• Default
  • Title
  • Date
السبت, 05 نيسان/أبريل 2014 09:27

لغتنا المندائية ... هويتنا الحقيقية ج6

لا يخفى ان اللغات السامية ومنها المندائبة لم تكن تكتب لها حروف علة الى زمن قريب ، وان الاغريق هم الذين اطلقوا اسم (سورية ) على وطن النبي ابراهيم من نهر الفرات الى فلسطين والتي تحولت من تسمية  الى شعار ( من الفرات الى النيل ) ، كونهم  ينطقون الياء الاغريقية بين الواو والياء ، ولهذا على سبيل المثال تكتب لوبيا الى ليبيا كما تكتب بالياء ، تنطق سيرية – بالياء في اللغات الاوربية وتنطق أيضا سورية بالواو في اللغات الشرقية .

 

ومن الملاحظ ان القحطانية عرب فطروا على العربية فهم العرب العاربة ، وعلى ان العدنانية قد اكتسبوا العربية اكتسابا فهم الذين يطلق عليهم  العرب المستعربة والاثنان ب ( العرب البائدة ) ، لانهم كانوا يتكلمون لغات اخرى هي العبرانية او الكلدانية  والمندائية ، ثم تعلموا لغة العرب العاربة فمحت لغتهم الاخرى من صدورهم وثبتت فيها هذه اللغة الثانية المستعارة ، وهم متفقون على ان هذه العدنانية المستعربة انما يتصل نسبها باسماعيل بن ابراهيم ، وهم يرون حديثا يتخذونه لكل هذه النظرية ، خلاصته ان اول من تكلم بالعربية ونسي لغة ابيه هو اسماعيل بن ابراهيم .

 

كما ان هناك اختلافا قويا بين لغة حمير ( وهي العرب العاربة ) ولغة عدنان (وهي العرب المستعربة ) . وقد روى عن ابي عمر العلا انه كان يقول : ما لسان حمير بلساننا ولا لغتهم بلغتنا ، اذا كان هناك خلاف كبير بين لغة الناس التي كان يتكلموا بها في جنوب البلاد العربية وبين لغة الناس في شمال هذه البلاد ، وقد ثبت هذا من خلال النقوش والنصوص في اللغة وفي قواعد النحو والتصريف ايضا . ان المقارنة بين اللغات العبرية والارامية التي احد فروعها  المندائية  والاثيوبية والاكدية ادت الى اثبات ان كل هذه اللغات تطورت عن لغة واحدة تكلم بها شعب كان موحدا اول الامر ، ثم انشق وتفرق في مناطق مختلفة ولهذا الشعب ولغته اعطيت التسمية المعروفة ب ( السامية )  .

 

حيث كان الساميون محصورين في منطقة تمتد بين البحر المتوسط غربا ومرتفعات ايران الغربية شرقا حتى الجبال المحاذية لاعالي الفرات شمالا واطراف البحر الاحمر جنوبا .

 

استوطن المتحضرون اطراف هذه الاقاليم بينما ظل المقيمون في الوسط اي في وسط المنطقة هذه ، اي في صحراء سورية الغربية بدوا رحلا . وبعد تفرق الساميين في الاصقاع المختلفة هاجروا الصحراء ودخلوا في اوساط الاجانب الذين تحضروا منذ مدة طويلة كل على طريقته ، وكل هؤلاء الساميين انصهروا في هذه الشعوب واكملوا تقاليدها فيما بعد .

 

قد يكون الهدف وراء اعتبار اللغة السامية سباقة للغة السومرية لاعتبارات سياسية لان التوراتيين ارتبطوا بالسامية واعتبار السومريين لا يمتون للسامية باي صلة خصوصا ما جاء في تسمية ارض سومر بارض شنعار .

 

وقد ورد اعتقاد وهو مشكوك فيه لحد الان ان الاصل الاول للسومريين كان من شبه القارة الهندية اي من (الهند وباكستان وسيلان ) وقد عبروا البحر الكبير واستقروا على السواحل الخليج وجنوب العراق والمناطق القريبة منه , ودليلهم على ان معتقدات السومريين شبيه لمعتقدات الهنود القديمة في جملة نواحي وكذلك التشابه الانثروبولوجي الواضح بينهما ، وهذه مجرد افتراضات ليس الا لم تثبت صحتها لحد الان .

 

اذن فعائلة اللغات السامية تشترك جميعها بخصائص معينة ، وان من اهم هذه الخصائص يمكن القول ان اكثرية جذور مفرداتها اشتقت من جذرها الثلاثي ، وتعتمد في كتابتها على الحروف الصحيحة اكثر من اعتمادها على حروف العلة ، وكذلك ان الاساس اللغوي فيها يعتمد على الفعل الماضي والمضارع ، وكذلك ذات محدودية في زمن الفعل ، ويلاحظ فيها ايضا ان العلاقة المعكوسة بين العدد والمعدود من حيث التذكير والتانيث من العدد ثلاثة الى العدد عشرة ، ويلاحظ كذلك وجود المذكر والمؤنث اي وجود جنسين فقط ، فهذه اهم الصفات التي تمتاز بها اللغات السامية ، ومنها لغتنا المندائية  .

 

يتبع لطفا

 

المصادر

 

-عباس محمود العقاد – ابراهيم ابو الانبياء – دار الهلال /1980 – مصر / القاهرة

 

-طه حسين – في الشعر الجاهلي (من تراث عصر النهضة ) – دار بترا للنشر والتوزيع / ط1 / 2009 – سوريا – دمشق .

 

-جان بوتيرو – الديانة عند البابليين – ترجمة د. وليد الجادر / ط1 / 2005 – سورية / حلب .

 

-عبد المجيد السعدون –م./ اللغات السامية وموقع المندائية بين هذه اللغات – مجلة هيمنوثا (الايمان ) العدد /12 / شباط / 2005 / بغداد

 

عبد الفتاح الزهيري – الموجز في تاريخ الصابئة المندائيين – العرب البائدة  / ط1 / 1983م / مطبعة اركان / بغداد / العراق ..

 

إكمالاً لما سبق ، ان الفنان فيصل شرموخ السعدي من مواليد مدينة العمارة - ميسان ( 1939 ) م تخرج من معهد الفنون الجميلة – بغداد – 1965 م .. عضو نقابة الفنانين وجمعية التشكيلين العراقيين .. عضو الرابطة الدولية للفنون التشكيلية . من اهم مشاركاته الفنية : في معظم معارض جمعية التشكيلين العراقيين المقامة في بغداد ، في معرض الفن العراقي المعاصر في عمان 1994م ، معرض بيناله العربي الاول في بغداد وزارة الثقافة ، معرض السنتين العربي الاول في بغداد ، معرض مشترك مع الفنان خضير الشكرجي 1973م ، نفذ عمل جداري كبير في مبنى الاذاعة والتلفزيون العراقي .

 

من خلال ادائه الرائع استطاع ان  يؤكد على ما تختزنه حركة التشكيل عند الفنان من طاقات ومواهب ، ومقدرتها على الاصغاء المرهف لهواجس الانسان في عالم سريع التغيير .

 

حينما نتأمل الاعمال الفنية التي احتوتها لوحاته سنجد هناك ان هناك تفاوتا في الاساليب الفنية ، تلك التي تنوعت بين الواقعية والتأثرية والتجريدية ، ارتكزت في رؤاها على ىمفاهيم تراثية واخرى طبيعية ، التي تبحث في كل ما يتعلق بالحياة والخيال معاً ، لقد امتازت هذه الاعمال بجماليات المعنى في رؤى متوهجة بالحيوية ، على ابراز ملامح التجربة باكبر قدر من التكثيف والايحاء ، وبدت الالوان متداخلة في ما بينها ، واعتمد على مفهوم الضد ، عبر عناصر فنية متنوعة ، كما نجد توهج الالوان في لوحاته ، مع تداعيات انسانية متحركة ومتفاعلة من رؤى حسية متنوعة ، وهناك في بعض لوحاته الفنية نجد فيها اساليب تجريدية استخلصها من التفاوت في الالوان ، وحشد المجامبع غير واضحة المعالم في العمل الفني ، واحيانا يمكن ملاحظة شراهة الالوان بارزة في بعض لوحاته ، كذلك هناك تداعيات رمزية متحركة في اتجاهات عدة كأنها ذات ابعاد ثلاثية مجسمة الصورة ، ، وفي بعضها كانها صور فوتغرافية ذات الوان بهيجة ، وفي بعضها يلاحظ الفعل التأثري واضحاً بكل ما تحمله من مضامين مأخوذة في الاساس من الواقع وفي سياق خيالي ، وبرزت التجربة في نسقها التجريدي عن واقع المراة التي تبحث عن الأمان والاعتبار ، باستخدام العلاقة المتضادة بين الضوء والظل .

 

وقد اكد هذا الفنان القدير في اكثر من مناسبة  ان الرسم ، كعنصر من عناصر الحركة الفنية الحديثة ، بشتى اتجاهاتها علينا الاستلهام من تلك الحضارات والاعتماد على قيمها واصولها ، بالشكل الذي يلائم الإمكانات المتاحة في عصرنا الحديث ، ومن دون هذا الأساس التأريخي المهم ، فانه سيصل حتماً ، الى مرحلة التجريد ، والتجريد المطلق ، سوف ينتهي الى فن هزيل ، لا يتناسب مطلقاً وعظمة التطور الحديث الذي وصل اليه عصرنا ، سواء في إمكاناته التكتيكية المتاحة ، او في تطور علاقاته الأنسانية

 

ويؤكد ايضا على وظيفة الالوان كون اللون كمكون اساس في جسد العمل الفني فهو في احدى تعريفاته غطاء للشكل حيث ان لكل لون صفته وحساسيته ودرجته ومعناه ويكون نجاح اللوحة في وضع تكون الالوان منسجمة تارة ومتضادة تارة اخرى ووضع كل لون في مكانه المناسب قوة للوحة واداء مهم في نجاحها .. فلو كانت الحياة لوناً واحداً لكسدت الذائقة ولاعترانا الملل والرتابة ، وفي الختام نقول ان الفنان السعدي الذي تتلمذ على يد الرواد من رموز الفن التشكيلي العراقي كجواد سليم وفائق حسن واسماعيل الشيخلي وحافظ الدروبي الذين هم نافذة الفن التشكيلي المعاصر حيث استلهم من تجاربهم الفنية الذين كل واحد منهم مدرسة متكاملة النضج متشعبة المعرفة  ، والذي استطاع ان يؤسس مدرسته واصالته وطريقته الخاصة في بناء جيل فني متقدم  ، هذا الفنان التشكيلي التجريدي القدير ، ان لوحاته تنم عن ابداع مرهف بالاحاسيس الفياضة والعاطفة النبيلة  ، فكل واحدة منها صورة تعبيرية عن سمفونية زمانية خالدة ، فالى لقاء اخر مع فنان مبدع مع ارق تحياتي .

 

 د. محود شاهين / ناقد تشكيلي واكاديمي من سورية / عن حياة فنان / مجلة العربي  .

 

د. اسعد عرابي / فنان تشكيلي من سورية / مدارس فنية / ما بعد الحدائة / فن تشكيلي . 

 

غسان حسن محمد / ناقد عراقي / لوحة تشكيلية من ظلال الماء والقصب / جريدة الزمان البغدادية .

اعداد: عزيز عربي ساجت

نشرت في فنون
السبت, 08 آذار/مارس 2014 11:07

ظاهرة الوشم ... اسباب واشارات

لقد عرفت معظم الشعوب في مراحل تطورها الاولى ظاهرة الوشم ، وهوعبارة عن رسم حيوانات واشكال مختلفة على الجسم او على جزء منه عن طريق الوخز بالابر ، وقد استخدمت بعض الشعوب في المجتمعات الطبقية الوشم للتعبير عن مكانة الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه ، او انتمائه لقومية او لطبقة او لتيار فكري معين او لجماعة سرية ، وقد ورد ذكره في المراجع التاريخية القديمة في الشرق او الغرب ، وخصوصا في المراجع الصينية القديمة ، عند انتقال المجتمع البدائي الى مجتمع طبقي . والختم بالنار يعتبر ظاهرة معروفة عند الشعوب القديمة لكي تميز شعب عن شعب اخر بهذه الوسيلة ويكون بمثابة رمز لها تفتخر به ، ثم تحول بعد ذلك الى عامل زينه ، يزين به الجسم في جميع اقسامه حتى الوجه عرف ذلك عند الاوربيين الذين استخدموا طريقة ختم الحيوانات ، وعند ظهور الوشم انتقل من الحيوان الى الانسان لمعتقد نفسي وحب الظهور وكذلك عرف ايضا عند الهنود ضمن طقوسهم الخاصة اذ كان لهم ستايل خاص في هذا الشان ، والهند تكاد تتميز به كون تاثير المنطقة وجمال الطبيعة الهندية وعشقهم للالوان مما جعلهم يتوجهون الى الوشم ضمن رسوم تقديس الحيوانات وبخاصة ( البقر ) التي تمتاز بها الديانة الهندوسية . اما اليابانيون فقد وصلت اليهم عن طريق امريكا بعد الحرب العالمية الاولى اذ كان الامريكان يختمون البقر والماشية بعلامات مميزة لتكون معروفة لمن يمتلكها وتطور عندهم الى ما يعرف بالوشم عن طريق السكان الاصليين في امريكا وهم الهنود الحمر ، وكانت طريقة الوشم عندهم تعتمد على النقر بالابرة او بشيء حاد ومن ثم ادخال المواد الملونة الى داخل الجلد الذي يصيبه الخدر بعد فترة وجيزة من بداية العملية ، ثم وصل الى العرب واصبح وسيلة لتجميل النساء وكتابات ورسوما للرجال من اجل اعلان محبتهم لشخص ما .. او رسوما لابراز القوة ، او لدرء الحسد حسب مفهومهم ، ففي اوربا انتشر الوشم عن طريق الغجر الذين كانوا يغطون اجسادهم بها ، وفي افريقيا ونتيجة لطبيعة وحرارة الجو هناك اصبح الوشم يعوض عن الملابس بل اصبح هوية تميز قبيلة عن اخرى وهناك نقش خاص للنساء يتمثل باليد او الصدر ومنهم انتقل الى العراق وباقي الدول العربية الاخرى ، لغاية معينة عن طريق القبائل الرحل والمهاجرين ، واصبحت ظاهرة الوشم فيما بعد هواية والتفاخر بكثرتها ، وفي امريكا ينتشر عند الرجال بصورة خاصة ويتمثل بالنقش على الكتف واليد والظهر والصدر خاصة لدى الرياضيون لابراز عضلاتهم واصبح تقليدا عند المعجبين بهم كتذكار ضمن الرقعة الجغرافية التي يعيش بها المصارع او لاعب الاثقال او الملاكم .. الخ ، حتى دخل هذا ضمن الناحية السيكولوجية للشخص نفسه لتخليد المحب او الشعور بانه يمثل الحياة السعيدة وجمالها كونها تذكره بها دائما ، وفي العراق ينتشر في القرى والارياف وخاصة البادية وفي قرى الجنوب منذ ازمنة بعيدة الا ان التحضر الذي جاء نتيجة تطور التكنولوجيا العصرية جعل الكثير من العراقيين والعراقيات وفي البلدان العربية يعمل على ازالتها كونها اصبحت علامة تخلف الوعي والذائقة . واصبح كذلك ظاهرة واسعة الانتشار في السجون والمعتقلات كرسوم للحيوانات المؤذية كالحيتان او العقارب او كتابة اي معلومة للذكرى ، وقد لوحظ ايضا انتشاره في اوربا وامريكا حاليا بشكل لم يسبق له مثيل بين الشباب الهيبز او ما يدعى بالخنافس وكان سبب تطور ذلك هو الجنس هذا النوع اتخذ اشالا مختلفة حتى ان اشهر الرسامين العالميين يرسمون لوحات وزخارف فنية على الاجساد بل ان كثيرا من مصممي الازياء عاد الى القديم ضمن ازياء مستوحاة من العصور القديمة والتي تعتمد على بعض القطع الصغيرة من الاقمشة والباقي ياتي دور الرسام ليضع لمساته الفنية بواسطة الوشم حتى اصبح الجسد يشكل لوحة تشكيلية ضمن مدارس فنية متعددة ، وقد لوحظ مؤخرا استخدام هذه الظاهرة لاغراض طقسية دينية في بعض الفرق ذات توحهات شيطانية ويسمون ب ( عبدة الشيطان ) ويعتبر الوشم ذي الرسوم الغريبة من اهم سماتهم والمنتشرة حاليا في اروربا وامريكا وبعض بلدان العالم الثالث .
على اية حال فان خلاصة القول اسباب نشاة الوشم هي اسباب معقدة جدا بحسب الابحاث والدراسات ، كان الفرد في المجتمعات البدائية يستخدم التراب وزيوت النباتات في رسم بعض الخطوط والرموز على جسده لاعتقاده ان في ذلك فوائد كثيرة ، كأن يغطون اجسامهم بدهن الخنازير للوقاية من البرد ، ثم ادرك الانسان البدائي ان للوشم فوائد جمالية ، فكان المرء يدهن جسمه بغية الاحساس بذلك الشعور الجميل ، بعد ذلك وجدت النسوة في الندوب التي تتركها الحروب وصيد الحيوانات على اجساد الرجال علامات جميلة تدل على شجاعة الرجل وقوته ، وفي مرحلة لاحقة بدىء باستخدام الزينة ومنها الرشم في اخفاء بعضا من عيوب الجسد ، وكان الانسان البدائي يشم على جسده صورا لبعض الحيوانات او رموزا تشير الى القبيلة التي ينتمي اليها ، وكانوا ايضا يتصورن ان للوشم فائدة على صعيد الحياة الجنسية ، وكان للوشم عندهم اوقات محددة ، ان يبدا في سن الطفولة الى سن البلوغ ، او يبدا من سن البلوغ ويستمر لعدة سنوات تالية ، وفي معظم الحالات يعتبر عندهم اعلان للجماعة والمجتمع عن بلوغ الفرد سن البلوغ ، ومن هنا تاتي صلة الوشم بالحياة الجنسية باعتباره اشارة واضحة عن سن البلوغ ، وفيه يؤهل الفرد للانتماء الى القبيلة ويمنحه مؤهلات تلك القبيلة لاسيما على صعيد الحياة الجنسية والزواج ، وكما اسلفت ان الوشم والزينة يشكلان عنصرين فنيين لا ينفصلان ، وقد وجدت بعض النقوش على الاواني القديمة تعبر عن هذه الحالة .
ملاحظة : كتب الموضوع وبتصرف من مقال للكاتب العراقي وائل الملوك ونشر في جريدة الصباح الصادرة في بغداد بعددها المرقم 342 / الثلاثاء 24 اب / 2004م.

