• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 22 تشرين2/نوفمبر 2015 12:47

مع قانون البطاقة الوطنية الموحدة

مررت الحكومة ومجلس النواب العراقي , قبل ايام , قانون البطاقة الوطنية الموحدة , مبررين صدوره والعمل بموجبه , بأنه سيغني المواطن العراقي عن الكثير من الهويات والوثائق الرسمية التي يحتاجها العراقيون في اية معاملة رسمية في دوائر الدولة .... إلا ان واضعي هذا القانون والمصوتين عليه , رغم محاسنه , نسوا أو تناسوا ان الشعب العراقي يضم الى جانب الأغلبية المسلمة , المسيحيين والصابئة المندائيين والأيزيديين والشبك , وهم أهل البلاد الأصليون , قبل دخول الأسلام , كدينٍ , الى العراق .
وحيث ان هذه المكونات الدينية الصغيرة , ليست مقاتلة , وأن اديانها مغلقة وليست تبشيرية , فقد تعايشت مع الاغلبية المسلمة بهدوء وتفاهم وسلام طوال عشرات القرون , وكانت لهم خدماتهم الكبيرة للدولة الأسلامية , في مجالات العلوم المختلفة , كالطب والرياضيات وعلم الفلك وغيرها .
وفي العصر الحديث , كان لأبناء هذة المكونات دور كبير في بناء الدولة العراقية الحديثة في مختلف المجالات, واحتل بعضهم مراكز مرموقةً في مؤسسات الدولة ومرافقها المهمة , وسالت دماؤهم بغزارة في الدفاع عن ارض العراق الحبيب ودفعوا مثل غيرهم ضريبة النضال ضد الأنظمة الدكتاتورية المقبورة ,,,ورغم ذلك , ظلوا يعَاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في تبوء المراكز العليا في الدولة , رغم كفاءات بعضهم الكبيرة ....المهم تعايشت هذه الكيانات المخلصة مع هذا الواقع المرير , وقبوله كأمر واقع , في كل العهود و منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة , باستثناء السنوات الأولى لثورة 14 تموز 1958 , والتي لم يكتمل بناؤها القانوني والتشريعي , اذ عاجلها انقلاب شباط الأسود 1963 , وكان ما كان من ضياع فرصة بناء دولة ديمقراطية عصرية , تساوي بين الجميع وتعتمد المواطنة أساساً للتعامل مع الفرد العراقي .
فأرض العراق أذاً , تضم مجتمعاً متعدد الأديان والمذاهب , فالأسلام هو دين الأغلبية المطلقة من العراقيين , تليها المسيحية والصابئة المندائيين والأيزيديين والشبك . ان هذه الأديان الأربعة الأخيرة هي أديان مغلقة , اي ليست تبشيرية ولا تتقبل دخول آخرين من ديانات اخرى اليها . ان الدين الأسلامي هو الدين الوحيد الذي يتقبل اعتناق الآخرين للأسلام , لكنه يرفض تماماً خروج أي مسلم الى دين آخر , ويعتبره مرتداً وعقابه الموت ....وهكذا فإن اعتناق الأسلام من جانب ابناء الأديان الأخرى , امر جائز , بل ومرحب به, ويدخل في باب حرية المعتقد التي تنص عليها دساتير العالم كافة , بما فيها الدستور العراقي , حيث يسمح للعراقي والعراقية , باعتناق الدين الذي يريد , ويعتبر ذلك حقاً دستورياً مكفولاً ...بيد ان قانون البطاقة الوطنية الموحدة في مادته السادسة والعشرين , الفقرة ثانياً , جاء مخالفاً للكثير من مواد الدستور العراقي , كالمادة الثانية , الفقرة ب والفقرة ج , والمادة الثالثة , والمادة التاسعة والثلاثين , والمادة اربعين , التي نصت جميعها على المساواة بين العراقيين وعلى الحرية الدينية وحرية ممارسة الشعائر الدينية , كما انه جاء مخالفاً لشريعة حقوق الأنسان
و ميثاق الأمم المتحدة في حماية حرية الفرد الدينية والأجتماعية بغض النظر عن الدين الذي يؤمن به.
لقد جاءت الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة , لتفرض الدين الأسلامي على الأولاد القاصرين في الدين ممن اعتنق احد ابويهما الدين الأسلامي !! . اذ نصت على " يتبع الأولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الأسلامي من الأبوين " . اي ان هذه الفقرة تفرض اعتناق الأسلام فرضاً على هؤلاء الأولاد , ممن لم يبلغ الثامنة
عشر من عمره, وهذا مخالف حتى للدين الأسلامي نفسه في النص المعروف " لا إكراه في الدين " , كما نص عليها الدستور في المواد المذكورة اعلاه .وجاءت هذه الفقرة الملغومة استناداً الى تفسير فقهي خاطئ مضت عليه مئات السنين , يعتبر الدين الأسلامي أشرف الأديان .
لقد اصطدمتُ في سبعينات القرن الماضي بحادثة من هذا القبيل سأرويها لكم باختصار :
اتصل بي شاب مندائي , متزوج وله ولدان صغيران , كانت زوجته على علاقة برجل مسلم , وفي احد الأيام اخذت هذه الزوجة الولدين وراحت الى دار عشيقها , وهناك اعلنت اسلامها وتزوجته . أقام الرجل دعوى لأسترجاع ولديه , إلا ان محكمة الأحوال الشخصية ردت دعواه , واعطت حضانة الأطفال للأم , وحكمت بأن يعتننق الطفلان دين الأم ( الأسلام )....ميَّز الرجل الدعوى , إلا ان محكمة تمييز العراق , بهيئتها العامة ( 23 قاضياً )
قد صادقت الحكم وأعتبرت " ان الأطفال يتبعون أشرف الدينين !!" . حملتُ اضبارة الدعوى وطلبت مقابلة رئيس مجلس النواب ( فوزي مهدي صالح ) لا اذكر اسمه بدقة , وقد قابلته اثناء ندوة كان يقيمها , وقد حضر معي احد القسس , لنفس الغرض . عرضت عليه قضية ذلك الرجل , فأجاب " ان القيادة اوقفت العمل بهذا القانون " فعرضت عليه الأضبارة وقرار محكمة التمييز بتاريخ حديث , في حينه , وحين قرأ ان الأطفال يتبعون أشرف الدينين " , حاول ان يبرر ويتملص من الأجابة , عندها سألته منفعلاً , " من قال ان دينك أشرف من ديني ؟ , انني اعتبر جميع الأديان السماوية بدرجة واحدة من القدسية و ( الشرفية ) لأن مصدرها واحد هو الله " , وقد ساعدني في المناقشة نيافة القس , لأن القضية تهمنا جميعاً . حاول السيد فوزي تهدأتي ووعد بعرضها على السيد الرئيس بأول فرصة ممكنة ....طبعاً لم استلم اية نتيجة حول الموضوع .
نعود لقصة الرجل ومصيبته بخسارة الزوجة والأطفال ... فبعد فترة قصيرة اقامت تلك المرأة , دعوى ضده تطالبه بنفقة الأولاد , باعتبارها حاضنةً لهما , وحكمت لها المحكمة باستحقاق النفقة , رغم ملابسات القضية , وصاروا يستقطعون منه المبلغ الذي قررته المحكمة ....بعد فترة , وبحكم كونه أباً , يتابع اخبار اطفاله , علمَ بأنهم سيقومون بختان الأطفال ,,, أقام دعوى لإيقاف ذلك بالأستناد الى نفس القرار الذي انتزعهم منه , بأنهم " سيخيرون بعد بلوغهم سن 18 سنة , بأن يعودوا الى دينهم الأول , أو ان يبقوا على الدين الأسلامي " , حيث ان الختان محرم في الديانة المندائية , لو ارادوا العودة اليها .... إلا ان المحكمة ردت دعواه مجدداً ... ازاء هذه الضربات المتوالية والأحباط المتواصل , قرر الرجل ان يغادر الوطن الذي لم يقدم له سوى الويلات والدمار ...لا ادري ماذا حل بالرجل , اتمنى ان يكون قد اسس له عشاً جديداً يعوضه ما عانى من نكبات ...
هذا مثل ربما هناك الكثير من امثاله , فهل يريد مجلس نوابنا " العتيد " ان يعيد لنا
" مفهوم أشرف الأديان " أم نعول على موقف السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم , برفض هذة الفقرة المعادية للسلم المجتمعي والتآخي ووحدة العراقيين بمختلف اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم ؟ . ان هذا الأمل على ضعفه بحاجة الى وحدة المكونات غير المسلمة , وبدعم من المسلمين المتنورين , وهم كثر بالتأكيد , وتصعيد نضالها العادل من اجل حقوقها الوطنية ومساواتها مع الآخرين الذين يحكمون باسم الدين الأسلامي , وهذا يتطلب تشكيل وفد مشترك من هذه المكونات المغلوبة على امرها لمقابلة السيد رئيس الجمهورية , وايضاح موقف هذه المكونات قبل ان يصادق على هذا القانون الجائر , كما ان التحرك على المرجعيات الأسلامية الشيعية والسنية لشرح خطورة هذه المادة على وحدة الشعب العراقي , هو امر في غاية الأهمية , اذ ان موقف المرجعيات الدينية , اذا لم يفلح بإرغام الحكومة والبرلمان لتعديل هذه المادة , فانه سؤثر ايجابياً في الشارع العراقي ويكبح بعض الجهات المتطرفة من التمادي في عدائها ضد المكونات الدينية غير المسلمة .

نشرت في وجهة نظر
الثلاثاء, 29 أيلول/سبتمبر 2015 15:12

الدولار الأسترالي عام 2015

من خلال المراقبة المستمرة ودراسة السوق نستطيع أن نستنتج إتجاهات الدولار الأسترالي تجاه الدولار الأميركي خلال عام 2015 وحتى نهايته.
وقد إقتطعنا لكم جملة من التحليلات المالية والإقتصادية من الشبكة العالمية وبيانات المصرف المركزي الأسترالي ودمجناها مع التحليلات والتوقعات الشخصية.
الحقائق:
حقق الدولار الأسترالي تجاه الدولار الأميركي هبوطاً مستمرا خلال السنتين المنصرمتين2013 و2014 على التوالي
السعر نهاية كانون الثاني 2013 كان 1.04 أي أن كل دولار أسترالي يعادل 104 سنتاً أميركيا
السعر الحالي نهاية كانون الثاني 2015 هو 0.776 أي أن كل دولار أسترالي يعادل 77.6 سنتا أميركياً
نسبة الإنخفاض للدولار الأسترالي تجاه الدولار الأميركي خلال السنتين الماضيتين 25% أي بمعدل هبوط سنوي يقارب 12.5%
التوقعات بالنسبة للدولار الأسترالي:
التوقعات تبقى سلبية بالنسبة للعملة الاسترالية بسبب قوة الدولار الأمريكي، وفارق السياسة النقدية بين البلدين، فالبنك الفدرالي الأمريكي في طريقه إلى رفع أسعار الفائدة هذا العام في حين البنك المركزي الأسترالي قد يقوم بخفضها
البنك المركزي الأسترالي اتخذ قراراً بخفض أسعار الفائدة لآخر مرة في أغسطس/آب 2013، عندما خفض أسعار الفائدة من 2.75% إلى 2.50%، لتستمر عند هذه المستويات حتى نهاية 2014.
الاجتماع الأخير للبنك المركزي الاسترالي في 2014 شهد تثبيت سياسته النقدية مع توقعات باستمرار أسعار الفائدة في الاستقرار عند نفس المستويات لفترة أطول من الوقت، ومع تمسك المركزي الأسترالي وتكراره لتصريحاته بأن مستويات الدولار الأسترالي الحالية مرتفعة ولا تعكس الأداء الحقيقي للبيانات الاقتصادية التي تصدر عن الاقتصاد.
يذكر أن محافظ البنك المركزي الأسترالي جلين ستيفينز أشار إلى أن مستويات 75 سنتا مناسبة للدولار الأسترالي مقابل الدولار الأمريكي، وهي المستويات التي لم تظهر في الأسواق منذ 2009.
التحسن الحالي في بيانات قطاع العمل الأسترالي من شأنها أن تخفف الضغط على البنك المركزي الأسترالي بخفض أسعار الفائدة، خاصة مع تراجع معدلات النمو إلى 2.7% خلال الربعين الثاني والثالث من العام 2014، إلى جانب الضعف الحالي في قطاع التعدين.
من جهة أخرى، يعاني الاقتصاد الأسترالي حالياً من تراجع أسعار الحديد الخام بنسبة 47% خلال 2014، الأمر الذي يقلل من العائد لشركات التعدين العملاقة في أستراليا ويؤثر سلباً على الأداء الاقتصاد.
كل هذا يزيد من الضغط على البنك المركزي الأسترالي للقيام بخفض أسعار الفائدة في أقرب فرصة
التوقعات بالنسبة للدولار الأميركي:
واشنطن (رويترز) - مضى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في آخر اجتماع له بشأن السياسة قدما في خطط لبدء رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق هذا العام رغم الجدل الذي بدا محتدما حول كيفية التعبير عن نواياه.
وبحسب محضر اجتماع لجنة السياسة بالبنك المركزي في ديسمبر كانون الأول والتي نشرت اليوم الأربعاء فقد استعرض مسؤولو البنك قائمة طويلة من البيانات التي تظهر أن التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة يتماسك في عالم يتحول إلى الاتجاه الخاطئ في ظل مخاطر الركود في اليابان وأوروبا وتباطؤ في أسواق ناشئة رئيسية
التوقعات المستقبلية
المتعاملون فى العقود الآجلة يشكون فى قدرة بنك الاحتياط الفيدرالى على رفع الأسعار بالقدر الذى يتوقعه واضعو السياسات. وبينما يظهر التقدير المتوسط فى توقعات البنك المركزى ربع السنوية الصادرة فى الأسبوع الماضى أن بنك الاحتياط الفدرالى سوف يعزز الإقراض الفيدرالى المستهدف إلى 1.125٪ بحلول نهاية 2015، تشير العقود الآجلة إلى أن هناك احتمالا بنسبة 88٪ بأن يكون سعر الفائدة عند 1٪ أو أقل.
ويرى جاى لوبا أن «سندات الخزانة طويلة المدى سوف تتجاهل تقلبات الدورة الاقتصادية قصيرة المدى وتركز على القيود على النمو طويل المدى». وقد توقع أن العائدات على سندات العشر سنوات سوف تنهى عام 2015 عند 2,47٪، وهو أقل تقدير بين المتوقعين، الذين استطلعت بلومبرج آراءهم هذا الشهر.
توقعاتي بالنسبة لزوج الدولار الأميركي والأسترالي: حتى نكون واقعيين يجب أن نحذف التوقعات المتطرفة بالنسبة للإقتصاد ولهذا نتوقع أن تخفض أستراليا الفائدة مرتين هذا العام وبمعدل ربع بالمائة كل مرة وبهذا تكون نسبة الفائدة إثنين بالمائة نهاية عام 2015 وبالمقابل نتوقع أن يرفع الفيدرالي الأميركي نسبة الفائدة مرتين أيضا خلال 2015 أي إلى نصف بالمائة
ومن جانب أخر فإن سوق العقارات الحار في أستراليا قد بدأ يبرد تدريجياً للأسباب التالية:
الأول :هو تدهور الإقتصاد الأسترالي بإنخفاض أسعار المواد الأولية
الثاني: الإرتفاع المستمر لنسبة البطالة
الثالث : نضوب تدفق الأموال الصينية والمستثمرين الأجانب الآخرين لشرا ءالعقارات في أستراليا تخوفاً من إستمرار إنخفاض قيمة العملة الأسترالية مما سيجعل عملية المضاربة قصيرة الأجل بالعقارات عملية خاسرة بعد تبادل العملات فالصيني الذي إشترى دارا أوائل 2013 وإزدادت قيمتها اليوم بنسبة 20% يكون خاسراً إذا باعها لأن قيمة العملة الأسترالية إنخفضت بنسبة 25% خلال نفس الفترة!
إن حصول ذلك سيشجع بالطبع على نزول الدولار الأسترالي تجاه الدولار الأميركي إلى المستوى الذي يرغب فيه البنك المركزي الأسترالي وهو 75 سنتا أميركيا لكل دولار أسترالي إنما أتوقع أن الهبوط حتى نهاية 2015 أوائل 2016سيكون أكبر من ذلك حيث سيهبط مجدداً بنفس النسبة للسنتين الماضيتين ليسجل مابين 70 إلى 65 سنتا أميركيا مقابل كل دولار أسترالي.

نشرت في وجهة نظر
الثلاثاء, 29 أيلول/سبتمبر 2015 15:07

الكوليرا .... قتلت مود ... وحاربها سعدون خليفه

لم يكن اهل العراق على معرفة بالاسم العلمي للمرض المعروف ب (الكوليرا او الهيضة) فقد اطلقوا على المرض الذي يصيب احدا منهم حين كان يصاب بالاسهال ثم يتقيء فيموت انه مات بمرض(ابو زوعه ).
وابو زوعه كان من الامراض الفتاكة مثل السل والطاعون والجدري والملاريا و التيفوئيد قد حصدت هذا الامراض اعدادا كبيرة من اهل العراق عبر التاريخ بسبب عدم توفر العلاجات وظروف المعيشة الصعبة وغيرها.
وكان هذا فصل الصيف من اكثر الفصول التي ينتشر فيها هذا المرض.... وبعد مدة قصيرة من دخول الانكليز بغداد في الحادي عشر من اذار عام 1917 كانت الكوليرا هي السبب المباشر لوفاة قائد الجيش الانكليزي الجنرال (مود) حينما شرب القهوة بالحليب غير المغلي الذي قدم له في الحفل الذي اقيم من قبل الطائفة اليهودية في مدرسة الاليناس في بغداد في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني فتوفي في الثامن عشر من الشهر نفسه من السنة ذاتها .
وظل هذا المرض يحصد سنويا اعدادا من العراقيين ولكنه كان يضعف امام الوعي الصحي وتوفير العلاجات وانتشار المراكز الصحية والمستشفيات .
ومن الدوائر الصحية التي كانت تلعب دورا كبيرا في مجال التوعية الصحية دائرة الرقابة الصحية حيث كانت تستثمر كل وسائل التثقيف والتوعية الصحية من صحف واذاعة وتلفزيون من اجل تعريف النااس باخطار الامراض الوبائية وكيفية تفاديها وارشادهم الى السبل الكفيلة لاتقاء هذا المرض.
وفي منتصف الستينات برزت شخصية نجحت في مهامها التوعوية والارشادية وتمثلت بالطلة الاسبوعية لبرنامج صحي قدمه لسنوات طويلة الدكتورسعدون خليفة التكريتي الذي كان صاحب وجه بشوش وتقديم جميل يصل الى المشاهد بسرعة.مثلما كان قد نجح وتميز الاستاذ مؤيد البدري في برنامجه (الرياضة في اسبوع) في نشر الثقافة الرياضية الحضاريه ونجح الاستاذ المرحوم كامل الدباغ في برنامجه الراقي (العلم للجميع )في اشاعة الثقافة والمعلومات العلمية.
والدكتور سعدون من مواليد عام 1930 عمل لمدة مدرسا في كلية الطب بجامعة بغداد استاذا لمادة الصحة العامة ودرس ايضا في كلية الصيدلة وعمل في المجال الاداري في وزارة الصحة ونجح بشكل باهر في المديرية العامة المعنية بالوقاية الصحية.
كان الدكتور سعدون يستعد لفصل الصيف قبل مدة حيث يسخر برنامجه للتوعية والتثقيف الصحي من مرض الكوليرا ويرشد الناس لكيفية اتقاء المرض وكيفية التعامل مع المصابين وكيفية التعاون مع فرق التلقيحات الخاصة التي كانت تتولاها فرق جواله والمراكز الصحية.
ولا ابالغ حين اقول ان لهذه الشخصية وبرنامجه الناجح كان لهما دورا كبيرا في ابعاد الناس من الاصابة بهذا المرض الخطير ومن ثم انحساره الى درجة تقترب من القضاء عليه بالكامل.
الا ان هذا المرض عاد للظهور في عام 2007 ثم ظهر في هذه الاشهر ليشكل عودة لمرض خطير، ولظهوره اسباب لسنا بصددها ....

مع اجمل الامنيات بالصحة والسلامة لجميع ابناء الطائفة والعراقيين عموما

 

نشرت في وجهة نظر
الثلاثاء, 29 أيلول/سبتمبر 2015 14:40

ادريس محمد جماع,شاعرٌ قتلهُ الحب

ادريس محمد جماع,شاعرٌ قتلهُ الحب.

ادريس محمد جماع علامه مميزه من علامات الشعر العربي ,في شعره احساس وعذوبه ورقي,لم يأتي هذا من فراغ فحياة شاعرنا كانت مليئة بالمتناقضات ومن هذه المتناقضات الحب والهجر وعدم الفوز بالحبيبه بعد ان رسم صورة مشرقة وحياة زاهية ورائعه واتفاق مع من يحب وبين لحزة واخرى انقلب كل شئ,وصدم شاعرنا صدمة كبرى اودت بحياته.ورغم ان شاعرنا مميز ومبدع ومكافح في كل مجالات حياته الثقافيه والاجتماعيه ورغم امتيازه بذكاء حاد الا انه كان يؤمن ايماناً كبيرى بشئ اسمه الحظ,وكان يعزي الفشل والنجاح الى هذا الشئ الذي اسماه الحظ.
ولد شاعرنا ادريس محمد جماع بحلفايه الملوك في السودان عام 1922 وكان والده شيخ للقبيله ويرجع اصل الشاعر الى ملوك الدوله في ذلك الزمان تربى وترعرع على الكرم والشجاعه والنخوه والشهامه والرجوله والقوه والحكم بالعدل وهذا كله قد اخذه من عائلته وابوه الذي كان شيخاً عادلاً,والدته هي ايضاً من بيت كريم في النسب وهي من السودان وتوفيت والدته وهو صغير السن والذي كان الابن الاكبر وله شقيقتان ,وبعد وفاة امه تزوج والده من امرأه اخرى انجبت بقية اخوته,منذ صغر سنه ظهر ولعه ونبوغه ومحبته للأدب والشعر العربي بصورة خاصه,انهى تعليمه الاساسي في مدرسه الحلفايه وكان من المتميزيين فيها ,تم اختياره من بين المتميزيين ومن قبل السلطه الانكليزيه الحاكمه لتكمله دراسته في معهد التربيه لكي يكون نواة مع الاخرين في بناء التعليم في السودان ,وفي اثناء دراسته اخذ ينظم الشعروالقاء القصائد في مناسبات عديده وبعد تخرجه عمل بالتدريس ,كان طيب القلب يحبه الجميع وكان طلابه يحبونه الى درجه لا توصف حتى انهم كل يوم يشاكسونه اثناء وجبة الفطور فيبادرونه بالسلام عليك استاذ فيرد عليه المسكي واضعاً يديه على صدره وعليكم السلام فيتسخ قميصه وهكذا يتكرر المشهد كل يوم.
احب شاعرنا وخاض تجربة حب وحيدة وفريدهمع احدى الجميلات الفاتنات وهي جارته من السودان فتبادلا الحب واتفقا على الزواج بعد اكمال دراسته الجامعيه في مصر وبالفعل انهى دراسته وحصل على اليسانس في الاداب وعاد الى السودان ليرى حبيبته وقد تزوجت من احد اقربائها,فصدم شاعرنا صدمة كبرى وكانت صدمة قاسيه وعنيفه عليه لم يستطع التخلص منها واصبح يمشي هائماً فنراه مرة يكلم نفسه واخرى يكلم العصافير واخرى تراه جالسا بقرب سكة القطار ويمشي دون ان يعير لأحد,حتى وصفوه البعض يالجنون.وهب شاعرنا كل حياته لحبيبته التي تخلت عنه وقد تكون قد اجبرت على ذلك لانها تعيش في بيئة قبلية وعشائرية تحرم شئ اسمه الحب ,اصيب شاعرنا بعلة وبمرض نفسي صعب علاجه ادى فيما بعد الى وفاته,ادريس محمد جماع شاعر قتله الحب كما قتل من قبله الكثير من الشعراء.واليكم ما قاله الشاعر عن الحظ وحظه العاثر واليائس.
إنَّ حظي كدقيقٍ ... فوقَ شـوكٍ نثروه
ثم قالوا لحفاةٍ ... يومَ ريحٍ إجمعوه
صَعُبَ الأمرُ عليهم ... قلتُ يا قوم اتركوه
إنّ مَنْ أشقاه ربي ... كيف أنتم تسعدوه

السويد

 

نشرت في وجهة نظر
الثلاثاء, 29 أيلول/سبتمبر 2015 14:37

وحي الألهام الشعري عند الجواهري

الشعرُ ليس نُزهةً عند صاحبه ، وهو لا يُصنعُ عنده صناعةً ، فهو مجبولُ عنده منذُ نطفته الأولى ، فينمو معه عندما يرى النورَ لأول وهلة وتتراقص امام عينيه فضاءاته الواسعة ، وتبدأ الفاظُ اللغة تتنافس امامه ليختارَ ما يشاءُ ، وقوالبُ الجملِ تبدأ تتزاحمُ مع بعضها ، وبمرور الزمنِ تنصقلُ الموهبةُ ، فتتهذبُ المعاني ، وتحلقُ رشيقةَ الجناحِ ، متراصفةً مع بعضها ، تطربكَ لسماعها ، وتنتشي لصورتها ، وتدهشكَ الصورةُ المرسمومةُ أمامكَ ، انها فقط قدرة الشاعر المتمكن في صياغة بيته الشعري وخصوصا في مطلعها .
وعندما نقولُ في مطلعِها انما المقصودُ هي تلك الجدحةُ التي يقتنصها الشاعرُ للبدء بقصيدته الشعريةِ ، أو ما يسمى بالهامه الذي يهبطُ عليه .
والجواهري رغم ما يمتلكه من مقدرةٍ بلاغيةٍ في الشعرِ صياغةً ، واللغةِ الفاظا ، وتمكنه من الذهابِ الى اللفظةِ أينما تذهبُ ، بل هي التي تاتي اليه طيّعةً منقادةً ، لكنْ يقفُ في أحيانٍ أخرى مشدوها لا يدري من أين يبدأ ! بل ويتيه وسطَ وزحمةَ الألفاظِ وكأنها تتطاير امام عينيه ، يحتارُ في امره ، من أين يبدأ !
هذا ما عاشهُ الجواهري في قصيدته (ذكرى أبي العلاء المعري) الذي أقامه المجمعُ العلميُ العربي بدمشق وقد نُشرتْ القصيدة في جريدة الراي العام في سنة 1944م .
دُعي الجواهريُ ممثلا للعراق في سنة 1944للمشاركةِ في المهرجان المذكور لذكرى ابي العلاء المعري في دمشق وفي معرة النعمان حيثُ ولادة المعري ومدفنه فيها ،وقد وصلتْ اليه الدعوة ، الا أنّ ظروفَ السلطةِ الملكيةِ آنَ ذاك ومحاربتها للقوى الوطنيةِ جعلتْ وصوله متأخرا الى معرة النعمان ، وقد انشغلَ ولم يستطعْ أن يكتبَ شيئا (قصيدةً جديدةً )بالمناسبة ، ووصلَ قبل المهرجان بليلة واحدةٍ .
الجواهريُ حريصٌ أنْ يكتبَ قصيدةً جديدةً خصوصا وأن طه حسين الكبير بأدبه وعلمه وعلو شأنه سيكونُ ضمنَ الحاضرينَ .
تزودَ الجواهري بما يحلو له من مشربٍ وتبغٍ وذهبَ الى غرفته في الفندق ينتظرُ الهامه الشعري ووحيه بالهبوطِ عليه ، وبين كاسٍ وآخر وسيكارة وأخرى تنقلَ الجواهري بين الغرفة وشرفتها ينتظرُ تلك الجدحةَ لينطلقَ منها .
بدأ الليلُ يجرّ أذياله وبدأتْ النجومُ تومئُ اليه بالذهاب وهو بعدُ ينتظر .
وهناك ومن بعيد رأى الجواهري عمالا يسيرُ الواحدُ بعد الآخر نهضوا للبدء باعمالهم وسمع بعضهم ينادي الآخر : أوكف ، قف ، انتظر .
جاءتْ كلمة (قفْ) الطائر السريع للجواهري ، جاء الهامه الشعري ، فامسكه وبنى مطلعه الأول :
قفْ بالمعرةِ وامسحْ خدّها التربا واستوحِ منْ طوقَ الدنيا بما وهبا

وهنا رقص الجواهري وانثالتْ عليه ابياته الأخرى تتصارعُ فيما بينها ، فجاء بعظيم الجملةِ ، وجزيلِ البلاغةِ ، وسمو المعاني وأفخمها :

واستوحِ منْ طببَ الدّنيا بحكمتهِ ومنْ على جُرحِها منْ روحهِ سكبا
وسائلِ الحُفرةَ المرموقَ جانُبها هل تبتغي مطمعاً أو ترتجي طَلبـــا
على الحصيرِ وكوزُ الماءِ يرفدهُ وذهنهُ ورفوفٌ تحمـــــــــــلُ الكُتبا
أقامَ بالضّجةِ الدّنيا واقعدَهــــــــا شيخٌ أطلّ عليها مشفقاً حَدِبـــــــــــا
وللكآبةِ ألــــــوانٌ وأفجعُهــــــــا أنْ تبصرَ آلفيلسوفَ آلحرَّ مكتئِبـــــا
لثورةِ الفكرِ تأريخٌ يحدثُنــــــــــا بأنّ ألفَ مسيحٍ دونَها صُلِبـــــــــــــا
وهنا نهضَ طه حسين مصفقاً للجواهري في بيته الأخير هذا ونهضَ الجميعُ في القاعةِ ( استقطعتُ هذه الأبيات من القصيدةِ الكاملة) ، نعم ان ثورة الفكرِ والتأريخ في جميع العصور تخبرنا بذلك ، فالكثيرون ممن أُعدم أو قُذفَ به من الجبل لأنه بقيَ على ايمانه بفكره العلمي وحيثُ خدمةُ الأنسانية فيما بعد .
هذا هو الهام الشاعر وكيف تتفقُ له موهبته الشعرية في ساعة تجلي مقدسةٍ ، تنتصبُ أمامه طيعةً لمرادِهِ .
تحيـــــــــــةً للجميع

