الأحد, 04 كانون1/ديسمبر 2016

ثقافة البطة العرجاء

  بقلم / رئيس التحرير عزيز عربي ساجت

عندما نبحث عن مدخل الى عالم الثقافة ، علينا ان نعرف مفهوم الثقافة وبعبارة ادق ماهّية الثقافة :" تعبرُ الثّقافة عموماً عن الخصائص الحضاريّة والفكريّة التي تتميّز بها أمّة ما ، وإنّ الثقافةَ نموٌ معرفيٌّ تراكميّ على المدى الطّويل" . اما التعريف الإصطلاحي للثقافة : "هي وسيلةٌ تعملُ على الجمعِ بين الأفراد عن طريق مجموعةٍ من العوامل السياسيّة، والاجتماعيّة، والفكريّة، والمعرفيّة، وغيرها من العوامل الأخرى"(إقتباس) مفهوم عام .
وخصائص الثقافة تكمن بالوسائل او الأنشطة الثقافية المتنوعة ، التي تعمل على ازدهارها ، فإن وسائل عرض وتطوير الثقافة تتم عن طريق المسارح والمهرجانات والندوات والبرامج الثقافية والفنية المتنوعة ومنها معرض الكتاب ومعارض الفنون التشكيلية واصدارات الكتب المطبوعة والترويج لها ، مع طريقة وكيفية توصيل تلك الرسائل الثقافية والفنية من خلال قناة مركزية الى شريحة كبيرة من المجتمع .
ان الإعلام شيء والثقافة شيء آخر ، رغم كونهما وجهان لحالة واحدة . إن الداعم والساند للثقافة هو الاعلام باعتباره وسيلة متقدمة يعمل على تحقيق الانتشار للثقافة ، نقوي الإعلام لغرض إسناد ودعم الثقافة ، فعندما نبتعد قليلاً عن السياسة نصل نسبيا الى مضمون الثقافة الرشيدة ، وعندما نروم الابتعاد عن الاطر السياسية التقليدية نصل الى الوضع الصائب الذي نبتغيه ونريده بلم شمل المثقفين في خانة واحدة هي خانة احتواء الثقافة ودرء الصدع دون إملاءات خارج اطارها العام مهما كان مصدرها وتوجهها ، وهذا لا يعني اننا نبتعد عن السياسة بمفهومها العام ، بل الابتعاد عن السياسة التي تغذي التناحر وتزيد الفُرقة وتضعف النشاط الثقافي والفني ، باتباع أساليب شيطانية ملتوية لغرض توصيل تلك الرسائل بصورة مغايرة تماماً لواقع الثقافة .
لذا تستحق الثقافة الراشدة ، ان نروج لها بالشكل الأمثل والأصح وليس بالشكل المشوه والمعكوس . ولا للذي يسير دراساته وبحوثه نحو اهداف مبيته واهية ، او تأطير العمل الثقافي بالشخصنة ، بل العمل ان يكون جماعياً رتيباً ، على ان لا نمحي ميزة التفاضل لكل عمل ناجح ومثمر .
لا يمكننا ان نعطل عجلة الثقافة فهي خسارة كبيرة لتاريخنا وتراثنا ومصيرنا . وهي سياق تربوي ثقافي عالمي وليست هناك سطوة بل هناك تحفظ لاي حالة ضارة . لان الثقافة هي التي تجمع وتوحد رغم الاختلاف والتنوع ، نستطيع من خلالها ان نصل الى الآخر ، وان نوصل رسائلنا الفكرية بقوة واقتدار لكل الناس .
لان حرية وديمقراطية الكلمة ليست بالتنظير ولا بالشعارات البراقة بل في الفعل ، في سد الثغرات وملأ الفراغات الحاصلة ، كي تتحق العدالة والمساواة ، واعتماد الاسس الكفيلة بمد الجسور وتمتين خيوط العلاقة الناجعة بين أصحاب الرأي والرأي الآخر.
مع الأسف الشديد نمر اليوم بمرحلة خلافات مفاهيم لواقعنا الحالي وعدم ادراكنا للنتائج الوخيمة المترتبة عليه ، لاننا ننتقل رويداً من شعوبية الخطأ الى واقعية النتيجة الفاشلة ، فيصبح وضعنا الحالي كوضع البطة العرجاء ، حسب نظرية المعرفة ، لا نمتلك الاختصاص بالرد ولا بتعبئة الراي العام ولا بناصية المباهلة والتحدي الرتيب ، تجتاحنا اليوم فوضى عارمة ، نحتاج الى مساحة اكبر من الثقافة الحرة ، كي لا نتحول تدريجيا دون الشعور الى عسكرة الكلمة .
ان العالم يتقدم .. وكل ما حولنا . فلماذا نعود الى الوراء او نبطىء حركتنا الى الامام . بالاعتماد على قدراتنا الثقافية والفنية مهما كانت ميولهم وتوجهاتهم ، لان الكلمة الحرة معيار حقيقي لكل ثقافة غامرة بالخير والثناء والتقدير . نحتاج في ذات الوقت الى مساحة اكبر من التنوع الثقافي والابداعي ، كي نضمن فسحة سانحة لحرية الكلمة الناطقة بالحقائق الغائبة وليس المشوه وترجمتها بالشكل السليم الى ترجمة فعلية سديدة ناصحة ، ومن اجل ايجاد ارضية صالحة للتواصل الاجتماعي والحضاري ، لان الثقافة هي معيار تحضر وتقدم الشعوب ، والمُعبر عنها بالريشة والحركة والكلمة .
دمتم بخير

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016