نشرت في وجهة نظر

المقدمة :
لقد برزت رموزٌ مندائية كان لها حضورٌ مع بصمةٍ واضحةٍ في مجالِ الفن التّشكيليِّ المُعاصرِ على السّاحة الفنيّةِ في العراق أو في دول المهجر ، إستطاعت أن تُقـدمّ المزيد من العطاء والإبداع في هذا المجال ، وأكدت إهتمامها البالغَ بمثل هذا النوع من الفن الرفيع ؛ من خلال تقديم وبلورة الافكار في تاّلف الفن والعلم والحضارة .
لقد شهدت السنوات الماضية ظهور كوكبة مُتميزة من هؤلاءِ المبدعين كان من أبرزهم : ( فيصلُ السعدي ، يحيى الشّيخ ، غالب ناهي الخفاجي ، سلام الشيخ ، موسى الخميسي ، حزام عطية النصار، نوري عواد حاتم ، سوسن سلمان سيف ، اكرم تريكو صكر ، حامد جميل عزيز ، اشراق عريبي ، حامد عبد الرزاق رويد ، عائدة دخيل عيدان ، أسمر هرمز ... ) وآخرون غابت عن الذاكرة اسماؤهم مع الاعتذار ممن لم تسعفني ذاكرتي في تذكرهم . ومن خلال متابعتي الشخصية إتضح لي : إن هناك من جعل هذا الفن الرائع هواية في حياته وتركها بعد حين لظرف ما ، وإهتم بنوع اخر من الفنون والاداب ، ومنهم من استمر في مزاولتها إما كهواية او كمهنة . وتتصفُ نتاجاتُ هولاءِ الفنانين بالتكامل الإبداعي الفني ، وبترك إرث جميل ورائع في الرسم والنحت والنصب ، واللوحات الرمزية التراثية والحضارية إضافة الى الرسوم التخطيطية وفنون النقش على المعادن والزخرفة وفن المنمنمات .
في سياق الانشطة الفنية المندائية للفنون التشكيلية ،نلاحظ : ان هذه الاعمال تراوحت بين التشكيل والنحت والفوتغرافيا وغيرها ، وهذا مايؤكد على ما تختزنه حركة التشكيل من طاقات ومواهب ، ومقدرتها على الإصغاء المرهف لهواجس الانسان في عالم سريع التغّير ، ان مبدعي الفن التشكيلي ، انما هم نخبة من ابناء الوطن - العراق – باعتبارهم في طليعة مكونات الواقع الثقافي المندائي ومفصل حركته الفنية الصاعدة.
حينما نتأمل الاعمال الفنية لهؤلاءِ نجد ان هناك تفاوتاً وإختلافاً في الأساليب الفنية المتّبعة ، تلك التي تنوعت بين الواقعية والتأثرية والتجريدية ، بالاضافة الى اعمال مختلفة اخرى ، ارتكزت في رؤاها على مفاهيم ترائية وطبيعية واخرى حضارية ، ويمكن ادراجها في سياق البحث فيما يتعلق بالحياة والخيال معاً ، وقد تبارت هذه الاعمال على الصدارة والاستحقاق المطلوب ، ان نتاجاتهم الفنية ماهي الا تعبير عن جماليات المعنى في رؤى متوهجة بالحيوية والدلالة والاشارة بأكبر قدر ممكن من التكثيف والايماء ، ان استخدام الفرشاة والالوان متداخلة في اللوحات الفنية واداة تعبير عن مفهوم الضد ، عبر عناصر فنية متنوعة ، بحيث يضع كل فنان فكرته على لوحة من لوحاته ، وتعبر بذات الوقت عن تداعيات إنسانية متحركة ، ومتفاعلة في رؤى حسية متنوعة ، ان في إشراقة الالوان ماهي الا تداعيات رمزية متحركة في إتجاهات عدة ، وهي رؤى رمزية للحياة ، وهي مضامين مأخوذة في الاساس من الواقع الحاضر والماضي ، وفي سياق خيالي واضح وبرزت التجربة في نسقها التجريدي ، والبحث المطلق عن الراحة النفسية ،واستخدام العلاقة المتضادة بين الضوء والظل .
بعد هذه المقدمة البسيطة ، ارتأيت ان أعرض موجزاً عن كل فنان قدير وباقلامهم وبآراء النقّاد الذين تناولوهم بالنقد والتحليل والتمحيص .
في مخيلتي معلومات وافكار بسيطة عن فنون الرسم بالاضافة إلى توفر الرغبة في المتابعة مع المشاهدة للمعارض الفنية التي كانت تقام في العراق او في سورية ، او من خلال استخدام كامرتي البسيطة في رصد وتجسيد بعض الظواهر الاجتماعية والطبيعية ، لما تحمله الصورة من دلالات جمالية تعبيرية راقية عن الكون والطبيعة وعن مفاصل الحياة الانسانية ، وساتناول بالعرض لأعمال هؤلاء الفنانين تباعاً ، وحسب توفر المصادر المتعلقة بالموضوع مع التقدير .
الفنان فيصل السعدي :
يعتبر هذا الرسام المندائي الكبير من رواد حركة الفن التشكيلي العراقي المعاصرالذي سار على خطى أصحاب المدارس العالمية من عظام الرسامين ( بابلو بيكاسو ، مونيه ، دالي ، فان كوخ ) ، لما تحمله لوحاته من قوة إبداع ورصانة تعبيرية واضحة في مجمل أعماله الفنية المتنوعة .
في مقالة جميلة كتبها الفنان المبدع فيصل السعدي عن نفسه ، نُشرت في مجلة افاق مندائية الصادرة في بغداد ، حول مسؤولية الفنان في معتركه الفني جاءَ فيها : ( يجد الفنان نفسه مسؤولا في المعترك الفني عن ايجاد صيغة للتعامل مع الحياة بديناميكية متفاعلة لتعطي للتجربة الفنية شخصيتها ، وكتجربة يستدرك الفنان فيها دوره ووجوده في هذا الكون الواسع بالرغم من التناقض الواضح للاساليب الفنية ، يجد نفسه مسؤولا عن ايجاد علاقة جدلية للتوازن البيئي لكي تأخذ دورا ً في الابتكار والابداع . ويقول ايضاٍ : بدايتي من الستينات ممارس للرسم والخزف وطوال هذه الرحلة قدمت ، واقدم تجربتي بكل رموزها وتحولاتها متناولاً البيئة العراقية وتنوعها ، مغترفاً من الرمز والاسطورة العراقية المتواصلة بشوق الى الانفتاح اللوني بالرغم من التفكيك المتوازن بعيداً عن الاساليب المقحمة والتلطيخ اللوني . التجربة في حضور الخط الوهمي لانشائية اللوحة ، وغنائيته الموسيقية في تشابك الالوان ، واستخلاص الاطر الفنية من تجربة الفنون الرافدينية ، وتوظيفها في منجز تشكيلي يعكس كونية الاشكال ، وعراقة مخلصة ، وعشق متدفق افجعته مرارة التمزق الداخلي والبيئي . الهدف في اغناء التجربة الفنية العراقية ومواصلة الارث الحضاري ، ووضع لبنة في صرح الرسم العراقي المعاصر ) .
بهذه الكلمات عبّر الفنان فيصل السعدي عما يدور في خلده من افكار بنّائه ورائدة من اجل الفن العراقي وتطويره ، واكد الفنان السعدي في اكثر من مناسبة ان الرسم ، كعنصر من عناصر الحركة الفنية الحديثة ، بشتى اتجاهاتها علينا الاستلهام من تلك الحضارات والاعتماد على قيمها واصولها ، بالشكل الذي يلائم الإمكانات المتاحة في عصرنا الحديث ، ومن دون هذا الأساس التأريخي المهم ، فانه سيصل حتماً ، الى مرحلة التجريد ، والتجريد المطلق ، سوف ينتهي الى فن هزيل ، لا يتناسب مطلقاً وعظمة التطور الحديث الذي وصل اليه عصرنا ، سواء في إمكاناته التكتيكية المتاحة ، او في تطور علاقاته الأنسانية ، وقد كتب الكثيرُ من النقاد عن هذا الفنان الرائع واسلوبة في الاختيار ، ومنهم الناقد محمد الجزائري الذي تحدث عنه في مقالة نقدية جريئة وعن مضامين لوحاته الفنية والتي نشرت في جريدة العرب اليوم الاردنية ، جاء فيها : ( لم يكن فيصل السعدي ( 1939 ) خارج كياسة التجديد ، حين اختار اسلوبية مزاوجة بين الانطباعي والتكعيبي . انه لم يشوه المشهد ، ترك للمقلة حرية التجوال والهجس والتقصي في ثنايا اللوحة ، شخوص اللوحة بينة ، ولا غموض .. كأنه يقدم التعبير ، عبر الملامح ، باشارات ، ولكن ايضا ، بهذا الطيف اللوني ، وهندسة تداخلاته ، قوس قزح ، لا يضيّع المعنى ، ولا يحيل إلى براءة طفولية ، لكنه يستمد من البراءة لونها الصافي ، ولكن بوعي اشتغال ، ومهارة مطبوعة ، يعتقد الفنان فيصل السعدي ، بان الجمالية وحدها ، لا تُثري الحياة ، ان هي افتقدت ، في اللوحة ، الى تلك الديناميكية ، فراهن على ثلاثية الابداع ، الجمالي ، المتحرك في اللوحة لانها خطابه الفني .. كونية وعمارة واثارا.ً. رموزاً واساطير من ميثولوجيا غنية .. كل ذلك مخزون لوحات السعدي ، ومجال إفادته .. لكنه لم ينقل ذلك كله ، بجاهزية عفوية ، بل امتصه وتمثله ، فهو يحاول الخروج بلوحته من عالم التزيين ، الى التأثير في المحيط : الحيز والفضاء والتلقي .. لا أن تُعلّق ، مثل ايقونة ، ضمن ديكورية المكان ، بل ان تتفاعل مع مشاهدها ، تسحبه الى سحرها ، تفكك امام ناظريه رموزها وموتيفاتها ، واحالاتها الاسطورية والرمزية ، وسردها احيانا .. ان لوحات فيصل السعدي ، مروريات لونية ، تتعاشق بها الاطياف والرموز والوجوه ، لتقول حكاية .. او لتنعى على حالة ، تبدو متكسرة خلل تلك الحزم اللونية ، لكنها تأتيك من جهات عدة .. وتلك مهارتها ) .
ودون الكاتب المبدع عبد الباسط النقاش مقالة جميلة تطرق فيها الى ابتكارات الشكل في طريق الابداع للوحات السعدي الفنية جاء فيه : ( ان الفنان فيصل السعدي جمع بين المهنة والحرفة والصنعة معاً باعتباره تشكليا واكاديميا في دراسته الفنية ، ومحترفا لمهنة ماهرة وهي الصياغة .. وتفاصيلها الاخرى .. وتأثير دقة ممارسة المهنة الدقيقة التفاصيل في الحجم مما جعل رسوماته هي الاخرى خاضعة لصنعته في توليف الاشكال بمضامين فنية هندسية معمارية ، يُشكّل فيها الظل والضوء متاهات فضاء اللوحة المحدود ابجدية المواءمة بين الايمان المطلق اليها .. تعيد للاذهان موتيفات بالخلق .. وبين ما ينتسب للحياة من طيور وحيوانات اُخرى وبشر .. والعمل على إيجاد الصلة بين الامس واليوم باصرار على عمق عراقيته ، والعلاقة الجدلية بين المنطق وما مخزون من تراث العراق العظيم .. تارة بتعبيرية وتارة بالحفاظ على اللون من التغريب في متاهات العبث فهو قادر على تمكين فرشاته من ايجاد مسحة اللون الملائمة مع ما يجاورها من الوان اخرى .. او المتقاطعة معها كبساط شرقي سحري .. تشكل إيقاعات اللون وتكوينات الفضاء فيه روحه المعطاء ابتكارا للخصوصية والتفرد . ان اسهامات الفنان فيصل السعدي .. رغم قلتها لكنها تجربة فنان محترف لا يخاف سطوة وقع لوحته على الاخرين .. بقدر رضى نفسه وادراكه الحسي المُبّكر فيها .. وتلك هي لغته التي يتعامل بها في كل مجتمع .. لكون اعماله تتمتع بقدر كبير من التجربة العراقية الاصيلة لارث حضاري متقدم في ماضيه الانساني .. وكذلك سعيه الدؤوب لوضع لبنة في صرح الرسم العراقي المعاصر .. وفق رؤية فنية مكتملة تمرست العمل الفني واشتقاقاته في العمل والحياة التشكيلية .. فالفنان السعدي حريص على الإبتعاد عن الاساليب الحديثة المطروحة في الفن التشكيلي .. التي تشوه معالم الابداع من حيث الاستخدام العشوائي لنظام التلوين العشوائي على سطح قماشة اللوحة التشكيلية ) . لذا يعتبر الرسام فيصل السعدي من الفنانين القلائل الذي إستخلص بلوحاته ومزجه للالوان واستخدام طريقة التعبير الايمائية للحياة وللانسان عبر فرشاته الجميلة كوسيلة تعبيرية صادقة عن وضع الانسان في عصر العولمة وحالة التيه في دهاليز الحياة وسرورتها الكونية الابدية وعن مصيرها المحتوم في الخلود الابدي إنعكاسا لخضم تلك المعاناة وباشراقاته الوردية الدالة.
يتبع لطفا
المصادر:
- فنان مندائي / بقلم فيصل السعدي / افاق مندائية
- محمد الجزائري / مقالة نقدية عن تجربة فبصل السعدي .
- الفنان فيصل السعدي / بقلم عبد الباسط النقاش .

