الصابئة المندائيون في الفقه والتأريخ ألاسلاميٌين

المشاهدات: 11558
تقييم المستخدم: / 17
ضعيفممتاز 

قراءة

كُتب بواسطة موسى الخميسي

يلاحظ القارىء المتتبع ان زاوية البحث في المكتبة العربية تكاد تكون خا الية من موضوع مثل كتاب (الصابئة المندائيون في الفقه والتأريخ ألاسلاميٌين) الذي كتبه الدكتور رشيد الخيون. فالمؤلفات التي كتبت في اصول الموضوع المندائي( على قلتها) لا تخرج عن نطاق الترجمة. وبدأت حركة التأليف في موضوع الفكر الديني المندائي عقب التحولات التي جرت اخيرا في العراق، ومارافق ذلك من نشاط في حقول اعلامية متعددة.

الا ان هذه الدراسات، بحكم عدم تخصص اصحابها، اتجهت نحو الترجمة بقوة، وتركت الحديث لعدد من الاقلام المندائية وغير المندائية يتناوله الكثيرون باقلامهم مستعينون بما اغترفوه من فيض فكري وفلسفي كبير.

ومضت القافلة في هذا السبيل، مبطئة متعثرة، والدراسات النقدية في الديانات الانسانية الاخرى من حولها تسير سيرا حثيثا نحو التعمق والتخصص، حتى غدا الباحث في الدين المندائي كالحائر لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى.

وعندما قدم الدكتور رشيد الخيون كتابه ليضعه بين ايدينا، ارتأينا في اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر ضرورة طباعته للقارىء المندائي والعراقي والعربي ليكون مشروعا ثقافيا صغيرا ضد التعصب الذي يحد من مسارات الانفتاح والتعدد والتنوع داخل وحدة نسيج مجتمعنا العراقي.

فالمؤلف لايكتفي بعرض ديانتنا السماوية من وجهة نظر الدين الاسلامي الحنيف ، بل حرص كل الحرص على ان اظهار مبدأ الحوار الديني ذي البعد التحرري، على ضوء قراءة التاريخ والوقائع، بمنهجية فكرية مقتدرة . وبهذا وللمرة الاولى، يتيح للقارىء والدارس مراجعة الثقافة والفكر والفلسفة المندائية، من خلال المصادر الاسلامية.

الدكتور رشيد الخيون وهو يسعى لتأسيس ابجدية جديدة في حوار الثقافات الدينية العراقية، يأتي عمله الفكري هذا كدعوة للعودة الى التفكير بعدم تجاهل الاخر، والابتعاد عن الاختراعات المشوّه للدين المندائي وثقافته الاصيلة، حيث قدم صورة معرفية مضيئة ، تبعد التشوهات والغموض، وتخلق علاقة وجود مشترك ، وليكون هذا الكتاب ، همزة الوصل بين سر وغموض وانطواء ثقافتنا الدينية المندائية العريقة، وبين القارىء العراقي والعربي .

الدكتور رشيد الخيون من المثقفين العراقيين السباقين في فتح الآفاق المعرفية على ثقافتنا المندائية العريقة ، فقد حمل في معظم كتاباته على صفحات الجرائد والمواقع العراقية والعربية ، دعواته الصريحة والصادقة الى معاينة كنوزنا الطقسية والتراثية والفلسفية والفكرية، وما تعاقب عليها من الم وأمل ، الى معاينة المشيئة التي تحتسب وجودنا العراقي ، فغذى حبره واقع أبناء الماء والنور المستتر، فكانت إخبارنا تتنامى الى الجميع بعد عقود طويلة من الزمن الغابر عن المسالك المعهودة للثقافة العربية وغير العربية التي أغلقت علينا أبوابها بأوامر من الفاشيات والظلاميات المحلية والعربية، حتى انعدمت أية إيماءة الى ثقافتنا المندائية، كأنها جنس صائر الى انقراض في قطاعه التاريخي العريق بين مستهلكي الورق المقروء وهو أمر مفهوم، على أية حال في السياق الذي كان متناميا للاستهانة بأدب وثقافة وفكر الأقليات العراقية التي حكم عليها ان تظل أسيرة الثقافة والفكر العربي المطلق.

ونحن اذ نقدم هذا الكتاب، نرجوا ان يكون مفتاحا علميا ييسر للجميع الخروج من باب الغموض الذي ساد قرونا طويلة، وان يخلق حوارا يعتمد المعرفة التي يوفرها الكاتب، في فهم مالذي تريده الديانة المندائية .


أضف تعليق


كود امني
تحديث

كتب جديدة