• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 17:11

النظافة الشخصية في الديانة المندائيــــة

الصباغة والرشامة والبراخة والطماشة :أركان النظافـة المندائية، فـأولها ؛هـو الصباغة والتي تعتير اعلى مراتب النظافة الشخصيةوالدينية

وبهذا الطقس يعتير الفرد مندائيا" حينما يتم تعميد الطقل ويعطـى الاسم الديني:- المـلواشة -: والصباغة طقس خاص لما تتضمنه من امــور

خاصة لاتتوفر في البقـية ،وغـير خافٍ أن الصباغة من الامو ر المحببة عند المندائيين جميعا" { * }

الرشامة والبراخة : واجبا الرسم والتبريك والصلاة وهـما واجب يومي وعـلينا الالتزام بـه ، لكن ومع الاسف الشديد ،ومع الغربة والتشتت التي طالت معظمنا أضحـت الامور عـلى غــير ما يرام وبات المـندائي لا يستطيع أ ن يعلــم نـفـسه لكن .. عـليه أن يتعلم الانجليزية والســويديــة والهولندية والدنماركية والالمانية و غـيرها كـــــثــــيـــر جــــــــــــــدا" .

والطماشة أبسط أنواع النظافـة الشخصية وبها نظل متصلين روحـيا" ونفـسيا بخالـقـنا عـندما نهيئ انفـسنا لتـناول الـطعام و نقـول ((اشما أدهي و أشما منداهي مدخـر الي)) تأخـذ النظافـة –بشكل عـام – و النظافـةُ الشخصية بـوجـه خاص حـيزاً لا بأس به فـي كـتاب دراشة يهيا ( مبروخ و مطروس) و عـلى مـبـدأ أن لاحـياء في الـدين ، تأخـذ النظافة الشخصية – قـبل و بعد الممارسات الجنسية الزوجية- شكلاً خاصاً ؛ فـديـنـنا دين الفطرةيدعـو الى النظافة الخالصة و التطهـّر الدائم و الصباغة المستمـرة تخـلصاً من الاوساخ و الأمراض و تقـّرباً من ربٍّ السموات و الارض الذي يحـثنا بأن العلاقات الجنسية الشرعـية ؛ يجب ان تكون روحية إنسانية لا وحشية حيوانية لأن هذا هو المبدأ الصريح الذي يجب ان نلجأ الية و نحاول اتباعة لنفوز برضا أنفسنا و برضا الحي الأزلي و الملائكة أجمعين . كما يدعـونا نبـينا الكريم يحـيى (ع) الى العفة الجنسية و الابتعاد عن الزنى و الزناة باعتبار العلاقات الجنسية الطبيعية تدعـو الى الاستقرار الاسري ؛ و تهدف بالتالي الى استمرار النسل الصحيح دون التشكيك بنسب المولود البرئ غير العارف بما يتربص بة، خاصة و ان ليس هناك –تلك الايام- مايثبت أو ينفي عائدية المولود الى ابيه ؛ بل كان الشبة هو العامل الوحيد لإيثبات عائدية و صحة نسبة ؛ فالويل كل الويل لمن لا يشبة اباة ؛ فهـو ابن زنى و لن يكون ( أبن أبية) لذا أضحت المواعـظ و الحكم و الامثال هي سبيل الأفضل لإثارة نوازع الخير في النفس البشرية ؛ دفعاُ لها للتمسك بالـقّـيم الفضلى ،وإبتعادا" عـمّـــا يشينها ويشوب العلاقات الحميمة من الشوائب التي يمكن ان تؤدي الى الفرقة والطلاق ، وفي بعض الاحيان الى أوخم العواقـب ؛ خاصة اذا مـا تمكـنت الغيـرة من النفـوس الضعيفة وعملت على ما يعمي الابصار ويثير النوازع الشريرة في نفوس البشر .

في النص العشرين نـقـرأالدعـوة الصريـحـة للزوج في أن يكون نظيف الجسم والعقـل ليكون بعيدا عـن الجنس والنـفـس في غـير ما حلله الله العلي القـديرو لئلا ينقــل الى حـليـلـته ما يمكن قـد عــلق بـه وهـو خـارج البيت { إذا إقـتربـتم من زوجاتكم تطهــروا بالمــاء،اسكبوه فـوقـكم واغتسلوا جيــدا" ، فـلو بقثيت شعرة واحدة غيـر طاهرةٍ لن تتطهروا }} فهل هناك أوضح من هذه الــدعــوة ، وهل تحتاج الى تفـــسير!!

وفـي النص الحـادي والعـشرين نـقـرأ دعـوة مماثلـة لـلـزوجة المندائية بإعـتبـارها الـشريك الذي لا غـنى عـنـه فـنـجـد {{ المــرأة التي يغشاها زوجها وهـي غير طاهـرة ، يلقـى عليها إزار ممزق ، والتي يقـربها زوجها وهي غير نظيفة تـلد ابنـا"ميتـا" ..أما التي علقت بها نجاسة فستلعنها السماء والارض ... وذا غشيتم زوجاتكم فتطهروا بالماء واغتسلوا جيدا" بدأ" من قمة رؤوسكم ؛ فلو بقيت شعرة لم يمسها الماء لن تتطهروا}} .

وعن هذه المسألة بالذات يسأل اليهود المتشككون نبينا الكريم {يهيا يهانا} *مبروخ ومطروس* عن حكم القاضي في مثل هذه الحالة (بماذا يحكم القاضي على كلِّ من يضاجع زوجته ولا يتطهر بعد ذلك بالماء ؟ بماذا يحكم القاضي عـلى كلّ يغشى زوجته قبل أن تتطهر من النجس والحيض ِ في الايام الاولى بعـد الولادة ؟_* ويكون الجواب_ *ــ كـل من قـرب زوجتـه ولم يطهر جسـده بالماء يلقى في أعماق اور، والزوجة التي لم تتطهر بالماء تلعن وتضرب ضربـا" مبرحـا" ويحـذف اسمها من بيت الكمال , كـل من غشى زوجتـه بعـد الولادة ولمّــا تتطهر بعُـد من النجاسة والحيض يكون مقيما" في ظلامٍ دائمٍ )نص25 وفـي نفس السياق نجد في النص 64 ( من قرب زوجته ولم يتطهر يُلق في بطن الحوت الكبير، كذلك المرأة التي لم تتطهر بالماء تجلد ويحذف اسمها من بيت الكمال ،من قرب زوجته ولم تنظف بعد من نجس الحيض

يحجب في غـمامة الظلام ) التعاليم النبوية لم تستثن ِ الزوج أو الزوجة بل هما سواء في العقاب والثواب في السراء والضراء . ولا تقتصر النظافة على الجسد فقط بل تمتد لتشمل الروح مما قد يعلق بها من أدران الشك والريبة التي تزعزع الكيان والوجدان وتؤدي بصاحبها الى اتون لا يخمد اواره (طّهروا نفوسكم وانقذوها من فم الوحش الكبير )*1 فأي وحش هذا ! ( من صان نقاء النفس ؛ فان منزله في قمة عوالم النور... حوله يلتف الاثري ويد العهد ممدودة اليه ... على رأسه تاج من نور يضيء العالم ...إنه قلب الحياة العظمى وان معلم الحق والعهد يكون معه ؛ فمن كان قلبه غير مستيقظ وعقله غير مستنير فإنه يقيم في منزل الارواح ويسقط في مستودع الظلام المطلق ، أمــا الذي قلبه أنار له طريقه ؛فانه يكون أبهى من الشمس والقـمر)*2 وعلى نفـس المنوال { لكم تحدثنا وأوضحنا ، فلا تعملوا سـوءا" ولا تنحدروا الى مهاوي الظلام }*3

1-النص36 *{والحــي مـزكــــي الاعمــال والنـــيات }*

2-النص53

3-النص64 

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 16:42

دراشة اد يهيا النص الثاني والثلاثون ص99

أنا مرياي , كرمة ٌ قائمة ٌ عندَ ثغر ِ الفرات ِ. أصولها ثابتة ٌ, وسيقانُها صولجانات. غصونُها من نور ٍ باهر. تضوعُ بعطر ٍ ذائع ٍ, يطوفُ العوالم. أريجُها يضمّخُ طيورَ السماء ِ , وأسرابُ الحمام ِ تحط ُ عليها , لتقيمَ أعشاشَها , وتحتَ ظلالِها يحنو البعضُ على البعض ِ الآخر. أغصانُها غذاءٌ وصدقة ٌ, وثمارُها شراب . الغذاءُ لم يكن كريها,ً والشرابُ لم يكن خمرا. ومع ذلك فهناك قلق.ٌ الرياحُ الهوجُ , والعواصفُ, توقظ ُالطيورَ الوديعة َ, وتنشرُ بينها الذعر. . تقتلعُ الأشجار. . تجتثُ أصولها . . تشتّتُ الطيورَ من أعشاشِها , لكن بعضَها ظلّ ثابتا ً, بالمخالبِ والأجنحةِ تشبّثت بالأغصان ِ, حتى تهدأ العاصفة . أما تلك التي ما استطاعت الثبات , فقد دفعتها الرياحُ بعيدا ً, فأن حالفها الحظ ُ, ستحلقُ بقوة ٍ, ثم ترجعُ إليها ثانية ً, أما تلك التي لم يحالفها الحظ ُ, فأنها تبتعدُ دون رجعة . 

ما أجملَ شجرة َالحياة ِ, وما أجملَ الطيورَ التي جثمتْ عليها. هدأتِ الرياحُ, وسكنتِ العاصفةُ, وهبطتِ الراحة والأمانُ على العالم بعدها حطتِ الطيورُ على الأفنان ِ, وعلتْ زقزقتُها , لتخلدَ إلى أعشاشِها. عند ذلك, بدأ النسرُ يحومُ حولها, وحين اقتربَ من الشجرة ِ, خاطبتهُ الطيورُ قائلة ًٌ: أيُها النسرُ, نقسمُ بحياتك, ونقول : لقد ضمتنا هذه الشجرة ُ, وقد كنا أعدادا ًكثيرة ً, فهبتْ علينا رياحٌ عاتية ٌ, وعواصفُ مدمرة ٌ, اقتلعتنا من الشجرة ِ, وحطمت أجنحتنا , لكن بعضَنا ظلَ متشبثا ًبها, أما البعض الآخر, فقد اندفعَ بعيدا ً, ضائعا ً, لانعرفُ مصيرهُ. إننا نستحلفكَ أن تخبرنا لماذا تحومُ حولنا هكذا ؟ أصدقنا القول.