نشرت في وجهة نظر

في رثاء الوطن المجنون رواية الألف منزل للحلم والرعب للكاتب الافغاني عتيق رحيمي

يقول عتيق رحيمي السيناريست والروائي الأفغاني ( لا يوجد بلد في العالم عرف وجرب خلال اربعين سنة كل الانظمة السياسية التي يمكن تخيلها كافغانستان ، أنظمة لا تخطر على البال دفعت بوطني الى شفير الهاوية ..) معبرا عن ألمه وحزنه لما يحدث لوطنه المجنون .
ان رواية ( الالف منزل للحلم والرعب ) هذه الرواية الخالدة التي اقتصرها النقاد ب ( المتاهة ) والتي حصل من خلالها هذا الروائي القدير على جائزة الجونكور الفرنسية عام 2008 . المولود سنة 1962 في عائلة غنيّـة ، متعلمة وغربيّـة الثقافة ، درس في الثانوية الفرنسية في العاصمة كابول ، اما والده فكان حاكم مقاطعة البانشير ، ملكي الانتماء والنزعة ، اصبح فيما بعد قاضي تحقيق ، وعندما جاء انقلاب 1973 الذي كان بقيادة محمد داود خان الذي وضع حداً للحكم الملكي واعلن الجمهورية وهو نظام موالي الى أمريكا والسعودية وباكستان وخلال تلك الاحداث ارسل العسكر عتيق رحيمي الى السجن لثلاث سنوات ، وبعد حركة نور محمد تراقي في 1978 سكرتير حزب الشعب الديمقراطي ذي الميول الماركسية المواليه للسوفيت ، سميت بجمهورية افغانستان الديمقراطية ، حيثُ تحوّل اخوه الى الشيوعية ، وقد اتجه عتيقي نحو السينما لما وجد عنده ميول لهذا النوع من الفن ، وبعدها هاجر الى فرنسا واستقر في مدينة روان الفرنسية ، لقى اخوه مصرعة على ايدي حكمتيار ، اما والداه فيعيشان في امريكا .
عتيق رحيمي هذا الانسان الكاره لوطنه البيولوجي الذي يمارس باسراف ثقافة الموت والانتحار الذاتي منذ سبعينيات القرن الماضي ، رحيمي هو ابن هذا الوطن الأطلال منه جاء وله يكتب نعيه وتعازيه في شكل روايات وسيناريوهات أفلام تسرد قصص الحلم الشخصي الميت ( رواية وسيناريو أرض ورماد ) ، هو ذاته الروائي المبدع وبأمتياز لعوالم سردية تمتزج بين الأمل والأسى ، الجنوح للتصوف والهروب من دوامة صراع دموي قال عنه إنه : ( ليس قضاء وقدر شعب كان في ما مضى شعباً مسالما ومحبا للحياة ومذواقا للفن والجمال ، تؤسس عوالمه المحكية حكايات لذيذه واّسره مأخوذه على قدر من الأبداع الجميل من فضاء الحكايات الفارسية القديمة ، تراث شعبي قديم زاخر بما هو رائع ومذهل ومثير )، هي بالطبع سرد يجمع بين الحقيقة والخرافة العبق بجاذبية الأمكنة والأزمنة وشاهد عيان على عذوبة وطن قبل ان يغتصب ، ايام الزمن الجميل الذي يحن اليه دائما .
كانت بداياته الاولى حيث اخرج رواية ( هيروشيما حبي ) للكاتبة الفرنسية مارغريت ديراس ، حيث قال ( جئت للسنما بفضل هذا الفلم ، لقد صدمني وقلب روحي وجعلني انظر للحياة بمنظور اخر ، قلت في نفسي ، بالطبع كابول هي هيروشيما حياتي .. ) ، والذي الف بعدها رواية ( أرض ورماد ) سنة 2000 وكانت باللغة الفارسية وهي نفس لغة بلاده واخرجها فلماَ ، حيث اجواءها تشبه أجواء ( هيروشيما حياتي ) ، لكنه كتب اول عمل روائي بالفرنسية 2008 كانت ( حجر الصبر ) الرواية التي فتحت له باب النجومية على مصراعيه والأغرب من هذا انه يشتغل على الرواية كان يعتمد أساساَ لإثراء ثقافته الفرنسية على قاموس روبير بأجزائه الثلاثة .
في سنة 2002 صدرت له رواية ( الألف منزل للحلم والرعب ) بعض النقاد اختصروها في كلمة ( المتاهة ) لان الالف منزل قد تكون ايضا الالف غرفة في التراث الفارسي التي تعبر عن حالة ( المتاهة ) في هذا المنزل المخيف والغامض والواسع بابوابه التي لا تُعد ولا تحصى ، حيث المداخل هي المخارج والمخارج خديعة ، من يدخله لا يخرج ، يتيه ، يفقد عقله ويجن او ربما ينتحر .
في هذه الرواية خمسُ شخصيات او اقطاب تتصارع وتناضل من اجل إنقاذ نفسها والهروب من امتداد المتاهة المفترس ، وهذا كلما تفسخت هزيمة الإنسان الى هزيمة الاخلاق على إيقاع جنون بشري يأتي على الاخضر واليابس وكأن بكل شيء يمسخ الى وحش او غول ميتافيزيقي يبتلع العباد والبلاد .
تقول الناقدة الفرنسية نتالي كروم عن الرواية : في روايته الثانية وتقصد رواية ( المتاهة ) برهن عتيق رحيمي بما لا يدعو للشك على موهبته كروائي متفرد في أصالة لغته التي تعبّـر عن الالم والمعاناة اللذين يلاحقانه حيثما ذهب وعاش ، هذا العالم الشعري القوي والنفاذ صنيعة مخيلته التي تجمع بين الخيال والواقع بين الحلم والحقيقة بين الراهن والذاكرة ، ذاكرته المعذبة والمريضة ، في عوالمه هذه يتعايش الاني الاكثر مرارة وفظاعة ، الحقيقة صعبة الشرح والفهم ، مد وجزر الاحلام شبه الميتة ، السرد الاسطوري والخيالي ، قصص مليئة بالالغاز والاسرار من التراث المحلي .اما ىالناقد الفرنسي ج.ب بيرين فيقول عن الرواية : ( بالنسبة لعتيق رحيمي فتاريخ بلاده الحديث يحكمه رعبان الاول ايدولوجي والثاني ديني ) ، اثناء الحكم العلماني قبل الاجتاح الروسي ، عندما تعثر الشرطة على الطالب فرهاد بطل الحكاية ، تعثر عليه مخمورا في احدى ازقة كابول فتطارده ، يفر فتنقذه مزهاد الجميلة وتخبئه عندها ، مزهاد هي ضحية النظام الذي اعدم زوجها وتعيش مع ولديها ، الصغير يحيى الذي يرى في الضيف الجديد أبا له ، ثم ينضم إليهم عبر أطوار السرد اخو يحيى الذي فقد عقله بسبب التعذيب ، احداث الفصول الاولى هي لفرهاد واستيقاظه من غفوته المخمورة ، إحساسه بتأنيب الضمير ، مساءلته لنفسه ، مساءلة دينية من هذا المنطلق تبرز للسطح الثقافة الدينية التي تسكن كيان الانسان الافغاني ، ثقافة دينية سطحية ، سطوة ثقافة الترهيب على العقل والاحساس الافغاني ، في الفصول الباقية من الرواية يولد الحب ، المعجزة بالنسبة لرحيمي ، سقوط فرهاد في غرام مزهاد الارملة ، التخطيط للهروب الذي اصبح حتمية ، الفراق الصعب والمر بين الحبيبين ، ستكون نهاية الرواية كبدايتها ويضيع فرهاد من جديد ، يضيع في المتاهة الافغانية ، اي ان كل الدروب والمسالك في بلاده تؤدي كلها الى نهاية واحدة ، وهي المتاهة ، اللاخروج ، التيه .
لقد حققت الرواية نجاحاً كبيرا بحيث صدرت في عدة طبعات منها الاسبانية والنرويجية والايطالية والفرنسية والفارسية والعربية ، ، وقد جاءت احداث 11 سبتمبر لتُزيد من نجاح هذا الروائي المقتدر وروايته التي صدرت ب 11 لغة اخرى . وهذه الرواية تعطي إنطباعاً كبيراً عما تدور احداثها المرعبة ليس في بلده فحسب بل في بلدان كثيرة ومنها بلدنا العراق التي عانت شعوبها من ويلات الاستبداد والتجبر والاحتلال لانظمة حَكمت تحت مظلة العلمانية والدين .


ملاحظة : كتبت وبتصرف من مقالة للكاتب الجزائري / عبد الغني بن رابح / بعنوان ثورة الجونكور

 

نشرت في وجهة نظر
الأحد, 05 كانون2/يناير 2014 11:44

لغتنا المندائية ... هويتنا الحقيقية ج4

ان حضارة العبيد التي ترجع الى ما قبل 5000 الى 4000 سنة ق . م ، وان الثقافة العبيدية قد اخذت اسمها من اول مواقعها المكتشفة ، وهو تل العبيد ، وانها من المواقع المسكونة في تاريخ منطقة سومر ، والتي وجدت كذلك في شمال وادي الرافدين ( في سورية وجزء من تركيا ) كما في شمال العراق وفي جنوبه ، وكما في شبه الجزيرة العربية اي ( المنطقة الجزرية ) وفي الخليج ايضا هي الاساس الحضاري السامي المشترك بين كل هذه المواقع ، كانت تؤلف وحدة حضارية سامية تتصل اتصالا مباشرا بلا عوائق طبيعية يعوقها بجزيرة العرب من كل الاطراف ، وهذا يعني ان الحضارة ازدهرت في ما قبل التاريخ وقبل ان يظهر السومريين في جنوب العراق باكثر من الفي سنة ، وقبل ان تكون اللغة الكتابية ( الابجدية ) قد ظهرت وان تنسب الى الى اي قوم من الاقوام ولكننا نعرف جيدا ان المنطقة كانت كلها سامية الاصل ازدهرت حضارتها نتيجة لهجرات سكان الجزيرة العربية الى الهلال الخصيب اثر الجفاف الذي حل ببلادهم في اعقاب الدورة الجليدية الرابعة والاخيرة.
ويؤيد الاستاذ طه باقر ويقول : { ان السومريين لم يكونوا اقدم المستوطنين في السهل الرسوبي ( من جنوب العراق ) بل جاوروا اقواما اخرى وفي مقدمتهم الساميون ، كما ان السومريين لا يحملون دلالة قومية بمعنى انهم لايملكون شعباَ ذا عنصر معين ولكنهم يمثلون ثقافة {. وهناك راي اخر مقارب لهذا : يقول الدكتور نائل حنون ( ان الالتزام بالمنهجية العلمية الصحيحة في البحث يدعو الى عدم وجود قوم باسم السومريين سوى اللغة التي تتميز بخصائص تجعلها لغة لا يمكن ان تكون محكية ، وانما مدونة فقط ) ، وحسب تعبيره اي انها كانت طريقة للتدوين وليست لغة كلام .
كما اكد الدكتور مورتكات الخبير الاثاري الالماني المعروف بدور جمدة نصر والذي سمي ب ( عصر مسيلم ) نسبة الى ملك مدينة كيش السامية ومسيلم اسم سامي وكان مسيلم ملكا على كيش ويرجع الى اواخر سلالة كيش الاولى والتي كانت متزامنة مع سلالة اور الاولى ، حوالى اواخر النصف الاول من القرن السابع والعشرين قبل الميلاد وانه حكم كيش بعد وفاة ابيه (اكا ) والذي اقترنت معه قصة ( اكا ) ملك كيش ونزاعه مع الملك كلكامش حاكم اوروك ( الورقاء ) ، حيث الملحمة المشهورة التي سميت باسمه ( ملحمة كلكامش ) ، والتي دونت في العهد الاكدي وفي زمن الملك سرجون الاكدي . ان عصر مسيلم يمثل عصر الساميين في المنطقة الذي يمتد الى عصر جمدة نصر والوركاء ودوره يعتبر انتقال من السومريين الى الساميين لذا تعتبر كيش منطلقا لاول عملية تطعيم بالعنصر السامي للشعب السومري ، وفي عصره حصل تبدل جذري على صناعة الاختام وطراز البناء وعلى فن النحت بوجه خاص . وقد شمل حكمه ايضا مملكة اشنونا الواقعة في ديالى بين سفوح ومرتفعات زاكروس شرقا ونهر دجلة غربا ، وان اللغة السائدة في هذه المملكة هي اللغة الاكدية السامية حيث كانت اشنونا تابعة الى ملوك الدولة الاكدية وبعدها اصبحت تابعة الى ملوك سلالة اور الثالثة . وان اكثر ملوك اشنونا كانوا يحملون اسماء سامية ، وان معبود مملكة اشنونا هو الاله (سين ) وهو معروف باله الساميين .
لكن هناك راي طرحه الدكتور فراس السواح يقول فيه ( لقد تم في السنوات الاخيرة على ما يبدوا اكتشاف موقع جديد في منطقة سومر يحتوي على طبقات اثرية نيوليتية سابقة للطبقة العبيدية الاولى ، مطمورة تحت طمى الدلتا على عمق عشرين مترا من هنا يرجح بعض الباحثين ان يكون الاستيطان الزراعي في جنوب وادي الرافدين قد سبق بكثير ظهور الثقافة العبيدية ) .
لقد اجمع علماء الاثار ان شمال الجزيرة العربية هي مهد الحضارات السامية وموطن الساميين الاوائل فيها نشأت الحضارة البشرية الاولى وفي تاريخ الانسانية القديم ، نشات على اساس اختراع انساني قامت عليه كل الحضارات القديمة وهي اختراع الزراعة التي تعتمد على السقي بالري ، فهم مؤسسوا الحضارة النهرية ، اثر هجراتهم المتتابعة بعد ان تركوا مهنة الصيد وتحولوا الى الزراعة والري ، وهناك اجماع على ان المنطقة الجنوبية من جزيرة العرب ومن ضمنها اليمن هي الموطن الاصلي للشعوب السامية التي نزحت من جزيرة العرب اثر الجفاف الذي حل بها بعد انهيار ودمار السدود المائية وبضمنها السد الكبير سد مارب بسبب الفيضانات العاتيه ادت كل هذه الامور الى هجرة الساميين وانتشارهم في جنوب الجزيرة العربية ووادي الرافدين في جنوب العراق وعلى ضفاف الانهار ، وتوزعوا في الهلال الخصيب واستقروا هناك .

المصادر
-د.احمد سوسة – حضارة وادي الرافدين –بين الساميين والسومريين /دار الرشيد للنشر/1980 .
-فراس السواح – كلكامش –ملحمة الرافدين الخالدة / دار علاء الدين /ط2 /2002 / سوريا /دمشق .
-د. نائل حنون – حقيقة السومريين –دار الزمان للطباعة /ط1 /2007 / دمشق / سوريا .

السبت, 14 كانون1/ديسمبر 2013 12:08

ثقافتنا وحركة الاستشراق

يقول الفيلسوف الانكليزي برتراند رسل : ( ان طلب الانسان للقدرة وطلبه للمجد لا يفترقان وانهما يشكلان اهم مطالب الانسان ودوافعه ) .