نشرت في وجهة نظر

قضية تاريخية
مقدمة :
أرسل لي الصديق عادل بقال قبل أيام من ديترويت استفسار الأستاذ كمال يلدو الذي سألني بصدد " المشكلة " التي حدثت بين الإخوة الصابئة المندائيين وبين المؤرخ عبد الرزاق الحسني الذي تقوّل عليهم ما ليس بحقيقة ، واتهمهم في كتابه عنهم ، بما ليس له أي اصل أو ثوابت عندما اصدر كتابه عام 1931 ، وكان الكنزبرا الشيخ دخيل بن الشيخ عيدان بن الشيخ داموك الرئيس الروحاني لطائفة المندائيين في العراق وإيران1881 – 1964 .. ولقد طلب مني احد الأصدقاء المندائيين نشر مقالتي هذه للإفادة ، ولكي لا يأخذ البعض بما كتبه الحسني .
إن مشكلة بعض المؤرخين العراقيين ، كتاباتهم عن أطياف عراقية بلا حيادية ولا أمانة .. بل يبالغون في المدح أو الذم .. أو يسقطون معتقداتهم وأفكارهم ضد الآخرين بلا وجه حق ، أو يلصقون التهم بمن يخالفوهم في الرأي أو المعتقد.. وهذا كله نتيجة عوامل معقدة يحملها البعض من العراقيين ضد عراقيين آخرين ، أو ان البعض يقتحم ميدان كتابة التاريخ بلا أي منهج ولا أي مبادئ ولا أي حدود وضوابط .. ويطلق أحكاما قاسية لا يراعي فيها الحقائق ولا يتحرى فيها عن الصواب ! وأتمنى على المثقفين العراقيين جميعا ان لا يأخذوا ما كتبه البعض من معلومات وأحكام إلا بعد تدقيقها وفحص صوابها من خطئها .
لقد انتفض الشيخ دخيل وصحبه من المندائيين ، عندما قرأوا ادعاءات السيد الحسني عنهم وعن ديانتهم ، وأصابهم الحزن ، واعتبروا ذلك طعنا في ديانتهم العريقة .
والحقيقة ، ان الحسني قد اضطلع بجمع الأحداث وتسجيل الوقائع ، وسرد المعلومات التي وقعت في يديه عندما كان يعمل كاتبا في مجلس الوزراء ، فاستفاد من وظيفته ليجمع معلوماته عن الوزارات وجمع كتابا عن تاريخ العراق السياسي الحديث ، وجمع سردا للصحف والمجلات وكتب عن اليزيدية والمندائية وغيرهم .
تحليل طبيعة " المشكلة "
دعوني أحلل طبيعة " المشكلة " التي وقعت بينه وبين المندائيين وعلى رأسهم الشيخ دخيل ، إذ صرخ بوجه الحسني باسم المندائيين معارضا الحسني وأضرابه في ما يخص الشأن الديني، إذ تقدم لمقاضاة الحسني بسبب الادعاءات التي وردت في كتابه "الصابئون في ماضيهم وحاضرهم". في يوم (11 كانون الثاني/ يناير 1931)، وقف الشيخ دخيل أمام هيئة المحكمة في بغداد ليقرأ في كتاب "الكنزا ربا" باللغة المندائية القديمة (الآرامية الشرقية ) ووقف الأب العلامة أنستاس ماري الكرملي مترجما النصوص إلى العربية، فاقتنع القضاة العراقيون بأن المندائيين ليسوا عبدة أجرام وكواكب ونجوم وشهب .. بل انهم من الموحدين الذين يعبدون الحي الأزلي ، ولقد قرأ الشيخ دخيل مجموعة من " بوثات " (= آيات) من الكتاب الأول، وهي سلسلة تسابيح في التوحيد الإلهي . لقد تمّ ذلك بإشادة من القضاة ، وخصوصا من حاكم محكمة الجزاء الأولى شهاب الدين الكيلاني ، وبتعاطف كبير من قبل متصرف بغداد أمين خالص مع قضية المندائيين . وجاء في النص : " لقد تأكد لدى اللجنة القضائية ان الصابئة المندائيين دين موحد وليسوا عبدة كواكب ونجوم كما ذكر الحسني في كتابه ، وان الأب الكرملي ذكر بأن المؤرخ الحسني بنى نظريات واستنتاجات شخصية غير مدروسة .. لذا كسبت الطائفة القضية ، والمحكمة دانت الحسني لعدم رجوعه إلى أصحاب الشأن واستشارة رجال الدين الصابئة في ما ذهب إليه من معلومات غير صحيحة وغير دقيقة " .
ولما ووجه الحسني بالحقائق ، قام بالاعتذار العلني من الشيخ دخيل عن الخطأ الذي ارتكبه ، إذ بعث برسالة اعتذار بتاريخ 16/3/1932 وطلب من الشيخ دخيل ان يتوقف عن تهويل الأمور وان يتوقف عن الضجة التي ساقته للمحاكم وتكون العاقبة غير حسنة ، ووعده بأنه لن يعيد نشر الكتاب إلا بعد الركون إلى تصويبات الشيخ دخيل والعمل بها ، لكنه لم يفِ بعهده الذي قطعه أمام الناس وأمام القضاة ، إذ نكث بذلك ، وقام بطبع كتابه عدة طبعات، خافيا الحقيقة عما جرى ، وبعد أربعين سنة على تلك " المشكلة " التي أدين فيها ، نشر إبان السبعينيات في مجلة "التراث الشعبي" مقالاً بعنوان "إذا مات الصبي"، ناشرا بأن ما سمعه لما يدور شعبيا بين العامة حول الصابئة المندائيين، أنهم يخنقون المحتضر ( كذا ) ، فأساء ثانية للمندائيين ، والصحيح انهم يُلبسون المحتضر منهم " الرستة " وهي الثياب الدينية ، لتطهير بدنه قبل الوفاة. وكان على السيد الحسني ان يسأل عن صدقية الرواية ويكذبها ، وكان عليه ألا يخوض في معتقدات المواطنين المندائيين.. اذ تعتقد أية ملة بأن ما يشاع ضدها هو القتل بعينه!
ويتساءل البعض : إذا كان المندائيون يقتلون أو يخنقون المحتضر ، فكيف لا يتعرضون للعقوبة الجنائية؟ وكيف أشاع السيد الحسني هذا الادعاء الباطل؟
وعندما اعتذر الحسني في الظاهر للمندائيين ، فإنه راح يكتب في الباطن ويعمل ضدهم بعد انفضاض المحكمة ، إذ نشر في مجلة "الهلال" المصرية (أيار / مايو 1932) يقول : "فتلقينا من ضجيج الصابئة وإنكارهم ما جرَّنا إلى المرافعات ومحاكمات طال أمدها، ولكنها انتهت بفشل المدعين لعدم وجود مأخذ على ما كتبنا ونشرنا". وهذا تدليس والتفاف على الحقيقة ، وتنصّل عن الاعتذار الذي قدّمه وإيغال في العداء ضد المندائيين من عراقي اعترف بخطئه أمام الناس ، ثم تراجع ليدعي غير الحقيقة !
لم يكتف الحسني بذلك ، بل بقي يغالي في خصامه ضد المندائيين ، إذ قام بعد أكثر من عشرين عاماً من تاريخ تلك " المقاضاة " ، فكتب رسالته إلى الشيخ دخيل مداهنا ، يقول فيها : "إكراما لخاطركم وحباً بدوام حسن العلاقة بيني وبينكم لاسيما بعد أن اتضح بأني لا أريد إلا خدمة التاريخ وتحري الحقيقة " (20 تشرين الأول/ أكتوبر 1957). وكانت وزارة المعارف، في عهد الوزير خليل كنة قد ردت طلب الحسني، الذي عرض فيه شراء (205) نسخ من كتابه عن المندائيين ، وجاء الرد رافضا ذلك : "ذلك لعدم الإفادة منه في مؤسساتنا الثقافية"، لكن بقي الحسني يلح في طلبه ويتوسل ويتوسط لدى الآخرين حتى نفذته الوزارة على عهد الوزير الأستاذ منير القاضي .
وينكر السيد عبد الرزاق الحسني بأن تكون الطائفة قد كسبت القضية المرفوعة ضده ، ويشير ذلك في كتابه المصحح ( الصابئون قديما وحاضرا ) طبعة عام 1957 صفحة 6 في ( كلمة المؤلف ) ، يقول : كنا قد طبعنا رسالتنا ( الصابئة قديما وحديثا ) في القاهرة عام 1931 ، أعقبناها برسالة مطولة نشرناها في الهلال أيار 1932 ، فتلقينا من ضجيج الصابئة وإنكارهم ما جرنا إلى مرافعات ومحاكمات طال أمدها . ولكنها انتهت بفشل المدعين ، لعدم وجود مأخذ على ما كتبنا ونشرنا ... لكنه يعترف بنفس الوقت بأنه لم يحصل على المعلومات من الطائفة . لذا يتأكد لنا بأن كتابه ( الصابئة قديما وحديثا ) ظهر بحقائق غير دقيقة وافتراءات ، مما أثار حفيظة طائفة الصابئة ... فيقول في صفحة 5 من نفس الكتاب ؛" قوم من أصحاب الديانات القديمة غلب عليهم الحياء والكتمان فكان ذلك مدعاة لاختلاف العلماء والمؤرخين في حقيقة أمرهم .ويقول أيضا ؛ وقد أتى على هذا السر عهود لم يهتك له فيها ستر ، ولم يستشف احد ما وراءه ، والناس واقفون فيه عند حد التكهن والظن ، يتطلعون إلى مكنون أمرهم بلهفة شديدة ، ويحاولون استكشاف حقيقة ديانتهم برغبة ملحة ، فإن القوم يوشكوا ان ينقرضوا من سفر الوجود ، ولا يبقى لهم إلا الذكر الخالد ، وهم يكتمون ديانتهم كل الكتمان ويضنون بأسرارها حتى عن أهلها واتباعها . ومما يزيد الأمر إشكالا والبحث تعقيدا .. ان الصابئيين منزوون عن غيرهم من الطوائف كل الانزواء ، سواء كان ذلك من ناحية شعائرهم الدينية التي يقيمونها ، أم من ناحية اللغة التي يتخاطبون بها".(انتهى النص ).
هنا أسأل : بأي وجه حق يتدخل الحسني في الشأن المندائي ؟ لكل طائفة صغرى في مجتمع صعب تقاليدها في حفظ اسرارها واتباع تقاليدها .. ولا شأن للاخرين في امورها ، ما دامت تلك الاقليات الصغيرة لا تؤذي احدا ، ولا تخالف الاغلبيات ولم تقف حجر عثرة امام القانون ، بل ولا تعترض على سلوك الاخرين وطقوسهم ومعتقداتهم !!
وأخيراً
إن السيد عبد الرزاق الحسني قد أساء ليس للمندائيين وحدهم ، بل أساء إلى جماعات مجتمعية عراقية أخرى ، وإلى تواريخ وسير شخصيات عراقية نظيفة ، واتهمهم اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة .. وكان مواليا لكل الأنظمة السياسية ، وبعد رحيل أي نظام سياسي ، كان يبدأ التنكيل برجاله .. والكل يذكرون عندما كرّمه لطيف نصيّف جاسم وزير الإعلام على عهد النظام السابق ، خرج الحسني قائلا بنفسه على شاشات التلفزيون: من قلة الخيل ، شدّوا على الكلاب سروج !

