• Default
  • Title
  • Date
الأحد, 23 آب/أغسطس 2020

مراسلات موتسارت

  بقلم. ثائر صالح

 

كان فولفغانغ اماديوس موتسارت كاتب رسائل خصباً مثلما هو مؤلف خصب، والمراسلات التي يبلغ عددها قرابة 1400 رسالة بينه وبين أفراد عائلته وأصدقائه مصدر ثمين للبحث، فهي تساعد على توضيح ظروف تأليف الكثير من الأعمال المهمة لأنها تتطرق الى الحلول الفنية. فهي تسلط الضوء على التسلسل الزمني للمؤلفات وتزودنا بتفاصيل هامة تتعلق بسرعة الأداء ونوع الزخارف (التحلية الموسيقية) فيها، وحجم الفرق عند تقديمها. في نفس الوقت تشكل هذه الرسائل مصدراً مهماً لدراسة أدق تفاصيل سيرة حياة موتسارت. مع ذلك يجب التحيط عند دراسة آرائه الفنية في رسائله الى أبيه، فقد لا تعكس قناعته الحقيقية خوفاً من سطوة الأب.

هناك العديد من التفاصيل المثيرة في المراسلات بسبب لغتها واستعمال اللغات الأخرى (اللاتينية والفرنسية في أكثر الأحوال) وطابعها الساخر اللاذع وتضمينها الكثير من التوريات التي لا تخلو من البذاءة بحسب عرف اليوم، لكنها شائعة في بافاريا والنمسا في القرن الثامن عشر. نلمس تفاؤله الشديد حتى في أحلك الظروف، كذلك معرفته بقيمته وعبقريته رغم صعوبة حياته وقلة موارده، إذ فشل في الحصول على وظيفة تؤمن له ولعائلته حياة مستقرة رغم محاولاته المتواصلة. بعض الرسائل التي أرسلها الى أصدقاءه ليقترض منهم مبلغاً من المال تعبر عن الحالة هذه. ونعرف أنه قد مات مديوناً للكثير ممن كانوا حوله رغم احتفاء أوروبا كلها به.

راسل موتسارت أباه وعائلته كلما ابتعد عنه في سفرة "عمل" أو جولة موسيقية. كان الأبن والأب يتبادلان الرسائل اسبوعياً على الأغلب، وأحياناً أكثر من رسالة في الأسبوع. لكن اثارت انتباهي رسالتان مؤرخة في 3 تموز 1778، وهو يوم وفاة امه أثناء وجودهما في باريس أملاً في الحصول على وظيفة هناك. في الرسالة الأولى يخبر موتسارت أباه بمرض امه الشديد، وبرر عدم رده على رسالة الأب تاريخ 11 حزيران بمرضها. ويخبره في الجزء الثاني من الرسالة عن تقديمه سيمفونية [هي السيمفونية رقم 31 الباريسية، العرض العام الأول في 18 حزيران]، وعدم رضاه عن التدريبات وتخوفه من فشلها، ثم يذكر نجاح العرض الأول واعجاب الجمهور بالسيمفونية ويصف التصفيق الحار الذي أثارته السيمفونية. في ختام الرسالة يبلغه بوفاة فولتير، ويصفه بالملحد الشرير، ربما لإرضاء والده. وقت كتابة الرسالة غير معلوم، لكن من المحتمل أن يكون بعد وفاة امه في الساعة العاشرة والثلث ليلاً بسبب الرسالة الثانية المكتوبة بنفس التاريخ والتي كتبها في الثانية صباحاً بعد وفاة امه وقد أرسلها إلى صديق له يطلب منه تبليغ أبيه واخته بالخبر المؤسف.
(المراسلات منشورة على الانترنت في أماكن عديدة، بينها موقع مشروع غوتنبرغ الأوروبي)

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد