكون وبالا" عـلينا وأن يمحق هـذا الدين لكن خالق الخلق أدرى بعباده ؛ لـذا أراد لنا البقاء لنكون لعظمتـه شاكرين وباسمه لاهـجين وببركتــه باقـين فهـــو ربُّ العالمين ولـه وحـده نديـن أنــه أرحــم الراحـميــن . 

والحـــــي مــزكّـــــــي الأعمـــال والنيــّــــات

النصوص:*1-2-3-4-5-6 النص الخامس عشر

*7 النص التاسع والعشرون

*8 النص التاسع والعشرون 

*9سورة الأنبيـاء الآيتان(89، 90)

*11سورة مـريـم الآية 7

*12 سورة مـريم الآيات (12-13-14-15

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 14:09

الدهفة حنينا ..عيد الازدهار عند المندائيين

في الثامن عشر من شهر( تورا) المندائي هو العيد الصغير (دهفة حنينا)، ويسمى احيانا (دهفة طرمة)، وقد صادف هذا العيد في عامي 1932 و1935 الثالث والعشرين من تشرين الثاني... وهذا العيد يستمر ثلاثة ايام تقام خلالها مراسيم التعميد وقراءة الفاتحة للموتى (اللوفاني) وهو يقام احتفالا بعودة هيبل زيوا الى عالم الانوار من عالم الظلام). هذا ما قالته الليدي دراوور في كتابها (الصابئة المندائيون) عن الدهفة حنينا، لكن هامش المترجمين وهم من ابناء الطائفة المندائية يشير الى ان مدة عيد الدهفة حنينا الدينية هي يوم واحد فقط وليست ثلاثة ايام، رادين استمرار الاحتفالات ليومين اخرين لاغراض التزاور. وقد صادف العيد هذا العام 2005 في الخامس من تشرين الثاني وسبب هذا الاختلاف في التواريخ الميلادية يعود لاشهر السنة المندائية الاثني عشر التي يتكون كل شهر منها من ثلاثين يوما فقط يضاف لها خمسة ايام البنجة التي يعدها المندائيون اياماً نورانية مقدسة.

عيد الازدهار

وقد حدثنا الترميذة (الشيخ) سرمد سامي الذي حضر من مدينته الشطرة الى مندى الناصرية للمشاركة في طقوس العيد واقامة مراسيم التعميد التي لايمكن ان تتم من دون حضور رجل الدين عن الدهفة حنينا قائلا:

الدهفة تعني مناسبة او عيد وهي تختلف عن كلمة (دهبة) التي تعني الذهب كما ذهبت الى ذلك الليدي دراوور في كتابها (الصابئة المندائيون) فقد جاء في كتاب (ديوان الف ترسر شيالة) المندائي الذي معناه الف واثنا عشر سؤالاً النص التالي (اترص تاغة ابكل دهفة) ومعناها ثبت تاجك في كل مناسبة وقد جاءت كلمة دهفة هنا بمعنى مناسبة اما كلمة حنينا فتعني الازدهار، والعيد هو عيد الازدهار فالحياة دبت في الارض في مثل هذا اليوم وازدهر العالم المادي.

وعن خصوصية العيد قال: 

يتميز العيد باقامة مادبة افطار تحتوي على الرز واللبن والتمر والسمن الحيواني (الدهن الحر) وهذه عادة اجتماعية اكثر منها دينية وكذلك تقام طقوس التعميد وعمل الثواب (اللوفاني) اضافة الى اقامة الاعراس 0 

واثناء حديثنا مع الشيخ حضر الى المندى عروسان بملابسهما الدينية البيض الجديدة تحف بهما جوقة من الرجال والنساء حيث ستقام مراسيم الزواج بعد ذلك على يد الشيخ.

مأدبة الافطار

وعن الاستعدادات لهذه المناسبة حدثنا السيد حكيم سليم حنظل رئيس الطائفة في ذي قار قائلا : 

تبدأ الاستعدادات للعيد منذ ساعات الفجر الاولى حيث يؤدي المندائيون الصلاة وقراءة الادعية والتراتيل الدينية ولا سيما دعاء الرحمة (نياني رهمي) كما يقومون بالاعداد والتحضير لمأدبة جماعية في المندى يقدمونها كوجبة افطار بعد شروق الشمس.

وقد دعاني السيد حكيم لمشاركتهم هذه الوجبة، فتناولت مع مجموعة من المندائيين الرز المطبوخ واللبن والتمر والسمن الحيواني من احد الصحون الممتدة على طول ساحة المندي الداخلية وقد علمت من احد الجالسين ان هذه الوجبة لا تقتصر على اليوم الاول من العيد بل يمكن اقامتها في أي يوم من الايام الثلاثة 

عالم الانوار

وعن الفعاليات الاخرى التي يتضمنها العيد حدثني السيد نعمان جوبان قائلا : 

يجري الاحتفال بهذا اليوم ابتهاجا بعودة الملاك(هيبل زيوا) من عالم الظلام الى عالم الانوار حيث قام بتطهير العالم المادي من قوى الشر وهيأه لسكن بني البشر بعد ان تمكن من الحصول على (السكين دولة) التي تعتبر سر قوة ذلك العالم، وفي هذه المناسبة يقوم المندائيون بتقديم التهاني الى الشيخ والتزاور فيما بينهم وتقديم التعازي للعوائل التي فقدت احد افرادها في الايام التي سبقت العيد وكذلك يقومون بعمل الثوابات على ارواح الموتى (اللوفاني)وزيارة العوائل المتعففة من ابناء الطائفة وتقديم الدعم المادي والاغذية لها فضلا عن مراسيم التعميد التي تعتبر تطهيرا للنفس والجسد كما يمكن اقامة الاعراس في هذه المناسبة وفي ايام غير ايام الاحاد كما هو معتاد فايام الاعياد مقدسة وصالحة لاقامة مراسيم الزواج.