نشرت في جريدة المدى البغدادية ، 18 يناير / كانون الثاني 2015
http://www.almadapaper.net/ar/ViewPrintedIssue.aspx?PageID=13032&IssueID=1656
ويعاد نشرها على موقع الدكتور سيار الجميل
www.sayyaraljamil.com

نشرت في وجهة نظر
الجمعة, 27 آذار/مارس 2015 11:13

الذاكرة والنسيان .. ملاحظات وأفكار ج1

القاعدة العامة تقول أن غالبية البشر يصيبهم مرض النسيان ، اذا اعتبرناه مرض ، او سلوك ناتج عن نوعين من الأسباب : ربما يكون الأول بيولوجي ( وراثي ) ، والثاني حياتي ( ضغوط ومشاكل الحياة المستمرة ) .
هكذا يمكن القول أن من حق بعض البشر يزهو ويفتخر بقوة ونشاط ذاكرته وعدم صمود النسيان أمام تلك الذاكرة .
فالكثير الكثير من البشر وهم صغارا ثم يصبحون كبارا ولا يفرقهم النسيان ، وحتى تخونهم الذاكرة ! فالكثيرون يتذكرون أيام المدرسة وما كانت تخلو حقائبهم إما من قلم او مبراة او ممسحة او مسطرة او حتى الدفتر المعين او الكتاب ، لا بل نسيان الواجب وتحضيره ، ولعل تلك المشاكل والإحراجات تترك أثرها خاصة في أيام الاختبارات التحريرية الشهرية او الفصلية او العامة !!
وَمَنْ الكبار لم ينسى محفظته يوما ما .. مفاتيحه .. الهاتف بعض من أكياس الشراء والتسوق .. بعض المواعيد ، والأدهى من ذلك أن بعض الآباء قد ينسى أسماء بعضٌ من أطفاله الكثرة عندما يكون مهموم بشغله الطويل وحياته الشاقّة ! وكم رأينا وسمعنا وقرأنا عن بعض من الأمهات والآباء قد فقدوا أطفالهم أو عرضوهم للضرر والأذى بسبب النسيان وغياب الذاكرة عنهم !؟
فهناك امور تحتمل وتعالج فيما بعد او يستطيع الانسان تعويضها كالمال والحاجيات والمواعيد والزيارات ، لكن يموت طفل رضيع في سيارة أبيه لأنه نسيه وهو في عجلة من أمره داخل السيارة المركونة في القبو لعدة ساعات ولم يذهب به الى دار حضانته ، ثم يعود بعد ان تعود اليه الذاكرة فيجد ذلك الرضيع المسكين وقد فارق الحياة !!!
قصص وحكايات لا يكاد فرد انسان يخلو منها ضمن مسيرة حياته .
ومن المواقف الطريفة ( وهذا ما حصل فعلاً !؟ ) كان ذلك في أحد أيام الصيف عندما أفتح في حينها الباب الخارجي للبيت واهم بالخروج الى الشارع وإذا أجد نفسي بدون قميص مع كامل ما ارتديت من ملابس!
فالنسيان هذا ومهما أطلقنا عليه من صفات مرضية او سلوكية لا إرادية
قد يتمنى لا بل ويطلبه بقوة ، البعض من الناس ويعتبره نعمة من الله ولولاه لمرض أكثر وتعذب لما لحق من حياته ! في ذات الوقت كثيراً ما جلب النسيان الكوارث والمنغصات الى درجة الكفر به !!
ولا بد من القول أن النسيان غالباً ما ينسجم مع الصبر والتحمل خاصة عند الآلام والمصائب والكوارث .
ومن الجدير بالذكر القول ان جميع البشر على اختلافهم من حيث الأعمار او الطبيعة او الجنس او الثقافة والعلو او من النواحي الاجتماعية ، هم عرضة للنسيان ، لكن بالتأكيد هناك تباين واختلاف أيضاً ، في درجة النسيان والذاكرة فيما بينهم .
فلا غرابة اذا انضم مرض النسيان الى قائمة الأمراض العصرية الأخرى ، والمبتلى فيها الإنسان ، كالسكر والضغط والاكتئاب والقلق وحتى الجلطات المختلفة .
لكن ما هو النسيان ؟
يقال عن النسيان : عدم تذكر الشيء ( أياً كان ) سواء في اللحظة أو بعد زمن معين .
أما العلم فيقول : عدم قدرة الإنسان على تذكر أو استرجاع أو استحضار معلومة أو مهارة أو خبرة سابقة ، قد عاشها أو مرَّ بها أو تعامل معها .
حيث لا غرابة البتة من هذا السلوك الشائع بين مختلف أنواع البشر وخاصة ونحن في هذا الزمان العجيب والغريب والمليء بالمتناقضات .
لقد أزاحت الدراسات والأبحاث الحديثة الستار عن الكثير من الخفايا العلمية التي كانت حتى وقت قريب من الامور الغامضة والمبهمة بالأخص حينما تتناول هذه الدراسات موضوع مهم كالذاكرة ومشاكل وأسباب النسيان تتعلق بقدرات الانسان الادراكية وأسباب تنشيط أو ضعف الذاكرة أو حتى فقدانها !
اعتبره البعض أن ( النسيان ) مرض بيولوجي له علاقة كبيرة بقدرة الانسان الدماغية ، كما ان الحالة السيكولوجية والوراثية ذات الصلة بهذا الجانب ، حيث ان مركز نشاط الذاكرة ، قوتها او ضعفها ، هو الجهاز العصبي وتحديداً الخلايا العصبية .
ولطالما ان البشر ليسوا متساوون بأدمغتهم فقد كشفت الدراسات ان هناك تفاوت ملحوظ من شخص لآخر حتى لو كانا بنفس العمر او الجنس او حتى العمل .
يتبع رجاءً
دمتم بخير