أجاب النسرُ: إنكم تجهلونَ, إني أصبحتُ أخا ً لكم, ولتلكَ الطيور ِ التي دفعتْها العاصفة ُبعيداً عني, فتحطمت أجنحتُها, وحطتْ مضطرة ًعلى الأعمدة ِ, وبعض ِالأماكن ِ, وهي محاطةٌ بالصقور ِالتي تمزقُ لحومها, وتأكلُ ما سَمن منها. ويلٌ لها إذا أصبحتْ في فضاء ِالمياهِ غير المضيئة. طوباك أيتها الطيورُ, وقد اعتصمتِ جاثمة ًعلى فروع ِهذه الكرمةِ القائمةِ عند ثغر الفرات, حيث تمنحين السعادة َ لمرياي. انتبهي, واعلمي أيتها الطيورُ, إني جئتُ إليك ِ كي أكونَ لك ِ عونا ً في هذه الحياة الزائلة, لانَ سعادة َمرياي تكمنُ فيك.

لقد سَقيتُ الاغراسَ الطيبة َ, سقيتُ الكرمة َالمبجلة َالقائمة َعندَ فم ِالفرات. بدلو ٍابيضَ, رفعتُ الماءَ وسقيتُ الغِراس. طوبى لمن شربَ من هذا الماء. كلُ من شربَ منه صحَّ, وكبُرَ, ونما, واستقام. الكروم التي ارتوتْ منه, أخرجت ثمرات ٍطيبة ً, ونمت اصولها وتشابكت أفنانُها. أما تلك التي لم تشربْ منه, فإنها لم تثمرْ. 

ويل للذين لم يجتازوا الحدودَ الحجرية َ ,كارهين أنْ يكونَ الحقُ الوقورُ لسيمات هيي, لمرياي.. 

تمسكْ أخي واثبتْ, وكنْ رفيقا ً لمرياي. امنحْها السعادة َ, فكلُّ من رجا وطلبَ العونَ في هذا العالم, ارتقى, ورتلْ حديثَ الحياة, وأيقظ َ النائمين والعالم. 

طارَ النسرُ الأبيضُ من الشجرةِ, وحدقَ فعرف الأصدقاءَ وقال لهم: إخواني اسمعوا ندائي, واثبتوا, واحتملوا الضجرَ والعناءَ. وكونوا لمرياي أصدقاءَ. امنحوها السعادة. 

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 12:28

من وحي كنزا ربّــا مبارك اسمه قـــصــة آدم

فتح عينيه، جال ببصره ؛أمامه قبّة زرقـاء تحيط با لمنظر الذي يمتد ضمن الأفق الرحب الممتد فوقه، كان مستلقياًعلى ظهره ، حرّك جسمه؛فأستجاب له قعد على مؤخرته ونظر :بساط يكاد يكون أخضراً أو أسود ،مياه رقراقة تنساب بهدوء كأفعى ،وهناك بعيداً تنتصب أشياء مرتفعة شاهقة العلو تكاد في ارتفاعها تطال تلك الاشياء المـتناثرة في القبّة الزرقاء ، ووسط تلك القبّـة لزرقاء ضوء فضي يضيء المكان فيحيله الى لون لا يعرف كيف يصفه في تلك اللحظة التي لن ينساهاأبداً لانها أول نظرة لابي البشر على مملكته التي لا تشبه ما كان فيه قبل قليل لكنه الآن يسمع أصواتاً خفيضة تنطلق من أماكن مختلفة ؛هناك أصوات تأتي من الأعلى وأخرى من خلفه ومن أمامه ومن مختلف الاتجاهات لم يألفها من قبل . كـان مرتبكا" حـائرا" عاريا" وتساءل : أين أنا وما هذه الاشياء التي تكاد تطبـق على صـدري وتكتم أنفاسي وما الذي أتى بي الـى هنا ومن الذي وضعنـي في هذا المكان الغريب العجيب . وما هي الا لحظات حتى غفا واستغرق في سنة من النوم . 

نهض وهو يرفع يده اتقاء شئ آذى عينيه وكاد أن يحرقهما ،والآن ما هذا الوهج الـمتدفق من القبّة الزرقاء وأين ذلك الضوء الهادئ وتلك الحبّات المــنثورة في تلك القّبة ؟ ,ومـاهذه ؟هنا وبالقرب من قدميه كانت أفعى تزحف على بطنها بهدوء دون أن تعير هذا الـمخلوق أدنى اهتمام أو أهمية .طفق حائرا" متسائلا" لا يعرف الاجابات الآنية على أسئلة تتزاحم في رأسه ؛من أنا ؟ وأين أنا ؟ولماذا أنا وحيد في هذا المكان الموحش ،ولكنّه وبعد لحظات أدرك ان المكان الذي هو فيه ليس بتلك الوحشة التي أحسّ بها منذ وهلة فهو بديع يانع الخضرة ،وعاد يتساءل :وما تلك الأِشياء البعيدة العالية التي تحيط بها تلك الاشياء البيض المتناثرة في القبّـة الزرقـاء ؛من أين تأتي وأين تتجه ؟. فجأة نظر الـى أسفله ؛ شيئان طويلان يمتدان من وسطه ليصلا الـى شيء أخضر ،كلا الشيئين متشابهان ينتهيان بأشياء صغيرة ولكن بأشكال مختلفة عن بعضها ،نظراليهما بتمعـن (هو) يستطيع أن يحرّك هذين الشيئين الطويلين الممتدين من وسطه حتـى (الأرض ) حاول أن يرفعهما كليهما معا" فسقط على ظهره ،عاد واستـقـام وحرّك احداهما فأستجابت له ،رفعها ووضعها ثانية على الارض بعدها رفع الثانية وأعادها الـى مكانها وفكّر ماذا سيحصل لو أنه وضع( رجله )في مكان أبعد عنه قـليلا"؛ ونفذّ فكرته حـالا" ؛رفع (اليمنى ) ووضعها في مكان يبعد قليلا عن موضع جسده فألفى (جسده)يتحرك ، ثبّت اليمنى ورفع (اليسرى ) ووضعها بجانب اليمنى فتحرك جسده كلّه ولأول مرة ارتسمت على محيّاه علائم فرحة لم يكن يشعر بها من قبل ؛فلقد خطـا (هو) (الخـطوة) (الاولى) في هذا العالم. أجال بصره ثانية ليتعرف على ما يحيط به ،(سهل أخضر ) ،(جبال بعيدة ) ، تحرّك ليجرّب (رجليه ) ماهذا ؟شيء لا( لون) له (ينساب )(بهدوء ) وبدون أي (صوت ) و(تذكّر ) ذلك الشيء الذي مـرّ بالقرب (منه) قبل قليل انه يشبه هذا (النهر )الا هذا أوسع منه ويمكن أن (نرى) ما بداخله بوضوح وكأنه (مرآة ) صقــيلة صافــية ، اقترب من حافة النهر ومـدّ (يده ) فأذا بـ (صورة )يده ترتسم على صفحة (الـمـاء) سحبها ،اختفت الصورة ،مـدّ (عنقه ورأسه ) واذا به يرى(وجهـا")ينظر اليه من تحت الماء .جفل لاول وهلة الا أنه أعـادها ثانية بعد هنيهة وبعد أن هدأ وجيف (قلبه ) كان القابع في الماء (حنطي الوجه ،يعلو رأسه شعر أسود منسدل على كتفيه، في الوسط كان هنـاك وجه وفي وسطه شيء ينصّفه و في أسفله فتحتان تحتهما شيء مستعرض غير منطبق ،على جانبي الشيء المنصّف فتحتان تكاد أن تكون مدورة فيهما شيئان متحركان وفوقهما خطّان أسودان وفي بعض الاحيان تنغلـقان وتنفتـحان ،تحيط بها (شعيرات رقيقة صغيرة )عاد بنظره الى ذلك الشيء المرتفع الذي ينصّف وجهه انه يستطيع أن يفتحه ولكن …ماذا هناك ،في تلك اللحظة نطت (سمكة ) صغيرة قفزت والتمع جسمها النحيل تحت أشعة ( الشمس )ورجعت الـى الماء فرحة غير عابئة ٍ بما حولها وبعودتها ارتسمت دوائر بدأت تكبر وتكبر واختفت صورة الوجه مـدّ يده محاولا"ايجاد ذلك (المخلوق )فلم يفلح ، بل زادت الدوائر وتعذر عليه ايجاده .ظل صامتا" مترقبا"(ظهور )المخلوق ولم يطل انتظاره فسرعان ما هدأت الدوائر واختفت ليظهر الوجه بشعره الأ سود وذاك الشيء المستعرض الذي حاول فتحه قبل أن تنط تلك السمكة الصغيرة وتعكّر صفو خلوته ،فتح (فمه ) كان هناك صفّان من أشياء بيضاء يمتدان الـى الداخل ،كان الضوء قليلاً فلم يستطع أن يتبين الـى أي مـدى تصل تلك (الأسنان ) والآن ما هذا الشيء المتحرك بين تلك الأسنان ، انـه انـه …… ولم ينتظـر طويلا"ليعرف ما هـو فلقد علم انه (لسان ) . كانت المعرفة تأتي اليه دونما عناء، كان هذا المـخلوق يشعـر بالوحـدة وانـه يائس من خروج ذلك القابع تحت الماء ،رجع الـى الوراء و خطا خطوة وأخرى انه يبحث عـن شي ٍ ء ما ، شيءٍ….ما الذي كان يجـدّ ُ في البحث وعنه ويعرف انه يمكن أن يبعد عنه هذا الضيق وهذا اليأس الذي بات يؤرقه ويقلقه ولم يجـد لـه تفسيراً ,و خطا خطـوة وخطوة أخرى ورابعة وخامـسة فوجـد ما سعـى الـى معرفتـه والتعرّف اليه فلـقد وجـــد (شيئا" ) يشبهه ولكن ذا شعـر أطول وجسـم ٍ أرشـق وصدر ٍ خـال ٍ من الشعر كالذي يغطيه هـو ، وشيئين ناهدين شهيين وعلم انها حـــــــــواء وهـــــــــو آدم . 

