• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 17:39

خروج النشمثا من الجسد وفق النصوص المندائية

 

كثرت التساؤلات حول كيفية خروج النشمثا من الجسد الفاني، وما هي الوضعية التي يكون بها الجسد بعد الخروج ؟ لقد طرح هذا السؤال على الكثيرين من الفقهاء من الاديان الاخرى ولكنهم جميعاَ قالوا بعدم العلم بهذا ونسبوا علمة الى الله .. اذ ان جميع الكتب المقدسة في ديانتهم والتي يعتمدون عليها في التشريع لا تجيب بصورة صريحة ولا يقبل معها التفسير او التأويل في النص عن هذا السؤال المهم ..... بل تركت الباب مفتوح لما قولناه ... وقيدت بعض الإجابات بأنها محصورة ب الله وحده.. وهذه تعتبر اسرار ربانية .. ولا يسع المقام هنا لشرح هذه النصوص و المقارنة بينها فنترك امر ذلك للقارئ العزيز. لكن لو تصفحنا كتب الشريعة المندائية والتي هي أقدم شريعة بشرية لوجدنا أن هيي قدمايي) قد أجابنا عن طريق نبيه و رسوله(نبيها و شليها) يهياهانا( امبرخ اشمة) مبارك اسمة على هذا التساؤل الذي باتَ يحير عقول من تطرقت اليه... لأن طبيعة العقول البشرية مهما أتسعت فهي ناقصة.. ومهما بلغت من حيث العلم و المعرفة فهي قاصرة عن معرفه بعض الحقائق التي تعجز العقول على ادراكها ولكن هيي قدمايي) الحي الازلي مبارك اسمه هو الاوسع و الاشمل لآنه ( أزيزا هكيما ويَدويا هازَي وشَليطا أد ال كُل صبو) الكنزا ربا القسم الايمن{ العزيز الحكيم و العليم البصير و القادر على كُل شئ} .... فقد جاء في كتابنا المقدس (دراشا اد يهيا) تعاليم ابونا يهيا يهانا مبارك اسمه في النص ثلاثين عن المحاورة التي جرت بين النبي يسوع (علية السلام) ونبينا ورسولنا يهيا يهانا (مبارك اسمة)حول كيفية خروج النفس ( النشمثا) من الجسد الفاني . وهاك عزيزي القارئ النص المترجم 

{ باسم الحي العظيم ـ معظم النور السامي

يهيا وعظ في لياليه يهيا في اماسي الليالي , يهيا وعظ في لياليه وقال:

....... تكلم المسيح قائلا ليهيا في أورشليم , حلفتك يا يهيا بالحي العظيم وبملاك الاحد (هبشبا) الموقر أسمة أقسمت يا يهيا عليك با الدرب الذي سلكه المختارون الصالحون حدثني ماذا يشبه دفة سفينه صاورئيل* أجبني النفس (النشمثا) عندما تغادر الجسد بماذا تكون مغطاة وماذا تشبه وهي داخل الجسد الفاني, أليست تشبه الدم (زما) حيث تسخن الجسم وهو منغلق أم ربما تشبه الريح عند خروجها من الجبل تتأخر وتعاق . اولا تشبه الندى عندما يسقط على أوراق الآشجار يتبخر و يتلاشا. عندما قال ذلك المسيح صرخ يهيا بصوتٍ عالٍ وهو يسترسل الدموع دونما انقطاع ثم قال: النفس لا تشبه الدم الذي يسخن الجسم وهو مغلق ولا تشبه الريح عندما تخرج من الجبال تتأخر وتعاق ...النشمثا محتجبة ومتلفعة بالنور , تدخل الجسد الفاني خفية .عندما تكون مجهزة بلباس النور , تصعد على دفة سفينة صورئيل.تظهر ثلاثة ألسنة من الضوء مسرعة لتلحق بها ثم تتركها على التعاقب, اما الثالثة فتغادرها تاركة لها رايه بيضاء. وعندما تغضب النار.. فأن النسمة تخرج منسلة من القدم و الركبه وتقترب من الخاصرة حيث ترحل منها وتأتي قابضة على قلبه ثم تنزل على الصدر منحسرة, فتغم عيني الانسان وسيمائه وشفتيه ثم تلتف حول لسانه , صورئيل يناديها قائلاَ أنفصلي يا نشمثا.

لماذا ترقبين الجسد؟ قالت له’ : من جسدي أخرجتني يا صورئيل , أمنحني لباسي وحررني . قال لها أ تيني أعمالك ** و أجرك الذي سيمنحك لباسك . قالت لم أعرف صاورئيل أن أجلي قد حان ,وبصورة سريعة أرسلوك لي : اذا كانت أعمالي التي اديتها حسنة فأنك ستحضر لي الملابس وتلبسني أياها عندما تخرج النسمة ( نشمثا) من الجسد يحمله أربعة رجال مجهزين بملابس النور*** يسيرون به نحو المقبرة يبكون

تاره وينوحون تاره أخرى ويصرخون**** حتى يوضع داخل حفرة ضيقة ويواروا الجسد بالتراب في هدوء وفي عويل مكتوم ثم يطمروا الحفرة ويسحب الرجال أحدهم تلوا الاخر تاركين بسرعة الجسد داخل القبر, وبعدها يحضرون كأساَ من الماء ويقطعون الخبز***** وينسون الجسد الفاني}****** هذا هو ما جاء بالنص المستل من كتابنا المقدس دراشا اد يهيا والذي يوضح به بصورة جلية خروج النشمثا من الجسد الفاني .. فأن دل على شئ ؟ يدل على عظمة و شمولية الشريعة المندائية و أرتكازها على العلم الرباني في كل صغيرة و كبيرة فما من شئ توصي بهِ الشريعة المندائية ألاهو تأكيد على وصايا ( هيي قدمايي) مبارك اسمه الى عبادة الملتزمين و الماسكين شريعته{ طوبى لمن سمع وعلم وأرتقا بالنصر وشاهد مكان النور} الكنزا ربا القسم الايمن.

 

والحـــــي مزكـــى

وجدت من المناسب أن ابتدئ الحديث عن التوحيد الصابئي المندائي بذكر نصوص من كتابهم المقدس ( كنزا ربا ) الكنز العظيم لتكون مدخلا لمعرفة هذه الديانة وإضاءة أسسها التي تستند أليها وجواهرها التي قامت عليها .. (باسم الحي العظيم .. مسبّحٌ ربي بقلبٍ نقي .. هو الحي العظيم.. البصير القدير العليم العزيز الحكيم.. الأزلي القديم.. هو العظيم الذي لا يرى ولا يحد لأشريك له في سلطانه ولا صاحب له في صولجانه.. هو الملك منذ الأزل لا أب له ولا ولد ولا يشاركه ملكه احد.. موجود منذ الأزل .. باق ٍ إلى الأبد(1) ( قل يا عبادي لا تزنوا ولا تسرقوا ولا تنتهكوا حرمات الناس.. لا تكنزوا الذهب والفضة فالدنيا باطلة ومقتنياتها زائلة.. لا تسجدوا للشيطان ولا تعبدوا الأصنام والاوثان.. صوموا الصوم الكبير.. صوم القلب والعقل والضمير.. يا أصفيائي لا تقربوا الملوك والسلاطين والمردة في هذا العالم ولا تثقوا بهم .لا بأسلحتهم ولا بحشودهم ول تلووا أعناقكم للذهب والفضة التي يكنزون أنها سبب كل فتنة سيتركونها وراءهم يوم إلى النار يذهبون .. لا تأكلوا الدم ،ولا الميت، ولا المشوه، ولا الحامل ولا المرضعة ولا التي أجهضت ولا الجارح ولا الكاسر ولا الذي هاجمه حيوان مفترس وإذا ذبحتم فاذبحوا بسكين من حديد.. إذا اتخذتم لأنفسكم أزواجا فاختاروا من بينكم وأحبوهن وليحفظ أحدكم الأخر. هبوا الخبز والماء والمأوى لبني البشر المتعبين المضطهدين .. إياكم والهُزءَ بمعوق أو السخرية من ذي عاهة . أن الأجساد قد تبتلى بالأوجاع ولكن نشماثا ( الأنفس) لا تهان ولا تزدرى ألا بإعمالها. أن عكازتكم يوم الحساب أعمالكم التي عليها تتوكأون فانظروا إلى ماذا تستندون)(2) يعتبر الدين الصابئي المنداني من أقدم الديانات الموحدة بل هو أقدمها على الإطلاق لان جذوره تمتد بعيدا في حضارة وادي الرافدين القديمة منذ العهد السومري ومن بعده الاكدي والبابلي وقد أثارت هذه الديانة حولها كثيرا من الخلافات في وجهات النظر والآراء المتعددة وان قراءة دقيقة متأملة لما ورد فيها من عقائد وشعائر ومثولوجيا ستضعنا أمام تلك الحقيقة حقيقة قدم هذه الديانة وتأثيرها في الوسط الذي نمت وعاشت فيه وتأثرها به في الوقت نفسه لقد أكد معظم الباحثين والمؤرخين العرب المسلمين القدامى على قدم الديانة الصابئية المندائية بعد أن ورد ذكرهم في القران الكريم باعتبار ديانتهم ديانة موحدة قائمة بذاتها حالها حال الديانات الكتابية التي ذكرت فيه في ثلاث سور مباركة هي سورة البقرة ، وسورة المائدة، وسورة الحج .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) كنزا ربا/ اليمين/ الكتاب الأول التسبيح الأول/ التوحيد 

(2) كنزا ربا / اليمين / الوصايا 

( أن الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (1) 

فالقران الكريم إذ يذكرهم مع اليهود والنصارى أنما يعتبرهم موحدين مؤمنين بالله واليوم الأخر. 

وقد اختلف الرأي فيهم فالبعض اعتبرهم وثنيين عبدة كواكب والبعض الأخر عدهم من أهل الكتاب كما ورد في القران الكريم .. فقد ذكر ابن النديم في كتابه الفهرست من مذاهب الحرانية الكلدانيين المعروفين بالصابة .فأورد حكايتين مطولتين الأولى مكتوبة بخط احمد ابن الطيب تلميذ الكندي ، والكندي كما يقول ابن النديم من عظماء الفلاسفة وأفذاذ المفكرين كان يعرف السريانية واليونانية والهندية والفارسية لذا فان ما ورد في حكايته يطابق ما نجده في الكتابات المندائية ولا سيما فيما يخص الأيمان بالله واليوم الأخر. 

قال ابن النديم ( حكاية من خط احمد بن الطيب في أمرهم حكاها عن الكندي: اجتماع القوم على إن للعالم علة ولم يزل. واحد لا يتكاثر لا يلحقه صفة شيء من المعلولات كلف أهل التمييز من خلقه الإقرار بروبيته وأوضح لهم السبيل وبعث رسلا للدلالة وتثبيتا للحجة أمرهم أن يدعوا إلى رضوانه ويحذروا غضبه ووعدوا من أطاع نعيما لا يزول ووعدوا من عصى عذابا واقتصاصا بقدر استحقاقه) وتستمر الحكاية( بان دعوة هؤلاء القوم كلهم واحدة وسنتهم وشرائعهم غير مختلفة وان قبلتهم واحدة فقد صيروها لقطب الشمال وقصدوا بذلك البحث عن الحكمة وان المفترض عليهم من الصلاة في كل يوم ثلاث ولا صلاة عندهم الأعلى طهور والمفترض من الصيام ثلاثون يوما وعليهم الغسل من الجنابة وتغيير الثياب ومن مس الطامث ويتركون الاختتان ولا يحدثون على فعل الطبيعة حدثا ويتزوجون بشهود وفريضة الذكر والأنثى سواء ولا طلاق إلا بحجة بينة عن فاحشة ظاهرة ) وتستمر الحكاية ( بان الثواب والعقاب عندهم إنما يلحق الأرواح ويقولون النبي هو البريء من المذمومات في النفس والآفات في الجسم والكامل في كل محمود ويكون مذهبه ما يصلح به العالم.وقولهم في النفس أنها دراكة لا تبيد وأنها جوهر وليس بجسم ولا يلحقها لواحق الجسم ) ( وقال الكندي انه نظر في كتاب يقر به هولاء القوم وهو مقالات في التوحيد على غاية من التقانة في التوحيد لا يجد الفيلسوف إذا اتعب نفسه مندوحة عنها والقول بها )( 2 ) ان حكاية الكندي هذه توضح ان صابئة حران هم قوم موحدون وهم كصائبة جنوب العراق المندائيين يؤمنون بالله وباليوم الأخر. وتتفق مع مضمون الآيات القرآنية وهذا يضعنا أمام حقيقة أخرى أن صائبة حران هم أخوة في الدين مع صابئة البطائح في جنوب العراق بالرغم من وجود أقوام انتحلت هذه التسمية في حران.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) البقرة – أية 62 

(2) ابن النديم الفهرست ( 442 – 445 ) ينظر كتاب مفاهيم مندائية / ناجية مراني 

ثم يذكر ابن النديم الحكاية الثانية التي ترجع إلى زمن المأمون وهي منقولة عن أيشع ألقطيعي النصراني أراد بها الإساءة إلى صابئة حران وعموم الصابئة فلفق الكثير من الأفكار ودس العديد من التهم التي لاتمت إلى الصابئة بصلة وذالك بدافع الحقد والضغينة حيث كان البلاط العباسي يزخر بالعلماء والأطباء والفلكيين والمترجمين والأدباء من الصابئة المندانيين . وقد أشار العالم العربي المعروف البيروني في كتابة ( الآثار الباقية عن القرون الخالية ) ما ذكره بعضهم عن الصابئة يقول ( حكى عنهم ابن سنكلا النصراني في كتابه الذي قصد فيه نقص نحلتهم فحشاه بالكذب والأباطيل، ونحن لا نعرف عنهم إلا أنهم أناس يوحدون الله وينزهونه ) (1) 

كما تحدث الشهرستاني في كتابه ( الملل والنحل)(2) عن الصابئة لا سيما عن الجانب المتعلق بالمعرفة أو العلم الإلهي ويشير إلى ان الصابئة يوحدون الله تعالى وتشتمل عقائدهم على تلقي المعرفة العليا الإلهية بواسطة الروحانيات . ويجري بينهم وبين الأحناف مناظرة كانت تدور حول الروحانيات التي يتعصب لها الصابئة ويتعصب الأحناف للماديات ويقول عن فعل الروحانيات والملائكة يستمدون القوة من الحضرة القدسية ويفيضون الفيض على الموجودات السفلية ثم يذكر ان الصابئيين كلهم يصلون ثلاث صلوات ويغتسلون من الجنابة ومن مس الميت وحرموا أكل الجزور والخنزير ومن الطير كل ماله مخلب وأمروا بالتزويج بوليٍّ أو شهود ولا يجوز الطلاق إلا بحكم حاكم كما أورد ابن النديم أمورا مهمة عن الصابئة منها ( يوم دخل العرب المسلمون العراق قام أنش دنقا رئيس كهنة الصابئة آنذاك لمقابلة قائد المسلمين يحمل معه الكتاب المقدس للصابئة ليبين له ان قومه من أهل الكتاب وقد اقره على ذلك. 