لوند / السويد

نشرت في وجهة نظر
الأربعاء, 18 آذار/مارس 2015 14:00

شعـــــواط .. شــــعووووواط معسَّـــل*

المرحومة زهور حسين غنـّت أغنيتها الشهيرة:
(أخاف أحچـي و عليّ الناس يگلون)...
أشهر مضت وطائرات التحالف الدولي (تدّكُ دَكّــــاً) مواقع الأرهابيين الداعشيين ومن لفّ لفهم، ولا مـن أيّ تقدّم يُذكر و يلوح أمام الجميع يدل على قرب إندحار هذه العصابات المجرمة ! داعش التي إنبثقت فجأة و التي عبثت قتلاً و سبياً و إغتصاباً و حرقاً و ذبحاً و تدميرا، بعد تواطئ مفضوح في الداخل، هذه المنظمة الأرهابية (السوبرمانية الخارقة) تتمدد و تتوسع و تهدد بلدان أخرى .. و التحالف الدولي هو الآخر يتوسع و يتمدد ..!
بعض من أحداث التأريخ القريب ..
(( يوغسلافيا الدولة القوية و بغض النظر عن الدوافع، قد تم تفكيكها و تجزأتها الى دويلات صغيرة و خلال فترة قصيرة لأن تحالفاً دولياً آنـــذاك أراد ذلك حقاً و .. مع سبق الأصرار)) !
(( قوات صدام و بعض قطعات الجيش العراقي التي غزت و إحتلت دولة الكويت عام 1990 في مغامرة جنونية رعناء بعد عامين على الأنتهاء من الحرب مع إيران، أخرجوها بأيام معدودات و دحروها في مجازر بشعة في الصحراء الجنوبية للعراق، دفع فيها مئات الآلاف من الجنود العراقيين الشباب أرواحهم هباءً لأن التحالف الدولي آنذاك أراد ذلك و مع سبق الأصرار)).
(( الأنتفاضة الشعبية العفوية التي إندلعت في آذار عام 1990 بعد هزائم الجيش العراقي في حرب تحرير الكويت، و التي جاءت كردة فعل، أدّت الى سقوط 15 خمسة عشرَ محافظة عراقية ولم تبقَ سوى بغداد و ضواحيها تحت سلطة النظام آنذاك، تم الأجهاض على تلك الهبـّة الشعبية سريعاً عندما توقفت القوات الأمريكية الزاحفة نحو بغداد على مقربة منها بقيادة ( نورمان شوارزكوف) و مُنح نظام صدام الضوء الأخضر و تم رفع الحصار عن قواته المحاصرة من قبل قوات التحالف ليُخمد الأنتفاضة تلك، بالدم و النار و البطش و التهجير و في ذات الوقت لكي يبقى صدام في سدة الحكم لكي ينفذوا و ينفذ هو و سلطته لاحقاً حصاراً على الشعب العراقي لا زالت بقاياه لليـــوم كما في البطاقة التموينية البائسة و السائدة للآن )) !
و يستمر المسلسل .. و لم ينتــهِ :
(( في نيسان 2003 و بتحالف دولي أيضاً واسع، أسقطوا سلطة النظام الحاكم و دمروا و حلوا الجيش العراقي و ألقوا القبض على صدام نفسه و نال مصيره تحت علمهم لأنهم أرادوا ذلك و مع .. سبق الأصرار)) !
** المرحومة زهور حسين غنت أغنيتها الشهيرة:
(أخاف أحچـي و عليّ الناس يگلون)
(خل يگولون .. )
رغم الأنفلونـــزا اللعينة التي أفقدتني حاسة الشم، لكني أشــمُّ رائحـــــة شـــعواط .. و لكن هذه المرّة شــعوووواط معسـّــل و على نفس طريقة (سسـتم النارگيلة) !

نشرت في وجهة نظر
الأربعاء, 18 آذار/مارس 2015 13:37

ا لـمــقـــامـــه الــبــغـــداديـــه



تعريف المقامات
YYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYYY

المَقامات فن قصصي في الأدب العربي أنشأه بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع الهجري. والمقامة لغةً تعني المجلس، ثم تطوّرت دلالتها لاحقًا فأصبحت تعني الحديث الذي يُلقى على الناس، إما بغرض النصح والإرشاد وإمّا بغرض الثقافة العامة أو التّسوّل. حيث يقوم الإطار الفني للمقامة على شخصيتين رئيسيتين مختلفتين هما: شخصية الراوي وشخصية البطل. فالراوي ـ الذي ينتمي إلى طبقة اجتماعية متوسطة هو الذي يمهّد ـ غالبًا ـ لظهور البطل، يتابعه حيثما حل، وهو في كل هذا يُحْسِن طريقة تقديم البطل الذي يكون عادة شخصية ساخرة فصيحة ذكية بليغة تنتمي إلى طبقة اجتماعية متدنية، ولديه قدرة عجيبة على التّنكّر، فهو يجيد لبس الأقنعة، فتارةً نراه ناسكًا واعظًا وتارة اخرى فقيهًا وهكذا. وهو في كل هذه الأحوال يعتمد على الفصاحة والذكاء والحيلة والخداع لنيل هدفه ممن ينخدعون بمظهره. كما انها تعتمد في اسلوبها على السجع والمحسنات البديعية واللفظية بانواعها المختلفة. وبالرغم من أن التّسوّل من أهم موضوعات المقامة، إلا أنه ليس الموضوع الرئيسي لها وظلت مقامات بديع الزمان الهمذاني الاثنتان والخمسون نموذجًا يتبعه كتّاب المقامات الذين جاءوا من بعده. وأول هؤلاء وأشهرهم الحريري الذي كتب مقاماته المشهورة واعترف بريادة بديع الزمان لهذا الفن.