 

الأربعاء, 03 نيسان/أبريل 2013 09:48

ألفن ألمندائي في أسترليا

تفتخر ألأمم بفنونها وتراثها وتعطيه من القدسية اعلى صورة ممكنة ، لأن ذلك دليل على رقي وتطور تلك الشعوب في مراحل مختلفة من وجودها حتى وان كان العمل بدائيا وبسيطا .

والمندائيون وبكل فخر واعتزاز يملكون من التراث أندره ومن الفنون أروعها ، فتراثهم الديني طقوسا وانتماءا يعد من أٌقدم من استمر على الحفاظ بأطارها ألأصيل ليومنا هذا وحتى خطهم الكتابي فأمتداده الى قرون قبل الميلاد، أما فنونهم فأي فن اعرق وأقدم من الصياغة ؟؟؟؟

أفلايكفي ذلك ليكون مدعاة فخرنا وأعتزازنا .

عذرا فلست باحثا كي اسطر دلائل التأريخ ، كما لا اود نسيان ابداعات أجدادنا في الحدادة والنجارة فكلا الحرفتين الآنفتين هما في جدول الفنون كما لا ننسى مبدعينا من التشكيليين او المسرحيين وحتى العلماء .

لقد جأت الى الوطن الجديد وأنا أحمل جزءا من تراث أجدادي ، أفتخر واعتز به كأولادي، ان بعض القطع رافقتني حتى قبل أن يأتي ابني البكر، انها متعة تغنيني عن كنوز الدنيا ، بذلت ومعي اخوان كثيرين ساعدوني في المجازفة التي وصلت حد الموت في سبيل اخراجها من وطني الأم ، فلا يسعني هنا الا أن أشكر كل من ساعدني في أول خطوة حتى وصولها الى ربوع وطني الجديد وسدني بالذات ، حين حط بي الرحال في استراليا لم اتوقع أن اجد في اقصى طرف في المعمورة قطع مندائية من شغل اجدادنا وبعضها يعتبر من النوادر وكنت أحلم بأن احصل على قطعة واحدة منها في العراق وكهاو وعاشق للتراث اشتريتها بدون تحفظ وأحتفلت بهذه القطع أيما احتفال ...... ادناه بعض تفاصيلها وصورها :

1- علبة سكائر صغيرة الحجم عمل الفنان الخالد زهرون ملا خضر ( موقعة باسمه ) مطلية بالذهب من الداخل

تفاصيل الصور : الوجه ألأول نخيل ونهر ، والوجه الآخر مركب في النهر وجمال ونخيل .

جماليتها الرائعة في رشاقتها يترواح وزنها بحدود 128غرام تأريخ صنعها في عشرينيات القرن الماضي اشتريتها سنة 1999من أحد محلات التحف في سدني ) ولم يكن قد مضى شهرا على وجودي في استراليا. )

2- علبة سكاير صالون ( كبيرة ) مغلفة بالخشب من الداخل جوانبها منقوشة بمناظر عراقية تقليدية والوجه عليه جسريشبه الجسر المعلق في بغداد واعتقد أنه جسر الكوت ، ليس عليها اسم الفنان ، وزنها 186غرام ، يدل ان صنعها في حدود سنة 1960 ، اشتريتها مع قطعة ثانيةمندائية من سوق للتحف في سدني .

3- مشربة الماء ( مصخنة ) : اشتريتها مع القطعة السابقة وتحوي بعض الرسوم التقليدية من نخيل وماء وخلافه وموقعة بأسم ( ناجي ياسر) وهو الصائغ السيد( ناجي ياسرصكر الحيدر) يبلغ وزنها 158غرام حدود صياغتها حوالي 1975 .

4- بروج( دبوس) على شكل سفينة شراعية جميلة الصنع فيها سلسلة يدوية الصنع صغيرة صياغتها في حدود 1960 .

5- فاتحة رسائل على شكل سيف أفريقي من جهته ألأولى صور ألأهرامات ونهر النيل وتمثال كتب تحته توت عنخ آمون بألأنكليزية والجهة الثانية مناظر عراقية للنهر والمراكب الشراعية والنخيل وعليه ختم به حرفان بألأنكليزية يتوسطهم قط وخلال ألأستفسار ومراجعة ما نشر عن الرعيل ألأول للفنانين المندائيين الذين سافروا الى الدول ألأجنبية والعربية وجدنا اسماء من ينطبق عليهم ذينك الحرفين وهم ( زيدان ، زهرون )? و ( غالب او غريب

نشرت في تاريخ
الثلاثاء, 02 نيسان/أبريل 2013 04:22

نوروز بين الاسطورة والتاريخ

اصل التسمية :- نوروز قد تعني اليوم الجديد ( نو ويعني جديد ) و ( روز ويعني اليوم ) ، وتعني الكلمة ( اليوم الجديد ) ، وربما اريد به يوم حظ وتنزه ، ويذكر الشاعر والفيلسوف ابي العلاء المعري ( الذي اصله من مدينة معرة النعمان السورية ) اثناء حديثه عن عبث الخليفة الوليد بن يزيد بن معاوية بن ابا سفيان ، بان النيروز كلمة معربة ولم تستعمل الا في دولة بني العباس . ولم نسمع عنها في العصر الاموي ان كان له شان ذو بال .

يقول المؤرخ المسعودي في كتابه ( التنبيه والاشراف ) مايلي : نوروز يعني اليوم الجديد في لغتهم لان الجديد يعني ( نو ) واليوم يعني ( روز ) .

اما الدكتور محمد التونجي استاذ اللغة الفارسية في جامعة حلب يقول ما يلي : النيروز عيد الربيع واول السنة الشمسية لدى الفرس ، يبدا عادة في 21 اذار ونطقه الاصلي بالواو ( نوروز ) ، ولكن العرب عربوا اللفظ ، فقالوا نيروز ، والفعل نورز والجمع نواريز ، ولقد عبر بهذا التجديد والتجدد الشاعر فيرجل ، الذي ولد في العام 70 قبل الميلاد ، وتوفى في العام 19 م في كتابه الشهير ( الانياذة ) ، وفيما يلي نص منه : يتقدم الجميع فيروس بن اخيل واضعا على راسه وضاءة من البرونز ، وهو في ذلك يشبه الافعى التي تنام في الشتاء ، ولكن اذا جاء الربيع خرجت الى الضياء وخلعت عنها لباسها ، ويتجدد شبابها ، فرفعت راسها الى نور الشمس . ويقابل معنى كلمة نوروز كلمة نيسان العربية ، والتي لها مقابل في اللغة الايرانية القديمة ( اللغة البهلوية ) ، احدى اللغات الايرانية القديمة ، في العهد الساساني . حيث تعني ( ني ) او ( نوي ) الجديد و ( اسان ) تعني اليوم ، ويصبح المعنى اليوم الجديد . ولا غرابة في ذلك لان شهر نيسان كان راس السنة لدى الشعوب السامية القديمة ، ويقابله في اللغات الهندو اوربية كما في (Neusyares ) الالمانية والانكليزية ( New ) واللاتينية ، والاغريقية ( News ) و( نو ) بالكردية ، ان اللغة البهلوية تلتقي مع اللغات الهندواوربية .

اما كلمة ( Nesu ) تلتقي مع الكلمات العربية التالية : ( نسغ ) و ( نسع ) و ( نسأ) وتعني هذه الكلمات التجدد في النبات ، اما نيسان تعني بدء السنة الدينية المقدسة الجديدة ، التي فيها تتغلب الطبيعة على الانحلال في فصل الشتاء ، لترد الحياة الى الطبيعة كما هي ، اما اسمها في اللغة السومرية القديمة ( yag - barag – itu ) وتعني شهر المزار المقدس ، وشهر البدء بالسنة الجديدة ، اما الان فتبدا السنة الجديدة في 21 اذار ، اي يوم حدوث الاعتدال الربيعي ( Vernatequinox ) .

اسطورة نوروز :- حاول الانسان منذ فجر التاريخ ان يعطي تفسيرا لخلق النبات ، والحيوان ، والانسان ، وتسمية الاسماء على شكل حكايات خارقة للعادة ، تتناقلها السنة الشعوب على مر العصور . وهذا يتطابق مع احد تعاريف الاسطورة ، بانها نوع من الحكاية التي تتناقل شفاها من جيل الى جيل ، لكنها قابلة للحدوث في الواقع . وتعتبر اسطورة نوروز من القصص القديمة التي تناقلتها الامم كل على شاكلتها ، ومثلما تناقلت الاجيال قصص الامبراطور الفارسي رستم واسفنديار وغيرها من قصص الشعوب القديمة التي كان يرويها النضر بن الحارث وهو من اشهر الحكواتي في بلاد الجزيرة العربية انذاك وهو من عشيرة قريش الساكنة في مكة وكانوا يقولون عنها ، بانها اساطير الاولين . ولقد تعددت وتنوعت الاساطير التي قيلت في نوروز من لدن الشعراء والمؤرخين القدماء وخصوصا في الادب الفارسي ومن هذه حكاية جمشيد وهو احد ملوك الفرس ابن طهمورث ، تنقل بمركبة في اطراف الارض ، ووضع الجن تحت امرته ، وطار الى كل الممالك على سرير مرصع بالجواهر ، حمله الجن في اول يوم من السنة ، وقت حلول الشمس في برج الحمل ، فسر سرورا عظيما وانتشلى باقداح الخمر الصوفي الالهي ليعرف ذلك اليوم بالنوروز ، اي اليوم الجديد ، وليبقى عرفا مقدسا لدى الشعوب الايرانية .

