• Default
  • Title
  • Date

مرت ثمانية وأربعون ساعة وأنا أعاني من صراع أفكاري ، ولم أتمكن أن أحسم قراري قبل أن رأيته بالحلم .. هل أنا سعيد أم حزين ؟ هل أنا سعيد بصدور قرار الشعب بالحكم على المجرم صدام بالأعدام ، والذي نال جزاءه على ما أقترفت يداه من جرائم وأبادة للشعب العراقي .. الحقيقة إنني لم أكن سعيدآ بل لفني الحزن والأسى حينما تذكرت ضحايا هذا المجرم المحترف ونظامه الفاشي من أهلنا وأحبائنا وأصدقائنا وكل شهدائنا الابرار ، ولم أكن حزينا" لأجله ، بل حزينا" على ذكرياتي مع الأحباب الذين فقدناهم بسبب هذا المجرم ، ثم هي عادتي أن أكون حزينآ عندما أتذكر الموتى والراحلين من أهلي صباح أول أيام كل عيد ، فهناك في ثرى الوطن العزيز ترقد أجساد الأحبة الأعزاء ...أمي وأبي وشقيقتي والشهيد ستار خضير والشهيد بهاء عبد الجبار وأعمامي وأخوالي والأقرباء ، ومما يزيد في حزني تعذر زيارة قبورهم بالعيد ، حيث أعتدت أن أضع ورود حمراء على قبورهم في هذه المناسبات .

وتذكرت أن هناك أحبة أعزاء من الأهل ورفاق الطفولة ضاعت أجسادهم وروت دمائهم الزكية تراب بلادنا العزيزة بلا رمز أو علم على خارطة الوطن ، لذلك فكرت أنه أذا أنصفنا الدهر ورجعنا الى بلادنا يومآ علينا ان نزرع كل شبر من تراب الوطن بالورود الحمراء فقد يكون تحت كل وردة جسد حبيب أو رفيق أو صديق شهيد ، كم أنا حزين ؟ الشهداء كثيرون والذكريات حزينة وآلامنا كثيرة ، هل عملنا لأجل شهدائنا وهل حفظنا لهم العهد ؟ هل أنتقمنا لهم ؟ هل أخذ الشعب ثأره من المجرمين القتلة ؟ هل استراحت أرواح الشهداء بعد سقوط صدام ؟ هل وصلنا الى ما نريد في وطننا السعيد ؟ هل يرضى علينا شهدائنا الخالدين ... ستار خضير ، نافع عبد الرزاق ، سلام عبد الرزاق ، هيثم ناصر ، بهاء عبد الجبار ، سمير جبار حامي ، ورحيم كوكو ، وكل شهدائنا المندائيين وشهداء الشعب العراقي ، وهل أوفينا لهم حقا" ؟ تزاحمت الأفكار وتشابكت القرارات والنتائج ، بين حزين وسعيد ، وأخيرا" قرأت لهم سورة الفاتحة ودعوت الحي العظيم أن يكون مقامهم عال في جنات الخلد خالدين فيها .

وقد حسمت هذا الصراع عندما أطل علي بطلعته البهية ، بوجهه الصبوح المنير والمشرق الحنون ، لقد رأيته في حلم جميل ... أدخل أنا الى فضاء واسع ينتشر فيه الكثير من الشهداء الخالدين ، لم أميز وجوههم بل سمعت أصواتهم ، وأنا في ذهول ، فجأة لمحت ذلك الوجه الجميل الذي فارقته منذ أكثر من خمسة وعشرون سنة ، بنفس أبتسامته المعروفة ونشاطه وحيويته ، أنه وجه الأخ العزيز والصديق الوفي وعطر الطفولة الشهيد نافع عبد الرزاق وهممت أن آخذه بالأحضان ولم أتمالك نفسي وقتها فأجهشت بالبكاء على كتفه بصوت عال ، هكذا لقاء الأحباب ومر الفراق ، لحظة وقد غاب عني ذلك الوجة العزيز ووجدت نفسي أحضن نورا" ساطعا" ينسل بين أحضاني ودموع في عيوني وقد أستيقظت .... وللأسف تفارقنا بدون وداع ، فقط أتذكر أبتسامته ووجهه المنير ، ولفت أنتباهي إنه ما زال شابا" في الثلاثين من العمر مثلما فارقته منذ أكثر من خمسة وعشرون سنة ، حينها أيقنت ان الأرواح الخالدة لا تشيخ وهي في عالمها العلوي وإننا سكنة العالم السفلي فقط من يترك الزمن آثاره علينا ، إستيقظت من الحلم السعيد الحزين ، سعيد باللقاء وحزين للفراق وقد دخلت في دوامة أخرى من الأفكار .
أفكاري كثيرة ومتضاربة ، هل كانت أبتسامة الشهيد هي بسبب لقاء الأخوة والود الذي بيننا ؟ أم هو علامة لفرحته وغبطته وهو يرى المجرم صدام كالجرذي في قفص الأتهام ؟ وهل هي شماته بصدام ؟ ماذا لو طال لقائي برفيق الطفولة العزيز نافع ، كنت أود ان أساله عن أخبار أخوانه الشهداء ؟ وأبلغه ان أخبار الوطن ستصلهم مع القوافل الجديدة من الشهداء حيث يحترق الوطن الأن بما فيه وتدمر رموزه الأنسانية والحضارية وإن الطائفية ألعن الف مرة من الدكتاتورية المقيتة ، كنت أريد أن أقول وأقول الكثير المؤلم عن الوطن .
أعذرني يا عزيز الروح .... كنت أريد أن أسالك أين موقعك ؟ هل أنت في القلب أم في العين باق ؟ رجاءا" لاترحل عن عيوننا ولا ترحل عن قلوبنا .. فالشوق والحنين لكم كثير ، وأعلم أنكم تعيشون بيننا وأنكم لن تموتوا ، يموت أعدائنا وتنمحي آثارهم وتبقى أنت وأخوانك الشهداء خالدين في الذاكرة .. خالدين في جنات النعيم .

إعذرني أيها العزيز الغالي .. لقد أنشغلت بالدموع والبكاء وتركتك تنتظر ، هل كان الأفضل أن لا أبكي وأنا أراك ؟ هل آذيتك بالبكاء ؟ سامحني ، كيف أقابل أبتسامتك بالبكاء ، لقد كنت سعيدا" في لقائك لكن دموعي خانتني . لقد أفسدت حلمي دموعي . كنت أريد أن أسالك عن مكان قبرك الندي ، عن مكان الثرى الذي يضم جسدك الطاهر ، عن تراب الوطن المقدس الذي تجري فيه دمائك الزكية التي روت نخيل العراق ..... عن حبل المشنقة المخضب بدمك العطر والذي سيلف على رقبة صدام النتنة ، وسيلعن التاريخ كل المجرمين والقتلة ويقتص الشعب منهم مهما طال الزمان .
كنت أود أن أخبرك أيها القبطان البطل إن سفينتك ما زالت مبحرة تشق عباب البحار وبهمة ونشاط يقودها أخوتك في العقيدة والنضال ولن يوقفها الموج العالي ، وعلى الأرض ستسرج الخيول يوما" ويعتليها فرسانها ونحقق حلمنا في العيش بسلام وأمان ، وسأصلي لك ولأخوانك الشهداء الأبرار وأنا على العهد باق وسأنقل عنك تأريخك المجيد وسأتحدث عنك الكثير ، نأمل أن نرجع يوما" للوطن ونحني أيادينا النظيفة بتراب الوطن العزيز المخضب بدماء الشهداء الزكية ونبني وطننا السعيد . وأعدك أيها الغالي : بأنني سأضع علما" الى جوار الراقدين في تراب أرضنا الطاهرة من أهلنا وأحبائنا وشهدائنا وأكتب أسمك وتاريخ ميلادك وتأريخ أستشهادك ، ليكون مزارا" لنا وسأضع وردة حمراء على رمزك كل عيــــد .
سأنتظرك يا عطر الطفولة الندية في كل فجر يوم جديد تطل عليّ بأبتسامتك الرقيقة ، وسأعيش لأراك مرة ثانية مبتسما" شابا" حيث هي سعادتي ، لقد ودعتني قبل أن تذهب لموعدك المشوؤم في بيتي القديم في وطننا العزيز وها أنت تزورني على عنواني الجديد في بلد الغربة ، سأنتظرك كثيرآ وللأبد فأنا مشتاق وأنت تعرف العنوان .

 

نشرت في شهدائنا


قدم الصابئة المندائيون مثل بقية مكونات شعبنا العراقي، شهداء ضحوا بحياتهم من اجل العراق وشعبه ولايمكن للتاريخ الا ان يخلدهم بوصفهم شهداء هذا الوطن ادوا ما عليهم بشجاعة ونكران ذات وتجلت شهادتهم من خلال الحركة الوطنية العراقية ونقدم اليوم ذكرى شهداء الصابئة المندائيين في مقارعة أنظمة الطغاة.

أول شهيد صابئي

و لد الشهيد عبد الجبار الزهيري في العمارة في العشرينيات من القرن الماضي وهو أول شهيد صابئي مندائي في سبيل حرية الوطن واحد مناضلي الحركة الوطنية في العراق،،. كان ابوه نجارا يصنع " المشاحيف " والادوات الزراعية للفلاحين..

أكمل عبد الجبار الابتدائية في،المشرح،واستشعر ظلم الاقطاعيين وجورهم على الفلاحين، وفي مجتمع مليء بالتناقضات كبر عبد الجبار، وتطوع في الجيش، وانتمى الحزب الشيوعي العراقي ،الا ان امره اكتشف ففصل من الجيش،وفتح له الحزب مكتبة في كركوك " مكتبة الغد الجديد " واستمر بعمله الحزبي...ولدى اضراب عمال النفط في كركوك،كان عبد الجبار واحدا من خمسة في لجنة الاضراب،حتى مجزرة كاورباغي المعروفة في عام 1946، وإثر ذلك صدر امر القاء القبض عليه وعاد الى الكحلاء في العمارة،، مواصلاً نشاطه الوطني مـع رفاقه...ثم سجن في سجن الكوت.
وفـي عام/ 1953 اعتصم السجناء الشيوعيون في سجن الكوت فقطعت ادارة السجن الماء وحاولوا حفر بئر في ساحة السجن و حد ثت معركة غير متكافئة بين الشرطة وبين السجناء العزّل،،و انسحب السجناء الى القاعات،وكان عبد الجبار الزهيري احد الذين استشهدوا، فــي مجزرة ســجـن الكـوت..

اغتيال الدكتور عبد الرزاق مسلم الماجد

ولد الشهيد الدكتور عبد الرزاق مسلم الماجد في الناصرية عام 1929 وكان والده أول المعلمين هناك، تخرج عبد الرزاق من معهد المعلمين العالي عام 1951 وعين مدرساً في ثانوية الناصرية وكان محبوباً من قبل زملائه وطلابه و نقل إلى الخالص عام 1956 ودرس العربية في الخالص وفي دار المعلمين ببعقوبة. وبعد 1958 قدمA R Muslim طلاب ثانوية الناصرية عريضة طالبوا فيها بإعادته إلى مدرسته وفعلاً عاد عبد الرزاق إلى مدينته وعين مديراً لثانويتها. وبعد الاضطرابات التي حدثت عام 1959 نقل إلى بغداد بناء على طلبه فعين مدرساً ومفتشاً في تربية الرصافة. وفي عام 1960 حصل على زمالة دراسية في روسيا. و درس في جامعة موسكو الفلسفة و عاد إلى الوطن عام 1966 وعين عام 1967 أستاذاً للفلسفة في جامعة البصرة.
لعبد الرزاق مؤلفان الأول " مذاهب ومفاهيم في الفلسفة وعلم الاجتماع " والثاني " دراسة ابن خلدون في ضوء النظرية الاشتراكية ". وكان قد أنجز ترجمة أطروحته عن الروسية وأرسلها للطبع إلى بيروت ولم يعرف مصيرها حتى الآن وفي ليلة 21/3/1968 وبعد 6 أشهر من تعيينه أستاذاً للفلسفة في الجامعة تحركت يد قوى الظلام لتطفئ شمعة مضيئة من شموع العراق عبد الرزاق مسلم ففي مساء الخميس الساعة السابعة في كورنيش شط العرب وهو في طريقه لزيارة رئيس قسم الفلسفة في جامعة البصرة والمريض في داره انطلقت رصاصات الخيانة فوقع مضرجاً بدمه ليستشهد على الرصيف.وفي يوم السبت انطلقت تظاهرات صاخبة لطلبة وأساتذة ا لجامعة حاملين جنازة رمزية للشهيد استمرت لثلاثة أيام لبسوا فيها السواد حداداً على أستاذهم، مطالبين بالقصاص من القتلة.

الشهيد حميد شلتاغ

كتب الاستاذ موسى الخميسي شهادة مؤثرة بحق الشهيد حميد شلتاغ قائلا (تاريخنا المندائي يحمل نقاط استدلال مضيئة، لا نتردد في العودة اليها كلما حملتنا الامواج في هذا التيه الكبير).
انه احد الرجال الكبار في طائفتنا المندائية، الذين نذروا انفسهم من اجل بناء اوطانهم وتحقيق آمال شعوبهم، وكان مناضلا حقيقيا مواكبا للمتغيرات التي عاشها العراقيون بشكل عام والمندائيون بشكل خاص، ومنذ كان شابا في الخمسينيات، عندما كان طالبا في الثانوية، أعلن و بجرأة انحيازه الكامل الى قضايا الناس، ودفاعه عنهم من اجل بناء وطن سعيد للجميع، و اضمر له اعداء الشعب، حقدا مميزا، فاعتقلوه عام 1962 حين كبست قوات الامن اجتماع اللجنة الحزبية التي كان يقودها و كانت تنظم عمال البرق والبريد، وظل معتقلا لخمس سنوات، وتنقل من سجن الى آخر.
كان (ابو مجيد)، وهو يحتضن هموم وطنه، وينهل من ينابيع المعرفة، منكبا على مواصلة العطاء، وبرغم كل الصعوبات التي واجهته في غرس قيم انسانية، انعكست في ارض الواقع العراقي، وفي مجالات عمله السياسي كواحد من كوادر الحزب الشيوعي العراقي.
لقد عانى الشهيد كثيرا بسبب ما رآه من التغيرات الكبيرة التي احدثتها الفاشية في البلد من خلل كبير على الهوية الحقيقية لفكر وتربية الانسان العراقي، ولم يفقده الارهاب الذي ساد عموم البلاد، بعد 1978، قابلية ان يكون اكثر الناس حراكا وتميزاً ونشاطاً.
التقيته في الفترة بين عامي 1975 و1976، وفي آخر لقاء بيننا،حمل نفسه ليجيء الى بيتنا ليودعني بعد قراري بالسفر وكان اللقاء به محطة تعنيني وتهمني كثيرا.
وكانت حواراتنا تأخذ ابعادا اكثر دقة، وهو يتحدث عن غد الانسان، عن أيد الجلادين، وعن الضحايا الذين تخافهم السلطة المستبدة، عمقت محبتنا بفكره نتذكر هذا الانسان الفذ، ويمتلكنا الاسى والحزن. حميد شلتاغ ولد في العمارة عام 1924و انتقل الى بغداد ليلتحق بالقوة الجوية، واكمل دراسته الجامعية في كلية التجارة المسائية واعدم في سجون الطاغية عام 1985 .

ستار خضير


وثق نعيم الحيدر على نحو مؤثر حكاية الشهيد البطل ستار خضير فكتب يقول(الشهداء هم آباؤنا، أخوتنا وأخواتنا.. أبناؤنا، هم جميعا" شهداء الوطن، هذه الباقات من الأزهار الفواحة التي دخلت سفر التأريخSattar-al-hayder.
ولد الشهيد (ستار خضير الحيدر)، في ناحية (المسيعيدة) الكحلاء في العمارة، عام / 1930، عاش الشهيد ستار صباه في عائلة مندائية كادحة تعمل بالصياغة. دخل دراسته الأبتدائية عام 1937وتوفيت والدته وعمره تسع سنوات،، وعمل مع والده يساعده في العمل وادرك الشهيد حقيقة الصراع الطبقي منذ أن تخرج من مدرسته الابتدائية عام / 1944 وهو ينظر الى عيني والده تزدادان احمراراً وجسده يزداد نحولاً كلما وجد نفسه في دكان والده يساعده، وغادر واكمل دراسته في متوسطة العمارة عام 1945،، وفي المدرسة، التقى بزملائه من الطلبة الشيوعيين، في العمارة تعرف ستار وزملاؤه على المناضل الشيخ حسين الساعدي،، فأخذ يحدثهم عن هموم الشعب ومآسيه.
كان في الثالث المتوسط عندما حدثت وثبة كانون 1948 وعمت التظاهرات العمارة، وأول عمل قام به ستار ورفاقه الطلبة نزولهم الى الشارع الرئيسي والأشتراك في التظاهرة وهم يهتفون للوثبة يطالبون بألغاء معاهدة بورتسموث، وهاجمتهم الشرطة ونجا ستار ورفاقه من رصاص الشرطة واستشهد زميله وهرب الآخرون الى الكحلاء.
بعد تخرجه من دورة المعلمين عمل في احدى مدارس أبوغريب الأبتدائية عام /1951 و فصل من الوظيفة نهاية العام نفسه بسبب أنتمائه السياسي وأضطر الى العودة الى الكحلاء ليعمل من جديد مع الفلاحين الكادحين وهو يوزع عليهم منشورات الحزب الشيوعي من خلال دكان البقالة البسيط الذي فتحه ؛ وخلال انتفاضة تشرين عام 1952 وصلته من بغداد رزمة من منشورات الحزب وبدأ بتوزيعها على أهل الكحلاء، ونتيجة لوشاية أحدهم ألقي القبض عليه وجميع أخوته وأقاربه من قبل رجال الشرطة وأرسلوا مخفورين الى دائرة أمن العمارة بتهمة توزيع النشرات الوطنية و تعرض الجميع الى الأهانة وعندها قال ستار بشجاعة، (أنا موزع المنشورات وحدي ولا شأن لهم بها). وحكم عليه بالسجن ستة أشهر. في عام 1954 جاءت سيارة مسلحة من العمارة لإلقاء القبض عليه بسبب نشاطه وحاول الهرب الى قلعة صالح مشيا" على الأقدام إلا إن الشرطة تابعته وألقت القبض عليه وأعادوه الى الكحلاء بعد أن أعتدي عليه بالضرب أمام والده الذي يكن له الحب ويفتخر بنضاله وبطولته أمام أهالي الناحية فأنقض على الشرطة بعقاله وساهم أخوه الأصغر باسم بقذف الشرطة بالحجارة وأصاب شرطيين منهم وسالت الدماء من رؤوسهم فألقي القبض على الجميع وأرسلوا الى المحافظة، تم التحقيق مع ستار باعتباره شيوعيا وعلى والده وأخيه لاعتدائهم على الشرطة، وبعد دفع مبالغ تنازل أفراد الشرطة وأطلق سراح والد ه وأخيه وحكم عليه بالسجن سنتين وسنة مراقبة وسفر فورا" الى سجن بعقوبة و تفاقمت المضايقات للعائلة واضطرت الى الهجرة القسرية الى بغداد. وبعد انتهاء محكوميته عام 1956 سفر الى بدرة وجصان ثم حصل على عمل في معمل، وبحكم خبرته أنيطت به مهمات صعبة و مسؤوليات كبيرة. بعد ثورة 14 تموز عمل موظفا" في مصرف الرافدين في بغداد لعدة أشهر قبل أن يستقيل بتوجيه من الحزب ليتفرغ للعمل الحزبي. وعمل في كوردستان في الستينيات لإعادة بناء الحزب هناك كان الشهيد يتنقل بين الموصل وكركوك و أنقذ حياة العديد من رفاقه الذين وضعت أسماؤهم في قوائم الاغتيالات، أضافة الى كل ذلك كان يقود التنظيم العسكري في كوردستان و أتخذ من دارنا مقرا لعمله السياسي فترة طويلة للقاء رفاقه وتسيير أمور ونشاط منظمته. عاد حزب البعث الفاشي من جديد في تموز من عام 1968 وتحت شعارات مزيفة، و كرس المجرم صدام حسين جل اهتمامه لتقوية منظمة حنين الإرهابية التي تضم القتلة المحترفين وطورها لتصبح جهاز المخابرات العراقية ليقوم بالتصفيات الجسدية أو الدعس بالسيارات أو بالسموم القاتلة بناء على الأوامر الصادرة منه مباشرة و كان يشرف على الأجهزة الأمنية واتخذت قيادة البعث قرارا" بتصفية مناضلي الحزب بمن فيهم الشهيد ستار خضير ففي عصر يوم 16 / حزيران / 1969 خرج الشهيد من شارع فلسطين بهدف العودة الى أهله، وأثناء انتظاره الباص توجه أليه شخصان مسلحان وأطلقا النار عليه فسقط مغميا عليه ونقلته ا لشرطة الى مستشفى الطوارئ، واجريت له عملية جراحية صعبة و بعد ساعات أفاق من المخدر وكان أخوته ومعارفه يتناوبون بالدخول أليه ليل نهار، استطعت الدخول الى غرفة الأوكسجين بجانب شقيقه الذي لازمه طوال مدة بقائه في المستشفى وكان يحتضر وأدركت أنها النهاية وبكيت ولكنه كان يحاول الضغط على يدي تدهورت صحته وبدأت أعراض التسمم تتوضح وفي ظهيرة اليوم الثالث رحل الشهيد مودعاً اعزاءه في يوم 19 / 6 / 1969 .

الشهيدة اكرام عواد سعدون

اكرام من مواليد الناصرية في 1/7/1954.. درست في بغداد عام 1971 وقبلت في كلية العلوم- فرع الفيزياء وتخرجت منه عام 1976.. واستقرت مهنيا في مصفى الدورة لحين القاء القبض عليها واستشهادهاIkram.
لقد عانت عائلة الشهيدة، الكثير من اجهزة السلطة الفاشية الصدامية.. وكان السفر ممنوعاً عليها واستطاعوا بيع بيتهم ليستأجروا بيتاً آخر في بغداد.. فانكشف امرهم مجدداً وبدأت الملاحقات.. وحاولوا شراء بيت يعوضهم عن البيت الذي باعوه لكن المبلغ المتبقي لديهم اصبح لا يساوي شيئاً فقد هبطت قيمة الدينار.. و بمساعدة ابنائهم المهاجرين تمكنوا من شراء بيت في مكان آخر.. ويقول شقيقها(هربنا خارج العراق وانتهى بنا المطاف في الجزائر.. عام 1979.. أوصلنا خبر وصولنا الى الجزائر الى الوالد فتدبر موضوع سفره الينا، كان ذلك في شهر كانون الأول من عام 1979.. وكان برفقة شقيقتي الشهيدة اكرام. كانت اكرام في ذلك الوقت تعمل في مصفى الدورة، اعرف جيداً أن لاكرام علاقة بالحزب الشيوعي العراقي وبدأت علاقتها بالحزب قبل ان تتخرج من الثانوية، اذ كانت عضوة في اتحاد الطلبة العام وعضوة في اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي.... وفي يوم الخميس المصادف 14 آب 1980 تم القاء القبض عليها بعد عدة سنوات وفي عام 1986 ابلغ رجال الأمن ذويها بأنهم اعدموا اكرام، ويمنع عليهم اقامة مراسيم العزاء.. في عام 1992 وصلتُ الى السويد وبعد استقراري فيها جلبتُ جميع افراد عائلتي لكي احميهم من بطش السلطة وبعد 26 عاماً في المنفى عدت الى العراق بعد سقوط الصنم.. في آذار عام 2004.. وانشغلت كثيراً في اصدار شهادة وفاة لها.. لكني اصطدمت بالروتين القاتل والفساد الاداري دون أن أحصل على شيء.

 

نشرت في شهدائنا

 

في ذكرى الشهيد عبد الكريم مطشر الهلالي

لم تعد الكلمات تنفع ازاء وحشية العنف الذي مارسه القتلة العراقيون بحق ابناء جلدتنا من المندائيين الشرفاء، والذي تنقل في الازقة والاجساد، ليغتال احبتنا، وليقطع النبض في قلوبنا .A kareem-Hilaly
لم يعد الصمت الملتبس والمشبوه، الذي احترفه الفاشيست العراقيون ومن سار معهم في مسيرتهم الدموية، حيادا او تسامحا، بل تخاذل جبان وانكسار سنرفضه حتى النهاية .
وها هي ذكرى اغتيال واحد من الاجساد المندائية الغضة التي سقطت صريعة الغدر بسلاح الارهابيين الاوباش الذين ابتلى بهم عراقنا المستباح ابد الدهر، تمر هذه الايام ، ملتفه بحزنها، وحارقة قلوبنا بجرحها، ونحن نجرجر مأساة مسيرتنا المندائية السائرة نحو الافول. انه الشهيد الشاب عبد الكريم الهلالي، ذالك الذي سكن وللابد في ذاكرة محبيه، بقامته الابية، وبهالته الحية، وكانه احد طيور كرامتنا المندائية، خفق باجنحته، في فضاءات البصرة والعمارة وبغداد ، ليرحل بعيدا، وليبقى في اعماق كياننا، تتحدث عنه نصوصنا ومجالسنا ونحتفظ بذكراه لانه واحد من المخلصين لقضية شعبهم، نحتفظ بذكراهم لانهم هم الذين يؤسسون لنا مستقبلنا الذي لانريد ان نفقده ان اضعنا الماضي.
لقد هوى بمصرعه، شعلة فتية من شعال النضال الوطني، وطوي بمصرعه صفحة من صفحاته الشبابية الخضيبة المشرقة، العامرة بفتوتها، بسير ومواقف الرجولة والتضحية والوفاء لحلم ظل ولايزال عامرا في قلوبنا اسمه ، العراق السعيد ، لايزال وبعد كل هذه السنوات مبتليا بالتناحر ومزايدات بمن يدنسون الارض بجرائمهم متهارشين متكالبين.
ما نفع الكلمات بعد امام مثل هذا الموت؟ هي طريقتنا التي يلومونا حتى هذا اليوم على التزامنا بها، لنقل كم اننا نحب الحياة وكم اننا اخوة عبد الكريم الهلالي ورفاقه لانزال نكلك احلامنا الكبيرة في بساطتها: ان نتعلم كيف نقبل بالرأي المخالف، كيف نصبح مواطنين في الحرية.
ستظل خالدا يا عبد الكريم ابد الدهر
وان ذهبت الى الموت وانت شابا، الا انك تركت لنا ابتسامات، هي الاشد فتكا بالزوال

لابد أن يتبدد الظلام

هذه كلمات أخي الشهيد عبد ا لكريم عندما كان يكتب في دفتر جيبه الصغير الذي لا يفارقه .يكتب بالرموز أحلى كلام للمناضلين في تأريخ الشعوب في وقتٍ تتصارع فيه أرادتان أرادة الخير وأرادة الشر الأسود المدمر قبل تأريخ أختفائه كان في الصف الثالث كلية الأدارة والأقتصاد في القسم الداخلي في الأعظمية و يشكو من مضايقات الجواسيس داخل الكلية و القسم الداخلي لأنه يلتقي بجعفر الخفاف وكانا يكتبان مواضيع في الادب والشعر و كان كثير المطالعة .