وقال ابن النديم عن احمد بن عبد الله بن سلام مولى هارون الرشيد( ترجمت هذا الكتاب ويقصد 

به ( الكتاب المقدس ) من كتب الحنفاء وهم الصابيون الإبراهيمية الذين امنوا بإبراهيم عليه السلام وحملوا عنه الصحف التي انزلها الله عليه وهو كتاب فيه، ألا أني اختصرت منه ما لا بد منه ) وقال المترجم احمد بن سلام ( ترجمت هذا الكتاب والصحف والتوراة والإنجيل وكتب الأنبياء والتلامذة من العبرانية والصابية وهي لغة أهل الكتاب إلى اللغة العربية)(3). كما ذكر ابن أبي اصيبعة ان المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابي مصنف كتاب ( شرح مذهب الصابئي ) ترجم كتاباً إلى العربية بعنوان السور والصلوات التي يصلي بها الصابئون )(4) لقد اتسمت كتابات ابن النديم في كتابه( الفهرست) والشهرستاني في كتابه(الملل والنحل) بشيء من الموضوعية حيث أنهما ذكرا الآراء المختلفة التي كانا يعرفانها في تلك الفترة وقد أكد كلاهما أن الصابئة يؤمنون بالله وباليوم 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1. البيروني/ الآثار الباقية عن القرون الخالية 

2. الشهرستاني/ الملل والنحل 

3. ابن النديم/ الفهرست 

4. ابن أبي اصعيبه /عيون الإنباء في طبقات الأطباء(2ص 199)

 

الأخر ولديهم طقوس يقيمونها، كما إن لديهم أحكاما وفرائض يلتزمون بها كالصلاة والصوم والزكاة وتحريم السكر كما أنهم يحرمون لحم الخنزيروالاختتان. ولهم أحكام في الزواج والطلاق ومع هذا فقد شاب الكثير من أرائهم الخلط والضعف شانهم في ذلك شأن العديد من الكتاب والباحثين التراثيين حيث جاءت اغلب كتاباتهم تنقصها الدقة والتمحيص. وعن الذين تحدث عنهم أبو حنيفة ( أنهم ليسوا بعيدة أوثان وانهم يعظمون النجوم كتعظيم المسلمين الكعبة ويؤمنون بدين نبوي ويقرون بكتاب ) (1) ويقول عنهم الشيخ محمد جواد مغنية (2) أنهم أقدم الأديان ( يقرون بالله وبالمعاد وببعض الأنبياء )، كما ذكرهم العلامة جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في كتابه حسن المحاضرة (3)( إن النبي إدريس عليه السلام دعا الخلق الى الله تعالى فأجابوه وكانت عقيدته الصابئية وهي توحيد الله تعالى والطهارة.) كما يؤكد معظم الباحثين المحدثين على ان الصابئة المندائيين موحدون يؤمنون بالروحانيات. يقول العقاد في كتابه ( أبو الأنبياء) (4): ان دين الصابئين كما هو مدون في كتبهم الدينية يتلخص في أنهم يؤمنون بالله واليوم الأخر ويؤمنون بالحساب والعقاب وان الأبرار منهم يذهبون بعد الموت إلى عالم لنور وان المذنبين يذهبون إلى عالم الظلام ولا يفرض الصوم عليهم بمعناه المعروف وهو الامتناع عن الطعام والشراب إنما يمتنعون عن أكل اللحوم المباحة لهم خمسة أسابيع متفرقة أيامها على طول السنة وهم ينزهون الله غاية التنزيه ويعتقدون ان مقر الملائكة(ملكي) هو في الكواكب نفسها لذلك فهم إنما يعظمون هؤلاء الملائكة لا الكواكب نفسها وليست لديهم هياكل أو أصنام ولابد عندهم في عقيدتهم من مخلوق متوسط بين الروحانية والمادية يهدي الناس إلى الحق فالروحانيات لديهم مخلوقة من كلام الله عزّ وعلا دعاها بأسمائها فوجدت وان كلام الله إلى الناس لا يصل ألا بواسطة مخلوق بين النور والتراب) .ويقول كذلك ( ولا يعرف دين من الأديان تخلو عقيدة الصابئة من مشابهة له في أحدى الشعائر .... والمحقق من أمرهم أنهم يرجعون إلى اصل قديم لان استقلالهم باللغة الدينية والكتابة الأبجدية لم ينشا في عصر حديث). ومن الدراسات الحديثة التي تناولت المندائية وفق منهج اركيلوجي تاريخي علمي مقارن هي دراسة الدكتور خزعل ألماجدي في كتابه( جذور الديانة المندائية) (5)

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1.ينظر كتاب ناجية مراني/ مفاهيم صابئية مندائية ، ناجيه مراني2 

2. التفسير الكاشف- محمد جواد مغنية-بيروت -2ص117 

3.جلال الدين السيوطي- حسن المحاضرة 

4.العقاد- أبو الأنبياء- 108 

5.خز عل ألماجدي- جذور الديانة المندائية 

إذ استطاعت هذه الدراسة ان ترجع أصول هذه الديانة وجذورها الى الديانة السومرية التي هي اصل الديانات التاريخية في العالم كله على حد قوله فهو يرى( ان اصول الصابئية القديمة تكمن في الديانة السومرية ولكن نشأتها تبدأ من النمو تحت شبكة العقائد الاكدية والبابلية الجديدة) ويقول ( وبعبارة واحدة يمكننا القول ان الدين الصابئي المندائي هو ما تبقى او بقايا الدين السومري وهذا وحده هو الذي يفسر قول المندائيين عن دينهم بانه اقدم الأديان على وجه الأرض ) ومن خلال هذا المنظور فان الباحث يتقاطع مع كل الآراء التي ترجع أصول الديانة الصابئية المندائية الى اصول الديانات البابلية او الى أصول يهودية او يونانية او فارسية او مسيحية . والصابئة المندائيون يعتقدون أنهم غرس التوحيد الأول وان ديانتهم هي الأقدم منذ أدم وشيت وسام ويحيى (عليهم السلام) ولابد لنا من الإشارة الى الدور الكبير الذي اضطلع به المستشرقون المهتمون بالديانة المندائية والذين اطلعوا على أهم كتبها المدونة باللغة المندائية الارامية وتقصوا ما فيها من طقوس وعقائد واساطير وقد تمت ترجمتها الى اللغة الأنكليزية والألمانية لاسيما الكتاب المقدس (كنزا ربا) ونخص بالذكر من هؤلاء المتشرقين ليدزبارسكي الذي قام بترجمة أهم الكتب المندائية الى الألمانية ومنها كتاب كنزا ربا (الكنز العظيم) وكتاب (دراشة إدبهيا) مواعظ وتعاليم يحيى بن زكريا (عليه السلام) في عامي 1925 و 1905 وكذلك الليدي دراور التي عاشت في العراق ما يقرب من ربع قرن وأنصرفت الى دراسة المندائية فأتقنت لغتها كما أتقنت السريانية والعربية فنشرت كتابها الأول (المندائيون في العراق وايران) عام 1937 كما وضعت بالتعاون مع رودولف قاموس اللغة المندائية عام 1963 أما عن وجود الصائبة المندائيين فقد مال أغلب الباحثين المتشرقين المهتمين بهذه الديانة الى النظرية الغربية التي ترى انهم كانوا في فلسطين وحوض نهر الأردن ضمن طوائف البحر الميت تستند في ذلك الى ظهور شخصية يوحنا المعمدان، يحيى بن زكريا (ع) هنالك حيث كان يعمد الناس في نهر الأردن وقد عمد ابن خالته السيد المسيح، ولكن تحت ضغط المؤسسة الدينية اليهودية التي مارست العنف والاضطهاد ضد المندائيين بأعتبارهم معارضين بل مناوئين لسلطتهم السياسية ولآرائهم ومعتقداتهم وتحريض الناس ضدهم هاجر عدد كبير منهم الى حران ومنها الى جنوب العراق وقد ذكر هذه الهجرة كتاب (حران كويتا) حران السفلى وهو من الكتب المندائية التي تحدثت تاريخياً عن جزء من تاريخ المندائيين الضائع حيث لم يكن المندائيون مهتمين بتدوين تاريخهم، اما النظرية الثانية فهي النظرية الشرقية التي ترى ان الوجود الأول لهم كان في جنوب العراق حيث وفرة المياه وملاءمة المناخ ووجود عناصر مشتركة بين العقائد والطقوس والمثلوجيا المندائية وبين ديانات وادي الرافدين القديمة اذ كان للماء والنور دور واضح فيها (من يردنا العظيم الماء الجاري أنبثقت النطفة الأولى)( ) (صار الماء الحي الماء المتألق ومن المياه الحية نحن الحياة صرنا)( ) (لا حد للنور لا يوجد حد للنور ولا يدرى متى صار، ما صار الا بوجود الحي العظيم)( ). ورد هذا في الكتاب المقدس للصائبة المندائيين (كنزا ربا) ونحن نميل أنهم ظهروا في جنوب العراق للأسباب التي ذكرت.ولوجود ذكر لنهري دجلة والفرات والفرات في المندائية يسمى (فراش زيوا) فرات الضوء وان المثلوجيا المندائية في بعض صيغها وابنيتها تكاد تكون مشابهة للمثلوجيا الرافدينية القديمة .. بعد هذا من اين جاءت تسمية الصابئه المندائيين .. ما إن جاء ذكر الصابئين في القرآن الكريم حتى كان حافزاً لتناول هؤلاء القوم بالبحث والدراسة من لدن كتاب التراث العربي فقهاء ومؤرخين ولغويين. 

فيرى معظم اللغويين أن مفردة صابئي من الجذر صبأ وقالوا : صبأ خرج من دين الى اّخر .. لذا فقد اطلقت قريش على الرسول (ص) كلمة صابئي وكذلك على الذين آمنوا برسالته .. اي أنهم تركوا دين إبائهم وهو على الوثنية وجاءوا بدين جديد غيره ونعتوا عمر وابا ذر الغفاري والصحابه كونهم صابئين. وحين أسلم الشاعر الجاهلي لبيد (4) وهو صاحب احدى المعلقات قالوا عنه جاء بدين الصابئين.. ولأن التعاليم التي جاء بها الإسلام من توحيد وآخرة وثواب وعقاب وجنه ونار مشابهه لمعتقدات الصابئة المندائيين في كثير من جوانبها.لذا فأن قريش لم تنعت المسلمين الاوائل باليهودية أو النصرانية أو المجوسية وانما نعتهم بالصابئين (5) وهذا ما يجعلنا على يقين ان الصابئين كان لهم وجود وتأثير وان ديانتهم كانت معروفة على نطاق واسع. 

اما الجذر الحقيقي لكلمة صابئي فهو من (صبا) الآرامية التي تعني تعمد او ارتمس في الماء للتطهير وهي من الشعائر المندائية التي تمارس حتى يومنا ، ويطلق المندائيون على هذه الشعيرة (الصباغة)(6) من الفعل صبغ الذي يقترب من معنى الفعل (صبا) الآرامي وصبغ يعني غمس او تغيرّ وتشير كذلك الى معنى ديني هو التطهر .. ويذكر البيروني في حديثه عن الصوم كلمة صبغ بمعنى تعمد فيقول (ويوم المعمودية الذي صبغ فيه يحيى المسيح وغمسه في ماء المعمودية بنهر الاردن عند بلوغه الثلاثين) .. وكلمتا الصابئي المندائي تسميتان لمعنى واحد فكلمة مندائي مشتقة من كلمة (مندا) الاراميه والتي تعني المعرفة أو العلم وبهذا يكون الصابئي المندائي : المتعمد بالماء صاحب العلم والمعرفة لهذا فالديانة المندائية ديانة عرفانية غنوصية. وكلمة غنوص كلمه يونانية (gnosis ) ومعناها المعرفه وتستخدم بمعنى العلم والحكمة .. والغنوصيه مذهب شاع في القرن الثاني الميلادي رغم ان جذوره تمتد بعيداً قبل الميلاد ومنذ وجود وانتشار الديانة السومرية مرورا بالديانات والمذاهب الوثنية والموحدة وبالعصر الهلينستي .. ( إن المندائية هي الغنوصية وهي العرفانية بأدق واكمل اشكالها ) كما يقول الدكتور خزعل الماجدي (1) . وهي بذلك تؤسس طريقة لادراك المعرفة العليا وكنه الاسرار الربانية. وهذا ما يقابله ( الكشف ) عند الصوفية لذا فأن رجال الدين المندائيين لايقرون علنية الدين لأن ذلك يتعارض وباطنيته.. ويقول الباحث محمد عبد الحميد الحمد في كتابه ( صابئة حران والتوحيد الدرزي) (2) (اثر الصابئة في النزعات الصوفية ومذاهب التوحيد ومنهم ( الدروز ) الذين هم قوم آمنوا بالله وباليوم الاخر ولهم جذور عريقة في الفكروالتاريخ يقول ايضاً (الصابئة ديانة عرفانية سرية كان مقرها حرّان في شمال سوريا وهم اتباع ابراهيم الخليل (ع) ويدعون ( الحنوفون ) ويقصد بهم الأحناف .. وقد برز نشاط الافكار الغنوصية في القرن الاول الميلادي واتسع في القرنين الثاني والثالث وفق انظمة فكرية متعددة بتعدد الفرق والطوائف التي ضمتها خيمة الغنوصية .. (ولم يبق من فرقها اليوم سوى المندائية )(3 وقد عارض دعاة المسيحية الاوئل لاسيما في القرن الاول الميلادي الدعوات الغنوصية مما ادى الى الاصطدام بها ومحاربتها واعتبار كل دعوة خارج حدود الأناجيل الأربعة هرطقة لايجوز التعامل معها ورفض اية فكرة تمس الأيمان وتضع العقل في منزلة اعلى من منزلة الأيمان .. والغنوصية تقوم على اساس تحرير النفس البشرية التي هي نسمة ( نشمثا ) او قبس من الله من الجسد الذي هو بمثابة سجن والتحاقها بالعالم العلوي الذي هبطت منه وهذا يذكرنا بقصيدة الفيلسوف ابن سينا التي مطلعها : هبطت اليك من المحلِ الارفع ورقاءُ ذاتُ تعزز ٍ وتمنع ِ 

ويقصد بذلك هبوط النفس الى جسد الإنسان وهذا دليل على انتشار أفكار وعقائد الغنوصية ويقول احد دعاة الغنوصية ( فالنتينوس) (ان من يملك قلباً طاهراً . لم تدنسه الخطيئة ويشع بالنور . فأنه يبارك برؤية الله ) لقد لاحظنا ان اغلب الذين تناولوا الدين الصابئي المندائي اشاروا الى حقيقتين اولهما قدم هذا الدين كونه سابقاً على جميع الديانات الموحدة وثانيهما انه دين توحيدي يؤمن بالله وباليوم الأخر وبالعقاب والثواب وبالجنة والنار وهي اهم الثوابت المشتركة بينه وبين الديانات الأخرى فبالنسبة للتوحيد يؤمن الصابئة المندائيون بوجود اله واحد خالق الكون. .. والحياة والكائنات الروحية النورانية والكائنات المادية. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1 خزعل الماجدي – مجلة الطيف المندائي العدد الثاني 

2- محمد عبد الحميد/ صابئة حرن والتوحيد الدرزي 

3- عزيز سباهي- اصول الصابئة ومعتقداتهم الدينية 

(هو العظيم الذي لا يرى ولا يحد هو الملك منذ الأزل، لا أبَ له ولا ولد ولا يشاركه ملكه أحد)(1 وبهذا التوحيد لله وتنزيهه يلتقي الدين المندائي بالديانات الموحدة الأخرى لاسيما مع الدين الإسلامي فالتسبيح الأول من كتاب كنزا ربا (الكنز العظيم) الخاص بالتوحيد يقترب كثيراً مما ورد في القرآن الكريم لاسيما الأسماء الحسنى. والملاحظ ان اغلب نصوص الكتاب المقدس كنزا ربا لابد من الإشارة فيها الى الله الذي يطلق عليه الحي العظيم، الحي الأزلي (هيي قدمابي)، ملك النور السامي (ملكا اد نهورا) الله الذي انبثق من ذاته (الها اد من نافشي افراش) وبأرادبه كان كل شيء (الكون والخليقة والحياة والإنسان) والعبارات الثلاث التي تتكرر في أكثر من نص من نصوص الكتب المندائية (‘اكاهيي، ‘اكاماري، إكامندا دهيي) معناها (الحي موجود، المولى موجود، عارف الحياة العليم موجود) تمثل قمة التوحيد وهذه العبارات الثلاث بتداولها المندائيون باستمرار. ويذكر اسم الحي الأزلي في جميع الطقوس المندائية بل هو فاتحة كل نص أو شعيرة، والصفات التي تطلق عليه إنما تطلق مجازاً فهو فوق كل صفة أو نعت. ويؤمن الصابئه المندائيون باليوم الأخر وبالثواب وبعودة النفس الى بارئها بعد الموت إذ تؤكد معظم النصوص الدينية خاصة في الكتاب المقدس وفي كتاب مواعظ وتعاليم يحى (ع) (دراشة اديهيا) على ان النفس (نشمثا) بعد الموت تعرج إلى السماء وصولا إلى عالم الأنوار ( الجنة) ( الما دنهورا) متحررة من سجن الجسد المجبول من التراب والطين لتلتحق بعالمها الذي جاءت منه فهي أسيرة وفي الموت خلاصها وتحررها لترجع إلى مكانها السامي الذي هبطت منه وبهذا فالموت في الديانة الصابئه المندائية تحرر وانعتاق وعودة إلى عالم الأنوار والخلود الأبدي. ولابد لنا ان نذكر ما جاء في القرآن الكريم (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربكِ راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي) والنفس بعد الموت في المندائية تظل ثلاثة أيام تتردد بين القبر والبيت بعدها تبدأ رحلتها نحو السماء لتصل إلى محطات الحساب والتطهير (مطراثي) فيسألها الملائكة الموكلون عن أعمالها فتقف في مطهر الملاك أباثر موزانيا ملاك الميزان لمعرفة درجة نقائها وطهرها مقارنة بنقاء نفس شيت (شيتل) بن آدم فأن ماثلتها فأنها تمر بسلام عبر المطاهر الأخرى حتى تصل إلى عالم الأنوار وأن كانت مثقلة بالذنوب والسيئات 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1 كنزا ربا – اليمين / التسبيح الأول- التوحيد 