لقد كان الايرانيون القدماء يعتقدون بان الله خلق النور في هذا اليوم ، لذا سمي نوروز اي اليوم الجديد الذي ظهرت به الشمس وسطعت بانوارها الكون ، ويتفق هذا مع مع معتقدات الهنود الاريين ، ففي معتقدهم ان الكواكب خلقت جميعها في اول برج الحمل ، ثم بدا كل منها في الحركة ، وهذا يتطابق مع حركة الشمس في اول برج الحمل ، في الكردية يقال روج – Roj لليوم او النهار ، اما الشمس فيقال روك – Rok وتعني نوروز الشمس الجديدة ، او الحقيقة الساطعة ، اما الاشعاع الشمسي فيقال تيريج – Tirej حيث تعني (تي ) الحياة في اللغة السومرية القديمة ، وبالحقيقة لولا الشمس لما كانت الحياة على الارض . وهذا ليس شيء غريب حيث ان الحقائق التاريخية تقول بوجود سمات مشتركة في العقائد والاساطير ، بين الشعوب السامية ، وغير السامية ايضا ، وهذا ما نسميه بالخصائص التاريخية المشتركة ، مثلما حملها الاريون الذين كانوا يسكنون القارة الهندية ، الى جوارهم ، والدليل على ذلك هو وجود التشابه بين اجزاء من كتاب الابتساق ويسمى كاتهاتا ويعني اسمه : مقدمات لكتب دينية ذات مضمون لدى البوذيين والبراهمة . فكلمة (برهمن ) تعني اسم ملك براهمنة الهنود ، وهو معبود ، وقد يسمى ايضا ( بروشن ) اي نور الاقليم ، مثلما في كلمة ( برهان ) الحبشية والتي تعني النور ، وفي الكردية تعني برو ناي او رهني – Rehni وبالمصرية القديمة ( رع ) اي النور او الشمس . اما تسمية النوروز فنجدها عند المؤرخ ابن الاثير على الشكل التالي : كان من خبر كابي ( كاوا ) انه من اهل اصفهان ، فثار على من اتبعه من الخلائق الى الضحاك ( وهذا شخصية اسطورية ، وروح شريرة في الاساطير الارية والشهنامة ، اما في الابستاق فهو شيطان يمنع ماء السحاب ان ينزل الى الارض ، ويعتبره الفرس ملكا جبارا ، يرمز الى الشر ، ويزعمون انه عربي من اليمن وابن الملك مرداس العربي ، ملك الارض . وكانت امه جنية فلحق بالجن ، وقد نوه عنه الشاعر ابو نؤاس وكذلك الشاعر ابو تمام ، بابيات من الشعر ) فلما اشرف على الضحاك قذف في قلبه الرعب ، فهرب من منازله ، فاجتمع الاعاجم الى كابي فاعلمهم انه لن يتعرض للملك ، لانه ليس من اهله ، وامره ان يملكوا بعض ولد جم (جمشيد) لانه ابن الملك اوشهنج الاكبر بن افراول .وكان فريدون مستخفا من الضحاك ، فصاركابي والوجوه لافريدون عونا ، واحتوى على منازل الضحاك واسره بدنباوند ، ويزعم بعضهم بان فريدون قتله يوم نوروز ، وعند مقتله قال العجم امروز نوروز اي استقبلنا الدهر بيوم جديد فاتخذوه عيدا .

اما القلقشندي قال في كتابه ( صبح الاعشى في كتابة الانشاء ) جاء فيه ، ان نيروز تعريب ( نوروز ) واول من اتخذه عيدا هو جمشيد الملك ، حيث جدد الدين فيه واظهره فسمي بهذا الاسم ، وكان من خلال ملكه لا يريهم وجهه فلما كان يركب العجلة المدورة ، ابرز عن وجهه وكان بارع الجمال فجعلوا يوم رؤيتهم له عيدا وسموه نوروزا ، ويزعم بعضهم انه اول الزمان الذي ابتدا الفلك فيه بالدوران .

وهناك نوعان من النوروز: نوروز العامة ونوروز الخاصة ، اما الخاصة فهو اليوم السادس من شهر فروردين ( ويعني باللغة البهلوية القديمة شهر اذار ، وكان الشهر الاول من السنة الشمسية لدى الايرانيين القدماء ) وسبب تسميته بذلك ان الملك جمشيد لما جلس على سرير سلطنته ، استدعى اليه جميع اركان دولته وخواصه ، وسن عليهم قواعد وقوانين مستحسنة فاستصوبوا رايه ، وسموا ذلك اليوم بنوروز الخاصة ، اما نوروز العامة فهو اليوم الاول من شهر فروردين (اذار) عند نزول الشمس اول برج الحمل .

اكد الفيلسوف اليوناني افلاطون على هذه الفكرة حين حاول ان يعبر عن اصل النفس الانسانية لم يجد خيرا من تصويرها وهي لاحقة بموكب الالهة نحو مصدر النور .

مراسيم وطقوس نوروز :- بما ان نوروز من الاعياد فلا بد من ان يكون له مراسيم وطقوس واحتفالات مثل كافة الاعياد المعروفة في العالم القديم والحديث ، فكان ملوك الفرس والعجم والساسانيين وملوك الشرق يحتفلون بتلك المراسيم منذ العهد الاسطوري القديم وفي يوم 21 من كل عام ، وفي هذا اليوم يحمل الملك على عربة مزكرشة منذ الساعات الاولى ويتقدم الموكب الف فارس على راس كل فارس خوذة من ذهب وعلى ابدانهم مأزر بيضاء ، وشارات ذهبية ،واحصنة بيضاء يركبها الفرسان ،ومن خلفهم تسير العربة حاملة عرش النار المقدسة ( وهي شعيرة مقدسة في الديانة الزرادشتية ) ، بينما الاتقياء ، والكهنة يلبسون الاردية البيضاء والثياب البيضاء ويرتدي ( 365) فتى الثياب البيضاء بعدد ايام السنة ، وهناك عجلة ارجوانية مكرسة لنار الحياة واخرى للملاك (مهر ) الذي يسوس الفضيلة في العالم ، ثم تتبعها اخرى ذهبية مزينة بالزهور والورود الملونة ذات الشذى ثم يبدا رجال الملك بمحاسبة كل من لا يتفق ، او لا يطيع القوانين الفارسية والدساتير الميدية الصارمة ، مع قدوم اقوام وشعوب مختلفة كل بزيه الخاص الى مكان الاحتفال .

وسبب ارتدائهم لهذا الزي الابيض ، يعود الى الى معتقدات ديانة ايرانية هندية ، وكما ماهو موجود في الديانة المندائية . حيث كانت تعبد العفاريت ( Daeves ) الهة الشر والظلام تلك العفاريت التي لا بد من مجابهتها بنقاء الفكر والبدن والنور لان اللون الابيض يسمح بملامسة النور لاجسامنا بمقادير متساوية ويقضي على الظلام . وكان كذلك من عادات الشعوب الخروج والتنزه في هذا اليوم بسبب طبيعة البلاد الجبلية ، وقد اعتبر مسك النبات من ةوسائل الترك وخاصة في العهد الساساني ، لدرجة انهم سموا حدائقهم بجنة ، مثل كلمة فردوس وبستان والتي انتقلت الى الكتب المقسة لاحقا . وحتى ان الاسرة باكملها كانت تذهب الى الحدائق وتقضي اليوم في المرح ، والغناء ،وترتيل الاناشيد ، ويتبادل افرادها الهدايا والحلوى في عيد النوروز ، كما كان يفعل الملك ( خسرو ابرويز ) ( 590 – 628 م ) حيث كان يخرج الى بستانه ليقضي اسبوعين في اللهو والطرب .ومن عادة الملوك الساسانيين الجلوس مرتين في السنة في يوم نوروز ويوم المهرجان ، حيث يرى فيه مشاكل الناس وحلها .

ومن طقوس نوروز هو رش الناس بعضهم بعضا بالماء ، ويعتبر الماء من المقدسات في الافستا ، وكما عند المندائيين وعند الهندوس ايضا ، ويسمى اليوم التاسع من ( سبيندارمز) بنوروز الانهار والمياه الجارية ، وفية يطرحون الطيب ،والماء ورد في المياه ، بالاضافة الى عملية الرش ، وقد وردت عملية التطهير من خلال الرش بالماء عند الشاعر اللاتيني فيرجل في كتابه الانيادة ، عندما قام رجال طروادة في ملحمته المشهورة ( حصار طروادة ) بدفن ميزانوس ثم طهر القوم من قبل الكاهن برشهم بالماء بواسطة غصن من شجرة الزيتون . وكانت الغاية من الرش او صبه ايضا لغرض جلب المطر بعد القحط والجذب . ويستمر العيد ستة ايام ، حيث يحتفل الملك مع خاصته ، اما اليوم الاول ، او الاخير فيتحول الى مظاهرة شعبية حيث يبكرون ويذهبون الى مجاري المياه للاستحمام ، والرش ،ومن ثم يتبادلون الهدايا والحلوى ،وقبل ان يتطق احدهم بكلمة ياكلون السكر ويلعقون العسل ثلاث مرات ، ويدلكون اجسامهم بالزيت ، ويتبخرون بثلاث قطع من الشمع ليحفظوا انفسهم من الامراض . وكان اشهر تقليد معروف في هذا العيد وهو نصب السماط ، وهو نوع من الاغذية ويجب ان يضم سبعة الوان من الطعام . في ختام هذا الموضوع احب ان اذكر من كثير الكثير من الشعراء قد تغنوا بهذا العيد في قصائدهم منهم من الادب الفارسي ومنهم من العصر الاموي والعباسي وفي الادب العربي الحديث ايضا ، وهذا جزء من قصيدة لشاعر العراق الكبير بدرشاكر السياب ، وعنوانها (وحي النيروز ) ، لتكن مسك الختام .

طيف تحدى به البارود والنار ما حاك طاغ وما استبناه جبار

ذكرى من الثورة الحمراء وشحها بالنور والقاني المسفوك اذار

مرت على القمة البضاء صاهرة عنها الجليد ، فملء السفح انهار

في كل نهر ترى ظل تحف به اشبح (كاوا ) ويزهو حوله الغار

يا شعب (كاوا ) سل الحداد كيف هوى صرح على الساعد المفتول ينهار

وكيف اهوت على الطاغي يد نفضت عنها الغبار وكيف نقض ثوار

والجاعل ( الكير ) يوم الهول مشعلة تنصب منه على الافاق انوار

مندا إد هـيّي يقول : كل نفس تسأل هي عن أعمالِها . لا تـُـشارك نفس نفساً ، ولا تتحمل نفسٌ نفسـاً * أيها الأصفياء والكاملون ، صونوا أنفسكم من الغش والإثم والزور ، والكذب والزيف والشرور ، واتقوا الدجل والإفك والضلالة ، والفتنة والقسوة والجهالة * يا باهري الصدق حصنوّا أنفسكم ونساءكم * كل نفس هناك في كوّة من الموت عميقة ، وفي هوّة من الظلام سحيقة .. حتى يومها الأخير * يا أصفياء الصدق المعظمين * احفظوا أنفسكم من الراجفة * ومن الذئاب الخاطفة * ومن أي دعـوة زائفة . * يانشمثا الحي الحرّة ... يا بنت المصابيح الثَرَّة .. أي سلاح تبتغين أمضى من السلاح الذي تحملين ؟ * معك الناصورائية ، الكلمات الصادقة الحية .. هي سلاحك الجسور ، الآتي إليكِ من بيت النور . 

صدق الحي المزكي

 ( أول ما يـُـعـَـلمـّـكَ الـطـَـريـق الـصّـعــب ، هو أنّـه طـَـريـق سَهـل ، وكـَـمـا نـُـمـسِـك عـَـن الـكَلام فـي غـَـيـر مـَـوضِـعـه ، يـجـبُ أن نـَـتـَجــَـنـّـبَ الـصـَـمـْـتَ فـي غـَـيــِر مـَـوضـِـعِــهِ . )

 إن من أهم الأدوات التي تساهم في تصحيح وتنقيح مسار الإنسان وفكره وشخصيته هي النقد والمحاسبة ، والثابت أن ليس هناك أي كمال مطلق في ( عالم الإنسان ) ، فكل شيئاً في حياته خاضعا لإعادة النظر والمراجعة والتصحيح والتنقيح والمشورة ، لكي يــُـقـَـوِّمُ ما فيه وما عنده ولديه من نقص وضعف وتلكؤ وتردد وتخلف ، وعلى كل إنسان على الأرض أن يُـسلـّم ويقتنع تماماً ، بأنه ناقص غير كامل ، فالكمال لله الحي القيوم وحده ، ومتى اعترف الإنسان بذلك واقـرّه ، يكون قد ضمن تحقيق التكامل والاستقامة والحلم والنضج ، ومن ثم النجاح ، وإمكانية إتّخاذ القرار الصائب الهادف.

 ليس هناك من لا يخطأ في عالم الإنسان والمعروف أن فعل الإنسان متطـّور حتما وغير ثابت مطلقا ، فلابد لهذا التطور أن يخضع لظروفه ، لتصدر عن الإنسان وبسبب تلكم الظروف ، الهفوات والأخطاء . ومن هذه الظروف التي تحيط بالإنسان اليوم ، على سبيل المثال لا الحصر هي : 

•الجَـهـُـل . 

•السيـرُ خلف نوازع النفس ، وإتباع رغباتها وهواها .

•عـَـدمُ القدرة والرؤية الواضحة في إدراك الحقيقة والكمال .

 

إن من لم يـقـّـر منا بذلك فإنه لا محالة سيقع في أشد الأمراض المزمنة فتكاً به ، ألا وهو مرض الـغـرور ، والمغرور لا يـَـقـَّـر ولا يعترف ولا يُـسَــلـّم كونه قد قـَـصّـر بحق الإنسانية ، كونه إنساناً ، وبالتالي فإنه لا يستطيع وضع أو إخضاع نفسه للنقد أو المحاسبة، لذلك سيبقى وكراً ثابتاً ، ومرتعا خصباً ، بل موطناً دائماً للأخطاء والتخلـّـف والهفوات ، ليبتعد في آخر المطاف عن المسيرة الحياتية الإنسانية التكاملية .

 

الكثير منا ، ممن أصابه مرض الغرور ... لا يريد إقرار تقصيره من خلال مرضه هذا تجاه نفسه ، والناس وتجاه أهله من أبناء دينه ، لذا نراه لن يقبل أو يجعل أو يـُـخضِـع نفسه للمحاسبة والنقد الذاتي ، ويستنكف ويتأفف عند نقده من قبل ناسه ، كارهيه ومحبيه ، لذا فإنه قد فقد بتصرفه الغير صحيح هذا ، أعظم فرصة لمعرفة نواقص ذاته ونفسه من خلال عيون الساخطين عليه قبل الراضين عنه :

وعين الرضا عن كل عيب كليلة إلاّ إن عين السخط تبدي المساويا

 

إن محاسبة ونـقـد الإنسان لنفسه على أخطاءه وتقصيره بحق خالقه الحي المزكّى ، من خلال عدم التزامه بما قرره ورسمه إليه من أوامر ونواهي في العبادات والمعاملات ، وتقصيره بحق الناس ، إخوانه في الخلق أو الدين من خلال تعامله الحياتي اليومي معهم ، وتقصيره تجاه نفسه ، حالة صحية في عقل وتفكير أي إنسان طبيعي ، ودليل قائم على يقظة ضميره وحسه الديني الإيماني والدنيوي الإنساني .

 

لقد اعتنى الهيي ربي مسبح اسمه من خلال شريعته الصابئية الغراء ، بأصحاب أول رسالة دعت للتوحيد له والتسبيح باسمه ، من خلال إظهاره هذا الجانب التربوي الرئيسي ــ عند أعظم مخلوقاته ، الإنسان وشخصيته ــ جانب المحاسبة والنـقد الذاتي ــ وقبوله ممن يوجهونه إليه ، أصدقاء وأعداء ، محبيّن وكارهين

 

بسم الحي العظيم

* من أخطأ منكم فقوموّه وأسندوه * فإن أخطأ ثانيةً فقوموّه وأعينوه * فإن أخطأ ثالثة فأرشدوه ، والصلاة والتسبيح لله فأسمعوه * فإن عصى واستكبر ، وأبى إلاّ المنكر ، فاجتثوا هذه الكرمة من الجذور ، وازرعوا مكانها كرمةً تعرف طريق النور ، فقد قالوا له إسمع فلم يسمع . وأروه نور الله فلم يخشع ، فسقط في العذاب... و *عـلـّـموا النشـماثا أن لا ترتـاب قلوبها ، وأسمعوها لغة السلام : التسبيح الذي آتيتكم .. فتشهد قلـوبهـا وتطمـئـن .

 

إن من أخطر ما يصاحب الإنسان ويواجهه في حياته اليومية ، العملية والفكرية هي إعتقاده بل تأكده واعتباره إن كل ما يبدر منه ، ويصدر عنه من تصرفات وسلوكيات ، صحيحة المسار لا غبار عليها ، لشعوره الغير صحيح بأنه قد اكتمل وتفوق على غيره من الناس ، فهو الأحسن إذن ، وتحصيل حاصل ، إن ما يقترفه ويقوم به ويصدر منه أو عنه ، غير قابل ، وغير خاضع للنقاش ، وذلك يقوده حتما إلى التبرير والمغالطة وإخفاء الحقيقة وتضليل الحق :

 

بسم الحي العظيم

* ويل للسيئين من اليوم المحفوظ ، يزرعون الإثم ويحصدون العذاب * عيونهم يملؤها الظلام ، قلوبهم يملؤها الظلام * يظل عَـماهُـم يلازمهم فلا يرون بلد النور . 

 

و ( إن أكثرهم للحق كارهون ) و ( من صارع الحق صرَعَـه ) ، لذلك تراه يدافع عن الخطأ ويصّـر على الاستمرار فيه ، والسقوط في مثالبه ، وجـَرع مرارة مذاقه ، وقبول مساوئ آثاره ، بدوافع التكبر والاستبداد والعناد ، فلا يصغي لمن ينتقده ، ولن يلتفت لمن يحاسبه ، بالرغم من ترديده وتشدقه للمقولة الخالدة : الاعتراف بالخطأ فضيلة .

 

 

تحدث كتابنا المقدس [ الكنزا ربا ] مبارك اسمه ، ورسلنا وأنبياؤنا ( عليهم السلام ) وعلماؤنا الأعلام من أبناء ديننا الصابئي الحنيف ، الكثير عن تلك الظاهرة الاجتماعية الخطيرة السيئة ، والتي واجهت أول دعوة صابئية ، توحيدية إيمانية خالصة تـَـدعـو الإنسان الصابئي إلى الإيمان بالله الحي المزكّى ، واليوم الآخر والبعث والحساب ، فتشرق في نفسه ، شمس لا تغيب تحرص على محاسبتها من خلال نورها الإيماني المـُـشِـع في ذاته ، فنراه يقترب من السعي والبحث عن من ينتقده ويحاسبه على ضوء الواقع الذي يعيشه ، والموازين والقيم الشرعية والعملية والأخلاقية والعقلية . .

 

لقد دعت شريعتنا الصابئية الغراء إلى محاسبة الإنسان الصابئي ، الذي آمن بأحكامها ، واعتقد بقيمها ، والتزم بأوامرها ونواهيها ، دعته بل ألزمته ، وفرضت عليه ، وجوب محاسبة نفسه ونقدها ومراجعتها ليعرف أسباب مواطن ومكامن ضعفها ، التي دفعته إلى الوقوع والقيام بما لا يرضي الله الحي القيوم ، والسقوط أمام إغوائها له ، فتضفي شرعية زائفه مهلهلة ، تدفعه للاعتقاد بصحة وصواب ما قام به في ذلك اليوم :

 

* كل حي له نفسه يصطفيها * يعـدّها ، ويقيـها * لاتكن في خطيئتها ثاوية * إن أراد الخلاص من الهاوية .

 

.. إن إصرار الصابئي على عدم مراجعة نفسه وإخضاعها إلى قبول مبدأ نقدها ومحاسبتها من قبل الناس ، تجعله يتأرجح ما بين الحق والباطل ، فتنعدم عنده رؤية ما هو حق وواجب ، إلى حـَـدّ تـَـمـَـكـُـنـِّـهِ من الدفاع عن الباطل بأسلحة يصوبّها لنفسه فيقتلها ، ليعيش الحق ويستمر كونه حـَـق قائم ، لذلك نراه يعيش ميتاً . إن إيمان الصابئي بما جاء في كتابنا المقدس [ الكنزا ربا ] مبارك اسمه ، من أحكام ، يدفعه ويجعله ويدعوه إلى سماع كلمات النصح والتوجيه والإرشاد ، التي تتعارض مع نوازع نفسه الشيطانية الأخرى ، والتي تؤثر حتماً على قراراته ومواقفه ، وتؤكد نصوص كتابنا المقدس ( الكنزا ربا ) مبارك اسمه للصابئي المغرور ، الغير قابل للنقد ، الممتنع الرافض المحاسبة لنفسه من قبله ، وله من قبل غيره إخضاع نفسه لمن ينتقدها ويحاسبها من قبل أي إنسان ..

 

إن قـُـوَّة َشَخصيـّـة الإنسان الصابئي ، أو قـُـوّة شخصية أي إنسان وما يصدر عنها من قرارات خاطئة ، لا تكمن في التمسك بالدفاع عنها وتبـريرها ، والإصرار على تِـكرارها والاستمرار فيها ، بل إن قـُـوة الشخـصيّـة تستـَـند وترتكز وتتعمّـق وتزدهر من خلال قبول الحق والاعتراف بقيامه . لقد أوضح الهيي ربي مسبح اسمه للانسان وألزمه من أن يكون رقيبا يقظاً على نفسه :

بسم الحي العظيم

* باسم السِّـر الأعظم ، لا تمسوّا النفس بمكروه . * أيتها النفس عليَّ أن لا أفزعكِ ، وأن لا أخيفك ، لا ينبغي لك أن تفزعي وأنت في كسائك هذا ، ولكي لا تفزعي ، هاأنذا أتخذ شكل آدمي .

 

، مقوماً لأفعالها ، قائما ساهراً على تصحيح نواياه ومقاصده ، ليكون مصفاة لا تصدأ لتخليص نفسه وتنقيتها مما علق بها من شوائب وانحرافات :

* رأس فضائلك أن تنتصر على نفسك .

 

وقد وُصِـفَ من لا يقوم بمحاسبة نفسه ورصد أخطائها ، ومراقبة سلوكها بالأحـمـَـق ، والأحمق معاقاً لا يستطيع استخدام عقله ، ولا يقدر على مجابهة نزغات نفسه ، كسيحاً لا يتمكن من مقاومة نوازع شـّرها ، مهملاً للقيام بواجب الخير كونه فريضة عليه من قبل الهّيي الحكيم ، غير مستعـدٍ لملاقاة الهيي العزيز في الاخِـرةِ ، خادعا لنفسه ، ضاحكاً عليها ، منغـَمساً في ملذات وأماني وأوهام [ أرض تـيبـل ] ، أرض الزيف والزوال والظلام والآثام . إنه الحـُـمـْـق ، والأحمق كما جاء على لسان المختصين : 

من الحمق ، وهو قلة العقـَــل أو فـَـسادٌ فيه:

 

بسم الحي العظيم

* وأما عالم الظلام ، عالم الشرور والآثام .. * عوالم من دخان ونار ، ونقص وشنار * تعج عجيجاً بالأشرار ، وبالقتلة والفجار ‘ والسحرة والمشعوذين والكفار * أرواحهم زاهقة * ..* وسفهاء * ومصاصو دماء * بوجوه مظلمة سوداء * صـُـمٌّ بلهاء * ينهض بينهم المشعوذون * و السرّاق والمجرمون * والقتلة والمجرمون

 

كما إن إعجاب الإنسان بنفسه ، من الأسباب التي تدفعه للاعتداد والغطرسة واللامبالاة بالقـِـيم القائمة والمتداولة ، تؤدي مجتمعة إلى إهلاك من ترافقه وتصاحبه ، لتحيط بنفسه ، مانعة له من الالتفات والاكتراث والاستماع إلى النقد والمحاسبة ، والمؤمن كما جاء في كتاب تحف العقول / للحرّاني / صفحة 457 :

المؤمن يحتاج إلى توفيق من الله ، وواعظ من نفسه وقبول ممّـن ينصحه .

 

وما عرضناه فيما يتعلق بالفرد لا يستثني ولا يعفي الجماعة ، من خلال عملهم الجماعي في النشاط الإيماني أو الـدَعـَـوي أو التعبدي أو السياسي أو الفكري أو المعرفي ، إلى آخره من النشاطات التي لا يمكننا حصرها ، فإذا ابتـَـلوا بمرض الغرور ، سيطر هذا المرض على إرادتهم في اتخاذ أي قرار صائب ، لذا نراهم يفتقرون إلى الدواء الناجع الشافي المُـنقِـذ ، ألا وهو نكران الذات والمحاسبة ، كلٌّ من موقعه ومركزه لنفسه من خلال نفسه لذاته ، ولنفسه وذاته من خلال غيره ، لذا ستكون أكثر قرارات جماعته ، مختومة وموقعة بختم [ الأنا ] ، يؤطـّـرها الغرور والإعجاب بالنفس والزهو بمفرداتها العقيمة القاصرة .

  

* كـراهـية الـنـقـد .

 * الـنـقـد بين الـهـدم والـبـناء .

* مـن هـو الـناقـِـد ، وهل ثـَـمّـة شروطـاً يجب توافرها فيه ؟

 الـكـثير منـا و للأسف الشديد لا يـميل بل لا يحب سـماع أي نقـد يـوّجه إليه ، لأنه يشعر بأن هذا النقد إنما يظهر ما فيه من عيوب ونقص وغرور وتخلف وسقوط وتردد وخطأ ، فلذلك لا يـَـوّد أحد منا أي شخص ، بل يكرهه ويمـقـته ، مهما كانت علاقتنا به ، قريبا أو بعيدا ، يوجه إلينا ما يظهر ما تقدم ذكره فينا . لذلك فترانا نميـل إلى من يكيل لنا المديح الزائف و الثناء المبالغ فيه ، بل تجدنا نكره من يبّين لنا عيوبنا ويظهر لنا أخطاؤنا ويكشف لنا غرورنا وتخلفنا ويرصد لنا نقصنا ويعدّد لنا زلاتّنا وهفواتنا ، ومن يقدم لنا نصحه وإرشاده وتوجيهه .

 إن من المفروض أن نصغي جيداً إلى من ينقدنا نقداً بناءً ، ويحاسبنا محاسبة حريصة تفيد عملنا ، لأنه ناصح لنا يساهم في تسديد أخطاؤنا ، يسعدنا في إنجاز أعمالنا ، سواء أكانت فردية أو جماعية ، اقتصادية ، فكرية أو اجتماعية :

 

* إذا رأيتم حكيماً صادقاً فتقرّبوا إليه ، وخذوا من حكمته

 

أما من لا ينقدنا مثل هذا النقد ، بل يحاول ـ لغاية في نفسه ـ أن يخفي عنا عيوبنا وهفواتنا ، ويطلي لنا هذه العيوب بطلاء النفعية والمصلحة والانتهازية و التوفيقية والمهادنة والمساومة ، والثناء الكاذب الخادع ، إنما هو عنصراً هداماً ، يحجب عنا نور الحقيقة وعلـّـو الحق وصدق الإيمان : 

 

* وإن رأيتم حكيماً شريراً فابتعـدوا عنه ما استطعتم ، إن حكماء الشر من أتباع الشيطان .

 

لذا علينا أن نصغي ونسمع ونـّود ، ونحترم من يوجه لنا نقده البناء الهادف لتبيان هـَـفواتنا وزلاتنا ، حتى نتمكن من تشخيصها والوقوف على أسبابها ، وعدم تجاوزها وعدم تكرارها مرة أخرى . إن هذا النقد يـُـساهم وبفعـّـالية كبيرة في عـَملية التحصين الـَنفسي العقـائدي ، ويزيد من مناعـتنا ضد كل ما يساهم في إحباط عملنا الإيماني ، وتحـرّكنا النهضوي :

 

بسم الحي العظيم

* انظروا بأعينكم * وانطقوا بأفواهكم * واسمعوا بآذانكم * وآمنوا بقلوبكم * واعملوا بأيديكم زدقا وطبوثا * إعملوا بمشيئة ربكم ، ولا تعملوا بمشيئة الشيطان .

 

إن ما تقدم ذكره لا ينفي أو ينكر أو يتجاهل ، من أن هناك أصولاً وآدابا وقواعد وضوابط وصفات إنسانية وأخلاقية ، على الناقد أن يتمسك ويلتزم بها ويراعيها ، وأهم ما تقدم من شروط :

•أن يكون الحق مـعـيار وفيصل وهدف الناقد ونقده .

•أن يسعى الناقد من وراء نقده تحقيق المصلحة العامة لمن ينتقد ه ، وللناس الذين هم موضوع نقده. 

•أن يكون جريئاً ، صادقاً ، واقعيا وموضوعيا في نقده .

•أن يكون مخلصا مبدئيا أميناً يسعى لتحقيق هدفا عاما وليس هدفا خاصاً .