ان مفهوم الاستشراق يعني دراسة البنى الثقافية والحضارية للشرق من وجهة نظر غربية ، وهو يشمل دراسة وتحليل مع المقارنة ، وكان من رواد هذه الحركة في العالم باحثون ومستشرقون من بريطانيا والمانيا وايطاليا والبرتغال .

عند السياق التاريخي لبدء حركة المستشرقين تحديداً ما بين سقوط الامبراطورية الرومانية عام 476 ميلادية وبداية عصر النهضة الاوربية في القرن السادس عشر ( 1450- 1600) م ، وكانت البدايات في القرن الخامس عشر والسادس عشر ، وكان اشهرهم المستشرق البريطاني توماس هربرت ، صاحب الرحلة الاولى الى الهند والعراق وايران ، باعتبار هذه المناطق اصل الحضارات الشرقية القديمة ، وقد دون رحلته الى الشرق في كتاب ( العراق وملاحظات شرقية ) سنة 1628 م ونشرت ضمن ادب الرحلات الى الشرق .

لكن علماء الغرب قد اهتموا منذ القرن الثامن عشر باليحث في تاريخ اللغات السامية وامكنهم ان يصلوا الى نتائج باهرة ، فان هذه البحوث لاتزال مجهولة لدى الامم الشرقية على الارجح لحد الان ، واذا كانت هناك اغراض دينية او استعمارية تحمل الامم الاوربية الراقية على الجد في معرفة لغات وتاريح وعقائد الامم السامية القديمة والوقوف على اثارها في تكوين المدنيات العامة ، فقد كان من الواجب ان تكون لابناء الامم الشرقية جولات في كشف ما ترك اباؤهم من عجائب الاثار وما كان لهم من الفضل في تكوين حضارة العالم القديمة التي لا تزال تؤثر بتقاليدها وروحها على حضارة العالم الحديث .

ان من اهم الاراء المؤيدة لجهود الاستشراق والمستشرقين مع مناقشتها ، الدكتور طه حسين الذي يتساءل : كيف نتصور استاذ للادب العربي او التاريخ لا يلم بما انتهى المستشرقون من نتائج علمية حين درسوا تاريخ الشرق وادابه ويلم بهذه النتائج ومناقشتها ، ويقول ( ان يحوث المستشرقين مهدت لابناء الشرق واّ دابه ويلم بهذه النتائج ومناقشتها ) . كما لمح اليها الدكتور محمد حسين هيكل حين قال : ( ان بحوث المستشرقين مهدت لابناء الشرق عامة ان يتزودوا ثقافيا من بحوث تخص ثقافتهم واّدابهم ومناقشتها في البحث والمتابعة ) .

ان الخطا الذي كان يؤخذ على المستشرقين ، والذي كان يبت فيه بعض المفكريين العرب ، في تفسير جوانب من العقيدة والدين والتاريخ وفي منهجهم وفي تقويم الاداب العربية القديمة حيث يرون ان البحث المتجرد يقتضي انكار بعض الاعمال الادبية والشعرية ، خاصة المعترف بها منذ بدايتها حتى ساعة الشروع في تقويمها ، لكن بالمقابل يقولون ان المستشرقيين اخواننا في الانسانية ، وشركاؤنا في البحث ، ولكن ليس من الحكمة ان تكون خُطانا متأثرة بخًطاهم في كل امر من امورنا الثقافية .

ومن حسن حظ المندائيين توجه المستشرقون الى الاهتمام بهم كطائفة عريقة ودين قديم ، فتعمقوا في البحث والتتبع حتى بلغوا الذروة وعرّفوا العالم بهم وبتراثهم الادبي الديني ودورهم الحضاري .

ولعل اول ذكر لهم قد ورد في رسالة الراهب الدومنيكاني من توسكاني المدعو ( ريكولدو بينيني ) وقد وصل الراهب الى بغداد في بداية القرن الرابع عشر وكتب عن مشاهداته والاقوام التي تسكن بغداد ومنهم الصابئة الذي وصفهم بالطيبة ولهم لغة خاصة ويبجلون يوحنا المعمدان ويكرهون الختان ويقومون بالاغتسال - التعميد في الماء الجاري ويسمونه ( يردنه ) ويرتدون أردية تتكون من سبعة اقسام يطلقون عليها اسم ( الرستة ) كما اطلع على الكتب المقدسة المندائية التي تسمى ( بالدواوين ) .

ومن الذين زاروا العراق وكتبوا عنه وعن طائفة الصابئة المندائيين الرحالة الفرنسي ج. ب. تافرنييه ( 1605-1689 ) الذي دون مشاهداته عنهم والذي كان يسميهم ب ( نصارى القديس يوحنا ) وذلك لجهله بتسميتهم .

. ومن الامور اللامنطقية التي تناولها هذا المستشرق الفرنسي حين قال توجد في البصرة ثلاث فرق من النصارى هي : اليعاقبة ، والنساطرة ، ونصارى القديس يوحنا . وهم كثيرون جداً في هذه المدينة والقرى المجاورة لها ، وقد كانوا قديما يقطنون قرب نهر الاردن حيث كان يعمد ماريوحنا الذي نسبوا اليه . الا انه منذ فتح النبي محمد ( ص ) لفلسطين تعهد بعدم التعرض لهم ، ولكن فيما بعد واجهوا ضغوطاً ومضايقات عديدة ) . وهذه واحدة من الهفوات التي وقعوا فيها المستشرقين الاوائل عن قصد او غير قصد .

ويجمع كافة المؤرخين والباحئيين الغربيين على ان الدين المندائي قديم الجذور في التاريخ ، ويجزم غالبيتهم بانه نشأ وترعرع في ربوع بلاد الشام ، وخاصة الاردن وفلسطين ، ويرون بأن المندائيين اصلا في بلاد الشام ، وان الدين المندائي ظهر في بادىء الامر هناك ثم نزحوا الى مصر والعراق بسبب الاضطهاد الديني الذي لحق بهم كان ذلك قبل الميلاد ، كما تقول ( الليدي دراور ) و (رودولف ماتسوخ ) ، وان المندائيين من اصحاب الروحانيات والعلم والمعرفة ، وهم من اصل ارامي ، ويستدلون على ذلك من لغتهم المندائية التي هي لهجة من الارامية . وان المندائيين لعبوا دورا ذا شان في الحياة الروحية والثقافية ، سواء في بلاد الشام او في بلاد الرافدين ، وكان لهم دور خاص في نقل الفلسفة اليونانية الى العربية في العصر العباسي من الفلاسفة والعلماء امثال سنان بن ثابت وثابت بن قرة والبتاني وبن الخطاب وغرس النعمة الصابي وغيرهم ، وكان لهم دور ملحوظ في العلوم الرياضية والفلكية والطب والادب ، وكان سببا في تقريب البلاط العباسي والبويهي لبعضهم ، وكان ثابت بن قرة كغيره من العلماء والفلاسفة المندائيين من ابرز المترجمين في زمانه ، وقد اشتهر بترجمته للكتب اليونانية وبتنقيحه لترجمات سابقة ، كما جاء في كتاب ( الهفوات النادرة ) من تأليف غرس النعمة الصابي ، وكان مقدماً لدى الخلفاء العباسيين ، ومقدراً بين العلماء ، وذلك لمنزلته العلمية وانه من كبار المترجمين اّنئذ ، وقد ألف ( 150 ) مؤلفاَ في العربية و ( 7 ) بالسريانية في مجالات الجغرافية الفلكية ، ثابت بن قرة المولود في الجزيرة بين دجلة والفرات ، مؤسس الهندسة التحليلية واعظم عالم هندسي في القرون الوسطى وقد اثار هذا انتباه المفكرين والمؤرحين العرب والمستشرقين الاجانب . وقد جذبت انتباه الرحالة والباحثين الغربيين منذ منتصف القرن السادس عشر الميلادي ، عند زيارتهم لبلاد الرافدين ، فبدأت المحاولات الاولى عام 1622م للترجمة من قبل الاب ( أكناسيوس ) الذي ترجم ديوان (أباثر ) واحتك بابناء الطائفة في مدينة البصرة ، ثم ( أبراهام الايطالي ) الذي ترجم ( دراشة اد يهيا ، وأسفر ملواشة ) .

وكان المستشرق السوري - الفرنسي نيقولا سيوفي الذي يعد واحدا من اوائل مثقفي وباحثي مدينة دمشق الذين اتيحت لهم فرصة الاحتكاك مع الحضارة الاوربية في اواسط القرن التاسع ، لقد كتب الكثير عن التاريخ العربي والاثار وجمع الكثير من المخطوطات واستطاع ان ينشر دراسته عن الصابئة في واحدة من اهم المجلات الاستشراقية المعروفة في العالم وهي المجلة الاسيوية ، وكان يحمل الجنسية الفرنسية اضافة الى السورية . لقد تحدث عن الصابئة المندائية في كتابه المعنون ( الصابئة وعقائدهم وتقاليدهم ) وفي سنة 1880م طبع في المطبعة الوطنية الفرنسية ، وترجم هذا البحث الى الروسية وطبع في تفليس 1889 م قال فيه : بحثت بعناية عن هذه الطائفة المجهولة حيث يبذلون جهداً في اخفاء ليس فقط – الاصول الحقيقية لديانتهم ولكن ايضاً اّدابهم واعرافهم ، واسلوب عيشهم . لقد تعلمت الكتابة والقراءة بلغتهم الارامية – المندائية لكي استطيع ان انسخ بنفسي ، في مفكرتي ، المقاطع الاصلية والصيغ التي تحمل الكثير من الاهمية ، لكي اضمن اكبر قدر من الدقة والمطابقة لنسختي مع الاصل المتاح من كتب الادب الديني المندائي.

وهنا يؤكد المؤرخون والمستشرقون والمهتمون بتاريخ الاديان امثال ( لدزبارسكي ، رودولف ، ماكوش ، الليدي دراور ، سيوفي ، براندت ، ماتسوخ ، بدرسن ، نولدكه ، وغيرهم ) . على دور الديانة المندائية وعمق جذورها التاريخية في منطقة الشرق الادنى .

يقول البرفسور لدزبارسكي الذي ترجم الكتاب المقدس ( الكنزه ربه ) من المندائية الى اللغة الالمانية يقول : من الثابت تاريخيا ان موطن الطائفة المندائية الاول كان في سوريا وفلسطين والاردن ، وان اسلاف المندائيين الحاليين قد حلوا في نواحي شرق الاردن باتجاه جبال ( حوران ) ، وان هجرتهم الى العراق قد تمت قبل عام 70م ، اي قبل خراب اورشليم على يد الرومان ، ويرى ان جذور المندائيين قديمة في التاريخ وانهم كانوا قد انتشروا في مصر ايضا قبل ظهور العبرانيين ، ويرى كذلك ان فكرة نشوء الديانة المندائية كانت موجودة قبل ظهور المسيحية بوقت طويل ، ويقول ايضا ان مجموعة الشعائر والطقوس المندائية التي اخذوها معهم الى بلد هجرتهم كانت كثيرة واهمها شعيرة الصباغة ( التعميد ) بالماء الجاري التي كانت في مقدمة الشعائر التي تمسكوا بها ، ويرى ان هجرتهم من بلاد الشام الى بلاد الرافدين ( ميزوبوتاميا ) حدثت بسبب الاضطهاد اليهودي لهم بعد قتل ( 360 ) كنزفري مندائي ، وقد وجدت لفائف في بعض كهوف البحر الميت تدل على وجود ملة كانت هناك وكتابها ( الجنزا ) كما ورد في كتاب ( تاريخ فلسطين القديم ) للدكتور سامي سعيد الاحمد .

اما رأي بدرسن العالم النرويجي فهو كرأي ( لدزبارسكي ) فيرى انه كانت للمندائية علاقة ايجابية مع اليهودية والمسيحية في البداية قبل ان يحدث الخلاف بينهما ، وان فكرة انعتاق الروح وانتقالها من عالم الظلام ( الجسد ) الى عالم النور بواسطة ملاك سماوي من السهل جدا مقارنتها مع النصوص المسيحية واليهودية ، كانجيل ( يوحنا ) ورسائل ( اغناطيوس ) و ( اناشيد سليمان ) و( مزامير داوود ) .