كانت الذئاب من حوله في ضراوتها وعاصفة الحرب العراقية الطائشة تطحن الشباب من الشعبين العراقي والايراني كان سريع البديهية الأبتسامة تضيىء وجهه الطفولي البريىء لا يتساهل ولايجاري احد على حساب معتقده السياسي بأسلوب هادىء ومقنع وكان محبوباً بين أفراد العائلة الكبيرة لاهله ومعارفه في سنة 1981 أختفى كريم ولم نعرف مكان اختفائه وخيم الحزن على العائلة وكانت الوالدة لا تريد أن تصدق أن كريم قد-----؟ وينبعث في نفسها حزناً وعذاباً وحنين وأمل وهي تردد باستمرار.(.,يمه كريم بالشمال..يمه كريم بموسكو .. يمه بالسويد..).وين أهل المروة يخبروني وين كريم . لهذا الوقت وهي الان في سورية عندها أمل بأنه حي... ولا تعرف أن الجلادين في 1983 .ارسلوا ورقة صفراء تبين مدى تعطشهم لقتل محبي الحرية المسالمين اصحاب الفكر الانساني شخص واحد من العائله فقط يعرف ولا يعلم الباقون.ليس هناك مجلس للعزاء

نشرت معلومات في موقع طريق الشعب تحت باب منتدى التواصل) عن أستشهاده في حلبجه ومهما كانت صحة تلك الرواية .تبقى يد الاجرام الصدامي البعثي في كلا الحالتين واحدة سواء بورقة الأعدام أوفي حلبجة ويبقى من اغتالو ا الفكر التقدمي من على مقاعد الدراسة في مزبلة التأريخ .. ويظل محبي الحرية والانسانية يرددون كلام كريم

لابد أن يتبدد الظلام ولابد أن تشرق شمس الحرية وبقي من جريمتهم في معسكر الرشيد شهادة وفاة صادرة من مستشفى الرشيد العسكري الرقم 339766 التأريخ3\10\ 1983 "تم اعدام المجرم عبد الكريم مطشر الهلالي...الخ"

الاسم:: عبد الكريم مطشر الهلالي

مواليد:مدينة العمارة 1958

طالب في كلية الادارة والأقتصاد \ الصف الثالث.

سَلَم شهادة الوفاة) لاَهله الملازم الاول احمد الدليمي.ضابط في مديرية الامن في العمارة محافظة ميسان

خيريه مطشر الهلالي

حٌب الوطًن دًينٌ لا يًسقُطْ

مرت على العراق أحداث مأساوية أصاب الطائفة الجزء الأكبر منها نظراً لما يتمتع به أبنائها من وعي سياسي وأخلاص للوطن فمن ألضروري عدم التغاضي والخوف من ذكرها ولتعرف الأجيال حقيقة تلك اللأحداث لأن معرفتهم بها من جانب واحد وربطها بما يجري ألأن للطائفة من تهميش وأبعاد وكما بين في المؤتمر الأول في أربيل من اننا تركنا كل شيىء من أجل النجاة وقبل 46 عاما وفي صباح يوم (8) شباط أستفاق الشعب العراقي على انقلاب حبلت به الرجعية وأعوانها ولم تلد غير سفك الدماء والتعذيب وتوالت بياناتها بالأعدامات والتنكيل ولم تسلم الطائفة من هذا العنف الدموي .فقد زج بأبناء وبنات الطائفة في المعتقلات وتعرضوا لأبشع صنوف لتعذيب.

لهذا قررت نخبة من أبنائنا انه من ألأفضل لهم ترك البلادحينما أمتزج في قلوبهم أليأس الذي أصاب الشعب بالأمل بالنجاةتوجهت المجموعة الأولى من المثقفين وأصحاب الحرف الىناحية (الحلفاية ) تمهيداً للذهاب الى أخوان لهم في أيرانوقد كتب

لاستاذ المثقف مديح الصادق الجهود التي قام بهاابناء الطائفة من أجل المحافظة عليهم وأيصالهم الى أيرانوأضيف هنا ما تصف به أبن الطائف هاشم هذال الزهيريمن نخوة مندائية. حيث قام بأصطحاب الأخوة الأربعةوهم الفقيد عبد الواحد مطشر . حميد. وحمودي.وسعيد. والسير بهمليلاً في الهور وأيصالهم الى عائلة مندائية في البسيتين هي (عائلة غافل)ذهب عن هذا الطريق عدد من الأخوة منهم كلدان كبيص مصبوبونوري عبد الرحيم عداي الناشي المجموعة الثانية- عن طريق البصرة شط العرب مثقفي الطائفة منهم الفقيد المحامي طالب بدر لسان حال الطائفة حيث كانت كلماته أشعارا في المواقف الحرجة كذلك ابن الطائفة الحقوقي عربي فرحان . وبديع سبع .وبعد أن القي القبض على والدي في ميسان عوض عن أولاده الأربعة وأبنته ارسل لي رسول يحثني على ترك البصرة .وفضل التعذيب على ذكر مكان تواجدي وبعده عدة ايام القي القبض على عدد من أبناء الطائفة في محلة الجمهورية وأخذ زوجي سامي عبد الجادر عندما كان يعالج المرضى في مستوصف الجباسي قرب شط العرب عندما دخلت عليه مجموعه من الحرس القومي وبصوت عال هنا (صبي من جماعة عبد الكريم قاسم) وزج به في مواقف التعذيب بعد هذه الاحداث المؤلمه التي أجتاحت البلاد ذهبت أنا والأخ وليد عبد الجادر بمساعدة أبن الخال النائب ظابط مجيد جابك الزهيري, حيث أوصلنا الى حدود المحمرة أوهم زوارق الحرس بأننا في وليمة عند أحد المعارف وكان ببزة عسكرية وصل أبناء العراق وتوزعوا على العوائل المندائية في كل من المحمرة والاهواز والحويزة التي وصل اليها أخي حميد وأصبح فردا مرحب به عند عائلة الأخوان(ناعم أبو شنيشل.وغانم أبو نيسي) حيث أشتغل في محل الصياغة ونال أعجاب سكان المنطقة .

وفي الأهواز تجمع العدد الأكبر من الفارين من هذا الأنقلاب الأسود ورحبت بنا عائلة (اَل خشان حسن أبو كريم وابو حامد) ووفرت لنا كل ما نحتاجه أنا واخي سعيد الذي جلبوا له أدوات الصياغة داخل الدار واعتنوا بي حيث كنت حامل . والتقيت بالأخت المناضله خولة الرومي التي كانت تشع ذكاء وحيوية وذكرت مشاهد من رفض جماهير بغداد لهذا الانقلاب الأجرامي بعد خمسة اشهر قبض على العدد الأكبر من الفارين من قبل امن الشاه وسلموا الى حكومة البعث ومعهم أخي سعيد وعبد الواحد

عندما كنت في مستشفى شيرا خورشيد لولادة ولدي عادل التحقت بأخي حميد في الحويزة ثم أرسل بطلبنا الاخ حمودي في قرية الحايي على شط الكرخة ووفر لنا دار من القصب والبردي وفيها محل للصياغة وكونا عائلة بأسم صاغة المحمرة وكان مع لاخوان نوري عبد الرحيم وذهب وليد مع بعض الاخوان صاغة متجولون بقينا في هذه القرية لغاية الشهر الرابع من سنة ( 1964 وفي هذا التأريخ فر أبن الطائفة كلدان كبيص مصبوب من سجن في قرب الأهواز حيث أشتغل مدة شهر في قص ثلاث أسلاك من شباك غرفة السجن بواسطة شفرات الحلاقة وفرالى المنطقة التي نسكنها يسأل عن صاغة بعد ثلاثة ايام جاء مسؤل المنطقة وقال للاخوان انكم من العراق لم نصادف في حياتنا أشخاص بهذه الأخلاق والطيبة أوصلني الاخوان الى عائلة ال خشان التي أوصلتني الى البصرة الى بيت العم صدام الهلالي

رجع كل من حميد وحمودي الى العراق عن طريق المشرح ثم الى بغداد بزي سكن سيارة حملحين وصولنا الى بغداد عرفنا ان اغلب أبناء الطائفة سجناء في سجن نقرة السلمان وسجن الحلة وسجن الفضيلية اغلبهم ُسجن بمحاكمات صورية . يوضع المتهمون مجموعات في قفص الأتهام ويطلب منهم السب والشتم للقوى الوطنية وكان ردهم على الحاكم العسكري ان المحاكمات ليست بالسب وأنما بأبراز التهم والجرائم التي ارتكبناها فما كان من الحاكم وبجرة قلم 10 سنوات لكل واحد

كان زوجي من الذين حكموا بهذا الحكم ونتيجة للمعاناة التي مر بها والتعذيب الذي تعرض ارسل من نقرة السلمان الى مستشفى الحلة العسكري .كان الشعب العراقي يغلي ضد هذه الاوضاع الشاذة انضممنا انا والاخوان الى لجان الدفاع عن السجناء  المفصولين وشاركت عوائل السجناء رغم كل اساليب السلطة بفعاليات في الكاظم وباب الشرقي تطالب بأطلاق سراح السجناء واعادة المفصولين والحريات الدمقراطية.لغاية 1968 خلال هذه الاحداث والتشريد كنا نتغنى بأشعار مظفر النواب التي قالهافي ايران

عفاك اٍشكدْ مصايِب عل الكَلُب لاجَنْ
طَريد بلا وطن لادار لا جْن
غدٍداي أتراب الهَم عسى لو جان
ويٍظل حب الوطن حتى المنية

خيرية الهلالي

 

نشرت في شهدائنا

 كوكبة من الشهداء المندائيين شهداء الحركة الوطنية
1ـ عبد الجبار عسلاوي الزهيري مواليد عشرينات القرن الماضي ،في ناحية المشرح / العمارة ، عريف مهني في الجيش ،في مدينة كركوك ، غير متزوج ..جذبته الافكار الاشتراكية فانتمى لفصيل نضالي عراقي في اواسط عقد الاربعينات من القرن الماضي ؛ولنشاطه المميز فصل من الجيش فافتتح مكتب باسم "الغد الجديد " في نفس المدينة . عندما اضرب عمال النفط في كركوك ،كان عبد الجبار احد قادة الاضراب الخمسة ، وفي مجزرة كاور باغي ،صدر عليه القاء القبض من قبل السلطات انذاك فهرب الى ريف العمارة . وإبان وثبة كانون القي القبض عليه واودع في سجن الكوت ...استشهد في مجزرة السجن في 3/ايلول/1953

2ـ حواس حلو الزهيري
عامل صياغة ، مواليد اوائل الثلاثينات من القرن الماضي في مدينة العمارة / ناحية المشرح . .متزوج ولم يخلف ابنا ً .كان مناضلا في صفوف احدى التنظيمات الوطنية في بغداد . اشتهر بمواقفه البطولية في حملة" السلم في كردستان " ايام الراحل عبد الكريم قاسم ، التي اجبرت قاسم على ايقاف القتال انذاك ، كما اشتهر كاحد المناضلين الذين تصدوا بشجاعة لانقلابيي شباط الفاشي . استشهد في اليوم الثاني من شباط وهو يدافع مع مجموعة من رفاقه ،عن اكواخ الكادحين خلف السدة الشرقية .

3 ـ ماجد عبد الله الزهيري
نائب ضابط قلم ، مواليد اواخر الثلاثينات ، العمارة /ناحية الجر الكبير . متزوج وله طفل رضيع لدى استشهاده . التحق بحركة انتفاضة معسكر الرشيد التي قادها الراحل حسن سريع ،وكان انذاك في مدينة البصرة . القي القبض عليه قبل التنفيذ واستشهد تحت التعذيب خنقا ً في حوض مملوء بالماء في يوم 26/2/1963

4 ـ مهتم مجيد الزهيري ( الملقب سليم)
عريف مهني في الجيش العراقي ،في القوة الجوية في معسكر الرشيد . مواليد اواخر الثلاثينات . متزوج وقد ترك زوجته حاملا عند استشهاده . التحق بصفوف انتفاضة معسكر الرشيد الخالدة التي قادها الراحل البطل حسن سريع ؛ وكانت مهمته السيطرة على وحدته مع مجموعة من رفاقه الثوار ، بانتظار مجيء الطيارين بعد تحريرهم من السجن العسكري . وبعد فشل الانتفاضة التي تفجرت فجر الثالث من تموز / 1963 القي القبض عليه واستشهد تحت التعذيب في نفس وحدته وفي نفس اليوم ...

5 ـ عبد الواحد راشد الزهيري
مواليد اواخر الاربعينات في ناحية المشرح / العمارة . نائب عريف مهني في الجيش ، معسكر التاجي ، اعزب . التحق بصفوف انتفاضة معسكر الرشيد الخالدة التي قادها النائب العريف حسن سريع . واسندت اليه مسؤلية معسكر التاجي . وبعد فشل الانتفاضة القي القبض عليه وتعرض لصنوف التعذيب الوحشي على ايدى الانقلابيين . اعدم رميا ً بالرصاص مع اربعة من الثوار في ميدان الرماية في وحدة المخابرة في معسكر الرشيد ؛ يوم 2/10/1963 .

6 ـ لؤي عودة الزهيري
مواليد اوائل الخمسينات / العمارة ـ ناحية السلام حالياـ فنان مسرحي اعزب ،من عائلة تقدمية . القي القبض عليه في عام 1983 في بغداد وغيّب ، ثم ابلغت عائلته باعدامه ...
7ـ فرحان شامي الزهيري
مواليد اوائل الخمسينات ،مدينة العمارة ، ناحية السلام حاليا ، متزوج وله طفلان ، فنان تشكيلي متمكن . القي القبض عليه عام 1983 وغيب ومن ثم ابلغت عائلته باعدامه ...