فستعاني كثيراً حتى تتطهر لتصل إلى العالم المنشود وفي الديانة المندائية مصطلحان النفس والروح. النفس تمثل النقاء والطهر والخير والخلود لأنها نفحة أو نسمة من الله وهي في صراع مع الروح داخل الجسد التي تمثل الغرائز والنزوات المادية للجسد وتحاول النفس ان تحد من نشاطها وهذه مهمتها فأن فشلت او عجزت فستحاسب كما رأينا. وهنالك نصوص عديدة في كتاب كنزا ربا تتناول صعودها وعروجها ومرورها بالمطاهر. وهذه مقتطفات منها : 

(صرخة، صرختان، صرختان اثنتان، انهما معاً جالستان، تبكيان وتتعلمان .. الروح ونشمثا (النفس) .. الروحُ تقولُ لنشمثا: بحياتكِ يا أختاه .. بحياة كلَّ تلك السنين .. خذيني معكِ حين تنطلقين – كيف آخذكِ معي الى من ادق بابه، وانتِ روح كذّابة ؟ إنكِ يا أختاه تكذبين .. انتِ لا ترين وتكذبين وصاحبُ الميزان، الذي لا يحابي انسان .. والذي يزن الأعمال ويرفعها الى الديان كيف اوصلك اليه ؟ وكيف ادخلك عليه ؟ إنه يصعد الكامل لكماله .. ويمسك بالناقص لسوء أعماله .. فكيف اخرج بكِ من اقفاله ؟)(1 

(باسم الحيّ العظيم .. يا عصافير القفار الجالسة فوق قناديلها . ماذا من القفار تأكلين ؟ .. وماذا من القناديل تشربين ؟ وبماذا في طريقك تتزودين ؟ يا عصافير القفار .. لا الفضةُ ولا النضار، زاد في الطريق يكونان .. ولا المال ولا المرجان .. الصدقة والأحسان وثبات قلبك في الأيمان .. ذاك هو زادك في طريقك الى الديان)(2). 

(بأسم الحيّ العظيم .. أسمع صوت نفس ما، وهي تخرج من جسد الحرمان .. من داخل هذا العالم خرجت . اسمعها تقول: عارية اتيت الى هذا العالم فارغة منه اخرجوني .. مثل عصفور لم يرافقه شيء .. ثم التفتتْ الى الهيكل الذي منه خرجت : ماذ افعل بك يا جسدي ؟ الباقي في هذا العالم ماذا افعل بك ؟ يا جمال جسدي الذي سيأكلك في القبر الدود .. ماذا أفعل بك ؟ يا قميص الورد ماذا افعل بك . لو كنت ثوب ضياء ونور للبستك يا جسدي ولصعدت معي الى بيت هيي (الحي) .. لو كنت اكليل ضياء ونور لضفرتك على رأسي ولصعدت معي الى بيت هيي .. ماذا افعل بك يا جسدي وانت من طين جبلت ؟)(3)._______________________ 

1- كنزا ربا اليسار – التسبيح الخامس والعشرون 2- كنزا ربا اليسار / التسبيح الخمس والثلاثون 3 - كنزا ربا اليسار – التسبيح الثامن والثلاثون 

فالجسد في الديانة المندائية، زائل وهو من عالم النقص والعوز .. العالم السفلي : العالم الزائل، عالم الظلام، والنفس من عالم النور، العالم العلوي، عالم الخلود الذي انفصلت منه واليه تعود .. وتشترك جميع الديانات الموحدة ان الله خلق آدم من طين وتراب، والديانات الرافدينية القديمة يشير كثير من نصوصها ان الآلهة خلقت الإنسان من الطين كذلك .. ففي كنزا ربا تتوفر تفصيلات كثيرة في عملية خلق آدم وتؤكد ان الحي الأزلي أمر الملائكة بخلقه فجبل من التراب والطين .. (ومن التراب والطين الأحمر والدم والمرارة ومن سرّ الكون جبل آدم وحواء زوجة وحلّت فيهما نشمثا (نفس) بقدرة ملك النور)(1). وفي القرآن الكريم يتم خلق آدم من الطين .. (إذ قال ربُك للملائكة أني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)(2) (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون)(3). 

(إن مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)( ) وجاء في العهد القديم (ثم جبل الرب الإله آدم من تراب الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياةٍ فصار ادم نفسْاً حية)( ) .. كما تشترك جميع الديانات الموحدة ومنها الديانة المندائية بوجود الملائكة وهي كائنات غير مرئية تسمى في المندائية (ملكي) وترافقها كلمة (أثري) وتعني كائنات نورية وتسمى ملائكة النور وملائكة الضوء وقد خلقها الله وأوكل لها مهمات عديدة منها حراسة الحياة والناس والمراقبة والمحاسبة وتنفيذ أرادته السامية. كما ان بعضهم قام بعمليات خلق بأمر منه. وكثير من النصوص المندائية تحفل بعدد كبير منهم وبأسمائهم وبهذا تشترك المندائية مع أخواتها الديانات الموحدة بالأيمان بوجود الملائكة ونلاحظ ذلك أيضاً في القرآن الكريم وفي العهد القديم وفي الأناجيل .. ان الشعائر والطقوس في جميع الديانات الموحدة وحتى في الديانات القديمة الوثنية تعتبر الجانب العملي والتطبيقي للعقائد والأفكار التي تمثل الجانب النظري تشترك بصلات عديدة في الشكل والمحتوى وان اختلفت في بعض التفصيلات ففي جميعها صلاة وصوم وزكاة وشعائر تقام للزواج والوفاة وطقوس للتطهر من الخطيئة وتقدميات أو تضحيات. فالصلاة في الديانة المندائية تعد من الشعائر المهمة وهي تقترب في مظهرها ومحتواها من الصلاة في الإسلام ففي المندائية تبدأ الصلاة بالرشامة (الوضوء) والرشامة

 

مصدر من رشم في العربية تقول رشمت الطعام ارشمه إذا ختمته(1) وتعني أيضاً الاغتسال بالماء والرشامة هي رسم المندائيين وختمهم .. يقول المصلي أثناء الرشامة وهو واقف عند الماء (روشما الاوي لا هوا بنورا ولا هوا بمشّا ولا هوا ادمشيها، رشماي بيردنا (الماء الجاري) ادميا هيي) ومعناها : ليس رسمي بالنار (يقصد المجوس) وليس بالزيت (يقصد اليهود وليس بالمسح (يقصد المسيحيين) رسمي هو الماء الجاري، ماء الحياة .. ثم يبدأ برسم جبهته بالماء (غسلها) من اليمين الى اليسار، ويغسل الأذنين والأنف والفم وغسل الركبتين والرجلين وتذكر التراتيل مع كل جزء من الجسم الذي تم رسمه بالماء وان التراتيل تكرس توحيد الله وعدم السجود للشيطان وآخر ما يقوله المصلي في شعيرة الرشامة (الوضوء) (أنا فلان بر فلانة صبيت بمصبوتا بهرام ربا بر روربي، مصبوتي تناطري وتسق لريش، اشما ادهيي واشما اد مندادهيي مدكر إلاي) ومعناها انا فلان بن فلانة اصطبغت (تعمدت) بصبغة إبراهيم الكبير عمادي يحرسني وسمو بي إلى العلا، اسم الحي واسم عارف الحياة العليم منطوقٌ علي. اما القسم الثاني من الصلاة تسمى (البراخا) (التبريكات) وتبدأ بعد الانتهاء من الوضوء (الرشامة) ويكون المصلي واقفاً متجهاً إلى الشمال وعليه الانحناء كلما ذكرت كلمة السجود وتبدأ التراتيل (إكاهيي .. إكاماري .. إكا منداد هيي) ومعناها : الحي موجود ، الرب موجود، عارف الحياة العليم موجود وتستمر التراتيل إلى أن تنتهي بالسلام على الملائكة والأسلاف الآباء القدامى ومنهم آدم وشيت ويحيى (يوحنا المعمدان) .. ويبقى معنى ومحتوى الصلاة واحداً في جميع الديانات وهو السجود لله وحده وعبادته وعدم الشرك به والالتزام بما أمر واوصى والتقدمات أو التضحيات في المندائية(2) والتي يقدمها الصايئي للتقرب للحي الأزلي وابتغاء مرضاته هي ان تكون منحة وعطاء إذ يعطي بعضاً مما رزقه الله للفقراء والضعفاء والمحتاجين وتسمى (زدقا) صدقة. (إذ تهبون صدقة يا اصفيائي فلا تشهدوا عليها، بئس من وهب صدقة فأفسدها بالتشهير)(3) ومن التضحيات الأخرى الامتناع التام عن ممارسة المحرمات والابتعاد عن كل ما يسيء إلى علاقة الفرد بالحي الأزلي ومحاسبة ألذات باستمرار والالتزام بتأدية الشعائر لاسيما الخاصة بالتطهير وفي مقدمتها التعميد (الصباغة) والتي هي من أهم الطقوس المندائية التي تعني تطهير الجسد والنفس من النجاسة والخطيئة والآثام وهو طقس تنفرد به ألان الديانة المندائية بعد 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ معجم الصحاح للجوهري 2- ناجيةمراني/ مفاهيم مندائية 3-كنزا ربا/ الوصايا 

ان انقرضت الطوائف التي كانت تمارس هذهِ الشعيرة التي تجري في المياه الجارية حيث عمد يحيى 

(يوحنا المعمدان) السيد المسيح في مياه نهر الأردن .. وكذلك تأدية شعيرة الصوم (صوما) حيث تؤكد الديانة الصابئة المندائية على وجود نوعين من الصيام .. الصيام الكبير وهو الابتعاد عن المحرمات وعن الأذى فقد ورد في الكتاب المقدس (كنزا ربا) (صوموا الصوم الكبير صوم القلب والعقل والضمير)( 1 أما الصوم الأخر فهو الامتناع عن تناول اللحوم ونحر الحيوانات مدة ثلاثة وثلاثين يوماً متفرقة على مدار السنة وتشترك جميع الديانات الموحدة بهذه الشعيرة وهي واضحة في الاسلام.. ان الماء الجاري في الديانة المندائية ذو أهمية بالغة فمعظم الطقوس التي تقام لابد وأن يكون للماء دور بارز فيها ويسمى بالمندائية (يردنا) وهو ماء الحياة (مياهيي) وفي النصوص الرافدينية القديمة. العهد السومري والاكدي والبابلي كان نهر دجلة والفرات من الأنهار المقدسة وكان كاهن (بارو) يجري التطهير في النهر عند شروق الشمس(2). إن اصول الشعائر المندائية المتعلقة بالماء ترجع إلى اصول قديمة مارسها سكان جنوب العراق واستمرت ممارستها حتى عهود متأخرة، والماء الجاري جوهر من جواهر الديانة الصابئية المندائية فالماء هو الحياة وهو اول عمليات الخلق (بقدرة ملك النور السامي صارت الحياة وإذ صار (يردنا) الماء الجاري صار الماء الحي الماء المتألق البهيج ومن المياه الحية نحن الحياة صرنا)(3) . 

وأخيرا فان الديانة المندائية توصي بالمحبة والتراحم وبالسلام والابتعاد عن العنف والحروب واراقة الدماء وعبر تاريخهم الممتد في الزمن لم نجد لهم سلطة او صوتا سياسيا او كانوا قد اعدوا انفسهم لحرب او صراع تسفك فيه الدماء وهذا يدخل في صلب عقائدهم وافكارهم الدينية التي تعتبر هذه الدنيا زائلة وتدعو الى التقشف والابتعاد عن ملذاتها واهوائها وعلى الناس ان تسوسها وتقودها كلمات الخير والنور والمحبة التي تجعل من العلاقات بين الناس قائمة على اساسها لان السلطة تمثل القوة التي تقود الى العنف فقد ذكرنا ما جاء في الكتاب المقدس كنزاربا التسبيح الثاني/ الوصايا عبارات فيها اشارة للابتعاد عن السلطة وقوتها واسلحتها (يا اصفيائي ... لا تقربوا الملوك والسلاطين والمردة في هذا العالم ولا تثقوا بهم لا باسلحتهم ولا بحشودهم ، ولا تلووا اعناقكم للذهب والفضة التي يكنزون انها سبب كل فتنة سيتركونها وراءهم يوم الى النار يذهبون).______________ 

1- كنزا ربا/ الوصايا 2-الليدي دراور/الصايئة المندائيون ص109 3- كنزا ربا/الخليقة ص42 

لذا فان الديانة الصابئية المندائية تحاول تأسيس سلطة الروح وقيمها المشبعة بالمحبة والسلام والتعاون ، سلطة الكلمة لا سلطة السلاح ، فهل كانوا يفكرون بإقامة مجتمع يعتمد المؤسسات المدنية ؟ كما ان الديانة المسيحية تدعو إلى السلام والمحبة ويكفي ان نذكر هنا العبارة الشهيرة ( وفي الأرض المسرة).وجاء في الرسالة الثانية لبطرس في العهد الجديد لتؤكد ما قلنا (عليكم ان تبذلوا كل اجتهاد ونشاط في ممارسة إيمانكم حتى يؤدي بكم إلى الفضيلة واقرنوا الفضيلة بالتقدم في المعرفة والمعرفة بضبط النفس وضبط النفس بالصبر والصبر بالتقوى والتقوى بالمودة الأخوية والمودة الأخوية بالمحبة)(1). 

وقد ورد في القران الكريم ما يدعو إلى المحبة وعدم الاعتداء والى السلام والتعارف بين الشعوب ( يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم)(2). 

في كل ما تقدم دعوة للمحبة والتآخي والسلام تطلقها الديانات الموحدة من اجل ان تسود إرادة الخير.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1. العهد الجديد/ الرسالة الثانية لبطرس 

2. سورة الحجرات / آية 13

 

المصادر

 

1. ناجية مراني / مفاهيم صابئية مندائية 

2. الليدي دراور/ الصابئة المندائيون 

3. عزيز سباهي / اصول الصائبة ومعتقداتهم الدينية 

4. خزعل الماجدي/ جذور الديانة المندائية 

5. عبد الحميد افندي بن بكر عبادة/ مندائي او الصابئة الاقدمون 

6. كنزا ربا / الكتاب المقدس للصابئة المندائيين 

7. دراشة ادببيها/ مواعظ وتعاليم يحيى بن زكريا 

8. القران الكريم 

9. العهد القديم والجديد 

10.رشيد الخيون / الاديان والمذاهب بالعراق 

11. محمد عبد الحميد الحمد/صابئة حران والتوحيد الدرزي 

12. ابن النديم/الفهرست 

13. الشهرستاني / الملل والنحل

نـفحـات قـدسية من كتاب {{ كنـزا ربـــّا }} المقدس

كنزنا العظيم إرث المندائيين والبشر جميعا" كنز بما يحويه من مواعظ وحكم تحث البشر لأن يرتفعوا بذواتهم نحو العلا ، حاثا" إياهم ليكونوا اخوة حافظين للعهد وبأن يكونوا مع بعض في السراء والضراء ، مذكرا"إياهم بأن أفضل وسيلة لصعودهم وهم أنقياء بأن لا ينسوا أن خالقهم واحد أحد ويصلوا ويتباركوا ويصطبغوا ليتطهروا مما يعلق بهم من أدران عالمنا المادي ولتبقى نشمثا طاهرة نقية . 

