السبت, 21 حزيران/يونيو 2014

دفاعا عن المثقف … دفاعا عن الوطن

  موسى الخميسي

ربما كنا نحلم قليلا، نحلم حين نتحدث عن سلطة ما للمثقف في مجموعتنا المندائية، او عن الدور الذي يمكن له ان يلعبه في طائفته. بالتاكيد لسنا في عصر اميل زولا حيث امكنه وحده ان يقف في مواجهة السلطة، ليؤلب الرأي العام ضدها. نعرف جميعا ان تلك الحادثة التي دافع فيها عن " درايفوس"( الضابط الفرنسي الذي اتهم بالخيانة) كانت بداية ما عرف باسم مصطلح " المثقف".
مضى زمن طويل على ذلك، وبالتاكيد لم ننجح لغاية اليوم ان نفرض شروط هذه الكلمة في تجمعاتنا وبلداننا، التي لاتفعل في الواقع شيئا الا تهميش كل ما هو ثقافي حتى ليبدو" هذا المثقف" كانه اشبه بمزحة، او جزءا من ديكور خلفي لخشبة مسرح، لن تؤثر في شروط العرض، بل هي فقط من " تحصيل الحاصل". بمعنى انها لو غابت لبقى العرض على حاله، اذ ان الادوار موزعة على الممثلين الذين يلعبون تحت اضاءة خفيفة. من هنا لامعنى لمشاهدة هذا العمق الذي يظهر امام المتفرجين.
وبالرغم من ذلك، مازلنا نحلم بان المثقف يستطيع شيئا حيال امر ما، وربما لان اللاوعي هذا يريد ان يفسح له مجالا لان يلعب دوره في حراك المجتمع والجماعة التي يعيش فيها، بيد ان المشكلة الاساسية هي هذا التضاد الذي يجده المثقف من السياسي ورجل الدين والانسان المنغلق الذي يريد ان ينفيه عنوة ليمنعه من ان يدخل بصوته العالي مساحات الاختناق التي نعيشها في كل مكان.
من هنا ثمة سؤال بديهي لابد من طرح نفسه: من هو المثقف فعلا؟ سؤال قد تتنوع الاجوبة عنه، الا اننا نقول ومن خلال منابرنا الثقافية التي اطلقت عليها في وقت سابق تسمية" واحة الديمقراطية" هو الذي يتحدث ويكتب عن اشياء عامة تهم النسبة الغالبة من الجماعة. وان مهمة هذا المثقف وما يفعله في ظل الشروط الضاغطة والمهيمنة، هو ان يكون صوته عاليا لانه ضميرنا جميعا. اننا الان، امام خيارات شديدة الاختلاف مثلما هي حاسمة اذ تتعلق بهويتنا ووجودنا كعراقيين اولا، وكاقليات دينية واثنية لازالت مضطهدة. على هذا المثقف سواء كان مسلما او مسيحيا او مندائيا او يزيديا، او من ابناء الشبك ، ان يعمل على توعية مواطنيه، على مبادىء الديمقراطية البديهية، على روحية القانون والمنطق العادل في عمل المؤسسات الرسمية والشعبية، عليه ان يصارع من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان، كما ضد التسلط وعقلية السلوكيات التآمرية التي ورثناها جميعا من اساليب تربوية فاشية ميزت النظام البائد، فالمثقف لاي فئة حزبية او فكرية انتمى عليه ان يكون مستقل بمعرفته وتوجهاته النبيلة وذا حس نقدي محايد ومسالم، وان يبتعد عن خنادق الاخرين ومعسكرات حروبهم وان يكون حرا، يستطيع ان يترجم موقفه وقناعاته بحس نقدي يجعل له دور رئيسي ومباشر على خشبة مسرح الحياة.
نحن في سكرتارية اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر ، نقف بحزم ضد تهميش وتغييب اي مثقف عراقي، فهم بوصلتنا باتجاه الديمقراطية وحقوق الانسان واكتساب المعرفة، فكما نحترم باجلال رجال ديننا المتنورين ، فاننا نحترم وباجلال كبير من يتحدث عن العلمانية التي تشكل مدخلا ديمقراطيا للنهوض بالوطن الجريح، بعيدا عن مشكلات التعصب الاعمى التي تحيط بوجودنا الانساني.
علينا تبصير ناسنا بجوهر الكارثة التي يتعرض لها عراقنا الحبيب، الرامية الى تفتيت وحدته وامتهان كرامته. فالمثقف عليه ان يربأ بنفسه عن الخطاب الديماغوجي ، وهذا يتطلب ان يكون هناك ايمان حقيقي بخلق الفعاليات الثقافية واتجاهها بتسويق معاناة الناس ومحنتها، كما يجدر بنا الارتقاء بخلق الاثر الثقافي الذي يجعل الجريمة التي تتسلط على الوطن في سياقها المدان، فنحن الان امام لحظة مفصلية في تاريخ بلادنا.

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016