• Default
  • Title
  • Date
السبت, 18 نيسان/أبريل 2015

بيتهوفن وفنتازيا الكورال

  ثائر صالح

 

ألف بيتهوفن سنة 1808 في عجالة عملاً يجمع البيانو (المنفرد في البداية) والأوركسترا والكورس، ليقدمه في حفل ضخم قدم فيه عدداً من أهم أعماله مثل السيمفونيتين الخامسة (القدر) والسادسة (الريفية) وكونشرتو البيانو الرابعة للمرة الأولى. وقد أراد اختتام هذا الحفل الذي اقيم في فيينا في 22 كانون الأول 1808 بعمل يشكل توليفة غير معتادة، ففنتازيا الكورال ليس كونشرتو للبيانو ولا سيمفونية ولا عملا كورالي بحت، بل مزيج من كل هذه الأشكال في استذكار لأهم الأعمال التي قدمت في هذه الامسية التاريخية التي ترددت فيها كذلك أجزاء من قداسه في دو الصغير. نلمس في هذا العمل قرابة شديدة بسيمفونيته التاسعة، فاللحن الرئيسي يذكرنا بلحن الحركة الأخيرة من تلك السيمفونية ونشيد الفرح، كذلك في استعمال الأصوات المنفردة مع الكورس، واستعمال تتابع هارموني مشابه في جزء الكورال (في الجزء الأخير من الختام). بهذا يمكن اعتبار هذا العمل تجربة أولية لبيتهوفن في صياغته عمله الأشهر، السيمفونية التاسعة التي عدها الموسيقيون من بعده قمة التأليف الموسيقى التي لا يمكن تجاوزها.

شاء بيتهوفن أن تبدأ الدقائق الأولى من الحركة الأولى البطيئة للعمل (آداجيو) بالبيانو المنفرد، ويبدو أنه ارتجل هذا الجزء في العزف الأول، وفيه ينتقل من سلم دو الصغير إلى دو الكبير ويعود قبل دخول الأوركسترا وبداية الحوار بينها وبين البيانو. أما النص الشعري الذي استعمله فهو للشاعر كريستوف كوفنر بحسب تلميذ بيتهوفن كارل تشرني، لكن يعتقد بعض الباحثين أن مؤلفه هو جورج فريدريش تريتشكه الذي جهز لبيتهوفن نص فيديليو، وهي الأوبرا الوحيدة التي كتبها. والنص المستعمل هنا لا يرقى إلى مستوى قصيدة شيللر الشهيرة، حتى أن بيتهوفن لم يمانع لاحقاً في تغيير النص لكنه طلب من ناشره أن يبقي النص الجديد على كلمة "القوة" التي أعطاها بيتهوفن توكيداً كبيرا. لكن مهما كان من أمر النص الشعري، يسحرنا هذا العمل القصير نسبياً (يستغرق قرابة 20 دقيقة).

رودولف سركين على البيانو مع فرقة بوسطن السيمفونية بقيادة كارل مونش في تسجيل حي من 1959
https://www.youtube.com/watch?v=oEMsWv3eceM

إلى اللقاء السبت القادم

في رحاب الموسيقى

Thaier Salih

 

مقالة أسبوعية (كل سبت)
بقلم ثائر صالح

 

شرعت في كانون الأول 2010 بكتابة مقالات اسبوعية عن المقطوعات الموسيقية التي أحبها، والتي أود أن يشاركني متعة الاستماع اليها أصدقائي ومعارفي متذوقي الموسيقى والمجموعة المندائية على الانترنت الياهو الذين أرسلت اليهم هذه الكتابات القصيرة بهيئة رسالة بالبريد الألكتروني. ثم اتفقت مع صحيفة المدى البغدادية على نشرها كزاوية اسبوعية في صفحة ثقافة، فأصبحت لي زاوية صغيرة فيها بعنوان موسيقى السبت منذ خريف 2011.

ولا أخفي سروري لهذه الفسحة في النشر والتوسع في نشر هذه الكتابات القصيرة المتنوعة، إذ أعتبر هذا مجهوداً بسيطاً أُسهم به في إشاعة مفاهيم الجمال ومقاومة انتشار القبح والسطحية والفن الركيك مقابل تراجع مساحة الفن الرصين في كل المنطقة العربية. وقد سعيت إلى أن تكون هذه الكتابات واضحة وبسيطة، وتحوي أقل قدر من المصطلحات الموسيقية التخصصية التي حاولت شرحها بطريقة مبسطة ومفهومة. وقد استعملت في كتاباتي التسجيلات الموسيقية الموجودة على الانترنت، وبنيت هذه الكتابات حول الأعمال الموسيقية المتميزة.

قراءة المزيد