وعن ذكريات العيد قالت السيدة عدوية جوبان :

هي فرحة بانتصار قوى الخير وهي مناسبة نسهر فيها حتى الصباح خوفا من مضي الوقت قبل اتمام وانضاج مأدبة الافطار التي تقدم في ساعات الصباح الاولى وقد قضينا الليلة الماضية باقامة الصلوات وقراءة الادعية وشرح مضامين هذه المناسبة لافراد العائلة هذا فضلا عن الاستعداد لاقامة المأدبة 

في حين عبر السيد عارف ابراهيم عن قلقه من هجرة المندائيين وحزنه على بعدهم وعدم تمكنه من الاحتفال معهم بهذه المناسبة قائلا : 

لقد كانت اعداد المحتفلين اكبر بكثير مما هي عليه الان والسبب في ذلك يعود الى رحيل اعداد كبيرة من العوائل سواء بالهجرة الى خارج القطر او بالانتقال الى العاصمة مما انعكس سلبا على بهجة العيد. وتابع قائلا لقد كنا في مثل هذه الايام نلتقي بالاحبة والاصدقاء اما الان فليس امامنا سوى النقال واجهزة الهاتف للتواصل معهم، وعبر عن امله بعودة المهاجرين بعد تحسن الوضع الامني.

عرس مندائي

ما ان فرغت الجموع من تناول وجبة الافطار حتى اخذ مساعدي الشيخ واقارب العروسين بتحضير مستلزمات الزواج، فتم بناء كوخ الزواج الـ(اندرونا) من القصب وجرى تحضير الاس والطريانات (الاواني الطينية) وجرتين فخاريتين وسلتين تحويان ملابس العروسين اضافة الى الزبيب واللوز والخبز والتمر والسمك المشوي والملح وكأس نحاسية صغيرة (كبثة) يسقي بيها الشيخ الـ(همرة) العريس من قنينة مملوءة بسائل بني اللون ناتج عن عصر حبات العنب او التمر في الماء حيث يتم اعداده خلال الاستعداد لمراسيم الزواج ولايجوز تحضيره قبل ذلك خوفا من التخمر وقد بدات المراسيم بالتأكد اولا من سلامة العروسين جسديا فمراسيم الزواج الدينية الصحيحة لا يمكن ان تتم من دون ذلك وقد تولت احدى النسوة فحص الفتاة في احدى غرف المندى على الرغم من حصول الاخيرة على شهادة طبية تثبت عذريتها بينما تاكد الشيخ من سلامة العريس وهو يقوم بتفحص رستته (الملابس الدينية) واعادة ربط الحزام الصوفي (الهميانة) وبعد ان تاكد الشيخ من سلامة العروسين جرت المراسيم الاخرى، إذ قام الشيخ بتعميد العريس اولا ومن ثم العروس واثنين من النسوة وقد جرى تعميدهم الواحد تلو الاخر، فلا يجوز اقامة مراسيم التعميد بشكل جماعي وقد كان من بين النسوة والدة العروس وبعد التعميد دار العريس حول الدرفش وهو يردد وراء الشيخ (اسوثة زكوثة نهو يلخون ياملكي اواثري ومشكن ويردني ومشخناثي اد المة دنهورة كليخون) وقد تطوع السيد عبد السلام العيبي لترجمة هذه الكلمات واجملها بالنص التالي: 

(السلام والتزكية نهدي لكم ايها الملائكة والاثريون والمساكن والجداول والانهار في عالم الانوار) وما ان اتم العريس الدوران حول الدرفش حتى جاء دور العروس وبقية المتعمدين ثم واصل بعدها الشيخ اكمال مراسيم التعميد التي تضمنت رسم جباه المتعمدين بزيت السمسم واطعامهم قطعة خبز (طبوثة) مشوية بنار الطريانة ومن ثم انتقل العروسان من الساحة الخارجية للمندى الى ساحته الداخلية التي نصب فيها كوخ الزواج واثناء انتقال العروسين سألت العريس قصي فوزي مالك عن رايه بتلك المراسيم فقال : 

مراسيم وطقوس جميلة توارثناها عن الاجداد وهي رسم ديني واجب على كل مندائي حيث يتم تطهير النفس من الاخطاء وطلب المغفرة وعبر عن فرحته وهو يرتجف من برودة الماء الذي خرج منه قبل فترة قصيرة 

بينما قالت العروس سلمى شاكر حين سألتها هل تودين ان تجرى مراسم الزواج من دون تعميد ردت قائلة : 

