طباعة هذه الصفحة
الأحد, 12 كانون2/يناير 2014

كونشرتو البيانو رقم 2 في فا الكبير لشوستاكوفيتش

  ثائر صالح

أجمل الأعمال الموسيقية في القرن العشرين:
كونشرتو البيانو رقم 2 في فا الكبير لشوستاكوفيتش

نعى الكثيرون الموسيقى "الكلاسيكية" في القرن العشرين، فهي لم تعد تشبه ما اعتدنا عليه لغاية نهاية العصر المسمى الرومانتيكي (امتد حتى بدايات القرن العشرين). فقد بدأ الموسيقيون بتحطيم التقاليد الموسيقية العريقة التي تبلورت خلال قرون، ودعوا إلى التحرر منها، وبرز في هذا المسعى النمساويون آرنولد شونبرغ وآلبان برغ وآنتون فيبرن الذين قرروا تحطيم المراكز النغمية (الاعتماد على السلالم في التأليف الموسيقي)، ففتحوا الباب أمام إعادة اكتشاف الموسيقى في العصر الحديث، بما يواكب التقدم العلمي والتقني الهائل، ويتلائم مع تعمق الصراع السياسي والاقتصادي وتعاظم التأثير المريع للحروب والأزمات الانسانية التي يشهدها كوكبنا منذ الحرب العالمية الاولى.
ومع ذلك، استمرت جذوة الروح الرومانتيكية في التأليف الموسيقي حية على يد عدد كبير من الموسيقيين، أحد أبرزهم دمتري شوستاكوفيتش 1906-1975 الذي كتب عدداً من أجمل الأعمال الموسيقية في القرن العشرين، منها كونشرتو البيانو رقم 2 في فا الكبير (عمل رقم 102) الذي ألفه سنة 1957. أكثر ما أعجبني فيه الحركة الثانية البطيئة أداجيو التي أعتبرها قمة في التأليف الموسيقي. تبدأ الأوركسترا بلحن جميل وحزين وحميم (في سلم دو الصغير) وبإيقاع ثلاثي (نفس أيقاع موسيقى الفالس الراقص!)، لكن بعد انتهاء الاوركسترا من مقدمتها الحزينة يدخل البيانو بسلم دو الكبير ودون أي تمهيد نغمي (دون تحويل MODULATION من قبل الاوركسترا) بلحن غنائي رقيق وبسيط أكثر جمالاً، ليواسي حزن مقدمة الاوركسترا ويمسحه تماماً، قبل أن تعود هذه الحركة إلى الأجواء الحزينة التي بدأت بها. هذه الحركة مليئة بعاطفة ومشاعر يندر العثور عليها في الكثير من الأعمال الاخرى. في هذا لا أبخس من قيمة الحركتين الاولى والثالثة الغنيتين بالألحان المبتكرة والإيقاعات النادرة والمشاعر العميقة.
×××××××××××××××××
شوستاكوفيتش يعزف على البيانو كونشرتو رقم 2 في فا الكبير في تسجيل تأريخي يعود إلى سنة 1958. الحركة الأولى
http://www.youtube.com/watch?v=lTSr2oz15Xk
الحركة الثانية
http://www.youtube.com/watch?v=MHpmHhi1Rxk
الحركة الثالثة
http://www.youtube.com/watch?v=9JkOaTYvd5w

إلى اللقاء الاسبوع المقبل