في البوثة التالية يوضّح لنا صاحب العزة العظيم ويأمرنا أ لا نبدّل في كلامنا وأقـوالنا وأن نتجـنب الكذب فيقول ** جـلّ وعـلا** { ايها الكاملون والمؤمنون ، أيها المؤمنون والكاملون؛ لا تبدلوا الكلام ولا تحبوا الكذب والآثام ، لا تكنزوا الذهب والفضة ؛ فالدنيا باطلة ومـقـتـنياتها زائلة . لا تسجدوا للشيطان ،ولا تعبدوا الأصنام والأوثان ؛ من سجد للشيطان فمصيرة النار ، بئس المنتهى وبئس القرار . خالدا" فيها الى يوم الدين }} صدق رب العزة والكمال . أن أول ما يطالعنا في البوثة قول الله العظيم [ أيها الكاملون ،والمؤمنون .. ايها المؤمنون والكاملون ] فكم هو عظيم ورائع هذا القول الكريم فسبحانه يصفنا بأننا __ الكاملون _ وسبحانه يعلم علم اليقين ، أن لا كمال إلا لعزته لكن تقديرا" لنا نحن أصحاب العقول المميزة ، نحن الذين نؤمن والذين نجدّف ، المملوءين حبـا" وكراهية ، ليـنـا" وقـسوة ، تسامحـا" وحـقدا" وكـلّ ما هو متناقض في هـذه الحياة الفانية الزائلة تجـده في ذواتنا وعقولنا . الرحمن يوصينا لكننا نأبى أن نصغي ونسمع ونغلق أنفسنا قبل آذاننا ؛ وهذه بداية لمسيرةالخطيئة التي لـن تنتهي ،و هنـا يسـجّل البشر أول الخطايا . [ لا تبدلوا في الكلام ] وصيـة ربانية من عارف الحياة الينا نحن البشر الفانين ، وصية الحكيم العليم الذي لا تخفى عليه خافية ؛ فمن منّـا ثبت على كلامه ولم يبـدّل ،ولم يحـرّف ، ولم يحذف ، ولم يضف ، من منّـا صمـد وظلّ على موقفـه حين تشتد الخطوب !! 

[ ولا تحبوا الكـذب والآثام ] سبحانك ربـّي يا من تسكن القلب والروح لأنك ـ يامن تقـدست أسماؤه وتباركت صفاته – تدرك أن من ينزلق الى هاوية ولا سبيل الى خلاصـه سـوى ذلك العضـو الصغير الذي يتلوى *كالأفعى * في فم صاحبـه لن يتخلى عـن صاحبـه حين يجد صاحبه أنـه محاصر ويكاد يختنق ولا مناص من استعمال أضعف الأيمان ليبتعد عن حبل المشنقـة ؛ فيدلي بالحقيقة ...لكن ليس كل الحقيقة ! 

يعتقـد البعض أن الكـذب أيسـر الطرق لكنهم لم يحسبوا لعـواقب الامور حسابا" ؛ فكلّ ما نقوم بـه نجزي بـه أو نعاقب عـليــه ؛ أذن لنعمـل صـالـحا" وخيرا" عسـى أن نجـد الراحـة والطمأنينة وأن ننام ملء العيون لأننا لن نشعر بالراحـة إلا بنكران الذات وبأن نعرف ونعترف بأن الحق أحـق أن يتبع . [ ولا تكنزوا الذهب والفضـة] أيها المبارك الممجـد المملوء نـورا" لا يخبـو ، يا من جعلت الذهب والفضة سـببا" واختبارا" مستمـرا" لنا نحن بني آدم ،نحن البشر لنعرف مـدى ايماننا ونمسك بأردان الفضيلة ... لكن هيهات هيهات . ترى لماذا لا نهتم بالحديد والخشب ! لماذا لم يهب الخالق المبدع ** الألمنيوم والكلس**تلك المنزلـة الرفيعة التي أعطاها للذهب والماس والفضة ؟ أن الخالق العظيم المبدع للجمال قـد زرع المعرفة في عقل * آدم* مبارك اسمه ، ليحب كلّ ما هو جمـيل ليبدع فيـه ما شاء له الابداع ؛ ومع هـذا الخلق المتميز ، أوصانا العزيـز القديـر ألا نكنز الذهب هـذا المعـدن البرّاق الذي يخلب العقول قبل العيون ، وتقاتلت لأجل الحصول عليه امم غبرت وعبرت التاريخ وامم ما زالت تتقاتل لأجل الحصول عليه ،كأن سحر الشيطان قـد حلّ بـه وعجن مع سبائكه فصار رمـزا" للجمـال ورمـزا" للشر ورمـزا" من رمـوز الثراء والبخـل والرفاهية والعوز والغنى والفـقـر . سبحانك أللهم من قادر مقـتدر ، غـني مغني ، عارف بالخفايا والنوايا . ** الدنيا زائلــة ومقتنياتها باطلة ** كم بعنا واشترينا وكم باع واشترى آباؤنا وقبلهم آباؤهم وأجدادهـم وتوارثنا ما ترك الآباء فزاد بعضنا تلك الثروة أو أضاعها وبذا فقـد المنزلة والجاه فلقد أصبح البشر يقـيّمون بما يملكون من أموال لا بما يحملون في الأبدان ! لكن الحياة مازالت وستبقى مستمرة لا تتوقف ولن تتوقف تلك الرحلة العجيبة للأنسان الا اذا أمـر الدّيـان الأكبر وعندها ستكون الساعة التي يتوقف فيها كل شيء سوى العقاب والثواب . أيمكن لنا أن نتساءل : ترى هل ورث أحدهم وبقى ارثه خالدا" ؟ نحن زائلون وغير الكفن لا يكون ، وغير تلك الحجارة التي تسد الأفواه والعيون لن نحوز ، لن نأخذ في رحلتنا الطويلة الشاقة لذلك العالم المجهول والسرمدي الذي وعدنا به خالق الخلق العظيم غير أعمالنا وما جنت أيدينا ، فلمن هذه المشاحنات وتلك المغالطات وذلك التباهي ، لماذا لا نزكي أنفسنا وأموالنا فنعطي حق الرب وحق العباد ! ، ونحن نعلم يقينا" راسخا" أننا لن نأخذ من هذه الفانية سوى حسناتنا [ أن وجدت] وخطايانا و[ ان كثرت] لانأخذ سوى نقائصنا وفضائلنا وتعود نسمة الحياة الى بارئها الخالق الاوحد ومباركها ، أمـا نحن فتراب يعود الى تراب . ( لا تسجدوا للشيطان ولا تعبدوا الأصنام والأوثان ) يا ملك ومالك الأكوان جميعا" يا رافع البنيان من غير عمد ، يا ربيّ : هـل كتبت علينا نحن بني البشر الإختبار باستمرار ؟هل وضعت لنا الأبيض والأسود لترى كيف نميّـز بينهما ؟ وأوجدت الخير والشر ؛ لماذا خلقت الملائكة والشياطين ؟ الأنس والجان ! لماذا ؟ سؤال ليس لي ولا لغيري حق الاجابة عنه أو حتى التفكير به ؛ نحن بشر مخلوقين وأنت الخالق الأوحد فلن نعرف سرا" انت واضعه ولأنك العليم البصير فبك نستعيذ واليك ونعود ، خلقت الشيطان وهيأت له من سبل الغواية أساليب لا نقـوى عليها أو التفكير بها ، لكن بالايمان وبالايمان وحده ينهزم االشيطان وأصنامه وازلامه وأوثانه تلك التي أحلها الموسوس الرجيم في العقول المريضة وأمرها أن تعبدها وتمتثل لأمره فكانوا للشيطان عبيدا" ولأمره خاضعين . لنصن أنفسنا وذواتنا بالايمان بأن الحي العظيم واحد أحد وأن الحي الأزلي ينصر من ينصره ؛ فنكونن بعيدين عما توعدنا به ملك الأنوار السامي بأن نكون وقودا" دائما" لتلك النار الآكلة ، والتي ما انفكت فاتحة فاهها الى كلّ خطّـاء مسيء ، ربنا إجعلنا بهداية نورك نرى نورطريق الحق لنتبعه وارفع عن أعيننا غشاوة الذهب الزائفة البرّاقة لنجد مواضع أقدامنا نحو العلا ، وارفع عن أفواهنا البكم لنلهج ونسبّح مجدك ليل نهار ، صن قلوبنا وازرع فيها الحب والتسامح وانزع منها يا مبارك شوك الكراهية والخبث والحقد ، وتقبّـل دعواتنا وأنزل رحمتك لتهدأ أرواحنا وتهدأ نفوسنا فنحن الى السكينة أحوج وبها نعبر بحر الظلمات الى أرض النور والسناء وسيغمر الضياء ذواتنا ويطهرها مما علق بها من أدران هذه الفانية المخلوقة من الدم والمرارة . 

أيها الرؤوف الرحيم الرحوم انزع من قلوبنا القسوة وازرع الرحمة ، اقلع الحقد وازرع الحب فبدون الحب لن نكون بشرا" وبدون الرحمـة لن تهـدأ سرائرنا ، ياغافر الخطايا وعارف المنايا ، اغفر خطايانا وأجّــل منايانا وبارك خطانا ، أيها الحق المبين ثبـّت أقدامنا لنسر بها نحوك بخطى ثابتة واثقة ،ايها المبارك في ملكه وملوكته بارك العراق وأهل العراق ليكونوا اخوة متحابين متآخين .انك على كــلِّ شيء قديــــر .

{{ والحي الأزلي مزكـّـي لجميع الأعمال والنيّــات }}

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 17:06

الميثولوجيا المندائية

الميثولوجيا المندائية

ياسين الناشئ

الادب المندائي.. الأنياني والقلستا نموذجين

هدوء الهور، وامتداد سطحه الذي يفترش الافق، أعواد القصب والبردي وهي تتمايل مع النسائم الندية هامسة السحر الغامض والطيور التي ترتفع وتحط على المياه، تعوم مبتهجة بسلام يسكن ارجاءه.. وعند الغروب تذوب أشعة الشمس الراحلة في سمرة المياه فيمسي الهور بأبعاده الرهيبة موطن سحر وايحاءات تنجذر وراء تحوم الطبيعة.

والمندائي الانسان الرافديني الاول .. كان يفتش عن مكان لعيش مطمئن ، فتنقله قدماه الى ارض الاهوار وشطآن الانهار التي زودته بالغذاء ووسائل الحياة الضرورية وعرف التنقل ووسائطه البدائية فأخذ يلاحق صيده ويكمل معارفه ويبدد اوهامه.. انها المنطلق نحو الاعالي لاستكشاف ماهيات الجدل في علاقته مع بيئته المتحركة الماء (اليردنا) والمندائيون جدلية الديمومة في تفسير الارتباط المصيري وفلسفة مزاوجة الماء مع الطقوس المندائية، فلا زواج ولاصلاة ولا تعميد بعيدا"عن اليرادن المياه الجارية ابدا"والمقدسة على الدوام هي من تعطي الديمومة، والخصب، السلام والخير، النور والانفتاح على الحقيقة، شاهده (الدرفش) المركوز على الشاطئ يرتل انغام الموجات وتراتيل المختارين وهي تحتضن بتولة الضفاف..

من الماء خلق كل شيء وتطور وهو الاساس في تكون الحياة واستمرارها .

وفي الليل والاماسي والسهوب الممتدة في كل اتجاة يتجلى سحر اللحظة في اكتشاف المجهول ويبدو المندائي في الجنوب الرافديني متكئا على مركنته رافعا" رأسه وعيناه تعانقان غبش الفجر الهوري او عتمة المساء الحالمة المتلفعة ببنفسجية اذيال الشعاع الفاني وهو يحاول اكتناء الاسباب والنتائج لحياته وموته الصيرورة والفناء وعملية الخلق المعقدة .. وتصب هذه التصورات في مفهوم العبادة والطقوس المندائية في صيغ أدبية رائعة .

تمثل المثولوجيا المندائية مكانا متميزا"في تاريخ وحضارة وادي الرافدين ومن خلال هذا الادب الرفيع والابداع المذهل في التأليف والنظم طرح المندائي المثقف هذه الرؤى والافكار والتصورات على شكل شعرصيغ بتراتيل تحكي الطقوس المندائية على مسرح الطبيعة البكر واكثر هذه المؤلفات أهمية في الادب القديم هما كتاب (الأنياني) الادعية والصلوات و(القلستا) ترانيم الزواج المندائية اللذان كتبا في زمن الميثولوجيات السومرية والبابلية ..

وأمام نصوص (الانياني) ترى الشاعر المندائي يتلو قصيده القدسي وهو يقف باجلال وخوف أمام الصانع العظيم الذي انبعث من ذاته فيقول في صلاة الفجر : فمي نطق بالدعاء والتسبيح

ركبتي مثنية وساجدة للحي العظيم

ويعتمد المندائي على الملائكة في ايصال دعائه ورجائه الى ملك النور السامي

وتصعد الكلمات الشعرية مرتجفة واجفة نحو الاعلى :-

)ايها الملاك برياويس .. اليردنا العظيم للماء الحي

طهرنا أيدينا بالحق ، وشفاهنا بالايمان

وتكلمنا بكلمات الضوء

والافكار استطابت بعقيدة النور)

وفي الانياني فلسفة مندائية تخص الخلق الاول متطابقة في جوهرها مع الفرضيات لبدايات الكون باسم ذلك الرجل الاول الذي وجد قبل الماء والضوء والنور والوقار الرجل الذي نادى بصوته، وتكلم بكلماته من صوته وكلماته كانت قد نمت الكروم وأقيمت الحياة الاولى في مساكنها

وتتقارب التصورات المندائية مع الفرضيات عن نشوء الكون بوصف في غاية الروعة والاتقان اللغوي عن اللحظات الاولى للانفجار العظيم .

الوجود ليس له حدود

في ذلك الحين ماكانت الارض صلبة

وما كان الساكنون الذين في جوف المياه السود

منهم ومن تلك المياه السود

كونت واخرجت الشر

تلك الواحدة كان فيها الاف الاسرار

وبتطور المجتمع البشري وانقسامه الى طبقات يظهر الاستغلال والظلم والعيش على كدح الاخرين ومن هذا الفرز الاجتماعي في بنية التكوين الاول للمجتمعات ظهر التسلط والحرمان وقسوة السادة الاشرار والاغنياء على المضطهدين، ويتعايش المندائي المفكر والمثقف بما يجري حوله من أحداث ويعاني من القسر الوحشي الذي لايرحم وتأتي هذه المعاناة على لسان الشاعر المندائي المؤمن الصادق مع نفسه والهه.

في ( الانياني ) يتوجه الى الحي الازلي شاكيا اولئك الذين ارتضوا طريق الشر وحاربوا فكره المستنير واقف لأقص عليه شيئا

مما اضطهدتني به العوالم

اكثر العوالم اضطهدوني

واخواني ابناء العهد ،لم يخففوا من ذلك

فالعوام رجمتني بالاحجار واخوتي اغضبوني بالاقوال

ثم يسترسل في ادانته بمباشرة واضحة

جلسوا على عروش الغطرسة

واعمالهم تنجز بالسوط

عبيد للذهب والفضة.. غوغاء يثيرون النزاع في العالم

ويذهبون الى النار الحارقة ..

وحينما يدوم الظلم، ويعم الدمار، ويقف الشاعر امامه عاجزا، ولاملجأ له الا ايمانه وصلاته وطقوسه .. في رمادية المساء وانبلاج الفجر .. يرتفع صوته على الشطآن وهدوئها المبارك ،يطلب المغفرة والخلاص ويعود الى صومعته مقتنعا ان الفرج قريب بعد مناجاة ايمانية راسخة معانيها في نفسه .