لا.. لا اتمنى ذلك فهذه المراسيم مقدسة في ديانتنا 

الاندرونا

بعد ان انتهى التعميد انتقل العريس وحده الى كوخ الزواج (الاندرونا) بينما انتقلت العروس الى مكان اخر تحف بها امها وصديقاتها وجلست تحت قطعة من القماش الابيض (كلة) وبالقرب منها صينية من الاس والشموع الموقدة، وما ان اخذ العروسان مكانهما حتى انتقلت مع الشيخ الى مكان العريس في كوخ الزواج (الاندرونا) فرأيته هيكلا مبنياً من القصب وفق حسابات هندسية وفيه تسعة طريانات (اواني من الطين) وليست ثمانية كما تذكر دراوور حيث قال لي الشيخ انها تمثل اشهر الحمل التسعة وقد لاحظت ان الطريانات تحوي كمية من الاطعمة كالجوز واللوز والفستق والزبيب والسمسم والملح والتمر والخبز والماء والسمك المشوي وغير ذلك من الاطعمة اضافة الى اغصان من الاس وقطعة نقد معدنية وسلتين تحويان ملابس العروسين كل على حدة. وقام الشيخ فيما بعد بقراءة الادعية وخلطهما ليرمز بذلك الى شراكتهما في الحياة كما تم احضار جرتين فارغتين قام احد الصبيان بكسر احداهما امام كوخ الزواج الذي يجلس فيه العريس فيما كسر الثانية ام كلة العروس حيث لا يتم تحطيم الجرتين الا بعد قراءة التراتيل من كتاب (القلستة) كتاب اناشيد وتراتيل الزواج عند لمندائيين وعندما ينطق الشيخ بحرف (القاف) فقط 0 

وقد ذكر لي الترميذة سرمد سامي الذي قام بتلك المراسيم ان حرف (القاف) يعني الخطوة الاولى وهو من كلمة قال التي نادى بها الخالق العظيم واعلن خلق الكون0 

وقد استمرت قراءة التراتيل وتواصلت مراسيم الزواج بانتقال الشيخ ومساعده من كوخ العريس الى كوخ العروس لاكثر من مرة لتبلغ ذروتها بانتقال العريس الى كلة العروس وجلوسه على الارض ظهره الى ظهر العروس ليقوم الشيخ فيما بعد بقراءة التراتيل والادعية ودق رأسيهما برفق الواحد بالاخر ثلاث مرات حيث اوقدت النسوة بعد ذلك البخور وجرى نثر مسحوق الورد على كلة العروس وتعالت الزغاريد والاغاني والتصفيق ومن بعدها قام الشيخ باصطحاب العريس الى كوخ الزوجية لاكمال بقية المراسيم ليتم بذلك عقد القران وينتقل العروسان متشابكي الايدي من المندى الى بيت العريس وسط فرحة الاصدقاء وهلاهل النسوة ونثر الحلوى على رؤوس الحاضرين حيث سينتظر العريس الساعة الفلكية الملائمة ليقترب من عروسه لان العريس لا يمكن ان يقترب من عروسه الا في ساعة فلكية ملائمة كما تذكر ذلك دراوور.

وبوجه عام يحق للرجل المندائي الاقتران باكثر من امراة ولا يحق له الطلاق لان الطلاق محرم دينيا.