•أن يبتعد في نقده عن التوفيقية والانتهازية ، وعن التحّـيز الأسري والعشائري ، فكلنا صابئة وكلنا واحـد .

فالنقد استنادا لما تقدم أداة تنقيح وتصحيح وإرشاد وتقويم ، النقد ليس تهريجا وتجريحا ، وتشكيكاً بعمل ومبادرات الآخرين ، النـقـد ليس معـوَل هدم ، لهدم ما يشيده الآخرين . النقد أداة بناء وعلى الناقد أن يتناول أحكام وقرارات وخطط ومشاريع وآراء وأفكار ، من يريد نقدهم ومحاسبتهم ، ويبتعد عن المواقف الشخصية التي تحدث أو حدثت بينه وبين من يريد نقده ومحاسبته ، إن الجهل والتعصب والأنانية والحقد ، تدفع الناقد إلى تشويه عمل ومنهج من يريد نقدهم ، والتشهير بهم ، والإضرار بسمعتهم ، وإلصاق التهم الرخيصة بهم ، من خلال رصد هفواتهم وثغـر اتهم ، وتتبع عثراتهم : 

بسم الحي العظيم

* أنا الرسول الطاهر أقول لجميع الناصورائين : ميزوا كلمات هؤلاء ، إن بعضهم يكذب بعضاً * النبي يكذب النبي * والملك يطعن الملك

 

لذلك يجب على الناقـِد أن يبتعد عن كل هذه الصفات المريضة عند نقده ومحاسبته ، وإتباع المنهج ، و الأسلوب والنهج العلمي في نقده ، وعلى المـَـنـقـود [ الـْــمـُـنـْـتـَـقـَـد ] ، أن يقبل و يتقـَـبـّـل النـقـد من الـنـاقِـد بعَـقـل مُـتـفـَـتّـح ، وصدر واسع رحب ، وبالتأكيد سيسعى من يكون قد خضع لهذا النوع من النـقـد ، حتما لتغيير ما كان عليه من آراء ، وتفكيك ما رسمه من مشاريع ، سينشط وبكل طاقة وسرعة لتبني الصواب وتجاوز الخطأ ، والتحرك نحو التكامل والحسِـن والجـيّد :

 بسم الحي العظيم

* كونوا أقوياء ثابتين ، فإن اُضدهتم فاحتملوا الإضطهاد إلى أن تقضوا آجالكم بعضكم لبعض مساندين * ولا تغضبوا ، ولا تهتاجوا ، إن الغضب والهياج مملوءان بوسوسة الشيطان .. فاطفئوا نار غضبكم بالإيمان .

 إذن فالمهمة النقدية ، يجب أن تكون مهمة رسالية إيمانية ، هدفها بناء الإنسان الصابئي ، والسعي من ممارستها ممارستها الى صياغة السلوك الإنساني الصابئي ، من خلال المفردات والنصوص الشرعية المرسومة له ، والواردة في كتبه المقدسة ، وما هو مُـدوّن ومعروف في سيرة وسنن أنبياءه ورسله عليم السلام ، وأعمال روحانيّه ، وسلوكيّات واجتهادات رجال دينه الأفاضل ، وعلماءه الأعلام .

 إن ديننا الصابئي الحنيف يـُـلـزمنا بالابتعاد عن مخادعَـة النـفـس [ النشماثا ] ، بتبـريـننا أخطاؤها وبالتالي إسقاطها ، والعمل على أن نقنع الـنـفس [ النشماثا ] أيضاً بصحة ما نقوم به ويصدر عنا ، وإرضاء النفس بواقعنا المريض المهزوز ، دون أن نتحرك لتشخيص الأسباب الكامنة لهذا المرض المزمن فينا والذي نتوارثه ، دون رضانا نحن الصابئة ( الورثة ) ، ضمن تركة ثقيلة محملة بها نتيجة ظروف فرضها علينا من يريد إسقاطنا وتغيبنا عن الساحة الإنسانية ، التي تحمل أعمالاً جليلة لصابئة كُـثر ومعروفين ، لم تستطع مَـعـاول تزييف التأريخ من هدم أسوارها الإيمانية ، التي تحيط وتحصّـن النفس الصابئية .

 قيل : إن رجلاً عَـبـَـدَ الله أربعين سنة ، ثم قدّمَ قرباناً فلم يقبله الله منه ، فقال الرجل لنفسه : ما أتيت إلاّ منك ، وما الذنب إلاّ لـكَ ، فأوحى الله سبحانه إ ليه : ذَمـّـكَ لِـنـَـفسِـكَ أفـضـَـل من عبادَتِـكَ أربعين سنـة .

 بسم الحي العظيم

* أفـيقـِي يـانـَـشـمـثـا .. أفـيـقي من نـَـومِـكِ * تـَـطـَّـلعـي على بـيت هيّـي . * إنهضي وتطلعّـي إلى بيت هيي أ وارفعي وجهـَـكِ صَـوب بـَـلـد الـنّـور * أنـْـظـري إلى العالم كلـّه .. شيئ كاللاشيئ .. وما ليس بشي فـَـأيـة فائـدة فيــه .

صدق الحي المزكي

الإثنين, 01 نيسان/أبريل 2013 20:08

الأيام الخمسة البيضاء ( البارونايا )

الأيام الخمسة البيضاء ( البارونايا )

 

د. غسان صباح النصار

 

بتاريخ 17/3 ميلادي 2009 الموافق 1 كبيسة (بارونايا) 2015 يوهاني ، من هذا العام تمر علينا مناسبة مباركة ، وهي بداية (البارونايا) بأيامها النورانية الخمسة وهي ذكرى خلق عوالم النور (آلمي دنهورا) وتجلّي عظمة الخالق (م) في خلقه (بداية الخليقة العلوية) .وهي نور لا يشاطره ظلام ، ونهار لا يقاسمه ليل ،ولذلك تجدنا نصلي صلاة الصبح (قوم قوم بهيري زدقا...الخ) في كل أوقات اليوم ولو كان ليلا ،ابتهاجا ً بالنور الذي تجلى على العوالم في هذه الأيام .

ولكوننا أبناء النور وهو منبع عقيدتنا المندائية فأنها تعتبر أقدسُ مناسبة دينية. وعملية الخلق موضحة في كَنزا ربّا ، الأسرار/ القسم الأيمن/ سِفرُ الخليقة ، وفيه يتحدث هذا السِفرُ المجيد متفرداً ًبالقول ، سارداً أسرار البداية ، بأن ما يشابه الانفجار العظيم جعلَ العالم ينبثقُ ويتوسعٌ من الثمرة الأولى :

? باسم الحي العظيم..الأغنى والأسمى

هذا هو السّرُّ.

هو الكتاب الأولُ لتعاليم الحي الأزلي

الذي لا بداية له.

الثمر داخل الثمر. والأثير داخل الأثير ?.

 

كما تقرأون فأن الحي أزلي سرمدي لا بداية له ، هو الخالق ، والخليقة النورانية التي بدأت هنا هي عوالم النور السامية (آلمي دنهورا) ..بدأت كأنها ثمرة واحدة أو كيان متوهجُ واحد ، وحين بدأت تنبض بالحياة بدأ توسعها العظيم وانفجارها في السديم ، لتتولد من الحياة والأفلاك والعوالم:

? ثمارٌ لا حدود لها ، وربواتٌ لا عدد لها ، طلعت من الثمر العظيم الذي لا حدَّ لهُ.. مسبّحةٌ للوعاء العظيمِ ذي الوقار، الحالّ بالأثير العظيم?.

ومن هذا التوسع المنقطع النظير كان (أثير الضياء العظيم) ومن الضياء (زيوا) كانتْ (الحرارةُ الحيّة)، ومن الحرارة الحية كان النور ( نهورا ):

? وبأمر ملك النور العظيم ذي الوقار

حلَّ الثمرُ داخل الثمرِ العظيم..

وبأمرهِ سبحانَهُ

كان أثير الضياءِ العظيم

ومن الحرارة الحيَّة كان النّور ?

فكان:

اليوم الأول : انبثاق وتجلّى عظمةُ (ربا إيلايا) وهي صفة القِدم الأزلية السامية التي يتفرد بها الحي العظيم (م.أ).

اليوم الثاني : تتجلّى عظمتهُ في المكان فيكون (مارا إد ربوثة إيليثا) وهي صفة العظمة والسيادة الأبدية التي يتفرد بها الحي العظيم (م.أ) .

لاحظ إنّ في اليومين الأول والثاني كان الانبثاق والتجلي ، أي صار الانتشار في المكان وبداية الحدث والفعل والزمن ..إنها الكينونة الأولى ..وهنا كأنه يتحدث عن الضياء(زيوا) العظيم الذي حلّ بالأثير العظيم لتتكون الحرارة الحية والتي منها كان النور.

اليوم الثالث: تجسّدتْ المندائية (والمندائية = المعرفة أو العلم) بأعظم صفة للخالق (العارف) بخلق المانا (وهي صفة أعظم من الأثري والملاك) الكبير والعظيم (منداد هيي) ، فكانت المعرفة رأسَ صفات الخالق وتاجاً لمختاريه ، و الاسم الذي تسمى به رسالة النور (المندائية) . 

اليوم الرابع : تتجلّى عظمة مثيل العهد أو الحق (دموث كُشطا) ، أي تجلّي صفتي المثيل (الدموثا) والعهد أو الحق (الكوشطا أو الكُشطا) التي يتفرد بها الحي العظيم(م.أ).

اليوم الخامس: فهو يتميز باكتمال العالم السماوي الأول السامي حيث انبثق (اليردنا السماوي) والذي هو أصل الحياة في عوالم النور ومنه انبثقَتْ (الحياة العظمى) :

? وإذ صارَ يردنا العظيم ، صار الماءُ الحيّ..

الماء المتألق ُ البهيج.

ومن الماء الحي ، نحن الحياةَ صرنا

ثم صار الأثريون?.

والحياة العظمى تتحدث في نصوص ( كَنزا ربّا ) مع مندا هيي (م.أ) ، وكأنها المتحدث باسم الحيّ وقدرته ، رغم إنها مخلوقة منه ولكنها عظيمة وواسعة لأنها تمثل عرشاً لأتساعه وتجليه ،كما أنها مكان ولادة وانبثاق العوالم تباعا (الأول فالثاني فالثالث فالرابع) :

?من يردنا العظيم بدأتْ الحياة، وقوّمتْ نفسها مثيلاً لمانا العظيم الذي منه انبثقَتْ?.

ومن أهم المراسيم التي تُجرى في هذه المناسبة طقس الصباغة المبارك والذي أساسه العهد (الكشطا) ، حيث نُعاهد أنفسنا أن نبدأ حياة جديدة مليئة بالمحبة والتسامح مع بعضنا البعض، وكذلك يُرفعُ طقس الرحمة (اللوفاني) لأحبتنا وذوينا الذين فارقوا الحياة داعيين لهم بغفران الخطايا والذنوب، وكذلك طقس ( القماشي ) ، و تكريز بيت الطين (الشخنثا). ونحن في هذه الأيام نلتزم بواجب الصوم الكبير (حيث الابتعاد عن المعاشرة الزوجية، وصوم جوارحنا عن كل أثم يشين لنفس الإنسان) والالتزام بتناول الأطعمة المندائية الطاهرة المباركة باسم الحي. وواجب على الفرد المندائي منح الصدقة المباركة إلى الفقراء المحتاجين، فهي أيام الدعاء والرجاء والابتهال والصلاة والصيام والصدقة والعمل الصالح والابتعاد عن كل ما يسيء للنفس ، وهناك قبل البنجة ، خمسة أيام مُبطلة ثقيلة ، والتي يجب فيها الالتزام بالصومين الكبير والصغير ويوم واحد بعد البنجة . وكل برونايا وانتم بخير . 

  مع غروب شمس اليوم الاخير من السنة المندائية تبدأُ مراسيم الإجتماع العائلي ، لنحتفلَ ونعيد ذكرى الخليق الارضية . قرابة ال(36ساعة) تتجتمعُ خلالها العائلة المندائية وتتباركُ بقراءة الأدعية والتسابيح المندائية في كتبنا المقدسة، ويقومُ المندائي بالقيام بتخزين المياه وكل الأطعمة والمشروبات في داخل منزله، ولا يختلط بالمحيط الخارجي و لا يمسْ اليردنا خلال الكراص. ويمثل الكراص (الكرصة) عيد رأس السنة المندائية.

وهناك فكرتين لتفسير الكراص:

•الاولى تعود الى تصليب الارض وتهيأتها لبداية الحياة الارضية بأمر الحي العظيم ، بعدما كانت مياه آسنة وجزءاً من عالم الظلام .وهنا يحاول الملاك ابثاهيل المُكلّفُ بهذه العملية ان يقوم بها، ولكنه يعجزعن تصليب الارض فيصعد للسماء ليطلب من أبيه أباثر العظيم المساعدة فيُمنَحُ السر من عوالم النور، وبالنداءات الثلاثة التي وهبها اياه الحي العظيم يعودُ ويطلقُ النداءات:

النداء الاول بصيحتين:

في الاولى :تتكثف المياه (وهنا هو اليوم الاول من الكرصة والذي يبدأُ مع غروب الشمس) والذي مازال الماء فيه آسنا ولا يسمح لنا بلمسه.

وفي الثانية: تصيرُ اليابسة ،وهنا يكون اليوم الاول من عمرالارض اي (1/1)، وهو اليوم الثاني من الكرصة، ولا يُسمح لنا أن نمسَّ الماءَ لأن المياه الجارية لم تتدفق بعد، حيث تتدفق المياه الجارية بالنداء الثاني للملاك أبثاهيل ،مباركٌ إسمه.

النداء الثاني: تترقرق المياه في الأرض (تيبل)، لذلك يكون 2/1 مندائي يوم الخروج من الكراص وملامسةالماء الجاري ،لأن قبل ذلك كان الماء آسنا ولا يجب لمسهُ.

وبالنداء الثالث :تُخلق الحياة والاطياب والأطيار.

وبعدها يقع ابثاهيل تحت وسوسة ابناء الظلام وينادي بنداءات اربعة اخرى بتأثير الظلام وينتج النقص ، وهذا هو تفسير ايام المبطلات التي تواكب هذه المناسبة حيث تتعاظم قدرة الظلام ومخلوقاته في هذه الايام ،حتى يشتدُ خطرُ الظلام في اليومين السادس والسابع ليكونان يومين مبطلين ثقيلين.

(راجع كنزاربّا- اليمين طبعة بغداد ص 290/ تسبيح الخلق).

 

• اما الفكرة الثانية وهي الارجح :

إنّ الكرصة تعودة لحادثة خلق آدم ،وهنا يلتفُّ عالمُ الظلام ومخلوقاتهِ على ابثاهيل ويقنعه بالاشتراك معه في خلق آدم ، فيوافق ابثاهيل ثم يعجزُ من إتمام المهمة ولا ينتصب آدم على قدميه كما الحيُّ شاء، فيصعدُ أبثاهيل للسماء ويُعطى النفس(النيشمثا) ملفوفة بالنور ومحروسة من قبل ملائكين حارسين ويعودُ بها للأرض، وحين تحين الساعة ان تدخل النيشمثا (النفس) في الجسد المطروح يأخذها الملاك العظيم مندادهيي بيده العظيمة ويرميها في الجسد ليتمّ خلق آدم وينتصب واقفاً على قدميه. 

((حين آقام بثاهيل آدمَ على قدميه ، كنتُ أنا (مندادهيي) من أنهضه.. ولحظة وضعَ يدهُ عليه، أنا الذي جعلتهُ يتنفسُ الحياة)) كنزا رّبّا 

والنفسُ هي النفحة التي جاءتْ من مخزنِ الأسرار في عوالم النور السامية لتمثل الفكر والعقل وتُحرّك فيه الروح . وممكن ان تكون هذه العملية قد بدأتْ مع غروب اليوم بعد ان سبقتها مراسيم وطقوس خاصة وإستعدادات في النهار، وهذا قد يكون هذا تفسيرا لطقوس الكنشي وزهلي التي تقامُ صبيحة اليوم الاول للكرصة إستعداد لبداية الكراص مساءاً (وهنا يبدأ اليوم الاول من الكرصة).

وفي صبيحة اليوم التالي يكتملُ خلق آدم ، وهنا يكون اليوم الاول من عمر الإنسان والبشرية وحساب الزمن ، أي(1/1) رأس السنة المندائية، ويعتبر هذا اليوم كرصة ايضاً ولايسمح لنا ان نمسَّ الماء حتى اليوم الثاني( 2/1 ) ،حيثُ يوكلُ الملاك مندادهيي، مباركٌ إسمهُ ملائكة المياه الجارية حراسا لآدم في ذلك اليوم فقط (اي 2/1 ) ليرجعَ لعالم النور فلذلك لايمكننا أن نمسُّ الماء قبل ذلك – وهذا تفسير عدم ملامسة الماء الجاري قبل اليوم الثاني من السنة.

(( وأمتلأت عظامهُ بالمخ. ونطقتْ فيه إشعاعيةُ الحيّ ..ففتحَ عينيهِ. عندها عرَجَ إدكاس زيوا الى موطنهِ ...

وأوكلتُ بهِ ملائكة المياه الجارية)) كنزا ربّا .

وبعد خلق ادم يرجع مندادهيي(م.أ)- اي في 2/1 - ليظلَّ الشر والظلام يحاصران النيشمثا المسكينة الوحيدة (وهذا هو تفسير المبطلات المُزامنة لهذه الايام) ,وتعاني النفس بعد نزولها من علياء عوالم النور للجسد الطين، وهذا ما ترويه لنا نصوص كنزا ربّا المباركة. وتزدادُ معاناة آدم ووحدتهُ في يومي السادس والسابع من السنة المندائية، فيشتدُّ بأس الظلام والأشرار على آدم حتى يأتيه العون مع هبوط الملاك المخلّص مندادهيي مرة اخرى في ليلة 6-7 /1 ليساعدَ آدم ويهبَهُ المندائية (المعرفة) حارصاً أن يهبَها له بنفسهِ كما أدخل النيشمثا بيده الكريمة الى جسدِ آدم ، وهنا يبدأُ تعليمُ آدم وهبوط الكنز الالهي العظيم (المعرفة) لتكون سلاحاً لآدم وبنيه، وأول كلمات النور كانت إفتتاحية الكنزا ربّا المبارك اذ يخاطب آدم بالمعرفة بادئاً بتعريف رأس المعرفة، الحي العظيم ، فيقول:

بسم الحيّ العظيم

(هو الحيُّ العظيم، البصيرُ القديرُ العليم، العزيزُ الحكيم، هو الأزلي القديم، الغريبُ عن اكوان النور) كنزا ربّا

وممكن ان أتجرأ هنا اكثر واقول إنّه يوم بداية نزول تعاليم كتابنا المبارك كنزا ربّا ، سلاحاً وخلاصاً ورحمة للعالم الجديد، وهذا هو تفسيرعيد شوشيان (ليلة القدر المندائية) ، وهي ليلة مباركة يقضيها المندائيون حتى الصباح بقراءة الأدعية والتسابيح المباركة ،لأنه يوم تلبية الدعاء وقبول الرجاء لكل قلبٍ وضمير وفكر طاهر. وتنتهي المبطلات بجلاء المعرفة كاملة لآدم فيندحرُ الظلام بأكتمال التعاليم وسيادة العقل، وهنا تكتمل المبطلات ، ليبدأ يومٌ جديد وعصرٌ جديد وحياةٌ جديدة .

راجع النص في كنزاربّا/اليمين- طبعة بغداد ص70.

لذا فإن الفكرتين او التفسيرين السابقين يتفقان على كون العيد الكبير( دهوا ربّا) هو ذكرى الخليقة الأرضية أو الحياة الدنيا .

الصفحة 3 من 3

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014