ياحبيبي أثبت ، قف بجانبي

يا عارفي كن كالدعامة الحجرية في العواصف

حيث الرياح الغادية والرياح الاتية

وفي خضم الصراع القاسي يصر على تمسكه بمبادئه ودينه ويصبح داعية لها فيقول :

يا أحبائي لاتغيروا ما يقوله الرجال الصادقون لكن في هذا الصراع الذي يدوم تتلاشى النجاة ويطغى العجز في ايجاد حلول للتغيير، فينزوي في ركنه الايماني متعبدا وداعيا الازلي أن يجنبهم السوء ويطرد الشر.. وتنبثق هنا فكرة المخلص أو المنتظر الذي سيأتي ويملأ الارض عدلا

سيأتي قول واحد ويوضح جميع الاقوال

ستأتي كلمة واحدة وتوضح جميع الكلمات

سيأتي رجل واحد ويشرح لكل واحد

أما نحن الذين نسبح سيدنا ستغفر خطايانا وذنوبنا

ويمر الزمن عابرا"المتاريس ودولابه يدور بلا توقف ، وفي مسيرته تتطور الاشياء .

ويستقر الناس في مواطنهم فتؤسس القرى والمدن الصغيرة وتتغير اساليب الانتاج التي تسمح بالاستيطان في السهول الجنوبية ، وفي رحم المجتمع الجديد تبدأ علاقات اجتماعية جديدة تتشكل بين أفراده.. وتأخذ الحياة سمات جديدة تعكس ظلالها على آداب وعادات وأفكار المجتمعات الوالدة في بطن الانتاج المتلاشي .

ويتفاعل المندائي بفكره وأدبه وطقوسه مع هذا الكم الزاخر من الوشائج الاجتماعية .

يحتل الزواج المندائي في المفاهيم القديمة أهمية كبيرة باعتباره احد أركان الايمان المفروضة على الانسان وفي كتاب (القلستا) ترانيم الزواج المندائي يتجلى الشاعر المندائي بأسلوب جميل في وصف المراسيم الخاصة بالزواج وتراه منتشيا"وهو يكتب قصائده ببهجة مع افراح جوقة الكهنة والعرسان وترتبط الملابس الخاصة للعروس والعريس بمواصفات لكل قطعة منها وتسمى (الرستة) وتفصل حسب أجزائها بقياسات ونسب محددة، وبالتالي فهي مباركة من نور المنبع العظيم .

وترتفع ترانيم الشاعر المندائي وتحلق في سماء المجتمع القديم كنجوم زاهرة في دجى الليل البهيم ،ناشرة أردية الخير والجمال والفرح في منازل المختارين.

ويقترن وصف ( الرستة ) برؤيا الدين المندائي الذي يعطي هذه الملابس قدسية خارج نطاق البشر فهي رداء النور الذي يرتديه ( منداهيي) رب المعرفة.

ويطل الشاعر المندائي شاهدا"على عصره ومجتمعه ففي (القلستا) صور اجتماعية كتبت برشاقة تصف حالات من المعارف والعادات التي كان مجتمع المندائيين يتعاطاها في مناسبات الزواج .

فالكحلة واللؤلؤ والذهب والفضة والثوب الملون وحتى المرآة آلة الادب في القصص الاسطورية مفردات تأتي في السرد الشعري في كتاب ترانيم الزواج .

نعم يا سيدتي ان الثوب بجانب حذائك

هل خبأته للعريس كي يتبختر في الطريق ويضحك

لقد خزنوا له قباء"أنيقا"

ملونا"بلون أبيض ووردي

برقبته الذهب وبأذياله اللؤلؤ

نعم يا سيدتي الصغيرة التي تحمل مرآة صافية

هل نظرت في داخلها ؟

فانك أجمل منها

لكن الشاعر يعتبر الانتماء للمندائية هو الجمال والكمال فليس جمال المرأة الكحلة والدهان وانما هي الزينة الايمانية من (ليبات بنت السماء).

كيف وصل المندائيون الى هذه الدرجة من الكمال الأدبي فيقول رجال الدين الافاضل لقد اقتبست مما أنزله الله على أبينا آدم عليه السلام ووصلت إليهم بطريق الرواية والتلقين .. وقسم آخر يفسره بانهم ارتقوا تدريجيا باجتهادهم ونظرتهم الثاقبة وما استنتجوه من المبادئ التي تطورت بهم حتى وصلوا الى هذه الدرجة المبدعة

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 09:18

ألامة المندائية

هذه هي قصة أمتنا . كان الصابئة ، وهم الأبناء الحقيقيون لأدم *1 بغرا *2 وحواء كاسيا ، يعيشون في سيرانديب (سيلان) قبل 250 ألف عام . وقضى الوباء عليهم جميعاً عدا زوجين هما رام ورود . وأصبح لهما أبناء وبنات تكاثروا بدورهم حتى كثروا أخيراً وكونوا العنصر البشري. ولكن بعد 150 ألف عام، وبأمر من*3 (هيبل) زيوا، اندلعت ألسنة اللهب في الأرض كلها ونجا اثنان فقط وهما شوربي وشرهبيل . وكان لهما أبناء وبنات ، وتكاثروا فأصبحوا شعباً مرة أخرى .هذا كله حدث في سيرانديب . وبعد 100 ألف عام جاء أمر من بيت الحي إلى نوح ، وذلك قبل ثلاثمائة عام من الفيضان ، قائلاً "ابن فلكا (كيوالا) ، لأن العالم سوف تدمره المياه" ، فجيء بخشب الصندل من جبل حرّان ، وبُني الفلك بطول ثلاثين جاما ، وعرض ثلاثين جاما ، وارتفاع ثلاثين جاما، والجاما هو قياس بطول الذراع . وسأل نوح عن آية فقيل له عند ظهور الأنجارا في التنور (والأنجارا هي براعم خضراء من القصب الغض) فستكون تلك هي الآية . وبعد مضي ثلاثمائة عام ، كانت زوجة سام, وكنة نوح, تخرج القصب الملتهب من التنور ، وكانت على وشك وضع خبزها فيه حين رأت في وسط النار, أنجارا خضراء نابتة ، فقطعتها وأعطتها لنوح ، وعندما نظر إليها بدأت روحه تتوثب في داخله .
جاء نوح بزوج من كل الحيوانات ، حتى البرية منها, كالأسود والأرانب ، ودفعهم داخل الفلك ودخل هو وكنته في الفلك . أما سام فكان في البرية يرعى غنمه . فادلهمت السماء بالغيوم وظلت تمطر لاثني وأربعين يوماً وليلة ، وهطل المطر من السماء وارتفع منسوب مياه الأرض . وساق سام أغنامه إلى الجبال لكنها غرقت مع كل الأشياء الحية الأخرى . استطاع سام أن يصل إلى الفلك ، ولأنه كان مغلقاً صعد على سطحه ، وهناك كان هيول زيوا يمنحه الأكل في أوقات الوجبات . وكان الفلك يترنح فوق الماء هنا وهناك لأحد عشر شهراً . ولم يكن هناك شيء سوى الماء ، والشيء الوحيد المنظور فوق المياه كان الفلك . وكانت الجبال ، والأوطان ، والمدن كلها مغطية . وأخيراً جاءت الرياح بالفلك بالقرب من مصر ، وتوقف هناك . وعندما أدرك نوح بأن منسوب المياه قد انخفض أرسل الغراب قائلاً له "اذهب ، وتجول طائراً ، وائتني بأنباء الدنيا " ، فطار الغراب ، ولكن عندما رأى جثة تطوف فوق الماء نسي كلمات نوح وبدأ يأكل منها . وانتظر نوح وأخيراً عندما لم يعد الغراب أطلق حمامة. وطارت فرأت الغراب يأكل من الجثة ، وكذلك رأت شجرة زيتون خضراء تنمو فوق الماء ، فأخذت غصناً منها في منقارها، وعادت إلى نوح ومنحته إياه . فقبّلها وفتح الباب وخرج من الفلك بصحبة كنته ، ورأيا ساما جالساً على سطح الفلك . فنادى نوح ابنه قائلاً "اهبط ! أنا أبوك وهذه هي زوجتك" فهبط سام وعانق زوجته ووالده ، وشكر بيت الحي لسلامتهم وصحتهم . ثم خرج وبنى بيتاً من الطين ليعيشوا فيه ، بينما ذهب نوح يتجول في الأرض ليستمتع بمشاهدها، يتمشى فيها ويستعيد صحته . وجاءت روهه فرأت نوحاً وادعت ظهور زوجته .
ألقت عليه التحية وقالت "أنا زوجتك أنهورايتا!" فأخذها وحبلت منه وأنجبت ثلاثة أبناء هم ، حام ، ويام ، ويافث . وهؤلاء هم أسلاف العناصر البشرية ، فأصبح حام أباً للجنس الأسود ويام أباً للأمم البيضاء وإبراهيم واليهود ، ويافث أباً للغجر. أما سام وزوجته أنهار فهم أسلاف المندائيين . وبعد مضي ستة آلاف عام فقد بنى البيت المقدس (أورشليم) القدس . وفي القدس أشركت *4 روهة في ملكها موسى من بني إسرائيل . وكان موسى ضد المندائيين وظل يخاصمهم في مصر . وكانت لأردوان (أردبان) الملك المندائي رؤية ، وسمع صوتاً قادماً من بيت الحي قائلاً: "قم واخرج من هذا المكان من أجل صحتك وراحتك" فقام وأخذ المندائيين معه وخرجوا من مصر ، وجاءوا إلى البحر الذي أنفلق تاركا طريقاً تحفه جبالاً من المياه على الجانبين ، وهكذا خرجوا من مصر . وبقي فروخ ملكا، شقيق أردوان ملكا، في مصر يحارب اليهود هناك حتى حاصروه وهزموه فهرب. وعندما رأى بأن طريق البحر ما زال مفتوحاً ، ذهب هو وشعبه خلاله، ولكن عندما بلغوا منتصف البحر أطبقت عليهم جبال المياه فغرقوا جميعاً.


أما أردوان ملكا ومعه ستين ألفاً من المندائيين ظلوا يسافرون ويسافرون حتى وصلوا أخيراً إلى طور ماداي ، وانفتح أمامهم الجبل ، لأنه كان عالياً وكبيراً وصعب الاجتياز ، فدخلوا عليه وذهبوا خلفه . فانغلق مرة أخرى فقال هيبل زيوا إلى أردبان ملكا "ابق هنا مع المندائيين، ولن تدور عليك الاثنتا عشر (علامات البروج) والسبعة (كواكب)" . وطاردهم موسى ، وعندما وصل طور ماداي لم يستطع الاستمرار فعاد وذهب إلى أورشليم .


وعاش اليهود هناك حتى أنجبت إينشوي يحيى (يوحنا المعمدان). وكان زكريا *5 وإينشبي كلاهما قد تقدم بهما العمر الآن ، وحدث هكذا : فبعد أن شربت إينشوي الماء حبلت منه . ورأى أحد اليهود في منامه بأن زكريا سوف يصبح أباً ، وأن ابنه سوف يصبح نبياً ، وانتظروا ليقتلوا يحيى . وبعد تسعة أشهر ، وتسعة أسابيع ، وتسع ساعات ، وتسع دقائق ، أنجبت إينوشوي ابنها ، فجاء*6 أنوش ـ أثرا وأخذ الطفل *7 وحمله إلى فرات ـ زيوا (وهو نهر في السماء توأم نهر الفرات في الأرض) ووضعه تحت شجرة كانت تحمل فاكهة تشبه حلمة الثدي . وكان يحيى يرضع من حليبها لثلاثين يوماً ، وأرسل أنوش ـ أثرا امرأة اسمها *8 صوفان لوليثا لترعاه . وفي يومه الحادي والثلاثين جاء أثرا ليعمده في نهر الأردن . وعلمه ا ، ب ، كـَ ، وأتاه بكتاب الأرواح (سيدرة أدنشماثا) ووضعه بين يديه ، وعلمه أن يقرأه ويتلوه . وعلمه كل سبل بيت الحي . وعندما بلغ سن الواحد والعشرين جاء أثرا إلى يحيى ليجعله ترميدا . فعلموه جميع الطقوس الإيمانية وأمروه ليرافق أنوش ـ أثرا إلى أورشليم ، ليصبح يحيى نبياً هناك . فجاءوا بسفينة (بيلوم) وسافر كلاهما، وذهبا فجاءا عبر نهر الأردن إلى أورشليم .
وعند وصولهما هتف أنوش أثرا بصوت عال قائلاً : " إن كان في هذا المكان أحد قد أضاع طفلاً ، دعه يأتي ويطالب بحقه!" . وسمعت خادمة إينشوي ذلك ، ولاحظت الأوصاف فعادت إلى سيدتها حاملة الخبر ، وقالت "إن عينيه تشبه عيني إينشوي، ووجهه يشبه وجه زكريا" . وكانت إينشوي قد بلغت الثمانين من العمر ولم تعد تحيض إلاَّ أنها كانت نظيفة وطاهرة . وكان زكريا أيضاً قد طعن في السن . وعندما قالت الخادمة "رأيت فتى يشبهكما يجلس على سفينة في النهر ، قامت إينشوي ، وفي أوج فرحتها سارت باتجاه النهر .
فجاءت إينشبي إلى يحيى في النهر ، وأسرعت بالدخول في الماء حتى بلغ صدرها ثم إلى حلقها ، فضمها يحيى إليه وقبَّلها . فوبخه أنوش أثرا قائلاً : "لماذا قبلت هذه المرأة ؟ هذا سلوك مرفوض ، فلماذا فعلته؟" أجاب يحيى "عفوك سيدي ، إنها والدتي ، الحي ، وضعني لتسعة أشهر في رحم هذه المرأة. وكنت أنام بخفة في رحمها ، لأنني أحببتها . إنها أمي ، ويتوق قلب كل ابن إلى والدته!" . فقال أنوش أثرا "نعم ، هذا صحيح ، فالرجل يجب أن يُكرِّم والديه!" .
وعندها دخل يحيى أورشليم . وكان يبرئ الأعمى والمريض ، وجعل الكسيح يسير . فغضب الرهبان وجاءوا إلى يحيى وأمروه بأن يترك المدينة فوراً . رفض يحيى أن يذهب وتحداهم قائلاً : " ائتوا بالسيوف وقطِّعوني إرباً ، تعالوا بالنار وأحرقوني ، أو الماء فأغرقوني!" فرد عليه الرهبان "نحن نعلم أن السيوف لا تقطِّعك، ولا النار تحرقك, ولا الماء يغرقك" وعندما بدأ يحيى بقراءة كتابه كنـزا رباَّ ، نطقت عصافير الهواء تُمجِّد الحي، وفتحت الأسماك أفواهها تُعظِّم مندادهيي .
راوي القصة رجل دين مندائي من إيران قام بروايتها امام الباحثة الانكليزية الليدي دراور التي اهتمت بالديانة المندائية اهتماما كبيرا منذ العشرينيات من القرن الماضي والتي جعلت من بحوثها عن هذه الديانة نبراسا انار طريق الباحثين من بعدها وقمت انا بدوري بعد الاطلاع على هذه الشذرات من كتبنا الدينية والتي صيغت بصيغة ادبية بديعة قمت بترجمتها الى اللغة العربية لان بها ترابط زمني متسلسل يفيد المندائي ،مع التنويه الى ان اغلب ما جاء في القصة اعلاه هو من صلب الكتب الدينية المندائية مثل "دراشا اد يهيا وكَنزا ربا وهران كَويثا .

ملاحضات المترجم الى العربية:
1• آدم بغرا : هو أبونا آدم الجسد ، ونقول بغرا وذلك لتميزه عن آدم كسيا أي آدم الروح وهو موجود في عالم مشوني كُشطا .
2• هوة كسيا : هي حواء الروح وهي زوجة ادم كسيا وليس ابينا ادم الجسد (ادم بغرا).
3• هيبل زيوا : هو ملاك الرب جبريل "مبارك اسمه " .
4. روهة : هي روح الشر.
5. إينشبي : هي ام النبي يهيا يهانا مبارك اسمه وزوجة زكريا ويقابله بالعربية (اليصابات) .
6. انوش ـ اثرا وهو آحد ملائكة الرب وهو احد ابناء ادم كسيا الذين اوكلهم الرب لرعاية العالم وهو الذي علم ابونا ادم وامنا حواء في بداية الخلق.
7. في هذا المقطع يوجد قليل من الاختلاف وهو وكما جاء في دراشا اد يهيا وهران كَويثا ان الملاك انوش اثرا اوكل احد الارواح وهي صوفاني بأخذ المولود الجديد الى جبل بروان وهو الحبل الابيض حيث هُيأة له احد الاشجار المقدسة والتي اسمها (إلانا اد ماربي يانفي) الشجرة المرضعة للاطفال.
8. صوفان لوليثا : هي احد الارواح الخيرة التي اوكلت اليها مهمة رعاية النبي يهيا يهانا مبارك اسمه.