اما العالم فيدنكرين يقول : ان المأثورات المندائية تشير الى ان فلسطين هي الوطن القديم للمندائيين ، وانهم انحدروا من القدس الى وادي الرافدين واحتكوا مع اقوام من الديانة البابلية القديمة ويؤكد هذا ما دخل في اللغة المندائية من الفاظ ذات اصل اكدي .

اما الليدي دراور( ايثيل ستيفانا دراور ) فتقول : ان هجرة الناصورائيين اي المندائيين الاوائل من الوطن الغربي ( الاردن ) الى بلاد الرافدين جاءت في فترة ما قبل المسيحية ، واهم ما دونت عنهم جاء في بحثين ترجما الى العربية : ( الصابئة المندائيون الذي طبع سنة 1937م ، وكتاب اساطير وحكايات شعبية صابئية الذي طبع في 1973م ) ، ان اهمية كتب دراور تكمن في كونها اتصلت شخصيا وبصورة مباشرة بالصابئة المندائيين في العراق وفي ايران ، واستمرت هذه الصلة حوالي اربعة عشر عاما قضتها دراسة ومشاهدة بل وحتى ممارسة في بعض الاحيان لبعض المراسيم ، وتعتبر من اهم المراجع في الوقت الحاضر عن الديانة المندائية ولغتهم ، وقامت بالتعاون مع الدكتور رودلف ماتسوخ بتاليف قاموس عن اللغة المندائية وهو قاموس مندائي انكليزي طبع سنة 1963م في جامعة اكسفورد .

اما ماتسوخ فقد قال : ان لفظة ( الناصوريا ) او ( ناصورائي ) تعتبر بحق الدليل القاطع على قدم واصل الناصورائية المندائية التي تعود وبكل تأكيد الى منطقة الشام ( الفلسطينية - السورية – الاردنية ) في الفترة السابقة للمسيحية ، ويرى ان الناصورائية هي ناصورائية فلسطينية اولا وناصورائية مندائية في بلاد الرافدين ثانياً وكلتاهما نابعتان من مصدر واحد . وقد نشأ هذا الاتجاه نتيجة هجرة القسم الاكبر من الطائفة الى المشرق وهم المندائيون المتأخرون الذين حافظوا على الناصورائية القديمة ، ويرى كذلك ان المصطلح الطقسي ( يوردان ) الذي يعني الماء بالمندائية يمثل علاقة المندائيين المهاجرين بوطنهم الاصلي ( الاردن ) ، ويقول ان وثيقة ( حران كويثا ) تشير الى هجرة 60 الف من الناصورائيين تحت رعاية الملك ارطبانوس الثالث الى ميديا الايرانية خلال القرن الاول الميلادي .

ان من ابرز الشخصيات الاكاديمية المعاصرة المتخصصة والمهتمة بدراسة المندائية ، ومتابعة شؤونها ، واقامة العلاقات مع المندائيين وجمعياتهم هي البروفيسورة يورن جاكوبسن باكلي استاذة تاريخ الاديان في عدة جامعات امريكية ، وهي باحثة اكاديمية نرويجية تحمل الجنسية الامريكية حاصلة على شهادة الماجستير والدكتوراه في موضوع الروها في الديانة المندائية ، لها اربعة كتب عن الديانة المندائية واكثر من (40) بحثاَ ومقالة عن المندائية منشورة في العديد من المجلات الدولية ، وتقييم اكثر من (40 ) كتاباً يتناول مواضيع في المندائية ، تربطها علاقات مع الشخصيات المندائية المعروفة ، وهي الشخصية الاكاديمية المعتمدة الان لاغراض الاجابة عن الاستفسارات الدولية عن الديانة المندائية ، وهي معتمدة ايضا في الكتابة عن الديانة المندائية ومصطلحاتها في الموسوعات والقواميس المتخصصة ، وقدمت اجاباتها والاستفسارت دول عديدة ، امريكا ، الاردن ، النمسا ، هولندا ، الدنمارك ، استراليا والمانيا ، وسبق ان قامت بزيارة طائفة الصابئة المندائيين في ايران عام 1973م ، كما قامت بزيارة الطائفة في العراق عام 1993م . لقد تطرقت كذلك الباحثة الانكليزية الدكتورة اريكا هنتر المهتمة بالدراسات المندائية موضحة افكارها من خلال رسائلها المتكررة والمتبادلة مع بعض الناشطين المندائيين في هذا المجال من ابرزهم الدكتور قيس السعدي ، كما ساهمت في ترجمة الكتاب المقدس ( الكنزا ربا ) الى اللغة الانكليزية ، وكان لها ملاحظات اولية عن نصوص التعاويذ المندائية ، وكانت تحضر المؤتمرات الدولية بهذا الخصوص ولها اتصالات متعددة مع الباحثين والمهتمين بالشأن المندائي في مختلف دول العالم .

ان حركة الاستشراق حققت تقدماً واضحاً مع نهاية القرن التاسع عشر وبلغت ذروتها في منتصف القرن العشرين ، لكن يمكن التاكيد على انها بدأت مع نشأة الحضارة الاوربية اي في عصر النهضة في القرنين السابع عشر والثامن عشر ، بينما وصلت قمة ازدهارها منذ الثورة الفرنسية ( 1789 ) م ثم خفَت بريقها تدريجيا بعد ذلك مع بداية الحرب العالمية الاولى ( 1914- 1918) م والثانية ( 1939- 1945 ) م ، وهي بداية انهيار وضعف الحضارة الاوربية ، وما تناولوه في العصور الحديثة المستشرقون الغربيون هي تخمينات واستنتاجات ومقارنات تمتزج بالحقائق أحياناً وتتضارب معها في بعض الاحيان .

المصادر :

- الليدي دراور / الصابئة المندائيون / الكتاب الاول / ترجمة نعيم بدوي وغضبان الرومي .

- د. سامي سعيد الاحمد / تاريخ فلسطين القديم .

- العراق وملاحظات شرقية في رحلة توماس هربرت 1628 / ترجمة وتحقيق د. انيس عبد الخالق محمود .

- صحيفة عدن الغد اليومية / تصدر عن مؤسسة عدن الغد للاعلام في اليمن الجنوبي .

- حضارتنا وامتنا الى اين ؟ د. محمد حسبن صفوري ، مقالات حول تطور الحضارة ونشوء الامم .

- مقال بقلم الكاتب المصري سامح كريم / المستشرقون والثقافة العربية .

- اعداد / حسني مبارك مالله / الصابئة المندائيون في القرن السابع عشر/ افاق مندائية .

- البروفسورة يورن باكلي / لقاء / افاق مندائية.

- مقال بقلم كاتب مندائي / رأي المؤرخين والمستشرقين بالمندائيين ولغتهم / افاق مندائية .

- نيقولا سيوفي / الصايئة عقائدهم وتقاليدهم .

- جميل ابراهيم حبيب / علماء صابئة خدموا الحضارة / افاق مندائية .

- مؤيد مكلف سوادي / اضواء على تاريخ الصابئة المندائيين / افاق مندائية .

ملاحظة : لقد نشر هذا الموضوع في مجلة الصدى الغراء في عددها الاخير / تشرين الثاني / 2013 الصادرة من قبل الجمعية المندائية في ستوكهولم – السويد .

نشرت في وجهة نظر
الخميس, 28 تشرين2/نوفمبر 2013 02:40

شيركو بيكه س واسفاره في محطات الشعر

ولد هذا الشاعر الكردي الكبير في مدينة السليمانية عام 1940م ، الذي قرأنا له الكثير من خلال دواوينه المترجمة الى العربية ، ومجموعاته الشعرية الجميلة المتعددة منها ( مرايا صغيرة ، نغمة حجرية ، مضيف الفراشات ، سفر الروائح ، اناء الالوان ، الكرسي ، ملك الكلام ، مقبرة الفوانيس ، ساعات من قصب ، ... وغيرها ) وكانت اخر مجموعة شعرية نشرت له قبل وفاته بأيام تحمل عنوان ( استعجل .. ها قد وصل الموت ) ، وقد صدرت له عدة مسرحيات منها ( مسرحية كاوا الحداد ، والغزالة ) وقام بترجمة قصة الشيخ والبحر للروائي الامريكي القدير ارنست همنغواي من العربية الى اللغة الكردية ، وقد تزامن وجوده مع شعراء اكراد كبار منهم حسين مردان ، وعبد الله كَوران وغيرهم من الشعراء الرواد الكرد المعاصرين ، لقد تناول النقاد كتاباته ودواوينه الشعرية بالنقد والتحميص لما تحويه من ثر الكلمة والمنهج والاسلوب الرصين المعبر في اكثر من موضع عن معاناة وطنه وشعبه المهدد والممزق بين الدول والكيانات ، التي اخذت قسطاً كبيرا من قلبه ووجدانه ومصادر الهامه ، ، لقد وسّع من مروحة كتاباته الشعرية لتتناول الحب والزمن والغربة والضياع والمنفى والحرية بقدر تناوله للحياة اليومية الرتيبة ، فهو ينتقل من مكان الى اخر وحسب تجربته الابداعية في مجال الشعر والادب ، ولا ننسى هذا الشاعر القدير كيف تطرق الى المرأة وفي اكثر من مناسبة والى دورها المٌميز في العشق وفي النضال والتي جاد في وصفها من خلال اشعاره الرائعة ، ولم يكتف بأفراد قصائد مستقلة للنساء اللواتي احبهن على امتداد حياته ، بل تبدو قصائده جميعها مخترقة بذلك السهم الوردي الأخاذ الذي تسدده الانوثة بأستمرار الى قلب الشاعر وروحه التي كانت مهددة دائماً بالرعب والغربة والعطش والمرض والحرمان ، كان صوتاً للمرأة المناضلة التي تبحث عن الحرية وعن المساواة والاحترام والتقدير بالاضافة الى كونه صوتاً للحب والعاطفة .


ان من يتابع اسفار شيركو بيكه س يلاحظ ثراء لغته الشعرية وخصوبة مخيلته ، ، فضلا عن اشعارة الغنائية المفعمة بالعذوبة واسلوبه السحري المُبهِر ، كان يتغنى دائماً بشوارع كردستان الجميلة وعاشق الفراتين . لقد كتب عن الألم العربي وحلم الحرية الذي يجمع الكرد مع العرب بالاضافة الى التاريخ والجغرافية والوجود والمصير ،
منذ ان اصدر ديوانه الاول 1968م ولتتجاوز مؤلفاته الثلاثين مجموعة وكتاب ضمن قصائده الغنائية والمسرحيات الشعرية والنصوص الحره والقصص الشعرية ، وترجمت مختارات منها الى اكثر من عشر لغات في العالم ، ومن اقواله : ( لقد تزوجت الشعر وهذا اكبر من الشغف اليومي ) . توفى الشاعر شيركو بيكه س عن عمر ناهز ( 73 ) عاماً في مملكة السويد وفي احد مستشفيات ستوكهولم يوم 4 / أب / 2013 . وقد صدر كتاب خاص عن تجربة الشاعر وسيرته الشخصية والابداعية باسم ( النجار الذهبي ) لمؤلفه سليم بركات والذي صدر عن دار الزمان في دمشق ، ومؤسسة (ره نج ) في السليمانية وبنفس العنوان ، قبل وفاته نال جائزة توخولسكي السويدية للاداب تثمينا لدوره الريادي في الثقافة والادب العالمي .

المصادر:
- شوقي بزيع / شاعر وناقد من لبنان / مختارات من الشاعر الكردي شيركو بيكه س .
- خالد سليمان / رحيل أبي الشعر الكردي المعاصر / عن العالم البغدادية .
- مروان على / شيركو بيكه س شاعر كردستان .