المقامة البغدادية

حَدَّثَنَا عِيَسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذَ، وَلَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ، فَخَرْجْتُ أَنْتَهِزُ مَحَالَّهُ حَتَّى أَحَلَّنِي الكَرْخَ، فَإِذَا أَنَا بِسَوادِيٍّ يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمِارَهُ، وَيَطَرِّفُ بِالعَقْدِ إِزَارَهُ، فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ، فَقَالَ السَّوادِيُّ: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَلَكِنِّي أَبْو عُبَيْدٍ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ الشَّيطَانَ، وَأَبْعَدَ النِّسْيانَ، أَنْسَانِيكَ طُولُ العَهْدِ، وَاتْصَالُ البُعْدِ، فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ ؟ أَشَابٌ كَعَهْدي، أَمْ شَابَ بَعْدِي؟ فَقَالَ: َقدْ نَبَتَ الرَّبِيعُ عَلَى دِمْنَتِهِ، وَأَرْجُو أَنْ يُصَيِّرَهُ اللهُ إِلَى جَنَّتِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلاَ حَوْلَ ولاَ قُوةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيم، وَمَدَدْتُ يَدَ البِدَارِ، إِلي الصِدَارِ، أُرِيدُ تَمْزِيقَهُ، فَقَبَضَ السَّوادِيُّ عَلى خَصْرِي بِجِمُعْهِ، وَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهَ لا مَزَّقْتَهُ، فَقُلْتُ: هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً، وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ، فَاسْتَفَزَّتْهُ حُمَةُ القَرَمِ، وَعَطَفَتْهُ عَاطِفُةُ اللَّقَمِ، وَطَمِعَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ، ثُمَّ أَتَيْنَا شَوَّاءً يَتَقَاطَرُ شِوَاؤُهُ عَرَقاً، وَتَتَسَايَلُ جُوذَابَاتُهُ مَرَقاً، فَقُلْتُ: افْرِزْ لأَبِي زَيْدٍ مِنْ هَذا الشِّواءِ، ثُمَّ زِنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الحَلْواءِ، واخْتَرْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الأَطْباقِ، وانْضِدْ عَلَيْهَا أَوْرَاقَ الرُّقَاقِ، وَرُشَّ عَلَيْهِ شَيْئَاً مِنْ مَاءِ السُّمَّاقِ، لِيأَكُلَهُ أَبُو زَيْدٍ هَنيَّاً، فَأنْخّى الشَّواءُ بِسَاطُورِهِ، عَلَى زُبْدَةِ تَنُّورِهِ، فَجَعَلها كَالكَحْلِ سَحْقاً، وَكَالطِّحْنِ دَقْا، ثُمَّ جَلسَ وَجَلَسْتُ، ولا يَئِسَ وَلا يَئِسْتُ، حَتَّى اسْتَوفَيْنَا، وَقُلْتُ لِصَاحِبِ الحَلْوَى: زِنْ لأَبي زَيْدٍ مِنَ اللُّوزِينج رِطْلَيْنِ فَهْوَ أَجْرَى فِي الحُلْوقِ، وَأَمْضَى فِي العُرُوقِ، وَلْيَكُنْ لَيْلَّي العُمْرِ، يَوْمِيَّ النَّشْرِ، رَقِيقَ القِشْرِ، كَثِيفِ الحَشْو، لُؤْلُؤِيَّ الدُّهْنِ، كَوْكَبيَّ اللَّوْنِ، يَذُوبُ كَالصَّمْغِ، قَبْلَ المَضْغِ، لِيَأْكُلَهُ أَبَو َزيْدٍ هَنِيَّاً، قَالَ: فَوَزَنَهُ ثُمَّ قَعَدَ وَقَعدْتُ، وَجَرَّدَ وَجَرَّدْتُ، حَتىَّ اسْتَوْفَيْنَاهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَا زَيْدٍ مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ، لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَّةَ، وَيَفْثأَ هذِهِ اللُّقَمَ الحَارَّةَ، اجْلِسْ يَا أَبَا َزيْدٍ حَتَّى نأْتِيكَ بِسَقَّاءٍ، يَأْتِيكَ بِشَرْبةِ ماءٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَرَاهُ ولاَ يَرَانِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ، فَلَمَّا أَبْطَأتُ عَلَيْهِ قَامَ السَّوادِيُّ إِلَى حِمَارِهِ، فَاعْتَلَقَ الشَّوَّاءُ بِإِزَارِهِ، وَقَالَ: أَيْنَ ثَمَنُ ما أَكَلْتَ؟ فَقَالَ: أَبُو زَيْدٍ: أَكَلْتُهُ ضَيْفَاً، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً، وَثَنَّى عَلَيْهِ بِلَطْمَةٍ، ثُمَّ قَالَ الشَّوَّاءُ: هَاكَ، وَمَتَى دَعَوْنَاكَ؟ زِنْ يَا أَخَا القِحَةِ عِشْرِينَ، فَجَعَلَ السَّوَادِيُّ يَبْكِي وَيَحُلُّ عُقَدَهُ بِأَسْنَانِهِ وَيَقُولُ: كَمْ قُلْتُ لِذَاكَ القُرَيْدِ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَهْوَ يَقُولُ: أَنْتَ أَبُو زَيْدٍ، فَأَنْشَدْتُ:
أَعْمِلْ لِرِزْقِكَ كُلَّ آلـهْ *** لاَ تَقْعُدَنَّ بِكُلِّ حَـالَـهْ
وَانْهَضْ بِكُلِّ عَظِـيَمةٍ *** فَالمَرْءُ يَعْجِزُ لاَ مَحَالَهْ

نشرت في وجهة نظر
الأربعاء, 18 آذار/مارس 2015 13:33

(المقال الأخير)

عندما تسكب الماء في قربه وتجدها فجأه بانها مثقوبه فعليك ان تتوقف وتعيد حساباتك حتى لاينتهك عرضك المغرضون و لايتهمك الاخرين بالجنون,ان الحوادث التي يدونها التاريخ يقوم بصنعها الابطال ويؤيدها الشجعان ويطبقها الشرفاء ولكن يستهزء بها الجبناء ,لايمكن ان تكتب للعميان او ان تتحدث للطرشان او تحاور الخرسان,وان اجتمع الثلاث في واقعه فاقرا على التاريخ السلام,هذه حال الشعوب وهذه حقيقه الحياه وهناك شواهد ومقالات امتلأت حتى فاضت بها الكتب ,ان الذي يكتب القصيده او يرسم لوحه او يكتب القصه فانه يعبر عن وجدانه واحاسيسه وشعوره الخاص ,ربما يكون لها هدف عام وربما خاص وهنا تكمن معرفه الشي والجدل به فيما اذا كانت القصيده تعبير عن وجدان الفقراء ام هي مناجاه لمشاعر السلاطين .ان هذا الشعور يتاثر بالواقع والمحيط و لاياتي من لاشي وانما هو تراكم ثقافي وافرازات طبيعيه وتعبير عن حاجات عاطفيه ,اما الكتابات التي يتداولها كتاب القضيه او كتاب المرحله(لكل مرحله من مراحل التاريخ ابطال و كتاب و مواقف وافعال وشواهد) لتشخيص افه او حاله سلبيه او التحذير من عواقب مستقبليه او القتال من اجل القضيه (لااقصد قتال الحروب واستعمال السيوف), ان الجدل الايجابي هو اساس التطور الحضاري وذلك لصحه الهدف والحرص على بناء اساس مادي للمستقبل.اما الجدل السلبي او الاسلوب النقدي الغير هادف فانه يضع الجدل في محور دائري ولاينتهي الا وياخذ اعمارنا معه,ان لكل انسان او مجموعه هدف اني وهدف مرحلي وليس نهائي(لاتوجد نهايه للاشياء او المواقف) للوصول الى الهدف الاني او الذي يليه ,لذايجب ان يتم وضع الخطط او الاسلوب ومن ثم ايجاد الادوات الضروريه لتحقيقه, ومثال على ذلك هو عند التصميم على بلوغ الهدف الاكاديمي والحصول على الشهاده العلميه فعليك ان تخطط وترسم الهدف وتثابر وتطلب الادوات من مال الى مصادر وغيرها لتحقيق الطموح ويساندك الاهل والاقرباء ,هناك احد المعارف والقصه منقول بان احدهم كان يذهب الى المدرسه ولكنه لايدخلها حيث يقضي الوقت في احد الحدائق القريبه وبعد انتهاء الدوام يحمل خفيه راجعا الى اهله وعند باب الدار تستقبله امه وهي فرحانه (عفيه ابني السبع ) ,
كل منا يستطيع ان يتكلم ويكتب وينتقد ويدعي بانه يحمل مفاتيح الحل وان المستقبل مرهون به وهو ليس حقيقه لان الهدف العام لايكتمل اد السلبيات وكل الظواهر التي لاتخدم الهدف العام ونقدها بكل قوه وصراحه وشجاعه هي الاساليب الاوليه في معالجه الازمات .

نشرت في وجهة نظر

مسابقة المقالة

كمن ينتظرُ موسمَ الحصادِ في حقـلٍ لا زرعَ فيه - فاروق عبد الجبار - 8.6%
مكانة المرأة في الديانة المندائية- إلهام زكي خابط - 3.3%
الدلالة الرمزية في قصص ( امراة على ضفاف المتوسط ) للقاص نعيم عيَال نصَار - عزيز عربي ساجت - 0%
رجال الدين المندائيين بين الاعداد التقليدي والتحديات المعاصرة - الدكتور كارم ورد عنبر - 85.3%
الإباحية في الفن الروائي والقصصي - هيثم نافل والي - 2.5%

Total votes: 360
The voting for this poll has ended on: تموز/يوليو 15, 2014