شرفات الفجر تتفتح.. ترانيم الصباح تنتشر على ارض عذراء الوشاح توقظ الاسماع الغارقة في الوسن.. تذوب الرؤيا في متاهة الحلم الراقص.. الصدى النائي ينثال في رفق.. تهاويم النسيمات تناغي الشجون المفتونة بألق الغبش المفضض.. الناس على الشاطئ ارهقها السكون الطويل .. يرسلون عيونهم يمنة ويسرة فتعود بالبشرى وحمامة مزينة المنقار بالآس والزيتون.. والدرفش تألق في غبش الفجر الخاشع..
حالما اشرق الضوء من الارض البيضاء
ارسفان الشاب نصب الدرفش
الذي نشر الضوء العظيم
فاستنار الأثريون والمساكن (1)
الجرف صورة تفوح بالبهاء.. مزخرفة بالعشب الأخضر.. وبدت الشمس في غلائل الضحى تعانق جباه المعمدين فتتصافق وريقات الآس فرحة بنشوى نور عابر.. الصلوات تجدد البحث عن منابع الحياة الحية والسندباد المندائي بدأ ينشر اشرعه كي يبحر الى موانئ تضيء بالتذكار.. والى نجوم ترقص على غوارب الجداول الكونية عند قدوم التعميد.. استيقظ النغم بين الشفاه والعيون، طوق خصرا فصفق له بياض الرستة..
على ضفة اليردنا العظيم
للحياة الأولى
ثابتة ومنتصبة الكرمة السماوية
كل يوم وكل وقت
صلاتي وتسبيحي تصعد قدامها(2)
وبدت ارض التعميد ببهائها الأبيض الممزوج بسمرة مياه دجلة.. جزيرة مسحورة الشفق، واكتسى الشاطئ بشعاع جاء ليبوح بسر الشمس.. انها الشطآن الخالدة ذكريات النوارس المهاجرة على وجه الزبد.. تحيطه ظلال هشة متبتلة بزهر يتوهج ممدود اللظى.
الأثريون واليرادن
بضوئك يرفلون
وبعطرك يبتهج الأثريون
من البداية حتى النهاية(3)
على وجوه البجع المندائي يبدو الاطمئنان.. حكمة الروح حين تسترد العافية والتصوف المشع.. الأفئدة تحمل موجة الغد المخزون في ذاكرة القدر..شعاع العيون يغدو مناجاة طيف جميل..شمس الصباح تكبر فتمتد على كل فج وتراتيل الشيوخ تزلزل أعماق الصمت فوق النهر..
المعرفة نادتني
وقومني الأثريون
البسوني الضوء
وكسوني النور
وإكليل هزيان
وضعوه على رأسي
انا ولهذه الانفس
التي نزلت
اليردنا واصطبغت
غصن الاكليل ينير
ورائحة زكية لا يذبل ولا يجف
ولا تتساقط منه الأوراق (4)
عاداتهم عميقة الجذور، نرجسة عذراء تقدس الضفاف تحدت عصور الانهيار، وافلتت من قوافل الاندحار لتزهر شجرة تتباهى بشذى أريجها.. الأمواج تضرب رمل الشاطئ وهي تغسل اقدام البجع المندائي وتتناغم صلاة الامواج مع صلاة المندائيين.
لقد نشأنا على عقيدة النور
وتقومنا بعقيدة الحي
وفاتح الحياة
من بيت الحي
جاءتنا الالفة
وجاء الينا
مندادهيي
بضوئه النفيس
وبنوره الذي انير
في عقولنا(5)
ارديتهم البيض تضغط على أجسادهم انهم يتباهون ويتفاخرون تمتد موائد الصدقات والنذور مع ترتيلة الشيخ تنقلها ريح خضيبة الى فضاءات لا محدودة.
فكل من يهب الصدفة
ويشارك في اللوفاني
أول بأول
تستكمل ملابسه
وستنيره المنابع الى يوم الخلاص (6)
الكنزفرا والترميذي يلتقون همسات اليردنا محاولين ان يروا الغد.. ظلال الغرب تندق هشة مبتلة.. تتمايل رؤوس السعف المهتز. في توتر الخشوع تحضن شاطئا ما يزال بتولا ونهرا يجدي الحوارا.. سأعيد صدى ذلك اللحن في دروب الرنين ممرا.. أرفرف نورسا فوق الشواطئ لأعيد صدى لحن الاندرونا في شرفات الاصائل.
الافق الصافي للوجوه سيكون وطني من جديد ساثمل بخمرة ينابيع المعرفة
رفع العيون وإعلاء موجات المحيا
الى الموطن الذي كله أبواب للضوء
وللنور والوقار
وللعز والكمال والاطراء والجلال
وللدار الذي كلها منابع (7)
الهوامش:
من 1-7 من كتاب النياني (الصلوات والترانيم المندائية)