8 ـ عزيز بطيخ الدهيسي
مواليد بغداد ، 1959 . طالب معهد ،القي القبض عليه عام1980 غيّب ومن ثم اعدم في 1983 ،من قبل النظام الديكتاتوري الفاشي ...

9 ـ جبار كريم حافظ
مواليد اواسط الخمسينات / العمارة ـ ناحية السلام ـ عامل صياغة . متزوج وله طفلة .القي القبض عليه في اوائل عام 1983 واعدم ..

10 ـ جبار حلاوي الزهيري
مواليد ناحية المشرح /مدينة العمارة . معلم،اعزب . تمكن من الافلات من ايدي الجلادين واختفى في بغداد لفترة من الزمن ، وتمكنت السلطات من القاء القبض عليه واعدامه ...

11ـ سمير زامل صادق
مواليد اواسط الستينات / ناحية المشرح ـ مدينة العمارة ـ خريج المعهد الزراعي ، وعمل مدرسا في نفس المعهد .سيق للعسكرية لكنه تمكن من الهرب والتحق بصفوف قوات الانصار في منطقة بهدنان ـ الفوج الثالث ـ ولانه يعاني من مرض المعدة اراد الذهاب الى ايران للعلاج ، فذهب وهناك تعرض لعملية نصب فارسل الى افغانستان وقتلته السفارة العراقية هناك .
12ـ بشير زغير حرز
مواليد ناحية السلام / العمارة ، معلم ومتزوج وله طفل يحبو . كان نشطا ومحبوبا ومخلصا في اداء واجبه الوظيفي مثلما اخلاصه لقضايا شعبه. اعتقل بعد انقلاب شباط الفاشي وتعرض لتعذيب قاسي وتحدى جلاديه بشموخ . وسجن 13/سنة واودع سجن العمارة المركزي ، وبعد محاولة حفر نفق في السجن ،نقل الى سجن الموصل ... اطلق سراحه بعد انقلاب 1967 وارجع لوظيفته كمعلم . وفي اواخر السبعينات اثر الهجمة الشرسة على القوى التقدمية اختفى بشير في بغداد وأبى الخروج منها . تمكنت اجهزة النظام من القاء القبض عليه واعدامة ..

13ـ امين نوري جابر الدهيسي
مواليد 1956 ،بغداد . عامل صياغة . القي القبض عليه في عام 1980 ، اعدم في عام 1983 .
14ــ سعد نوري جابر الدهيسي
مواليد 1960 ، بغداد ، طالب ، القي القبض عليه في عام 1960 لنشاطه الكبير بين الطلبة ،اعدم في عام 1983 .
15ـ رعد مالك عبد الكريم الدهيسي
مواليد 1959 ،بغداد ،طالب ، القي القبض عليه لنشاطه بين صفوف الطلبة ، عام 1980 واعدم في عام 1983 .

 

نشرت في شهدائنا

للايام ذكريات

عن المناضل ناصر لهد طلاع الزهيري

بقلم الدكتور جبار ياسر الحيدر

ولد في عام 1945 في ريف ناحية الكحلاء ( المعـيـل) من عائلة كادحة مرموقة تتمتع بحب الاخرين ذات بحبوحة متوسطة من العيش نظرا لصلة القرابة مع بيت الملاخصاف (وكيل الشيخ الكبير فالح الصيهود ) وقد ترعرع في طفولته في مضيف والده المجاور لمضيف الشهيد صاحب ملا خصاف ، هذه المضايف عبارة عن منتديات ثقافيةNassir-Lahed سياسية للمعلمين والناشطين في الحركة الفلاحية آنذاك وابرزهم الشهيد ستار خضير الحيدر وخيري يوسف الحيدر وجبار خضير الحيدر ولعيبي خلف الاميري وحليم كثير الحيدر وكثير غيرهم وناشطين من الحركة الفلاحية بقـيادة الشهيد صاحب ملا خصاف...كان ناصر الطفل المدلل في هذه الاجواء متاثرا باخلاقياتهم وثقافتهم العـالية ، وكان لقصة استشهاد الشهيد الراحل صاحب ملا خصاف المثيرة في اواسط الخمسينات من القرن الماضي على يد ابو ريشة بن فالح الصيهود وازلامه بتحريض جلاوزة نوري السعيد وبهجت العطية، صدمة كبيرة منذ صباه ولحد وفاته وفي مخيلته الانشودة التي لم ينساها والتي صدحت آنذاك في العمارة والكحلاء واهوارها قائـلأ فيها(صويحب من يمـوت الـمـنـجـل يـداعي........الخ )

وبعد هذه الاحداث عزمت عائلته على الرحيل الى بغداد مفضلة العيش مع عائلتنا التي تشرفت بان بكون معظم افرادها من النخبة المثقفة اليسارية والديمقراطية الناشطة سياسيا . كانت الاجواء السياسية العامة في البلاد آنذاك تغلي وسط مساحة محدودة من الديمقراطية السعيدية الملكية والانتخابات البرلمانية وتشكيل جبهة الاتحاد الوطني لقيادة حركة التحرر الوطني والقومي وتعبئة الشعب نحو التغيير مما عرضها للقمع والبطش بعد حرب السويس ، لقد ترعرع المرحوم ناصر في هذه الاجواء منذ نعومة اظفاره ، وقد عاش احداث ثورة 14تموز المجيدة بكل تفاصيلها وحماساتها الوطنية وكان يعمل في الصياغة نهارا والدراسة مساء وانتسب للحزب الشيوعي في تلك الفترة وهو في ريعان شبابه ... وفي عام 1962 ايام الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم كانت القوى التقدمية والشيوعية منهمكة ومنشغلة بشعار (السلم في كردستان) وجند الحزب الشيوعي كل تنظيماته وكوادره لتكريس وتعزيز هذا الشعار ، فانشغال هذه القوى بهذا الموضوع كقضية مركزية وموقف قيادة الثورة الفتية السلبي منها مما شجع قوى الردة السوداء ان تتجرأ وتتحرك سريعا للانقضاض على ثورة 14 تموز ومنجزاتها التقدمية . وبهذا القي القبض على الرفيق ناصر اثناء تادية واجبه في فجر احد الايام وهو يعلق جداريات ويوزع بيانات حول السلم في كردستان من قبل احد الحراس الليلين وبعض رجال الامن واقتيد الى الموقف وحكم عليه خمسة سنوات من قبل محكمة سيئ الصيت (شمس الدين عبد الله) على مااعتقد...ومن طرائف محاكمته حينما طلب منه الحاكم ان يشتم رموز عـقـيدته فابى ذلك وبعد الحاح الحاكم عليه قال له انا لااعرف هؤلاء وهل تقبل ان اشتمك ؟؟ فاجابه الحاكم نعم .... فـشـتم الحاكم !!) وعلى اثر ذلك قام رجال الشرطة والامن بضربه ضربا مبرحا في قفص الاتهام وسقط ارضا امام اعين والدته المسكينة التي كانت متواجدة في قاعة المحكمة ونقل بعدها الى سجن الكوت وبعد وقوع انقلاب 8 شباط الاسود عام 1963حطم السجناء هناك ابواب السجن وهرب معظمهم ، وسلك هو ومجموعة من رفاقه طريق ( صحراء الكوت او الجزيــرة)وبسبب الاعياء الشديد الذي اصابه لم يستطع اكمال مسيرته في الصحراء ولم تعينه اقدامه الوارمة مواصلة السير واراد احدهم قتله خوفا من ابقائه ولربما يقع في قـبضة جلاوزة السلطة ويشي بهم .... فقال لهم اتركوني هنا لاموت بسلام وسوف لن ابوح باسراركم وشاءت الصدف ان تمر مجموعة من البدو و وجدوه فاقدا للوعي وحملوه معهم لاغاثته بدون ان يعلموا من هو ... وفي اليوم الثاني اخذ ت تحوم حوله شكوكهم وخوفا من الشرطة نقلوه الى الشارع العام وتركوه هناك حيث تفضل عليه احد سائقي سيارات الحمل بايصاله الى العمارة ولكن بالقرب من احد مراكز الشرطة وطلب منه احد افراد الشرطة ان يبرز هويته فاقتاده الى المركز لانه لايحمل هوية ... واثناء التحقيق معه حصلت له طرفة اخرى عندما حاول رجل الشرطة ضربه بالهراوة فلم يصبه وانما اصاب الحب (كوزالماء) التابع للمركز وكسره وقال له هل انت سـيـد ؟؟ اجابه نعم ... فاطلق سراحه . ومن هناك استطاع الوصول الى الكحلاء منطقة المعـيل واستضافه احد معارف اهله وارسل الخبر لوالدته التى التحقت معه بعدئذ . بقي هناك واشتغل عاملا لتصليح المصوغات ولم يلتقي احدا من رفاقه ... ولكن بعد فترة قصيرة وشى به احد ابناء الاقطاعيين والقي القبض عليه وجرى تسفيره الى بغداد ومن ثم الى سجن نـقـرة السلمان ... وبعد هذه الاحداث عاشت عائلته اصعب الظروف لانه كان المعيل الوحيد لها وظروف البلاد العامة سيئة جدا بالاضافة الى صعوبات مواجهته بشكل دوري في سجن نقرة السلمان من قبل والدته المريضة آنذاك >

اطلق سراحه في اواخر الستينات من القرن الماضي وعمل لعدة سنوات كعامل في المعدات الثقيلة في مشروع الثرثار وحاول الحصول على حقوقه المترتبة ولم يفـلح بالاضافة الى معاناته من الام الظهر نتيجة العمل المضني فعاد للعمل في الصياغة والدراسة واصبح صائغا وحاذقا في صياغة المصوغات الذهبية المخرمة وحياكتها ... تزوج في بداية السبعينات وواصل اهتماماته السياسية والثقافية وانجب خمسة اولاد وهم انـهـر وازهـر واشرق وانـس وخالد وبعد تحسن اوضاعه المعيشية لم يمهله داء السكري الشديد حيث فقد بصره في اواسط التسعينات واصبح مقعدا في داره منذ ذلك التاريخ ، وقد عاش كل مآسي الشعب العراقي اثناء الحكم الفاشي الصدامي كأي عراقي شريف وحمل هموم شعبه وطائـفـتـه واهـله ورفاقه ... ولكن الايام انـعـمت عليه بسقـوط النظام المقـبور وشفى غليله بتحقيق امنياته وبوادر ولادة العراق الجديد .. ولكن الذي عكر مزاجه وزاد من آلامه هو ما فعله الارهابيون والتكفيريون المجرمون بالعراق الذي لازال محتلا وبروز الطائفية والمحاصصة والتيارات الدينية السياسية المتعصبة التي خيبت آمال الشعب العراقي ... وبسبب خشيته على اولاده نتيجة تدهور الوضع الامني قرر الهجرة مع عائلته الى دمشق ليلتحق بعائلة اخيه حليم في استراليا ... ولكن لم يمهله مرضه وموته المفاجئ ورحل الى ذمة المجد والخلود في صبيحة بوم الجمعة المصادف 17 / 2 / 2006

نم قرير العين يا ابا أنهر فهنالك من سيكمل المشوار ويحقق ماكنت تطمح اليه ... وستبقى ذكراك خالدة الى ابد الآبديدين

 

نشرت في شهدائنا
الخميس, 23 أيار 2013 18:02

حكايتان والاغتيال واحد

 الحكاية الأولى :
منذ أ ن بدأت بأن اعي وادرك ما يدور حولي حتى بدأت أرى أمي وهي ترتدي الأسود ، لم أكن اعرف ، ولم يكن لأحد أن ُيطلعني على سبب لبس امي للثوب الأسود ولم أكن لأسأل فلقد كنت أظن أن لبس الأسود لهو أمر طبيعي للأمهات . لكن حدث ذات مرة أن رأيت امي وهي تجهش بالبكاء وهي تمسك بصورة لم أعرف باديء الأمر Salih-Hami-Mahdiمن هو صاحب الصورة ولماذا تبكي امي بهذه الحرقة ، اقتربت بوجل منها محاولاً أن اكفكف دموعها أو أن اخفف عنها ان إستطعت الى ذلك سبيلاً ، لكن ما أن اقتربت منها حتى علا نحيبها أكثر وهي تضمني الى صدرها ، ومن خلال ذراعيها رأت عينيّ الصورة التي كانت امي رواه ناويلها تنظر اليها وتنتحب ؛ كانت الصورة لشاب وهو يرتدي ملابس الشرطة ورتبة صغيرة تقبع على كتفه وعلى ياقة سترته المميزة ، صورته مازالت في الذاكرة شاب في عنفوان شبابه ، فخور بما وصل اليه آنذاك ، ** هذه صورة خالك صالح ** قالت امي وهي تحاول ان تكفكف دموعها وتغالب نشيج آهاتهتا ، وأردفت ( قتله حارسه الخاص .... ) كيف ؟ سؤال كان لابد أن أسأله وانا اعتقد بأن الحارس شخص مؤتمن لحماية من يقوم بحمايته ! .