نشرت في تاريخ
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 10:34

تاريخ ولادة نبينا يهيا يهانا

بشميهون إد هيي ربي

اسوثا نهويلخون

(أ) ما قاله الباحثون المعروفون المعاصرون

1- كورت رودولف: يعتقد بأن بدء يوحنّا برسالته (التعميد) أما ما بين 25-26 م أو 28-29 م، ويعتقد أيضاً بأن صلب المسيح قد حدث، أما في عام 27 م أو في عام 30 م.

2- شمعون جبسون: لقد كان لاكتشاف شمعون جبسون في بداية القرن الحالي أثراً كبيراً في تأكيد شخصية يوحنا المعمدان الدينية، فبعد عمل شاق ومتواصل، امتد لأكثر من ثلاث أعوام متتالية، بالحفر والتنقيب تم العثور على كهف قديم دلّ على استعمال يوحنا المعمدان "حسب إستنتاج الباحث المذكور" لهذا الكهف.

يرجح جبسون بأن ولادة يوحنّا كانت في عام 6 ق.م. وان رسالته بدأت في 28 م عندما بلغ من العمر 34 عاماً وأن رسالته كانت لمدة عام واحد، وأنها بدأت في نهاية فصل الشتاء.

علماً بأن جبسون يعتقد بأن ولادة يوحنّا في عين كرم، ومقتله في ماجَيروس Machaerus ، ودفنه في سيباستي Sebaste .

(ب) أهم ما جاء بالأناجيل المسيحية حول ولادة يوحنا

(1) إنجيل متي

في متي 2: 16 أمر هيرودس بقتل جميع الأطفال الذين بلغوا سنتين من العمر، ظنّاً منه بأن يسوع المسيح بينهم. وهنا وبسبب تقارب عمر يوحنّا ويسوع فأن يوحنّا كان أيضاً بعمر سنتين تقريباً كما جاء في هذا الإنجيل.

من المعروف إن ولادة هيرودس كانت في 37 ق.م ومات في 4 ق.م، أي إن قتل الأطفال كان قبل موت هيرودس أي قبل 4 ق.م. وحيث إن يوحنّا كان بعمر سنتين تقريباً (حسب ما جاء بالأناجيل) فأنه بالتأكيد ولد في 6 ق.م. ومن المحتمل جداً أن يكون هيرودس قد أمر بقتل الأطفال قبل عام 4 ق.م.

(2) إنجيل لوقا

في لوقا 1: 26 يتبين بأن حمل اليصاباتُ بيوحنّا كان قبل حمل مريم بيسوع بستة أشهر، مما يدل بأن يوحنا أكبر عمراً من يسوع بستة أشهر فقط.

وفي لوقا 1: 39-40 زارت مريم، في بداية حملها، اليصابات وهي في شهرها السادس وبقيت عندها لحين ولادتها. أي بقيت بقربها ثلاثة أشهر.

(ج) النصوص في الكنزا المقدس التي تحدثت عن يهيا يهانا

(1) الكنزا ربا

(1- أ) الفصل الثاني:

في الكنزا ربا الجزء الأيمن وفي الفصل الثاني (الفقرة 151- 154) تظهر عدة نصوص تتناول ولادة يهانا، وتعميده ليسوع وقصة وفاته.

ولادته (الفقرة 151) تنص: "سوف يولد طفل وسوف يحمل الاسم يهانا انه ابن زكريا العجوز الهرم الذي ينجبه بعد أن يبلغ من العمر مائة سنة، وكذلك أُمه إنشبَيْ، سوف تكون به حاملاً عندما تتجاوز سن اليأس وتصبح امرأة هرمة".

نشأته (الفقرة 151) تنص: "عندما يكبر الصبي يهانا في ذلك العهد في أورشليم وينمو فسوف يعمر الإيمان جوانح قلبه، سوف يستولي على نهر الأردن ويعمِّد في مائهِ طيلة اثنين وأربعين عاماً".

ولادة المسيح وتعميده من قبل يوحنا

جاء في الفصل الثامن عشر من الكنزا ربا/الجزء الأيمن. بأنه بعد 400 عام من بناء أورشليم ولد المسيح وانه لم يولد فيها (أورشليم).

من المعروف تاريخياً أن أورشليم تعرضت للغزو والدمار عدة مرات. ففي عهد الملك نبوخذنصر الثاني تم غزوها مرتين الأولى في عام 597 ق.م والثانية عام 586 ق.م وفي الغزو الثاني تم تدمير أبنية كثيرة منها المعابد الكبيرة، وفي كل مرة يتم بناؤها من جديد.

من الوثائق التاريخية فأن أورشليم قد تم تجديدها في 445 ق.م على يد Artaxerxes. وهذا يعني، وطبقاً إلى الكنزا ربا، فأن ولادة المسيح كانت في 45 ق.م. وهذا بعيد جداً عن المسيحية وما جاء بالعهد الجديد من الكتاب المقدس.

(الفقرة 152): "ثمّ يعيش يهانا في عصر أورشليم ذاك ويأخذ نهر الأردن كمقر له ويعمد فيه.. حينئذٍ يقدم المسيح آتيّاً إليه ويأخذ طقوس التعميد على يد يهانا ويصبح معمِّداً خلال هذا الأخير".

نظرة الكنزا ربا للمسيح (الفقرة 152) تنص: "ولكن عقب هذا اللقاء يبدأ المسيح بتغيير طريقة يهانا فيغيّر التعميد في النهر". أي يستعمل الماء المقطوع بدلاً من الماء الجاري.

وفاة يهانا (الفقرة 153) تنص: "في اليوم الذي ينتهي أجل يهانا سوف أجئ أنا بنفسي إليه متجليّاً على هيئة صبي صغير ليس له من العمر إلاّ ثلاث سنوات ويوم واحد وأسأله عن التعميد وأتعرف على أصدقائه ثم أُخلصه من جسمه وأرفعه ظافراً مظفراً إلى العالم الذي يهيمنُ عليه البهاء الطاهر".

عندما فاق يُهانّا من نومه خاطبه مندا إد هيي قائلاً: "أيها الأبُ الهرمُ" وهذا يدل بأن يُهانّا كان متقدماً بالعمر عند وفاته. عندها طلب مندا إد هيي مرّة أُخرى من يُهانّا أن يعمّده.

فردّ يُهانّا قائلاً: "منذ اثنين وأربعين عاماً وأنا أقفُ على ضفاف نهر الأُردنِ معمّداً الناس في مائهِ".

إن هذا تأكيد بأن يُهانّا قد مارس التعميد لمدة اثنين وأربعين عاماً.

(2) حران كويثا (ص 3-8)

المادة في هذا الجزء، حول يهيا يهانا، تتضمن قصة ولادته، نشأته، ومهمته، وشئ حول وفاته.

سنقوم بتلخيص ذلك كالآتي:

ولادته: في (ص 3) نقرأ النص الآتي: "في تامار اليردنا الطاهر، بعد أن شهدت تلك المجموعة بشهادة الحق، تشكلت بذرة طاهرة في اليردنا الكبير وجئ بهذه البذرة وألقيت في رحم إنشبَيْ ومنها تكوّن مولود نبي...أنجبت إنشبَيْ المولود الذي سُمّيَ يهيا يهانا انه نبي ورسول الحق/الكشطا". يحاول اليهود قتل الطفل (قارن مع إنجيل متي 16:2) لذلك فعند ولادته أخذهُ "أنُّش أُثرا" عبر الصحراء بغية الوصول إلى جبل سينَي.

نشأته: عندما بلغ يهيا يهانا من العمر ثلاثين يوماً عُمِّدَ بعماد ابراهيم الكبير "بِهرام ربا" (في جبل بروان)، وعندما بلغ من العمر سبع سنين تمّ تعليمه اللغة المندائية ومنحه التعاليم الدينية المقدسة. وعند بلوغه من العمر اثنين وعشرين عاماً تمّ تعليمه جميع أسرار الدين "الناصروثة".

وبأمر الرب كرس ليصبح ترميذة عندما وضع التاج على رأسه. وعند ذاك يأتي النبي الرسول يهيا يهانا إلى أورشليم القدس.

رسالته الدينية: عندها بدأ يهيا يهانا بتعميد الناس في نهر الأردن مستعملاً الماء الجاري، لمغفرة الخطايا ولمعالجتهم. فبدأ العميان بالنظر من جديد وقام الكسيحون بالمشي والمرضى باستعادة صحتهم من جديد، وان رسالته الدينية امتدت إلى 42 عاماً، أي إن عمره كان 64 (22+ 42) عاماً.

وفاته: لقد علّم تلاميذه المعرفة الدينية وأسرارها، وظلّ في أورشليم القدس حاملاً رسالته لمدة اثنان وأربعين عاماً وتوفي. كما يستنتج من هذا المصدر المندائي بأنه وبعد ستون عاماً بعد وفاة يهيا يهانا أمر الرب ملائكته بتدمير أورشليم القدس.

في الحقيقة إن هناك خلاف كبير بين علاقة يهانا ويسوع المسيح من حيت العمر بين التراثين المندائي والمسيحي، فلقد جاء بالأناجيل وكما قرأنا بأن يهانا كان أكبر من المسيح بستة أشهر فقط، في حين بأن فارق العمر بينهما طبقاً لما جاء بالكتب المندائية جاء كالآتي:

من المعروف بأن سقوط أورشليم القدس قد حدد تاريخياً بالعام 70 الميلادي على يد القائد تيتوس. فإذا افترضنا بأن سقوط أورشليم القدس حصل 60 عاماً بعد وفاة يهيا يهانا "كما ورد في حرّان كويثا" فإن وفاته كانت بحدود 10 بعد الميلاد.

وبما إن عمره عند الوفاة كان 64 عاماً لذا فستكون ولادته في 54 قبل الميلاد وان رسالته النبوية قد بدأت في 32 قبل الميلاد عندما أصبح عمره 22 عاماً. مما يعني بان الفترة الزمنية من ولادة يهيا يهانا إلى تدمير أورشليم كانت 124 عاما وكالآتي: (64+60=124).

الخلاصة:

حسب المصادر المسيحية فإن ولادة يهيا يهانا ويسوع بحوالي 6 ق.م. وإن الفرق بين عمريهما 6 أشهر فقط.

حسب المصادر المندائية فإن ولادة يهيا يهانا حوالي العام 54 ق. م. وولادة يسوع المسيح حوالي 45 ق. م. والفرق بين عمريهما 9 سنين.

إن هذه نبذة مختصرة عن البحث ولكي نصل إلى أدق المعلومات بخصوص شخصية نبينا يهيا يهانا يجب علينا مناقشة: ما تناولته الأديان حول هذا الشخصية؛ جميع البحوث التي تناولت حياته؛ الأدلة التاريخية...الخ وهذا ما سنفعله في المستقبل القريب...ودمتم

وهيي زكن

نشرت في تاريخ
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 09:48

ألفن ألمندائي في أسترليا

تفتخر ألأمم بفنونها وتراثها وتعطيه من القدسية اعلى صورة ممكنة ، لأن ذلك دليل على رقي وتطور تلك الشعوب في مراحل مختلفة من وجودها حتى وان كان العمل بدائيا وبسيطا .

والمندائيون وبكل فخر واعتزاز يملكون من التراث أندره ومن الفنون أروعها ، فتراثهم الديني طقوسا وانتماءا يعد من أٌقدم من استمر على الحفاظ بأطارها ألأصيل ليومنا هذا وحتى خطهم الكتابي فأمتداده الى قرون قبل الميلاد، أما فنونهم فأي فن اعرق وأقدم من الصياغة ؟؟؟؟

أفلايكفي ذلك ليكون مدعاة فخرنا وأعتزازنا .

عذرا فلست باحثا كي اسطر دلائل التأريخ ، كما لا اود نسيان ابداعات أجدادنا في الحدادة والنجارة فكلا الحرفتين الآنفتين هما في جدول الفنون كما لا ننسى مبدعينا من التشكيليين او المسرحيين وحتى العلماء .

لقد جأت الى الوطن الجديد وأنا أحمل جزءا من تراث أجدادي ، أفتخر واعتز به كأولادي، ان بعض القطع رافقتني حتى قبل أن يأتي ابني البكر، انها متعة تغنيني عن كنوز الدنيا ، بذلت ومعي اخوان كثيرين ساعدوني في المجازفة التي وصلت حد الموت في سبيل اخراجها من وطني الأم ، فلا يسعني هنا الا أن أشكر كل من ساعدني في أول خطوة حتى وصولها الى ربوع وطني الجديد وسدني بالذات ، حين حط بي الرحال في استراليا لم اتوقع أن اجد في اقصى طرف في المعمورة قطع مندائية من شغل اجدادنا وبعضها يعتبر من النوادر وكنت أحلم بأن احصل على قطعة واحدة منها في العراق وكهاو وعاشق للتراث اشتريتها بدون تحفظ وأحتفلت بهذه القطع أيما احتفال ...... ادناه بعض تفاصيلها وصورها :

1- علبة سكائر صغيرة الحجم عمل الفنان الخالد زهرون ملا خضر ( موقعة باسمه ) مطلية بالذهب من الداخل

تفاصيل الصور : الوجه ألأول نخيل ونهر ، والوجه الآخر مركب في النهر وجمال ونخيل .

جماليتها الرائعة في رشاقتها يترواح وزنها بحدود 128غرام تأريخ صنعها في عشرينيات القرن الماضي اشتريتها سنة 1999من أحد محلات التحف في سدني ) ولم يكن قد مضى شهرا على وجودي في استراليا. )

2- علبة سكاير صالون ( كبيرة ) مغلفة بالخشب من الداخل جوانبها منقوشة بمناظر عراقية تقليدية والوجه عليه جسريشبه الجسر المعلق في بغداد واعتقد أنه جسر الكوت ، ليس عليها اسم الفنان ، وزنها 186غرام ، يدل ان صنعها في حدود سنة 1960 ، اشتريتها مع قطعة ثانيةمندائية من سوق للتحف في سدني .

3- مشربة الماء ( مصخنة ) : اشتريتها مع القطعة السابقة وتحوي بعض الرسوم التقليدية من نخيل وماء وخلافه وموقعة بأسم ( ناجي ياسر) وهو الصائغ السيد( ناجي ياسرصكر الحيدر) يبلغ وزنها 158غرام حدود صياغتها حوالي 1975 .

4- بروج( دبوس) على شكل سفينة شراعية جميلة الصنع فيها سلسلة يدوية الصنع صغيرة صياغتها في حدود 1960 .

5- فاتحة رسائل على شكل سيف أفريقي من جهته ألأولى صور ألأهرامات ونهر النيل وتمثال كتب تحته توت عنخ آمون بألأنكليزية والجهة الثانية مناظر عراقية للنهر والمراكب الشراعية والنخيل وعليه ختم به حرفان بألأنكليزية يتوسطهم قط وخلال ألأستفسار ومراجعة ما نشر عن الرعيل ألأول للفنانين المندائيين الذين سافروا الى الدول ألأجنبية والعربية وجدنا اسماء من ينطبق عليهم ذينك الحرفين وهم ( زيدان ، زهرون )? و ( غالب او غريب

نشرت في تاريخ
السبت, 09 شباط/فبراير 2013 17:31

المندائيون في الذاكرة الإسلامية - ج 1

"يا يحيى خُذِ الكتابَ بقُوَّةٍ وآتيَناهُ الُحكمَ صَبيّا وحَنَانَا مِن لَدُنّا وزَكوةً وكانَ تَقيّا وبرَّاً بوالديه ولم يَكُن جَبّاراً عَصِيّا وسلَامٌ عليهِ يَومَ ولِدَ ويَومَ يُموتُ ويَوَمَ يُبعَثُ حَيّا"
(سورة مريم 12-14)

تقديم

يزخر الفقه والتاريخ الإسلاميين بمسائل ومرويات كثيرة حول الصابئيين المندائيين، كان المصدر الأول لهذا الإهتمم القرآن الكريم، وسوره الثلاث: "البقرة"، "المائدة" والحج. ثم حضورهم بحاضرات العراق العباسي مثل: واسط والبصرة وبغداد. يضاف إلى ذلك دورهم في الحياة الثقافية أيام العباسيين، ولا زال لقب الصابئي المندائي أو ابن مندة معروفاً في كتب تراجم الرجال والفقه والقضاء الإسلامية. من هؤلاء: أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار المندائي (تت605هـ) المعروف بمسند أهل العراق وبالمُعدّل، وكان والده قاضياً، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد (ت470هـ) ومنده لقب جده الأعلى ، ومنهم الحافظ أبو عبد الله بن منده (ت395هـ) الملقب بجوال الدنيا لكثرة سفره، والمحدث عبد الوهاب بن الحافظ(ت475هـ) وغيرهم، كل هؤلاء تدل ألقابهم أنهم كانوا مندائيين، قبل إسلامهم أو إسلام آبائهم.