نشرت في وجهة نظر
الجمعة, 08 تشرين2/نوفمبر 2013 15:22

لغتنا المندائية ... هويتنا الحقيقية ج3

 

لقد اصطلح الباحثون على تسمية الاصل المشترك هذا باللغة الأم . وسميت اللغات المتفرعة عنه بالفروع ، وحيث ان اللغة الأم لأي من العائلات اللغوية المعروفة كانت قد استخدمت في افتراض لم تكن فيه الكتابة معروفة ، لتحفظ لنا نصوصا منها ، لذا حاول العلماء المحدثون من خلال الدراسات اللغوية المقارنة لأفراد العائلة اللغوية الواحدة وضع صورة عامة تقريبية لبعض خصائص تلك اللغة التي ظلت أثارها شاخصة في بعض اللغات التي تفرعت عنها ، ومن المفروض ان هذه اللغة الأم كانت متداولة في فترة سحيقة القدم في الشرق الاوسط في كل من ( سوريا والعراق ) ثم تفرق المتكلمون بهذه اللغة وانتشروا بهجرات اوجماعات في انحاء الشرق الادنى القديم ، والتي سنتطرق اليها لاحقا ، تعرضت كل هجرة او مجموعة بشرية الى تاثيرات داخلية وخارجية مختلفة باقوام وحضارات مختلفة ايضا وعاشت في بيئات متباينة في فترات زمنية متباعدة احيانا ، فحملت كل منها طابعا خاصا مميزا يختلف عن بقية الفروع في نواح كثيرة ويجتمع واياها في اوجه شبه اساسية تشير الى القرابة الموجودة بين هذه الفروع ، وقد حمل كل فرع تسمية خاصة به .

وقد تم تحديد هذه الهجرات ومسارها الصحيح عبر الدراسات المواقعية : ( اي الدراسة اللغوية والتاريخية لاصل اسماء المواقع الجغرافية ) . وتشير الارقام على سبيل المثال الى المناطق التي تسمي ادم او ادان ومشتقاتها : عدن ، هند ، افد ، دانا – ادم وهي ( عباره عن قرية واقعة في تشاد الافريقية ) ، وادم قرية في افار ، ( صل ادم وادوم ) وهذه مدينة واقعة في فلسطين ، ( بلاحة ادوم ومون ادوم وعدن )  : تقع جنوب شبه الجزيرة العربية ، والتي تسمى ايضا ب ( المنطقة الجزرية )  وادم كذلك مدينة صغيرة في بلاد الرافدين ، وادم قرية في الالزاس ، ( ايد وان شعب) في الغال ( المانيا ) وادن في الهند ، وادوم منطقة تحادي الصخور بين الهند وسيلان (سيرلانكا ) ، ( صل ادم )  في جاوة وهي جزيرة تابعة الى اندنوسيا ، ودنا في اقصى الشمال القطبي عند الايتوي ، وتانا ايضا في الصين وتانا في اليابان ، وهناك مدينة كويثا او كوتا التاريخية في باكستان واخرى كويثا في العراق التي هي الكوت او ربما تكون الكويت الحالية . اما اهم الاماكن المرورية الاجبارية لهذه الرحلات فكانت من خلال مضيق بيهرنغ الواقع بين روسيا والاسكا الامريكية ، وسلسلة جبال الانديز في تشيلي بامريكا الجنوبية ، وارض النار ومراكش والشمال الاسترالي . وقد غادر الانسان الاول من كينيا الافريقية واجتاز شبه الجزيرة العربية ثم الهند وسيلان فوصل الى جاوة الاندنوسية مبحرا عبر السواحل ومستقرا على ضفاف الانهار . بخلاف الانسان الاوربي الذي لم يتخذ الساحل طريقا للهجرة ولم يتخذوا ضفاف الانهار مركزا للتجمع بل اتخذوا الاراضي الداخلية فقط , فجلبوا تراثهم اللغوي الى المواقع التي سكنوا فيها حديثا فدمجت او طغت على اللغة الساثدة هناك لظروف او لاعتبارات معينة قد تكون دينية او اجتماعية او اقتصادية حسب المفهوم الحالي ولمتطلبات العيش انذاك . لذا نرى ان المجموعة اللفظية والجذر الصوتي قد تغير في الواقع من مكان الى اخر فنجد مثلا اسم الالهة المعبودة قبل 6000 سنة من عصرنا في اوغاريت (سوريا الحالية ) وهو ايل ، وبالسومرية هيل ثم بالحيثية ايول ، وباليونانية هيليوس وايليوس ومينوس ، وبالبريتون ( بريطانيا ) هيول وبالغال ( المانيا ) هول ، وباللغة العبيرية هيولي ، وبالعربية تطور اللفظ اللغوي الى كلمة ( الله ) من كلمة ايل . لذا فان هجرات الانسان كان لها الدور الواضح والكبير في اللغة ، لقد استطاع العلماء الكشف عن التكوين الرمزي للمعاني الصوتية الاساسية لاصوات كلامهم النموذجية الاصلية وعن المعنى الاجتماعي لاولى قواعد اللغة ، هذه الرموز ما تزال حاضرة وحية في معانيها النموذجية الاصلية في تركيب الكلمات التي نستعملها او نبتكرها حاليا ، وكما لا تعيش الكلمة الا اذا كان معناها الحالي له صدى انسجامي مع المعنى النموذجي الاصلي لاصوات الكلام التي تكونه .

يقول علماء الرياضيات الذين يستعملون نظرية الكوارث لرينيه توم :- ان المعنى النموذجي الاصلي هو جاذب غير مكاني ولا زماني : ان معناه الاولي هو مماثل لمركز ثقل يجذب اليه في كل زمان وكل مكان في العالم كل المعاني الحالية المتنوعة للكلمات التي هو حاضر فيها . في سبيل المثال كلمة يحب aimer يكون صوت الكلام النموذجي الاصلي ام am ومعناه انسجام ، وهو حاضر بقوة بما انه موجود في اول الكلمة في اللغة الفرنسية يمكننا ان نحب انسانا ، وغذاء ، ومنظرا طبيعيا او قصيدة شعرية ، او لوحة جميلة ، او سمفونية ، وتكتب am كذلك في اول الكلمة الدالة والتي ترتبط بوقت التاريخ اوالايام في اللغة الالمانية ، وفي جميع الاحوال نشعر بانسجام عندما تدركها حواسنا ، فكلمة يحب amier ما تزال تعيش ، اي معناها النموذجي الاصلي هو بصدى انسجامي مع كل المعاني التي يمكن ان تاخذ كلمة ( يحب ) في جميع ظروف الحياة فنقول هذه الكلمة متعددة المعاني ،  وبتعبير اخر لها معان متعددة .

اي ان اكتشاف اللغة وماهيتها ، وحصرها وتحديد دورها عبر العصور يعتبر الشيء الاساسي والمهم في هذا المجال ، وبالتالي التحكم بها والسيطرة عليها ،  فهي قوة قوية حية ، عامة يشترك بها الانسان والطبيعة معا .

المصادر

-البعد السابع / ت . جود ابو صوان / ط1/ 2001

-الانسان ولغته / ت. مارسيل لوكان / الاصدار الاول / 2007

-هيكلية الرمز في الوجود / ت. فيصل مفلح / ج1/ 2008

 

اعداد / عزيز عربي ساجت /

الجمعة, 08 تشرين2/نوفمبر 2013 15:16

واقعة كربلاء بين الاسطورة والتاريخ

 

تاتي قيمة دراسة او معرفة الاسطورة في تراثنا القديم واهميتها ، باعتبارها جزء من تراثنا ومكملا له ، وفي الجانب الذي لم يحظ بادنى قدر من الاهتمام ، ازاء صدور الحكم عليه باللامعقول  بالتضاد مع مفهوم العقلانية والمعقول .

فالاساطيرMythos   في الفهم الكلاسيكي ، عبارة عن مجموعة خرافات واقاصيص وهي اشتقاقا من  ( سطر الاحاديث ) ، وموضوعها ، اضافة للالهة الدالة ، وتتناول الابطال الغابرين وفق لغة وتصورات وتاملات واحكام تناسب العصر والمكان الذي صيغت فيه ، وشكل الانظمة ، والمستوى المعرفي السائد انذاك ، وهي في الوقت ذاته تشكل ثقافة عصرها ، بحيث تبدو ذات خصوصية تربطها ببيئتها ومجتمعها ، بحيث يمكن من دراستها استقراء التاريخ الاصدق لزمنها ومكانها . وعادة ما نجد في الاساطير مشاعر انسانية راقية ، واحاسيس ، ومواقف ، تطلعنا على فلسفة الانسان في الوجود ، وعلى محاولاته الفكرية الاولى ، والتي تتضمن خلاصة تجاربه وماضيه ، اذا فان الاسطورة تعتبر تسجيلا للوعي الانساني واللاوعي في ان معا . 

يقول رولان باتور في كتابه الاساطير : ان الاسطورة ليست بمعنى الخرافة ، فللخرافة تعريفها الخاص بها وانها حسب تعريف رولان باتور ، هي نمط من كلام مؤلف من مادة مطروقة من قبل على نحو يمكنها ان تجعل هذا الكلام لائقا بعملية الاتصال .. اي تحويل ما هو غير طبيعي لطبيعي ، جعل كل ما هو مخالف للموضوعية امرا طبيعيا وبديهيا ... فالاسطورة تمنح العارض الطبيعي مبررا طبيعيا ، وتجعل الحدث المؤقت كما لو كان خالدا ابديا . 

 ان للاسطورة دور كبير وارتباط مؤئر بالاحداث التاريخية ، إذاً لابد لنا من دراسة المسببات والدوافع الاساسية لهذه الواقعة المؤلمة ،  لو نظرنا لاسباب الصراع الحقيقي لرايناه  نتاجا لجذور قبلية وجذور سياسية مختلفة  ، فمن الطبيعي ان تتجسد تلك النتائج كما حدث في التاريخ وتماهيا مع هذا الاسلوب ينقسم العالم الاسلامي الى كل تلك الفرق المتعددة  اعتمادا على طبيعة تلك المقدمات ذات النتائج المحددة مسبقا ، لذا فان فكرة العصبية القبلية ، تلك الفكرة التي حاول التاريخ تحييدها في كثير من المواضع ولكنه في النهاية لا يجد غيرها حتى يستخدمها . لان التاريخ في تاسيسه يتعامل مع الاحداث بنفس المنهج الديني ذي الخط التصاعدي من بداية لفناء ، وتمثل تلك النظرة عائقا حقيقيا في تعامل التاريخ مع كل الفتن والثورات ، خاصة فيما يتعلق ما بين السنة والشيعة ، والصراع الذي دام طويلا على السلطة ، وكانت الغلبة للسنة ، اوقات كثيرة ومحاولة كل منهما انتاج رؤية للاخر من منطلق ثنائي بحت ، فالمؤرخون يردون الثورات في التاريخ الاسلامي من اتجاهين فقط الحق والباطل ، وكان كل التمردات وحركات الفرق الاسلامية وانتاجها الفكري ، والغليان الذي ساد التاريخ ، لا يعرف الا خطى الكفر والايمان . 

يعزوا المقريزي هذا الخلاف الى عامل بايلوجي بحت فيقول : ان كلا من هاشم وعبد شمس كانوا توأمين ، وقد التصق اصبع عبد شمس بجبهة هاشم ، فرقوا بينهما بالسيف ، مما كان ايعازا بسيل الدماء بينهما . وقد ذكر المفكر الاسلامي الايراني مرتضى مطهري في تفسيره لهذه الحالة فيقول : ان لبني هاشم الزعامة الدينية ، ولبني امية التجارة ورئاسة القبائل والعلاقات السياسية ، فمن الطبيعي ان تختلف ارائهم فيما بعد ، وذلك امتدادا لتلك النظرة التاريخية للامور بخلق اسس للنزاع على كل المستويات .

يقول الاستاذ اسحاق النقاش في كتابه شيعة العراق : لا يوجد حدث في التاريخ الاسلامي لعب دورا مركزيا في تحديد هوية الشيعة مثل استشهاد الحسين ورفاقه في كربلاء .