نعم لقد قتله وغدر به الشرطي الذي كان يقوم بحمايته ، هكذا قالت امي ، وبدأت تسرد لي ما كانت تخزن في رأسها من حكاية قد مضى عليها بعض الوقت { قبل أن تولد أنت بخمسة أشهر قتل الحارس خالك صالح وسرق رواتب الشرطة الذين كانوا في مركز الشرطة في احدى مناطق السليمانة الجبلية ؛ فبعد استلام خالك للرواتب بدأ بالرجوع الى مركز الشرطة والذي كان هو فيه برتبة نائب مفوض ولما وصلا الى منطقة معزلة خالية من المارة وجه الشرطي بندقيته واغتال خالك من الخلف واختطف حقيبة الرواتب مهدداً الشرطي الآخر بالقتل أن تجاسر وحاول القبض عليه ، وهكذا فر الشرطي وخالك مضرج لكن الشرطي الآخر عاد الى مركز الشرطة واخبر الباقين بجريمة الاغتيال بدمه ، واختفى الشرطي القاتل زمناً لكن دم خالك لم يذهب هدراً ؛ فلقد ظهر بعد سنتين الشرطي القاتل وما أن ظهر حتى القي القبض عليه وحكم عليه بالاعدام رمياً بالرصاص . كان ذلك في العهد الملكي المُباد { كما كان يسمّـى } وقبل أن تُبصر عينيّ النور
مضى الآن اكثر من ستين عاماً وما زالت ذكرى امي وذكرى الاغتيالات تعود كلما رأت عينيّ صورة لخالي صالح حامي مهدي وهو في ريعان شبابه والآمال العريضة تراوده في الحياة وفي فتاة احلامه التي لم يرتبط بها .

 

الحكاية الثانية:

وهذه الحكاية هي لأبن خالتي صالحة حامي مهدي واسمه *** فرحان شامي مدينف الزهيري*** شاب فنان موهوب متعلّـق بأهداب الحياة ، مملوء بالعنفوان ، مملوء بالحياة ، مملوء بالفكاهة والمرح وكأن المرح جزء لا يتجزأ من شخصيته ومن تكوينه النفسي والجسمي ، انهى دراسته في مدينة الميمنونة وجاء بغداد لأكمال ماFarhan-Shamy يجب عليه اكماله ؛ فالتحق بمعهد الفنون الجميلة وتخرج فيه مدرساً لمادة الرسم ؛ الموهبة وكما رأيتها تخرج من بين انامله فناً يرسم برعب ما خالجه من شعور بالقهر والأضطهاد وتارة اخرى ترى لوحات تتوهج بالحب والعطاء والحب ؛ فتخاله فناناً يخلو رأسه من أي هم ٍ سوى العبث بأدوات الرسم لتخرج من تحت ريشته فناً يمور بالحياة ، وقهراً يقزز من يحاول أن يفسّـر ما يخالج روحه الوثابة للإنعتاق والتحرر ، كان ** سيلفادور دالي ** استاذه الروحي والذي منه كان يستلهم سريالته ومن الحياة ، طبيعتها ، كان وكانت مباديء لينين شغله الشاغل ؛ فما كنا لنتلقي الا والسياسة ثالثتنا ، هو يعتبر نفسه نصير العمال والمساكين من أبناء العراق المبتلي بحكامه وكانت الاممية واحدة من همومه السياسية والتي من أجلها قدّم حياته رخيصة ً في سبيل مبادئه وفي سبيل ما كان يؤمن به ؛ فبعد أن اشتد اوار الحرب بين العراق وايران نشطت السلطة القمعية لاجتثاث الأحزاب المعارضة لتلك الحرب الدموية والتي لم يجن منها العراق سوى القتل والترميل والتشريد لمئات اللآلاف من العراقيين الأبرياء والذي لم يكن يؤمنوا الا في ان القتال لن يخلّف سوى الدمار والتشريد ؛ ذات ليلة داهمت ثلة من قوى الأمن القمعي دار ابن خالتي فرحان في الكريمات قرب السفارة البريطانية وليس ببعيد يقع دار ***الكنزبرا عبدالله الكنزبرا سام **رواه ناويله وكان فرحان اب لولدين مازال اكبرهم لم يدخل المدرسة الأبتدائية ، من تلك اللحظة اختفى أي أثر لأبن خالتي وتقطعت بنا السبل لمعرفة مصيره ، ومضت سنوات وابن خالتي مفقود، لكن ام ولديه لم تتعب ولم تكل في سبيل معرفة ما آل اليه مصير زوجها ، أبو ولديها والذين يجب ان يحصلوا على شهادة الجنسية العراقية والا لن يكون بوسعهم عمل أي شيء ؛ لذا رابطت امام مديرية الأمن العامة مطالبة بأن تعرف ويالتيها ما عرفت ؛ فلقد جاء أحدهم وبيده ورقة موقعة من قبل آمرية مستشفى الرشيد العسكري وفيها ** لقد تم تنفيذ عقوبة الأعدام شنقاً بحق المدعو *** فرحان شامي مدينف الزهيري *** حدث هذا وكنت حينها أُبصر ولا اجسر أن أقـول كيلا يكون مصيري كمصير ابن خالتي المغدور ، المأسوف على شبابه *فرحان شامي* والذي كتب على ظهر الصورة والتي ما زلت احتفظ بها حتى هذه اللحظة { أضحى التنائي بديلاً من تدانيننا / و ناب عن طيب لقيانا تجافينا *** لست شاعراً لكني ابن خالتك وأنت أعرف .. } نعم أنا أعرف ، وأعرف انك لم تبخل ؛ فكنت معطاءاً في كلِّ شيء .

 

 

نشرت في شهدائنا

كانت تجربة الحزب في العمل الأنصاري تجربة رائعة بحق أعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي العراقي ضد النظام الطاغية خاضها الشيوعيين عام1979 في جبال كردستان, أنصار ونصيرات الحزب يجوبون ميدان الكفاح الأنصاري مع البيشمركة الكورد , يقومون بعملياتهم البطولية, فقد كانت من النصيرات اللواتي التحقن بهذا العمل الأنصارية عميدة حالوب عذبي الخميسي , المهندسة الزراعية المندائية الديانة تولد عام1954 في سوق الشيوخ مدينة الناصرية , انتقلت عائلتها منتصف الستينات إلى بغداد في محلة الدوريين في جانب الكرخ , ثم انتقلت عائلتها إلى حي الداوودي, كانت لأسرة تربوية , حيث يعمل والدها في سلك التعليم , وهي أخت لثلاث أخوه , كانت متفوقة في دراستها , حيث تخرجت من كلية الزراعة جامعة بغداد.


كانت عضوه نشيطة في إتحاد الطلبة العام ورابطة المرأة العراقية , لكن بعد الهجمة البعثية على الحزب في نهاية السبعينات غادرت العراق إلى بلغاريا عام1979 وقد التحقت بالمدرسة الحزبية في مدينة روسا , وعند دعوتها إلى الانضمام للدورات العسكرية التدريبية في عدن لبت نداء الدعوة ملتحقة في الدورة التدريبية في جمهورية اليمن الديمقراطية (سابقاً) , وسكنت عاصمتها عدن مع زوجها , حيث عملت في رابطة المرأة العراقية في اليمن وقد شاركت في العديد من الأنشطة والفعاليات, بعد انتهاء فترة تدريباتها العسكرية التحقت مع زوجها في صفوف الأنصار في كردستان العراق عن طريق بيروت , و كانت تحمل الاسم الحركي ( أحلام).
في لقاء مع الأنصاري حسين علي الخزاعي(أبو كمال), يذكر لقاءهُ بالشهيدة في بيروت ومعها العديد من الرفيقات الملتحقات في الحركة الأنصارية" سمعت إنها كانت نشطه في العمل الأنصاري وقيادة المفارز التي تجوز الجبال والوديان , وسمعت إنها قادت مفرزة أنصارية في منطقة (بهدنان) حيث دخلت قرية ( آوت) وعند توزع الرفاق على بيوت القرية للمبيت , كانت مع ثلاث رفيقات أنصاريات , فصادف دخولها البيت وجود ثلاث من العناصر الموالية للنظام(جحوش) فتمكنت بقدرتها القتالية مباغتة العناصر الثلاث وإلقاء القبض عليهم فاعتقلتهم ونزعت السلاح منهم بدون مقاومة مع مجموعتها , لكن هذا في عرف عناصر الجحوش إذلال لهم كون التي أسرتهم امرأة , فطالبوا من المفرزة الأنصارية أن يعتقلهم أنصاري وليست أنصارية , فرفضت ذلك وتم لها ذلك , فكان لهذا العمل انتشار لسمعة وقوة الأنصاريات الشيوعيات في المنطقة , لهذا العمل بدأ العداء لها من قبل العناصر الموالية للسلطة" .
في بداية شهر أيار 1983 كانت قرية بشتآشان الصغيرة التي تقع على سفح جبل قنديل , تداعب جدائلها سفح الجبل, تحلم بعودة الروح إليها من خلال عودة أبنائها لها بعد أن هَجَروها خوفاً من بطش النظام , فقد سكنوها الأنصار والأنصاريات من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي , وهم يرتَدون الزّي الكردي , ويتكلمون العربية, يتبادلون الأحاديث همساً كي لا يقطعوا عليها حلمها الجميل, يتنقلون بين دور الفلاحين , يساعدون المرضى وكبار السن , حتى توطدت العلاقة بينهم,في بداية شهر أيار والرفاق الأنصار يتحضرون للاحتفال بعيد العمال العالمي من ذلك العام ,هجمت العناصر الموالية للنظام على تلك القرية بالعدة والعدد الكبير حاملين سلاحهم من القنابل والهاونات المتشضية وسلاح الدوشكة , فتمكنوا من حصار الأنصار ورميهم بما يتمكنوا بالسلاح الذي بعهدتهم فمزق رصاصهم أجساد الأنصار الطيبين واستمروا بإطلاق الرصاص على جثث الشهداء ووصل الحد إلى قطع الأصابع وتشويه الوجوه , ووضعت الجثث ليتبارى أزلام النظام في إصابة الهدف متفاخرين بفعلتهم القبيحة , كان من بين الشهداء الأنصارية عميدة عذيب الخميسي , تم التمثيل بجثمانها وقطع إصبعها من أجل أخذ خاتم الزواج , ثم سرقوا قلادتها .
مرت أكثر من سبع وعشرون عاماً على تأريخ استشهادها , كانت قنديل تتقدم الشهداء على سفح جبل قنديل , تضيء لهم العتمة, تتفقد رفاقها الشهداء ,إنهم شهداء بشتآشان,أيها الشهداء ناموا قريري العين في قبوركم المجهولة , فلكم الأحبة من الرفاق الذين يعاهدونكِ بمواصلة النضال على الدرب التي طرزتها دمائكم الزكية من أجل تحقيق الوطن الحر والشعب السعيد.

نشرت في شهدائنا
الجمعة, 03 أيار 2013 17:53

الشهيدة اكرام عواد سعدون

لقد عانت عائلة الشهيدة، والدها ووالدتها وجدتها واخوانها واخواتها، الكثير من اجهزة السلطة الفاشية الصدامية .. كان السفر ممنوعاً، لذلك لا يمكن التفكير بالسفر .. واساليب اجهزة الأمن والاستخبارات في تقفي اثر الافراد حال دون تبديلهم لمنزلهم .. ولكن حالما سنحت لهم الفرصة المناسبة حتى باعوا بيتهم ليستأجروا بيتاً آخراً في مكان آخر من بغداد .. فانكشف امرهم مجدداً وبدأت الملاحقات .. وحاولوا شراء بيت يعوضهم عن البيت الذي باعوه لكن المبلغ المتبقي لديهم اصبح لا يساوي شيئاً فقد هبطت قيمة الدينار العراقي كثيراً .. لكن بمساعدة ابنائهم المهاجرين تمكنوا اخيراً من شراء بيت في مكان آخر من بغداد .. لكن المطاردات استمرت .. واستدعاء الأب كان متواصلاً وهو الرجل الكهل المريض .. الأخوة كان مصيرهم الجبهة والخطوط الأمامية حيث انقذوا من الموت باعجوبة في مرات كثيرة.

ما السبب ؟؟
إن لدى العائلة أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي .. اغتالوا اكرام بعد ان عذبوها أشد العذاب .. وانكروا اغتيالهم لها سنوات .. وطاردوا البنت الأخرى التي استطاعت الهرب خارج العراق وحاصروا الابن الأكبر لكنهم لم يفلحوا في اصطياده فهرب خارج العراق هو الآخر.

Ikram Saadounهربنا خارج العراق وانتهى بنا المطاف في الجزائر .. عام 1979 .. أوصلنا خبر وصولنا الى الجزائر للوالد فتدبر موضوع سفره الينا، كان ذلك في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 1979 .. وكان برفقة شقيقتي الشهيدة اكرام ..
كانت اكرام في ذلك الوقت تعمل في مصفى الدورة فهي متخصصة هندسياً في مجال النفط ..
اعرف جيداً أن لاكرام علاقة بالحزب الشيوعي العراقي وبدأت علاقتها بالحزب قبل ان تتخرج من الثانوية، حيث كانت عضوة في اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية وعضوة في اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي وقد ترشحت الى الحزب الشيوعي العراقي قبل ان تمر بمرحلة صداقة الحزب لحصولها على الكثير من المزكين بسبب امتلاكها الكثير من الخصال الرائعة ولها الكثير من العلاقات الطيبة مع الآخرين ..
وتدرجت اكرام في العمل الحزبي .. وبعد التخرج من الجامعة تعينت في مطار بغداد الدولي في مجال الرصد الجوي ولكن سرعان ما بدلت عملها لتعمل في الديوانية على خط النفط الاستراتيجي .. والى هناك انتقل عملها الحزبي .. وبعدما تركتُ العراق في نهاية العام 1978، انتقلت اكرام من الديوانية الى مصفى الدورة في بغداد .. في هذه الفترة لم استطع التعرف على موقع اكرام في العمل الحزبي بسبب السرية التامة وبسبب انها اصبحت في تنظيم آخر لا علاقة لي به ..

