قالت الناسْ :
تحركت المرايا وقالت لأصحابِها ما أرادت أن تقولَه لهم منذ أمدٍ بعيدْ
قالت لهم أن وجوهَهم كالحةْ
وأن أفعالَهم ممجوجةٌ ومالحةْ
وأن تجارتَهم خاسرةٌ ولم تعُدْ رابحةْ
تحركت المرايا ويا لها من مرايا
تكشفُ الزيف
وتضع على حروف الأمل نقاطَه الضائعة
أيتها الحقيقة الرائعةْ
متبوعة لا تابعةْ
تعالي نحتفل بسيادة المطلق وسقوط المستورْ
تعالي نغتسلُ سويةً بشلال النورْ
وبهاء الزهورْ
ونقاء الفراشات
وتغريد الطيورْ
ونقيق الضفادع البريئة وهي ترى وجوهها على صفحة الماء المنيرة
الماء الماء الماء
يا وجه الحياة الذي لا يعرف النفاق والرياءْ
قل للأعمى كفاك جلوساً أمام المرايا المزيّفة
تحركت المرايا
وأجزلت العطاءَ والهدايا
وقالت للأعمى :كفاك جلوسا أمام محرابٍ مصنوعٍ من قشور الكذب وريش طائرالخرافةْ
رافق الشاهد الذي علّمك السحر والعرافة
غادر إلى شجرة الجوز الرابضة في طرف الغابةْ
وتحسسها بيديك وقدّر عمرها المديدْ
إنها مصنوعة من خشب الحياة وليس من أنقاض الحديدْ
وركام الأفكار المنبوذة
إنظر الى البعيدْ
وتنفس وأنت هناك أريج الطبيعة وتتبع مسارات الهواء المنعشة
وإرجم نفسك ولو مرة واحدة
وإرحم نفسك ولو مرة واحدة
إرجم نفسك بحجر الحقيقة الصلد المبارك الذي لا يكذب ولا يماري
تحركت المرايا
مرايا الماءِ المقدّس الذي لا يعرف الغشَّ ولا الخداعْ
وقالت لكل مقنّعٍ أنك عارٍ حتى من إسمك ناهيك عن رسمكْ
أنت علرٍ حتى النخاعْ
لقد غادرك الطوفان حاملاً كل ملابِسك الملونة المزركشة
وكانساً معه كل المهرجين والممثلين من الدرجة العاشرة
والأهم من كل ذلك أقنعتهم التي لم تعد تجديهم نفعا
فكل الكراسي تقف الآن على رجلٍ واحدةٍ في وضعٍ مريبْ
وكرسي العرش لم يعد حولَه أيُّ حبيبْ
تنعق حوله الغربان وتقرأ له الشياطين آيات التفاؤل التي غربت عنها الشموسْ
بينما أسراب الحمام تغطي ساحات المجد وخبايا النفوسْ
ها قد بدأت الطقوسْ
فشجرة التوت سقطت كلُّ أوراقِها دفعةً واحدةْ
وإنتصرت الحقيقة الخالدة
إن لها وجهاً واحداً مهما تعددت المرايا وتكاثرت الخيالات المسعورة
إنها الأصل والفصل
إنها واحدة
مخلوقةٌ من سنابل الحقلْ
ومن حصى الغدران الصافية
ومن ينابيع الإحساسْ
قالت الناسْ

أوكلاند
1 كانون الأول ديسمبر 2015