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 18:00

من حقوق المرأة الصابئية

يعتقد الصابئة المندائيون بان من يعيش بلا زوجة طيلة حياته، لاجنة له في آخرته فالزوجة هي الجزء المتمم للرجل وهي التي تنجب له الاطفال، ويعتبر الانجاب جزءا متمما للدين والاولاد هم الذين يحملون الجنازة، ويقومون باجراء الطقوس الدينية الواجبة بعد الوفاة، والتي تساعد الميت على بلوغ الجنة في آخرته والرهبنة في الدين الصابئي محرمة غاية التحريم لانها ضد الحياة، والحياة في العقيدة المندائية الصابئية هي محور الدين.
ليس المهم لدى الصابئة مجرد الزواج فقط او ان الزواج متعة من متع الحياة، او قضاء نزوة جنسية، او شهوة جسمانية، او رغبة نفسية، انما يقصد بالزواج الانجاب، وفي الانجاب دوام للجنس وبدوام الجنس تدوم العقيدة والايمان، ان الروحاني(ترميذه) الذي لا يتزوج لا يحق له ان يرقى دينيا الى مرتبة اعلى من مرتبته اي انه لا يرتفع الى درجة(كنز فره) مهما بلغ كماله الديني او علمه اللاهوتي، لانه يعتبر في مثل هذه الحالة ناقصا، ولا يكتمل الا بذرية من زوجة، ويعامل نفس المعاملة فيما اذا تزوج ولم ينجب اطفالا.
ذلك بالنسبة للروحاني، اما بالنسبة للعامة من المندائيين، فلا يصح للاعزب ولا للمتزوج العقيم ان يترأس الواحد منهما حمل الجنازة، او ان يتوكل احدهما فيكون ابا للزوجة،(وكيلا عنها) في عقد الزواج ويسمى (ابهاثا) اي الاب.
والخلاصة ان الزوجة في الدين تكمل الزوج في العقيدة المندائية الصابئية في هذه الدنيا، وفي الاخرة تعود لزوجها وتسكن معه بعد ان تنهي النفس عقوبات حياتها والحسابات الاخرى المسجلة عليها، وتحمل خطايا ومسؤوليات اعمالها في هذه الدنيا.
ويجوز للفرد الصابئي ان يتزوج اكثر من زوجة على شرط تحقيق عدم الانجاب كالعقم مثلا او المرض المعدي. كما يجب ان يعدل الزوج بين زوجاته. ومع كل ذلك فأنهم عمليا يفضلون الزوجة الواحدة كما يفضل الدين ذلك، اما اذا تعددت الزوجات فاقدمهن عندهم في كل مناسبة دينية هي ذات الحظوة الاولى من بينهن.
ويجوز للصابئي ان يتزوج اية صابئية عدا الاخت وذريتها وابنة الاخت وذريتها وزوجة اخيه وبنات ضرة اخته والعمة والخالة او الجمع بين اختين والى ما هناك من شروط، ويمنع الدين الزواج من غير صابئية اذ انه والحالة هذه يخرج من دينه، وقد ورد في ديوان(ترسرالف شياله)-اي اثنا عشر الف سؤال، وهو احد كتب الصابئة اذ ذكر فيه جواز الزواج من المسيحية انما بعد اجراء طقوس خاصة وصعبة عليها.
يعطي الدين الصابئي للمراة كل الحقوق الممنوحة للرجل، فقد منحها حرية التعليم، وحرية العمل، وحرية اختيار الزوج، ويمنع منعا باتا معاملتها بقسوة، وجوز للمرأة العمل الكهنوتي، حيث قد ارتفعت بعضهن الى مرتبة(ريش أمه)-رئيسة امه- وهي اعلى درجة كهنوتية في الدين كما اجاز لها طلب الطلاق.
ويجوز تسمية الطفل باسم امه فيقال عند اجراء اي طقس من الطقوس الدينية للشخص (فلان بر فلانه للذكر) او (فلانة بث فلانه للانثى).
ولهذا الانتساب في الدين الصابئي سبب غير الاسباب التي يذكرها علماء الاجتماع في تكوين الاسرة، فالصابئة يدعون على انه بعد ان امر الله سبحانه وتعالى بخلق ادم من طين خلق حواء من جسمه، وبعد انجابهما لم يتزوج الابناء اخواتهم انما ارسلت البنات الى عالم اخر فيه اناس مثلنا يسمونه (امشوني كشطه) اي ارض العهد، وجيء بفتيات من امشوني كشطه الى اولاد آدم فتزوجوهن، وعلى هذا الاساس فالمرأة في نظر الدين من عالم غير عالمنا، فقد اتت من عالم كله طهارة وعهد، ثم يقولون ان آدم خلق من طين وحواء خلقت من جسمه وعلى هذا الاساس فتسمية الابن باسم امه اعلى من تسميته باسم ابيه(آدم من طين اهوه،هوه زوى من كانا ادنافشي اهوت)، اي ان ادم خلق من طين وزوجته حواء خلقت من نفسه وبذلك فهي اطهر من الطين.

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 17:54

الديانة المندائية وانبيائها المقدسين

 

أن المندائية ديانة قديمة موحدة مستقلة بذاتها، لها فلسفة دينية ولاهوتية، وكتاب مقدس، ومجموعة من الانبياء والاباء والمعلمين المقدسين، التي تتبع تعاليمهم لحد الآن، ولها أيضا نظام ديني طقسي يتم بموجبه أداء كافة مراسيمها الروحية. ومثلما تتفق الديانة المندائية مع الديانات الأخرى في بعض المفاهيم والطقوس والفلسفة الدينية، تختلف مع بقية الأديان بكثير من الأمور وهذا ما يميز الديانة المندائية عن غيرها، وما يميز الديانات الأخرى. فلذلك أن الديانة المندائية وببساطة ليست طائفة يهودية كما يزعم البعض خاطئين لأنها لا تتبع تعاليم التوراة، وأيضا ليست طائفة مسيحية كما يزعم البعض الاخر لأنها لا تعترف بالمسيح كاله متجسد، على الرغم من وجود تشابهات كثيرة فيما بين تلك الاديان او غيرها والديانة المندائية. سوف نحاول ان نسلط بعض الضوء على مفاصل مهمة من المندائية، وبقدر ما يسمح به وقتنا.

 

أن الصابئة المندائيون يؤمنون أشد الأيمان بأنبيائهم ومعلميهم وآباءهم الأوائل الذين انبنت على أيديهم وعلى مختلف عصورهم الديانة المندائية .. فكان لهم الأثر الكبير على تعاليم الديانة الصابئية المندائية ومبادئها وفلسفتها وحتى طقوسها ومراسيمها الدينية .. وان الآباء والمعلمين الأوائل هم:

• النبي والأب والرجل الأول آدم (أبو البشر) والذي يحتفظ المندائيون بصحفه السماوية.

• النبي شيتل بن آدم الرجل الأول (الغرس الطيب) والذي أفدى والده ، فكانت روحه الأقدس من بين البشر.

• النبي سام بن نوح (المتعبد الخاشع) والذي تزخر الكتب الدينية المندائية المقدسة بصحفه وقصصه وتراتيله.

• النبي يهيا يوهنا _ يحيى بن زكريا _ يوحنا المعمدان (الحبيب المرتفع) ويحتفظ المندائيون بكتابه الذي خطت قسم منه أنامله المقدسة وزاد عليه تلاميذه من بعده .. وهو معلم الحق الأخير الذي يؤمن به الصابئة المندائيون.

 

إن المندائية، من الديانات الموحدة (Monotheism) ، والتي تؤمن باله واحد معبود مستقل ومبعوث بذاته (الاها اد من نافشي افرش – الإله الذي انبعث من ذاته)، غير محدود الأسماء والصفات والقوة والإرادة، فلذلك تطلق عليه اسم (هيي – الحي = الحياة) والحياة هنا يقصد مفهومها العام والشامل المتمثلة بالحركة اللانهائية للوجود. والحي الرب موجود ومنتشر في جميع الفضائل ويسكن الشمال القاصي، فلذلك يتجه المندائيون في اداء كافة مراسيمه الدينية الى جهة الشمال والتي تسمى ب(بيت اواثر).. ويسمى في اللغة المندائية ب(هيي) أي الحي أو الحياة .. لان الحي هو جميع الحياة، والحياة بأكملها هي الحي.

 

اسس الايمان المندائي:

 

ان أهم نقاط وأسس الأيمان المندائي ممكن ان نلخصها بالاتي:

• الأيمان برب خالق الأكوان منزه عن السيئات مقيم في ملكوته الحي في أقصى الشمال ومقيم في جميع الفضائل والجمال. وهو غير محدود ابدي وأزلي في كينونته، ليس له حدود في صفاته، وقوته، وعظمته. فلذلك تسميه الحياة العظيمة.

• الأيمان بان هذا العالم جزء بسيط وصغير جدا من خلق الحي العظيم. فلذلك يؤمن المندائيون بوجود كائنات اخرى ربما تعيش في بعض الكواكب.

• الأيمان بان هناك معركة ما بين الخير والشر في هذه الحياة. ويمثل الخير بالنور وبالمياه الحية العذبة الجارية، ويمثل الشر بالظلام وبالمياه الميتة المالحة .. وتؤمن المندائية بان من الاهمية امتزاج المياه الحية التي جاءت من عوالم النور والحياة، بالمياه الاسنة الارضية، لان من عبق وعطر الاولى تزدهر الاخيرة وتنتعش. 

• الأيمان بوجود الحياة الأخرى وبان الإنسان يجب أن يحاسب على أعماله وعبادته عند وفاته في أماكن خاصة تدعى (مطراثي – مطهرات)، فالمندائية لا تؤمن بوجود الإنسان الخير المطلق ولا الإنسان الشرير المطلق، وانما تؤمن بان على الجميع الاعتراف بأخطائه وزلاته ونقصه وعليه ان يطهر قلبه وافعاله من كل ما لحق به في حياته على الأرض ويرتقي بعدها الى عوالم النور حيث الحقيقة والصفاء والنور والحياة المتقنة.

• الايمان بان نفس الانسان والتي تسمى (نيشمثا) والتي هي نفسها (مانا – العقل) هي نفحة من نفحات الخالق الرب العظيم والتي جاءت من ملكوت الحياة (بيت هيي) واستقرت في جسد الانسان، وتدعى ايضا بالجوهرة النقية التي يجب ان ترجع الى ملكوت الحياة بعدما تنقى من الشوائب التي لعقت بها اثناء مرورها بالحياة الارضية .. فلذلك يؤمن المندائيون بفلسفة عودة الاشياء الى اصلها بدورة كاملة ومتقنة وهي دورة الحياة الطبيعية.

• الايمان بان التعميد (المصبتا) هو الطقس الضروري لانقاذ الانفس من براثن الاسرار المادية وتقوية النفس البشرية بانعاشها بنور الحياة المتجسد بالمياه الحية الجارية.

• الأيمان بالمعرفة لأنها الطريق الموصلة الى رب الوجود وعلة هذا الكون. وبالتالي الاتحاد بحياته العظيمة. وخاصة ان المعرفة (مندا) صنو الايمان (هيمنوثا) في الفكر المندائي، ويعتبران حالة مثالية للانسان المؤمن الذي يبغي الحياة الروحية في المندائية. والتي من خلالها يصبح جبلا لا تزحزحه الرياح.

• الايمان والتمسك بالسلام وعدم الاتكال على قوة السلاح في مواجهة المصاعب والمحن في تلك الحياة.

• الايمان بان الحياة هي المصدر العظيم للمعرفة.

 

اهم المحرمات المندائية:

 

اما اهم المحرمات التي تنهي عنها الديانة المندائية فهي:

• جدف أسم الله ( أي الكفر به وتوطئة شانه).

• القتل ، السرقة ، الخداع ، الزنا، الكذب ، التأويل ، شهادة الزور ،الحسد ، النميمة ، الغيبة ، خيانة الأمانة والمعشر ، وكل ما يسيء التصرف الإنساني .

• السجود لغير الحي العظيم وعبادة الكواكب والأفلاك و البشر والنار والماء ، وكل شيء غير الخالق الأزلي (هيي ربي).

• السحر والشعوذة بكل أنواعه.

• قتل الحيوان بدون سبب، وتاذيته عند نحره.

• أكل دم الحيوانات والميتة منها ، وذبح الحامل، واكل الحيوانات المفترسة.

• كل الأعمال التي تضرر صحة الإنسان الجسدية والروحية والعقلية.

• البكاء والنواح ولبس السواد على الموتى .

• إعطاء الصدقة والتحدث بها.

• االختان وأي تغيير في جسد الإنسان الذي وهبه الله له.

• تلويث الطبيعة والأنهر.

• الانتحار وإنهاء الحياة والإجهاض المتعمد .

• الحلف او القسم اذا كان باطلا.

• الرهبنة.

• التشبث حد العبادة بالدنيا الفانية وبمقتنياتها الزائلة.

 

المصبتا .. شعار الديانة المندائية:

 

ان الطقس المركزي في الديانة المندائية هو (طقس المصبتا = الصباغة = التعميد) والذي يجري في الماء الجاري (الحي) الذي يعتبر رمزا للحياة.

 

الميثولوجيا المندائية تعتبر المصبتا سماوية وليست أرضية، فالمصبتا تمارس من قبل جميع الملائكة في عوالم النور، لغرض الارتقاء بالعلم والمعرفة إلى عوالم أنقى والتبجيل للحي العظيم "مسبح اسمه".

 

ومن لاهوتية المصبتا ان الارتماس (الطماشا) في الماء الجاري الحي (يردنا) هو انغماس في السائل الحيوي للحياة فهو يمنح الجسد المادي الصحة والعافية والقدرة والديمومة على المواصلة، ويخلص الإنسان من قوى الموت ويعد بحياة خالدة أبدية.

 

والمصبتا في نفس الوقت علامة التطهير الاولى، التي جبل عليها الانسان فطريا، فكما يطرد الماء القذارة والاوساخ والنجاسة من الجسد، كذلك يطرد الخطيئة والنجاسة من النفس، وخاصة اذا كان مصاحبا بذكر الحياة الحية (الحي العظيم). ولاننسى هنا بان جوهر الفكر المندائي ان يصاحب النظافة والطهارة وصحة الجسد والطاعة في اداء المراسيم، سلامة العقل والفكر والضمير واطاعة القواعد الاخلاقية والالتزام باركان الدين.

 

والمصبتا ولاهوتها عبارة عن مراسيم فيها رموزا كثيرة تعبر عن الحياة وديمومتها، ومترابطة مع صلوات وتضرعات وتراتيل وشعور بالندم، والاحساس بامكانية الخلق والولادة الجديدة، وندم الى الحي العظيم (مسبح اسمه). فهذه كلها مجتمعة تجلب مميزات اليردنا السماوي وخواصها الالهية وتجعلها حالة في الطقس. فهي تجعل طالب التعميد المندائي قادرا على الاستفادة منها والانتعاش من قوتها السماوية، وصفة الحياة والطهارة بشقيها الروحي والمادي تكسبها لمن يتناولها.

 

فخلاصة (المصبتا) صيرورة الانسان من ابناء النور والعهد الحق، واكتساب الخلود الروحي في عالم الانوار عن طريق الاتحاد بالشبيه (دموثا) والمعرفة الحية والتطهر من الخطيئة التي تثقل حاملها، وتجره الى مسالك ومهالك الظلمة.

 

الطائفة وبعض تسمياتها في التاريخ:

 

أطلقت عدة تسميات على المندائيين في التاريخ، سواء هم أطلقوا على أنفسهم أو الأقوام المجاورة عرفتهم بها. ومن هذه التسميات ومعانيها كالآتي:

• المندائيون .. من (مندا) أي العارفون بوجود الحي العظيم، أي الموحدون.

• الناصورائيون .. وهي تسمية قديمة جدا، وتعني المتبحرين او العارفين بأسرار الحياة. أو (المراقبين ، الحراس).

• الصابئة .. من (صبا) أي المصطبغون (المتعمدون) باسم الرب العظيم.

• المغتسلة .. من (غسل) أي تطهر ونظف. وأطلقها المؤرخون العرب، وذلك لكثرة اغتسالهم بالماء (تعميدهم وغطسهم بالماء). 

• شلماني .. من (شلم - سلم) وهي تسمية آرامية مندائية تعني المسالم.

• ابني نهورا .. أبناء النور، وهي تسمية أطلقت عليهم في كتبهم الدينية.

• اخشيطي .. من (كشطا) أي أصحاب الحق او أبناء العهد، وهي تسمية أيضا أطلقت عليهم في الكتب الدينية.

• المصبتيين .. من (مصبتا) أي المتعمدين او المصطبغين وهي اصل كلمة (الصابئة) في اللغة العربية .. وقد أوردها الكاتب المسيحي هيغوسيبوس.

 

المندائية وتساوي الجنسين:

 

ان الفكر المندائي يعطي قدسية عظيمة للعنصر الذكري والعنصر الانثوي في هذه الحياة، ويعتبرهما من التكوينات السماوية الاولى والمتوازية في الخلق، حيث يرمز للعنصر الذكري ب(سيندركا- النخلة او رمز التكاثر والثبات) ويرمز للعنصر الانثوي ب (اينا – عين او ينبوع المياه). وان اتحادهما يمثل القوة الخالقة والتي هي الحياة.