قد يكون لسفر اكرام الى الجزائر حكمة، حيث انه كان اللقاء الأخير لي بها قبل اغتيالها .. نعرف جميعاً، انا والوالد وهي، خطورة موقعها وخطورة الوضع وتهاوي المنظمات الحزبية الواحدة تلو الأخرى .. تحدثنا معها لربما في سفرها الى الجزائر صالح انها اصبحت في مأمن الآن .. أوعدناها بتوفير عمل لها في الجزائر .. أوعدناها بامور كثيرة منها حزبية لتطمين وضعها ولحثها على البقاء في الجزائر لكنها اصرت على العودة الى العراق رغم علمها بخطورة الوضع .. كانت تقول دائماً، انها لم تخبر الحزب بامكانية بقاءها وان منظمتها الحزبية تحتاج اليها .. لكنه حدث امر افرحنا في انها يمكن تغيير موقفها وتعدل عن السفر، حيث جاء لسمعنا اشاعات تقول ان من يعود الى العراق من المسافرين عليه ان يوقع استمارة انتماء الى حزب السلطة العفلقي او التوقيع كونه مستقلاً .. هنا قررت البقاء بشرط التأكد من صحة الخبر .. وحدث أن احد الرفاق غادر أهله تواً وأخبروه أن كل شئ على مايرام ولا وجود لمثل تلك الاشاعات .. فغيرت رأيها مجدداً وسافرت الى العراق .. وفي يوم الخميس المصادف 14 آب 1980 تم القاء القبض عيها ..

كانت العائلة مستعدة للسفر الى البصرة وكان من المنتظر ان تكون اكرام معهم .. لكنها وفي اللحظات الأخيرة استلمت اشارة بموعد حزبي في نفس فترة السفر .. فاعتذرت عن مرافقتهم، لكن الأب والأم لهم حاستهم السادسة فاحسوا بالخطر .. اصروا على اصطحابها معهم .. لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل .. تركوها في البيت بوعد منها ان لا تغادره .. تركوها مع جدتها التي كانت عاجزة عن السيطرة عليها بسبب كبر سنها وعدم قدرتها على الحركة الحرة .. سافر الأهل .. وخرجت اكرام في الموعد المحدد لتلاقي مصيرها ..

بعد عدة سنوات وفي عام 1986 ابلغ رجال الأمن ذويها بأنهم اعدموا اكرام، وانه ممنوع عليهم اقامة مراسيم العزاء .. اعدمت بعد ان ذاقت اقسى انواع التعذيب .. وصمدت صمود الأبطال على حد تعبير احد سجانها وهو يلتقي والدها حين ذهب للحصول على جثمانها او على وثيقة اعدامها، لكنه عاد بخفي حنين، لا وجود لأي أثر لها كما انه لم يحصل منهم على شهادة وفاة ..
في عام 1992 وصلتُ الى السويد وبعد استقراري فيها جلبتُ جميع افراد عائلتي لكي احميهم من بطش السلطة .

بعد 26 عاماً في المنفى الاجباري سافرت الى العراق بعد سقوط الصنم .. وكان ذلك في آذار عام 2004 .. وانشغلت كثيراً في اصدار شهادة وفاة لها .. لكني اصطدمت بالروتين القاتل والفساد الاداري الذي استشرى اكثر من السابق واتسعت دائرة المرتشين وذهبت الأيام العشرون التي قضيتها في بغداد دون أن أحصل على شئ.

الشهيدة اكرام شابة رائعة، شفافة متزنة طيبة هادئة الى حد الافراط، على خلق رفيق تحظى باحترام الجميع لأنها وبكل بساطة تبادل الجميع الاحترام .. قليلة الكلام .. ذات علاقات واسعة .. حريصة جداً على كل شئ .. لها دائرة معارف كثيرة وعلى مستوى علمي طيب ..
لي معها مواقف كثيرة تتعلق بعلاقتي معها كشقيق وكذلك علاقتي معها كرفيق .. من المفارقات التي كنا دائماً نذكرها سوية ونذكرها الى الآخرين .. في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار من عام 1976 كانت هيئتي الحزبية تحتفل بطريقتها الخاصة في بيت احد الرفاق متظاهرين أنه حفل خطوبة، وهو فعلاً كذلك حيث تمت في ذلك اليوم خطوبة احد الرفاق على رفيقة كانت تعمل في صحافة الحزب .. وكان الرفيق مصاب بالسرطان .. لكن هذه الرفيقة الرائعة لن تتنازل عن حبها له، فقررت ان تتزوج منه وتعيش معه بقيت ايامه، رغم تحذير بقية الرفاق واطبائه الذين كانوا ايضاً من الرفاق واصدقاء الحزب .. وبما اننا لدينا علاقة صداقة مع الطرفين طلبت ان ادعوا اكرام الى الاحتفال .. ولكون الاحتفال هو احتفال خطوبة كذلك فقد كان لزاماً علينا ان نلبس احسن ما عندنا .. وفعلاً، ركبنا سيارتي باتجاه الاحتفال .. كان آذار وشتاء ذلك العام مليئاً بالامطار .. وكانت شوارع حي العامل غير مبلطة والاوحال تملأ شوارعها .. وفي غفلة مناّ ونحن على وشك الوصول غاصت العجلات في الأوحال، فتوقف محرك السيارة .. تركنا السيارة ومشينا في الأوحال ونحن نرتدي اجمل ما عندنا من ملابس الى ان وصلنا الى الدار المقصودة .. لكنه بقدر ما كنا مهمومين من الحادث بقدر ما اصبحنا سعداء بهذا الجمع الجميل والاحتفال الرائع والعناية الخاصة باكرام كونها ضيفاً علينا.

اكرام من مواليد الناصرية في 1/7/1954 .. لكنها درست في بغداد، فتخرجت من ثانوية الوثبة عام 1971 وقبلت في كلية العلوم فرع فيزياء/رياضيات وتخرجت منه عام 1976 .. تعينت أولاً في مطار بغداد الدولي في الارصاد الجوي ثم نقلت الى الديوانية على الخط الاستراتيجي للعمل مع الخبراء السوفيت الذين ادخلوها في دورة هندسية في هذا المجال .. واستمرت بالعمل هناك لغاية عام 1979 حيث انتقلت الى بغداد لتعمل في مصفى الدورة ولحين القاء القبض عليها.
المجد للشهيدة اكرام
والمجد لكل شهداء الحركة الوطنية العراقية
ومصير الفاشست القتلة دائماً مزبلة التاريخ

نشرت في شهدائنا
الجمعة, 22 شباط/فبراير 2013 21:55

في ذكرى أستشهاد ستار خضير الحيدر

ليس من السهل الحديث عن الشهداء ، فهم باقون مع أهلهم ورفاقهم وأصدقائهم الى الأبد . خاصة الذين تركوا بصمات ثورية في مسيرتهم النضالية . وأستذكار هؤلاء المناضلين ليس إلا جزء يسير من الوفاء لهم ولتأريخهم النضالي المجيد وتضحيتهم من أجل سعادة شعبهم وحرية وطنهم . نتباهى بأسمائهم ونضالاتهم فهم الشهداء بحق ، شهداء الشعب والوطن .

Sattar-al-hayderالشهداء هم آبائنا ، أخوتنا وأخواتنا .... أبنائنا ، هم جميعا" شهداء الوطن ، هذه الباقات من الأزهار الفواحة التي دخلت سفر التأريخ ، نمسّد على تراب قبورهم ، ونحمل لهم حنين الوطن ، حنين دجلة والفرات وأمواجها لتسقي ظمأهم وشوقهم لأرض الوطن . لننحني لقاماتهم الباسقة ونهتف تباركتم يا أحبتنا ، أنتم القناديل التي أضاءت الظلمة الحالكة ليستدل بها المناضلين بمثابات الطريق ، لكم دمعة بحجم الوطن من عوائلكم وذويكم تعانق قبوركم وأرواحكم من عين كل أم وأب وأخ وأخت وأبن وزوجة شهيد .

الألاف من أحبتنا الشهداء يعيشون في القلب والذاكرة الوجدان ، ونحتار عن من نتحدث فكلهم قمما" محملة بأروع وأنبل الصفات الأنسانية ، وجميعهم أصحاب قضية ومواقف بطولية كبيرة لقد روت دمائهم أرض الوطن ، وبزغت من قبورهم أزهارا" تعانق الشمس ، وستبقى أسمائهم مطرزة بخيوط الشمس الذهبية وهي تشرق على العراق ، وستبقى قبورهم واحة خضراء ومزارا" لكل محبي الحرية .

دعونا الأن نتحدث عن شهيد مندائي آخر ، عمل في الحركة الوطنية العراقية لسنوات طويله ولغاية أستشهاده ، أنه الشهيد البطل ( ستار خضير الحيدر ) . ودعونا نعود الى سنين طويل خلت ، الى ناحية ( المسيعيدة ) التابعة لمحافظة العمارة ، تلك الناحية الفقيرة بحالها والغنية برجالها الأبطال ، انها الناحية التي ولد فيها ستار خضير الحيدر عام / 1930 ، وتحول أسمها الى ناحية الكحلاء فيما بعد .

عاش الشهيد ستار صباه في أكناف عائلة مندائية كادحة تعمل بالصياغة والتي كانت في ذلك الوقت مهنة الكدح والتعب اليومي لبساطة الأدوات المستعملة في هذه المهنة الشاقة . كانت عائلة خضير صكر ميسورة الحال رغم الكدح اليومي قياسا" للعوائل المندائية الأخرى ، كان بيتهم ملتقى أكثر المندائيين ليلا" لشرب القهوة العربية التي يجيدون صنعها ولتبادل الأحاديث اليومية عن آخر الأخبار السياسية وأخبار السوق .
هذا هو البيت الذي عاش به ستار ، دخل مدرسة الكحلاء الأبتدائية عام 1937وتوفيت والدته وعمره تسع سنوات ، وترك هذا الحدث حزنا" وفراغا" كبيرا" في حياته ، فلجأ الى والده يساعده في العمل اليومي الشاق حيث يشعر بمسؤولية البيت .

يقضة ستار خضير الحيدر كانت مبكرة عن الطبقات والصراع الطبقي منذ أن تخرج من مدرسته الأبتدائية عام / 1944 وهو ينظر الى عيني والده تزدادان أحمرارا" وجسده يزداد نحولا" كلما وجد نفسه في دكان والده يساعده في مهنة التعب والنار والمنفاخ والطرق على السندان ، كي تزين بعد ذلك أعمالهم صدور وأيادي الفتيات الجميلات الثريات المتزوجات بمهورهن من الذهب الخالص من دكان خضير صكر الحيدر .
ودع الأهل والأحبة وغادر الكحلاء لأكمال دراسته في متوسطة العمارة عام 1945 ، مدينة العمارة الواقعة تحت سيطرة الأقطاع في ذلك الوقت ، وفي القسم الداخلي الذي يسكنه في المدينة ، ألتقى بزملاءه من الطلبة المثقفين حملة الفكر الشيوعي ، وزاده الحب والرغبة في التعرف على هذه الأفكار والسير تحت لوائها .

في مكان آخر من القسم الداخلي حيث كان يسكن ، كانت أعين المجرم ناظم كزار زميل الدراسة حينها ومدير الأمن العام في عهد البعث عند وصوله للسلطة عام / 1968 ، ترصدهم وترمقهم بعين الحقد تحت ستار الأبتسامة الكاذبة فقد رضع هذا المجرم حليب الوضاعة والقتل منذ نعومة أظافره ويفكر بالأنتقام منه ورفاقه يوما" .

في العمارة تعرف ستار وزملاءه على الشخصية الوطنية المناضل الشيخ حسين الساعدي ، صاحب دكان لبيع السكاير والتبوغ في سوق العمارة ، فأخذ هذا الشيخ يحدثهم عن هموم الشعب ومآسي العمال الكادحين والفلاحين فوجد فيهم تربة خصبة لتغذيتهم بالأفكار الوطنية .

كان في الصف الثالث المتوسط في العمارة عندما حدثت وثبة كانون 1948 وعمت المظاهرات مدينة العمارة ، وأول عمل قام به ستار وهؤلاء الشباب المناضلين هو نزولهم الى الشارع الرئيسي في العمارة والأشتراك في المظاهرة وهم يهتفون للوثبة ويطالبون بألغاء معاهدة بورتسموث وسقوط الحكومة ، وكان الشهيد ستار خضير أول من يهتف في هذه المظاهرة . هاجمتهم الشرطة ونجا ستار ورفاقه من رصاص الشرطة وقتل زميله الواقف بجواره وهرب الأخرين الى ناحية الكحلاء بعد أغلاق المدرسة والقسم الداخلي.

عاد ستار ورفاقه الى ناحية الكحلاء وأقاموا الفاتحة على أرواح الشهداء في مسجد الناحية المجاور لبيته وهم يستقبلون المعزين من الصابئة والمسلمين وكانت هذه صورة رائعة للتآلف بين مكونات المجتمع العراقي وهذا يعود للأفكار النبيلة التي يروجوها في الناحيSattar-al-hayder
ة .

بعد تخرجه من الثانوية وأكمال دورة المعلمين أنتقل الى بغداد ليعمل في التعليم في أحدى مدارس أبوغريب الأبتدائية في بداية عام /1951 لكنه فصل من الوظيفة في نهاية العام نفسه بسبب أنتمائه السياسي وأضطر العودة الى الكحلاء ليعمل من جديد مع الفلاحين الكادحين وهو يوزع عليهم منشورات الحزب الشيوعي من خلال دكان البقالة البسيط الذي فتحه حيث كان لقائه الأول مع المناضل الفلاحي ( صاحب ملا خصاف ) والذي أستشهد على يد الأقطاع بعد ثورة 14 تموز / 1958 حقدا" على موقفه من أهمية تطبيق قانون الأصلاح الزراعي .