وإن طغت تسمية الصابئة على هؤلاء القوم إلا أن اسمهم المندائي هو الأصل، وهو نسبة إلى مندادهي الملاك الأول أو رمز المعرفة أوالحياة الأولى، وبهذا عثرف بيت عبادتهم بالمندي، أي بين المعرفة واي معرفة معرفة الله وكشف عوالم الكون، وبهذا ربما تعود أُصول العرفانية أو الأغنوصية إلى هذا الدين.

وإذا علمنا أن الشيخ معروف الكرخي كان صابئياً علمنا التأثيرات العرفانية في التصوف الإسلامي. قال الخطيب البغدادي: "أخبرنا محمد بن أحمد بن روق قال: سمعتُ أبا بكر محمد بن الحسن المقرئ المعروف بالنقاش، وسئل عن معروف الكرخي، فقال: سمعتُ إدريس بن عبد الكريم يقول: هو معروف بن الفيزران وبيني وبينه قرابة، وكان أبوه صابئاً من أهل نهر بان من قرى واسط"( [1]). وقال ابن تغري: "كان أبواه من أعمال واسط من الصابئة"( [2]).

أتخذ المندائيون الصمت سبيلاً قويماً في الحفاظ على كيانهم الديني، ولغتهم المندائية
أتخذ المندائيون الصمت سبيلاً قويماً في الحفاظ على كيانهم الديني، ولغتهم المندائية عبر دهور طويلة، خدمهم غموض لغتهم الدينية، التي لا يفقهها مواطنوهم من الأديان الأخرى، يتهامسون بها للرد على سخرية جاهل ينال من عقيدتهم، أو معتد قصد ديارهم لفرض ما لا يريدون وما لا يطيقون. فكثيراً ما يحدث الاعتداء عليهم لقلتهم ولشبهات عقائدية تدور حولهم، أقلها أنهم يعبدون الكواكب والنجوم، أو يزهقون أرواح المحتضرين منهم، هذا ما شاع عنهم بجنوبي العراق.

والحقيقة أن من شعائرهم غسل المحتضر واكساؤه الكسوة الدينية البيضاء المعروفة بالرسته، اعتقاداً منهم أن ذلك يمُكن روحه من الصعود إلى مشوني كشطا(المكان السامي أي الجنة) بسلام. وبرر بعض الفقهاء نجاستهم لأنهم مشركون، وحكم هؤلاء حسب الآية القرآنية "إنما المشركون نجس"( [3]). يقال هذا على المندائيين رغم إفراطهم في النظافة والطهر، وأباح البعض الآخر قتلهم، رغم وداعتهم وميلهم للسلم، فلرقتهم يعتذرون ويستغفرون أثر ذباحة الطير والحيوان.

خرق الشيخ دخيل صمت المندائيين عن تجاوزات الآخرين فيما يخص الشأن الديني، يوم تقدم لمقاضاة المؤرخ عبد الرزاق الحسني بسبب ما جاء في كتابه "الصابئون في ماضيهم وحاضرهم". ففي (11 كانون الثاني1931)، فتح الشيخ كتاب "الكنزا ربا" وقرأ أمام هيئة المحكمة ببغداد، باللسان المندائي (الآرامي الشرقي) وكان الأب انستاس الكرملي يترجم إلى العربية، وقد اقتنعت المحكمة أن المندائيين لسيوا عبدة كواكب ونجوم بل يعبدون الحي الأزلي، قرأ الشيخ بوثات (آيات) من الكتاب الأول، تسبيح التوحيد. تحقق ذلك بتعاطف من قبل متصرف بغداد آنذاك أمين الخالص والحاكم الأول لمحكمة الجزاء شهاب الدين الكيلاني مع قضية المندائيين.

وحصل أن اعتذر الحسني من الشيخ ووعده أن لا يعيد نشر الكتاب إلا بعد أخذ ملاحظات وتوصيبات الشيخ، لكنه طبعه عدة طبعات، وحتى السبعينيات كتب في مجلة "التراث الشعبي" مقالاً بعنوان "إذا مات الصبي"( [4])، واضعاً فيه ما يدور بين العامة حول المندائيين، من أنهم يخنقون المحتضر، بينما الصحيح هم يلبسونه الثياب الدينية وهي الرسته، ويطهرون بدنه قبل الوفاة. والعامة التي لم تكشف لها طقوس الدين المندائي لم تحسب حساب خطورة اعتقادها بمواطنيها المندائيين، فما اشاعته عنهم هو القتل بعينه، والسؤال إذا كان المندائيون يقتلون أو يخنقون المحتضر فكيف لا يتعرضون للعقوبة الجنائية، وكيف جرى المؤرخ الحسني خلف هذا الادعاء الباطل؟ ومعلوم أن قتل الرحمة لم يجز إلا في بعض الدول الأوروبية وبعد نقاشات وصراعات حامية في البرلمانات، وهذا لا يجاز إلا بطلب المريض الشخصي، وفي حالة معاناته من قسوة الألم مع اليأس التام من شفائه، فأين ومتى مارسه المندائيون، وهم كما اسلفنا يعتذرون عن ذبح الحيوان والطير!

وخلاف ما قدمه الحسني من اعتذار للمندائيين بعد المحكمة المذكورة كتب في مجلة "الهلال" المصرية (أيار 1932) قائلاً: "فتلقينا من ضجيج الصابئة وإنكارهم ما جرَّنا إلى المرافعات ومحاكمات طال أمدها، ولكنها انتهت بفشل المدعين لعدم وجود مأخذ على ما كتبنا ونشرنا"( [5]). لكن الحسني بعد أكثر من عشرين عاماً من تاريخ مقاضاته كتب إلى الشيخ دخيل يقول: "إكراما لخاطركم وحباً بدوام حسن العلاقة بيني وبينكم لا سيما بعد أن اتضح بأني لا أريد إلا خدمة التاريخ وتحري الحقيقة (20 تشرين الأول 1957). وكانت وزارة المعارف، في عهد الوزير خليل كنة قد ردت طلب عبد الرزاق الحسني، الذي عرض فيه شراء (205) نسخة من هذا الكتاب، وجاء في الرفض: "ذلك لعدم الإفادة منه في مؤساتنا الثقافية"، لكن الطلب نفذ في عهد الوزير منير القاضي( [6]).

إن صحت العبارة المندائيون أثر من آثار التاريخ الحية، فوجودهم يذكر بأنبياء ورسل، حاولت الأديان المتعاقبة نسخ شرائعهم، ولم يبق منهم غير صحف نوح وإبراهيم، والصابئة إن ذكروا في الكتب المقدسة فلم يذكروا بأكثر من تلميح واستشهاد وعبرة من الماضي. فقول المندائيين: إنهم أقدم ديانة سماوية على وجه الأرض، وإن كتبهم هي صحف سادة البشر الأولين: كآدم وشيت وإدريس ونوح، يرفعهم إلى مصاف بدايات الأديان والشرائع الموحدة في التاريخ؟

وأن الكل نحل من منحلهم، لذا من الصعب أن يعرف للصابئة المندائية مؤسساً، وهذه الخاصية، التي ميزتهم عن اليهودية والمجوسية والمسيحية والمانوية والإسلام وغيرها من الديانات العالميةِ، أشارت إلى قدمهم وروحانيتهم الصافية، وكأنهم يوافقون أبا الفتحِ محمد بن عبد الكريم الشهرستاني حينَ قالَ: "إنما مدارُ مذهبِهم على التعصبِ للروحانيينَ"(المللُ والنحلُ) .
ويبدو أن غرض الشهرستاني من نقل، أو إبداع، الحوار بين الصابئة والحنفاء( [7]) هو ميل الصابئة إلى الرسل من الكائنات النورانية، مثل هيبل زيوا(جبرائيل)، فالبشر لخطاياهم وما يتعلق بأبدانهم من فساد، لا يُصلحونَ للوساطةِ بينَ السماء والأرض. قالَ الشهرستاني في مذهب الصابئة: "إن للعالمِ صانعاً، فاطراً، حكيماً، مقدساً عن سمات الحدثان، والواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى جلاله، وإنما يتقرب إليه بالمتوسطات المقربينَ لديهِ، وهم الروحانيون المطهرون المقدسون جوهراً، وفعلاً، وحالة"( [8]).

بيد أن ما أتى عليه الشهرستاني، من عدم اعتراف الصابئة بأنبياء من البشر، يفنده ما ورد في كتبهم من الصحف التي نزلت على آدم، والكتاب الذي نزل على أحد النوصرائيين، إدريس (دنانوخت)، ويصدقه، في الوقت نفسه، أنهم لم يسموا أحداً من البشر بالنبي أو الرسول، فالكل عندهم كانوا نوصرائيين، من آدمٍ إلى يحيى بن زكريا. فالكتابات الصابئية المندائية أشارت "إلى الاعتقاد بأن المعرفة أو العلم الرباني –مندادهيي- إنما يؤتيه اللهُ عباده المختارين الصادقينَ (بهيرا زدقا)، إما وحياً وإما إلهاماً، وذلك هو صوت الحي الأقدم (شوت هيا قدمايي)، أو فيضاً سماوياً وكشفاً وهو التجلي، أو بواسطةِ رسلٍ أثيرين نورانيين"( [9]).

أشار المندائيون، ربما لاهتماماتهم الفلكية، إلى وجود بشر خارج كوكب الأرض، فالكواكب السماوية عندهم، ما دون عالم النور، اتخذت سكناً للبشر والكائنات النورية، وكتبهم الدينية تُرشد إلى عوالم "يسكنها بشر مثلُنا، وتركز بالدرجة الأولى على عالمِ العهدِ مشوني كشطا، وتذكرُ أيضاً أن البشرَ في هذا العالمِ لا يختلفونَ عنا كثيراً، وعلى هذا الأساسِ فقد أمر هيي ربي قدمايي، الحي الأزلي، بنقلِ بناتِ آدمَ من هذا العالم (اره اد تبيل)، الأرض، ويجلب زوجات من عالم مشوني كشطا لأولاده"( [10]).

ويصفُ غضبان رومي، وهو واحدُ من بين أبرز المثقفين المندائيين، مستقبل العلاقة بين إنسان الأرض و إنسان الكواكب الأخرى، حسب تصورات ديانته، بالقول: "من ذريتهن تكوّن الإنسان الحالي، الذي أخذ يزحف من عالمنا هذا نحو الكواكب الأخرى، وليس ببعيد أن يصل في آخر المطاف إلى عالم مشوني كشطا، وينـزل ضيفاً على أخواله هناك، مستقبلاً من أبناء عماته"( [11]).

كان آدمُ أباً للبشر وحواء أمهم، لكن البشرية، حسب الكتب المندائية، فنيت مرات بكوارث سببها عالمُ الظلام المنحوس وما فيه من شر أنتقل إلى الآدميين عبر مادة الطين التي منها جُبل جسد آدم، وفي كل فناء يبقى رجل وامرأة يتجدد منهما الجنس البشري. "فبعد شيت قضي على هذا العالمِ بالحرب، ولم يبق منه إلا رجل وامرأتُه، هما رام ورود، وبعد عشرات الألوف من السنين فني العالم بالنار، ولم يبق منه إلا شوربي وزوجته شور هيبل، وبعد عشرات الآلاف من السنين جاء الطوفان، ولم ينج منه إلا نوح وزوجته (انهريتا) وابنه سام"( [12]).

وحسْب أغلب الأديان، ومنها المندائية، إن هذه الكوارث ضرورية لغسلِ الأرض من خطايا البشر، وبهذا قال شاعر البشر أبو العلاء المعري، حسب تسمية معروف عبد الغني الرصافي له، وكأنه قرأَ الكنـزا ربا وتبحر فيها:

والأرضُ للطوفانِ مشتاقةٌ
لعـلها من درنٍ تُغتـسل
قد كثرَ الشرُ على ظهرِها
وأُتهـم المُـرسلُ والمُـرسلُ

إن اعتقادَ المندائيين بوجود بشر يعيشون على الكواكب العليا يقود إلى علاقة ما بنظرية أفلاطون: "المُثل" أو "النماذج"، وبالتالي إلى صلة ما بالفكر اليوناني بشكلٍ عام. ولا ندري، هل كان هذا التوافقُ توارد خواطر أم بتأثيرات فلسفية مباشرة. في هذا المجال قد يكون للحرانيين في نقلهِا دورٌ ما. ولا يستبعد أيضاً في أن يكونَ الأمر امتداداً سومرياً وبابلياً، حيث القول بوجود مجتمع الآلهة، ومكانُه العالم العلوي، وخُلق البشر على هيئتهِ ونظامه. جاء في النصوص المندائية على لسان المتوفى: "أذهب إلى شبيهي، وشبيهي يأتي إليَّ، يتذكرني ويحتضنني، كما لو أنني خارج من السجن".

تناول الفقهاء والمؤرخون المسلمون، شيعة وسنُّة، الدين المندائين، وأختلفوا حوله في أن يكون أصحابه من أهل الكتاب أو شبه الكتاب، واختلفوا أيضاً في جواز أخذ الجزية وبالتالي الاعتراف بهه كديانة لها حق حماية المسلمين والأمن بينهم. إلا أن أكثر المتشددين ضدهم هم فقهاء الشافعية، بينما كان للفقهاء الحنفيين والشيعية فتاوى وآراء إيجابية منهم، اعتامداً على ما ورد في القرآن الكريم بخصوص الصابئة، وما ورد في الكتب الصابئية، حسب قراءة آية الله علي خامنئي لها.

كذلك كانت لرجال الدين الشيعية صلات صداقة ومودة على غرار صداقة العلم الشيعي البارز الشريف الرضي والعلم الصابئي البارز إبراهيم الصابئي. يتناول هذا الكراس معاملة الفقه الإسلامي وروايات التاريخ في أمر قوم لا زالوا يحتفظون باللغة الآرامية ويرون أنفسهم أنهم أتباع آدم أبي البشر.

وبالتالي المندائيون أهل دين سماوي، توجهوا إلى غاية السموات بعقولهم وأفئدتهم، وبفكرة السفن الكونية وبحارتها الكائنات النورية، ولم يجعلوا الكواكب آلهة بل هي عندهم أمكنة لكائنات النور والظلام، والله لديهم متعالٍ عرشه يطوف فوق بحار النور النقية. ومثلما للأديان الأخرى معاريجها لهم معراجهم وجنتهم ونارهم.

غير أن كل هذا كان مخفياً على المحيطين، لم يعرفوا منهم غير أنهم يعبدون الكواكب كامتداد لصابئة حران، أو يسجدون إلى كائن صاغ حروف اسمه الآخرون، عن جهل، من العبارة المندائية المقدسة "بشميهون اد هي ربي"، وتعني باسم الحي ربي، مثلها مثل عبارة المسلمين "بسم الله الرحمن الرحيم". وإذ جعل المسلمون الرحمة صفة الله الأولى، يطلبونها منه في مستهل كل عمل، جعل المندائيون الحياة صفة دائمة يذكرونها في مستهل كل عمل وحركة، فالحياة الأزلية، حسب كتابهم، هي الفارق الأكبر بين الله والبشر.

نشرت في تاريخ
الخميس, 31 كانون2/يناير 2013 14:55

أسطورة الماء ...؟

يجازف بعض الباحثين في ميدان الميثولوجيا ، ويذهب الى القول بأن الاساطير يمكن ان تكون الارضية الواسعة لحقائق العلم جميعها لكونها تنطوي على الاصول الفكرية السابقة للتعقل .