ان زحزحة فكرة الصراع السني الشيعي من مجرد العصبية ما بين بني امية وبني هاشم ، نحو الجدلية الاجتماعية التي تثيرها وتنشطها كل جماعة بشرية عندما تريد استبدال نظام من التسويغ والشرعية .

فطه حسين في كتابه ( الفتنة الكبرى ) يرى انه نموذج الصراع بين اهل العراق واهل الشام ، انما هو ناتج عن اهل الشام واهل العراق ، عرب لم يبرأوا قط من العصبية الجاهلية ، لم تجد بدأ من ان تقدر تاثير هذه العصبية في وصف ما كان للقبائل من بلاء في الحرب وموقف في السلم .

وهناك من يرى ان لبني امية الحق في الخلافة في الاساس فيقولوا : عجبأ لاستكثار الناس ولاية بني امية ، واول من عقد لهم الولاية رسول الله ، واستنادا الى تلك النظرة الانتقائية فان النبي استكتب معاوية بن ابي سفيان على وحيه ، حيث يلاحظ ما كتب على ابواب بغداد : بان مدينة السلام دار الخلافة  ، خلافة بني العباس بينهم وبين بني امية ، وخير الناس منهم معاوية خال المؤمنين وذلك لان معاوية اخو ام المؤمنين ( رملة بنت ابي سفيان ) الشهيرة بام حبيبة .

فبالرغم من الخلافات الاصلية ما بين بني العباس وبني امية , نجد هناك ذكر لمعاوية من على مساجد بغداد ، فيقول احمد ابن حنبل الداعية الاسلامي ومذهبه المعروف ، انه ادخل يزيد بن معاوية في كتابه ( الزهد ) وان يزيد كان يقول في خطبه : اذا مرض احدكم مرضا فاشفي ثم تماثل ،  فلينظر الى افضل عمل عنده فليلزمه ، ولينظر الى اسوأ عمل عنده فليدعه ، وهذا ما يدل على انه كان من الزهاد من الصحابة والتابعين الذين يقتدى بقولهم ، اذا فان العداء كان بسبب العصبيات القبلية الموروثة واثارتها مجددا بحسب الظروف التي مرت بها الحالة الاسلامية والتي وصلت الى حد التناحر الدامي بين الطرفين .

في حادثة ذكرت ان ابا سفيان دخل يوما على عثمان بن عفان حيث صارت الخلافة له وهو ثالث خلفاء الراشدين ، فقال صارت اليك بعد تيم وعدي .. اجعل اوتادها بني امية فانما هو الملك ، وما ادري ما جنة ولا نار ، فصاح به عثمان ( قم فعل الله بك وفعل ) . وكانت تلك الحادثة  هي بداية الصراع الفعلي بين بني هاشم والامويين ، فهناك رأي اخر او وجهة نظر لابن خلدون فيقول : ( ان قريشا كانت مؤيدة ليزيد لان عصبية ( مضر ) كانت في قريش ، وعصبية قريش كانت في عبد مناف ، وعصبية عبد مناف انما كانت في امية ، وكانوا قد نسوا امر العصبيات القبلية اول الاسلام لانشغالهم بالخوارق وامر الوحي ، الا انها عادت اول موت النبي .

لقد كتب برناد لويس في هذا الشان فيقول : ان هجرة النبي من مكة ، الى المدينة كانت نقطة تحول كبرى في وضعه من متمرد على الوضع السائد انذاك الى رجل دولة ، وعند موته كانت الدولة التي انشأها تتحول الى امبراطورية ، حيث كان الخلفاء الاوائل : يجمعون صفتي الرئيس الديني والسياسي معأ بتسمية واحدة وهي ( أمير المؤمنين ) يختارونه من بين صحابة النبي ، وقد بدات الاعتراضات السياسية من تلك الفترة . فان الشيعة كانت تقول بخلافة على ، وهو ابن عم النبي وصهره ، زوج ابنته فاطمة ، وله بيعة غدير خم ، وبالعكس من ذلك كان جزء من المسلمين يعتقدون ان الخلفاء يجب تعينهم ، بينما (الاباء المؤسسون ) للشيعة ومؤيدوهم كانوا يميلون بالاحرى الى ارساء شرعية سلالية ، معتبرين ان الخلفاء يجب ان يختاروا من عائلة النبي . فالامام علي اعترض منذ البدء على عثمان كخليفة وقد قتل في عام 661 م ، من قبل ابن ملجم ، وابنه  الحسن لم يكن يطمع بالخلافة وعمل صلحا مع معاوية , ولكنه مات مسموما , اما الامام الحسين فلم يقبل بتخلي اخيه في العهد الذي قطعه على نفسه ازاء معاوية ، خليفة النبي على رأس الجماعة الناشئة ، فترك دمشق ليلجأ الى مكة ، ومنها رحل الى العراق ، ليلقي حتفه في واقعة الطف في كربلاء .

فواقعة كربلاء الحسين في تقييمها التاريخي بعيدا عما تحمله من دلالات فلسفية وفكرية ، تحمل محاولة لعدم تكفير بني امية ، وانهم كانوا على حق والحسين على خطا ، وكل ما تم له نتيجة طبيعية لخدمة الجماعة وشق عصا الطاعة . فرغم كلا الخطابين الحسيني والاموي ناتج عن بيئة ثقافية واحدة ، فأن فكرة الثنائية الحاكمة للمنظومة التاريخية ، هي حاكمة لكلا الرؤيتين , في ذات الوقت ، سواء السنة او الشيعة او غيرهما من الفرق الاسلامية ، سواء كانت الاجتماعية منها او الفلسفية الدينية ، فمفهوم الجماعة او الفرقة ينتج دائما رؤية للذات والاخر ، اعتمادا على نظرة دينية تاريخية في علاقة جدلية .

ان ناقل النص الاصلي لواقعة كربلاء هو – لوط بن يحيى بن محنف – والمكنى بابي محنف وهو عراقي الاصل من اهل الكوفة ، وكان ابوه من اصحاب الامام علي ، وتحدث عن موقف ابن الزبير والعداء الذي يكنه للامام الحسين وقد اعطى تبريرا لهذا على المستوى السرد التاريخي ، فالزبير بن العوام  قد قتل امام انظار الامام علي بن ابي طالب في موقعة الجمل بل ان عبد الله نفسه قد شارك في تلك المعركة ضد الامام علي والد الامام الحسين ، فمن الطبيعي اذن ان يستمر التاريخ ، وتتبدل نماذج العداء بين الزبير وعلى الى عبدالله والحسين .

ومن المفارقات الغريبة  التي حدثت في هذه الواقعة الاليمة ، ان يزيد بن معاوية بن ابي سفيان قد استشار مولأ لمعاوية والقصد من المولا : كلمة تطلق على كل ما هو غير عربي ، وهذا المولى اسمه ( سرجون ) يقال انه ذو اصل فارسي وقسم يقول انه رومي الاصل ، وقد اشار على يزيد ما اشار اليه برأي معاوية الذي امره قبل موته بتولية عبد الله بن زياد بن ابي سفيان واليأ على الكوفة ويضمها الى البصرة التي هو كان عليها ، وبالفعل فعل يزيد بنصيحة سرجون ، ويامر بايقاف هذه الفتنه باي شكل من الاشكال ، وبتوليه كان سببا لتلك الماساة الدامية في واقعة الطف . يلاحظ هنا دور الموالي في هذا الحث التاريخي ، فقد صنع سرجون هنا مفصلا هاما في الحكاية ، وباشارته لتولية عبد الله بن زياد الذي سيكون سببا لتلك الماساة الدامية فيما بعد , وكانت الهدية التي منحت له هي ابقاء علي بن الحسين (زين العابدين ) على قيد الحياة لكون امه فارسية ، ويعتبر علي زين العابدين له انتساب الى الملك يزدجرد اخر ملوك الفرس والذي تزوج الحسين ابنته وكان اسمها ( غزالة ) تاكيدا على فارسية زين العابدين والائمة من بعده .

يقول الاستاذ حسن العلوي في كتابه : الشيعة والدولة القومية – توجد هناك اربع نظريات لتحديد زمن ظهور الفكر الشيعي لا يتعدى فيها عن سنة 61 للهجرة ، فيما يقول فقهاء التشيع انه ظهر في ايام النبي ، والتشيع عربي المولد والنشأة ، وتقول الاحاديث  ان النبي قال ( الامامة في قريش ) ، والذي يعني (عروبة الخلافة ) . يبدوا واضحأ ان الحركة الشيعية ، كما يقول الدكتور محمد عمارة في كتابه (فجر اليقظة القومية )– بدت حزبا عربيا واستمرت كحزب عربي ، ولم تكن يوما من الايام حركة شعوبية للعناصر غير العربية ، في مواجهة العناصر العربية التي كانت مسيطرة في ذلك الحين , ومع اتجاه سير الفاتحين العرب نحو الشام والعراق وبلاد فارس سارت القبائل العربية التي تشيعت لعلي ، وكانت الكوفة ( وهي ثاني مدينة بنيت بعد البصرة بعامين ، وهي بجنب مدينة الحيرة  التي انشأت 240م على يد عمر بن عدي اللخمي ( من بطون اليمن ) على نهر الفرات في جهة  الفرات الاوسط ، الوارث للتراث الحضاري البابلي السومري ، وتقع مدينة  الكوفة على الجانب الغربي من نهر الفرات ، وكان القصد من انشائها للاغراض العسكرية وهو لبعد استراتيجي ارتأه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وتحت قيادة سعد بن ابي وقاص ) ، والتي مصرها عمر بن الخطاب عام 17 للهجرة اولى المدن التي قامت حولها القبائل العربية الشيعية ، ولم ينتشر التشيع في ايران في تلك الفترة ، فكانت ايران سنية المذهب باستثناء قم ونصف من مدينة الاهواز ، حتى ان اهل اصفهان يغالون في حب معاوية حتى اعتقد بعضهم بانه نبي مرسل حتى اوائل القرن السادس عشر الميلادي ، حتى ظهور الدولة الصفوية ثم تحويل الدولة الايرانية الى مذهب التشيع . 

وتبقى واقعة كربلاء الرمز وشعارها المشهور ( هيهات منا الذلة ) درساً مشهوداً وتجسيدا لمعنى التضحية والايئار ..

المصادر:

هادي العلوي – في التاريخ والتراث / ط1 /1997 – دار الطليعة الجديدة / سوريا – دمشق .

-رولان باتور – اساطير – ترجمة سيد عبد الخالق / 1995- الهيئة العامة لقصور الثقافة – مصر العربية – القاهرة .

-د.عبد الهادي عبد الرحمن – التاريخ والاسطورة / ط1 /1994م – دار الطليعة – مصر – القاهرة .

-سيد محمود القمني – الاسطورة والتراث / ط2 /1993 – دار سينا للنشر – القاهرة .

- حسن العلوي – الشيعة والدولة القومية / ط1/ 1426 هجرية – دار النشر – روح الامين – بغداد – العراق .

- د. عبد الهادي عبد الرحمن -  التاريخ والاسطورة / ط1/ 1994م – دار الطليعة – مصر – القاهرة .

- فرانسوا تويال – الشيعة في العالم – نقله عن الفرنسية نسيب عون / ط1/ 2007م – دار الفارابي – بيروت – لبنان .

- اسحاق النقاش – شيعة العراق – ترجمة عبد الله النعيمي / ط1 /1996م – دار الهدى للثقافة والنشر – سورية- دمشق .

- حسن العلوي – عمر والتشيع – ثنائية القطيعة والمشاركة / ط1 /2007 – الناشر- دار الزوراء –لندن / - سورية – دمشق .

- علي عبود المحمداوي – الفكر الشيعي المعاصر – الاصدار الاول / 2009م – الناشر – دار صفحات للدراسات والنشر- سورية – دمشق .

- سليم مطر- مجلة ميزوبوتاميا- موسوعة المدن العراقية – العدد 5-6 تموز/ 2005 م – طبعت بمطبعة ايلاف – بارك السعدون – بغداد- العراق .

                         اعداد : عزيز عربي ساجت

نشرت في وجهة نظر

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014