وخلال أيام أنتفاضة تشرين عام 1952 وصلته من بغداد عن طريق أحد الأقارب رزمة من منشورات الحزب الشيوعي وبدأ بتوزيعها على أهل الكحلاء ، ونتيجة لوشاية أحدهم ويدعى جودي أبراهيم الذي سلم البيان الى مفوض الشرطة المجرم ( علي مجو ) فألقي القبض عليه وجميع أخوته وأقاربه من قبل رجال الشرطة وأرسلوا مخفورين الى دائرة أمن العمارة بتهمة توزيع النشرات الشيوعية حيث تعرض الجميع الى الضرب والأهانة وعندها قال ستار أمام المحقق ، أنا موزع المنشورات وحدي ولا شأن لهؤلاء بها .
أحيل ستار الى المحكمة وحكم عليه بالسجن ستة أشهر ، أكمل محكوميته وخرج من السجن أكثر شجاعة وهو يصرخ أمام الجميع .... ( الأن أزدهرت الشيوعية في أعماقي ) . وعاد الى ناحية الكحلاء وأستأنف نشاطه الحزبي مع رفاقه بين صفوف الفلاحين .

في عام 1954 جاءت سيارة مسلحة من العمارة لألقاء القبض على ستار بسبب نشاطه الشيوعي فحاول الهرب الى قلعة صالح مشيا" على الأقدام إلا إن الشرطة تابعته على الطريق المؤدي الى القلعة وألقت القبض عليه وأعادوه الى الكحلاء بعد أن أعتدي عليه بالضرب أمام والده الذي يكن له الحب ويفتخر بنضاله وبطولته أمام أهالي الناحية فأنقض على الشرطة بعقاله وساهم أخيه الأصغر باسم بقذف الشرطة بالحجارة وأصاب شرطيين منهم وسالت الدماء من رؤوسهم فألقي القبض على الجميع وأرسلوا الى المحافظة ، تم التحقيق مع ستار بأعتباره عضوا" في الحزب الشيوعي العراقي وعلى والده وأخيه لأعتدائهم على الشرطة أثناء تأدية واجبهم ، بعد محاولات ووساطات ودفع مبالغ تنازل أفراد الشرطة عن حقهم وأطلق سراح الوالد خضير صكر وأخيه باسم وحكم على ستار بالسجن سنتين وسنة مراقبة وسفر فورا" الى سجن بعقوبة .

بدأت المضايقات للعائلة من قبل رجال الشرطة والأمن والعناصر الرجعية المرتبطة بالأقطاع مما أدى بعائلته وبقية عائلة الحيدر الى الهجرة القسرية من الناحية الى بغداد ومدن أخرى .

أنهى الشهيد ستار محكوميته وخرج عام 1956 وسفر فورا" الى مدينة بدرة وجصان قرب الكوت والمحاذية للحدود الأيرانية حيث يقضى المئات من الشيوعيين فترات مختلفة من الأبعاد بسبب نشاطهم السياسي .

بعد أكمال محكوميته في عام 1957 وقبل ثورة 14 تموز بأشهر قليلة ألتحق بعائلته في بغداد مواصلا" نضاله العنيد ضد الظلم والتعسف قبل وبعد ثورة الرابع عشر من تموز حيث عمل في تنظيمات مختلفة منها التنظيم العسكري للحزب حيث أثبت قدرة تنظيمية كبيرة ونشاط متميز .

ولظروفه المالية الصعبة حصل على عمل في حسابات معمل للأسبست في بغداد عن طريق أحد معارفه وأشتغل فترة قصيرة ، وبحكم ثقافته ونضالاته وخبرته مع السجناء السياسيين في سجن بعقوبة وبدرة أصبح من القياديين المتنورين فأنيطت به مهات صعبة وذات مسؤوليات كبيرة فأجاد بها .

بعد ثورة 14 تموز عمل موظفا" في مصرف الرافدين في بغداد لعدة أشهر قبل أن يستقيل بتوجيه من الحزب ليتفرغ للعمل الحزبي .

كتب عنه أحد رفاقه ما في ذاكرته :
في منتصف عام 1959 إتجه الحزب الى إعتماد التنظيم المحلي أساسا" للعمل التنظيمي لملاكات الحزب ، كنت عضوا" في أحدى اللجان المحلية التابعة للجنة منطقة بغداد وقد أنتدب الشهيد ستار ( مكافح ) لقيادة لجنتنا ، ويوما" بعد يوم توثقت العلاقة بيني وبينه وغدت صداقة أكثر مما هي علاقة تنظيمية . كانت والدتي تحبه كثيرا" وغالبا" ما تترك وجبة طعام محجوزة له فيما أذا عرفت أنه سيزورنا ، كان يجلس القرفصاء على الأرض عندما يتناول طعامه ، يأكل بالقدور التي تحتوي وجبته البسيطة بدلا" من الأواني والملاعق . كان دمث الأخلاق ، لطيف المعشر ، حاضر البديهية ، صديق الصغار قبل الكبار ، يحبه الجميع بدون استثناء . الأساءة وأيذاء الأخرين ليس لهما وجود في تصرفاته وطريقة كلامه . عندما تعاشره تدرك أنه نذر حياته للشعب ولأفكاره ومعتقداته التي كان يتطلع من خلالها لبناء مجتمع عادل حر . لم يضع مصالحه الشخصية في حسابه ، كان مترفعا" عن الصغائر ولا هدف له إلا في خدمة الناس والحزب ، لم يبخل بوقته لتطوير عمل منظمته إذ بذل جهدا" كبيرا" لتحسين عمل لجنتا وأصبحت محليتنا من أكبر محليات بغداد عندما كان مسؤولا" عنها ، كان يستمع بشكل جدي لكل الأفكار والأراء التي تنتقد سياسة الحزب وينقلها بكل أمانة للقيادة ، كان قائدا" نشطا" متوقد الذهن مؤمنا" بأن الشيوعية هي الطريق الوحيد الذي يحقق سعادة الشعب .

ويواصل حديثه بقوله ... لقد حضرت ورفاق آخرين مراسيم زواجه حيث طبق كافة الأجراءات الدينية مما دفع الأخرين للتندر عليه ، لكنه دافع بشدة عما قام به بأعتبار أن الشيوعيين أولى بتطبيق معتقدات المجتمع الدينية التي لا تضر بالفكر الذي يحمله المناضل بل بالعكس فان ذلك يقربه من جماهير الشعب . يوما" أخبرنا أن رفيقا" قياديا" سيحضر أجتماعنا المقرر لمناقشة سياسة الحزب . وكانت مفاجئة لنا عندما وجدنا بيننا الشهيد سلام عادل وتلاه في فترات اخرى رفاق آخرون من بينهم الشهداء محمد حسين أبو العيس ، ابراهيم الحكاك ، صبيح سباهي ، ألياس حنا ، وغيرهم .

كان الشهيد رجل المهمات الصعبة بحق فقد نسب الى العمل في المنطقة الشمالية في بداية الستينات لأعادة بناء تنظيمات الحزب هناك بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها الحزب الشيوعي العراقي بعد محاولة الشواف الأنقلابية عام 1959 وأغتيال أعداد كثيرة من كوادر الحزب في مدينتي الموصل وكركوك حيث كان العمل الحزبي فيهما من المهمات الخطرة جدا" وتحتاج الى خبرة وذكاء وتحمل والتكيف للظروف الصعبة .

كان الشهيد يتنقل بين هاتين المدينتين وأختار أكثر المناطق خطورة فيهما مكان لسكنه لأبعاد الشبهات عنه ولتتبع آخر أخبار القوى المعادية للحزب وأخذ الأحتياطات اللازمة لتجنبها ، كان يتردد على المساجد ويقوم بالصلاة ليستمع الى الخطط الموضوعة لأغتيال كوادر الحزب والتي تنفذها القوى الأرهابية التي أتخذت من المساجد قواعد لأنطلاق عمليات الأغتيال ، ويوصل المعلومات الى الحزب وينبه رفاقه الى تجنب ذلك ، وبذلك أنقذ حياة العديد من رفاقه الذين وضعت أسمائهم في قوائم الأغتيالات ، كما أنه أتخذ من مقابر المدينة مرات عديدة مأوى له تجنبا" لمخاطر جمة تعرض لها ، أضافة لكل ذلك فقد كان يقود التنظيم العسكري في كردستان العراق . فعندما بدأت الحركة الكردية برفع السلاح عام / 1962 كان يبين موقف الحزب المعارض للقتال للملا مصطفى البرزاني مباشرة من خلال اللقاءات معه والذي من شأنه أن يضعف ثورة 14 تموز ويعرضها للخطر وهذا ما أستغلته القوى الرجعية للقيام بأنقلاب 8 شباط / 1963 المشؤوم.

بعد أكمال مهمته في شمال العراق بنجاح نسب مرة أخرى للعمل في بغداد في أواسط الستينات وتحمل مسوليات عدة نتيجة الخبرة المتراكمة في التنظيم السري ، كنت ألتقيه بين كل فترة وأخرى أخذ رأيه في كثير من المسائل التي تحتاج الى خبرة ومعرفة وهو يستمع لي بهدوء ويعطيني الجواب المناسب ، كنا نتحاور في كثير من الأمور السياسية ونختلف أحيانا" ، كان يكلفني بنقل البريد والرسائل الحزبية الى عناوين عديدة ، وبنفس الوقت أكون حلقة وصل بينه وبين كوادر من أحزاب سياسية أخرى لعقد اللقاءات المشتركة والتباحث في مستجدات الوضع السياسي العراقي . وكان يؤلمني أن أشاهده مع بقية قادة الحزب يتنقلون في الباصات العامة في وقت خطر للغاية وعندما كنت أكلمه بالموضوع يعطينى المبررات الكافية .
كما أنه أتخذ من دارنا مكان لعمله الحزبي لفترات طويلة مستخدما" الهاتف للقاء رفاقه وتسيير أمور ونشاط منظمته . كنا قلقين عليه بشكل دائم ، أذا غادر الدار لمهمة يخبرنا متى يعود ويتقيد بمواعيده ، وأذا تأخر بالعودة نقلق عليه كثيرا" ونتابع أخباره من بقية الأهل لنطمئن عليه .

همس مرة في أذن الوالد يطلب أستعارة المسدس المجاز الذي نملكه لأن لديه أحساس بأن لدى الحزب معلومات إن المخابرات العراقية تخطط لأغتياله ، وأن الشئ الوحيد الذي يخيفه هو الأغتيال وجدتها فرصة لي فأسرعت لأخراج المسدس من الحفرة في أحدى زوايا الدار ، نظفته من التراب وقمت بتزيته بشكل جيد وناولته له مع علبة من الرصاص تحوي على أثنى عشر رصاصة مع توصية الوالد بأن يكون على حذر دائما".

في تلك الأيام الصعبة التي يمر بها الوطن ، عاد حزب البعث الفاشي للسلطة من جديد في 17 ـ 30 تموز من عام 1968 وتحت شعارات وهمية مزيفة أنطلت مع الأسف على الكثير من القوى السياسية العراقية ، وقد كرس الشخص الثاني في حزب البعث المجرم صدام حسين جل أهتمامه لتقوية منظمة حنين الأرهابية والتي تظم داخلها القتلة المحترفين وطورها لتصبح جهاز المخابرات العراقية ليقوم بتصفية قادة وكوادر القوى السياسية سواء بالتصفيات الجسدية أو الدهس بالسيارات أو بالسموم القاتلة بناء على الأوامر الصادرة منه مباشرة والذي كان يقود ويشرف على كل الأجهزة الأمنية والمخابراتية ووضع على قمة تلك الأجهزة قتلة محترفون أمثال المجرم ناظم كزار وقيادات البعث التي أتخذت من قصر النهاية مقرا" للتصفيات الجسدية لكل القوى السياسية .

وأتخذت قيادة البعث قرارا" بتصفية كوادر وقيادات الحزب الشيوعي العراقي بما فيهم الشهيد ستار خضير عضو اللجنة المركزية للحزب ، وباشرت عبر أجهزتها المختلفة بجمع المعلومات عن الشيوعيين من كل الجوانب مستغلة بعض نقاط الضعف في عمل الحزب الشيوعي العراقي .

ففي عصر يوم 16 / حزيران / 1969 خرج الشهيد ستار خضير من بيت في حي المعلمين / شارع فلسطين في بغداد وتوجه الى موقف الباصات للعودة الى أهله ، وأثناء أنتظاره باص المصلحة توجه أليه شخصين مسلحين وأطلقا النار عليه سوية من سلاحيهما فأصيب بعدة أطلاقات في بطنه غير أنه أستطاع أن يركض بأتجاههم ويمسك بأحدهم ويسقطه أرضا" وسقط معه لكنه أستطاع الوقوف رغم جراحه لكن القاتل الأخر عالجه برصاصة أخرى أصابته في رجله أعاقته من الحركة وغادر القتلة المكان وهو ينزف بشدة وهو ينادي الواقفين في محطة الباص بأنه ستار خضير عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وطلب أسعافه وغاب عن الوعي ونقل من قبل شرطة النجدة الى مستشفى الطوارئ بعد مرور أكثر من ساعة على أصابته ولحد الأن لا نعرف هل كان المسدس معه ام لا ؟ أين تركه في تلك الساعة وهو يدرك جيدا" أنه مستهدف ؟ وأذا تركه في مكان معين فما هو السبب !!!! أسئلة كثيرة تحتاج الى حل اللغز .
تلقت العائلة الصدمة في ساعة متأخرة من الليل ، لا نعرف ماذا نفعل الكل في أتجاه ، غادرت البيت الى المستشفى بعد سماعي الخبر ، ألقى رجال الأمن القبض على أخوته وعمه بسبب تواجدهم في ساحة المستشفى وأتهموهم بالشيوعية وأطلق سراحهم في اليوم التالي . الكثير من عوائلنا تنتظر عند مدخل المستشفى نتيجة العملية الجراحية المعقدة التي قام بأجرائها الدكتور الجراح نوري فتاح باشا والطبيب الشيوعي محمد صالح سميسم الذي بذل كل الجهود لأعتناء به وأبقاءه حيا" ، أوقف النزيف الدموي ، وأستئصل قسم من الأمعاء المصابة ، أستخرجت الرصاصة من رجله وأخرج من غرفة العمليات ليلا" ..
بعد ساعات أفاق الشهيد من المخدر وأستطاع أن يتحدث الى أهله وأخوته عن الحدث وهذا ما أكده أمام حكام التحقيق وأحد رجال الأمن الذين حققوا معه وسألوه :
ـ من تعتقد الذي أطلق النار عليك .... ؟
ـ أنهم أعداء الحزب الشيوعي العراقي .
ـ هل أنت من الحزب الشيوعي العراقي أم من جماعة عزيز الحاج ... ؟
ـ لا يوجد في العراق غير حزب شيوعي واحد هو الحزب الشيوعي العراقي .
فعلق رجل الأمن ( هذا أشكد صلب ) . .

رغم الحراسة المشددة من قبل الشرطة لغرفته كان أخوته ومعارفه يتناوبون بالدخول أليه ليل نهار ، وكان القصر وصدام حسين وناظم كزار يتابعون أخباره عن بعد في محاولة لأجهاز عليه فيما لو تحسنت حالته من جديد .

أستطعت الدخول وأن أقف معه داخل غرفة الأوكسجين بجانب اخيه الدكتور الذي لازمه طيلة بقاءه في المستشفى محاولا" تدليك يداه وأمسح العرق من جبينه وأضع قطرات الماء على شفتيه ولكن بدأت عيونه بالأصفرار وضاق تنفسه وأدركت أنها النهاية وأخذت دموعي تنهال وأصبر على نفسى ولكنه كان يحاول جهد الأمكان أن يضغط على يدي ولا أعرف ماذا كان يقصد من ذلك ، قد يوصيني بمواصلة المسيرة ويشد من عزيمتي ، أو يحاول أن يبين أنه لا زال حيا" وسيبقى . أنها ساعات من الألم والترقب والغضب والتنديد بالقتلة .

تدهورت صحة الشهيد وبدأت أعراض التسمم تتوضح وفي اليوم الثالث تدهورت صحته أكثر أثر التسمم الذي بدأ يسري في جسمه وحاول الأطباء جهد أمكانهم رعايته دون جدوى كان أخيه الدكتور باسم لا يفارقه طيلة بقاءة في المستشفى ورن جرس الهاتف :
ـ أننا من القصر كيف حاله الأن ؟ نحن مستعدون لأرساله الى أية دولة للعلاج فورا" !!!!
ـ شكرا" على أقتراحكم المتأخر لأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة .

فقد رحل الشهيد ظهر يوم 19 / 6 / 1969
لقد أرتعشت الغرفة الصغيرة في مستشفى الطوارئ حين فارق الحياة وصرخ الناس من رفاق وأصدقاء الواقفين أمام المستشفى وساحتها الموت للقتلة البعثيين ، عاش الحزب الشيوعي العراقي .
وفي قصر النهاية صرخ القتلة وعلى رأسهم المجرم ناظم كزار وهو يشرب كأس النصر مع القتلة الأخرين ..... مات الشيوعي ستار خضير الحيدر
وبنفس الوقت صرخ الحزب وأهتزت مدينة الكحلاء وصرخ محبيه ورفاقه وأصدقاء العائلة

لم يمت ستار خضير الحيدر فهو يحيا في القلوب
وسنواصل المسيرة

بعد أن قام حاكم التحقيق تدوين أقوال المدعين بالحق الشخصي والذين طلبوا الشكوى ومعرفة الجناة وبعد ورود التقرير التشريحي لجثة الشهيد ستار خضير الحيدر قرر قاضي التحقيق غلق التحقيق لمجهولية الفاعل .
و الأن وقد سقط الصنم ، فعلى الحكومة العراقية الحالية وبطلب من الحزب الشبوعي العراقي أعادة فتح ملف التحقيق في أغتياله وتطبيق القانون بحق القتلة .

إن ما كتبته في هذه السطور وكتبه الأخرون لهو جزء يسير من حياة هذا البطل الخالد .

نشرت في شهدائنا
الجمعة, 22 شباط/فبراير 2013 21:50

الدكتور عبد الرزاق مسلم الماجد

الناصرية ، تلك المدينة الجميلة ذات الرائحة العطرة التي تنبعث من فراتها الجميل، النهر الذي يضفي على المدينة جمالاً وعذوبة نادرة ويبدو وكأنه سحر يشد ساكنيها إليها ويجعلهم ينجذبون إليها دائماً بحب عارم ، كما أنه الشريان الذي يعطي للمدينة الحياة والعنفوان و الصبا، فتسحر المرء بساتينها ونخيلها الباسق وأرطابها الحلوة . سحر جمالها أثر بأحاسيس أهلها فأعطتهم الوداعة والطيبة فخرج من أحشائها أبناء بررة تفتخر بهم ويفتخر بهم كل العراقيين، أبناء عرفوا حب الناس وحب الوطن فانخرطوا في أعمال تهدف إلى إشاعة السعادة والبهجة في النفوس وتعطي لحياة الناس قيمة حقيقية وحضارية. واحد من هؤلاء هو الشخصية المندائية المرموقة الدكتور عبد الرزاق مسلم الماجد.
ولد الدكتور عبد الرزاق مسلم في مدينة الناصرية عام 1929 في بيئة مثقفة ، فوالده المرحوم مسلم ضمد الماجد كان أول المعلمين في الناصرية وكان يلقب بـ (مسلم أفندي) وكان يعتبر واحد من النخبة المثقفة التي حملت راية التعليم في عراق القرن العشرين فأثر تأثيراً واضحاً في مدينة الناصرية وكان حضوره فيها قوياً وخصوصاً في الوسط المندائي مع أبرز شخصيات الطائفة اللامعين آنذاك أمثال الشيخ داخل الشيخ عيدان وحبيب زغيّر غياّض وداغر ماجد عمّ المرحوم مسلم ضمد . وسهر على تربيته والعناية به واحتضانه عمه المرحوم جهاد ضمد الذي كان هو أيضاً معلماً ، كما وأثر في تكوينه عدد من أقربائه المثقفين أمثال عواد سعدون . في هذه البيئة ترعرع الفقيد.

أكمل عبد الرزاق تعليمه الثانوي في مدينة الناصرية ثم انتسب إلى دار المعلمين العالية في بغداد عام 1947 في قسم اللغة العربية ويذكر نعيم عيال الحادثة التالية عندما كان طالب في الصف الأول في دار المعلمين العالية :
( بعد 15 يوماً من امتحان " النحو " طرح أستاذ اللغة العربية " وهو مصري الجنسية " على الطلبة إثناء مناقشة نتائج الامتحان مع الطلبة في القاعة التي كانت مكتضة بالطلبة أنه يأسف لأن هناك أحد الطلبة وبهذا المستوى يغش بالامتحان . ألح الطلبة على تبيان اسم الطالب ليكون عبرة لغيره من الطلبة فذكر اسم عبد الرزاق مسلم الذي كان حاضراً فرفع عبد الرزاق يده طالباً الحديث لكن الأستاذ امتنع عن الإذن له ولكنه ونزولاً عند الإلحاح الشديد من عبد الرزاق سمح له بالحديث فاتضح أن المقصود في الغش أن عبد الرزاق كتب نصاً أدبياً جواباً على أحد الأسئلة وهذا النص يستوعب لسبعة صفحات كتبه عبد الرزاق كاملاً الأمر الذي اعتبره الأستاذ غشاً فليس من المعقول حسب وجهة نظر الأستاذ أن يحفظ الطالب نصاً كاملاً من 4 صفحات فطلب منه إعادة قراءة النص فأعاده عبد الرزاق كاملاً وبعد 15 يوم من الامتحان فأبدى الأستاذ والطلبة تعجبهم وقدم الأستاذ اعتذاره واستدرك يقول بأنه من الصعب التعامل مع نماذج ذكية جداً مثل هكذا طلبه) تخرج عبد الرزاق من معهد المعلمين العالية عام 1951 وعين مدرساً في ثانوية الناصرية فكان محبوباً جداً من قبل زملائه وطلابه ذا علاقات واسعة ومواهب متشعبة لكنه نقل إلى الخالص عام 1956 فقام بتدريس اللغة العربية في الخالص وفي دار المعلمين في بعقوبة . وبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 قدم طلاب ثانوية الناصرية عريضة وقع عليها الطلاب بالإجماع يطالبون بإعادة أستاذهم إلى مدرسته وفعلاً عاد عبد الرزاق إلى مدينته وعين مديراً لثانويتها. وبعد الاضطرابات التي حدثت عام 1959 نقل إلى بغداد بناءاً على طلبه فعين مدرساً وبنفس الوقت مفتشاً في مديرية تربية الرصافة. وفي عام 1960 حصل على إجازة دراسية إلى موسكو. يقول عنه المقربين منه أنه كان مثابراً على دراسة اللغة الروسية فأجادها خلال أشهر قليلة. ثم درس في جامعة موسكو الفلسفة وأختص بدراسة فلسفة الفيلسوف العربي الشهير أبن خلدون وخاصة مقدمته " مقدمة ابن خلدون ". عاد إلى الوطن الذي عشقه عام 1966 وتعين عام 1967 أستاذاً للفلسفة في جامعة البصرة .

يذكر المقربين إلى عبد الرزاق أنه كان شديد التأثر بأدب نجيب محفوظ بحيث استوعبت مكتبته كل مؤلفات نجيب المنشورة إلى ذلك الحين . وجل اهتماماته انصبت على الفلسفة والأدب وكرس وقتاً كبيراً من حياته للعمل السياسي بحيث أن أحد المقربين إليه يقول أن السياسة أصبحت واحدة من أفضل هواياته يتعامل معها بحس مرهف يقض . أماّ المطالعة والتأليف فكانت لها حصة الأسد في مجمل اهتماماته .

A R Muslimكان عبد الرزاق يعشق الموسيقى و خاصة العربية منها وكان مولعاً بالموسيقار محمد عبد الوهاب وكان مصراً على اللقاء به فسافر إلى القاهرة والتقى عبد الوهاب في دارة ولازالت عند عائلته الصور التذكارية معه. كان لعبد الرزاق صوتاً جميلاً فيغني لعبد الوهاب فيطرب إليه سامعيه. تحدثت زوجة عمه أنها لم تكن على الإطلاق تعتقد أن ذلك كان صوت عبد الرزاق بل أنه عبد الوهاب يغني في الراديو.

كان عبد الرزاق يحب السفر ويحب اكتشاف الجديد ويتأثر به. فسفرته إلى مصر لم تكن الوحيدة بل أنه سافر برفقة والده إلى بيروت وبرفقة عمه وزوجته وابنته البكر إلى إيران. أماّ خلال دراسته في موسكو فسافر إلى فرنسا وبريطانيا وألمانيا وجيكوسلوفاكيا.

كما أنه كان شديد الولع بالطبيعة فالسنوات القليلة التي تمتعت معه زوجته وأطفاله بدفء العيش إلى جانبه كانت مليئة بالسفرات في وسط الطبيعة التي كان يعتبرها الغذاء الروحي له.
كان عبد الرزاق طيب القلب حنوناً سهر على راحة أخوته وأمه بعد أن تزوج والده من امرأة أخرى . ولدماثة خلقه كان محبوباً من أهله وأصدقائه وأ قربائه . وقد التف حوله عدد كبير من الأصدقاء ويمكن أن نذكر منهم على سبيل المثال المرحوم ورد عنبر والمرحوم شنور عودة والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وصديق طفولته المرحوم صبري مهوس وكذلك الدكتور محمد علي الماشطة والتكمجي والدكتور محسن رومي.

كان عبد الرزاق شديد الاهتمام بمظهره دائم النظافة فقد يقال أحياناً أنها صفة وراثية فوالده ورغم شوارع الناصرية غير المبلطة إلاّ أنك تجده نظيفاً أنيقاً متألقاً.

لعبد الرزاق مؤلفين الأول " مذاهب ومفاهيم في الفلسفة وعلم الاجتماع " والثاني " دراسة ابن خلدون في ضوء النظرية الاشتراكية " . وكان قد أنجز ترجمة أطروحته عن الروسية وأرسلها للطبع إلى بيروت إلاّ أنه لم يعرف مصيرها لحد الآن كما أن له العديد من الكتابات بقيت مهملة حيث وافته المنية قبل تنقيحها وطبعها.

في ليلة 21/3/1968 وبعد ستة أشهر من تعيينه أستاذاً للفلسفة في جامعة البصرة اغتالت الأيدي الشريرة الأستاذ عبد الرزاق مسلم وكان ذلك في يوم الخميس الساعة السابعة مساءاً قرب إحدى المقاهي في كورنيش شط العرب وهو في طريقه لزيارة رئيس قسم الفلسفة في جامعة البصرة والمريض في داره حيث انطلقت رصاصات من مسدسات كاتمة للصوت فوقع مضرجاً بدمائه ولم ينقل إلى المستشفى إلاّ بعد وفاته على الرصيف.

في يوم الجمعة أتصل أصدقاؤه بأهله فذهبوا إلى البصرة وحملوا الجثمان إلى بغداد لكنه انطلقت في يوم السبت مظاهرات صاخبة أعدها طلبة وأساتذة جامعة البصرة حاملين جنازة رمزية استمرت لثلاثة أيام لبس فيها المتظاهرون السواد حداداً على أستاذهم ومطالبين بالقصاص من القتلة. وقد نشرت الصحف البغدادية أنباء الجريمة على صفحاتها الأولى وبمانشيتات كبيرة. وهكذا طويت صفحة أحد أبرز الشخصيات المندائية والوطنية والعلمية في عراقنا المعاصر.

نشرت في شهدائنا

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014