لقد شغلت عناصر الطبيعة واحداث الحياة الكبرى مثل النار والشمس والماء والريح والولادة والموت والحب .... الخ ، ان الحيز الاهم والاكبر في مجال ابتداع الاساطير يعد الماء في مقدمة اهتمامات الانسان وعنايته بالاسطورة منذ عصور مبكرة ، والماء هوالنهر الجاري والبحر والمحيط بكل ما يتعلق بها ، فكل شيء حي مبعثه الماء ، وبقاء الانسان مرهون به ودوام الحياة الحيوانية والنباتية مرهونة به كذلك .

اعتقدت البشرية الاولى بان الانهار تأتي من منابع مجهولة ولابد ان يسيطر على هذا المجهول ويتحكم بمقدراته أحد الالهة ومن هنا أبتدع الاقدمون أسطورة ألهة الماء او النهر ، واذا كانت قصة الطوفان حقيقية لورودها في الكتب الدينية المقدسة فانها مع ذلك عززت الاعتقاد بقوة أله البحار الاعظم ( نيتون ) الذي يوصف بالقتامة والتقلب ولكنه في الوقت نفسه يتميز بالخصوبة وفق المعتقدات الاسطورية فأن نيتون يستعين بحيوانات الدرافيل التي تعمر سلالتها مياه البحار ، ولقد لاحظنا ذلك من خلال مشاهدتنا للفلم التاريخي (حروب طروادة ) او (تروي ) ، وما تمثله الملحمة اليونانية – الاوديسة – للمورخ اليوناني فرجيل من ابداع ادبي ، التي تحكي قصة ملك اثيكا – اوديسيوس - ومغامراته في البحار قبل 3200عام ، والدور الكبير الذي لعبه اله البحار ( ابسيدون ) في ارجاعه الى وطنه الام – اثيكا اليونانية ، بعد مرورعقد من السنوات .

وسوف تستعيد ذاكرتنا ايضا نذور المصريين القدامى للنيل ، حيت ترمى العرائس تطيبا لخاطر الالهة واساطير الماء كثيرة ، فهناك مثلا أسطورة ( ديكاليون ) واسطورة (أوليس ) وغيرها وجميعها تتحدث عن امتلاء البحاروالمحيطات بالوحوش والمخاطر والفخاخ التي لا يتحكم بها اله واحد بل مجموعة الهة وهكذا كانت كل ظاهرة غريبة او مجهولة تستدعي تفسيرا ... ولان التفسير كان رهن العلم ، والعلم لم يبلغ شوطه النهائي ، فقد كانت الاسطورة تتولى المهمة .

لا يمكن ادخال الاسطورة في دائرة ( الايتولوجيا – علم تعليل الاسباب ) ونخضعها للمعايير المنطقية والنقد المنهجي الموضوعي كونها قوة حطمت أخر الزمان والمكان كالحلم تماما فهي مرتع خصب للمشاعر الانسانية اللاارادية وتعبير عن وعي الانسان ، وتراكمات كمية موغلة بالقدم ممتدة نحو الحاضر ما أمكنها الامتدادة ولقد اعتبر ( فريزر ) ان مرحلة الاسطورة متقدمة اذا ما قيست بمرحلة السحر التي سبقها حيث كانت مرحلة الاسطورة ارهاصأ لظهور الفكر الفلسفي ثم العلمي .. وكما تصارع الموجة العرضية عوامل تلاشيها ما امكنها .. فأن الاسطورة ايضا تبقى سابحة في ملكوت الخيالات المجنحات طاردة عوامل فنائها وكل ما يحد من اتساعها حتى يؤطرها التبت من خلال تدوينها وبالتالي مرأة للشعب الذي ابتدع نواتها وللشعوب التي شاركت في صياغتها واضافت اليها من عذريتها .

اما السحر فيعرفه فرويليش : بأنه ( مجموعة من التقنيات التي تسمح للاختصاصي الذي تعلمها بأن يؤثر على العالم المرئي وغير المرئي بفضل سيطرته على القوى المختبئة ) .

ويرى البعض ان الاعتقاد بوجود هذه القوى الخفية بدأ مع نزوح الانسان من المملكة الحيوانية ، وان وجود هذه القوة كان مرتبطا بقوى غريزية حادة ، وان هذه القوة كانت اكثر نشاطأ عندما كان الانسان متوحشأ منعزلا صيادأ وتضاءل الاحساس بها كلما دخل في اطار الحضارة والتجمعات البشرية والاستقرار ، اي ان السحر هو اعتقاد وتقنية معا ، ولذلك يقوم على وجود القوة الخفية والاعتقاد بها ثم على طقوس تقنية تنفذ ذلك الاعتقاد ، وهذا ما يجعله مختلفا عن الدين الذي هو اعتقاد بقوى غيبية في الكون يجب الايمان بها والخضوع لها ، اي ان السحر يختلف عن الدين في نوعية المعتقد ، فالقوة الخفية في الدين خارجية وتجسيدها كائنات الهية اوكائن الهي هي التي تسيطر على الانسان وترسم له مصيرة ، في حين ان القوة الخفية في السحر تكمن داخل الانسان وان وجدت خارجه فانها تظل مرتبطة به بطريقة ما ، ويمكن السيطرة عليها وتحريك الكون كله بها ، ثم ان الدين يتضمن بالاضافة الى المعتقد والطقس ، الاسطورة ، في حين يخلوا السحر من الاسطورة .

ويحكي ولاس ويدج في كتابه ( السحر المصري ) حوادث خارقة مثل شق موسى مياه البحر وعبوره مع قومه ، التي يرجعها يدج الى حادثة اسبق مدونه على بردية ، كتبت أبان الفترة الاولى من السلالة الثامنة عشر الفرعونية عن الساحر – تشاتشا- ايم- غنج - الذي صنع حائطين من مياه النهر التي كانت على عمق 12م واصبحت على علو 20م ليبحث عن حلية لاحدى نساء الملك سقطت في الماء .

ان هدف الساحر بصورة عامة هو فرض ارادته على الطبيعة والالهة والانسان ، وان الساحر بشكل خاص والانسان بشكل عام يمتلك قوة خفية يسميها ( س ) يصل الانسان بها الى ما وراء الحاضر ، وهي ليست حاسة سادسة بل قدرة عادية من قدرات الوعي التي يرى بأنها مفتاح التجربة الغيبية .

لكن الهدف هو الوصول الى مفهوم علاقة الماء بالحوادث الكبرى في الطبيعة ، حتى وصل الاعتقاد وما يزال الى علاقة الكواكب السبعة المعروفة ويسمونها كالهة ، ويعتقدون ان حوادث العالم كلها من افعالها ، وقد اتخذت تلك الاساطير والخرافات وما خالطها من الطلاسم والممارسات السحرية عدة امتدادات دينية وعرقية خلال مساراتها التاريخية ، وللتامل يلاحظ مثلا ان طقوس التعميد وهي طقوس تنشأ في المجتمعات التي تعيش على ضفاف الانهار الكبيرة كنهر الغانج في الهند ، وكذلك الحضارات القديمة في بلاد الرافدين وبلاد الشام وقد تسربت الى كل من الصابئة واليهود والمسيحية مع كثير من الطقوس والتعاليم الطوطمائية عن طريق الثقافة البابلية العريقة ، ومن الجدير بالذكر من ان الديانة المندائية قد تطورت نحو الاسمى ، واثرت تاثيرا كبير على الديانات الاخرى اللاحقة .

في الاناجيل هنالك عدد من الاشارات والرموز السرية القديمة التي تربط الابن المخلص بالشمس وميلاده بميلادها ، ومنها حادثة اعتماد المسيح بمياه نهر الاردن ، فعماد المسيح هو ميلاده الثاني ، وكل مسيحي يجب ان يولد ثانية بعد التعميد بالماء : ( الحق اقول لكم ، ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله ).

اما عن حادثة الاعتماد فنقرا ( حينئذ جاء يسوع من الجليل الى نهرالاردن الى يوحنا ليتعمد منه ، ولكن يوحنا منعه قائلا : انا محتاج ان اتعمد او اعتمد منك وانت تأتي الي ؟ فأجاب يسوع وقال له اسمع الان لانه هكذا يليق ان نكمل كل بر ، حينئذ سمح له ، فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء واذا السماوات قد انفتحت له ، فرأى روح الله نازلا مثل حمامة واتيأ اليه ، وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ) . وفي الحقيقة فان طقس التعميد او الاعتماد الذي كان معروفا في الديانات السرية ، يرجع في اصله الى عبادة اله الماء السومري – البابلي (أيا) الذي يعني اسمه اله بيت الماء ، وكانت طقوس الاعتماد (التعميد ) بالماء تتم في معبده ، بيت الماء ذلك ، وكان البابليون يرمزون للاله ايا بحيوان خرافي نصفه الاعلى لجدي ونصفه الاسفل لسمكة ، كما كانوا يرمزون لبرج انكي السماوي بنفس الحيوان ، وهذا البرج مازال معروفأ الى يومنا هذا ببرج الجدي ، وهو البرج الذي لاحظ البابليون القدماء ان الشمس تدخله وقت الانقلاب الشتوي لتجتازه بعد ذلك صاعدة في دورتها الجديدة نحو منتصف السماء . فاذا علمنا ان الاسم الذي عرف به الاله انكي في الفترات هو (اوانيس ) الذي يلفظ باليونانية (ايوانيس ) وباللاتينية (يوحانيس ) وبالعبرية (يوحنان ) لأدراكنا العلاقة السرانية بين اله الماء انكي ويوحنا المعمدان في الانجيل ، وهذه العلاقة انما تربط في الوقت نفسه بين يوحنا المعمدان الذي يعمد بالماء وبرج انكي الذي تمر فيه الشمس قبل ولادتها الجديدة في السماء ، وبرج انكي الذي تمر فيه الشمس قبل ولادتها الجديدة في السماء ، وتجعل من حادثة اعتماد السيد المسيح انعكاسأ للحدث الفلكي ، فالسيد المسيح بعد اعتماده بماء الاردن على يد يوحنا المعمدان (يهيا يهانا ) وولادته الجديدة ، يصعد من الماء ويجتازه ليهبط عليه روح القدس ويكرسه ابنأ للاله وقاهرأ برسالته للظلام ، تماما كما تلد الشمس في يوم الخامس والعشرين من ديسمبر مجتازة برج الماء في ميلادها السنوي الجديد . ومن المتعارف عليه ايضأ ، ففي منتصف القرن الثاني من ظهور الناصري – السيد المسيح – الى تبديل شعار السمكة الذي كان يتعارف به التلاميذ والاتباع على بعضهم لدى المصافحة والذي كانوا يرسمونه ةعلى عتبات بيوتهم او يدونونه في مراسلاتهم ، فأحلوا مكانه شعار الصليب الذي لم يزل شعار المسيحيين المتداول ، فمن المعروف بأن يسوع بارك السمك ، لاجل ذلك جعله ذلك جعله التلاميذ شعارهم ، كما انه من المعروف بأن الصليب هو اله العذاب حتى الموت المخصص للمجرميين ، والخارجين عن القانون انذاك ، وابدال السمكة بالصليب هو تكريس لانتصار اليهودية على تعاليم السيد المسيح .

مصادر الموضوع :

-مصطفى حمودي – من جلجامش الى نيتشه بحث في الثقافة العالمية .

- خزعل الماجدي – بخور الالهة .

- كولن ولسن – الانسان وقواه الخفية .

- فراس السواح – لغز عشتار .

- محمد نمر مدني – انهم يعبدون الشيطان .

- جود ابو صوان – القراءات الملعونة .

الأحد, 27 كانون2/يناير 2013 23:10

المندائيون لا يعرفون التَّيَمُّمَ!

بعد نيسان (أبريل) 2003 نزلت فتاوى بالبصرة على رأس الصَّابئة المندائيين، أصدروها مَن هم حديثو العهدٍ باعتمار العِمامة، وأقصد أنهم لم يطلعوا بعد على أحكام دينهم، فنحن في زمن العِمامة صارت زياً بديلاً عن أزياء كثيرة تحكمت بالعراقيين وزالت، والأيام في تداول. لا أقصد العِمامة الملفوفة فوق الرأس، إنما الملفوفة حول أنياط الفؤاد، إنه التَّدين السِّياسي، الذي يدعي صاحبه أنه مكلف بواجب شرعي يمارسه في الحكم والمعارضة، وعندما يقول «واجب شرعي» يعني أنه مكلف مِن الله، وبالتالي هو ظل الله الماشي على الأرض والمتوج بتكليفه.
‎ تطور اضطهاد المندائيين، مِن فتاوى القتل والتَّهجير واستغلال ضعف هذه الطَّائفة الأصيلة في تاريخ العِراق وتاريخ جنوبه بالذات، إلى منعهم مِن الماء، وهو وسيلة عبادتهم، مع أنهم يشيرون بأيدهم إلى الله نفسه، الذي يعبده محافظ البصرة ومانعو الماء عن حوض منديهم (معبدهم)، والمندي مفردة منحوتةٌ مِن لغتهم الآرامية الدَّينية، وتعني العقل أو المعرفة. بمعنى آخر هو مكان العقل ومحل المعرفة، ومعرفة مَن؟! معرفة ال له، لذا عُرفوا بالمندائيين أي العارفين بالله، والله واحد لكن اختلفت طرق عبادته، وهو قد أراد وأوجب اختلاف الطرائق. فليعلم مانع الماء على المندائيين بالبصرة، وهم أهلها قبل أن يحل أجداده فيها، أنهم يعبدون الله الذي يعبده هو أيضاً، على شاطئ النَّهر.
‎ شاهدهم، أو سمع عنهم، النَّديم (ت 438 هـ)، فذكرهم في كتابه «الفهرست»، بمغتسلة البطائح. يعني قبل ألف عام ويزيد شوهدَ الصَّابئة المندائيون يتعمدون في ماء الأهوار، فمَن له الحق بعد كل تلك العشِرة مع المكان مِن منع عبادتهم. يبدو أن مجلس محافظة البصرة، والمتنفذون هناك، أخطأوا طريق الجنة، فهو لا يمر عبر اضطهاد هذه الطَّائفة، التي تُحرم القتل ولو دفاعاً عن النَّفس، ورايتهم، قبل أن يعرف العالم مجالس السِّلم ومصطلح السَّلام العالمي، هي الرَّاية البيضاء، وليس: «شيشلام ربه» لديهم سوى ملاك السَّلام.
‎ أطالب آل بحر العلوم، وهم مِن وجهاء النَّجف، ولهم وجاهة عند سلطات اليوم، وأخص بالذكر السَّيد محمد بحر العلوم، ألا ينسى الصَّداقة بين والده السيِّد علي (ت 1962) والشَّيخ الصَّابئي المندائي عنيسي الفياض، أليس والده هو القائل، وهذا ما سمعته مِن بحر العلو م نفسه:
‎بيني وبين أبي بشير صداقة/ تبقى مدى الأيام والأحقابِ
‎أني لأرجو الودَ يبقى بيننا/ ‎ كودادِ سيدنا الرَّضي والصَّابي
‎ مَن مِن رؤساء البصرة اليوم أشرف مِن الشَّريف محمد الحسين الرَّضي (ت 406 هـ)، وكانت صداقته مع الصَّابئي الكاتب والأديب أبي إسحاق إبراهيم بن هلال (ت384هـ) مشهورة. أليس هناك خشية مِن هذا التَّاريخ، تدعون أنكم كنتم مظلومين فكيف يتسنى لكم ظلم آخرين، ولو كان للمندائيين سيوف مشهورة ما حال بينهم وبين الماء أحد، لكنهم، مثلما وصفناهم سابقاً مثل طيور الماء لا تجد بينها كاسراً.
‎ إذا ضاق الماء على المسلم رفع التُّراب وتيمم، ومع ذلك قيل: «إذا حَضَر الماءْ بَطلَ التَّيمُّم»(التِّكريتي، الأمثال البغدادية المُقارنة)، ولا أظن أن البصري في تاريخه اضطر إلى التَّيمُّم، أو أذن لصلاة الاستسقاء، لكثرة الماء. أما المندائيون فلا يعرفون التَّيمُّمَ، ومنع الماء عنهم لا يعني سوى الاعتداء على دينهم وقتلهم.

نشرت في وجهة نظر

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014