• Default
  • Title
  • Date
الأربعاء, 18 شباط/فبراير 2015

تشايكوفسكي يودّع

  ثائر صالح

توفي الموسيقار الروسي الأشهر بيوتر ايليتش تشايكوفسكي في 10 تشرين الثاني 1893، بعد اسبوع أو اسبوعين من تقديمه آخر عمل جبار له، وهو السيمفونية السادسة في سلم سي الصغير، التي أسماها بالسيمفونية العاطفية. وقد قاد الاوركسترا بنفسه في سانكت بيترسبرغ في أواخر تشرين الأول. عندما سأله الموسيقار نيكولاي ريمسكي – كورساكوف صاحب متتابعة شهرزاد الشهيرة، هل هذه السيمفونية التي أكملها صيف 1893 هي موسيقى برنامجية، أي أنها تمثل حدثا معينا ولها سيناريو، أجاب تشايكوفسكي بنعم، لكنه لم يفصح عن طبيعة الحدث أو تفاصيله.
لا يعرف سبب وفاة تشايكوفكسي بالضبط، وهناك افتراضات كثيرة أهمها مرض الكوليرا والتسمم بالزرنيخ وظهرت كذلك فرضيات تتحدث عن الانتحار، أو فرض الانتحار عليه من قبل القيصر أو محكمة سرية. فهل كان يقصد قرب موته في حديثه ريمسكي – كورساكوف؟
العمل بحد ذاته يميل إلى الحزن والدراما، ويرى الكثيرون أن تشايكوفسكي وقت كتابتها كان في حالة كآبة عميقة. تتميز موسيقاها بالانشداد، وقد استعمل فيها ايقاعات غير مستعملة من قبل، مثلاً في الحركة الثانية التي تتميز كذلك ألحانها الجميلة المتدفقة بانسيابية وعاطفة ملموسة. تتميز الحركة الثالثة باستعمال النحاسيات بشكل مؤثر مما دفع المستمعين في العرض الأول إلى التصفيق بحرارة بعد وصول الموسيقى الذروة، والتصفيق خلال الأعمال الاوركسترالية أمرغير معتاد في قاعات الموسيقى كما هو معروف، والعادة المتبعة هي التصفيق بعد الانتهاء من العمل (هنا بعد الحركة الرابعة). لكن عاطفة تشايكوفسكي لم تنته هنا. فقد جاءت الحركة الرابعة البطيئة من جديد بالمزيد من العواطف. والحركة الرابعة في شكل السيمفونية تكون سريعة عادة، مع ذلك استعمل هايدن "مخترع" السيمفونية الكلاسيكية حركة رابعة بطيئة في سيمفونية الوداع رقم 45 كتعبير عن احتجاج الموسيقيين لطول غيابهم عن عوائلهم، كذلك استعمل برامز السرعة البطيئة في آخر حركة من سيمفونيته الثالثة. لكن هذين المثالين استثناء يثبت القاعدة، لأن الحس بالاكتمال الجمالي في شكل السيمفونية يتطلب الختام بحركة سريعة عبر الوصول إلى التوازن في السرعة، فحركات السيمفونية الكلاسيكية الأربع هي: سريعة – بطيئة – حركة راقصة معتدلة السرعة – سريعة. أما تشايكوفسكي فقد خلق توازناً قلقاً في هذه السيمفونية: الحركة الأولى بطيئة ثم سريعة بدون افراط، الحركة الثانية سريعة بأناقة، الحركة الثالثة سريعة بحيوية كبيرة، الحركة الرابعة بطيئة رثائية.

فاليري غرغييف يقود فرقة مسرح مارينسكي (مع النص الموسيقي)
https://www.youtube.com/watch?v=8VswsTffasc

 

إلى اللقاء السبت القادم
ثائر صالح

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد