الأربعاء, 02 تشرين1/أكتوير 2013

المهمة الجديدة للاعلام المندائي

  موسى الخميسي

نحن نعرف بان الاعلام ضرورة حيوية في مسيرتنا المندائية وتقدمها وحريتها، والتعامل مع ضرورة هذه الحقيقة واقعيا يبدو امرا يتسم بالسهولة للوهلة الاولى.الا ان حجب المعلومات الصحيحة من اي انسان او تقديمها اليه مشوهة او محشوة بالدعاية والزيف، فان من شأن ذلك تدمير تفكير هذا الانسان والنزول به الى ما دون مستوى الانسان. ومثل هذا القول يبدو منطقيا وواقعيا، فهو يطرح اخطر حقيقة يتوجه اليها الاعلام عموما، وهي الطاقة الفكرية لدى الانسان. فعندما نعطي اي انسان معلومات صحيحة، ثم نتركه وشأنه، سيظل معرضا للخطأ في رأيه لبعض الوقت، ولكن فرصة الصواب سوف تظل في يده الى الابد. فالاعلام المشوّه المبتعد عن حقائق وجودنا، يظل خطرا على جهاز التفكير لدى الانسان، وهذه حقيقة ملموسة في تأثير الاعلام على ذهن الانسان من ناحية الاهمية الاجتماعية. غير ان هذه الميكانيكية في الرؤيا الفكرية تقدم وجها واحدا من موضوعة متعددة الوجوه والعلاقات حول دور الاعلام في تقديم ما هو حقيقي وواقعي ومنطقي، يغني المعرفة.

في المقابل يحق لنا طرح السؤال التالي:

كيف اذن يمكن مواجهة تشويه او تزييف او نقص المعلومات او حشوها، ولماذا يحدث ذلك؟

والجواب سيكون على النحو التالي: في عصرنا الراهن، وفي ظروف واقعنا المندائي المشتت، مامن احد لايقرأ او لم يحس بان ما نحتاجه هو التغيير، فقد بات ضروريا ولم تعد عمليات تجميع وتراكم الوقائع في ميدان الاعلام كافية ولا الانتباه الشديد الى الاشياء والوقائع اليومية وعكسها اخباريا بكاف.

كما ان التشويه المتعمد من قبل البعض من اخوتنا المندائيين في المعلومات وتأجيج العواطف الانشائية بالتشهير بعدائية هذا وذاك، اصبح للاسف نظام معمول به عند بعض الاطراف، امتلك نزعة قدرية،عند البعض من اخوتنا ،وجرنا ويجرنا الى مخاطر على افكار الانسان المندائي. ان اثارة العطف والرحمة، والاستنفار العاطفي المجرد لم تعد كافية في عصر تتبلور فيه المتغيرات والمستجدات، فنحن شهود على وحدة البناء المندائي الجديد. ولهذا فقد اختار اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر، ان يصطف موضوعيا مع الفعل والخبر الصادق، الذي هو مجموعة منظمة وفق مبادىء مبسطة لما يسمى بمبدأ الاسئلة الاساسية التي ينبغي ان تجيب عليها الكلمة والفعل. يبني الكلمة والفعل منطقيا وواقعيا، تحكمه ميكانيكية العلاقات الداخلية للوقائع في حياتنا المندائية اينما كانت، فالخبر، الكلمة، والفعل الذي يعتمده هذا التنظيم المدني الحقوقي المندائي، هو انعكاس ايديولوجي في رؤية نزيه لاتحمل اية مزايدة للوقائع وعلاقاتها المتبادلة والتغيرات والتحولات الجارية عليها. ولهذا فهو يصوغ الفعل من منظور فهم الواقع وعلاقتنا به، واستخدام هذه الوقائع بما يخدم الجهة القائمة بذلك.

لكن، كيف يمكن اذن اكتشاف التشويه او الكذب في تقديم المعلومات التي تطرح من بعض الافراد الذين ينتمون الى ملتّنا المندائية؟ هنا يصبح الاعلام الذي نبنيه برصانة وهدوء، تعبيرا جديدا، صورة لعلاقاتنا الاجتماعية في تناقضاتها وحركتها، وانعكاسا لجوهرها الانساني، صيانة وتنمية للنشاطات التطبيقية للانسان المندائي من اجل انعتاقه من مخلفات الماضي الذي تسلل الى فكره وممارساته وحتى بعض من شعائر طقوسه الدينية الاصيلة، من اجل حريته وازدهاره.

نحن شهود على مرحلة صراعات اجتماعية عاصفة تجري في قاع تجمعاتنا المندائية، حيث سطح الاحداث، هنا وهناك لا يزال يبدو (راكدا) وتصبح مهمتنا استثنائية في توضيح الكثير من الحقائق الموضوعية للتعاون. ولكن مع من؟ وحول ماذا؟ وضد من؟ وكيف؟

ومن هنا نشعر بان لنا دور اخلاقي يتطلب الواقعية، يبني نفسه على الصدق وعدم التشويه. فالحرية الحقيقية ومثلها الاعلامي، تصبح ممكنة فقط من خلال معرفة وتشخيص وامتلاك الآلية الاجتماعية لتفهم التناقضات الاجتماعية لوقائع واحداث ما نعيشه من مخاضات في الوقت الراهن، وتبني نفسها من خلال الابتعاد عن ظاهرة التأسي ومحاولات النسيان، بل بتحقيق ارادة السعي الى وضع الزمن في المكان الذي يخضع فيه للمساءلة والمراجعة، فكل الطرق سالكة امامنا كمثقفين لتجسيد صورة الاعلام الناجح القادر على التأثير الايجابي في طبيعة مشاعر الناس في داخل الطائفة وخارجها، قادر على خلق التأثير القوي لمشهد لايزال غاصا بمشاهد مأساة التشتت والتفتت لهذه المجموعة البشرية المناهضة للقتل والعنف والاضطهاد والكراهية.

الاعلامي مثله مثل السياسي وكذلك الفنان والمثقف، يصبح الانسان سيد العالم، ما فوق حكم القدر، ليس مغلوبا على امره او ضحية، نريده حامل للمعرفة، داعما للعزيمة الجماعية، مشحون بالعاطفة الانسانية النبيلة وبروح التفاؤل. ان روح التفاؤل الخلاقة هذه تكشف لنا يوما بعد يوم، ان قضية تزييف المعلومات تبقى موقفا اخلاقيا، هي الاخرى، ونحن في هذا البناء الطوعي الحقوقي المدني( اتحاد الجمعيات المندائية) نؤمن بما قاله الكاتب المسرحي الكبير برتولت بريخت" القديم والجديد لايقسمان الناس ببساطة الى مجموعتين، الى اناس ذوي عقول قديمة واناس ذوي عقول جديدة، بل ان القديم والجديد هذا يتصارعان في كل انسان" ومن الطبيعي ان يلقي هذا التناقض الدائم والابدي ظله بالضبط على الاعلاميين وعلى متلقي الاعلام معا.

اين تقضل انعقاد مؤتمر الأتحاد القادم

اوربا - 51.9%
كندا او امريكا - 14.8%
استراليا - 18.5%
العراق - 14.8%

Total votes: 27
The voting for this poll has ended on: أيلول/سبتمبر 27, 2016