 

من هنا نفهم أن المندائية تؤمن بان العنصر الأنثوي ليس طارئا على الخليقة، وانما موجود في الأصول الاولى للخلق. فهناك نرى ورود عدد كبير من اسماء الكائنات النورانية الانثوية، التي لها قداستها في الايمان المندائي، والتي تاتي مصاحبة للكائنات النورانية الذكرية (من ملائكة، اثري، ناطري) وقرينة لهما. ومن امثال تلك الكائنات النورانية الانثوية نورد بعضها: سيمات هيي (ام الحياة)، ازلات ربتي (ازلات العظيمة)، مركنيثا دكيثا (الجوهرة الطاهرة)، بهرات انانا (السحابة النقية) ...الخ. فقد جاء في كنزا ربا ما يلي: 

(( اذهب واخلق رجلا واحدا وامرأة واحدة وأطلق عليهما الاسمين آدم للرجل وحواء للمرأة)).

 

درجات الكهنوت المندائي:

 

ان رجال الدين المندائيين على درجات متفاوتة، كلا حسب درجته الدينية التي ينالها نتيجة دراسته واكماله الطقوس الروحية الواجبة ونتيجة ايضا ترشيحه من قبل رجال الدين البقية. وان درجات رجال الدين المندائيين كالاتي:

• الربي: أي معلم الحق .. وهذه الدرجة روحية لايمكن احد ان يصلها الا باختيار من الرب العظيم، وهي بمثابة النبي او المشرع لامور الدين، وان اخر انسان وصلها حسب ايمانهم هو يوحنا المعمدان او كما هو معروف عند المسلمين النبي يحيى بن زكريا. أي قبل حوالي 2000 سنة.

• الريشما: أي رئيس الامة، ويوجد شخص واحد فقط بهذه الدرجة.. وهو رئيس الطائفة الروحي.

• الكنزبرا: أي (ابن الكنز) ويقصد به (المفروض!!) من هو فاهم فهما عاليا بامور الكتاب المقدس للطائفة من تشريع وتفسير .. وهو المسؤول عن اداء كافة الطقوس الدينية مثل الزواج وغيرها .. ويوجد اربعة من هذه المرتبة.

• الترميذا: وهو رجل الدين الذي له الحق في اداء المراسيم الدينية لعامة الطائفة وهو الذي يقوم بتثقيف ابناء الطائفة وتعليمهم .. ويوجد 30 ترميذا في العالم.

• الشكندا: وهو المساعد الديني لرجال الدين عند ادائهم الطقوس الدينية، وبدونه لايتم أي طقس ديني كبير.

 

ويجب ان يمر المرشح لنيل الدرجة الاولى من سلم رجال الدين، باختبارات دينية وسلسلة من الطقوس التي تستمر لمدة اسبوع واحد يلبس خلالها مع استاذه المشرف، الملابس الدينية البيضاء الخاصة بالموت والتي ترمز الى موت حياته القديمة وولادته مرة اخرى .. يتبعها فترة اعتكاف للصلاة والتامل والدراسة لمدة 60 يوم من العزلة التامة، حينها يستلم هداياه واسلحته الكهنوتية وهي (خاتم الحياة وهو من الذهب الخالص ويجب ان يرتديه مادام حيا في خنصر يده الايمن، وعصا الكهنوت من شجرة الزيتون، والتاج الذي يحاك من الحرير الخالص، وباقة من اغصان شجرة الاس التي ترمز لخلود عطر الحياة الطيب) بعدها يصبح المرشح برتبة ترميذا. ومن المفيد ان نذكر ان رجال الدين المندائيين يتزوجون وينجبون لان عدم الزواج لديهم محرم، وايضا ان رجل الدين يجب ان يكون خاليا من أي عاهة جسدية او عقلية، وصحيح النسب من ابويه. وان رجل الدين المندائي يعد وجبات طعامه بنفسه والمتكون من مواد طازجة وطبيعية غير صناعية، ولا يحق له تناول الطعام مع عامة الناس.

 

بعض الشروط التي يجب توافرها في الشخص الذي يبغي ان يصبح رجل دين:

• ان يكون سالما من الامراض العضوية والعقلية.

• ان يكون جسده كاملا ولا يوجد اي نقص او زيادة في اعضاءه.

• ان يكون عمره 21 سنة فما فوق. ويوافق عليه مجلس عموم الطائفة من الناحية الاجتماعية (حسب ماورد في النظام الداخلي للطائفة في بغداد).

• ان يتخرج من المدرسة الدينية، وان يكون تلميذا لاحد رجال الدين.

• ان يكون لديه خبرة في كيفية اداء المراسيم الدينية.

• ان يكون على درجة جيدة من الثقافة العامة.

 

اوردت الباحثة والمستشرقة الانكليزية المشهورة في الشان المندائي (الليدي دراور) في كتابها (المندائيين في العراق وايران) بان الطائفة سوف لا تستمر الى فترة اطول لان رجال دينها الموجودين في تلك الفترة كبار في السن وان حتى ذريتهم ترفض ان يكونوا رجال دين ..اعتقد لو ان الباحثة اعلاه لازالت على قيد الحياة وموجودة في ما بيننا الان لكانت قد غيرت رايها وهي تتجول فيما بين طائفتنا الان!!

 

على كلا هنالك حقائق وراء تبنيها لرايها السابق .. ومن اهم الحقائق هي ان الانخراط في السلك الديني بقى محصورا لفترات طويلة وراثيا في عوائل خاصة في الطائفة، الى ان جاء الريشما عبدالله الكنزابرا نجم الى رئاسة الطائفة الروحية( مع عدة عوامل اخرى) بدأ عدد كبير من الشباب المندائي بالانخراط في السلك الكهنوتي.

 

لم اكن يوما افكر بان اصبح رجل دين، وانما كنت ملهما ومتلهفا بالمفاهيم الدينية والاخلاقية المندائية، ومتمسكا بالحياة الدينية والاخلاقية المندائية. فلم تكن عائلتي من فئة رجال الدين وانما فئة لها مؤهلاتها العلمية والمهنية. وما تروني الان كحالة واقعية امامكم الا نتيجة هذا التحول في بعض المفاهيم الدينية والاجتماعية للطائفة، بعدما كانت مغلقة لعدة اسباب على نفسها في بيئة قاسية ومضطهدة لها وهي بيئة جنوب العراق. فقد اصبح الان اكثر من 27 رجل دين واكثرهم من الفئة الشابة بعدما كانوا 7 في فترة بداية الثمانينات من القرن الماضي. هذا احد الادلة القوية على تمتع هذه الطائفة بقدرة ورغبة كبيرة في البقاء والاستمرار .. لان مؤمنيها يؤمنون بان اذا انقرضت المندائية من هذه الحياة فان فناء الارض سوف يكون قريبا.

 

بعض الامور العصرية التي تواجه الطائفة المندائية:

 

في فترات معينة وطويلة، استطاع المندائيون ان يجابهوا الظروف القاهرة المحيطة بهم، بالانعزال التام عن مسرح الاحداث، او على الاقل الابتعاد نسبيا عن مدى تاثيراتها .. وساعدتهم في ذلك البيئة القديمة التي كانوا يعيشونها في جنوب بلاد الرافدين، في قرى صغيرة موزعة على ضفاف الانهر وما بين الاهوار، والاضطهاد الكبير والمستمر الذي تعرضوا له من قبل اغلبية جيرانهم وذلك بسبب النظرة الخاطئة والمريبة (مع العلم ان لهذا الانعزال ايجابياته في وقته، وسلبياته التي نجابهها الان بسبب ذلك الانعزال). ولكن هل الانعزال في ظل هذا الوقت هو الحل الصحيح لديمومة الطائفة؟! في ظل فرص الحرية والديمقراطية التي تتمتع بها في الدول المتحضرة وفي ظل التحول السريع للنظام العالمي والذي جعل من العالم قرية عالمية صغيرة وما رافقه تحول في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية!! سؤال مطروح لابناء الطائفة. وان التغير في الظروف التي تعيشها الطائفة في الوقت الحاضر هو من اكبر التحديات التي مرت بها الطائفة على مدار مئات السنين الماضية.

 

من اهم الامور التي تواجه الطائفة هي:

1. كيفية تثبيت حقوق الطائفة الدينية والمدنية في كل من العراق وايران.

2. كيفية ابقاء وسائل الاتصال بين جسد الطائفة التي تقطع الى اوصال صغيرة منتشرة على اكثر من 12 دول في العالم.

3. كيفية تخليص المندائية من بعض الافكار الغير جوهرية والغير مناسبة والتي علقت بها مع مرور الزمن، وتشذيب الطقوس والمراسيم واظهار الجانب الروحي والمهم والحقيقي منها.

4. هنالك عدد من ابناء\بنات الطائفة الصابئية المندائية الذين تزوجوا من خارج محيط الطائفة لاسباب متعددة .. وفي نفس الوقت مصرين على ايمانهم المندائي، وترغب ذريتهم بالانظمام الى الجماعة المندائية.

5. كيفية استقطاب الفئة الشابة في المجتمعات الجديدة التي تعيش بها الطائفة، وكيفية وضع الخطط الناجعة لاستقطابهم.

 

يؤمن الكثير من ابناء الطائفة بان على المندائية ان تتبنى خطوات جديدة لتستطيع ان تستمر حية وقوية وخاصة في ظل الظروف الجديدة التي تعيشها الطائفة وكذلك في ظل التحول الذي حصل لابناء الطائفة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعلمية. فلذلك ان رجال الدين ومثقفي الطائفة ومؤسساتها كافة يتحسسون اهمية عقد مؤتمر عام لرجال الدين المندائيين في العالم من اجل مناقشة بعض الامور المهمة التي طرات على حياة هذه الطائفة، ومناقشة تشكيل مجلس ديني عالمي يضم جميع رجال الدين في العالم له الية خاصة من اجل مواصلة خدماته والوصول بنجاح الى اهدافه .. نطلب من الرب العظيم القوة والشجاعة لتحقيق هذا الامر المهم .. دعوتنا ان يلتفت رجال الدين ومثقفي الطائفة وخادميها الى امور اكثر جدية ويتركوا المهاترات والمناحرات الداخلية التي لاتغنى ولاتسمن احدا سوى المنتفعين والطفيليين.

 

 

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014